مختصرات الكتب

الأحد 2019/12/01
لوحة: غيلان الصفدي

مجتمع الديمومة

“بناء مجتمع الديمومة. فرصة للمستقبل؟” كتاب جديد لنيكولا موني، مدير “سيلفر فالي” وهي مؤسسةُ نظامٍ بيئي مخصصة للديمومة تقترح خدماتها للمسنين وأقربائهم. وقد تأسست لوضع حلول لفئة عمرية ينحدر بها العمر إلى أرذله، وتفرض على المجموعة الوطنية حاجات دائمة، فالملاحظ أن التزايد المطرد لعدد المسنين له تأثير على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، بدءا بالسكن ووسائل النقل وطرق بلوغ الأماكن العامة وصولا إلى الصحة ونظام التقاعد ومساعدة الأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة، ما يدفعنا إلى إعادة النظر في المجتمع برمته. من هنا جاءت فكرة خلق مجتمع الديمومة، وهو مشروع مجتمعي شامل تكون فيه المجموعات البشرية على اختلاف أعمارها متضامنة، تتكامل وتتعايش وتتعاون في صيغة إنسانية تقوم على المساواة، وهو ما يعتبره المؤلف رهان العشرية القادمة.

الإنسان البيولوجي

كتاب

“هومو بيولوجيكوس” عنوان كتاب للإيطالي بير فنشنزو بياتزا المتخصص في دراسة عمل الخلايا والأنسجة العصبية، يبين فيه أن تردداتنا السيكولوجية وسلوكياتنا وثقافاتنا وحتى روحانياتنا يمكن فهمها كميكانيزمات بيولوجية، ويصف مثلا كيف أن تجارب حياتية صادمة يمكن أن تنطبع في الخلايا العصبية كوشم لا يمّحي، وكيف أن بحثنا عن السعادة أو المتعة يمكن أن يكون ناتجا عن سنن التطور، وكيف أن بعض تحويرات في الدماغ يمكن أن تؤدي بصاحبها إلى تعاطي المخدرات حدّ الإدمان. كل ذلك يتناوله المؤلف بلغة واضحة يتوجه بها إلى عموم القراء، ولكن دون تبسيط مخلّ، ويشد القارئ خاصة في فصوله التي تتناول علاقات الجسد بالفكر، والطبيعة بالثقافة، والبيولوجيا بالسيكولوجيا.

الفلسفة عن طريق الفنون الجميلة

جديد الفيلسوف ميشيل أونفري كتاب بعنوان “تمساح أرسطو-تاريخ للفلسفة بواسطة الرسم”، يشرح فيه علاقة الر سم بالفلسفة، ففي رأيه أن الرسام عندما يختار معالجة موضوع فلسفي، فهو يرسم في أغلب الأوقات نصّا، أو جملة وحتى كلمة. وبما أنه من الصعب رسم فكرة، فإن الفنان يرسم لمعة يعبر عن تلك الفكرة التي تلخص مجمل فكر الفيلسوف، تلك اللمعة هي في الحقيقة تفصيل، والشيطان كما نعلم يوجد في التفاصيل. يقول أونفري “ما ينبغي رؤيته في لوحة فنية وأنا أسميها فلسفية، هو الجزئية التي تلخص تلك الفلسفة. فهي قنديل زيتي لدى أناكساغوراس، وخضر لدى فيثاغورس، وإبريق لدى سقراط وكسانتيبوس، ودموع لدى هيراقليطس، وضحكة لدى ديموقريطس، وكوب لدى سقراط، وفانوس عند ديوجينيس، وكهف عند أفلاطون، وتمساح عند أرسطو، وخبز عند ماركوس أوريليوس…”؛ فمن فيثاغورس إلى دريدا، مرورا بديكارت، وكانط، ومونتاني، وروسو، وفولتير، ونيتشه وآخرين، يقترح أونفري أربعة وثلاثين فيلسوفا من خلال أربع وثلاثين لوحة، تأكيدا للعلاقة بين الفلسفة والفنون.

الفقدان في شتّى أوجهه

نعلم أنه سيجيء يوم نفقد فيه كل شيء، ولكن الفقدان يبدأ قبل ذلك، فهو حاضر في كل مكان من وجودنا، فنحن لا نفقد فقط، بل نعيش مع ما فُقد، نتحدث مع الموتى، ونتيه مع ذكرياتنا، ونحلم باستعادة ما ضاع. ذلك ما يطرحه الفيلسوف الفرنسي فانسان دولوكروا في كتاب “تعلُّم الفقدان”، حيث يؤكد أن تلك التجارب تعطي لحياتنا بُعدَ بقاء، لذلك ينبغي في كل لحظة أن نتعلم الفقدان، لأن المرحلة نفسها تعيش حالة من الخسائر: أموات بالجملة وحداد جماعي، نفي وتهجير لأفراد فقدوا كل شيء، مخاوف استيهامية من فقدان هويات ثقافية ونوستالجيا رجعية، تصفية متنامية للفرد في الأمراض العصبية، كوارث بيئية، خسائر اقتصادية مهولة وتدمير للظروف المادية للوجود… استنادا إلى الأدب والفلسفة، والألم الحميم والوعي التاريخي، يسعى المؤلف إلى فهم ما فُقد متنقلا بين الكائن واللاكائن، ولا يروم من وراء ذلك عزاء ولا حكمة، لأنه لا يدّعي تعليم الفقدان بقدر ما يحرص على أن نرى ذلك الفقدان.

مواجهة الفضائح لتكريس الديمقراطية

كتاب

تتوالى الفضائح في الساحة السياسية الفرنسية بشكل مطّرد، من كاهوزاك إلى بن علة، ومن كلود غيان إلى سركوزي مرورا بكريستين لاغارد ومارين لوبان، ولا تزال تنتشر على الإنترنت، لتولد ردود أفعال فورية واعترافات متجددة، ما يجعل المرء حائرا لا يميز الفضيحة الحقيقية من الإثارة المصطنعة. وليس ثمة ما يفيد أن المسألة سوف تتوقف، سواء من جهة احترام القواعد أو انتهاكها. في كتاب “الفضيحة والديمقراطية” يبين جيروم ليبر، عضو الكولاج العالمي للفلسفة، أن الفضيحة ليست حكرا على المتطرفين، وجميع الناس معرضون لامتثالية قد تولّد بدورها فضائح مالية وإنسانية وبيئية، ولا يمكن الوصول إلى دواعي هذا الهيجان إلا بالصمود أمام تعدد الاستفزازات، من خلال رغبة في العدل تضمن للجميع حق العيش على كوكب هش، ولأجل ذلك ينبغي أن يجعل أفراد متميزون تلك الرغبة حقا، وذلك شرط الديمقراطية.

ذكريات قرن من الزمان

“الذكريات تأتي إليّ” هو آخر ما صدر للفيلسوف وعالم الاجتماعي إدغار موران، هذا الرجل الذي ولد في باريس عام 1921 من عائلة إيطالية ذات جذور يهودية إسبانية، اعتنق الشيوعية ثم قاومها بعد أن تكشفت له فظائع الستالينية، وناهض كل أشكال الوحشية سواء تلك التي ارتكبت في دول المعسكر الاشتراكي أو في البلدان التي استعمرتها فرنسا، وخاصة الجزائر. ابتكر في مسيرته الفكرية ما أسماه النقاد “الفكر المعقّد” بمعنى الذي لا يغث عليه أي مجال، فقد كان مواكبا للأحداث السياسية الكبرى والتيارات الفكرية الهامة، يعالجها دون أن يقيد نفسه بمجال مخصوص. في هذا الكتاب تجنب موران اتباع خطية كرونولوجية مثلما اعتاد الكتّاب في مذكّراتهم، واختار التوقّف عند ما يوحي به الظرف أو الإلهام، ليسرد علاقته بالموت الذي عرفه وهو لا يزال في بطن أمه، ويشهد على نساء ورجال كانوا أصدقاءه وأبطاله، وهزات التاريخ العنيفة طوال حياته التي تناهز قرنا من الزمان.

دعوة لإعادة صياغة الكوني

لم نشعر يوما مثلما نشعر اليوم بأننا ننتمي إلى إنسانية واحدة، معرّضة للمخاطر نفسها كالتحول المناخي والأزمة الاقتصادية والأوبئة والأعمال الإرهابية. ورغم أن الوعي بهذه الوحدة ما فتئ يتعمق في وعي البشرية، فإنه ما انفك أيضا يتراجع من خلال الدعوات الهووية والقوميات ومعاداة الأجانب والتزمت الديني، حتى صار الكوني متهما من شتى النواحي، بدعوى أنه يُغفل الخصوصيات والاختلافات، أي أن التهمة الموجهة إليه أنه شديد الكونية، أو ليس كونيا بما فيه الكفاية، أو أنه قناع للأقوى، أي البطريركية (كل الرجال وليس كل النساء) والغرب (كل البشر، ولكن البيض فقط)، أو المركزية الأنثروبولوجية  (كل البشر وليس كل الحيوان). بعد “ثلاث طوباويات معاصرة”، يتناول الفيلسوف والأستاذ المحاضر بدار المعلمين العليا بباريس فرنسيس وولف في كتاب “دفاعا عن الكوني” هذه الثيمة ويدعو إلى إعادة ما للأفكار ذات الصبغة الكونية من قوة وحضور لمقاومة الانطواء، ودكتاتورية الانفعالات والآراء، وهيمنة الهويات، والدفاع عن العقل العلمي، وإعادة صياغة إيثيقا المساواة والمعاملة بالمثل.

الوعي للتخلص من البطريركية

كتاب

بعد كتاب “صوت مغاير” الذي صاغت فيه إيثيقا الرعاية، وحازت عنها شهرة واسعة باتخاذها موقعا مركزيا في تصورات الحركات النسوية والديمقراطية في الولايات المتحدة وفي الغرب عموما، نشرت الفيلسوفة وعالمة النفس الأميركية كارول جيليغان كتابا جديدا بعنوان “لماذا البطريركية؟” تقترح فيه فرضية سيكولوجية جديدة حول رسوخ البطريركية، وفي رأيها أن بقاءها لا يعزى لامتناع الأفراد الذين بيدهم النفوذ عن التخلي عن امتيازاتهم، وإنما لأن ذلك يؤدي دورا سيكولوجيا، لما يتطلبه من تضحية الحب باسم التراتبية، فالبطريركية في نظرها تقف سدا منيعا أمام الهشاشة المقترنة بفعل المحبة، إذ يقوم مقام درع أمام الفقدان. وتقول كارول جيليغان إن مجرد الوعي بأن قدرتنا على تبليغ عواطفنا الشخصية واستقطاب مشاعر الآخرين هما اللذان يهددان البنى التراتبية سوف يغير المعطيات.

كيف تكون شخصا كيّسًا

في عصرنا هذا، نفضل الإيثيقا على الأخلاق، رغم أنهما يحيلان على حقيقة واحدة.  كيف نفسر هذا التحفظ؟ وكيف نفسر ازدهار عبارة “إنه شخص كيّس” التي لا تعني أي شيء، وإن كانت تعبر عن هذا الرفض لكل مرجعية أخلاقية؟ هل مرد ذلك إلى أن الأخلاق عادة ما تذكر بـ”درس الأخلاق” مع ما يتبع ذلك من عقاب وإرغام؟ لماذا يصعب أن يكون المرء شخصا كيّسا؟ ولماذا نحس أننا نضطر عندما نصف شخصا ما بكونه كيّسًا إلى إضافة “هذا إطراء”؟  فهل الكياسة عيب والخبث علامة ذكاء؟ ما هي الخباثة والمكر؟ حول فلسفة الخير والشر، والطيبين والخبيثين، تستحضر لورانس دوفيلير عميدة كلية الفلسفة بالمعهد الكاثوليكي بباريس، في كتاب “أن تكون شخصا كيّسا” فرضيات راديكالية أو نقدية للفيف من الفلاسفة، بلغة صافية خالية من المصطلحات المعقدة، لتضع علاقتنا بالخير والشر موضع مساءلة، لأجل تحديد ما يمكن أن يجعل منا أناسا طيبين.

الفراغ حياة ممتلئة

الفراغ، كما نقول عادة، هو ما يبقى بعد أن نزيل كل شيء. ولكن إذا أزلنا كل شيء، فلن يبقى أي شيء، إطلاقا، حتى الفراغ. والسؤال عندئذ هل يمكن أن نُحدث الفراغ حقا؟ وهل الفراغ موجود؟ وهل وُجد؟  الفراغ تاريخ مليء بالأفكار والمفاهيم، والهذيان أيضا. وعلى غرار الزمن والمادة، شغل الفراغ الفلاسفة والفيزيائيين الذين لا يتحدثون في العادة لغة واحدة. الفريق الأول تناوله من جهة العدم واللاكائن واللاشيء. أما الفريق الثاني، فجعله أداة تجارب، وانتهى في القرن السابع عشر إلى التأكيد على وجوده. ومنذ ذلك الوقت، وكل نظرية جديدة تقترح “فراغها”. في كتاب “ما يكون دون أن يكون تماما”، قام إتيان كلاين المتخصص في فلسفة العلوم، باستقراء تاريخ الأفكار ومساءلة الكلمات، ليصل إلى أن حياة الفراغ هي حياة ممتلئة، وتزداد امتلاء كلما تطورت العلوم الفيزيائية.

الفعل الإرادي في الفلسفة الطاوية

كتاب

بعض الحالات المكروهة، على غرار النوم، لا تأتي إلا إذا لم يسع المرء إليها، إذ يكفي أن يحرص على بلوغها حتى تنفلت منه. مفارقة الفعل الإرادي هذا، الذي لم تكشف عنه الفلسفة الغربية كما ينبغي، ولم تجد له حلا، يحتل المركز في الفلسفة الطاوية. ذلك ما يستكشفه رومان غراسياني في كتاب “استعمال الفراغ”، انطلاقا من عدة مجالات تجريبية، من ممارسة الرياضة إلى الخلق الفني، ومن رغبة النوم إلى تذكر اسم منسيّ، ومن الفتنة الغرامية إلى الابتكار الرياضي، للوقوف على ميكانيزمات تلك الأطوار التي تستعصي على كل محاولة لفرضها عنوة وجعلها أمرا مقضيّا.

وهي مقاربة تستوجب ملاحظة متأنية لديناميات الجسد ومختلف نواحي الوعي، وتسمح بفهم الكيفية التي استطاع بواسطتها المفكرون الطاويون في العصر الصيني القديم من صياغتها في مصطلح عدم الفعل أو الفراغ، وتقيم الدليل على الأخطاء التي وقعت فيها التصورات الغربية عن العمل الناجع الذي تربطه بالقدرة والإرادة.

الفضول فلسفيّا

لئن ارتبط الفضول بالأعمال المستهجنة، حتى أن صاحبه مدان في كل الثقافات لكونه نوعا من التلصص والتجسس وحشر المرء أنفه في ما لا يعنيه، فإن الفيلسوف الفرنسي جان بيير مارتن ينظر إليه كفضيلة، كتحفّز شافٍ، كرغبة ملحة في الاكتشاف، اكتشاف الآخر وما ينطوي عليه من معارف وقيم، واكتشاف ما في الوجود من طبائع وحقائق وذخائر. ويبين في كتابه الجديد “الفضول، علة وجود” أن الفضول، شأن التعجب والشك -اللذين يعتبران من مصادر النشاط الفلسفي- يُمهد للالتقاء بشيء غير منتظرٍ ظلّ خارجَ فكرِنا حتى تلك اللحظة. وينتقل من سؤال إلى آخر، ويواجه رغبة المعرفة بالمفاجأة، ويتمرد على اللامبالاة. وفي رأي الكاتب أن الفضول يدعونا إلى تحويل النظرة، لكونه طريقة في التفكير، مثلما هو علة وجود أيضا.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.