سفير الإنسانية
على الشاعر أن يكتب ما لا يحب العالم سماعه.. عليه أن يكتب الكلام الذي لم تقله الضحية لضيق الوقت.. ينشغل الشاعر بالتفاصيل الصغيرة لبشاعتهم. ينشغل بالبوح الأخير بموت الإنسانية.. بالوجدان الذي صار يضحك في الصور.. بالقلق الذي يدور في رأس بان كي مون.
ينشغل الشاعر بعلم الإحصاء فيتحول إلى عرّاف ويحاول ترتيب أسماء الشهداء في القائمة اليومية.. يتعرف على الذين يموتون تحت التعذيب.. الذين بلا أسماء يحملون أرقاما على صدورهم.. الذين يعترفون تحت الكهرباء بأنهم أحبّوا الوطن.. والذين يستريحون في البحر من هموم الوطن.. الشاعر يميز صوته برؤيته للواقع من زاوية أخرى مباغته.. أن يلفت انتباههم إلى عمق وأبعاد الجرح.. أن يضع أصبعه في أكثر الأماكن ألما ونزيفا.. أن يكون بسيطا بلغته وعميقا بفلسفته.. واسعا بأحلامه وواضحا بهدفه.. أن يكون حرّا كالحرية، نقيا كالذين ماتوا لأجلها، بريئا كأطفال الشهداء وعنيدا كرصاصة. على الشاعر أن يكون سفير كل الشعوب للشعوب، عليه أن يكون سفير الإنسانية.