لُغَتِي تُفَكِّرُ مَعِي
(1)
فِي لُحْمَةِ كَيْنُوْنَتِنَا الْوَاحِدةِ الْمُلْتَحِمَةُ: لُغَتِي وَأَنَا، سَيَكُونُ لِحَقِيْقَةِ وُجُودِنَا الْمُتَوَاشِجِ أَنْ تُجَلِّي انْعكاسَاتِ جَوْهَرِنَا الْوَاحدِ، والْمُتَجَدِّدِ أَبَدَاً، فِي مَرَايَاهَا.
(2)
لُغَتِي تُفَكِّرُ مَعِي؛ فَأَنَا، إِذَنْ، مَوْجُودْ.
(3)
حَسْبُ الْمَوْجُوْدِ تَفْكِيْرُ لُغَتِهِ مَعَهْ.
(4)
إِنْ فَكَّرَتْ لُغَتِي مَعِي، أُوْجَدُ، وَأَكُوْنُ، ونَنْفَتِحُ مَعَاً: لُغَتِي وَأَنَا، عَلَى الْخَطْوِ الْمُتَوَاكِبِ فِي مَسَاراتِ صَيْرُورَةِ وُجُودٍ حَيَوِيٍّ مُتَحَوِّلٍ، ثَرِيٍّ وخَلَّاقْ.
(5)
حَسْبُ الْكَائِنِ الْبَشَرِيِّ أَنْ يُفَكِّرَ فِي لُغَتِهِ الْكَامِنَةِ فِي صُلْبِ صُلْبِهِ، كَإِنْسَانٍ، لِيَشْرَعَ، مِنْ فَوْرهِ فِي إِدْراكِ جَوْهَرِ إِنْسَانِيَّتِهِ، وَلِيُدْرِكَهُ، تَمَامَاً وَعَنْ حَقٍّ، حِيْنَ تَشْرَعُ لُغَتُهُ فِي التَّفْكِيْرِ مَعَهْ، لِيَشْرَعَا، مَعَاً، فِي بَثِّ تَجَلِّيَاتِ وُجُوْدِهِمَا الْمُتَوَاشِجِ فِي النَّاسِ، وفِي شَتَّى أَحْيَازِ الْحَيَاةِ، وَمَدَارَاتِ الْوُجُودْ.
(6)
إِنْ شَرَعَتْ لُغَتِي فِي التَّفْكِيْرِ مَعِي، سَتَشُرَعُ مِنْ فَوْرِهَا، فِي الْوُجُودِ الْحَيَوِيِّ الْحَقِّ فِي كِيَانِي. ومِنْ فَوري، سَأَشْرَعُ فِي الْوُجُودِ الْحَيَوِيِّ الْحَقِّ فِي كَيْنُونَتِهَا.
سَتَهِبُني لُغَتِي مَفَاتِيحَ كُنُوْزِهَا، وخَرائطَ مَدَائنِ أَعْمَاقِهَا، وسَتُفْشي إِلَيَّ بكَلِمَاتِ سِرِّ، وَبِرُمُوزِ فَضِّ، أَقفالِ خَزَائِنِهَا، وطَلاسِم أَصْدَافِهَا، تِلْكَ الْمَكْتَنزةِ بِأَنْوار المعرِفَةِ، وأَرَائجِ التَّبَصُّرِ، وأنْداءِ التَّأَمُّلِ، وَوَهَجِ الدُّر، وسأَمْنَحُهَا، بِدَوري، كُلَّ مَا بِحَوْزَتِي مِنْ مَهَارَاتِ انتزاعِ أَصْدَافِ الدُّرِ مِنْ كُهُوفِ الطَّحَالِبِ، وتَخْلِيْصَ الدُّرَرِ مِنْ الشَّوَائِبْ.
سَتَهِبُنِي لُغَتِيِ جَوْهَرَ نَفْسِهَا، وَسَأَمْنَحُهَا جَوْهَرَ نَفْسِي، وسَتَهِبُنِي الْحَرْفَ، واللَّفظَ، والْقَوْلَ، والْكَلِمَةِ، والْكَلِم، وسَأَمْنَحُهَا الْأُذُنَ، والْعينَ، والأَنْفَ، واللِّسانَ، والحُنْجُرةَ، وأطْرَاف الأَصَابِع.
سَأَهِبُهَا الْحِسَّ، والْحَدْسَ، والْعَقْلَ والْقَلْبَ، والضَّمِيْرَ الْحَيَّ، والْوُجْدَانَ اليَقِظَ، والْمُخَيِّلَةَ الطَّلِيْقَة، ونُبْلَ الْمَقْصَدِ، وصَفَاءَ الْخَاطِرِ، لأحْيَا فِيْهَا، وبِهَا، وَمَعَهَا، ولَهَا، ولِتَحْيَا فِيَّ، وبِي، ومَعِي، ولِي.
سَتَهِبُنِي وَأَهِبُهَا، وَسَتَمْنَحُنِي لِأَمْنَحُهَا، وسَأَمْنَحُهَا لِتَهِبَني، وسأكُونُ لَهَا صَوْتَ صَوْتِهَا فِي مَسَاراتِ الْحَيَاةِ وَمدَاراتِ الْوُجُود، فِيْمَا هِيَّ فِيَّ، وَلِي، وَفِي كِلَيْهِمَا، صَوْتُ صَوْتِهِمَا وَصَوْتِي>
سِأكُونُ أَنَا لَهَا "أَنَا أَنَاهَا"، فِيْمَا هِيَ لِيْ "أَنَا أَنَايَ"!
وَمِنْ فَوْرِي، سَأَشْرَعُ فِي التَّفْكِيْرِ فِيْهَا، وَمَعْهَا، ولَهَا، ومِنْ أَجْلِنَا مَعَاً، فِيْمَا هِيَ تُفَكِّرُ، فِي اللَّحْظَةِ نِفْسِهَا، فِيَّ، ومَعِي، وَلِي، وِمِنْ أَجْلِنَا مَعَاً.
وَمَعَاً: لُغَتِي وَأَنَا، سَنَمْضِي عَلَى سِراطِ صَيْروْرَةٍ مَفْتُوْحَةٍ تَتَحَرَّكُ عَلَى مِحْوَرِ ثَبَاتٍ هُوَ مِحْوَرُ تَوَاصُلِ وُجُوْدِنَا الْكَيَانِيِّ الْحَيَوِي الْمُلْتَحِمِ.
وَفِي رِحَابِ بَيْتِنَا الْمُسْتَرَك؛ هَذَا الَّذِي نَبْنِيْهِ، وَنَقْطُنُهُ، وَنَتَسَاكَنُ فِيهِ، وَنَجْعَلُهُ بَيْتَ حِيَاةٍ تَنْشُدُهُ لِنَفْسِهَا الْحَيَاةُ، وَيَنْشُدُهُ كُلٌ مِنَّا لِكِلَيْنَا، ولَهَا، وَلذَاتنَا الكُلِّيَةِ الْجَامِعَةِ الَّتِي هِيَ مَجَالُ تَجَلِّيْهَا الْحَيَوِيِّ، والأرضُ فِي صُلْبِ صُلْبِهَا، سَنَصُوْغُ، عَبْرَ تَفَاعُلِنَا الْجَدَلِيِّ الْمَفْتُوحِ، سِمَاتَ ذَاتَيْنِ وَثَّابَتَينِ، مُتَفَاعِلَتِنِ أَبَدَاً، ولا تَعْرِفَانِ انْغِلَاقَاّ مُتَقَوْقِعَاً يُفْضِي إِلَى سُكُونٍ، وَتَكَلُّسٍ، وجُمُودٍ فَاتِكٍ، وانهِيَارٍ وَهَلاكْ، وإِنَّمَا تَذْهَبَانِ، بِقُوَّةِ التَّوَقِ الْوُجُودِيِّ والإِدْرَكِ الْمَعْرِفِيِّ، الْمِكْتَنَزَيْنِ فِي لُبِّ لُبَابِ كِلَيْهِمَا، إِلَى إدْرَاكِ أَقْصَى تَجَلِّيَاتِ كَمَالِهِما الْمُمْكِنِ فِي سِمَاتِ ذَاتٍ ثٍالِثَةٍ ذَاتِ قُطْبَيْنِ مُتَصَاهِرَيْنِ؛ ذَاتٍ مَفْتُوحةٍ عَلَى إدْرَاكِ كَمَالٍ يُنْقِصُهُ أَيُّ كَمَالٍ تُدْرِكُهُ فِي مَجْرَى خَطْوِهَا اللَّاهِبِ صَوْبَ إِدْرَاكِه عَلَى ذَلِكَ الْخَطِّ الْمُمْتَدِّ مِنْ آدَمَ إِلَى آخِرِ إنْسَانٍ سَيُولَدْ.
ومَعَاً: لُغَتِي وَأَنَا، سَنَجْلُو، عَبْرَ تَوَاصُلِ صَيْرُوْرَتِنَا الْمُتَفَاعِلَةِ، المُجَدِّدةِ الْخَلَّاقةِ، مَرَايَا كَيْنُوَنَتِنَا الْمَتَصَاهِرةِ فِي شَتَّى مَدَارَتِ الْوُجُودِ الْحَيَوِيِّ المُتَدَفِّقِ مِنْ عُرُوق وُجُوْدِنَا فِي رِحَابِ أَرْضٍ مِنْ تُرْابِهَا قُدِدْنَا، وَمِنْ رَحْمِهَا وُلِدْنَا، لِنَعْمُرَهَا، فَتَسْكُنَنَا وَنَسْكُنَهَا؛ سَنَجْلُو مَرَايَا كَيْنُوَنَتِنَا الْمَتَصَاهِرةِ، لِنُجَلِّي، فِي نَصَاعَةِ نَصَاعَتِهَا الشَّفِيْفَةِ الشَّافَّةِ، مَا تَعْكِسُهُ عَلَيْهَا مَرَايَا وُجُودِنَا الْمُتَجَدِّدِ مِنْ صَفَاءِ سِمَاتِنَا، وَجَلَاءِ مَلَامِحِنَا، ومِنْ خُلَاصَاتِ فِكْرِنَا المُتَوَاشِجِ الْمُشْتَركِ، وَمِنْ مُكَوِّنّاتِ هُوِّيَتَنَا الْإِنْسانِيَّةِ الصَّائرةِ أَبَدَاً، والْمُتَحَوِّلَةِ أَبَدَاً، والْمُلْتَحِمَةِ أَبَدَاَ.
وحَسْبُ اللُّغَةِ أَنَّهَا، فِي الأَصْلِ، إنْسَانٌ وَأَرٌضٌ.
وحَسْبُ اْلإِنْسَانِ أَنَّهُ، فِي الأَصْلِ، أَرْضٌ ولُغَةْ.