الليلُ في شوارعِ المدينةْ
• إلى رايموند كارفر
الليلُ في شوارعِ المدينةْ،
مُدمِنةٌ تُراقبُ الدواءَ من واجهةٍ مُقفلةٍ،
وقد طما لُعابُها،
مُراهقٌ مُدخِّنٌ ويطفئُ الأعقابَ في نهدَيْ فتاةٍ،
وُشِمَتْ أردافُها،
سيّارةٌ مركونةٌ يُمارَسُ الجنسُ بها،
أرغفةٌ يابسةٌ تعفَّنتْ،
وسائلٌ أبيضُ في الزوايا،
شتائمٌ مكتوبةٌ في الحيطانْ،
وصرخةٌ مرعبةٌ من فُندُقٍ قد لفَّهُ النِّسيانْ.
***
الليلُ في شوارعِ المدينةْ،
مُشرَّدونَ مجرمونْ،
وآخَرونَ طيّبونْ،
نافذةٌ مُشرَعةٌ تنسابُ منها عالياً أغنيةٌ حزينةْ.
***
وثَمَّ في فرعٍ يضيقُ حانةٌ،
ولوحةٌ ضوئيةٌ حمراءْ،
بها يُقدَّمُ النبيذُ لاذِعاً،
وأرخصُ النساءْ،
الكلُّ مسموحٌ لهُ الدخولْ،
بدافعِ اللهوِ هنا ودافعِ الفضولْ.
***
إضاءةٌ خافتةٌ،
مقاعدٌ طويلةٌ،
ومَشرَبٌ صُفَّتْ عليهِ الكؤوسْ،
نادلةٌ عاريةٌ،
وأنفُها مُثقَّبٌ،
تَنفُخُ في عِلكتِها،
كأنَّها زنبقةٌ عصيّةٌ على الفؤوسْ!
***
تحلَّقَ الرجالُ حولَ المِنضدةْ،
ليلعبوا القِمارْ،
وآخَرونَ اقتعَدوا طاولةَ البلياردْ،
وأمسَكوا عِصِيَّهم بتؤدةْ،
كُرُاتُهم أقدارُهم،
ناتئةٌ عظامُهم وليلُهم نهارْ.
***
يا عازفَ السكسفونْ،
أريدُ أن أرقُصَ،
بل أريدُ أن أخونْ،
أريدُ أن تلتصقَ الأجسامُ في مُجونْ،
أريدُ أن أُمزِّقَ الغِشاءَ في جنونْ،
أريدُ أن تلتحمَ الغصونُ بالغصونْ،
أريدُ أن أكونْ،
أريدُ أن أكونْ.
***
الليلُ في شوارعِ المدينةْ،
صافرةٌ وطلقةٌ،
نُباحُ كلبٍ جائعٍ،
وجثةٌ بدينةْ.
***
المجدُ للآباءِ، للشيخوخةْ،
المجدُ للكحولْ،
المجدُ للأريكةِ المُمزَّقةْ،
لامْرأةٍ مُطلَّقةْ،
لحبّةِ المُنوِّمْ..