ناقدة السرد
لا يخفى على أحد ما حققته المرأة العربية في السنوات الأخيرة من غزارة الإنتاج الأدبي بصفة تكاد تكون لافتة للنظر خصوصا في السرد والشعر وحتى في البحوث والدراسات الفكرية وهذا الأمر يعد انتصارا للأدب النسوي الحديث رغم العوائق والتقاليد السائدة في فترة ما ولا تخلو منصات التتويج من جوائز منحت للمرأة العربية المبدعة ليختزل حكاية مثابرة وتميز منقطع النظير.
إن الإبداعات الأدبية النسوية بجميع أصنافها قد حققت نقلة نوعية من حيث الكمّ خصوصا وتقييم ذلك يظلّ بعهدة الإصدارات ومدى إشعاعها في الوطن العربي إذ تتجاوز الحدود الضيقة لتحلق هنا وهناك وتصل إلى القارئ العربي، وهناك العديد من الأسماء اللامعة التي فرضت بصمتها الخاصة وإنتاجها الغزير في الساحة الأدبية، لكن في خضم كل هذا، أعتقد أن النقد الموازي محتشم نوعا ما من حيث الإضاءات والتحليل الأدبي. وتقييم الأعمال النسوية بقي حكرا على الرجل الذي بدوره تحكمه بعض المرجعيات والأيديولوجيات النمطية في حق هذا الجنس الأدبي المصنف بأنه أدب نسوي إلى حدّ تقزيمه أحيانا والإخلال بشروط النقد النزيه.
أظن أن المرأة الناقدة تسعى بصفة حثيثة من أجل إرساء نقد فكري وحداثي دون تقسيم مصطلح نسائي ومصطلح ذكوري مما انعكس على اهتماماتها النقدية لكن لا يمكننا أن ننكر أن المرأة بطبيعتها الأنثوية مختلفة عن الرجل وتجنح إلى التفاصيل الدقيقة والفعل الحكائي، لذلك اشتغلت على النقد السردي أكثر من كل شيء، وبالتوازي نشهد عزوفها عن النقد السينمائي والتشكيلي. طبعا تظل هناك استثناءات مما يسِم تجربة بعض الناقدات بتنوع اهتماماتها وتعدد اشتغالاتها رغم أن عددهن ضئيل.
من الملاحظ أيضا أن الناقدة العربية تفطنت إلى تحيزها لقضايا المرأة ومشاكلها لذلك ارتأت أن تشتغل على النص ذاته بقدر ما يتماهى مع الإبداع بشكل عام دون أخذ الاعتبار بتلك الرؤى والأعمال النمطية للمرأة. ذلك أن الجمالية الكتابية لا تحتمل الجنسوية بل تعتمد على أدوات نقدية قادرة على سبر أغوار النص الإبداعي والكشف عن أبعاده العميقة. ومن الناقدات المتميزات في وطننا العربي أستحضر بعض الأسماء مثل يمنى العيد وخالدة سعيد وفيحاء عبدالهادي.