ملامح من المفارقة الحسّيّة في السرد الروائي
النصُّ الروائيّ بأدواتهِ وتحوُّلاتِهِ الفنّيّةِ الّتي تساوقتْ والتّحوُّلَ العصريّ في الزمان والمكان والثقافة، هو مغامرةٌ فكريّة وتلاعبٌ لغويٌّ، جسّد نظامًا جَماليّا مُتميّزًا بالتنوّع، عن طريق توظيف تقنيّات تكشف عن كوامن الذاتِ المُنتجِةِ والمنتجَة الوجدانيّة، وتفرز عوالمهما الذهنيّة الفاعلة والمتفاعلة مع الواقع والحلم، وهذا الكشف قد أبرز التناقض بين العقل والعاطفة، وبين الواقع والحلم، وبين الماضي والحاضر، بحيث خلق ملحمةً تصويريَّة عامّة قوامها التّراسل الحسّيّ في السرد المعاصر.
ينسجمُ التَّراسل الحسِّيّ وهو التّبادل في إيماءات الحواس المتباينة مع حالة الاضطرابِ والتّيهِ الذي يُحدثه أسلوب المفارقة؛ لذا فإنّ المفارقة الحسِّيَّة تدفع المتلقّي لاستقبال مزيدٍ من الصّدمات الذّهنيَّة الممتعة، ذلك لأنّ الألوان والأصوات والعطور كلّها تنبعثُ من مجال وجدانيّ واحد، وما إن يتمّ إرسالُ صفات حاسةٍ إلى أخرى، يزيد فاعليّة الأثر النّفسيّ لبطل الرواية أوَّلاً وللمتلقي ثانيًّا، فقد تعطي المسموعات ألواناً، وتصير المشمومات أنغاماً، وتصبح المرئيات عاطرة، وهي إحدى أهم الوسائل التي يلجأ إليها الرمزيون سعياً لتوفير الصفات الإيحائية لصورهم (يُنظر: هلال، محمّد غُنيمي: النقد الأدبي الحديث، 418 دار الثقافة، ودار العودة_ بيروت، 1973م، ص419)، إنّ هذا النمط التصويري المزدوج قادرٌ على بعث الحياة في الجوامد، وكسر رتابة السرد الفنّي ونمطيّته، وفي الوقت نفسه يهزُّ كيان المتلقّي، فيوقعه بين بنيةٍ واضحةٍ وعمق سحيق، ممّا يشيرُ إلى توسّعِ رَقعةِ العلاقاتِ بين البُنى السرديَّة، وخفاء الدّلالات في فضاءِ الأحداث المراوِغة وتقنُّعِها، فتتكاثر تأويلات المتلقّين غير المتوقعة.
ومن هنا فقد قام برجس بتركيب صورٍ خياليَّة مبدعَةٍ من مفرداتٍ حسِّيَّةٍ مخزّنةٍ في وجدانِه أو في الطّبيعةِ، والأمثلة كثيرة على ذلك من رواياته، وكلّها تزيد من جماليَّة النّص ودلالته، وتوضِّح المعنى وتؤكِّدَه، يقول “جوحٌ يقطع نياط قلبي ويثير بي وحشةً داخلية” (برجس، جلال: رواية “مقصلة الحالم”، دار مداد للنّشر والتّوزيع_ الإمارات العربيّة المتّحدة، ط3، “طبعة منقّحة”، 2017م، ص163). هذه الاستعارة المكنيّة والتي غرضها تجسيم الجوح، توحي بقوّة تأثير عواء الذئب على البطل الموجوع، بحيث أصبح جوحًا وله القدرة على القطع والتأثير. كما وضمّت علاقات متشابكة بين عناصر الحسّ في التّفاعل المزجيّ بين المدرك السّمعيّ “جوح”، والمدرك اللمسي “يقطع“.
يقول “كان جوحك أيها الموجوع كغيمة طردتها الأشجار… ككاهن مزمّل بالبياض وبحزن النايات حينما تصير الحقيقة سمّاً يسري في الوريد. كان ذلك الجوح يمشي على غشاء القلب بخطوات متتالية بينما تسحّ في مكان قصيّ من القلب دمعات مالحة… كنت أصخي السمع لأنين الرياح التي جاءت سادية” (برجس، جلال: رواية “مقصلة الحالم”، ص166). هنا رسم الروائي صورةً تمثيليّة متشكّلة من مدركات معنويّة وأخرى حسيّة، فقد أكّد على: الوجع، والحزن، والأنين، بإدراكها وتشاكلها حسيًّا، فالجوح والنايات والأنين مدركات سمعيّة، والغيمة والبياض والدمعات مدركات بصريّة، ولفظ مالحة من ملحقات حاسّة التذوّق، ومثل هذه الصّور المتشكّلة من تبادلٍ للمدركاتِ قادرةٌ على نقلِ المتلقّي من عالمِ المحسوساتِ إلى فضاءِ الخيال؛ فتؤثّر فيه، شاعرًا بلذةٍ جماليَّةٍ غير مألوفةٍ؛ لذا “لا بدّ لنا، إذا شئنا أن نفهم قيمة العمل، من أن نرى كيف يعمل الفنان، طوال ممارسته لنشاطه، على تطوير الصورة الخيالية التي توحي بها المادة الحسية، وتنويعها” (ستولنيتز ، جيروم: الَّنقد الفنّيّ، ترجمة: فؤاد زكريا، مطبعة جامعة عين شمس، 1974، ص341)، ومن هنا يُمكن التّمعُن في قول بطل رواية “سيّدات الحواس الخمس”: “درّبوا أنفسكم على الإنصات للسّكون. إنّه سيّد الأحزان، وأمير التّأمُّل، وملك باحث عن الإجابة. فليس كلّ صمت هدوء، وليس كلّ هدوء صمتًا، فالشمعة تقاوم الظلمة دونما أيّ ضجيج، حتّى وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة“، (برجس، جلال: رواية” سيّدات الحواس الخمس”، ص27)، هذه الصور المتلاحقة ذات البنية المفارقيّة المحمّلة بالتضاد والمقابلة، متبوعة بتراسل حسّي بين الشمعة والظلمة وهما مدركان بصريّان، ولفظ “تقاوم” وهي تابعة لحاسة السمع والبصر واللمس، ففي المقاومة صدى الأفعال، وقد ينجم عنها تخريب المحتويات، وغالبًا ما تكون المقاومة باليد، و كلمة “تلفظ” تابعة لحاسة السمع، و”الأنفاس” تابعة لحاسة الشم.
ويبدو أنّ هذا التبادل بين وظائف الحواس قد خلق تفاعلًا في النص النثري، وجعله نصًّا ثريًّا بتنوّعه التصويري المحفّز لمخيّلة القرّاء، بحيث يمكنهم أن يطلقوا عليه نصّ “اللوحة”؛ إذ لا يمكن أن يعتلي صهوتها سوى قارئ متمرِّسٍ بتذوّق فن التصوير. يقول “الخيانة لا تبرّر… وفي عينيه تتعالى ألسنة شهوة الانتقام” (برجس، جلال: رواية” سيّدات الحواس الخمس”، ص 169).
ومثل هذا التّراسل بين الحواس يدفع المتلقّي لاستقبال مزيدٍ من الصّدمات الذّهنيَّة الممتعة، فكيف يمكن أن تتعالى الألسنة في عينيه؟ وهل لشهوة الانتقام ألسنة؟ ذلك لأنّ الروائي برجس هو شاعر في الأصل، يوظّف إحساسه؛ لينقل تجربته، فإحساسه “بالكون وروحه يغاير إحساس الشّخص العادي هذا من جهة، ولأن الألفاظ ومدلولاتها الحقيقية قاصرة عن التّعبير عمّا يشاهده في حياته النّفسية الدّاخلية من مشاعر، من جهة ثانية” ( ضيف، شوقي: في النقد الأدبي، دار المعارف بمصر، د.ت، ط3، ص150). ويمكن للقارئ أن يتبيّن هذا القول حين يمعن في قول برجس “أغمض عينيه والعطر يلحّ على ذاكرته… أعرف ذلك العطر، له لغةٌ عتيقةٌ في أغوار نفسي… كأنّه مقطوعةٌ موسيقيّة تستولي على رقعة القلب فتحتلُّها…” ( برجس، جلال: رواية “سيّدات الحواس الخمس”، ص35). الإلحاح يكون بالنطق، فكيف يلحّ العطر على الذاكرة؟ وهل يمكن أن تؤثّر حاسة الشمّ “العطر” على حاسّة السمع “اللغة”؟ وهل يمكن أن نصف العطر بمقطوعةٍ موسيقيّة تستولي وتحتل؟ بالفعل، يمكن للشاعر أن يجعل ألفاظه متناغمةً مع تراكيبه لتخلق عالما من الجَمالِ التصويريّ، مِن خلال سِياقٍ حِسّيٍّ مُقترنٍ بالحياةِ بكلّ موجوداتِها. فالعطر، والموسيقى، وأغوار النفس، وحضور القلب، كلّ ذلك من مقوّمات العمل الشعريّ الرومانسي الذي تتفاعل فيه الروح الحالمة بالحواس.
“وقد تشعُ التّراكيب اللّغويّة بالصّور الحسيّة المتشاكلة مخلِّفةً دلالاتٍ متعدّدة، وظلالاً كثيفة متموّجة، تلغي أُحاديَّة التَّأويل القرائيّ، ونفعيَّة التّلقي والأثر، وتفتح مساحاتٍ واسعةً من الانفعالاتِ والتّفسيراتِ (ينظر: العف، عبدالخالق، دراسات في الشعر الفلسطيني المقاوم، رابطة الكتَّاب والأدباء الفلسطينيين، 2010م، ص ص 198،199.).
وهذه كلّها سماتٌ للمشهد الروائي عند برجس، فقد تجاوز فضاء المعنى؛ كي يبعث في ذهن القارئ تأويلات عدّة حين التَّأمّل بالصّور المتراسلة، ومن هنا فقد أجاد الروائي في إجراء التّبادل بين مُعطياتِ الحَواسِّ في قوله “من هذه التي تقف على تخوم حيرتي كنوتة عالقة في بال عازف مهزوم بسطوة اللحن حينما يسير الحجر على خفة الماء، ويبقر بأنينه ليلًا ميسرًا دربًا لتأويلٍ جديدٍ لما كان قبل المكيدة؟” (برجس، جلال: رواية دفاتر الورّاق، المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر_ بيروت، ط1، 2020م، ص123.). والبَقْر هو الشقّ (مدرك لمسي)، والأنين (مدرك سمعي)، والليل (مدرك بصري)، وهنا فقد خلق الروائي حركةً نفسيّةً مونولوجيّة، تعكسُ إحساسًا دلاليًّا عميقًا مُثيرًا للدهشةِ، بتوظيفِ الصّورة المجسّمة للأشياء؛ ممّا يساهم في شحن النّص بتشكّلات حسيَّة تنبض بالحركة، ومن هنا كان لا بدّ أن تكون علاقة بين التّراسل الحسّيّ وحركيَّة الصّورة، ذلك لأنَّ التّصويرَ “لون وشكل، ومعنى وحركة، وقد تكون الحركة أصعب ما فيه لأن تمثيلها يتوقف على ملكة الناظر، ولا يتوقف على ما يراه بعينه ويدركه بظاهر حسّه” (العقاد، عباس محمود: ابن الرومي حياته من شعره ، دار الكتاب العربي – بيروت، 1967م ، ط6، ص309). ومن ذلك قول الروائي وهو يعلن قرب نهاية بطل رواية “أفاعي النار” بقوله “اختفت الشمس وراء الجبال، كضحكة تتوارى من فم طفل يتماثل للنوم، فسرَت العتمة في بدن الأشياء، وسكنتْ أصوات النهار، لتجيء أجنحة الليل، تنقل صوت كلب حزين يعوي في أطراف القرية، وصوت امرأة شاكٍ، تنادي أبناءها، وتهددهم بالغول” (برجس، جلال: أفاعي النار “حكاية علي بن محمود القصّاد”، كتارا للتوزيع والنشر_ قطر، 2016م، ص139).
ويبدو واضحًا تشاكل الحواس وتبادل أدوارها في “سكنت أصوات النهار”، “أجنحة الليل تنقل صوتا”. ومن هنا فقد ربط الروائي الصّورة اللونيّة بالحركة الواقعيّة “أجنحة، تنقل”؛ لتشكّل سيمفونيّةً صاعدةً هابطةً، تثير الفاعليَّة التّواصليَّة بين النص الروائي ومتلقيه، فيبهرهم بفسيفساء صوره ونقوشِها، مستدعيًا ذكراهم بكلّ سلاسةٍ ومرونةٍ، والمحرّك الأساسيّ في كلّ هذا عاطفةٌ تتفاعل من خلالها الحواس الخمس لتؤدي دور الاستذكار، وهذا “التكامل بين هذه الحواس مُطَعَّمَةً بالعاطفةِ… يجعلُها… شاملةً قادرةً على بعثِ الحياةِ في الماضِي، والتّصرّف فيه بما يقتضيه الزّمن الحاضر وأحداثه الباعثة على استرجاع الذكريات” (كبابي، وردة: سيميائيَّة العنونة عند واسيني الأعرج رواية “ذاكرة الماء” أنموذجًا، مجلّة مقاليد، ورقلة – الجزائر، 2017م، ع 12، ص185).
على ما سبق تبيّن أنّ برجس يقدّم مشاعره طازجةً كما يحسّها، متجاوزًا تلك الأحاسيس العاديّة التي يشعر بها الإنسان العادي، وبذلك يشكّل تراسله انزياحًا تصويريًّا، ينتج المزيد من الدّلالات المفعّمة بالإشعاع والتّجلّي؛ لذا فهو لم يرتكز في تصويره على حاسّة بعينها، ولم يكن تصويره الحسيّ انعكاسًا حرفيًّا للطّبيعة من حوله، بل كان زاخرًا بالحيويّة والتّكامل، من خلال جمع الإحساسات المتباينة، ممّا يشير إلى تناغم إحساسه الشاعري وفكره الروائي وانسجامهما معًا، وبدوره أدّى إلى تجاوز حدود الحواس وكسر الحواجز القائمة بينها. (ينظر: بور، زينب، وسليماني، أمينة: ظاهرة تراسل الحواس في شعر أبي القاسم الشّابي وسهراب سبهري، مجلة إضاءات نقديّة،س4،ع15،أيلول 2014م/ ص61-79).
يقول “يحدث الحب في الحرب؛ ليهوّن رائحة الحب في الحزن، ليزيل من فم القلب كرة شكٍ دسّها الوقت خطأ وأحجم عن الاعتراف بالخطيئة” (برجس، جلال: رواية دفاتر الورّاق، ص166.). فالهَوْن السكينة والتخفيف من وقع الآلام إمّا بالعناق (اللمس)، أو الكلام الحكيم (السمع) الذي يجيء في وقته، أو بمشاركة الشعور، ولفظ “الرائحة” يتبع حاسة الشم، والحزن يكون في العين والروح معًا، وعليه فإنّ تشكيل الحواس هنا قد فعّل النص النثري جَماليًّا، ذلك لأنّ الروائي قد تجاوز الصّورة الحسّيّة إلى صور خلّابة متراسلة الحواس، تكون أقرب إلى الحَدَسِ وإلى شطحات الحُلُمِ وتركيبات العقل الباطن، إذ كيف يكون للقلب فمٌ يزيل؟! “ومن اللّمس بأصابع اليد إلى اللّمس بأصابع الحَدَسِ، ومن الإضاءة البدائيَّة المباشرة إلى الإضاءة العصريَّة التّي تتقنُ لعبةَ الظِّلِّ والتّمويه…” (قبّاني، نزار: قصَّتي مع الشّعر، بيروت، 1973م، د. ط، سقوط الوثنيَّة الشّعريّة، ص205)، ومن هنا يعدّ التّراسل الحسّيّ شكلا من أشكال بناء الصّورة يعتمد على نقل مدركات حاسّة من الحواس إلى مدركات حاسّة أخرى، وينسجمُ هذا التّبادل في إيماءات الحواس المتباينة مع شعور الحبّ الذي تجلّى في رواية “مقصلة الحالم” حينما قال “كأنّ الكلام الذي يرشح من أنامل قلبك ماء، وقلبي أرض بور يقتلها العطش” (برجس، جلال: رواية “مقصلة الحالم”، ص30)، والتراسل الحسي يقع هنا في “يقتلها العطش” فالقتل باليد، والعطش من توابع اللسان، كذلك فإنّ الأرض مدرك بصري، دلالة على أنّ الحب له كلمات تروي عطش الأرواح. وانسجمت تقنيّة تبادل مدركات الحس مع شعور القهر والغربة الذي أحسّ به ابن القصّاد في رواية “أفاعي النار” ويتجلّى ذلك بقوله “استشاط ابن القصاد لحظتها ببكاء مر، بقيت أصداؤه تتكاثر بين جدران المغارة” (برجس، جلال: أفاعي النار “حكاية علي بن محمود القصّاد”، ص52)، فالبكاء وهو من توابع العيون أصبح مرًّا، والمر من توابع اللسان. وفي رواية “دفاتر الورّاق” قال “وهل تعتقد أيّها الغبي أن العالم يمضي على نحوٍ سليم؟ الناس مرضى بما صاغوه لهم، يشعلون الحروب، يبتكرون أمراضًا، يغتالون أصواتًا، ويعلون من أخرى” (برجس، جلال: “رواية دفاتر الورّاق”، ص75). فالاغتيال يكون باليد، ولا يكون الاغتيال للأصوات، لقد جاء لفظ “الأصوات” هنا مجازا مرسلا علاقته جزئيّة؛ إذ قال الجزء وأراد الكل وهو يقصد “الأشخاص الذين يحملون صوت الحق”.
ومن هنا فقد اهتم الروائي جلال برجس بالصّورة الحسّية، وبطريقة تشكيلها وبنائها، وبطبيعة العلاقات القائمة بين عناصرها، حتّى غدت ملمحًا بارزًا في رواياته، ومدى انسجامها مع مشاعره تجاه الواقع والطبيعة والحياة بتفاصيلها؛ لذا كان لا بدّ أنْ يشكّل برجس عالمه من خلال الصّور تشكُّلاً خاصًّا، فتظهر شخصيّاته سعيدةً أو بائسةً، تمامًا كم يراه، وكما تُملي عليه مُثُلُه الجماليَّة؛ لذا فقد أدّى التّراسل الحسّيّ دورًا بارزًا في ترجمة أحاسيسه وانفعالاتِه الدّاخليّةَ بإبداعٍ رؤيويٍّ رائع، وفي خلق الصّورة المبتكرة والتّوسع في دلالاتها، ورفع المستوى الجماليّ للرواية؛ حاثًّا المتلقي لسبر أغوارها، ومن ثمّ التلذّذ والاستئناس بالصورة الحسّيّة بعد جلاء غموضها، وعليه تلغي أحاديّة التّأويل القرائيّ. ومن هنا يمكن للباحثين التنزه في رياض روايات برجس واقتطاف شذا دلالاتها؛ لتغدو فوّاحةً.