مختصرات الكتب
النهضة المهدورة
يرى الباحث والأكاديمي الأردني زهير توفيق في كتابه “النهضة المهدورة: مراجعات نقدية في المشروع النهضوي العربي”، الصادر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، أن أزمة النهضة العربية تتمثل في تناقضاتها الداخلية والذاتية التي مهدت الطريق للأسباب الخارجية لإعاقتها ومنع تحققها في الواقع، وأن تلك الأسباب لم تترك للعوامل الداخلية الفاعليةَ اللازمة لتقوّم مسيرتها وتحميها من السقوط والتصفية، وقد تداخلت العوامل الداخلية والخارجية في مرحلة لاحقة، وشكّلت عاملاً واحداً ظهرَ في التأخر التاريخي الشامل الذي تعمّق في التخلُّف لاحقاً، وكان سبباً ونتيجة للاستبداد والتقليد، ومن ثم السقوط والفشل.
ويوضح الباحث أن مسؤولية الفشل والانهيار الممتد تقع على عاتق النهضويين العرب الذين أنتجوا خطاباً نهضوياً قابلاً للتفكك والانهيار من حيث المبدأ، مستوحين نظرية مالك بن نبي القائلة بقابلية الاستعمار، والتي فسّرت نجاح الاستعمار في السيطرة واستغلال الأرض والإنسان، باستسلام الإنسان الشرقي لقدره.
حقوق الإنسان أفقا للتفكير
يتوقف الكاتب والباحث المغربي حسن طارق في كتابه “حقوق الإنسان أفقا للتفكير: من تأصيل الحرية إلى مأزق الهوية”، عند المرجعيات التي حكمت التطور الحقوقي بالمغرب، والسياقات المعرفية لتبلور فكرة حقوق الإنسان وتقعيدها على المستوى المحلي، إلى جانب عرضه للتطور التاريخي لمفهوم “الحق”، خاصة في علاقته بالتأطير الأخلاقي للمسألة الحقوقية بمختلف تشعّباتها المدنية والقانونية.
ويجد المفكر محمد سبيلا، في تقديمه للكتاب، الصادر مؤخرا عن دار توبقال للنشر في ثلاثة فصول، أن الكتاب يعكس اتجاها جديدا في مجال البحث في العلوم الإنسانية، معتبرا أن كتابات حسن طارق تشهد في مجملها على التطور البيّن للفكر المغربي في هذا المجال، إضافة إلى ما تتميز به من انفتاح معرفي على باقي التخصصات.
ويضيف سبيلا أن الكتاب يؤرّخ لتحوّل معرفي ضمني يتراوح بين التلقائية والوعي بأن العلوم السياسية في المغرب تعيش نوعا من المخاض المعرفي، الذي يبقى، بالنسبة إليه “مخاضا إيجابيا لأنه يعبّر عن طموح ثقافي نحو الانتقال أو المزاوجة بين البعد الوصفي والنقد الإشكالي”.
استعادة الهوية الحضارية العربية
يبحث كتاب الباحث الفلسطيني إبراهيم يحيى شهابي “استعادة الهوية الحضارية العربية”، الصادر حديثا عن دار الفكر بدمشق، في طبيعة الهوية العربية، وما أصابها من علل أدت إلى إخفاق أبنائها في التفاعل مع الأحداث بصورة صحيحة، حتى آلت حالها إلى ضعف.
قسّم المؤلف كتابه إلى خمسة فصول ألقى فيها الضوء على نظريات تشكل الأمم، وناقش النظريات القومية، وعرّف الهوية الحضارية ومكوناتها، وتحدث عن الهوية الحضارية العربية ومكونيها الأساسيين: النظرية الكونية الإسلامية والعروبة ثقافة ولغة.
وناقش ما آلت إليه الهوية الحضارية العربية من خلال جملة عناوين، منها “التتابع: توصيات كامبل بنرمان”، و”إحلال اللغات العامية محل العربية الفصحى”، و”حاجز البشري المعادي لشعوب المنطقة”، و”إخفاق الأحزاب والحركات مقابل المشروع الصهيوني”، و”الوضع الراهـن للحضارة العربية. وختم الكتاب بعنوان “العلاج”، مشيرا إلى تجارب الشعوب الحية في النهوض من كبواتها، ومن ثم الخطوات التي يجب على العرب اتّباعها للنهوض.
أصول التأويلية
تأتي ترجمة الأكاديمي التونسي فتحي إنقزو لكتاب الباحث الفرنسي ج. غوسدورف “أصول التأويلية”، الصادر مؤخرا عن مؤسسة “مؤمنون بلا حدود” في الرباط، لتمثّل حدثًا في حقل الثقافة الفلسفية العربية. فوفقًا للدكتور محمد أوهاشم محجوب، في تقديمه للترجمة، يعد غوسدورف من أهمّ الجامعيين الفرنسيين العارفين بتاريخ الفلسفة الغربية، ولاسيما الألمانية الحديثة والمعاصرة، وكتابه هذا ليس فحسب واحدًا من النصوص الكثيرة التي تحكي فترات “عمر العقل التأويلي”، على حدّ عبارة الهرمينوطيقي الكبير جان غرايش، بل هو استعادةٌ موجَّهةٌ للأصول في نوع من القصّ الذّاتي المفضي إلى اضطلاع العقل بنفسه واعترافه بإيّائيته التي له؛ إنه، في تبدّلاته الكثيرة، وفي تغيرات السؤال المطروح عليه، يظلّ هو إيّاه. هي استعادةٌ موجَّهةٌ؛ لأنّ غوسدورف يدافع عن أطروحةٍ في تكوُّن العقل الهرمينوطيقي، ويستبعد، في مقابل ذلك، أطروحة قامت عليها غالبية سرديّات العقل الهرمينوطيقي إلى اليوم.
يتألف الكتاب من ثلاثة أبواب، الأول “الأصول”، وجاء في سبعة فصول، ابتداء من “العصر الذّهبي للتأويلية الإسكندريّة”، وانتهاء بفصل “من الشّرح إلى التأويلية”، الثاني “التأويلية الرومنطيقيّة” وجاء في خمسة فصول، والباب الثالث “المنوال البيولوجي في العلوم الإنسانية” وجاء في فصلين “مقولة الحياة في العلوم الإنسانية”، التأويليّة العضوانيّة”.
ديكارت وإليزابيث
يتضمّن كتاب “مراسلات ديكارت وإليزابيث”، الصادر حديثاً عن دار “الرافدين”، المراسلات التي تبادلها الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت مع أميرة بوهيميا “إليزابيث”. وتكاد تكون هذه المراسلات، التي ترجمتها نوال طه ياسين وابتسام خضرة، سبباً في شهرة هذه الأميرة في حقل الفكر والفلسفة وتشكّل أفكارها الفلسفية، وفيها تضغط بشكل كبير على ديكارت في نقاشها حول العلاقة بين مادتي العقل والجسد، وعلى وجه الخصوص إمكانية تفاعلهما السببي وطبيعة اتحادهما.
تتفق الأميرة مع ديكارت في طبيعة العواطف وتنظيمها وطبيعة حرية الإنسان في الإرادة وتوافقها مع الإصرار السببي، لكن ما يهم حقاً في هذه الرسائل ما يمكن معرفته عن وجهات نظر ديكارت في أمور مختلفة.
تبدأ مراسلة إليزابيث مع ديكارت بمبادرة منها عام 1643 وتستمر حتى وفاة ديكارت في أوائل عام 1650. ومن المثير للاهتمام أن إليزابيث تقدّم طبيعتها الخاصة كأنثى كشرط جسدي واحد يمكن أن يؤثر على العقل، بينما يعترف ديكارت بأن هناك عتبة معينة للصحة الجسدية ضرورية للحرية التي تميّز الفكر العقلاني، ويتجاهل التفاتة إليزابيث لمسألة الجسد المؤنث.
فلسفة البدائل الثقافية
لا يهدف كتاب “فلسفة البدائل الثقافية”، للباحث العراقي ميثم الجنابي، الصادر مؤخرا عن دار ميزوبوتاميا في بغداد، إلى وضع تاريخ شامل لفلسفة الحضارة الإنسانية، رغم وجودها الدائم والذائب فيما يضعه هنا، بل إلى تأسيس الرؤية الفلسفية الثقافية للتاريخ والفكرة المستقبلية من أجل تأسيس الفكرة العربية، وتحديد مهمّاتها الواقعية للانتقال من المرحلة الدينية السياسية، التي مازال العالم العربي مقيدا في شرنقتها لخمسة قرون متوالية، بعد سقوط الأندلس وغرناطة عام 1492، إلى المرحلة السياسية الاقتصادية. ومن ثم فإن المقصود بـ”فلسفة البدائل الثقافية” هو تفسير التاريخ الذاتي للأمم، ورؤية آفاقه من خلال تحديد المسار الفعلي في مراحله الثقافية ووعيها الذاتي. إنها تحتوي بقدر واحد على البحث عن قوانين التاريخ ومنطق الثقافة بالشكل الذي يجعل من إدراكهما المتوحد أسلوب وعي الذات الاجتماعي والقومي. وبالتالي يجعل من التفسير أداة لتوسيع وتعميق وعي الذات في مختلف الميادين والمستويات بالشكل الذي يعيد على الدوام تأسيس منظومة الرؤية، وتحقيقها الفعلي في الوجود الطبيعي والماوراطبيعي للفرد والجماعة والأمة. وذلك يعني أنها فلسفة تاريخية ثقافية قومية بالمعنى المجرد، وسياسية بمعناها العملي. وفي كلتا الحالتين لا تحتوي على استعداد للتأويل المفتعل والمتحزّب، على العكس، فإنها تنفيهما بمعايير الرؤية العقلانية والنزعة الإنسانية وفكرة الاحتمال الدائم، بوصفها الأضلاع الثلاثة القائمة في تاريخ المسار الطبيعي للأمم ومنطق ارتقائها الثقافي. وفي هذا تكمن منهجيتها الخاصة.
بنية الذات وسؤال الهوية
ينطلق الباحث الأردني سمير عميش في كتابه “بنية الذات وسؤال الهوية: تعدد الهويات الفردية وتنوعها”، الصادر حديثا عن دار أزمنة في عمّان، من قناعته بالتقاء تجارب الأمم والشعوب عند مجموعة من القيم الإنسانية، التي تشترك في الغايات العامة، وفي التأكيد على حق الإنسان المطلق في تحديد هوياته، وفقاً لتعدد مصادرها وتصنيفها تبعاً للنمط السائد في المجتمع الذي ينتمي إليه أو يعيش فيه. وهو في سبيل خدمة هذه الفكرة يضع “التعددية” و”التنوع″ بمفاهيمهما الأساسية وعناصرهما الأولية في مساقات بنية الذات البشرية، ومصنفات دوافعها التي تشكل لغزاً يحول دون صياغة نظرية عامة، يمكنها أن تغطي مختلف أنواع المزاج الإنساني ورغبات الأفراد وهواياتهم ومواهبهم وقدراتهم، وتقوم على قواعد علمية يمكن البناء عليها، في سبيل تكوين فهم نمطي للذات.
إن “التعدد” من وجهة نظر عميش لا يقف عند حدود الاختلاف في الرأي أو الموقف أو المنهج، بل يتعدّاها إلى الكينونة التكاملية، وخاصة عندما تتكامل صيغ الأهداف المقصودة ومراميها وغايات النشاط العملي، ذلك النوع من النشاط الذي تسعى إليه الفعاليات المعنية. وتبدو الثقافة التعددية، بحسب توصيف المؤلف، بملامح يعدّها مهمة وأساسية، وتتمثل بمبادئ ديمقراطية مستقرة، ووضوح المعايير الحياتية ووجود ضوابط متناسقة وحيوية المعايير الخاصة بالعملية الديمقراطية، إلى جانب المهارات والتقاليد.
فتنة الأسلاف
يعتقد الكاتب والباحث العراقي رسول محمد رسول، في كتابه “فتنة الأسلاف: هايدغر قارئاً كانط”، الصادر عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود في الرباط، بأن الافتتان هو شغف، لكنه الشغف القرائي التأويلي بحسب تجربة فيلسوف الغابة السوداء مارتن هايدغر، وهذا الأخير نفسه بدا مفتوناً بعدد من الفلاسفة كانوا سبقوه، ومنهم إمانويل كانط، ولهذا جاء العنوان الفرعي “هايدغر قارئاً كانط”.
يذهب مؤلف الكتاب إلى أن للفيلسوف هايدغر رؤية واضحة بشأن التراث الفلسفي؛ ذلك أن التّراث ليس مجرّد ركام إنّما هو حضور، ويسوق نصّ ما قاله هايدغر نفسه في كتابه “مبدأ العلة”، فلا بد “أن نرى في فكر السَّلف أكثر من مجرّد ركام من الآراء الفلسفية الدائرة؛ التراث حضور يحمل الفكر، ويجعلنا نبحث عنه حيث تنقاد الذات إلى أفق يتخطّى الذات (نفسها) لتتوحّد فعلياً مع التراث وبه، فها هنا الحافز، الحافز الوحيد الذي يشدّنا إلى الطواف حول مبدأ ما في التراث”. ومن قبل كان سلفه الألماني نيتشه قال “التفلسُف هو فن التواصل الراقي مع الأسلاف”. وبهذه الرؤية الفلسفية عاش هايدغر مع أسلافه خلال عقود حياته على نحو تواصلي راقٍ فكانت قراءاته رائعة الوفاء لأسلافه كما هي لذات هايدغر نفسه، وهو ما توقّف عنده رسول الذي راح يفرِّق بين “الهرمينوطيقا” من وجهة، و”التأويل” من وجهة أخرى في فلسفة هايدغر وعلى نحو باكر استناداً إلى نصوص مارتن هايدغر نفسها، وهي تفرقة جوهرية في فلسفة هايدغر برمتها.
الحرية في الفكر العربي المعاصر
يتناول كتاب “الحرية في الفكر العربي المعاصر”، لمجموعة من المؤلفين العرب، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في 25 فصلا، مفهوم الحرية وقضايا الفكر العربي منذ انطلاق النهضة العربية الحديثة وحتى الآن، ويعالج مؤلفو الكتاب الإشكالات التي تحيط بمفهوم الحرية وطريقة مقاربة وإعادة صوغه بما يجيب على أسئلة التقدم والتنمية والحداثة في المجتمعات العربية، وكذلك علاقة مفهوم الحرية بالليبرالية والحرية الدينية والإبداع الفكري والمشروعية السياسية والدستورية والتحرر الوطني وقضايا المرأة.
يتضمن الكتاب، الذي توزع على ثمانية فصول، أبحاثا لكل من: علي مبروك، شمس الكيلاني، المنجي السرياني، عبدالرزاق بلعقروز، رجا بهلول، مهند مصطفى، عبداللطيف المتدين، عبدالوهاب الأفندي، محمد أوريا، ثناء فؤاد، معتز الخطيب، سعيد أقيور، محاسن عبدالجليل، سهيل الحبيب، أحمد مفلح، وفريدريك معتوق.
وشارك كذلك في فصول الكتاب كل من علي مُولي، شاكر الحوكي، نابي بوعلي، محمد مريني، عبدالحق هقي، محمد الحاج محمد، سامية إدريس، خالد العسري، وإبراهيم بوتشيش. وافتتح المفكر فهمي جدعان الكتاب بكلمة عن “الاستبداد”، مذكرا بإرث الوطنية العربية التاريخي المستمد من استبداد ذي مرجعية مدنية أو علمانية، أو استبداد مستند على فقهاء حرّموا الخروج على الحاكم.
نقد الحرية
يقدم كتاب “نقد الحرية: مدخل إلى فلسفة إمانويل ليفيناس″ للباحث الجزائري رشيد بوطيب، الصادر مؤخرا عن دار الاختلاف الجزائرية، في فصله الأول، علاقة ليفيناس بالفلسفة اليهودية، الألمانية ورموزها الكبار: هرمان كوهين، فرانس روزنتسفايغ، ومارتين بوبر، الذين يُعدون من رموز الفلسفة الحوارية في ألمانيا، وكان لهم تأثير كبير على الفلسفة الأخلاقية التي أسسها ليفيناس، والتي يمكن قراءتها مثل ردة فعل على مركزية الذات في الفلسفة الغربية.
في الفصول الأخرى للكتاب يدخل الفيلسوف الفرنسي ليفيناس في حوار نقدي مع النظرة إلى الآخر (سؤال الغيرية) عند كل من عمالقة الفلاسفة هوسرل، هايدغر، وسارتر، مؤكدا أن الآخر، أو وجه الآخر يظل أصل المعنى ومآله في آن.
وللتعريف بفيلسوف الغيرية ليفيناس يكتب رشيد بوطيب “المكتبة العربية تجهل ليفيناس، فيلسوف الغيرية بامتياز. ليفيناس، صوت الآخر في الفلسفة الغربية، الذي فقد كلّ أسرته خلال الحكم النازي لشرق أوروبا، وبالضبط لبلده الأصلي ليتوانيا، صوت مختلف ومغاير. جاءت كتاباته لتندد بالعقل كسياسة توسعية وبالحرية كنزعة إرهابية ترفض غيرية الآخر المطلقة، تختزله في معنى، تشكله بحسب نموذجها، تسيطر عليه”. ويتابع بوطيب “من منا يذكر كلمات ليفيناس عقب مذبحة صبرا وشاتيلا “الإنسان أكثر قداسة من كل أرض مقدّسة”. جاءت فلسفة ليفيناس أو أخلاقه كفلسفة أولى -أخلاق الأخلاق كما يسميها لأنها لا تبغي بناء قواعد أخلاقية- تفكيكاً للتقليد الأنوي للفلسفة الظاهراتية من جهة، ولأنطولوجيا هايدغر بعمائها الأخلاقي من جهة ثانية”.
أسئلة قلقة في الراهن العربي
بلغة سلسة وضمن مقالات تشكل انطباعات حرة، تبتعد عن ثقل الكتابات الأكاديمية، وتقترب من عمق الراهن العربي وتحولاته، يطالعنا الباحث الجزائري بشير ربوح بكتاب جديد عن منشورات الاختلاف يحمل عنوان “أسئلة قلقة في الراهن العربي”.
يضم الكتاب، الذي صدر بالاشتراك مع منشورات ضفاف اللبنانية، تسعة عشر دربا تشكل عصارة تأملات عارفة بأسئلة الراهن الجزائري والعربي، خاصة في ما يتعلق بصدمته بالحداثة.
ودون أن يثقله بالهوامش والإحالات يستهل الدكتور ربوح كتابه بمساءلة للمفكرين الجدد الذين ذهبوا ضحية الإعلام، مستشهدا بحالة ميشال أونفري، منبّها إلى الدور المتعاظم لوسائل الإعلام التي غدت مؤسسة أسطورية مهيمنة على الفضاء العام ولها المقدرة المطلقة في صناعة الواقع وتسييره وتوجيهه إلى مرام تصنع في غرف السياسيين، مؤكدا أن وسائل الإعلام تحوّل “الشعوب إلى مجرد حشود” وهو ما تنبه له أونفري.
وفي حديثه عن الواقع العربي يؤكد صاحب الأسئلة القلقة أن”الوقت لم يعد مناسبا للحديث عن خطاب جنائزي نحتفل فيه بجلد الذات” مضيفا أن المنزع النقدي هو الدرب الوحيد، معترفا في الوقت ذاته “بأن توطين النقد في الثقافة العربية محاولة على درجة عالية من الخطورة والتعقيد، لأن البنية العميقة لهذه الثقافة لا تقبل على الإطلاق حضوره في مسطح تفكيرها”.
أوديسا الرمز
يدرس الباحث الأكاديمي العراقي سمير الشيخ، في كتابه “أوديسا الرمز: دراسات في الكون السيميائي”، الصادر مؤخرا عن دار الرافدين في بيروت، المغامرة الجديدة في تحليل منتوجات الثقافة المكتوبة والمرئية، والسيميائيات في المسار العام: نظرية النظم الرمزية وإنتاج العلامات، وفي الكون الثقافي: تحليل وتأويل الأشكال الثقافية.
حملت فصول الكتاب مجموعة عناوين منها “ممر إلى السيميائيات”، “الترجمة السيميائية”، “النقد السيميائي”، “سيميائيات الصورة”، “اللغة الاستعارية والبصرية في الشعر”، “سيميائيات الفن: جماليات الفن العراقي الرافديني”، و”السباحة في قارورة عطر”، عبر تحليل سيميائي للإعلان بوصفه منظومة من العلامات والرموز المرتبطة بالثقافات المولدة له.
يؤكد سمير الشيخ أن كتابه يقوم على مغامرة جديدة في تحليل منتوجات الثقافة المكتوبة والمرئية، واللسانيات التي تُعنى بنظام الرموز اللفظية، مشيرا إلى أنّ السيميائيات تتعدى اللغة لتدرس نظم العلامات لدى الحيوان والنبات، بل أبعد من ذلك لتشمل دراسة الرسائل التي تبثها المرئيات الصورية والأبنية الموسيقية عبر السيميائيات البصرية.