الخلق الكوني والخلق الشعري في شعر ما بعد الحداثة

الخميس 2016/12/01
لوحة: حسين جمعان

لو توافر للنقد تعريف جامع ومانع ومتفق عليه نسبيا، فإن سؤالا آخر قد يعصف به، ألا وهو «في عصر وسائل التواصل الاجتماعي وثورة الاتصالات فضلا عن التأويلية وسلطة القارئ، هل عادت للنقد أي كلمة؟ بكلمات أخرى «هل عاد ممكنا أن تكون ثمة سلطة للناقد أو أن يدّعي أن له مستندا نقديا يسير على هديه ويخضع له النصوص الأدبية بصورة أرقى من سواه؟».

قد لا يحل مأزق النقد مع التعددية إلا التعددية نفسها. النقد لا يوجه الناقد ولا القصيدة بل القصيدة هي التي تحدد طبيعة نقدها. بذلك، لا يرمي الناقد (والقارئ عموما) الكرة في ملعب الشعر بعد أن صار القارئ كاتبا ثانيا للقصيدة وإنما يمنح نفسه حرية لا غنى عنها في قراءة النص الأدبي. هكذا، لا يتحرّج الناقد من استخدام مناهج وتصورات قديمة طالما كان ذلك مفيدا في قراءة القصيدة وإضاءة جوانبها المختلفة.

مثال ذلك، تحليلي هاهنا لقصيدة «رائحة التفاح الأحمر» للشاعر أحمد الشيخ علي. هنا، سأبحث عن معنى القصيدة كمن يبحث عن حلّ للغز على الرغم من محاذير التصور السائد للنقد الأدبي في هذا الصدد. لقد أصبح راسخا الآن أن على الناقد أن يتجنّب البحث عن معنى القصيدة لأنّ معناها مفتوح لقراءات كثيرة جدا، وعلى الناقد أن يحلّق إلى آفاق واسعة بعيدا عن الركض وراء معنى لا يلزم غيره من القراء. بالضد من ذلك، بعض القصائد، كهذه التي أتناولها هنا، مكتوبة لكي نتقصى معناها، وبذلك فقط نلج إلى عالمها، ونتقصى أبعادها، ونعيش تجربتها. باختصار، ليست القصائد سواء، وكذلك النقد.

مسألة أخرى لعل من المفيد الإشارة إليها منذ البداية. أحوج ما تحتاج إليه القصيدة العربية المعاصرة هو تجميع خيوطها المتناثرة لخلق سياق يحقق التأثر والتأثير. للأسف، يكتب الشعراء العرب الآن بمعزل عن بعضهم بعضا لأسباب شتى لا مجال للخوض فيها. بلا سياق، يكاد يذهب الجهد الشعري والارتقاء الجمعي أدراج الرياح. إن هذا المقال مجرد محاولة للإشارة إلى خيط من هذه الخيوط الذي وصلت به القصيدة والعربية إلى أوج ارتقائها فنيا، كما أزعم.

النص

رائحة التفاح الأحمر

أحمد الشيخ علي

دخلت المرأة ..

لا بدّ أنها دخلت هذه المرأة،

كنت أغلقت الورقة على كلّ شيء…

كانت الورقة ممتلئة ولا مكان لها،

كان آخر ما احتملته الورقة

أغنية نكثتها العصافير -وهي تخرج من الليل- مع الندى

ودخلت الورقة معي.

كانت الورقة ممتلئة بشجرة اتكأ عليها ظلّي،

بينما كنت أحمل النهر إلى الورقة

وعلى مقربة من الشجرة والنهر

أوقدت نارا في الورقة

وتركتها تشتدّ مع الريح التي أقبلت مسرعة

أغلقتها الورقة علينا حتى احترقنا جميعا…

ولم تكن معنا

فمن أين دخلت هذه المرأة،

هذه التي لم تكن معنا في الورقة ..

هذه التي لها رائحة التفاح الأحمر؟

تمثل الأبيات الأربعة الأولى مدخل القصيدة مثلما تشكل الأبيات الأربعة الأخيرة الخاتمة. بين المقدمة والخاتمة متن القصيدة الذي يتضمن سردا شعريا يحمل جوابا على سؤال القصيدة: من أين دخلت المرأة التي لها رائحة التفاح الأحمر؟ علينا أن نبحث إذن في متن القصيدة وألاّ نتعثر بما سواه فليس المدخل إلا مقدمة لسؤال القصيدة الذي يتكرر في خاتمتها.

تأريخ الورقة

الورقة هي المحور الذي يدور حوله المتن. لا تعريف محددا لها في النص ولكن ملامحها تتجلى شيئا فشيئا. البيتان الخامس والسادس يعطيان الورقة تأريخا شديد الإيحاء:

كان آخر ما احتملته الورقة

أغنية نكثتها العصافير -وهي تخرج من الليل- مع الندى

لماذا هذا التأريخ الذي يرويه الشاعر قبل أن يحكي عن علاقته مع الورقة؟ في واقع الأمر، هو ليس تأريخا بمقدار كونه أحدث حلقة من حلقات الأحداث التي شهدتها الورقة قبل أن تصل إلى الشاعر. ولكن يبقى السؤال قائما على أيّ حال: ما أهمية ذلك؟

والجواب هو أن الشاعر يحقق عدة مقاصد من وراء هذين البيتين:

أولا: الشاعر يعرض لحال الورقة قبله لكي يصبح من الممكن مقارنتها بحالها بعده.

ثانيا: مناهضة ماضي الورقة في أحدث حلقاته.

ولكن ما دلالة هذين البيتين؟

لنعيد كتابة البيتين بصيغة مباشرة ومختصرة: الورقة غدت أغنية نكثتها عصافير خرجت من الليل. «نكثت» هنا محورية وشديدة الأهمية. تحمل هذه الكلمة معنيين مرتبطين ببعضهما بعضا: النشر (نكث السواك: شعثه، فرق رأسه ونشره) والنقض (نكث اليمين: نقضه ونبذه). من سياق الكلام، يبدو المعنى الأول هو الأقرب فالعصافير تهز أجسادها لتنث الندى عنها. هذا المعنى قارٌ في الموروث الشعري العربي («كما انتفض العصفور بلله القطرُ» وليس القطرُ سوى الندى). ومع ذلك، فإنني أزعم أن المعنى الآخر لكلمة نكث هو المراد هنا لسببين:

الأول: سياق الكلام. العصافير تنكث الأغنية وليس الندى فقط: « أغنية نكثتها العصافير… مع الندى». وعلاوة على سياق الكلام، فإن «تخرج» تعزز رأيي أيضا. النكث مفهوما على أنه نقض يتوافق مع فعل الخروج أكثر من توافقه مع فعل النشر. العصافير تنقض الأغنية وهي تخرج من الليل إلى ما سواه (الفجر على الأرجح).

الثاني: الدلالة العامة للبيتين الرابع والخامس. العصافير تنقض الأغنية (الورقة) وتخرج من ليلها. وهكذا تبقى الورقة في ليل سديم مع أغنية بلا عصافير. هذه هي حال الورقة قبل أن تصل إلى الشاعر. إنها الشعر وقد بات هيكلا بلا روح.

من الماضي إلى الحاضر

البيت السابع «ودخلت الورقة معي» ينقل القارئ من ماضي الورقة إلى حاضرها مع الشاعر. سنرى في ما سيأتي كيف أن الورقة ستكتسب فعالية خلاقة.

العنصر الأول: التراب

البيت الثامن يقدم العنصر الأول من عناصر المادة «كانت الورقة ممتلئة بشجرة اتكأ عليها ظلّي». الشاعر يفيد من وجود الشجرة التي ملأت الورقة ويستند إليها. امتلاء الورقة بالشجرة يدعو للتأمل. هل الامتلاء هنا علامة إيجابية أو سلبية؟ بكلمات أكثر وضوحا: هل يشي الامتلاء هنا بخلوّ الورقة من أيّ شيء آخر. إذا فهمنا الشجرة على أنها التراب الذي طلعت منه -كما ستدفعنا إلى ذلك دلالة الأبيات اللاحقة- فإن ذلك يعني أن الشاعر لم يرث ممن قبله إلا التراب الذي هو أرض القصيدة التي وقف عليها وانطلق منها.

العنصر الثاني: الماء

مع البيت التاسع «بينما كنت أحمل النهر إلى الورقة» يبدأ الشاعر بالعمل. يبدأ بجلب بقية عناصر المادة إلى الورقة ويبدأ بالنهر الذي يحمل دلالة مباشرة على الماء من دون أن يسمّيه بشكل مباشر.

العنصر الثالث: النار

في البيتين العاشر والحادي عشر يفصح الشاعر باسم العنصر الثالث فعلي مقربة من الشجرة والنهر «أوقدت نارا في الورقة». من المهم جدا هنا أن نفرّق بين الحرق والإيقاد. الشاعر لم يحرق الورقة ولكنه أوقد فيها نارا. النار هنا ليست قوة تدميرية وإنما قوة فاعلة لتوليد الطاقة الخلاقة.

العنصر الرابع: الهواء

في البيت الثاني عشر، يظهر الهواء على شكل ريح سريعة بعد أن يترك الشاعرُ النار تزداد ضراوة «وتركتها تشتدّ مع الريح التي أقبلت مسرعة». الشاعر هنا لا يجلب الريح ولكنه على نحو غامض يستدعيها. كأنك حين تستجمع عددا لا بأس به من العناصر تهب العناصر الأخرى لتلتحق من تلقاء نفسها بالركب. يشبه قدوم الريح في هذا البيت إلى حدّ ما استجلاب الريح في رواية «الخيميائي» لبابلو كويلهو. في الرواية، يقوم سانتياغو باستحضار الريح التي تلفّه بقوة حتى يظن من امتحنوه أنه صار هو نفسه ريحا عاتية. التشابه هنا لافت لأن الرواية وهذا النص ينتميان جميعا إلى أدب بعد الحداثة.

أتون الخلق الشعري

مثلما انصهر سانتياغو لمن شاهدوه مع الريح، ينصهر الشاعر مع العناصر الأربعة في الورقة التي يتضح الآن أنها وعاء أو فضاء للالتقاء والتفاعل والخلق؛ «أغلقتها الورقة علينا حتى احترقنا جميعا». ماذا يحدث حين تتماهى العناصر الأربعة مع الشاعر في الورقة؟ بدل أن يقدم الشاعر جوابا عن ذلك يطرح سؤالا يُنهي به القصيدة:

فمن أين دخلت هذه المرأة،

هذه التي لم تكن معنا في الورقة ..

هذه التي لها رائحة التفاح الأحمر؟

اللعبة

إن الشاعر يَحار بسرّ دخول المرأة في الورقة وهي حيرة مطلوبة لتحريض القارئ على إجالة فكره والسعي لإماطة اللثام عن معنى النص.

ولكن من أين ظهرت المرأة؟ ومن هي؟

ظهرت المرأة من التقاء العناصر الأربعة. حين يجتمع التراب والماء والنار والهواء تتكون المادة. هذه المادة هي الحياة. المرأة بهذا المعنى هي الحياة نفسها بما تنطوي عليه من حب ونماء وخصوبة. إن المرء يعجب من أين ظهرت الحياة ولكن الخالق يدرك تماما سببها. وسر العجب هو أن الإنسان عادة ما يظن أن الخلق مسألة اختيارية في حين أنه -بنظرة معمقة كما تكشف هذه القصيدة- مسألة حتمية، فأينما اجتمعت عناصر الحياة نراها تتكون. القصيدة نفسها لا خيار للشاعر في أن يصنعها فحالما استوفت شروطها التأمت خيوطها وتكوّن بنيانها بشكل عاتٍ. إنها تلح عليه ليوجدها. إن الخالق سواء كان شاعرا أو غيره يصنع الأشياء لأنه قدرة هائلة على الخلق. المسألة تتجاوز أن الخلق أمر اختياري أو إجباري؛ إنه أمر حتمي. إن خلق الأشياء جزء من الخالق وأحد أهم مظاهره. بدل أن نعجب من خلق الخلق علينا أن نعجب من عدم خلقها. بكلمة أخرى، عوضا عن السؤال: لماذا ظهر الوجود، نسأل: كيف يمكن ألاّ يظهر؟ باختصار، الخلق هو الأصل وليس العدم. الخلق ضرورة وليس اختيارا. ومع ذلك، فإن الخالق ليس مجبرا على الخلق. إنه صفة من صفاته مثلما الارتفاع صفة من صفات الجبل، والحرارة صفة من صفات الشمس.

رائحة التفاح الأحمر

لنتوغّل أكثر في القصيدة. مما تقدم عرفنا كيف ظهرت المرأة ومن هي. أما الآن، فسنحاول تحرّي دلالة صفتها الوحيدة الممنوحة في النص وتحديدا في البيت الأخير منه «هذه التي لها رائحة التفاح الأحمر؟ هذه الصفة مهمة جدا، فبها تنتهي القصيدة ومنها ينحت الشاعر عنوانها. الآن، لنسأل: لماذا الرائحة؟ ولماذا التفاح؟ ولماذا الأحمر؟

المرأة لها رائحة التفاح الأحمر. إنها تحمل أثرا من التفاح الأحمر بدل التفاح الأحمر نفسه. المرأة بكل دلالاتها السابقة مؤشر على التفاح الأحمر. إنها موحية فقط في حين أن المُوحى إليه هو الأكثر أهمية. التفاح الأحمر هو الأساس. التفاح الأحمر هو أيضا إيحاء أو رمز. بالنظر إلى سياق القصيدة ودلالاتها الرمزية عن ولادة العناصر، يبدو التفاح الأحمر مرتبطا بقصة الوجود الأولى، بآدم وحواء والخطيئة الأصلية. التفاح هو الإغواء الأوّل المرتبط بالمرأة الذي بسببه تحققت الحياة على الأرض. حواء، وفق القصة التوراتية، هي التي أغوت آدم بالتفاحة. لاحقا تصبح المرأة، من خلال الفكر الجمعي البشري ومنذ قصة انكيدو معها في ملحمة كلكامش حتى الآن، هي الإغواء نفسه، ولا سيما جنسيا. التفاحة والمرأة تكادان تكونان شيئا واحدا. في هذا المضمار، لا يعدو الأحمر أن يكون لون الإغواء المرتبط بالإثارة والجنس والخطر. (الإثارة تجعل القلب يدقّ على النحو الذي يفعل أمام الخطر). إن الأحمر لون الدم والتحذير والممنوع الذي لا يفعل شيئا سوى أنه يزيد من الإغواء.

قصتا خلق

لقد تضمنت هذه القصيدة على قصرها قصة الخلق. لكنها لم ترو هذه القصة (ربما لو فعلت لكانت قصيدة حداثة)، وإنما خلقت قصة خلق جديدة توازي بطريقتها الخاصة قصة الخلق الأولى. الشاعر لا يروي قصة وإنما يخلقها. ما الفرق؟ الذي يروي قصة يكرر وقوع أحداثها في حين أن الذي يخلق قصة يبتكر الأحداث ومن خلال الابتكار نرصد تكرارا لوقائع قصة أخرى. التكرار الأول سطحي ومباشر وغير خلاّق في حين أن التكرار الآخر يقف على النقيض من ذلك. إن قصة الخلق في القصيدة تعطي للشعر قوته الخلاقة لكي يكوّن وجودا موازيا. هنا نستمتع بقصة خلق أخرى بطلها الشاعر وموضوعها الوجود. تحقق العالم من التقاء العناصر في بودقة الكون، ويتحقق مرة أخرى هنا من هذه العناصر ولكن في بودقة القصيدة. ظهرت المرأة من ضلع آدم وتظهر هنا من ضلع القصيدة. القصيدة هي رحم وجود جديد تتخلق فيه عناصر الطبيعة.

القصيدة كون يشتمل على الشاعر نفسه الذي يلمّ عناصر المادة ويخلق المرأة ومعها الكون، من دون أن يدري ربما. القصيدة كون يتضمن عملية خلقه؛ هكذا تخلق القصيدة نفسها. إنها بذلك تحكي بطريقتها الخاصة كيف أن الكون، كما يقول العلم الحديث، يتولد من تلقاء نفسه من خلال الانفجار الكبير ثم الانكماش فالانفجار الكبير وهكذا دواليك. لعل الورقة وهي ممتلئة في بداية القصيدة تمثل الذرة الأولى بالغة الصغر التي تركزت فيها مادة الكون بأكمله لتُسبّب بعد حين الانفجار الكبير مُوجدة بذلك الكون بما في ذلك حياتنا.

موقع الشاعر

بقدر ما أن الشاعر الذي في النص يجمع عناصر الوجود ويؤلف بينها فإنه في الوقت نفسه جزء منها أيضا «أغلقتها الورقة علينا حتى احترقنا جميعا». يصبح الشاعر نفسه مادة بين المواد تنصهر لتظهر المرأة التي لها رائحة التفاح الأحمر. المسافة بين هذا الشاعر (الداخلي) والشاعر (الخارجي) الذي أنتج النص ليست واضحة جدا. لا حدود قاطعة بين الداخلي والخارجي في القصيدة. إن هذه السمة هي واحدة من أهم ما يفرّق شعر بعد الحداثة عن قصيدة الحداثة التي سبقته. ففي شعر الحداثة كان الحد واضحا إذ كان الشاعر كما يقول الناقد تشارلز ألتيّري في مقاله «من الفكرة الرمزية إلى الحضورية: أرضية الشعرية الأميركية بعد الحداثية»، يصر على «أن القيمة هي صنع إنساني داخل الكون». في المقابل، هناك «الإصرار بعد الحداثي على أن القيمة ليست وليدة التأمل وإنّما تنبع من الارتباط المباشر للقوى الكونية الخاصة بالكينونة وهي تشتغل على الخاص». بعبارة أخرى، الشاعر «الخاص» في ترابط وثيق مع الكوني ضمن عملية خلق تسير على الدوام من الشاعر إلى الكون ومن الكون إلى الشاعر في آن معا.

بقدر ما يخلق الكونُ الشاعر فإنه يخلق نفسه لأنّ في الشاعر قدرة كونية على الخلق مستمدة من الكون نفسه. الشاعر هنا ليس فقط مرآة الكون ولكنه أيضا الكون نفسه. هنا أستعير بالطبع تعبير أبي يزيد البسطامي «كنت لي مرآة فصرتُ أنا المرآة».

من وجهة نظر الشاعر، عندما يخلق كونه الشعري فإنه يخلق الكون أيضا لأن في استعماله لقدرته على الخلق الشعري تحويلا لمادة الكون من عنصر متخلّق إلى عنصر خالق. لكي يفعل ذلك يزجّ بنفسه في الورقة ويغلقها عليه وعلى بقية المواد. الشاعر يستعمل قدرته الكونية على الخلق من خلال كينونته لحث العناصر الأخرى على أن تتحول من مفتعلة إلى فاعلة. هكذا يصير الكون خالقا.

من هنا، تقف قصتا الخلق أمام بعضهما بعضا: قصة آدم، وقصة صاحبة رائحة التفاح ضمن سياق الخلق الكوني في مقابل الخلق الشعري لا لكي يكتبا قصة جديدة على غرار ديالكتيك هيغل ذي التكرار الحتمي مثل ماكنة صماء، ولكن من أجل أن تمنح كل واحدة للأخرى إضاءة جديدة تذهب بهما إلى أبعد مما يمكن أن يحققا بنفسهما من دون أن يتماهيا معا أو أن يوّلدا باندماجهما قصة جديدة. هنا ينجح الشعر في استنباط معان جديدة من خلال التوازي وليس الهرس والدمج. النص تحريض على التأويل لفتح مسارات جديدة في الرؤية والمعالجة.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.