معشر المعتوهين

الثلاثاء 2015/12/01
تخطيط: حسين جمعان

أن تكون محبا للسياسة

أنا أحب السياسة كثيرا. لا أنكر أن الناس كلهم يحبون هذه المرأة التي لها حلمتان حمراوان لإجهادهما بالمص والعض واللمس والخدش. لها حلمتان حمراوان ومؤخرة انتفخ جانباها ككوكبين متجاورين. أتصور أن هذا التشبيه يجانب الصواب، فلنقل إنهما يشبهان منطادين سياحيين والسلام. أحبها كثيرا كثيرا كثيرا حتى إنني وشمت اسمها في ساعدي، والواشم كان من مرتادي السجن البلدي، وهو أيضا من أحبائها. حدثني عن متاهات الحبس والنقاش والجدال السياسي الذي كاد يفجّر جنبات البناية. قال كذلك إنهم أحجموا عن التغني بالسياسة فانتشرت حبيبات شخّصها الطبيب بحبيبات التفكير العميق، وكان هذا الطبيب من قراء علم النفس وعلم الاجتماع. شك في البداية على غرار الشك المنهجي الذي تعلمناه كلنا من مدرسي الفلسفة في جارتنا الجزائر. أنتم ولا شك تقدرون هذه المتاهات السياسية، فقد اعتدنا أن نسمع المذيع دوما يسب السياسة العربية، ويقول إن المشكل يكمن في تعنت الرؤساء. وأنا لا أنكر أن البطاطس لما غلا سعرها جعل الناس لا يأبهون للسياسة، وقد قلت لصديقي المنتمي إلى حزب التقدير والوحدة إن السبب يعود إلى جارتنا التي تنتج الفائض وكأنني عالم بدواليب الاقتصاد مع العلم أن الأمر دون مواربة يعود إلى الأغنياء، وهم أحرار في أن يبيعوا أو يحرقوا بضائعهم. هؤلاء كذلك يحبون السياسة التي لها حلمتان وووو… كثيرا. وربما حبهم لها يفوق حبنا لها نحن الفقراء. المسألة لم تعد تتصل بهوًى حُرٍّ ينتابنا جميعا نحن البشر القذرين الذين نحب الحياة والمال ونريد أن نكون جميعا هرقل هذا الزمان. لا علينا أحبائي القراء السياسيين، أحيانا ينبغي لنا أن نتجنب الصراع وأن نكون متزنين، ننظر إلى العواقب بعيون ثاقبة حتى نتجنب الكوارث والأزمات. في الواقع ، أنا لا أسعى إلى أن أكون سياسيا كذابا. أنا أريد أن أتزوج السياسة. أحبائي، اعذروني، لا أنكر أن حبي لها نغص نومي. أتناول الآن جرعات من السوائل المنومة، وأنا أعرف أنها مخدرة، ولكن لا بأس من التضحية المرفوقة بالمعاناة. أعرف أن السياسة لا تحبني. قال صديقي ما معناه إنها لا تحب إلا الأغنياء. الخائنة الغدارة البدينة القذرة، ستصابين بخيبة أمل، لا تدرين من أنا، أيتها المرأة العرجاء. صحيح أنني أنتمي إلى الطبقة الكادحة المحبة للنضال السياسي بالمعنى الطيب، ولكنني أملك قلبا تكسره الرياح الهوجاء، وتميته النكبات. أحيانا أبدو ساذجا كدجاجة مسلوخة، مرمية في قارعة الطريق. أبدو كالموجة الهادئة التي تجلب السمك إلى الشط كي يتمرغ في رمالها ويلعب لعبة الاختفاء والارتماء على السمك الضعيف البنية على سبيل تعلم فن الدفاع عن النفس، أو على سبيل إغاظة البشر مرتادي الشواطئ لفعل محرمات قد يغض القانون عينيه عنها. لا علينا، أيتها القذرة التي لا تنظف منخاريها، ولها حلمتان محمرتان بالمص واللمس، يلمسها الثعالب والأفاقون والذئاب كاخ كاخ كاخ، أنا أغضبك حقا أيتها السياسة البغيضة. أنا لم أعد امتلك وجها نضرا يجلب الانتباه، أنظري إلى ساعدي، أترين هذا الوشم، إنه أنت أيتها الكلبة المعطوبة المصابة بخلل فني. هي حقا صورة أفعى تتلوى لتنقض على طائر لا يظهر منه إلا ذيله. لا تدرين أنني ألاحق خطواتك. أراك ترتمين بين أحضان ذلك البورجوازي قاتل الطبقة العاملة الذي سينال جزاءه في الجحيم. أحمل الآن سكينا من الحجم المتوسط، وأنا قادم إليه للثأر حتى أجعلك أرملة.

وجهة نظر

تفحص الغني بدن فقير بعينين مدربتين على التفحص قبل إبداء الرأي.

قال له:

إن الله يحب الفقراء. صحيح أنهم لم ينالوا قسطا وافرا من الغنى، ولكنهم أغنياء في أحشائهم. هو يختبرهم حتى يعرف من يكون صبورا، ومن يكون جاحدا.

رد عليه الفقير:

_ أَتُوَّجِهُ حديثك إليّ أيها الأبله؟

_ طبعا. أترى أنني أحدث نفسي؟

_ كلا. ولكن يبدو أنك أخطأت الهدف.

_ أخطأت الهدف؟

_ طبعا. أنتم دائما توجهون نصائحكم إلى معشر المعتوهين من الفقراء. وأحيانا تقولون لهم إن ما لا يُرى هو الأفضل. لا تحدثون أنفسكم أو أصدقاءكم من أكلة اللحم الآدمي.

رجاء انصحوا الأغنياء.

الأشياء التي ينبغي لنا بيعها

يقف الدلال شامخا، منتصبا كشجرة صفصاف عاتية أمام حشد من النخبة التي يبدو أن التاريخ جزء من همومها اليومية.

لا علينا.

أخرج سيفا من الصندوق الخشبي الذي ركنه خلف المنبر.

_ هذا سيف عنترة.

_ ربع فرنك.

_ نصف فرنك.

_ درهم واحد.

_ ثلاثة دراهم.

يصيح فجأة مهللا:

_ بيع بثلاثة دراهم.

ينحني إلى الأسفل ويخرج سيفا آخر.

_ سيف سيدنا عمر بن الخطاب.

_ نصف فرنك.

_ فرنك واحد.

_ درهم.

_ ثلاثة دراهم.

يصيح مهللا:

_ ثلاثة دراهم. ثلاثة دراهم. بيع بثلاثة دراهم.

ينحني إلى الأسفل ويخرج حُقًّا.

_ الحق الذي كان يضع فيه كاسترو تبغه المفضل وهو في الأحراش يقاتل أعداء الثورة.

_ فرنك واحد.

_ درهم واحد.

_ ثلاثة دراهم.

ويصيح مهللا:

_ بيع بثلاثة دراهم.

ينحني إلى الأسفل ويخرج…

_ صدرية جلي جولينا.

_ مائة ألف دولار.

_ ألفان.

_ خمسة آلاف.

_ مليون.

_ مليونان.

ويصيح مهللا :

_ مليونان. مليونان. بيع بمليونين.

ينحني إلى الأسفل.

_ زجاجة عطر فارغة تعطرت بها الفاتنة باردو.

_ مليون دولار.

_ مليونان.

_ أربعة ملايين.

_ عشرة ملايين.

_ خمسمئة مليون.

يصيح مهللا.

_ بيعت الزجاجة بخمسمائة مليون دولار.

ينحني إلى الأسفل.

_ أخيرا أعرض تبان سونيا الأوكرانية.

_ مليون دولار.

_ عشرة ملايين.

_ خمسمئة مليون.

_ ستمئة مليون.

يصيح مهللا.

_ بيع تبان سونيا الأوكرانية بستمائة مليون دولار. والآن أفسحوا لي الطريق كي أشدّ الرحال في الطائرة إلى أوروبا للبحث عن الخرقة التي تمخطت فيها الممثلة القديرة كاترين دونيف دم صدرها.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.