ارتباط وجودي
1
أحمد: لأنَّ الشعر هو معول الحقيقة اليومية التي أعيشها وما النصوص المكتوبة إلّا تعبير عن مشاعري وأفكاري ويومياتي بشكل أساس وذلك الأمر أجده مسهماً في تأثيث قوالب الحياة داخل مكوناتنا كلها. أعمل على العديد من المشاريع في وقت واحد ففي كل مجموعة شعرية أصدرها أحاول أن أهيكل قصائدها الخاصة مصحوبة بأفكار ورؤى تجديدية، لا أحب أن أكون مستنسخاً لأيّ تجربة أخرى لذلك أجد الفرادة في الكتابة هي الحل الوحيد وسط حجيج الكتابة المتواجد الآن. في القصيدة دائماً أحاول إنتاج معمل خاص بي يمثلني لوحدي أعيشه وأكونه وأردم الفجوات الموجودة وأكتب عن الألم غير المتواجد وأفراح غير المعروفة لذا في هذه الركائز أتنقل بحرية المعنى ومكونات الأثر.
2
أحمد: في مملكة العظام رغم أنها عدّت “عبوة ناسفة في الشعر العالمي”، لكني أجدها مرت على الكثير من النقاد أما من قلة التركيز أو عدم مجابهة التطور أو لأنها تفوق عصرها، فماذا يعني أن تكون مجموعة شعرية بورقة واحدة وبها كل المحتويات الاختلافية.
3
أحمد: التصورات الذاتية هي المحيط الأبرز، والمشكلة في هذا الأمر أن عدد القراءات كلَّما توسع ازداد يقيناً بأن التفرد هو المنجز الأهم، فسعدي يوسف أو أدونيس لا يمكن أن يشبه نوري الجراح أو عباس بيضون أو محمد مظلوم فلكل من هذه الذوات واقعها الخاص، وربَّما هذه هي أبرز تفاصيل العمل الكتابي لديَّ. ورقة ميكانيكية للحياة هي ربط الشعر بفلسفة بعد ما بعد الحداثة فالسايبورغ هو المتن الأبرز في هذه المجموعة وهي محاولة أولى لتكوين انسجام المشروع.
4
أحمد: فيها إجحاف كبير، بسبب كثرة الكتاب لا يوجد شاعر بإمكاننا أن نقف عنده، لكن لدينا شعراء، ولا يمكن أن تقول إنَّه لم يترك بصمته، وبهذا الأمر فالمركب الذي نشترك فيه، يكاد يكون ضيقاً وأعداد الشعراء كبير، لكن الناجين في هذه المركب ربَّما بالإمكان أن نقول عنهم هم من مركزوا أسماءً في الكتابة بشكل مختلف. من يمتلك الآن بعض المصاري بإمكانه الطباعة، وهذا الأمر أسهم بكثرة المجموعات الشعرية وقلة الشعراء، ولعلَّ هذا الأمر نجده في منتجات كثيرة في بعض الأحيان تحزن على الشجرة التي قطعت وتحولت إلى أوراق لتطبع العديد من الرداءات ذات المصاري واسعة الدخل، هنا اشكال شرطي من شأنه أن يكون ذا ارتهان لحظوي، في الغربال النقدي يتم قشط هذه السطوح الكتابية، ولا يمكن أن تطفو بل ستكون راكزة رأسها في الرمال والمياه الضحلة أو الآسنة، إنَّ الشعر في محيط كوزموبولتانيته محاولة لإعادة الموجود وفق الارتباط الكلّي للوجود، وهذا يعني أن سلسلة من المفاهيم من شأنها أن تعيد تكوين هذه الذوات بما يكلف الأمر فعل الدزاين المعتم.
5
أحمد: الصمت إنَّه أجرأ خيار بالإمكان اتخاذه في هذا الوقت، لأنَّ فيه من الأصالة والارتباك والاشتباك ما لا يفوق الحرف، ولكن السؤال الأهم إلى متى يبقى الشاعر صامتاً وخصوصاً في وقت يجب قول كلمة الشعر إزاء الدكتاتوريات المجحفة وأمام ما هو متغير ومتقلب في سياسات المنطقة، فلا أجد الصمت داخل هذه المعمورة جائزاً. وعلى الشاعر أن يكون قريباً إلى واقع الكتابة، ليس بتدني الأفكار أو الكتابة، ولكن في اعتياش جملة من المتغيرات الإنتاجية، وهذا المفهوم فيه أيضاً بعض اللبس، إذ كيف يمكن أن نعالج هذه الاضطرابات البيولوجية، الأهم في كل هذه المتغيرات المتعادلة مع جملة من الأفكار هو كيف يمكن ردم الهوة بين الشاعر وتجربته الشعرية وبين القارئ، فكثيراً من الكتاب اليوم لا يستسيغون القراءة لبعضهم، أو النظرة بفاعلية التكبر والارتجال اللامنطقي، الأهم في هذا الانحياز الكلّي للكتابة، هو الاطلاع على كل التجارب مهما كانت في سبيل وضعها في غربال المعرفة وهو الأصل الزّماني الّذي لعصر ما بعد الارتباط الوجودي.