"الأرض اليباب" ت. إس. إليوت: ترجمة جديدة

الأربعاء 2021/03/03

لماذا هذه الترجمة؟

لماذا هذه الترجمة لقصيدة " الأرض اليباب"؟ سؤال لا بد أن يخطر في ذهن أي قارىء حين يقرأ ترجمة جديدة لعمل ما. وقبل القارىء، هو سؤال يقلق المترجم نفسه، وقد يدفعه لترك المحاولة برمتها، ويريح رأسه ورأس القارئ أيضاً، الذي قد لا يكلف نفسه قراءة عمل مترجم سابقاً، تعرف عليه وألفه مهما كان مستوى الترجمة التي اطلع عليها. ويزداد الأمر تعقيداً، إذا كان العمل قد ترجم عدة مرات من قبل، وليس مرة واحدة، على أيدي كتاب ونقاد وشعراء معروفين، قد تكفي اسماؤهم لتزكي عند القارئ ما يفعلون وما ينتجون.

لقد قال بول ريكور مرة أن الأعمال العظيمة قد شكلت على مر العصور موضوع ترجمات عديدة.

وعبر التاريخ الأدبي، نجد أمثلة كثيرة على ذلك. فقد ترجمت " الأوديسة" لهوميروس، التي كتبت حوالى 700 سنة قبل الميلاد، عشرات المرات إلى اللغة الانجليزية منذ أن ترجمها جورج شابمان، معاصر شكسبير، سنة 1615؛ منها 27 ترجمة صدرت منذ 2000 لحد الآن بأشكال مختلفة، نثراً وشعراَ، وضمنها ترجمة إيميلي ويلسون عام 2017، وهي أول امرأة تترجم الملحمة، وترجمة بيتر غرين عام 2018. وينطبق الأمر أيضاً على الإلياذة،التي ترجمها توماس هوبز عام 1676، وإنيادة فيرجيل، وكذلك ملحمة كلكامش، التي ترجمها جورج سميث عام 1870، وتوالت الترجمات لها. وفي بداية هذا القرن، 2001، ترجمها بنجامين فوستر، المختص بالبابليات في جامعة ييل الإميركية، ثم صدرت ترجمة جديدة لها عام 2007 ، أنجزها أندرو جورج، وصدرت عن مطبعة جامعة اوكسفورد، بعد العثور على ألواح جديدة لها في سوريا تتضمن أبياتها الافتتاحية، تم تهريبها من العراق بعد 2003. ونحن نذكر الملاحم هنا دون غيرها، لأننا نعتبر، مثل كثيرين، عرباً وأجانب، " الأرض اليباب" ملحمة القرن العشرين فعلاً، وربما تكون الملحمة الوحيدة في ذلك القرن الشقي، بالإضافة إلى الأعمال الادبية التي ترجمت أكثر من مرة إلى هذه اللغة او تلك والتي لا يمكن حصرها.

ولكن، مع ذلك، ليس هذا هو الدافع الأساسي لهذه الترجمة الجديدة لـ" الأرض اليباب". لقد قرأنا في أوقات مختلفة منذ الستينات عدة ترجمات عربية لهذه القصيدة، ووجدنا للأسف أنها تحتوي على أخطاء كثيرة في فهم النص الأصلي وفي مواضع مهمة إلى الدرجة التي تعكس المعنى إلى نقيضه، كما سنبين في الدارسة المرفقة.

وهذا الكلام ليس المقصود منه التقليل من شأن هذه الترجمات، ولا من الجهد الكبير الذي بذله المترجمون الذين نناقش ترجماتهم هنا، وهم يوسف الخال وأدونيس1 ولويس عوض2 ود.عبد الواحد لؤلؤة3 ، ويوسف اليوسف4 ود.ماهر شفيق فريد5 وتوفيق صايغ. 6 لقد قدم هؤلاء جميعاً خدمة كبيرة للثقافة العربية، وللشعر تحديداً، حين ترجموا منذ وقت مبكر " الأرض اليباب"- كما نترجمها بهذا العنوان للأسباب التي سنذكرها لاحقا، والتي ترجمها الجميع، ما عدا د. عبد الواحد لؤلؤة ويوسف اليوسف ،

بـ" الأرض الخراب"- مساهمين بذلك في إغناء تجربة الشعر الحديث، التي شكلت هذه القصيدة بشكل خاص، عنصرا ً أساسياً في تشكله وتطوره اللاحقين، كما حصل مع التجارب الشعرية الجديدة في أجزاء كثيرة من العالم.

وقد فعلوا ذلك في وقت لم تتوفر دراسات نقدية كافية عن هذه القصيدة وعالم إليوت الشعري عموماً، أو لم يتح لهم الاطلاع عليها، كما في وقتنا الحالي- يوسف اليوسف مثلا استند إلى كتاب مدرسي بسيط هو" مرشد الطالب إلى قصائد مختارة من إليوت"-.

ومن هنا، يمكن تفهم الصعوبات التي صادفها المترجمون المذكورون وغيرهم في ترجمة هذه القصيدة المركبة التي هي عبارة عن قطع يبدو أن لا علاقة ظاهرية بينها، ولا نمواً عضوياً ينتظمها، لكن يوحدها، في النهاية، الموضوع العام الذي توحي به عبر استخدام ما أسماه إليوت نفسه بـ«المعادل الموضوعي»، ويعني به أنه لا ينبغي على الشاعر الحديث، بعكس الشاعر الكلاسيكي والرومانتيكي، التعبير عن عواطفه بشكل مباشر، بل عبر إيجاد مجموعة من الأشياء، ووضع سلسلة من الأحداث التي ينبغي أن تكوّن الصيغة الفنية لهذه العواطف. ولذلك لا بد من فهم القصيدة ككل فهماً دقيقاً، خاصة أنها تستند في بنيتها إلى مصادر انثروبولوجية وفلسفية وثقافية وشعرية من التراث الإنساني كله في كل سطر منها تقريباً، وتتناص مع الأساطير القديمة، اليونانية والرومانية والشرقية، مع إدخالها في النص مفردات من لغات أخرى، كالإغريقية واللاتينية والإيطالية والألمانية والفرنسية. ولهذا السبب أرفقنا بهذا الكتاب ترجمة لمعظم الفصل المتعلق بالقصيدة من كتاب" قصائد تي.أس. إليوت" لكريستوفر ريكس وجيم ماكيو. 7 وهو سفر ضخم صدر بمجلدين عام 2015 في أكثر من 2000 صفحة، ونفد من الأسواق خلال أقل من شهر مما يدل على أن قارئ القرن الواحد والعشرين، ابن التحولات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية الهائلة، ما يزال متلهفاً لمعرفة المزيد عن عالم إليوت الشعري، وقصيدة" الأرض اليباب" بالذات، بالرغم من مرور ما يقرب من قرن على صدورها، ومئات الدراسات التي صدرت خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة. ومن الملاحظ، حسب بيانات دور النشر البريطانية، أن الإقبال على قراءة هذه القصيدة قد ازداد بعد الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، إلى جانب رواية" 1984" لجورج آرويل، وكأن الظروف التي يمر بها البلد الآن هي تقريبا الظروف نفسها التي مر بها في بداية القرن العشرين، وقت نشر القصيدة عام 1922: القلق، وعدم الشعور باليقين تجاه أي شيء، والمستقبل الغامض، وأخيراً صعود التيار الشعبوي، الذي لا يمكن أن ينتج سوى العنصرية والفاشية، كما تعلمنا تجربة الحرب العالمية الثانية.

 في كتابهما الجديد عن إليوت، وهو كتاب عمر فعلاً، لم يبق المحرران ريكس وماكيو سطراً من القصيدة، إلا وأحالاه إلى مصادره الأسطورية والدينية ، والشعرية والنثرية، في كل التراث الإنساني وليس الغربي فقط، حتى لتتصور أن إليوت لم يفعل شيئاً من عنده سوى تجميع هذه المصادر مع بعضها البعض، على طريقة القطع واللصق الحديثة. وهو في حقيقة الأمر لم يفعل سوى ذلك، ولكن بطريقة خلاقة أصبح فيها النص نصه، نص إليوتي بامتياز. هو لا ينكر ذلك، فلطالما ردد بأن الشاعر الجيد هو من يعرف كيف يسرق، أما الشاعر الرديء فهو الذي يقلد. والسرقة التي يعنيها إليوت هنا هي استيعاب التراث الإنساني وهضمه فكرياً وروحياً إلى الدرجة التي يصبح فيها تراثك الخاص، وهنا عظمة الموهبة الفردية، سواء عند إليوت أو غيره من الشعراء. والتراث عند إليوت يعني أوروبا، الحضارة القديمة التي وصلت إلى أجزاء من أمريكا، حيث تحدر إليوت، وطقوس العيش التي كان يتوق إليها كما ظهرت في التراث الكاثوليكي القروسطي، مع أن جذورها موجودة في روما القديمة واليونان الكلاسيكية. وهو عكس إزرا باوند، ودي.أتش. لورنس،و إي. أم. فورستر، لا يشعر بالحنين إلى الطقوس الوثنية، فهو يعتبر الإغريق والرومان هم أساساً منبع الميثولوجيا، ومصدر الأدب الإنجليزي والآداب الاوروبية الأخرى".8

 من هنا يتبين لنا أن أية ترجمة لهذه القصيدة إلى أية لغة أخرى لهي مهمة شاقة حقاً، وتحد كبير بحد ذاته، لكن هذا لا يبرر، في الترجمات الني نناقشها هنا، اقتراف أخطاء عكست، وحرفت المعنى في مواضع كثيرة أشرنا إليها، وكان من الممكن تجنبها.

لقد تتبعنا ما نراه أخطاء، أو تفسيرات خاطئة، وثبتنا النص الأصلي وما يقابله من الترجمات الست، ومواطن الخلل فيها، ليأخذ القارئ فكرة كاملة عن طبيعة عملنا ودوافعه، وهو فهم القصيدة بصورة أفضل وأقرب للنص الأصلي ومعناه، كما قدمنا مقارنة لكل ترجمة مع الترجمات الأخرى، مشيرين للخلل فيها، مثبتين ما نراه دقيقاً، أو أقرب للدقة مع تقديم التفسيرات والشروحات، إضافة للنص الأصلي، التي تدعم ما ندعي أنه خطأ أو صواب. وثبتنا أيضاَ هوامش إليوت على القصيدة، بالرغم من أنه أبدى أسفه لاحقأ على ذلك، مفضلاً أن تقدم القصيدة نفسها، أو يتولى النقاد المهمة. ويبدو أنه فعل ذلك بناء على طلب ناشريه الاميركيين، اللذين أبلغاه بأن القصيدة المكونة من 434 بيتاَ لا يمكن أن تشكل كتاباً. وأتبعنا ذلك بهوامشنا الخاصة عن مواضع وشخصيات وأحداث وجدناها ضرورية لفهم النص.

وكان إليوت قد نشر القصيدة في مجلة" دايل"في نوفمبر/ تشرين الثاني/ من عام 1922 بلا هوامش. ولكن في العام نفسه نشرتها " بوني وليفررايت" بألف نسخة مرفقة بهوامشه. والمسألة الأخرى التي لا تقل أهمية، إن لم تكن الأهم، هي مدى شعرية الترجمات التي قرأناها، ومدى شعرية الترجمة الجديدة. الحكم بهذا الأمر نتركه للقارىء بالطبع. وعموماً، نرجو أن توفر هذه الترجمة فهماً أفضل للقصيدة، "فكلما عرفنا إليوت أكثر كلما كان ذلك أفضل"، كما قال إزرا باوند مرة.

وأخيراً ارتأينا، أخذاً بنصيحة إليوت، أن تقدم القصيدة نفسها، وأن يقرأها القارىء العربي اولاً  ككل، ويكتشف عوالمها الخاصة بنفسه. ومع ذلك، ألحقنا بها تلخيصاً عاماَ لمضامين أجزائها الخمسة قد تساعد على كشف شيء من غموضها، وبالتالي فهمها وتذوقها أكثر، بالإضافة إلى فصل مترجم، كما أسلفنا، عن تناص قصيدة إليوت مع النص التراثي الإنساني، شعراً ونثراً وفلسفة، ليتعرف القارئ العربي على مصادر القصيدة الأساسية، وأرفقنا ذلك بهوامش وإيضاحات عما نعتقده مجهولاَ عند القارئ، وكذلك التعريف بالشخصيات التاريخية والثقافية المشار إليها في النص.

هوامش

  1. أدونيس ويوسف الخال، الأرض الخراب،( بيروت: دار مجلة شعر، ترجمات من الشعر المعاصر-1، 1958).
  2. لويس عوض، الأرض الخراب وقصائد أخرى، ( القاهرة: وزارة الثقافة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، طبعة ثانية، 2001).
  3. د.عبد الواحد لؤلؤة، ت.س. إليوت الشاعر والقصيدة، الطبعة الثالثة( بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1995).
  4. يوسف اليوسف، ت.س.إليوت، الطبعة الأولى( عمان: دار منارات، عمان،1986).
  5. ماهر شفيق فريد، قصائد ت.س.إليوت، الطبعة الأولى(القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2013).
  6. توفيق صايغ الأرض الخراب مع التفسيرات النقدية الجديدة"، محمد مظلوم(تحقيق ودراسة) ( بغداد-بيروت: دار الجمل، الطبعة الأولى، 2017).

(نعتقد أن صايغ لم يكن متحمساً لنشر ترجمته للقصيدة، وإلا فعل ذلك، كما حصل مع" الرباعيات الأربع"، ربما لأنه لم يكن مقتنعاً تماماً بها، أو قد أرجأ نشرها لحين إكمال بعض النواقص، ولكن داهمه الموت. وعلى أية حال، أحسنت دار" الجمل" صنعاً بنشرها فهي أرث مهم للشاعر. وقد بذل الشاعر والناقد محمد مظلوم جهداً واضحاً في كتابة تقديم لها، والتعليق عليها، وسد النواقص في الترجمة.)

The Poems of T.S.Eliot، volume 1، ed.،by Christopher Ricks and Jim 7 McCue(London:Faber&Faber 1th ed.،2015).

Stephen Spender، Eliot (Glasgo:William Collins Sons&Co Ltd،1975) p.18.8

 

الأرض اليباب

ترجمة فاضل السلطاني

----

بأم عينيّ هاتين رأيت سيبل في كيوماي

معلقة في قفص1

وعندما كان الأطفال يسألونها:" سيبل، ماذا تريدين؟"

كانت تجيب:" أريد أن أموت".

 

إلى إزرا باوند

الصانع الأمهر

 

1-دفن الموتى1

نيسان أقسى الشهور

يستولد الليلك من الأرض الموات،

مازجا الرغبة والذكرى ،

محركاً الجذور الخاملة

بمطر الربيع.

الشتاء أدفأنا، وهو يغطي الأرض

بثلج نسّاء، مغذياً حياة قصيرة بدرنات يابسة.

الصيف فاجأنا، وهو يهبط فوق " شتارنبيرغرسي،2

بوابلٍ من المطر؛ توقفنا تحت أعمدة

ثم مضينا مع ضوء الشمس إلى " هوفغاردن،3                            10

شربنا قهوة، وتحدثنا لساعة.

أنا لست بروسية، بل من ليتوانيا، ألمانية أصيلة.

وعندما كنا صغاراً، نقيم في منزل الأرشيدوق،4

 أخذني ابن عمي على زلاجة.

خفت كثيراً، فقال: ميري..ميري5

 شدّي بقوة... وانحدرنا.

 تشعر أنك حر في الجبال.

أنا أقرأ معظم الليل، وأذهب إلى الجنوب في الشتاء.

 

ما هذه الجذورّ المتشبثة بالأرض، وأية أغصان تنمو

من هذه النفايات الحجرية؟ يا ابن آدم                         20  

أنت لا تملك أن تقول أو تخمن شيئاَ، أنت لا تعرف

غير كومة من الصور المهشمة، حيث تسفعك الشمس،

والشجرة الميتة لا تمنح ظلا، ولا الجندب راحة،

ولا الصخرةُ الجافة صوت ماء.

ليس سوى الظل تحت هذه الصخرة الحمراء

( تعال تحت ظل هذه الصخرة الحمراء)

لأريك شيئاً مختلفاً عن ظلك المسرع

خلفك في الصباح،

أو ظلك الذي ينهض في المساء ليلاقيك.

سأريك الخوفَ في حفنةٍ من تراب.6                         30

عليلةٌ تهب الريح

باتجاه الوطن

يا طفلتي الايرلندية

أين تهيمين الآن؟7

" العام الماضي، أهديتني زنابق للمرة الأولى

" فسموني فتاة الزنبق"، 8

- لكن حين عدنا متأخرين من حديقة الزنبق

وذراعاكَ ممتلئتان، وشعركَ مبتلّ.. لم أستطع الكلام،

 وخانتني عيناي، لم أكن

حيةً أو ميتةً، لم أعرف شيئاً                             40

وأنا أحدّق في قلب الضياء، والصمت.كن  

مقفر وخال هو البحر.

 

مدام سوسوتريس، العرافة الشهيرة،9

 أصيبت ببرد شديد، لكنها

اشتهرت أنها أحكم امرأة في اوروبا،

وهي تملك أوراق لعب بارعة. قالت:

هنا ورقتك، هنا البحّار الفينيقي الغريق،

(تلكما لؤلؤتان كانتا عينيه. انظر!)،10

هنا بيلادونا، سيدة الصخور،11

سيدة المواقف.12                                       50

هنا الرجل ذو العصي الثلاث، هنا العجلة،13

هنا التاجر الأعور، فارغة هذه الورقة، 14

شيء يحمله فوق ظهره،

 ممنوع علي أن أراه. لا أرى

 الرجل المعلّق. احذر من الموتِ بالماء.15

إني أرى جموعاً من البشر، يدورون في حلقة.

شكراً. إذا رأيت العزيزة السيدة إكويتون،

 أخبرها إني ساًجلب خريطة البروج بنفسي:

على المرء أن يكون حذراً كثيراً هذه الأيام.

 

مدينة وهمية                                         60  

تحت الضباب الأسمر لفجر شتائي،

تدفق جمع غفير على جسر لندن، غفير جداً،

ما كنت أحسب أن الموت حصد كل هذا العدد،

كانوا ينفثون حسرات، قصيرة متقطعة،

الكلّ مسمّرعينيه على قدميه.

تدفقوا على التل ثم انحدروا إلى شارع "الملك وليم"،16

حيث " سنت ميري وولنوث" أوقفت الساعات17

بصوت مكتوم عند الدقة التاسعة الأخيرة.

هناك رأيت شخصاً أعرفه، فأوقفته صائحا: " ستتسون"

 أنت يا من كنت معي في السفينة في" مايلي"! 18                      70

"تلك الجثة التي زرعتها في حديقتك العام الماضي..

" ألم تتبرعم بعد؟ هل ستزهر هذا العام؟

" أم الصقيع المفاجئ أقلق مضجعها؟

" أوه، دع الكلب بعيداً من هنا، فهو صديق البشر،18

" وإلا سينبشها بأظافره مرة أخرى

" أنت أيها القارىء المنافق!- يا شبيهي- يا أخي!

 

1لعبة شطرنج 2

----

الكرسي الذي جلست عليه ، مثل عرش مصقول،2

توهج فوق الرخام، حيث المرآة،

تسندها قوائم مزخرفة بكروم مزهرة

 يختلس النظر منها كيوبيد ذهبي                          80

 وآخر أخفى عينيه خلف جناحه)،)

 فضاعف لهب شمعدان ذي فروع سبعة،

عاكساَ الضوء على المائدة،

تصاعد ألق جواهرها ليلاقيه

متدفقاً من علب حريرية مرمية بغزارة.

وفي قوارير مفتوحة من عاج وزجاج ملوّن،

 سكنت عطورها الاصطناعية الغريبة،

مراهم، مساحيق أو سوائل، مضطربة، قلقة،

ثم أغرقت الحواس بروائح حركها الهواء

المتجدد من النافذة... تصاعدت                            90

 وهي تغذي لهيب الشمعة المتطاول،

النافث دخانه على المقرنصات،

محركاً الزخارف في تجاويف السقف.

أخشاب بحرية كبيرة مطعمة بالنحاس،

تتوهج، خضراء برتقاليّة

مؤطرة بالحجر الملون،

 يسبح في ضوئها الحزين دلفين منحوت.

فوق رف الموقد العتيق،

كأن نافذة تطل على مشهد الغاب،

 انعكس تحوّل فيلوميل، التي اغتصبها الملك البربري             100

بوحشية رهيبة، لكن ظل العندليب

يملأ كل الصحراء بصوت حرام،

ظل يصرخ، وما يزال يطارد العالم ،

 " جغ جغ" في آذان قذرة. 3   

وهناك بقايا الزمن الذابلة

مروية على الجدران؛ أشكال محدقة، انحنت، تنحني، مطوقة الغرفة بالسكون.

أقدام تتثاقل فوق السلم،

وتحت ضوء النار، تحت الفرشاة، انتثر شعرها

في أطراف نارية

 متوهجاً في كلمات، ثم سكن متوحشا.                      110

 

"أعصابي متعبة هذه الليلة. نعم، متعبة. إبق معي

كلمني. لماذا لا تتكلم أبداً. تكلم.

 بماذا تفكر؟ أية أفكار؟ ماذا؟

لا أعرف بماذا تفكر. فكر".

 

أفكر أننا في ممر جرذان

حيث الرجال الموتى فقدوا عظامهم.

 

"ما هذا الصوت؟

         إنها الريح تحت الباب.

" وهذا الصوت الآن؟ ما الذي تفعله الريح؟"

لا شيء مرة أخرى ، لا شيء.                         120

"ألا                           

تعرف شيئاً؟ لا ترى شيئاً؟

لا تذكر شيئا؟

 

أذكر

تلكما اللؤلؤتين اللتين كانتا عينيه.4

" حي أنت أم ميت؟ لا شيء في رأسك؟

لكن

اوه اوه اوه اوه! يا لذاك " الراغ" الشكسبيهيري5

إنه رائع جداً

بارع جداً                                    130

" ماذا سأفعل الآن؟ ماذا سأفعل؟                       

سأنطلق كما أنا، أمشي في الشارع

وشعري منسدل، هكذا. ماذا سنفعل غداً؟

ما الذي سنفعله دائماً؟

الماء الساخن عند العاشرة

وإذا أمطرت، فسيارة مسقفة في الرابعة

وسنلعب الشطرنج،

مطبقين أعيناً بلا أجفان، منتظرين طرقاً على الباب.

 

عندما سرّحوا زوج "ليل"، قلت لها-

لم أتصنع كلماتي، قلت لها بنفسي ،                      140

أسرعوا رجاء انتهى الوقت.

 

الآن ، وقد عاد ألبرت، تجملي قليلاً.

سيريد أن يعرف ماذا فعلت بالمال الذي أعطاك

لتركبي لك أسناناً.أعطاك. كنت موجودة.

اخلعي كل أسنانك يا ليل، وركبي لك طقماً جديداً،

أقسم، قال لك،: لا أحتمل النظر إليك.

قلت لها: ولا أنا أحتمل. فكري بألبرت المسكين.

قضى أربع سنوات في الجيش، ويريد أن يقضي وقتاً طيباً.

قلت لها: وإذا لم تمنحيه ذلك، فهناك أخريات سيفعلن.

قالت: اوه! هناك أخريات؟ قلت: شيء من هذا القبيل                        150

قالت، وهي تحدق في وجهي: إذن، سأعرف من أشكر.

أسرعوا رجاء انتهى الوقت

 

قلت: إذا لم يعجبك كلامي ، فابقي على حالك.

غيرك يقدر أن ينتقي ويختار إذا كنت لا تقدرين.

ولكن إذا هرب منك البرت، فلا تقولي لم ينبهك أحد.

ينبغي أن تخجلي من نفسك، أنت تبدين من طراز عتيق

( إنها في الواحدة والثلاثين فقط)

قالت، وهي تمط وجهاً طويلاً،: ليست في يدي حيلة

إنها الحبوب التي أتناولها لأجهضه

( عندها خمسة أطفال، وكادت تموت عند ولادة الطفل جورج)                  160

قال الصيدلي كل شيء سيكون على ما يرام، ولكني لم أعد كما كنت.

قلت لها: إنك حمقاء تماماً.

حسناً، إذا لم يتركك ألبرت لحالك، فسترين!

لماذا تتزوجن إذا كنتنّ لا تردن أطفالاً؟

أسرعوا رجاء انتهى الوقت

حسناً، ذلك الأحد كان ألبرت في البيت، طبخوا فخذ خنزير مقدد،

ودعوني للعشاء، لأستمتع بمذاقه وهو حار-

أسرعوا رجاء انتهى الوقت

أسرعوا رجاء انتهى الوقت

ليلة سعيدة "بل". ليلة سعيدة "لو". ليلة سعيدة "مي". ليلة سعيدة.                 170

شكراً شكراَ. ليلة سعيدة، ليلة سعيدة.

 ليلة سعيدة، سيداتي، ليلة سعيدة، سيداتي اللطيفات. ليلة سعيدة، ليلة سعيدة.7

 

موعظة النار1 3

----

خيمة النهرتتهاوى؛ تتشبّث بها أطراف الورقة الأخيرة

وهي تغوص في الضفة الرطبة. الريح

تعبر الأرض السمراء، لا يسمعها أحد. الحوريات غادرن.

أيها التيمز الجميل إجر بهدوء، حتى أنهي أغنيتي.2

لا قناني فارغة في النهر، لا أوراق شطائر،

لا مناديل حريرية، لاعلب كرتون، لا أعقاب سكائر،

لا شاهدَ آخر على ليالي الصيف.الحوريات غادرن،

أصدقاؤهن المتسكعون، ورثة أرباب " المدينة"،              180

غادروا ولم يتركوا عناوين.

عند مياه ليمان، جلست وبكيت...3

أيها التيمز الجميل، إجر بهدوء حتى أنهي أغنيتي،

أيها التيمز الجميل، إجر بهدوء، فصوتي ليس عالياً، وحديثي ليس طويلا

لكني أسمع خلفي، في عصفة باردة،

قرقعة العظام، وضحكة مكتومة تنتشر من أذن لأذن.

جرذيّ انسلّ بهدوء بين النباتات

ساحباً بطنه الموحلة على الضفة

بينما كنت أصطاد في القناة الراكدة

ذات مساء شتائي خلف مصنع الغاز                           190

متأملاً في حطام أخي الملك4

وقبله موت أبي الملك.

أجساد بيضاء عارية على الأرض الخفيضة الرطبة،

عظام مرمية في عليّة صغيرة واطئة جافة

تقرقع تحت قدم الجرذيّ ، عاماً فعاما.

لكني أسمع خلفي بين حين وحين5

أصوات الأبواق والعربات تقلّ السيدة سويني6

إلى السيدة بورتر في الربيع.

أوه، أشرق القمر بهياً على السيدة بورتر

وعلى ابنتها،                                      200

وهما يغسلان أقدامهما بماء الصودا.

أوه، يا لأصوات أولئك الأطفال، وهم ينشدون تحت القبة!7

زق زق زق

جغ جغ جغ جغ جغ جغ

أغتصبت بوحشية.

تيريو8

 

مدينة وهمية

تحت الضباب الأسمر لظهيرة شتوية

السيد يوجينيدس، التاجر الأزميري،9

 بوجهه غير الحليق، وكيسه الملئ بالزبيب                    210

وبمستندات: سي. آي. اف: لندن،10

 دعاني بفرنسية ركيكة

لتناول الغداء في فندق" كانون ستريت"،11

وقضاء عطلة الأسبوع في الميتروبول.12

 

عند الساعة الأرجوانية ، عندما ترتفع العيون والظهورعن المكاتب،

عندما تنتظر الماكنة البشرية كسيارة أجرة تخفق في انتظار

أنا تيريسياس ، ولو أني أعمى ، مترنحاً بين حياتين،

ورجل عجوز بثديين أنثويين متغضنين،

أسطيع أن أرى عند الساعة البنفسجية،

ساعة المساء تحث الخطى نحو البيت                    220

وتعود بالبحّار إلى أهله من البحر،

عاملة الطباعة وقت الشاي، ترفع طعام الإفطار من المائدة،

تشعل موقدها، تضع طعامها في علب،

تنشر من النافذة ، حتى تكاد تسقط،،

ملابسها الداخلية التي تجف لتلمسها أشعة الشمس الأخيرة

على الأريكة، (سريرها في الليل)

تتراكم جوارب، أخفاف، شلحات، مشدات.

أنا تيريسياس، رجل عجوز بثديين متغضنين،

رأيت المشهد، وتنبأت بالبقية-

أنا أيضاً انتظرت الضيف المنتظر.                      230

الشاب ذو البثور يطل بتحديقة جريئة.

هو موظف في مكتب عقارات صغير،

واحد من أولئك الوضعاء الذين تعلوهم الثقة

كقبعة حريرية على رأس مليونير من "برادفورد".13

يفكر أن الوقت ملائم الآن،

فالوجبة انتهت، وهي ضجرة ومتعبة.

يحاول أن يشركها في مداعبات

لا تستنكرها، وإن كانت غير مرغوبة.

وإذ أهتاج، حسم أمره.. وهاجمها فوراً،

لم تلق يداه المكتشفتان أية ممانعة،                   240

ولم ينتظر غروره أية استجابة،

بل سرّ بلامبالاتها.

( أنا تيريسياس عانيت من قبل

كل ما حدث على الأريكة نفسها أو السرير؛

أنا من جلست تحت جدار طيبة،

ومشيت بين أوضع الأموات.)

يمنحها متفضلاً قبلة أخيرة،

ثم يتلمس طريقه، على السلالم المعتمة.

 

تستدير وتنظر للحظة في المرآة،

لا تكاد تدرك أن حبيبها قد مضى                   250

ذهنها لا يستوعب إلا نصف فكرة مكتملة

" حسناً، جرى ما جرى: وأنا سعيدة أنه انتهى."

عندما تذعن امرأة جميلة للحماقة،

تذرع، وحيدة، غرفتها ثانية،

تملّس شعرها بيد آلية

وتضع إسطوانة على الفونوغراف.

" هذه الموسيقى انسلت من جانبي على المياه"

على "ستراند"، صعوداً إلى شارع فيكتوريا.14

أوه يا مدينة يا مدينة

أسمع أحياناً جنب حانة في لاور تيمز 15            260

أنين الماندولين الصافي،

 وصخباً وثرثرة من داخل الحانة ،

حيث ينفق عمال سوق السمك وقت الظهيرة، حيث جدران

 " ماغنوس الشهيد "16 ما يزال يطل منها

 جلال أيوني لا يوصف، أبيض وذهبي.

              النهر ينضح

               زيتاً وقارا

             المراكب تنساق

             مع المد الدوار

             أشرعة حمراء                         270

              واسعة                           

            باتجاه الريح، تتأرجح على الصارية الثقيلة

               المراكب تجرف

                الأخشاب الطافية

               تنساب باتجاه" غرينيغ"، 18

              إلى أبعد من" آيل أوف دوغز"19.

                                     وييلالا ليا

                                      ولالا لييلالا20

 

إليزابيث وليستر21

يجذفان بقوة                                  280

استحالت مؤخرة المركب

محارة مذهبة

الأمواج الرشيقة،

حمراء ذهبية،

تترقرق فوق الضفتين

الريح الجنوبية الغربية

حملت مع التيار

جلجلة الأجراس

أبراج بيضاء

                                     وييلالا ليا                290

                                      ولالا لييلالا

 

ترامواي وأشجار مغبرة.

"هايبري" ولدتني، "ريتشموند" و"كيوغاردن" أغوتاني.22

قرب ريتشموند رفعت ركبتيّ

وأنا مستلقية على سطح قارب ضيق.

 

"قدماي في "مورغيت" وقلبي23

تحت قدميّ. بعد الحادثة

 بكى، ووعدني بـ " بداية جديدة".

 لم أقل شيئاً. لماذا عليّ أن أستاء؟

 

على رمال مورغيت                           300

لا أسطيع أن أربط

شيئاً بشيء.

الأظافر المكسورة لأياد قذرة.

قومي، قوم متواضعون لا ينتظرون

 شيئا

                  لا لا 24

وأتيت إلى قرطاجنة

محترقاً محترقاً محترقاً محترقاً

ياربّ أنت من ينتشلني

ياربّ أنت من ينتشل...                        310

 

محترقا

 

الموت بالماء 4

 

فليباس الفينيقي، ميت منذ إسبوعين،

نسى صيحة النوارس، وموج البحر العميق،

والربح والخسارة.

تيار تحت البحر

التقط عظامه بهمسة. وحين ارتفع وسقط،

مر بمراحل شيخوخته وشبابه،

وهو يدخل في الدوامة.

أنت، يهودياً كنت أم غير يهودي،

يا من تدير الدفة ناظراَ صوب الريح،                    320

اعتبر بفليباس، فقد كان وسيماً وفارعاً مثلك.

 

ماذا قال الرعد15

 

بعد ضوء المشعل أحمر على الوجوه المتعرقة

بعد الصمت الجليدي في الحدائق

بعد الاحتضار في أماكن صخرية

الصراخ والعويل

السجن والقصر وصدى

 رعد الربيع على جبال بعيدة

من كان حياً هو ميت الآن

ونحن الذين كنا أحياء نموت الآن

بصبر قليل.                             330

 

لا ماء هنا...لا شئ سوى الصخر

صخر ولا ماء والطريق الرمليّ

الطريق الذي يتلوى عاليا بين الجبال،

جبال من صخر ولا ماء

لوكان ثمة ماء لتوقفنا وشربنا

بين الصخور لا أحد يسطيع توقفاً أو تفكيرا

جاف هو العرق والأقدام في الرمل

لوكان ثمة ماء بين الصخور

فم جبل هامد ذو أسنان نخرة لايمكنه البصاق

هنا، المرء لا يسطيع أن يقف أو يتمدد أو يجلس              340

ليس ثمة حتى صمت في الجبال

بل رعد جاف عقيم بلا مطر

ليس ثمة حتى عزلة في الجبال

بل وجوه حمراء منتفخة، ناخرة مزمجرة

من أبواب منازل طينية متصدعة

 لو كان ثمة ماء

 

ولا صخر

لو كان هناك صخر

وأيضاً ماء

ينبوع                                350

بركة بين الصخور

لوكان ثمة صوت الماء وحده

لا صوت الزيز

وعشب يابس يغني

بل صوت الماء فوق صخرة

حيث الحسّون الناسك يغني بين أشجار الصنوبر2

درب درب دروب دروب دروب دروب دروب

لكن ليس ثمة ماء

 

من الثالث الذي يسير جنبك دائماً؟3

حين أعدّ.. ليس سوانا، أنت وأنا                    360

لكني حين أمد بصري على الطريق الأبيض أمامي

أرى آخر يسير جنبك دائماً

منساباً متسربلاَ بحجاب بني، وقلنسوة

لا أعرف أكان رجلاً أم امرأة

من ذاك الذي على جانبك الآخر؟

 

ما ذاك الصوت عاليا في الهواء؟

همهمة نحيب أمّهات

من أولئك المحتشدون ذوو القلانص مندفعين

 فوق سهول بلا نهاية، متعثرين فوق أرض مشقوقة

يطوقها الأفق المنبسط وحده                 370

ما تلك المدينة فوق الجبال

تتصدع وتتشكل ثانية ثم تنفجر في الهواء البنفسجيّ

أبراج متساقطة

أورشليم أثينا الاسكندرية

فيينا لندن

وهمية

 

امرأة ربطت شعرها الأسود الطويل

عزفت موسيقى خافتة على تلك الأوتار

صفّرت خفافيش بوجوه أطفال في الضوء البنفسجي

خفقت أجنحتها 380

زحفت برؤوس متدلية على امتداد جدار مسوّد

وفي الفضاء أبراج مقلوبة

تقرع نواقيس ذكرى، أبقت الساعات

والأصوات تغني من أحواض خاوية وآبار ناضبة

----

في هذه الحفرة الخربة بين الجبال

تحت ضوء القمر الخابي، العشب يغني

فوق القبور المتداعية حول الكنيسة،

 الكنيسة الخاوية، بيت الريح وحدها.

لا نوافذ فيها، والباب يتأرجح،

العظام اليابسة لا تؤذي أحدا.390

وحده ديك واقف على السقف

كو كو ريكو كو كو ريكو

ومضة برق. ثم هبّة ندية

ويهطل المطر.

 

كان "غانغا"4 يغور، والأوراق المتهدلة تنتظر المطر،

 بينما تجمعت الغيوم السوداء

في البعيد فوق "هيمافنت"5.

جثم الغاب، محدودباً في صمت.

ثم تحدث الرعد

 داتا  6                         400

فلتعطوا: ماذا اعطينا؟

يا صديقي، دم يخض قلبي

الجسارة المرعبة للحظة استسلام

لن يستردها عصر من الحصافة

بهذه، بهذه وحدها ، نحن موجودون،

 لن تجدها في نعايانا

أو في ذكريات يغشاها العنكبوت الرحيم،7

أو تحت أختام يفضها المحامي الهزيل

في غرفنا الفارغة

دا                              410

تعاطفوا8: إني سمعت المفتاح

يدور في الباب مرة، لايدور سوى مرة،

نفكر بالمفتاح، كلّ في سجنه

مفكراً بالمفتاح، كلّ يبني سجنا

عند هبوط الليل وحده ، شائعات هوائية

للحظة تنعش "كوريولانس" المنكسر9

د

تحكموا بأنفسكم:استجاب القارب جذلاً

لليد الخبيرة بالشراع والمجداف

كان البحر هادئاً، وكان قلبك سيستجيب                  420

 جذلاً، حين يدعى، خافقاً مذعناً ليدين مسيطرتين

 

جلست على الساحل

أصطاد، والسهل القاحل خلفي

هل أرتّب في الأقل أراضيّ؟10

جسر لندن يتهاوى يتهاوى يتهاوى11

اختفى في النار التي ستطهرهم

متى سأكون مثل السنونو- اوه سنونو سنونو

أمير "اكويتين" في البرج المنهار12

هذه الكسر أسند بها خرائبي                      430

 سأسرّك. هيرونيمو جنّ مرة أخرى13

أعطوا، تعاطفوا، سيطروا على أنفسكم

سلام   سلام   سلام14

                                                                           

هوامش إليوت على "الأرض اليباب"

----

لقد استوحيت ليس العنوان فقط، ولكن الخطة وقدراً كبيراً من الرمزية ، من كتاب الانسة جيسي. أل. ويتسون حول أسطورة الكاس المقدسة، والمعنون" من الطقس إلى الرومانس"( مطبعة كمبريدج). وفي الحقيقة، إن كتاب الآنسة جيسي، المدين له كثيراً، سيوضح صعوبات القصيدة أفضل بكثير من ملاحظاتي، وأنا أزكيه( بغض النظر عن المتعة الكبيرة في قراءة الكتاب نفسه) لكل من يعتقد بأن هذا التوضيح يستحق التعب. وأنا أيضاً مدين بشكل عام لكتاب آخر من كتب الانثروبولوجيا، وهو كتاب أثر بعمق على كل جيلنا، وأعني به" الغصن الذهبي"1. لقد استفدت بشكل خاص من جزءين: "أدونيس ، وآتيس" و"اوزيريس". وكل شخص مطلع على هذه الأعمال، سيتعرف مباشرة على إشارات معينة لاحتفالات الخصب في القصيدة.

1: دفن الموتى

( يشير إليوت هنا إلى أرقام الأسطر، وقد ثبتناها في الترجمة)

20: قارن سفر حزقيال، 2.

32: قارن سفر أشعياء، 12، 5.

31: انظر: تريستان وإيزولده،الأبيات 5-8.

42: المصدر السابق، 3، البيت 24.

46: لست مطلعاً جيداً على التشكيلة الدقيقة لرزمة ورق التاروت، التي لم استخدم منها كما هو واضح إلا ما يناسبني. الرجل المصلوب، في ورقة في الرزمة التقليدية، يناسب غرضي من ناحيتين: لأنه مرتبط في ذهني مع " الإله المصلوب" في كتاب " الغصن الذهبي" لفريزر، والسبب الثاني لأني ربطت بينه وبين " الشخص الملفع" في رحلة الحواريين إلى " عمواس" في الجزء الخامس. أما البحار الفينيقي و" التاجر" فيظهران لاحقاَ، وكذلك كتبت عن " حشود الناس" و" الموت بالماء" في الجزء الخامس. وربطت، بشكل اعتباطي تماماً ، بين" الرجل ذي العصي الثلاث"،( ورقة أساسية في رزمة ورق التاروت) وبين الملك السماك.

60: قارن بودلير: (أزهارالشر)

أوه أيتها المدينة الضاجة،

يا مدينة مليئة بالأحلام

حيث الأشباح تعترض المارين في وضح النهار

63: الجحيم الجزء الثالث، ص 55-57 (بالايطالية)

64: قارن الجحيم، 4، 25-27 ( بالإيطالية).

و ترجمة البيت عن الإنجليزية:

هنا، ليس ثمة تفجعات يمكن سماعها،

ما عدا تأوهات، تجعل الهواء الأبدي يرتجف.

68: ظاهرة كثيراً ما لاحظتها.

74: قارن: "الترنيمة الجنائزية" في مسرحية " الشيطانة البيضاء" لوبستر.

76: انظر بودلير، مقدمة " أزهار الشر".

11:لعبة شطرنج

77:  قارن: أنطوني وكليوباترا، 2، 2، البيت 190.

92: المقرنسات: انظر الأنيادة،1، السطر 726:

قناديل مضاءة تتدلى من السقف المزخرف بالذهب،

والمشاعل المتوهجة تطرد الليل.

98: مشهد الغاب. انظرميلتون، 4، 140.

99: انظر: أوفيد، التحولات، 6، فيلوميلا

100: قارن: القسم الثالث، السطر: 204.

115: قارن: القسم الثالث، السطر 195

118: قارن: ويبستر: أما تزال الريح عند ذاك الباب؟

126: قارن: القسم الأول، الأسطر: 37، 38.

138: قارن: لعبة الشطرنج في مسرحية ميدلتون: "أيتها النساء احذرن النساء".

111: موعظة النار

176: انظر سبنسر"أغنية الزفاف"( ترجمها فريد " ما قبل العرس!).

192: قارن: العاصفة، الفصل الأول، المشهد الثاني.

196: قارن: مارفيل" إلى حبيبته الخجول".( ترجمها لؤلؤة ً ب" حبيبته الصدود" وهي ترجمة عكس المعنى تماماً!)

197: قارن: داي، " برلمان النحل":

"عندما تصغي، فجأة، ستسمع

ضوضاء أبواق وصيد، أنهم يحملون

آكتيان إلى ديانا في الربيع

وسنرى جميعاً جسدها العاري..."

199: لا أعرف أصل الأغنية التي أخذت منها هذه الأبيات. لقد أرسلت لي من سيدني، أوستراليا.

( إنها أغنية شائعة في الجيش الأوسترالي خلال الحرب العالمية الاولى، كما يذكر كريستوفر ريكس وجم ماكيو في كتابهما" قصائد إليوت"). " م"

202: انظر فيرلين، "بارسيفال".

210: كان سعر الزبيب يقدر على أساس تكلفة التأمين والشحن إلى لندن.. إلخ، وتسلم الفاتورة إلى البائع عند دفع الحوالة.( اخطأ إليوت هنا. راجع فصل" تضمينات")

218: تيريسياس، ولو أنه كان مجرد مشاهد، وليس " شخصية"، إلا أنه أكثر الشخصيات أهمية في القصيدة، لأنه يوحد في شخصيته كل الشخصيات الأخرى. ومثلما تنصهرشخصية صاحب العين الواحدة، بائع الزبيب، في "الملاح الفينيقي"، وأن هذا الأخير ليس متميزاً تماماً عن فرديناند أمير نابولي، كذلك فأن كل النساء هن امرأة واحدة، وكلا الجنسين يلتقيان في تيريسياس. ما "يراه" تيريسياس هو، في الحقيقة، جوهر القصيدة. هذا المقطع الكامل من أوفيد ذو أهمية انثروبولوجية عظيمة:

( يورد إليوت النص باللاتينية، وهو من" التحولات"، إذ يخاطب جوبيتر جونو. وهنا ترجمته العربية عن الإنجليزية:

وهو يعابث زوجته، قال لها:

في لعبة فينوس، تصبن أنتن النساء متعة أكثر من الرجال بما لا يقاس

فنفت ذلك. ولكي يختبرا الحقيقة، اتفق كلاهما

أن الحكيم تيريسياس هو قاض محايد في هذه القضية،

فقد عرف مسرات الرجال والنساء معا

لأنه وجد مرة ثعبانين جبارين يتجامعان في غابة

فضربهما على ظهريهما

( ترجمها لؤلؤة بالشكل التالي: واتفق أن أفعواناً ضخماً كان يضم إليه حية عظيمة وراحا يتقلبان.... أما فريد فترجمها بشكل أقرب للنص: بينما كان ثعبانان كبيران يتعانقان في قلب الغابة الخضراء..وحذف كلاهما البيت التالي:

truth as ever yet was tolde

حقيقة لم يقلها أحد قط لحد الآن."م"

221: قد لا يبدو هذا مطابقاً تماماً لأبيات سوفو، ولكن كان في ذهني عامل المراكب أو سماك" الصوري"- زورق مسطح القعر-

longshore or  dory’fisherman

(ترجمه لؤلؤة إلى "سماك الساحل الطويل الذي يعود عند الغسق"، وترجمه فريد ترجمة دقيقة. انظر مناقشتنا للترجمات "م").  

253:: انظر: غولدسميث، الأغنية في " كاهن ويكفيلد".

257: انظر" العاصفة".

264: التصميم الداخلي لكنيسة الشهيد القديس ماغنوس هو في رأيي من أجمل التصاميم التي نفذها رين. انظر " خطط الهدم المقترحة لتسع عشرة كنيسة(كنغ&سن المحدودة).( ذكر فريد أنه كتاب، والحقيقة أنه تقرير أصدره مجلس لندن البلدي).

266: أغنية بنات التيمز( الثلاث) تبدأ هنا. إنهن يتكلمن بالتناوب، من السطر 292 حتى 306. انظر   شفق الآلهة"، 3، 1 (بالإيطالية). Gotterdammerung

279: انظر: فرود، "إليزابيث"، المجلد 1، الفصل الرابع، رسالة دي كوادرا إلى فيليب ملك إسبانيا:

"بعد الظهيرة، كنا في مركب كبير، نشاهد المباريات على شاطىء النهر. وكانت (الملكة) وحدها مع اللورد روبرت. وبينما كنت أنا في مؤخرة السفينة، بدآ يتداولان أحاديث فارغة، وتماديا كثيراً إلى حد أن اللورد روبرت قال أخيراً، وكنت حاضراً، بأنه لا يجد سبباً يمنع زواجهما إذا سمحت الملكة بذلك".

293: قارن: المطهر لدانتي، 5، 133:

تذكرني، أنا لا بايا،

سيينا ولدتني

وماريما دمرتني

( ترجم لؤلؤة الاسم "لا بايا" إلى "تقوى": تذكرني أنا التي أدعى تقوى".وهو شيء غريب. فحتى لو كان الاسم يعني تقوى بالإيطالية، فلا يجوز ترجمة الأسماء بالطبع. وفي الحقيقة، إن المتحدثة هنا هي بايا تولومي، التي ولدت لعائلة نبيلة في مدينة سيينا، وهي مدينة واقعة في مقاطعة توسكاني، إيطاليا، وكانت من أجمل المدن في العصور الوسطى. ويروى أن هذه السيدة قد قتلت عام 1295 بناء على أوامر زوجها، الذي كان يملك قلعة في منطقة ماريما القريبة. وكان السبب رغبته بالزواج من جارة له، كانت كونتيسة مطلقة. وتقع ماريما في جنوب توسكاني، وقد اشتهرت بسواحلها، وتلالها، وجمال طبيعتها)."م"

307: انظر: "اعترافات القديس أوغسطين": ثم، أتيت إلى قرطاجة، حيث مرجل من غراميات فاحشة يئز في أذنيّ".

308: نص بوذا" موعظة النار"،( التي توازي في الأهمية" " موعظة فوق الجبل"،- التي أخذت منها هذه الكلمات- يمكن العثور عليه مترجماً في كتاب الراحل هنري كلارك" البوذية مترجمة"( سلسلة هارفارد الشرقية). والسيد وارن هو واحد من الرواد الكبار في الدراسات البوذية في الغرب.

Corresonds in importance to the Sermon on the Mount

(هذا الهامش، ترجمه ماهر شفيق فريد ترجمة خاطئة تماماً، وليس لها معنى.

فصارت الجملة: تراسل في الأهمية، بدل تساوي في الأهمية.

Correspond to

هو مصطلح يعني: يساوي، يوازي، وليس: يراسل:

Correspond

309: من اعترافات القديس أوغسطين مرة أخرى. الجمع بين بين هذين الممثلين للزهد الشرقي والغربي كذروة لهذا القسم من القصيدة، هو ليس صدفة.

5 ما قاله الرعد

----

في الجزء الأول من القسم الخامس، استخدمت ثلاث ثيمات: الرحلة إلى عمواس، والوصول إلى الكنيسة الصغيرة الخطرة( انظر كتاب الآنسة وستون)، وتفسخ أوروبا الشرقية.

357: إنه الحسون الناسك، الذي سمعته في مقاطعة كيببك. يقول تشابمان في " الدليل إلى طيور شمال شرق اميركا":

" إنه يبدو في الغابات المنعزلة والملتجآت المليئة بالأدخال وكأنه في بيته. تغريداته ليست بديعة في تنويعاتها. ولكن لا مثيل له في صفاء وعذوبة النبرة وطبقة الصوت المتنوعة، كما أن تغريدته المسماة " تغريدة الماء المتقطر" تستحق شهرتها.  

360: ما أوحى لي بالأبيات التالية هي قصة رحلة من رحلات إلى القطب الجنوبي( نسيت أيا منها، لكني أعتقد أنها من رحلات شاكلتون): وهي تروي بأن مجموعة من الرحالة، وهم في أقصى قواهم، قد أصابهم وهم دائم بأن هناك شخصاً زائداً عن العدد الحقيقي.

366-76. قارن: " على مرأى من الفوضى" لهرمان هسه: عاجلاً، نصف اوروبا، أو، في الاقل، القسم الشرقي منها، في طريقه إلى الفوضى. إنه يدور في الهوة في حالة هيجان، وينشد مخموراً أغاني وتراتيل، مثلما فعل ديمتري كرامازوف(شخصية رئيسية في" الأخوة كرامازوف" لدوستويفسكي."م"). يسمع هذه الأغاني البرجوازيون المجروحون باحتقار، بينما يسمعها القديسون والعرافون بدموع".

Data، dayadhvam، damya  401:   

 ( أعطوا، تعاطفوا، تحكموا بأنفسكم)، من أسطورة معنى "الرعد"، موجودة في بريهادارانياكا- يوبانيشاد 5، 1. وتوجد ترجمة لها في كتاب دوسن.

.ص. 489Sechzig Upanishads des Veda

407: قارن: وبستر، " الشيطانة البيضاء"، الفصل 5، المشهد 6:

سيتزوجن مرة أخرى

قبل أن يثقب الدود أكفانكم، قبل أن ينسج العنكبوت

ستارة رقيقة على شواهد قبوركم.

(هذا المقطع ترجمه لؤلؤة وفريد ترجمة خاطئة كلياً. والسبب على الأرجح أنهما لم يطلعا على الأصل، وهو مسرحية " الشيطانة البيضاء".

في هذه المسرحية يتحدث فلامنيو عن سرعة زوال حب النساء، مخاطباً الرجال:

أوه، أيها الرجال

الراقدون على فراش الموت،

المطاردون بزوجات نادبات،

لا تثقوا بهن أبدا

سيتزوجن مرة أخرى

قبل أن يثقب الدود أكفانكم، قبل أن ينسج العنكبوت

ستارة رقيقة على شواهد قبوركم.

لكن لؤلؤة ترجم " سيتزوجن ثانية"إلى "سيتزوجان ثانية"( من سيتزوجان؟). وفعل فريد الشىء نفسه

لكن بشكل مضطرب أكثر:

سيتزوجان من جديد قبل أن تنفذ الدودة إلى كفنك، وقبل أن ينسج العنكبوت ستارة رقيقة على شواهد قبر( هل هناك شواهد لقبر واحد؟)."م"

411، قارن: الجحيم: 33، 46

أسمعهم تحت يسمّرون

باب البرج الرهيب

وقارن أيضاً أف.هاء. باردلي في" المظهر والواقع":

"أحاسيسي الخارجية ليست بالنسبة لي أقل خصوصية من أفكاري أو مشاعري. وفي كلا الحالتين، تقع تجربتي ضمن دائرتي الخاصة، وهي دائرة مقفلة على الخارج، فكل مجال، بكل عناصره المتشابهة، هو مبهم بالنسبة للعناصر الأخرى التي تحيط به.... وباختصار، إن عالم كل عنصر، باعتباره وجوداً يتمظهر في روح، هو فريد وخاص بتلك الروح".

424: انظر كتاب واتسون: من الطقوس إلى الرومانس، فصل: الملك السمّاك.

427: انظر المطهر، 26، 148:

ولذلك، أتوسل إليك الآن باسم تلك القوة التي قادتك إلى أعلى السلم

أن تدرك حجم ألمي خلال فترة حكمك"

ثم هبطوا ثانية إلى الجحيم الذي سيطهرهم.

Pervigilium Veneris  428:

 باللاتينية، وتعني:" ليلة الاحتفال بفينوس". قارن( فيلوميلا في القسمين الثاني والثالث).

(وهي قصيدة لاتينية مجهولة التاريخ الدقيق. البعض ينسبها إلى القرن الثاني، وبعض آخر إلى القرن الرابع أو الخامس، لكن آخرين لا ينسبونها لأي تاريخ محدد. وهي تحتفي بعالم الطبيعة، وهو شيء جديد على الشعر الروماني، وبذلك تسجل انتقالة كبرى من الشعر الروماني إلى شعر القرون الوسطى. أما مؤلفها فلا اتفاق عليه أيضا. البعض يقول إنه الشاعر تيبر يانوس، بسبب التشابه الشديد بين هذه القصيدة وقصيدته " أمينيس إباث". ويرى البعض الآخر أنها من تأليف الشاعر بوبليوس أنييوس فلورس، بينما يعتقد آخرون أن مؤلفها شاعر مجهول. ويبدو أن القصيدة، كما يتفق كثيرون، قد كتبت عشية الاحتفال بفينوس، الذي يستمر ثلاثة أيام، ربما من الأول إلى الثالث منه، في مكان ما في سيسلي. لكن لؤلؤة ترجم ليلة الاحتفال بفينوس إلى" سهام الحب".. كيف؟ بينما ترجمها فريد ترجمة دقيقة" ليلة احتفال فينوس". والأدق ليلة الاحتفال بفينوس"، لأن الأولى تدل على أن فينوس هي التي تحتفل، بينما الاحتفال مخصص لها)."م"

429: انظر: جيرارد دي نيرفال، سوناتا" انتهاك"       

: أنظر" المأساة الإسبانية" لكيد.431

433: " شانتيه"، المكررة هنا، هي النهاية المتفق عليها لـ" أوبانيشاد".

" السلام الذي يتخطى الفهم"، هو المقابل الذي نقترحه لهذه الكلمة.

هوامش المترجم

القسم الأول: دفن الموتى

1 ورد النص باللاتينية. وقد ترجمه بعض المترجمين الإنجليز إلى" معلقة في قارورة". وحين سئل إليوت عن الترجمة الدقيقة، لم يحر جواباً، كما سنبين في شرحنا للقسم الأول.

2 شتارنبيرغ: بحيرة كبيرة جنوب ميونيخ، ألمانيا.

3 هوف: حديقة عامة في ميونيخ

4 الأرشيدوق رودولف( انظر شرح القسم الأول" دفن الموتى")

5 ميري: الكونتيسة ميري لويس لارستش، ابنة عم الأرشيدوق.( انظر شرح القسم الأول" دفن الموتى).

6 عن جون دن.

7 من أوبرا" تريستان وايزولده" للألماني فاغنر، كما يذكر إليوت في هوامشه على القصيدة.

8 في الأسطورة، كما سنشير في الحديث عن المضامين العامة للقصيدة، أن أبولو، إله الشمس، وزيفيروس، إله الريح الغربية، أحبا هايسنثوس حباً عظيماً، غير أنه بادل أبولو الحب، فغضب زيفيروس، وقرر أن يعاقب منافسه.. وبينما كان أبولو يلعب مع تلميذه لعبة القوس، رمى زيفيروس القوس على رأس هايسنثوس، فقتلته الضربة. فحزن أبولو حزنا شديداً، وحول دمه إلى زهرة تحمل اسمه(هايسنثوس) أي (الزنبق)، وهي رمز للوفاء.

9 مدام سوستريس هي عرافة زائفة في رواية ألدوس هكسلي" كروم أصفر". و"كروم" هو اسم البيت الذي كان يلتقي فيه مجموعة من الكتاب، بينهم هكسلي وإليوت.

10 عن شكسبير- تلكما لؤلؤتان كانتا عينيه: " العاصفة"، وليم شكسبير.

11 بيلادونا: تعني بالإيطالية سيدة جميلة. وتوحي في القصيدة بمادونو( مريم العذراء). ولدافنشي لوحة مشهورة بعنوان" مادونا الصخور". والصخور هنا ترمز للكنيسة.

12 سيدة المواقف: إشارة لمريم العذراء

13 ذو العصي الثلاث، إشارة إلى الملك الصياد،الذي كان يلقب أيضاَ بالرجل المجروح أو العاجز، حسب إسطورة آرثونية.

14 التاجر ذو العين الواحدة، كما هو مرسوم في ورق التاروت، إشارة للانحراف، ورؤية الأشياء بعين واحدة.

15 شارع في لندن، يربط شارع لومبارد، من طرفه الشمالي، مع جسر لندن، الوارد ذكره في القصيدة. وهي المنطقة التي يقع فيها فرع بنك لويدز، حيث كان يعمل إليوت.

16 هي كنيسة سنت ميري وولنوث الإنغليكانية، الواقعة بين شارع لومبارد وشارع كنغ وليم.

17 اسم لا يدل على شيء، اختاره إليوت كما اتفق.

18 مايلي ميناء في سيسلي، إيطاليا، شهد انتصار البحرية الرومانية على قرطاج عام 260 بعد الميلاد. ويسمى أيضاً ميلاتسو.

القسم الثاني: لعبة شطرنج

1 العنوان مأخوذ من مسرحية" لعبة شطرنج" لميدلتون"( راجع هوامش إليوت)

2 استوحى إليوت هذا البيت وما يليه( حوالي 20 بيتاً) من مسرحية " كليوباترا" لشكسبير.

3 كان شعراء الفترة الأليزابثية يستخدمون "جغ جغ" للتعبير عن صوت العندليب.

4 عن" العاصفة" لشكسبير.

5 "راغ" تعني حرفياً خرقة. وهي أغان على نمط الجاز اشتهرت شعبياً بداية عشرينات القرن الماضي، وقت كتابة " الأرض اليباب". وكما هو واضح هناك تحريف في اسم شكسبير، فهو يلفظ شعبياً "شكسبيهير".

6 المقصود حان وقت الإغلاق. وهو نداء موجه لرواد أي بار في لندن للمغادرة الساعة الحادية عشرة ليلاُ وقت الإغلاق حسب القانون، الذي سنّ أثناء الحرب العالمية الأولى.

7 كلمات اوفيليا الأخيرة في" هاملت" لشكسبير، قبل غرقها.

القسم الثالث: موعظة النار

1 العنوان، كما أشار إليوت في هوامشه، مأخوذ من موعظة بوذا، التي يدعو فيها إلى التخلص من شهوات الجسد للوصول إلى السلام الروحي.

2 المقطع مأخوذ من قصيدة"بروثاتاميون"- وتعني أغنية أو قصيدة عن الأعراس- للشاعر إدموند سبنسر(1553/1552-1599)، وقد كتبت عن الزفاف المشترك لليدي إليزابيث وليدي كاثرين. ونشرت القصيدة عام 1595.

3 مزمور 37:" عند مياه ليمان جلست وبكيت". وليمان هي بحيرة سويسرية، قضى فيها إليوت فترة بعد إصابته بانهيار عصبي.

4 من " العاصفة" لشكسبير. وهو مشهد ينتقم فيه بروسبيرو من أخيه الغيور، الذي تركه في جزيرة قبل اثنتي عشرة سنة، حتى يصبح هو ملكاً.

5 من قصيدة" إلى حبيبته الخجول" لأندرو مارفل، الشاعر الميتافيزيقي ( 1621-1678).

6 سويني ومسز بورتر: سويني اسم استخدمه إليوت سابقاً في قصيدته" سويني بين العنادل". ويرد اسم بورتر في أغنية شعبية كان يرددها الجنود الاستراليون أثناء الحرب العالمية الأولى.

إن البيت الذي ورد فيه الاسمان، كما اشار إليوت، مستلهم من مسرحية " برلمان النحل" لجون داي. في هذه المسرحية، تعثر آكتيون على ديانا وهي تستحم في الغابة. وكأن إليوت يوحي هنا أن أكتيون وديانا هما سويني وبورتر المعاصرتان، اللتان يستحمان بماء الصودا، بدل مياه النهر، كما في مسرحية داي.

7 يتحدث فيرلين في قصيدته" بارسيفال"، المأخوذ منها البيت، عن فارس يقاوم كل مغريات الحياة حتى يستطيع أن يشرب من الكأس المقدسة.

8 تيرو: الملك تيريوس الذي اغتصب فيلوميلا.

9 نسبة إلى إزمير، غرب تركيا.

10: سي. آي. أف. C.I.F10

الكلفة، والشحن، والتأمين.

11 فندق يقع في شارع"كانون"، الذي تم افتتاحه عام 1866، وهو يربط جنوب وجنوب شرق لندن مع مدينة المال والبنوك والشركات المالية في العاصمة البريطانية.

12 ميتربول ، فندق فخم على ساحل مدينة برايتون، التي تبعد عن لندن حوالي ستين ميلاً. وقد اشتهر هذا الفندق، إلى جانب فندق" كانون"، بسمعته السيئة.

13 برادفورد مدينة صناعية في غرب يوركشير، اشتهرت في القرن التاسع عشر بكثرة أثريائها نتيجة ازدهار صناعة النسيج.

14 شارع عام رئيسي في منطقة ويستمنستر بلندن.

15 يشكل التيمز الأدنى والتيمز الأعلى شارع التيمز، أطول شوارع لندن.

16 كنسية " ماغنوس الشهيد"، ويعتقد أنها بنيت في القرن الثاني عشر. وماغنوس ايرلندسون، أيرل أوركني، أعدم على يد ابن عمه، نتيجة صراع على السلطة.

17 أيوني الطراز، نسبة للأيونيين في اليونان القديمة.

18 غرينتش: منطقة واقعة جنوب شرق لندن.

19 آيل أوف دوغز: جزيرة صغيرة في القسم الجنوبي الغربي من الجزيرة الإنجليزية. وذكر الاسم للمرة الاولى في" رسائل وأوراق هنري الثامن" عام 1520. ويقال إنه كان يحتفظ بكلاب صيده في هذه المنطقة، وهذه إحدى التفسيرات. وكانت قبل تطورها اللاحق مستنقعاً صغيراً( راجع مناقشة الترجمات).

 20 وييلالا ليا: إستعارة من أوبرا فاغنر الأخيرة:

( مصير الآلهة)Gotter dammering

وهي، في الأسطورة، صيحة نشوة تكررها العذراوات على نهر الراين، وهن يحرسن كومة من الذهب في النهر.

21 الملكة إليزابيث الأولى، الملقبة بالملكة العذراء، وحبيبها لورد روبرت دودلي.

22 ريتشموند منطقة إلى الجنوب الغربي من مدينة لندن، يمر بها نهر التيمز.

وكيو غاردن منطقة تقع جنوب غرب لندن، اشتهرت بحدائقها العامة، وهي تضم أيضاً عدداً من المباني التاريخية والمتاحف والبيوت الزجاجية النباتية، تقع بين ريتشموند ونهر التيمز. وقد أسست عام 1840.

23 مورغيت: منطقة تقع في منطقة المال بلندن.

24 (لا لا) هنا ليست علامة نفي، بل تعبير عن سخرية( راجع مناقشتنا للترجمات).

القسم الخامس: ماذا قال الرعد

----

1 العنوان مأخوذ من يوبانيشاد، كما أشرنا سابقاً، وهي أساطير هندوسية. وطبقا لهذا الأساطير، فأن الرعد" يعطي، و" يتعاطف" و" يسيطر ذاتيا على نفسه".

2 راجع هوامش إليوت.

3 راجع هوامش إليوت.

4 نهر ينبع من جبال همالايا الغربية، ويمر عبر الهند وبنغلادش الغربية، وهو من الأنهر المقدسة عند الهندوس، بل أقدسها، وهناك إلهة باسمه.

5 ورد بالسنسكريتية، ويعني حرفياً " ثلجي". وتعرف جبال هملايا بـ" جبال هيمافات" أيضاً.

6 داتا: إعط

7 يستلهم إليوت هنا مسرحية" الشيطانة البيضاء" لجون وبستر، وبالذات خيانة فيتوريا لأخيها فلامينو، حين أعطته مسدساً لينتحر على أن تقتل نفسها بعد ذلك. فأطلقت عليه الرصاص الذي كان مزيفاً، كما خطط فلامينو، ولم تطلق النار على نفسها. وبعد اكتشاف خيانتها، قال: " إن المرأة يمكن أن تتزوج ثانية قبل أن ينسج العنكبوت خيوطه فوق نقش ضريحك"( انظر مناقشتنا للترجمات).

 (سنسكريتية)وتعني: تعاطفوا.Dayadhvam8 بالأصل

9 كوريلينس: جنرال روماني، عاش حسب التقديرات في القرن الخامس قبل الميلاد. لعب دوراً بارزاً في حصار الرومان لفولسي، كريولي. ثم نفي من روما، وتحالف مع أعدائه السابقين وقاد هجوماً على روما. ومن المعروف، أن شكسبير استلهم مأساته في المسرحية المسماة باسمه.

10 المقصود الملك الصياد، مفكراً، أخيراً، في ترتيب أرضه وممتلكاته، استعداداً لموته الوشيك. والبيت مأخوذ من سفرأشعياء، إصحاح 38.

11 البيت مستوحى من أغنية للأطفال تبدأ هكذا:

جسر لندن يتهاوى

يتهاوى، يتهاوى

جسر لندن يتهاوى

سيدتي الجميلة.

فلتبنه بقضبان حديدية،

قضبان حديدية، قضبان حديدية،

فلتبنه بقضبان حديدية

سيدتي الجميلة.

12 مأخوذ من الشاعر الفرنسي جيرار دي نرفال(1808-1855).

13 من مسرحية" التراجيديا الإسبانية"، أو " هيرونيمو" لتوماس كيد، العصر الإليزابيثي. وتبدأ المسرحية بمشهد قتل ابن هيرونيمو، هوراشيو، على يد أحد منافسيه، الأمر الذي دفع هيرونيمو إلى حافة الجنون. ثم قرر أن ينتقم من قاتل ابنه، فأقنعه أن يشارك في مسرحية تعرض أمام الملك، وتتضمن مشهد قتل. وكان في نيته أن يقتله أثناء العرض، قائلاً له بالحرف: " سأهيئ لك دوراً يرضيك".( انظر مناقشة الترجمات).

14 بالسنسكريتية

Shantih shantih shantih

وتعني سلاماً يتخطى الفهم، كما ورد سابقاً.

شرح عام لمضمون القصيدة

العنوان:

ما عدا د. عبد الواحد لؤلؤة، ويوسف اليوسف، اللذين ترجما العنوان بـ" الأرض اليباب"، اختار المترجمون الأربعة الآخرون عنوان" الأرض الخراب". لكن صفة اليباب لأرض إليوت، في رأينا هي الأدق. صحيح أن كلمة اليباب تعني في القاموس العربي الخراب، لكنها تعني أيضاً اليباس. القصيدة كلها تتحدث عن أرض قاحلة، جافة حتى من قطرة ماء، فلا شيء هناك غير الصخور. والأسطورة الآرثرية1 التي استند إليها إليوت، تشير هي أيضاَ إلى الجدب والجفاف. إنها تتحدث عن الملك الصياد، الذي يرمز إليه إليوت، بالرجل ذي العصي الثلاث، كما رسم في ورق التاروت ،الذي كان يلقب بالرجل المجروح أو العاجز. وكان حسب الأسطورة آخر سلسلة الملوك الذين حافظوا على الكأس المقدسة. لكنه كان عاجزاً عن الوقوف نتيجة جرحه لساقيه بسيفه. وكان كل ما يستطيع فعله هو الصيد بقاربه في نهر قريب من قصره. ولكن تذكر قصص أسطورية أخرى، أنه أصيب في أعضائه التناسلية، فأصبح عاجزا عن الأنجاب، ومن هنا انحسر الماء عن أرضه، وحل الجفاف. ولكن الفارس باسيفال أنقذ الملك، فعاد النماء للأرض.

المقتطف:

أخذ إليوت المقتطف الذي قدم به القصيدة من " ساتيريكون بيترونيوس"،كما يشير في هوامشه. وهي ملحمة نثرية ساخرة في القرن الأول بعد الميلاد زمن الأمبراطورية الرومانية، تتناول مغامرات انكولبيوس غيتون، وصديقه ذي الستة عشر عاماً. والمقتطف يرويه المليونير العصامي تريماتشيو، الذي يدعو الصديقين إلى وليمة في قصره. وقبل العشاء يقص عليهما حكاية سيبل كيوماي، حسب ما ورد في كتاب" التحولات" لأوفيد:

 Nam Sibyllam quidem Cumis ego ipse oculis meis vidi
in ampulla pendere، et cum illi pueri dicerent: Σίβνλλα τί ϴέλεις; respondebat illa: άπο ϴανεΐν ϴέλω

" رأيت بأم عيني سيبل في كيوماي، وهي معلقة في قارورة، وعندما كان الاطفال يسألونها سيبل،ماذا تريدين؟ كانت تجيب: أريد أن أموت".

وسيبل في الأسطورة هي نبية ذات جمال طاغ كانت في خدمة أبولو، الذي أرادها أن تكون خليلته، ووعدها أن يحقق كل رغباتها، فطلبت منه أن تعيش مدى الحياة. حقق لها أبولو أمنتيها، لكنها بالرغم من ذلك لم تستجب له. لقد عاشت مئات السنوات، ومع كل سنة كانت تصغر حجماً، وتزداد ضعفاً. لقد طلبت من أبولو الخلود لكنها لم تطلب الشباب.

 وهنا لا بد أن نشير، فيما يخص" معلقة في قارورة"، إلى أن بعض المترجمين الإنجليز ترجم

 اللاتينية: "قفص"، بينما يرى آخرون أن ترجمتها الصحيحة: " قارورة".Ampullaكلمة

وحين سئل إليوت نفسه عن الترجمة الأدق اكتفى بالصمت. وعلى أية حال، اعتمدنا في ترجمتنا" قارورة".

الأهداء:

مأخوذ من جحيم دانتي، وهو بالإيطالية: Il miglior fabbro

وتعني: "الصانع الأمهر".

القسم الأول: دفن الموتى

العنوان: مأخوذ من سطر يرد في طقوس الدفن الانغليكانية. وتحتوي مكتبة إليوت على كتاب" طقوس دفن الموتى" ، لدوغلاس بيبلر، الذي طبع ونشر عام 1922، كما ذكرت زوجته فيفيان3. أما كتاب " دفن الموتى" لمؤلفه دبليو.أتش. أف فقد نشرت مراجعة عنه في مجلة" فولكلور" في 30 يونيو/حزيران/ عام 1920 كتبها أر. كي. ماريت، وقد سبقت مراجعة ألينور هول لكتاب جيسي ويستون" من الطقس إلى الرومانس". 4

يفتتح إليوت هذا القسم بمقطع عن جدب عالمنا المعاصرمن خلال تصوير نيسان شهراً قاسياً، ليس لأنه شهر صلب المسيح كما يعتقد د. عبد الواحد لؤلؤة،5 بل إنه شهر قاس بالنسبة لأولئك العاجزين روحياَ، فهو بداية الربيع الذي تتفتح فيه الطبيعة وينبثق الجمال بينما هم غير قادرين على التمتع به، وهذا يضاعف من آلامهم، ويزيد الأمر كآبة اختلاط الذكرى بالرغبة، كما نبين في مناقشاتنا للترجمات. وقد استلهم إليوت هذا البيت من " حكايا كانتربري" لجيفري تشوسر ( ما بين 1343-1400)، 6 وهي مجموعة قصص شعرية ، 24 قصة، جاءت في 17 ألف بيت، يسردها الشاعر على لسان عدد من الحجاج إلى ضريح القديس توماس. لكن إليوت عكس المعنى ، فشهر نيسان عند تشوسر هو شهر المطر الذي يغسل جفاف آذار.

كتبت فيفيان إليوت إلى تشارلوت إليوت في الرابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول/: " أبريل شهر ساحر. أنا أحب دائماً قصيدة تشوسر" عندما تتساقط في أبريل زخات المطر الطيبة الرائحة"7. وكتب تي. أس. إليوت:" هناك أيام ربيعية في لندن.. شعور بشيء يقاوم، يشق طريقه من تحت..". وفي رسالة إلى نتالي كليفورد بارني، كتب إليوت في 11/5/ 1923:" أبريل في الحقيقة هو أقسى الشهور".8 وورد ذكر أبريل أيضاً في مسرحية إليوت" إعادة شمل العائلة":" أليس الربيع وقتاً شريراَ، يثيرنا بأصوات كاذبة؟".9

أما قصة العندليب، فنجدها في " شكوى فيلومين" لجورج غازكوين" التي تبدأ بـ" أبريل العذب"، حين تهاجرالعنادل إلى الجنوب في الشتاء، وتعود إلى بريطانيا في أبريل بأغانيها عن قدر فيلوميل القاسي".10

ما يريد أن يقوله لنا إليوت في هذا القسم هو أن لا أمل هناك بأي خلاص. حتى المطر، باعث الحياة، لا يفعل شيئا سوى تحريك الجذور الهامدة.

ويتكون هذا القسم من أربعة مشاهد تصويرية موجزة، كل مشهد ترويه شخصية مختلفة. المشهد الأول عبارة عن نتف من سيرة ذاتية لطفولة امراة أرستقراطية تدعي أنها ألمانية، وليست روسية. ثم تنتقل إلى الحاضر لتحدثنا عن وجودها القاحل، الفارغ من أي معنى. وفي المشهد الثاني، يدعونا المتحدث، الذي لا نعرف اسمه، إلى رحلة جهنمية في أرض يباب، فيرى شخصاً مجهولاً ايضاً، بظل يختلف عن "الظل الذي يتبعه في الصباح، وينهض ليقابله في المساء"، مجسداً له" الخوف في حفنة من تراب". وهي أبيات مستلهمة من قصيدة" صلوات عن مناسبات وليدة" للشاعر جون دن، وهو من أبرز الشعراء الميتافيزيقيين الإنجليز في القرن السابع عشر. ويختلط مع قساوة هذا المشهد، ويزيد من قساوته في الوقت نفسه، مولونوج داخلي لفتاة تتذكر ماضياً جميلاً ليس ببعيد، حين أهداها رجل، نجهله أيضاً، زنابق وسماها " فتاة الزنبق".

أما في المشهد الثالث، فيقدم لنا إليوت شخصاً بلا اسم أيضاً يبحث عن "هداية روحية"، فيزور "قارئة التاروت"،مدام سوسوتريس، العرافة الشهيرة في أوروبا. وهي شخصية استلهمها إليوت من رواية " كروم أصفر" لألدوس هكسلي10. وما تقوله هذه العرافة، سيشكل مبنى القصيدة، إذ ستخبره عن البحار الفينيقي الغريق، وتحذره من الغرق بالماء، وتحدثه أيضاَ عن الرجل ذي العصي الثلاث، إشارة إلى الملك الصياد،الذي كان يلقب أيضاَ بالرجل المجروح أو العاجز، حسب إسطورة آرثرية، كما أشرنا سابقا في مناقشة العنوان.. لكن إليوت يستخدم الجزء الأول فقط من الأسطورة، المتعلق بالجفاف، خدمة لغرض القصيدة.

قارئة التاروت ستخبره أيضاَ عن العجلة، عجلة الحظ، الذي يقلب دورانها الأقدار البشرية. وهناك أيضاً التاجر ذو العين الواحدة، كما هو مرسوم في ورق التاروت، إشارة للانحراف والإعوجاج، وعن العبء الغامض الذي يحمله فوق ظهره، وعن الرجل المعلق، المتدلي من إحدى قدميه كما هو مرسوم في ورقة التاروت أيضاَ. وهو يمثل، في الوقت نفسه، الرب المشنوق كما ورد في الغصن الذهبي، ويرتبط كذلك مع " الشخص ذي البرنص" في " ماذا قال الرعد"، الفصل الخامس من القصيدة. إنه يمثل التضحية الذاتية لإله الخصب، الذي يتم قتله حتى يجلب انبعاثه الخصوبة مرة أخرى إلى الأرض، كما سنشير في مناقشتنا للترجمات.

يستعيد إليوت هنا حالة ألمانيا قبل الحرب العالمية الاولى، وانعكاساتها على حيوات البشر الروحية، وهذا واضح من خلال إشارته إلى" هوف"، وهي حديقة في وسط ميونيخ، وبحيرة " شتارنبيرغر" ، واستشهاده باوبرا الموسيقار الألماني فاغنر" تريستان وايزولده"، والأرشيدوق، والكونتيسة ميري، وهما شخصيتان تاريخيتان. وتنحدر ميري لويس إليزابيث ميندال من بافاريا. وقد ولدت في عائلة ذات أصول ملكية، وأصبحت كونتيسة في التاسعة عشرة من عمرها، باسم ميري لارستش. أما الأرشيدوق رودولف، فهو ابن عمها، وولي عهد النمسا. ويذكر إليوت، في هوامشه الملحقة بالقصيدة، أن المشهد مأخوذ من محادثات خاصة بينه وبين الكونتيسة ، التي كتبت أيضا ما يشبه ذلك في مذكراتها" ماضيّ" المنشورة عام 1913. ويقال إن الأرشيدوق عثر عليه ميتاً مع عشيقته عام 1889. وكانت ميري هي نفسها قد نجت من محاولة قتلها عندما اكتسحت الحركة العمالية الاشتراكية بافاريا. ومن المعروف، أن الأرشيدوق فرانز فرديناند قد أخلف الأرشيدوق رودولف، لكنه أغتيل وزوجته عام 1914 في سراييفو مما اشعل شرارة الحرب العالمية الاولى.

لماذا يذكر إليوت الكونتيسة ميري والارشيدوق رودولف هنا؟ يرى بعض النقاد أنه يرمز بمصيريهما التراجيديين إلى انهيار الدول، بمعناها التقليدي، وإلى "حكم الغوغاء" في القرن العشرين. في المشهد الرابع، ينتقل الشاعر إلى لندن، حيث تدب على جسرها الشهير أعداد لا تحصى من الموتى، ضحايا الحروب المدمرة، قديماً وحديثاً. من الحروب القديمة، يشير إليوت للحرب البونية بين روما وقرجاج التي جرت أحداثها في صقلية 264-241 قبل الميلاد من خلال شخص كان قد قاتل في تلك الحرب، سماه إليوت ستيتسن.. وكل ذلك من خلال بيت واحد اقتبسه من جحيم دانتي. أما الحديثة فآخرها الحرب العالمية الأولى التي كانت قد انتهت قبل أربع سنوات فقط من نشر القصيدة.

ويختتم القسم بتحميل القارئ المسؤولية أيضاَ من خلال بيت بودلير الشهير في" أزهار الشر"، الذي كتبه إليوت بنصه الفرنسي: You!hypocrite lecteur!-mon semblable،-mon frere!  أنت أيها القارىء المنافق!- يا شبيهي- يا أخي!

القسم الثاني: لعبة شطرنج

العنوان مأخوذ من مسرحية" لعبة شطرنج" لميدلتون، كما يذكر إليوت في هوامشه.

ويذكرنا مطلع هذا القسم بمسرحية" انطونيو وكليوباترا" لشكسبير، وفيها يصف اينوباربس، أقرب أصدقاء انطونيو، كليوباترا في مركبها الفخم. فالسيدة التي يصفها المشهد الأول من القسم تتمتع بثروة مادية هائلة: الكرسي الذي تجلس عليه كأنه عرش، وعطورها، والغرفة ذات الديكور المبهر، يقابلها فراغ روحي مفزع، تزيد من تعميقه صورة معلقة فوق جدران غرفة السيدة، تمثل واحدة من أقسى الأساطير الأغريقية، وهي قصة فيلوميلا، ويعني الاسم السيدة الجميلة، التي اغتصبها تريو، زوج أختها( راجع الهوامش)، وتحولت إلى عندليب ذي صوت( لا يمكن اغتصابه)، لتصبح رمزاً للحب والجمال.

وبعد 30 بيتاً من شعر متماسك الإيقاع، نقرأ قطعاً متناثرة على شكل حوار بين امرأة وحيدة وحبيبها المفترض، أو صوته، الذي يعبر لها عن اعتقاده بأنهم يعيشون في زقاق الجرذان، إشارة لخنادق الجنود في الحرب العالمية الأولى. وحين تسأله المرأة ماذا يتذكر، وتعني شيئاً من ماضيهما العاطفي، يعيدها إلى" دفن الموتى"، القسم الأول من القصيدة، وبيت شكسبير: " تلكما اللؤلؤتان كانتا عينيه" في مسرحية" العاصفة". وبدل قطعة موسيقى رومانسية، يذكرها بـ" خرقة شكسبهيرية"، تحريفاً لاسم شكسبير، وهي قطعة جاز شعبية تعود إلى عام 1912، من نمط موسيقي شعبي سمي بـ" راغ".

إنها حياة خاوية، خالية من أي معنى، ليس أكثر من روتين يومي: الماء الحار عند العاشرة صباحاً، سيارة مغلقة السقف تنقلهما عند الرابعة، لعبة شطرنج في أوقات انتظارهما طرقة على الباب، ضيفاً جديداً يمنح حياتهما معنى ما، لكنه لن يأتي قط. لا شيء سوى صوت الريح يتسرب من تحت الباب المغلق.

أما المشهد الثاني، الذي يبدأ من البيت 140، فهو نقيض، ظاهرياً، للمشهد الأول، حيث السيدة الأرستقرطية، ولكنه يعكس الخواء الروحي نفسه. في هذا المشهد، نلتقي بنساء من الطبقة الدنيا في بار شعبي، يثرثرن، ويتبادلن النميمة بلهجة شعبية ثبتها إليوت كما هي، حسب ما نقلته له المرأة التي كانت تدير أعمال منزله ، حول " ليل"، زوجة جندي عائد من الحرب بعد غياب أربع سنوات، وإهمالها لنفسها، فبدت عجوزاً بالرغم من أنها في الواحدة والثلاثين. ويستمر حديثهن حتى الحادية عشرة ليلاً، موعد إغلاق البارات في لندن، فيضطررن للمغادرة، ويودعهن النادل:

ليلة سعيدة، أيتها السيدات، ليلة سعيدة، أيتها السيدات اللطيفات. ليلة سعيدة، ليلة سعيدة.وهذه هي كلمات أوفيليا التي ودعت بها سيدات بلاط الدنمارك. وكان هملت قد أتهم أوفيليا بأنها عاهرة، ونصحها أن تذهب لماخور. وبعد كلماتها الوداعية هذه، ماتت غرقاَ.

القسم الثالث: موعظة النار

هذا القسم هو أطول أقسام القصيدة الخمسة، إذ يشكل أكثر من نصفها،234 من 434 بيتاَ. وهو يتكون من عدة مشاهد يتم التنقل بينها بدون تمهيد، لكنها جميعاً تعبر عن الفكرة الأساسية المتجسدة في موعظة بوذا، وهي موعظة النار، التي يحث فيها أنصاره على التخلي عن الشهوات الدنوية، والتحرر منها شرطاً لتحررهم.

يفتتح القسم بمشهد ضفة نهر جافة، والفئران والقمامة تحيط بالمتكلم، الذي كان يتأمل في حطام سفينة أخيه الملك. ثم يخاطب النهر، التيمز، طالبا منه الجريان بهدوء حتى يكمل أغنيته.

وهذا البيت مأخوذ من قصيدة"بروثاتاميون"- وتعني أغنية أو قصيدة عن الأعراس- للشاعر الانجليزي إدموند سبنسر(1553/1552-1599)، كتبت عن الزفاف المشترك لليدي إليزابيث وليدي كاثرين.

لكنه ليس زمن إليزابيث وكاثرين. فسرعان ما يختلط المشهد المليء بالعذوبة والجمال بمشهد آخر: الفتيات الجميلات، حوريات البحر، يغادرن النهر الذي لم يحتفظ بشئ من بقايا الوقت الطيب الذي قضينه مع عشاقهن العابرين، أبناء أرباب المال، الذين انصرفوا من دون أن يتركوا حتى عناوين. لا مناديل حرير، ولا قناني فارغة، ولا أعقاب سجائر. لم يبق شيء يذكّر بهم.

يقول لنا هذا المشهد أن لا حب هناك في هذه الأرض اليباب، كما سنرى بعد قليل مع فتاة الطابعة، بل جنس وعلاقات عابرة. وما يدل على وجودها يوماً سرعان ما يلفظه النهر، حتى خرير النهر، لا يسمعه المتكلم بل قرقعة عظام أخيه، وقبله أبيه الملك، وعظام قتلى الحرب التي تحركها فقط أقدام جرذي، عاماَ بعد عام.

ثم، يقفز المشهد إلى اقتراح من التاجريوجينيدس، وهو تاجر ذو عين واحدة كما يظهر في تاروت قارئة الحظ سوسوتريس، يدعو فيه المتكلم إلى فندق يرتاده المثليون. ثم نكتشف أن المتكلم هو تيريسياس نفسه، وهو شخصية أسطورية محورية في القصيدة كما يقول إليوت في هوامشه. وفي القصيدة رجل عجوز أعمى ذو ثديين أنثوين متغضنين. إنه شاهد على كل الأحداث الماضية التي ترويها القصيدة، وقادر على رؤية المستقبل أيضاً.

في هذا القسم، يروي لنا تيريسياس قصة عاملة الطابعة الشابة مع ذلك الشاب الوقح، المتعالي، ذي الوجه المليء بالبثور، الذي كان كل مبتغاه ممارسة الجنس معها، بالرغم من برودها ولا مبالاتها، بل إنها شعرت بالسعادة حين غادرها. ويقول لنا تريستياس أنه عانى كل ذلك من قبل( فهو رجل وامرأة في الوقت نفسه).

ثم ينتقل المشهد إلى بار شعبي، حيث يقضي عمال سوق السمك أوقات الظهيرة. وعلى القرب من هذا البار ما يناقضه: كنيسة جميلة ذات جلال أخاذ. ثم نعود إلى نهر التيمز، حيث الفتيات يغنين، مطلقات صيحات" ويالا لا ليا/ ويلا ويلا ليا لا لا"، وهي صيحات تعبر عن الفرح والنشوة، مأخوذة من أوبرا لفاغنر.

في الوقت نفسه، كانت الملكة إليزابيث الأولى، الملقبة بالملكة العذراء، وحبيبها لورد روبرت دودلي، يجدفان في نهر التيمز. لكن المشهد خال من أية رومانسية، بالرغم من المحار المذهّب والأمواج الرشيقة التي تترقرق على الضفتين، فسرعان ما حملت الريح الجنوبية مع التيار جلجلة الأجراس. والملاحظ هنا أن إليوت صور العلاقة مابين إليزابيث ولورد دودلي على عكس ما هو معروف عن علاقتهما الرومانسية المشوبة، كما سجلها كتاب السيرة. وبعد ذلك، ينعطف المشهد فجأة ليذكرنا بالقديس أوغسطين في اعترافاته، ثم يجمع بين الأخير وبوذا، عبر الإشارة إلى موعظة النار لبوذا (محترقاً، محترقاً).

القسم الرابع: الموت بالماء

هذا القسم هو أقصر أنواع القصيدة. لكنه لم يكن كذلك في المسوّدة التي بعثها إليوت إلى باوند، الذي اقترح عليه أن لا يبقي منه سوى الجزء المتعلق بفليباس. وحسناً فعل باوند، فهذا القسم ربما يكون أكثر أقسام القصيدة شعرية وتأثيراً. إنه يحمل نفساً تراجيدياً إغريقياً واضحاً، بالرغم من أبياته القليلة، وربما بسبب ذلك.

 يتحقق في هذا القسم ما حذرت منه العرافة مدام سوستريس في القسم الأول من القصيدة:" احذر من الموت بالماء"! وفليباس، اسم اختاره إليوت كما اتفق، هو بحار فينيقي. لكن لماذا اختار أن يكون هذا البحار فينيقياً بالتحديد؟ ذلك لأن الفينيقيين اشتهروا بالتجارة، وقد استخدموا في تجارتهم الطرق البحرية التي كانوا يسيطرون عليها، وهي تغطي معظم الشرق الأوسط. فليباس هنا، الذي كان طويلاً ووسيماً، لا يختلف رمزياً عن التاجر الأزميري ذي العين الواحدة، الذي شاهدناه في القسم الثالث، والذي كان يتاجر بالزبيب، ولا يختلف كذلك عن ذلك الشاب الوقح ذي البثور في القسم المشار إليه، المعتد بنفسه، بالرغم من قبحه ووضاعته. يقول لنا إليوت في هذا القسم القصير أن لا جدوى هناك، فكل شىء زائل، والموت يترصد بنا، غرقاً وحرقاً، وعلينا أن نعتبر بفليباس.

القسم الخامس: ماذا قال الرعد

هذا القسم هو أكثر أقسام القصيدة غموضاً، وهو يتضمن ثلاثة مشاهد، كما يذكر إليوت نفسه في هوامشه: " في الجزء الأول من القسم الخامس، استخدمت ثلاث ثيمات: الرحلة إلى عمواس، والوصول إلى الكنيسة الصغيرة الخطرة( أنظر كتاب الآنسة وستون)، واضمحلال أوروبا الشرقية في الوقت الحالي".

وعمواس، التي يشير إليها إليوت، مدينة ذكرها لوقا في إنجيله، وجاء فيه أن المسيح ظهر فيها بعد موته وانبعاثه أمام اثنين من حواريه وهما في طريقهما من القدس إلى عمواس.

جغرافياً، غير معروف موقع عمواس بالضبط، لكن المكتشف إدوارد روبنسون يعتقد أنها القرية الفلسطينية نفسها المعروفة بهذا الاسم، وهي القرية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 ودمرتها وشردت أهلها.

ويمكن تلخيص هذا القسم بكلمة واحدة: البحث عن الماء. إنها عملية بحث مضنية في أرض قاحلة غزاها الجفاف، فليس هناك سوى الصخور، وتيهان في ظلام مادي وروحي. ويبدأ القسم بتسليط الضوء على الوجوه المتعرقة المتعبة بعد رحلة البحث الطويلة بلا جدوى. أماكن صخرية، يزحف فوقها شخصان من ذوي القلانس، ولا يسمع فيها سوى رعد ربيعي بعيد، قادم من جبال بعيدة، لكنه رعد وهمي لا يجلب المطر، مما يضاعف عذاب المرتحلين الظمأى لقطرة ماء في العراء الموحش. ليس هناك سوى كنيسة مهجورة تحرك أبوابها الريح، وصوت ديك وحيد.

ونتيجة التعب، يبدأ الوهم، بأن هناك شخصاً ثالثاً يرافقهما. من هذا الشخص؟ لا يقول إليوت عن ذلك شيئاً، وعلينا أن نستنتج كما نشاء، فربما يكون ظلنا، أو موتنا، أو مسيحنا الخاص. دائماً هناك شيء ما، شخص ما يسير جانبنا. لكن إليوت يخدعنا بقوله: "ما أوحى لي بالأبيات التالية هي قصة واحدة من رحلات القطب الجنوبي( نسيت أيا منها، لكني أعتقد أنها رحلة من رحلات شاكلتون): وهي تروي بأن مجموعة من الرحالة، وهم في أقصى قواهم، قد أصابهم وهم دائم باًن هناك عضواً واحداً زائداً عن عددهم الحقيقي".

ثم ينتقل المشهد إلى نقيضه حيث الماء والنماء، ولكن في أقصى الهمالايا، حيث البشر ما يزالون متمسكين بالقيم الروحية والدينية، مقابل الجفاف الروحي والأخلاقي عند الغرب. هنا أبناء أوغسطين مقابل أبناء بوذا.

يبدأ هذا الانتقال الشعري- الفلسفي الأخاذ بالإشارة إلى نهر غانغا، وهو نهر ينبع من همالايا الغربية، ويمر عبر الهند وبنغلادش الغربية، ويعتبرمن الأنهر المقدسة عند الهندوس، بل أقدسها، وهناك آلهة باسمه. وعنوان القسم نفسه" ماذا قال الرعد" مأخوذ من يوبانيشاد، وهي أساطير هندوسية. وطبقا لهذه الاساطير، فإن الرعد" يعطي، و" يتعاطف" و" يسيطر ذاتيا على نفسه".

المقاطع الختامية لهذا القسم، تنوّع على قوة الرعد هذه، وتمنحنا، في النهاية، شيئاً من السلام، أو الاستسلام الداخلي، أو الصلح مع الذات والطبيعة، حتى لوتحقق ذلك بالموت، إذ نرى الملك الصياد جالساً على الساحل، مفكراً، أخيراً، في تنظيم أرضه وممتلكاته، استعداداً لموته الوشيك.

"شانتيه شانتيه شانتيه" هكذا يختتم إليوت هذا القسم وقصيدته العظيمة، قصيدة القرن العشرين، وهي الخاتمة التقليدية في " يوبانيشاد"، وتعني:

السلام الذي يتخطى الفهم. إنه الاستسلام النهائي.

هوامش

  1. الأسطورة الآرثرية: نسبة للملك آرثر، وهي مجموعة من القصص الرومانسية في العصور الوسطى، تدور حول الملك، ومغامرات فرسانه، وخيانة الملكة مع الفارس السير لانسيلون، مما أدى، إضافة إلى البحث عن الكأس المقدسة، ( التي استخدمها المسيح في العشاء الأخير، ثم منحت إلى جوزيف) إلى خراب المملكة، وموت آرثر.
  2. The Poems of T.S.Eliot ،p. 593
  3. The Poems of T.S.Eliot، ،p.602
  4. The Poems of T.S،p.
  5.  د.عبد الواحد لؤلؤة"، ت.س. إليوت- الشاعر والقصيدة،ص.105
  6. جفري تشوسر: أبو الأدب الانجليزي، كما يلقب، ويعتبر من أعظم الشعراء الإنجليز في العصور الوسطى. وكان أول شاعر يدفن في" ركن الشعراء" في ويستمنستر آبي". اشتهر ب" حكايات كانتربري".
  7. القصيدة التي تشير إليها فيفيان إليوت تبدأ هكذا: عندما تتساقط في أبريل زخات المطر الطيبة الرائحة، التي تخترق جفاف آذار إلى الجذور
  8. ناتالي كليفورد بارني( 1876-1972) شاعرة وروائية وكاتبة مسرحية أميركية، هاجرت إلى فرنسا، وافتتحت في بيتها في باريس صالوناً أدبياً شهيراً، استضافت فيه كتاباً من مختلف أنحاء العالم. أسست" أكاديمية النساء" كرد على الأكاديمية الفرنسية، التي كانت تضم رجالاً فقط. اشتهرت بارني أيضاً بميولها المثلية التي لم تخفها، وكتبت قصائد صريحة عن النساء اللواتي أحبتهن، وخاصة الشاعرة البريطانية، التي كانت تكتب بالفرنسية، بولين ميري تارن( 1877-1909)، والتي عرفت باسمها المستعار رينيه فيفيان.
  9. مسرحية "إعادة شمل العائلة"، قصائد ومسرحيات تي.أس. إليوت،(فيبر وفيبر، لندن،1975)،ص:28
  10. جورج غازكوين شاعر وكاتب مسرحي انجليزي. يعد أهم الشعراء في المرحلة الاليزابيثية المبكرة بعد توماس وايت وهنري هاورد
  11. "كروم أصفر" هي الرواية الأولى لألدوس هكسلي، وقد نشرت عام 1921( قصيدة" الأرض اليباب نشرت 1922). والرواية تروي قصة حفلة في " كروم"، منزل السيدة أتولاين موريل، حيث إعتاد أن يتجمع كتاب، بينهم هكسلي وإليوت. ويعتقد بعض الباحثين أن السيد سكوغان في رواية" كروم أصفر" يمثل الفيلسوف، وزير النساء برتراند راسل، وأن إليوت استخدم هذه الشخصية عن عمد، تعريضاَ براسل الذي أقام علاقة مع زوجته فيفيان.

*يصدر الكتاب هذا الشهر عن "دار المدى" في بغداد.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.