مختصر الكتب

الاثنين 2019/07/01

نهاية أخرى ممكنة

لم يعد الوضع الحرج الذي يشهده كوكب الأرض في حاجة إلى دليل، فالتدهور المتواصل ينذر بكوارث بيئية شاملة قد تعني نهاية العالم الذي نعرفه. ومن ثَمّ فإن هذا الجيل يقف اليوم أمام خيار عسير: إما أن ننتظر وقوع الكوارث القادمة، وإما أن نحاول فنتبع منعرجا هو من الضيق ما يعلن عن نهاية العالم الصناعي، تجنبًا لبعض تلك الكوارث. فقد صار الأفق اليوم بعيدا، أي أن نتخيل البقية، ونحن نعد العدة للعيش سنوات من الفوضى والشك.

فمن ذا الذي يدّعي أنه مستعد لذلك؟ هل يمكن أن نكتفي بتلقي سيل الأخبار السيئة؟ أم نقنع فقط بأننا نريد البقاء؟ كيف يمكن أن ننطلق إلى الأفق البعيد، وأن ننظر بصورة أشمل، للبحث عن سبل التعايش مع تلك الانهيارات؟ بعد “كل شيء يمكن أن ينهار”، يبين بابلو سرفيني في كتاب ساهم في تحريره معه كلّ من رفاييل ستيفنس وغوتيي شابيل، بعنوان “نهاية أخرى للعالم ممكنة”، أن تغيير الوجهة نحو آفاق جديدة يمر حتما عبر تمشٍّ داخلي ووضع رؤيتنا للعالم موضع مساءلة، في مسار بغير معالم ينطلق من علم التقوّض (collapsologie) ويؤدي إلى ما يمكن تسميته بحكمة التقوّض (collapsosophie).

ما بعد النقد

كتاب

نشهد اليوم عصر طغيان النقد في شتى المجالات: فكر نقدي، نظرية نقدية، نقد فني، دراسات نقدية، ما يوحي بأن النقد هو موئل الذكاء المعاصر. ولكن هل نعرف حقا ماذا نفعل حين ندافع عن النقد؟ هل نعرف من أين يأتي وإلى أين يمضي؟ هل نعي أن الكيفية التي يستعملها الخطاب النقدي بإرهاق كل مجال التفكير تجعلنا أغبياء؟ لأن النقد في جوهره موقف، موقف تفوّق الذات على الموضوع، والفرد على ما يحدث له، والمتفرج وعلى ما يشاهد.

إذا كان النقد يجعلنا أغبياء، فلأنه يجعلنا أيضا أقوياء: لأن الحق دائما مع من يَنقد. رغبة المرء هذه في أن يكون على حق هي أصل كل الأدواء التي نعانيها، سياسية كانت أم إيكولوجية أم إبستيمولوجية. تلك هي الأسئلة التي يثيرها كتاب “ما بعد النقد” الذي صدر تحت إشراف لوران دو سوتر، مع جملة من الباحثين والمفكرين والأكاديميين الذين يعتقدون أن الوقت حان كي نضع حدّا للنقد ونفتح عهدا جديدا.

البحث عن علة وجود

“دليل الانبعاث” كتاب من تأليف شبان يطلقون على أنفسهم “مجموعة سيغما”. فنانون ومثقفون ومتخرجون في كبرى المعاهد والجامعات كدار المعلمين العليا ومعاهد الدراسات العليا التجارية ومعهد العلوم السياسية، لا يعوقهم في سوق الشغل عائق، عدا نفورهم من الانخراط في وظيفة من الوظائف في المعاهد أو البنوك وحتى السلك الدبلوماسي، يعبّرون عن قلقهم ومشاغلهم وترددهم، وبحثهم عن شيء آخر يعطي لحياتهم معنى، شيء فريد لم يجربه أحد من قبلهم، ولكنهم يعترفون بألا شيء مما هو مطروح يحظى باهتمامهم، لا الشيوعية ولا الوجودية ولا الليبرالية.

هم يرفضون العنف ويرفضون أيضا أن يقضوا الحياة في كسب العيش أيا ما يكن مستواه، إذ هم يريدون شيئا جديدا لا يعرفون ما هو، نورا يشع من وسط الظلمة. هذا الكتاب دليل على الخواء الروحي لدى شباب الغرب، وتيهه في مجتمع ليبرالي لا يقيم وزنا لغير الاستهلاك المفرط. وهم لسان حال جيل كامل يبحث عن علّة وجوده.

التغيير الاجتماعي قبل التغيير السياسي

كتاب

ما معنى أن يحيا المرء حياة حرة؟ هل الحرية امتياز يختص به بعضهم دون سواهم؟ لماذا لا يمكن لأيّ ثورة أن تتم من دونها؟ ماذا يفعل المرء بحريته؟ أن نقرأ كتاب “الحرية في أن نكون أحرارا” لفيلسوفة السياسة حنة أرندت، الذي أعيد طبعه مؤرخا معناه أن نفهم أن التغيير السياسي لا يكون ممكنا إلا إذا سبقه تغيير اجتماعي. يكون فيه الفرد مدعوا إلى استعادة الرغبة الملحّة في المساهمة في الشؤون العامة، أي يناقش الكيفية التي يريد أن يعيش بها أفراد المجتمع بعضهم مع بعض، وكذلك العمل على تحقيق ما ينبغي تحقيقه، أي “أن يُرى ويُسمَع ويُعرَف ويُسجَّل في ذاكرة الآخرين”.

تقول أرندت “أن نكون أحرارا لأجل الحرية يعني قبل كل شيء أن نتخلص لا من الخوف وحده بل من الاحتياج”. كتاب هام جدير بالقراءة لا سيما في هذه المرحلة التي شهدت صعود الشعبويات في شتى أوجهها، وتصاعد ما أسماه ميشيل فوكو “المراقبة والمعاقبة”.

الهيمنة الذكورية منذ الولادة

كانت سيمون دو بوفوار تقول “لا تولد المرأة امرأة، بل تغدو كذلك”. هذه المقولة جعلتها فابيان بروجير، أستاذة الفلسفة بجامعة باريس الثامنة، عنوانا لكتاب جديد، واستندت إلى تجربتها الخاصة، ونظرتها إلى العالم، لتطبيقه على مختلف الشرائح العمرية، من سن الولادة والطفولة والشباب إلى سن الكهولة والشيخوخة، لتبين كيف أن المرأةَ أيّا ما يكن مجال عملها ومكان وجودها واقعةٌ في فخ الهيمنة الذكورية، وقادرة على التحرر في الوقت ذاته.

فقد لاحظت أن ولادة أنثى لا تزال تثير خيبة الآباء حتى في البلدان المتقدمة، لأنهم يرغبون في ذكر يرث اسم العائلة وممتلكاتها. حتى اللعب التي تهدى إلى البنات الصغيرات تكرس تلك الفوارق بين الذكر والأنثى. والكاتبة لا تسعى في هذا الدفاع عن الأنوثة إلى وضع النساء في موضع الضحية، بل تريد أن بين الطرق الكفيلة بتغيير معيشهن اليومي ومسيرتهن في الحياة.

المعارف لفهم التحولات الكبرى

كتاب

يشهد الوضع الراهن عودة قوية للاندفاعات الغرائزية والدعوة إلى مواضيع بعينها بشغف يبلغ مبلغ التزمّت، كمحرك ومبرر للعمل الاجتماعي، من الحركات الشعبوية إلى المخاوف القديمة المتأصلة، مرورا باستنكار المظالم، والتعاطف مع أكثر الناس هشاشة. فهي تحتل صدارة وسائل الإسلام وسبب الكيفية التي يتحرك بها الناس، ويصوتون أو يتمردون، أو يقلبون المعايير الاجتماعية ويتقاتلون. بيد أن هذا الحضور الطاغي لا توازيه نظرية اجتماعية تأخذ بعين الاعتبار دورها في سلوكيات البشر.

في كتاب “أسباب الغضب” الذي يجمع أهم المتخصصين في كل مجال، تحت إشراف عالمة الاجتماع الإيطالية غلوريا أوريجي، تقع مساءلة المعارف المعاصرة في العلوم الاجتماعية وعلم النفس والفلسفة لفهم دور تلك الانفعالات بوصفها محركا للعمل الاجتماعي والسياسي على ضوء النظريات المعاصرة. والغاية من ذلك هي تشكيل أداة عمل كي نفهم، على المستوى اليومي، كيف يستطيع الخوف والاستنكار والتعاطف أو الإذلال تفسير التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية الكبرى في هذه المرحلة.

دور الشبكات قديما وحديثا

في كتاب “الساحة والبرج” يرى المؤرخ نيال فرغوسن أن ما هو شائع بين الناس أن التاريخ الذي تعلمناه هو تاريخ مؤسساتي تراتبي، أبطاله الباباوات والملوك والأباطرة، ولكن ألا يغفل هذا التاريخ الرسمي عن الشبكات، التي كان لها ما للعظام من قوة وسطوة ولو أنها أقل ظهورا، ما يجعلها تغذي تصورات نظريات المؤامرة؟ لقد وصف تاريخ القرن الحادي والعشرين بعصر الشبكات، ولكن فرغوسن يبين أنها ليست جديدة، فالطبّاعة والوعاظ أنجزوا “الإصلاح الديني”، والغرف الماسونية كان لها دور في الثورة الأميركية، فالشبكات، أو ما يعبر عنها هنا الساحة، طالما تحدت عالم المراتب القديمة.

من المتنورين إلى حلقات الأنوار، ومن الإمبراطورية الكولونيالية البريطانية إلى جواسيس الحرب الباردة وخصخصة غافا (غوغل، آبل، فيسبوك، أمازون) الأخيرة، يقترح المؤرخ البريطاني تحليلا جديدا معمقا للمنظمات الإنسانية. ما هي الشروط التي تستطيع الشبكات بواسطتها أن تستولي على الكراسي والسلطة والثروة؟ بماذا نفسر زحزحتها اليوم لبنى تراتبية في طريقها إلى التلاشي؟

أحبوا تلاميذكم

كتاب

عادة ما يعزى ضعف النتائج المدرسية إلى تهافت المنظومة التربوية وهشاشة البنية التحتية وقلة تكوين المربين وعزوف التلاميذ وما إلى ذلك من مبررات، وها أن متخصصا فرنسيا في علم النفس وآليات التعلم والممارسات التربوية هو مائيل فيرا يصدر كتابا بعنوان “حين يحب الأساتذة التلاميذ”، يستخلص فيه، بعد عدة بحوث ميدانية، أن للناحية العاطفية دورا هاما في تغذية رغبة الأطفال، كبارا وصغارا، في التعلم. فقد لاحظ أن التراتيب المدرسية والتوجيهات تلح على الجانب التعليمي ولا تعير العلاقة بين المدرس وتلميذه إلا اعتبارات إدارية جافة، والحال كما بيّن فيرا أن القرب من المتعلمين لفهم مشاكلهم ومشاغلهم، ومعرفة دوافعهم ورغائبهم يشجعهم على تلقي المعارف والعلوم بصدر رحب، بدل أن يشعروا بأنها فروض وإملاءات. غايته من هذا الكتاب، الذي قوبل بنوع من الاحتراز في الأوساط التربوية الفرنسية، أن يتعلم الأطفال وهم سعداء.

الصين ذلك الكوكب القصيّ

“ما نتعلمه من الصين” كتاب صغير للمتخصص الفرنسي في اللغة والحضارة الصينية ليون فندرميرش، يلخص فيه تجربته الطويلة ويجيب عن السؤال الأبدي هل الصين تمثل بلادا قصيّة، بعيدة عن فهم الغربيين، أو ما يسميه فوكو “مكان آخر (hétérotopie)، أو هل ثمة طريقة لفهمها تعيدها إلى الإنسانية المشتركة. يواجه فندرميرش السؤال من ثلاث نواح: الأولى من خلال نظرياته في اللغة التي تنحدر في الصين من ممارسات تنجيمية، وتؤدي إلى فصل تام بين اللغة المكتوبة واللغة الملفوظة، بخلاف لغة الغرب، الهند أوروبية، القائمة على المنطق الأرسطي. الثانية هي التنظيم الاجتماعي القائم على طقوسية قلبتها أشكال صينية في نمط الإنتاج تخالف الأنماط الغربية. والثالثة من خلال تحليل ما ناب عن الدين في الصين، أي غياب قطيعة بين العالم الإنساني والتسامي الرباني. إذ وجدت الصين توافقا مكملا مع الكون، كان كونفوشيوس نظّر له من قبل.

عنف الطبقة البرجوازية

في خضم الأزمة التي تعيشها فرنسا، انقسم المجتمع إلى فئتين، فئة من الحيوات المرمية، وفئة من الأثرياء المهيمنين الذين يسلطون عنفا اجتماعيا على ضعاف الحال. من خلال دراسات ميدانية، وبورتريهات ومعطيات رقمية، يقدم عالما الاجتماع ميشيل بانسون وزوجته مونيك بانسون شارلو في كتاب “عنف الأغنياء” صورة عدوان اجتماعي على طبقات فقيرة على حافة الانفجار. والأعمال التي تأتيها الطبقة البورجوازية ليست بفعل خصم بلا وجه ولا ملامح، فالخصم هنا معروف، له عملاؤه واستراتيجياته ومواقعه.

وليست الطبقة السياسية بمعزل عمّا يجري بل إن مسؤوليتها شاملة، وما التنازلات الأخيرة لرجال الأعمال والمال إلا حلقة من تاريخ طويل من خيانات اشتراكية الحكم التي اختارت من زمن موقعها.  كل من ينعت بـ”الشعبوية” كل معارضة لتلك السياسات التي تعمق البؤس الاجتماعي وتضخم الثروات الكبرى، يقول المؤلفان “حان الوقت كي ننتقد المذهب البورجوازي”.

الأخوة ممارسة ذاتية لا يفرضها قانون

كتاب

حرية، مساواة، أخوة… هذه المصطلحات يكمل بعضها بعضا، ولكنها لا تندمج آليا في بعضها بعضا. يمكن أن نسنّ قوانين تضمن الحرية، أو تفرض المساواة، ولكننا لا يمكن أن نفرض الأخوة بقوة القانون، بل ينبغي أن تنبع منّا.

في كتاب جديد عنوان “الأخوة، لماذا؟” يطرح الفيلسوف وعالم الاجتماع الكبير إدغار موران مسألة الأخوة كممارسة تتولد من إحساس داخلي عميق بالانفتاح على الآخر المماثل والآخر المختلف والتعامل معه من وجهة نظر إنسانية بعيدة عن الهويات الضيقة والأيديولوجيات المتناحرة والدغمائيات المنفّرة، ويبين أننا عندما نبلغ لحظة حاجتنا إلى أخوة إنسانية سوف تنغلق الثقافات الخاصة، وأن الاعتراف بإنسانيتنا المشتركة واحترام تباينها هما القاعدتان اللتان يمكن أن نستند إليهما لتطوير الأخوة بين كافة البشر، لمواجهة مصير مشترك في مغامرة مشتركة.

الإنسان والحرب

في كتاب “الحرب قوة تمنحنا معنى” يحلل الأميركي كريس هدجز نظرة الإنسان إلى الحرب، من خلال تجربته كمراسل في جبهات أميركا الجنوبية والبلقان والشرق الأوسط. وبعكس ما يتوقع القارئ، لا يندد الكاتب بالحرب، مع اعترافه بفظاعاتها، بل يحلل الفتنة الذي تسلطها الحرب على الإنسان، ويرى أن المعنى الذي يمكن أن تعطيه للحياة يشبه المخدرات الصلبة.

انطلق في تحليله من تجربته، ومن الأعمال الأدبية الكلاسيكية التي تناولت الحرب. وهو إذ ينتقد بشدة مواقف بلاده وقراراتها، يعرّي الأساطير التي تؤدي إلى النزاعات المسلحة، ويدعو الأميركان إلى تجنب التحاليل المانوية عن مناطق النزاع، ورفض حلها بالقوة.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.