من أوراق ديكارت

الاثنين 2017/05/01
لوحة: محمد أبو الوفا

اعتراف

الآن فقط أمتد

لأمسك بماض غير محاط بصخب

ومن غير ضجيج

أو يقظة مهملة

أمضي

كي أمضي خارج تفاصيلي

بأزمان

وبغير أحزان

لعل الكلمات تعيد الغيوم

ولعلها تقاسم الأمل الثمل

حين تسقط الكلمات

ترتفع شهوة الخطيئة

في أكثر من وقت

وفي أكثر من اضطراب

وكل الطرق التي توقد أصواتها

لم يعد الوصل فيها يصغي للخوف

الموت نقيض الطفولة

الموت إصغاء

وكل ثكنات الكلام

باتت ترتدي عروشا

لا تليق بالفصول،

هي الحرائق إذن

فراغ بلا رؤية

ورسائل بلا رؤية

مثلما المتاهة

تفقس لاحتفالات

بلا رؤية

فكل رؤية

تتكرر في رؤية

وكل رؤية

تغتصب رؤية نامية

الأبواب متعاكسة

الأبواب تفاوض الخريف

من نافلة القول هنا

أن أوكد أن ساعات الأحزان

تحرس أشجار الوهم بالمجان

وفي كل مكان

زمان يضاجع المكان.

النقيض

متقدما في زمن آخر

مقايضا بقاء غير مخترق

دون أن يسترد نصيحة محاصرة

لا تنوح قناعاته

ولا اندهاشاته

ولا براءة أسلافه

فكلها احتفالات

وكلها محطات

لا تنطفئ في الانتظار

هو هذا الاعتراف

هو هذا النقيض

ومغامرة الصحو.

بهذا السفر النظيف

كي لا تتبعثر الذاكرة

يزرع الشاعر أشجاره.

قناعة


تخطيط: حسين جمعان

مثلما تشاطر ذاكرة مخدرة

عليك تأمل مدار

بين وهم مؤجل

أو شهوة نداء

وحتى بين علاقات متدلية

فالفعل والهيبة والأفق المنفصل

ضفاف تكرّر قناعاتها،

وعليك تأمل مدارات ما

مثل معرفة ليس لها ألفة

وتكرار خارج استهلاك نص يتدفق

أو وقت لا يقف في وقته

فالحكمة لا تكون مهمشة

والذاكرة لا تكون مجزأة

قف معها

وحدث الصرخة بوجه أبيض.

مفردة

الرحيل مفردة ليست قريبة من فرج ما

الرحيل يقاسم ألم بقاء صاخب بصمت

الرحيل لا يبدّد شرارة وقت ذبيح

الرحيل متدفق

الرحيل يقايض تكرارات مهيئة بوقت متأخر

الرحيل اضطراب يفيض

وفي موت صارخ

يناسب مسافات طويلة

الرحيل إذن أسئلة تجاهر

وتغامر.

تلخيص

لم أعرف أن النيران لا تعكس أوجاعها

ولم أعرف أن الاتجاهات لا تحشد لأبواب مفتوحة

فالأزمنة تفرش صفحاتها

وتستوعب المواقد والأشياء والمنافي

كذلك

لم أعرف أن أنفاس الجياع غير واضحة

فالموت يتمدّد

والموت ينتشر بين غموض وحضور

من هنا تكون البداية

ومن هنا يتم تلخيص النهاية

سحقا للآلة

سحقا لأقبية المكائن الدالة

ولينحن صنم الحرية

للإنسان القتيل

في ممرّات الرأسمالية.

من أوراق ديكارت

في هذا الصخب، ونحن نشك في يقين ينفر مما يراه تنزاح الهموم بغير متاع وتزحف المديات بلا مطاردة مثل اشتعال لا يضيق بمكان أعتاد عليه. هل حان وقت إسدال الستائر على نزهات تتعثر كي لا تحتار؟ وهل خاتمة الوعود باتت ومضة بلا حروف؟

ما بين غيمتين

تأخذنا حيرة لا تخفي إشارات

من ليال سابقات

أو قابلات.

يحصي حكمة واحدة

ربما يخاف أن يتذكر

وربما يعرض على نفسه حالات منسوخة

قد تكون تجربة مموهة في الزمان

وقد لا تكون

هي محنة تمسّها إشكالية طالعة من جوع يستيقظ

وبينما الجوع يطلع كل صباح تشهر اليابسة همومها لتشعل الزمن وتحرق الروح.

لم يبق في البئر سوى إيقاع مكرر يتنزه بلا رقيب

من بعيد، ممتلئة

عبر أنواء الطرق

تمر أزمان رحلات طويلات

مغطاة بأسئلة

ورنين، مدوّنة صعقات بطيئات

منتظرة تواريخ غير طرية

لا تحترف زعيق طلب مرتب

الريح تتكئ

والطبول تغتصب اختلافاتها

فهذه الضجة كهوف

وذئاب

والرغبات ذئاب

تحوم حول ذئاب

مثقل

وفي الرأس لا تهرب صدفة واحدة

مثقل

وفي الليل لم يعد البرق

يمضي إلى مكان آخر

مثقل

أرتّب نزهات معطوبة

بلا سواحل

مثقل

لا أغتبط بالتأويل

تدور الأرض

مثلما تريد

لا تغيّر المسافة

ومن هنا وهناك

تحتفي الأشياء

حتى يعزم الطوفان

ويلوح بزمن يتأجّج

الأمكنة منذ زمن بعيد

تعيد أنغام الاكتفاء

وماضي الأيام

ما زال جمرا يصهل

هو الوقت إذن

يرى بنفس الحريق

ويرنو لانتظار

له هاجس مجهول

- هكذا

- هكذا، لا شيء غير نيران تهب من ثمارها/وحيدة تلتهب/مفتوحة

العيون/وكل ما في الأشجار تطوي صغارها/وعلى الأبواب تسفح

الشفاه/كطعم اللهب

أينما تذهب يذهب

لا شيء غير رقصة الدخان/تعصف فيها حفائر الظلام/وما تهمس

القمصان/ومن سواها تحلم/

أهو جنون قديم

علاه صدأ الكلام

أم غابة طوال الليل

تؤرّق الأحلام

تجلس

تستدير

تمضي

ثم تمد نظراتها طويلا

من آخر الليل إلى أوّله

إنها تحن

إنها تشتهي،

ثقيلة هي الأيام

أنت أم السراب

أنت أم التراب

أبحث عن نغم

لا يعرف الألم

وأبحث عن وجه

لا يتّشح بعتمة قلم

فهمي بعيد

متجذّر أبقى

مركبه قدر

مورد معطاء

يبوح القلب له

كل عام

وفي محرابه

أرى كل الأسفار

اسمه يعلو

في كل دار

ودار

صاف موجه

في يقينه ينشغل

يحكي أوجاعنا

وبجراحاتنا يزهو

ويكتحل،

طيوف ماضيه

تعرف غيرها

وعندها القول يبتهل

ما يزال كريما

يفيض حقلا بعد حقل

لن أجلس خارج أسواره

ما يداويني سواه

وما يداويني في يقيني

إلا إياه.

متى


تخطيط: محمد عبدالله عتيبي

ما الذي قد حلّ بك

وحلّ باسمك

كل هذه الأشياء متاهات

قبل هذا الليل

كان الموج يعلو

بين قلوب وممرّات

وكان يفيض أغنيات

صوب كل الأغنيات

وفي النهارات

كانت الطيور تحلّق عاليا

بلا فنارات

ما الذي فعل بك الآن؟

أفاجأك النحس بأصابع النيران

أم أرهقك السير بلا عنوان

أهي الحرب

أم عصور وحشة

أم زمجرة أكبر من كل الكلمات

أهو موت يوزّع زمانه

أم ركام يبعثر أيامه

هل غادرت النخوة

في عصر همجي

أم استعصى الصمت

على فوّهات جراحات

تفقه دمها البدوي؟

تهيج أحزاني

كل ما يحدث الآن

صمت ينهكه التعب

وحرائق تعشق الحطب

متى تعود الأيام إلى طفولتها

وإلى خيمتها الأولى

متى يطرق بابك المفتاح

والكتاب المفتوح

متى تبحر في عناق صبوح

فأيّ معنى للأيام

حين يساقط الليل أوراقه

ويبوح.

مهلا

بماذا أغنّي؟

والوجع يغنيك

لهفي عليك

في تلافيف السكون

تقيم الدموع فيك

واللحم الممزّق

بين يديك

ربما يلهب المشاعر

لكنّ حروفه

تأتي إليك

أوجهتنا المجهول؟

يتبعنا ويقيم

هل راح يسبق ظلام السنوات الأولى؟

هل راح في ضياء جرحك؟

ينام على نغم بلا ألم

هذا الخطاء

يتفاعل في إثم

يدل إثمه عليك

وهذا الدم يعلمنا كلامه

وهذا الدم يرتّل آلامه

كي تقيم فينا السلامة

مهلا

ثم مهلا

وقليلا من الصبر

كل الأنين الذي يحاصرنا سيختزل

والدّرب على النهار سيقبل

وستعاد لنا الفرحة

فلهم الأرق

ولنا الأمل.

حنين

بعد أن ينتصف الليل

يجيئني حنين عذب

يشاغل صبري المحروق

يميناً

لا يهادن أرقي

فقد صيّرني في عشقها

مواسم تتورّد اشتعالا

ومن بين نهارين

في كل الشرفات

تنقشني سؤالا

وسؤالا

تأتي إليّ

تأوي بغيماتها

إلى أبوابي

فلها من مسار النور

صدق القلب صوبي

وصوب يقيني

فهي تساند همّي

وتكون ظلا

يرنو لحنيني طويلا

ويستبق إلى ذكريات

فكل الذي حولي

وكل الذي حولها بهجات

تغرد في عمق بهجات.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.