نظرة على أهم الكتب

الجمعة 2019/02/01

فلسفة ألان باديو

المرتكز الفلسفي لآثار الفرنسي ألان باديو المتنوعة بين المسرح والرواية والمقاربات الجمالية والسياسية والمديح والسجال، حوصلة في كتب ثلاثة كبرى تمثل ما يشبه الحكاية الميتافيزيقية هي “الكينونة والحدث” (1988) و”منطق العوالم” (2006) وأخيرا “تأصّل الحقائق” الذي ظل يشتغل عليه طيلة خمسة عشر عاما. بعد أن درس الحقائق والأفراد من منطلق نظرية الكينونة، وبعد أن أكد أن كونية الحقائق وأبطالها يمكن أن تخضع لقواعد المظهر في عالم مخصوص، يتناول في هذا الجزء الثالث مسألة خطيرة: إلام تستند مقولة إن الحقائق مطلقة، ما يعني أنها ليست فقط ضد أي تأويل تجريبي، بل تملك أيضا ضمانة ضد بنية متسامية؟ ما مصير الحقائق والأفراد الذين يقع تناولهم، بعيدا عن أشكال كينونتهم البنيوية وأشكال مظهرهم التاريخي الوجودي، في مطلقية فعلهم التي لا تراجع عنها، وفي المصير اللانهائي لأثرهم المنتهي؟ وماذا نقصد بمطلقية الحقيقة، ما دامت الآلهة قد ماتت؟ هي محاولة لبناء فكر تام يناسب عصرنا، مستوحى من مواد عقلانية معاصرة، رياضية وشعرية وعاطفية وسياسية، أي من الحياة الحق.

ما بعد الحقيقة ونمط عيشنا

أثار دخول عبارة “ما بعد الحقيقة” قاموس أكسفورد عام 2016 عدة تعاليق صحافية، لا سيما ظاهرة الـ”فيك نيوز″ دون تحليل عميق. بيد أن هذا المفهوم لا يخصّ الروابط بين السياسة والحقيقة وحدها، بل يشوّش التمييز بين الصواب والخطأ، ويسيء إلى قدرتنا على العيش معا في عالم مشترك. في كتاب بعنوان “ضعف الحقيقة”، تفكك الفيلسوفة الفرنسية مريام ريفو دالّون عددا من مظاهر الخلط في العلاقات بين السياسة والحقيقة، لتبيّن أن مشكلة السياسة الأهم ليست مطابقتها للواقع، بل صلتها بتشكيل رأي عام وإصدار أحكام. إن استكشاف “نظام حقيقة” سياسي يوضّح ما به تتميز الأنظمة الديمقراطية، المعرضة بانتظام إلى ذوبان معالم اليقين، وغواية النسبوية، ويحوّل “الحقائق القائمة” إلى وجهات نظر، وأنظمة توتاليتارية، حيث تصنع سلطة الأيديولوجيا عالما خياليا تماما. وبدل أن تثري ما بعد الحقيقة العالم، تفقّر المخيال الاجتماعي، وتشكك في الأحكام والتجارب الحساسة التي يمكن أن نشترك فيها. وفي رأيها أنه من الضروري أن نعي طبيعة هذه الظاهرة إذا كنا نريد توقي آثارها الإيثيقية والسياسية.

المؤثرات الوجدانية والمعايير القيمية

كتاب

في كتابه الجديد “الظرف الفوضوي” يبيّن فريديريك لوردون الباحث في مجال الفلسفة، أن الفوضى في أصلها اليوناني “أنْ أَرْكي” تعني شيئا لا أساس له، فهي مفهوم مركزي لمبحث قيمي عامّ ونقدي. عامّ لكونه ينظر بجدية إلى حديثنا عن “القيمة” بخصوص أشياء مختلفة كالاقتصاد والأخلاق والإستيتيقا وكل أشكال العظمة، ويبحث فيها عن مبدأ مشترك. ونقدي لأنه يقيم الدليل على غياب القيمة عن القيم، ويطرح سؤالا لمعرفة كيف لمجتمع أن يقوم وهو لا يقوم على أي شيء. وفي رأيه فإن ليس لهذين السؤالين سوى جواب واحد: المؤثرات الوجدانية المشتركة. فهي التي تخلق القيمة في سائر القيم. وهي التي تسند القيمة حيث لا يوجد أي تجذر ورسوخ. ويستخلص الكاتب أن ليس للمجتمع في الظرف الفوضوي سوى عواطفه ووجدانه كي يساعد نفسه على أن يتجاهل أنه لا يعيش إلا معلقا في ذاته.

المجتمع السائل

“أطفال المجتمع السائل” هو آخر كتب زيغمونت بومان عالم الاجتماع البولندي، الأستاذ المحاضر بجامعة ليدس الذي توفي السنة الماضية. الكتاب عبارة عن حوار طويل جمعه بالصحافي الإيطالي توماس ليونشيني، يؤكد فيه بومان ظهور ما أسماه “المجتمع السائل” الذي يشهده عصر ما بعد الحداثة، مجتمع تتنازل فيه المجموعة للفردانية، حيث التغيير هو الشيء الوحيد الثابت، والشك هو القناعة الوحيدة. والكاتب يتقمّص هنا دور الناطق باسم أجيال ولدت في “مجتمع سائل” في تغير دائم، ويتناول رهانات العالم المعاصر في عمقها، ويدرس في نوع من المباعدة ديناميات العدوانية، ولا سيما ظاهرة التحرش، والأسئلة التي تطرحها الإنترنت، والتحولات الجنسية، والعاطفية. في هذا الكاتب الذي يلخص فيه تجربته كعالم اجتماع وفيلسوف، يتوجه بومان إلى الجميع بلغة بسيطة تقرّب القارئ من فكره، ويؤكد أنه نصير تعاون بين الأجيال يفرز الحاضر وسوف يفرز المستقبل.

خضوع المرأة الطوعيّ

مانون غارسيا متخصصة في الفلسفة النسوية، تدرّس في جامعة شيكاغو بعد أن درّست في هارفارد لمدة سنتين. “لا تولد المرأة خاضعة، بل تغدو كذلك” هو أول مؤلفاتها، وفيه تسلّط الضوء على سلوك النساء في المجتمعات الغربية، فقد لاحظت أن أكثر النساء استقلالية وتحمّسا لمبادئ الحركات النسوية يحببن أن يصوّب الرجال نحوهن نظرة غازية، ويرغبن بأن يكن أداة متعة بين ذراعي شريكهن، أو يفضلن الأعمال المنزلية، ككي الملابس وطيّها بأناة ودقة، وإعداد مائدة الفطور للعائلة بعناية، على ممارسة أنشطة أخرى أكثر فائدة. وتتساءل هل تتعارض تلك المتع والرغبات مع استقلالهن؟ ألا تعتبر تلك التصرفات خيانة لقرون من الدعوات النسوية التي سبقتهن؟ هل يمكن أن نتوقع تحركا من الرجال للمطالبة بحق المساواة بين الجنسين؟ لقد سلّطت الفضائح الجنسية الأخيرة الضوء على ذلك الخلط، وكشفت عن الوجه الآخر للهيمنة الذكورية، وهو قبول النساء بخضوعهن. وفي رأي الكاتبة أن خضوع المرأة من التابوهات التي لم يولِها المتخصصون حقها من التحليل.

خطورة الأحكام بغير تجربة

“دم على الأفكار” عنوان اختاره عالم النفس والفيلسوف الفرنسي بول ترويّا بعد أن اكتشف الصلة بين الكوارث الإنسانية الكبرى في القرن العشرين (حوالي 160 مليون قتيل) وبين فيلسوفين هما ماركس ونيتشه، ما دفعه إلى المطالبة صراحة بفتح تحقيق قضائي ضد هذين المؤلفين بتهمة التحريض على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. الكاتب يقترح منهجية يرجع عهدها إلى العصور القديمة طوّرها العلم ولم تهتم بها الفلسفة إلا قليلا، وهي المراقبة عن طريق التجربة، ففي رأيه فإن التجربة هي التي تسمح بالفصل بين الصواب والخطأ، بين الأخلاقي وغير الأخلاقي، بين العدل والجريمة، ويذكّر بأن أفكار الأنوار نشأت بفضل المنهج التجريبي، واستطاعت أن تبني العالم المعاصر لأنها كانت عادلة وصائبة ثقافيا وأخلاقيا، ويستلهم من أحد رموزها عنوان كتابه، حيث كتب ديدرو يقول “العالم كرة متروكة لصولجان الفلاسفة. قد يرسلونها إلى الجحيم. لا مجال لذلك بعد اليوم: لا يمكن أن يكون ثمة دم على الأفكار.”

نظرة شاملة لتاريخ الإنسانية عبر الآثار

كتاب

من خلال مقاربة أنثروبولوجية وتاريخية للأركيولوجيا، يقدم كتاب “تاريخ للحضارات” حصيلة للمعرفة الراهنة عن الأصول والتطور المادي للمجتمعات، منذ أقدم العصور إلى الآن، بغرض وضع كل حضارة في إطارها عبر خصوصياتها الاجتماعية والثقافية. في هذا الكتاب الذي أشرف عليه جان بول ديمول أستاذ التاريخ الأوائلي في السوربون، ودومنيك غارسيا أستاذ علم الآثار في جامعة إيكس مرسيليا، وألان شناب أستاذ الأركيولوجيا اليونانية في السوربون، الذي يعد من أهم العارفين بتاريخ الآثار في العالم، هناك تركيز على الثورة الهادئة التي غيّرت معرفتنا بتاريخ البشرية منذ الثمانينات، بفضل المستحدثات التكنولوجية وتطور منهجية علم الآثار، حيث تم اكتشاف جوانب هامة من ذلك التاريخ كانت مجهولة. ولكن رغم تعدد المنشورات العلمية في هذا المجال، ظلت تفتقر إلى نظرة شمولية تقرّبها من غير المتخصصين، وهو ما حرص الكتاب على الاشتغال عليه، فقد تضافرت جهود مجموعة من العلماء لصياغة رؤية شاملة تعرّف بالمغامرة الإنسانية منذ بدء الخليقة، وتغطي مجمل العصور في شتى القارات، لا تستثني حتى المجتمعات التي لم تعرف الكتابة.

تفتّت اليسار الأميركي

بعد كتاب “الإله الذي ولد ميّتا” عن الدين والسياسة والغرب المعاصر، صدر للأميركي لمارك ليلّا أستاذ علم الاجتماع بجامعة كولومبيا كتاب عنوانه “اليسار الهووي”، يفسّر فيه هزيمة هيلاري كلينتون أمام دونالد ترامب بتشظي اليسار إلى عدة تيارات من لاتينيين وأفارقة وخضر ومثليين منعت الحزب الديمقراطي من إيجاد رؤية شاملة عن البلاد بأسرها كان يمكن أن تجمع مواطنين من أصول مختلفة للفوز بالانتخابات، وتلبية مطالب تلك الجماعات الهووية. وفي رأيه فإن اليسار الأميركي ترك الإقناع الديمقراطي لينخرط في الإدانة العلنية المتعالية، والجدل العقيم حول الجندرة والحرية الجنسية والمسائل العرقية، فوقع في فخ نصبه لنفسه ولم يستفد منه غير اليمين، الذي يحسن استغلال الخلافات. يقول الكاتب “بعد صراع الطبقات، وغواية التمرد المسلح، والحلم الرومانسي بالعالم ثالثية، وأمام تحديات العولمة، حان الوقت كي يعيد اليسار اكتشاف فضائل التضامن الجمهوري.”

جنون الفلسفة

في كتابه “الفلسفة جُنّت” يتوقف جان فرنسوا برونشتاين أستاذ الفلسفة المعاصرة بالسوربون عند ثلاث مسائل مثيرة للجدل هي الجندر، وحقوق الحيوان، والموت الرحيم، تحظى باهتمام ثلاث مواد في رحاب الجامعة هي دراسات الجندر، ودراسات الحيوان، والبيو إيثيقا. بيد أننا عندما نقرأ نصوص مؤسسي تلك المواد أمثال جون موني، وجوذيث بتلر، وبيتر سنغر، ودونّا هاراوي وآخرين، نكتشف أن خلف النوايا الطيّبة عواقب عبثية بل وضيعة. يقول الكاتب: إن لم يكن الجندر مرتبطا بالجنس، فلمَ لا نغيره كل صباح؟ وإن كان الجسد في خدمة وعينا، فلمَ لا نغيّره على الدوام؟ وإن لم يكن ثمة فرق بين الحيوانات والبشر، فلمَ لا نجري تجاربنا العلمية على البشر بدل الحيوان؟ ولم لا نقيم علاقات جنسية مع حيواناتنا الأليفة؟ وإن كانت ثمة حيوات جديرة بأن تعاش وأخرى لا، فلمَ لا نتخلص من “المعوقين” بمن فيهم الأطفال “المرضى”؟ ولمَ لا نؤمّم أعضاء الذين هم في عداد الموتى ونعطيها لبشر واعدين؟

محاضرات أمبرتو إيكو

“على أكتاف العمالقة” كتاب للفيلسوف والسيميائي الإيطالي الراحل أمبرتو إيكو (1932-2016) يضم 12 محاضرة ألقاها ما بين عامي 2001 و2015، وكان يفتتح بها المهرجان الثقافي الإيطالي الذي يقام في ميلانيسيا. في هذه المحاضرات، يتناول إيكو ثيماته المفضّلة للحديث عن ثراء الثقافة الغربية، كمصادر الحضارة الغربية، وتطور قواعد الجمال، ومختلف أشكال التعبير الفنية، وتزوير التاريخ، وهوس المؤامرة، جامعا ببراعة، كعادته، بين الفلسفة والأدب وتاريخ الفن والثقافة الشعبية، مضفيا على نصوصه الجادة نوعا من الطرافة حينا والسخرية حينا آخر، مازجا المعرفة بالمتعة. ومن خلالها تبرز رؤية المفكر الإيطالي ضرورية لكافة القراء، كي يقفوا على أكتاف العمالقة الغابرين عسى أن يتمكنوا من فهم العالم المعاصر. والكتاب مزدان بصور تناسب المقام كان السيميائي الإيطالي الشهير قد اختارها بنفسه.

الفن حاكمًا بأمره

كتاب

في كتابه “سلطة الفن”، ينطلق المفكر الألماني ماركوس غبريال من فرضية يسمّيها “نظرية بنائية جمالية” ويعرفها بكونها إيمانا بأن الأعمال الفنية خلقتها قوى غير جمالية ولا فنية، ليعالج السؤال التالي: كيف استطاع الفن أن يغدو على هذا القدر من القوة حتى أننا لا يمكن أن نتخيل واقعا لا يخضع لمعطياته؟ ففي عالم الأشياء المحيطة بنا بات الفن قاعدة وليس استثناء. ورغم ذلك يتساءل كثيرون هل يمكن للفن أن يكون تعبيرا عن شيء أكثر قوة، شيء يعبّر عن نفسه من خلال الفن في شكل مقنّع؟ والكاتب يعارض أن يكون الفن خاضعا لقوة غريبة ومستلِبة تعبّر عن نفسها من خلاله. لأن الفن في رأيه لا يخضع للسيطرة. ولا أحد، حتى الفنان، بقادر على أن يقود تاريخ الفن أو يتحكم فيه ويوجّهه. بل هو الذي يتحكم فينا من خلال السيطرة على خيالنا. ويستخلص أن الفن له من القوة ما يجعله يتحكم في السلطة.

الميديا وزمن الشك

بعد كتابها الأول “لغة الميديا” الذي أثار اهتمام النقاد والإعلاميين، تعود إنغريد ريوكرو المتخصصة في البلاغة والأسلوبية والنحو إلى ثيمة الميديا بكتاب جديد عنوانه “تجار الأخبار”، لتلاحظ أن الفرنسيين، وفق أغلب استطلاعات الرأي، يعبّرون عن ريبتهم من وسائل الإعلام، ويتهمونها بعدة أمراض منها تحريف الأخبار، والتغاضي، والتجاهل، والخيارات التحريرية المشكوك فيها. وتتساءل من أين يأتي هذا الشك؟ هل هو متأت من التكنولوجيات الجديدة وانتشار الإنترنت بشتى أشكاله، حيث صارت المواقع الاجتماعية والمجلات الإلكترونية وحتى المواقع الخاصة تزاحم الميديا، وتسبقها أحيانا أو تصحح مادتها بالصوت والصورة؟ أم أن وسائل الإعلام نفسها تسلك فعلا سلوكا مريبا أو أن لها طرقا غريبة في تقديم الواقع؟ في هذا الكتاب تحاول الباحثة أن تفهم جذور هذا الوضع الملتبس لتساعد القارئ على معرفة مستقبل الميديا، كيف ستتطور المعلومة وسبل نقلها.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.