وحيد في التيه
هل على الشاعر أن يتحول إلى مقاتل -هل كتب عليه هذا ضمن فعل يقف خارج إرادته، كما هي علاقته بالشعر- على الرغم من أنه كان وما زال ثائرا، -وهذا ما أراده له المضطهدون- على قيم السلطات الذكورية، حيث يكون الإلغاء أكثر من سبب لاستلام السلطات والذهاب بها بعيدا حيث البقاء المتفرد!
هل من الممكن أن يشكل الشعر أو الكلمة الطرف الآخر للمعادلة التي كان أو سيكون طرحها الآخر القوة/الشطب، الجواب لن يخرج عن دائرة ال (نعم أو لا) دون تفريط بأيّ من المفردتين، لا يمكن للإنسان الشاعر أن يتخلص من هذه المعادلة الصعبة/السهلة إلا بعملية معقدة تنتمي إلى تدمير العالم/الانتحار، قد تجد زمرة الشعراء نفسها وحيدة وسط التيه، إلا أن قدرة الشعر على تحديد الاتجاهات هي السلاح الوحيد الذي من الممكن أن يواجه فوضى الحياة/الموت، حيث نهاية الإنسان في البر أو البحر، بل إن موت المدنية/الحضارة هي ما يمكن أن يكون هدفا غير متحرك لعسكرتارية العالم (القويّ والضعيف) قد يكون بعض الحل في الخروج من بدائية الإنسان القائد/الممسكة بزمام السلطة من ذكورية الإنسان الأول، رغم تمكن الكثير من الشعوب، ما زالت هي التي تقود القطيع، وحين يتخلص الإنسان القارئ/الذي يمتلك بوصلة المعرفة، من بدائياته، حيث تتمركز في إلغاء الآخر قبل إلغاء نرجسية الأنا، عند هذه النقطة تكون الحروب/حملات الموت، الأوبئة، المجاعات، الاجتياحات، الإلغاءات، تكون كل هذه التفاصيل قد تراجعت، تكون عند خط النهايات -وإن لم تعلن عن انكساراتها، فطبيعة الإنسان أنه كائن يمتلك من العدوانية ما يؤهله لصناعة الخصوم، وفي نفس اللحظة يمتلك من الحميمية ما يحصل منه مصدر للوئام والمحبة، الشعر كائن وإن كان مسالما- (وكما يقال على طول الخط) ولكن بإمكانه أن يتحول إلى مصدر للحروب عبر الاحتفاء بالضحايا وتمجيد القتلة من الزعماء والقادة، وتصوير الخسائر على أنها الانتصارات، هل يمتلك الشعر حالة حيادية، أم أنه منحاز دوما إلى الكائن الإنساني؟ هل بمقدور الشعر أن يرسم طريق الشاعر، أم أن العملية فعل عكسي؟ وعلى الرغم من أن الشعر منتج بدائي هو منتج مدني/حضري، باستطاعته أن يُذهب الشاعر، أن يفتك بالخواء والهزال الذي قد يسود العالم في لحظة ما، أن يعيد بناء العالم، هذا ما يجب أن يحدث في نفس لحظة نهوض الحروب -كرد فعل قائم – أو لحظة قيام الديكتاتوريات، فالآخر/الخصم يعتمد المبادأة والقصدية والتخطيط في ضرب خصومه الوهميين/الذين تفترضهم مخيلته، وبقوة وبعدوانية، لأن الشعر لا يمكن أن يكون عدوانيا، بل سيظل رافعا راية الملاءمة رغم إحساسه بعدم شرعية فعل الإلغاء، فالآخر البدائي لا يعترف بعالم يتحرك بين يدي الشعراء.