لا أحب أن أسمع صوتي
الفشل
لو كانت كومة من الصوف
لأصبحت الآن قطّا يموء تحت قدميك
لو كانت شجرة لأصبحت الآن منزلا
صغيرا من طابقين تجلس في شرفته العلويّة
بنت تقرأ كتابا عن تربية الطيور
لو كانت حكاية
لقفز منها القط الذي كان كومة من الصوف
وطارت العصافير من كتاب البنت التي تجلس في الشرفة وتخطّط لتربية الطيور.
هذا ليس بلا سبب
يجهل الناس كثيرا من الأشياء
غالبا هم لا يريدون أن يعرفوا
أنا أيضا أجهل كثيرا من الأشياء
لا أريد أن أعرف إن كان على الله أن
يتدخّل بكلّ هذه القوّة المفرطة
في حياة البشر
لا أريد أن اعرف إن كان يمكن تحويل
الخجل إلى طاقة بديلة
لتشغيل مدينة للالعاب
أنا أيضا أجهل إن كانت حياتي
أطول من لحظة ديجا فو.
كان عليَّ أن أكتب الشعر
وعدت نفسي بذلك
نظرت في عين كلّ شاعر
لأعرف أين سأقف في مكان جديد
من هذا العالم
مشيت في الشارع بعكس البشر
حتى أجمع نظراتهم التي تقع على الرصيف كدموع
سهرت حتى ينام الجميع لأنظرَني في نومهم
سمعت ما يقولونه لأنفسهم
ورأيت ظلالهم تتحرّك حولهم كظلال الأشجار
القلقة
لكنني لم أفهم شيئا حتى نفخت نفسي
كقبضة من رماد في وجه هذه الطبيعة.
نستطيع أن نساعد الكثير من الناس
نستطيع أن نقدّم لهم عرضا سياحيّا عن الجنّة
نستطيع أن نرسل لهم الطائرات
ونلقي عليهم الأمل في مظلّات
تهبط على بيوتهم عند
الصباح
نستطيع
نستطيع أن نلقي تحت أبوابهم
صحف الصباح
ليفتحوا صفحة الأبراج
ويجلسوا في برج الجوزاء البرج العاطفي.
ما زال هناك ما نفعله
نفشي أسرارنا للريح و الغرباء
ونسجل توقّعاتنا للطقس
هناك وقت طويل
لنفعل تلك الأشياء المضحكة
والغربية
التي كنا نتمنّى لو فعلناها
في وقتها
ما زال هناك ما نفعله
السعال طوال الليل
وشراء العقاقير
والسجائر
وتحسين ذكرياتنا بسماعها
من أمّهاتنا
وجيراننا.
تخطيط: حسين جمعان
من يعرف ما الوحدة
من يعرف ما يسمع رجل وحيد
بالمنزل يُمرِّض نفسه
و يضيّع الوقت بعدّ حبّات الدواء
الصفراء
ماذا يسمع رجل لم يعرف طيلة هذه
السنوات إلا أن يدبّر أمر وحدته
نعم أنت مريض
بالوحدة
تخشى أن نتظر من النافذة
لأن هناك من يسيرون في الشارع
وينظرون إلى بعضهم مبتسمين
هناك من يسيرون
وأيديهم معقودة وراء ظهورهم
أو داخل معاطفهم
لكنهم ينظرون إلى بعضهم بتودّد
ويبتسمون
هناك من يدفعون عربات أطفالهم
أمامهم
يتبادلون النظرات و السجائر
لكنك وحدك في هذا المنزل
تخشى أن تسمع صوت هاتف
الجيران
تخشى أن تسمع جرس الباب
و نباح كلب عجوز
بآخر الشارع
من يعرف ما معنى أن تكون وحيدا
تعدّ حبّات الدواء المتبقّية
وتقسّمها على بقيّة أيام الاسبوع.
قاطعٌ للطريق
أريد ان أتذكّر سيرتي الان
أريد ان أتذكّر الوجه الذي كان لي
والجبال التي كنت أسكنها
وطباعي المنفّرة
ربما كنت أقضي يومي
في تأمّل السماء
أو أدرس حياة الطيور
وفجأة اكتشفت الله
لا أتذكّر ماذا قلت وقتها
لكن من يحدث له هذا عادةً ما يقول
كلاما ملهما
عادةً ما يقول عبارة لن يستطيع تذكّرها
مرّة أخرى
كانت حياتي سلّما مقلوبا
كل من رآني كان يظنّ أنني أنزل من أعلى
وفي لحظة و احدة تغيّر كل شيء
حتى رائحة المياه.
عندما لا يكتب الشاعر
عندما يجد كلّ الكلمات؛ إلا الكلمة الأولى
الكلمة الأولى التي تغلق اللغز
عندما يبدأ بالرقص حول
ناره المقدّسة وينتظر
أن تشرق عليه الشمس وقد أصبح
إلها منفيّا على هذه الأرض
أو ملكا مخلوعا يبحث عن تائه
على الطريق يلبسه تاجه
عندما لا يكتب الشاعر
لن يعرف سببا مقعنا لأن يصحو
باكرا.
لتكون شاعرا
ليس عليك أن تبحث عن سبب
لوجودك في هذا العالم
من يفعلون ذلك غالبا
يمضون أعمارهم وهم ينظرون إلى حياة
الحشرات و الجيران و الأسماك
تحت المجهر
في مختبارات باردة خارج البلدة
والمحظوظ
من يمت قبل أن يكتشف أنه كان
يستعمل خريطته بالمقلوب
الذي لا يعرفه أحد هو أننا نحن الأسباب هنا
الأسباب التي زرعتها الآلهة
في أحواضٍ للزينة
فحملتها الرياح إلى هذا العالم.
عشت أكثر من حياة
مرّةً متُّ مقتولا وسط الشارع برصاصة
شرطي
ومرّة متُّ في الأسر من شدّة العطش
أمّا هذه المرّة فالمؤلّف يريد مني أن
أختار طريقتي المفضّلة في الموت
لذلك أرسلني على هذه السفينة
وأنا أُفكّر أن الغرق أفضل
من أن أموت مسموما بطعامٍ فاخرٍ تُرسِله امرأة
سأتعرّف عليها على ظهر السفينة
و أفضل من أن أموت مشنوقاً في أحد الممرّات
لأن الانتحار لا يناسب مزاجي الفني.
من
من لم يعمل نجّارًا ويعرف أنّ العُقدة عينُ حسود
من لم يعمل فلّاحًا ويعرف أن الأشجارَ تسيرُ في نومها
من لم ينظر في وجه رضيعٍ نائم ويرى غيمةً تعبر بينه وبين نفسه
من لم يُصوِّب نحو عصفورٍ ويُسقِط ظلّه على سلك كهرباء؛
من صرخ بين جبلين ولم يعد صوته بالقطيع؛ لن يرجعَ إلى أهله شاعرا.
هؤلاء هم البشر
الذين نرى الصُّفرة في نظراتهم
الذين يشعرون بالحمّى
ويخافون من شدّة البرد
هولاء هم البشر الذين يبكون بلا أسباب
واضحة
يغضبون
ويصرخون
لأنهم يشعرون بالألم
الذين يهرمون ويتحدّثون بالترّهات
ويبستمون في الأوقات غير المناسبة
هذا العجوز الذي يصحو بمنتصف
الليل يشرب فنجانا من الشاي
ويدخّن سيجارة
ويعود الى النوم
هذه العجوز التي تهزّ ما تبقّى من ساقها
مع الأغنية
هؤلاء هم البشر
الذين لا يجدون الوقت الكافي
للاعتذار عن شيء.
الآن أصبح الشيطان
بلا وظيفة
بعد كل هذه السنين
صار بلا عمل
ولا أصدقاء
ما الذي سيفعله بقيّة حياته
ربما سيسجّل مذكّراته
على المقهى
أو يجهّز معرضا حيّا
لأعماله
المتواضعة التي لا تدلّ على موهبة
كبيرة
وسيستقبل البشر
الذين سيتجوّلون بكاميراتهم
بين مقتنياته
وهم يتحدّثون عن البناء
العاطفيّ للشر
في العصور الوسطى.
الأصوات
تخطيط: حسين جمعان
أنا أيضا يحدث معي شيئا
مشابها
شيئا لم أكن لأحدّث به أحدا
لأن أمّي قالت لا تحدّث أحدا
بذلك
فهذه الظلال التي تراها
ستهجرك إن أخبرت أحدا
لكنها الآن لن تفعل لو قلت لك
فقد أصبحت تشعر بالأمان
وهي تمرّ بسرعة من أمامي
بين الغرف
وعندما أكون وحدي
تجلس بعيدا
تنظر إلىّ وتريد أن تقول
لي شيئا
لكنها لا تستطيع
أصبحت أكبر من تفكّر بتجربة
جديدة مع شخص آخر
لن يبحث عنها عندما لا يجد
ما يفعله.
لا أحبّ ان أسمع صوتي
أشعر دائما أنه صوت شخص آخر
ليس أنا
إنه صوت ريح باردة
إنه صوت نائم يحلم بالغرق
لكنه ليس صوتي
وكلّما تقدّمت بالعمر يصبح
غريبا عني أكثر
يصبح صوت
إلهٍ مسجون
في كهف بأعلى الجبل
فقدَ بصره
وأصبح يتكلّم كالعميان
بصوت أعلى من اللازم.
صديقي الأمل أخبرني عنك الآن:
(1) أضاع السيّد - ع - حقيبته في المطار؛ أرجو أن تجلبها في طريق عودتك (2) تقول السيّدة – ح - 34 سنة في مذكّراتها نجوت من السرطان بعد ثلاث سنوات أنا الآن واحدة من القلائل المحظوظات في هذا العالم؛ لكنها وُجدت في الصباح منتحرة بكميّة كبيرة من الحبوب المنومّة (3) هل شاهدتَ مسلسل عدنان ولينا لقد ظننا دائما أن الحياة بهذه المتعة المملّة لكننا اكتشفنا كما ترى أن الخير المنتصر هو إله كل الشرور (4) وُجد في رسالة جندي فقد ساقيه في الحرب لعشيقته: عندما تقولين لي شيئا عن الأمل فكأنك تقولين غدا صباحا ستصحو من نومك وستجد ساقيك قد نبتتا من جديد فعلينا أن نشتري لك حذاء جديدا.
عندما أكتب رواية
سأكتبها بلا أبطال
لن يكون هناك فرسان ولا نبلاء
ولن يكون هناك صيّادون
ولا بائع أسلحة
ولن أفكّر في سائق شاحنة
لن أسمح للبشر بأن يدخلوا الغابات التي سأتخيّلها
ولن أسمح لهم بأن يركبوا سفني
التي ستقودها الريح إلى الشواطئ
ولن أسمح للبشر بأن يسكنوا
خيالي
الخوف الذي سأنفيه إلى جزيرة مهجورة
ليتعلّم سلوك الطبيعة
ويرى نفسه في الجداول
ويكون وحيدا في الليالي الطويلة الباردة
ويبني له منزلا صغيرا
لتمرّضه فيه الملائكة عندما يُحتضَر.
لا تنقصهم الشجاعة
هؤلاء الذين لم يجدوا في الإيمان
ما يشبع نهمهم
عني؛ لقد عشت لأتخيّل الآخرة
أحببت هذا الشعور
إنه يلبّي طبيعتي الكسولة
أحببت أن يكون هناك رسل
يتحدّثون عن الله بهذه المواهب
الجامحة ويملكون نعمة الخيال
رسل يصنعون الفرص السعيدة
ويرسلونها بالبريد
ويقتسمون طعامهم القليل مع النمل
والقطط
رسل يؤلّفون دليلا سياحيا ملوّنا
للآخرة ويتحدثون مع الطيور
والأشجار؛
ويبدأون تاريخهم العاطفيّ بنشيد
رعوي.