النص المفتوح والنص المنغلق عند أمبرتو إيكو
يختلف النص الأدبي عن النصوص الأخرى اختلافاً جذرياً وذلك لأن النصوص غير الأدبية تصف أهداف موجودة بالفعل أو تعد شرح لها، ومن ثم فهي نصوص ثابتة بعكس النصوص الأدبية التي تنشأ أهدافها بذاتها، فليس هناك هدف ملموس يتزامن معها في عالم الحقيقة المادية، على الرغم من أن هذه النصوص تتشكل عبر عناصر موجودة في ذلك العالم. وعلى الرغم من أن النص الأدبي لا يقدم حقائق في لا محدودية النصوص الأدبية. وهذه اللامحدودية للنصوص الأدبية قد تكون غير قابلة للتوازن المضاد الموجود في العالم الحقيقي ومن ثم فإن عالم النص يؤسس نفسه كمنافس مع العالم الحقيقي، وبذلك نرى بعض النصوص تميل بطبيعتها إلى نقد الواقع.
من الممكن للامحدودية في النص الأدبي أن تكون قوة مضادة في أي وقت وذلك فيما يتعلق بتجربة القارئ الشخصية، حيث يمكنه تقليص النص إلى حد يتناسب مع خبرته شريطة أن يضع جلّ اهتمامه في النص حتى يجعل منه قوة مضادة للاّمحدودية، والتي تختفي عندما تبدأ أهداف القارئ.
ومثل هذه التفاعلات الأساسية توضح وضع النص الأدبي وسماته الرئيسية حيث أنها تضعه في مفترق طرق بين أهداف العالم المادي وعالم القارئ ذاته وخبرته ومن ثم نقول إن قراءة النص هي عملية تسعى من خلالها إلى تثبيت هيكل النص المترنح حتى يرسو إلى معان محددة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما هي المادة الحقيقية لتلك النصوص الأدبية؟ وهل ليس لها نظير في عالم الأهداف التجريبية؟
إن الأهداف الأدبية توجد في الحياة من خلال مجموعة من وجهات النظر المتباينة والتي تشكل “الهدف” في مراحل معينة، وفي الوقت ذاته تقدم شكل وصيغة ملموسة للقارئ حتى يكملها هو.
وقد قام الفيلسوف البولندي رومان إنغاردن بصياغة مصطلح “وجهات النظر المنظمة” ليوضّح لنا أن كل قارئ لا يقدم الهدف بشكل عرضي أو غير عرضي، لكن بشكل تمثيلي، بحيث تكون هذه المنظورات ضرورية لتقديم فكرة واضحة عن الهدف الأدبي. كما أن كل وجهة نظر سوف تكشف بشكل عام عن جانب تمثيلي، ومن ثم فهي تحدد الهدف الأدبي، كما تحتاج في الوقت نفسه إلى محددات جديدة مما يعني أن هناك هدف أدبي لا يبلغ غايته.
وبذلك يمكننا القول بأن وجهات النظر المنتظمة تشكل طابعاً أساسياً للنص الأدبي وقد توجد بعض التدخلات بين هذه الوجهات، وإن كانت لا توجد علاقة تربطهم بعضهم ببعض.
وكما يرى أمبرتو إيكو أن اللامحدودية تخلق نوعاً من الفجوات التي تعطي القارئ الفرصة كي يبتكر الحلول لسدها كما يرى هو. ويعد من المستحيل بالنسبة إلى نص أن يقوم برأب هذه الفجوات، بل بالعكس كلما حاول النص أن يكون حقيقياً “أي كلما حاول أن يقدم وجهات نظر منظمة كلما زاد عدد الفجوات بين وجهات النظر”. ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال أخذ فجوات النص الأدبي على أنها عيب بل بالعكس أنها عنصر أساسي من عناصر الاستجابة الجمالية، كما أنها غير ذات قيمة إلا بمدى تأثيرها على القارئ، وبهذه الطريقة تتم قراءة القطعة الأدبية. وبذلك فإن كل نص أدبي يدعو القارئ من جانبه للمشاركة، فالنص يوضح الأشياء أمام القارئ وعلى القارئ قبول ذلك أو رفضه، مما يؤدي إلى تحقيق مساهمة القارئ.
إن عنصر اللامحدودية في الأدب يمثل أهم حلقة وصل بين النص والقارئ، فهي بمثابة القوة الواصلة التي تحفّز القارئ على استخدام أفكاره حتى يتمكن من إدراك فحوى النص. وبذلك فالتركيبة النصية في النصوص الأدبية تختلف عن النصوص الأخرى التي تشكل المعنى الملموس لأن الأخيرة بطبيعتها مستقلة عن القارئ وذلك بالنسبة إلى المعنى أو الحقيقة التي تعبر عنها والتي توجد بشكل مستقل عن مشاركة القارئ.
أما بالنسبة إلى النصوص الأدبية، ولأنها ذات تركيبة نصية مختلفة، فإن ميلادها يتم مع ميلاد كل قراءة جديدة لها. فمن الحتمي الاعتماد على القارئ لإدراك المعنى المحتمل أو الحقيقة، فالمعنى لا يكمن في النص فقط لكن من خلال القارئ الذي يخرج ذلك المعنى ويدركه. ولأن إدراك النص الأدبي يمثل حقيقة ليس فقط في عالم الأهداف لكن في خيال القارئ فإن ذلك يكسبه أسبقية على النصوص غير الأدبية التي تحتاج إلى بيان بشأن الحقيقة أو المعنى وذلك مثل النص السياسي.
كما إن تلك النصوص الأدبية تكون لها بطبيعة الحال فرصة كبيرة لتخطّي الوضع التاريخي المؤقت وبذلك فهي تمثل حقائق خالدة ومتغيرة في وقت واحد، وهي خالدة من حيث كونها منفصلة عن الزمن العادي والوضع التاريخي، ومتغيرة في كون تركيبها دائماً يسمح للقارئ بأن يأخذ مكانه داخل ذلك العالم المعني بالخيال. فيفتح النص الباب أمام كل قارئ لكي يفسره تفسيراً خاصاً، والقارئ لا يتعلم فقط أن يقرأ النص ولكن يتعلم كيف يقرأ ذاته وذلك يعد من أهم القيم الرئيسية في الأدب.
إن المعرفة التفسيرية للنصوص تختلف عن المعرفة التركيبية للعلوم المادية. فالمعرفة التفسيرية لم تدخل الساحة الأدبية لتجربة أمكن السيطرة عليها أو التحكم بها، لكنها وجدت كنتيجة لتجربة لم تتمّ السيطرة عليها للمفسر أو القارئ. فالتفسير هنا لم يتمّ من خلال التتبع المنطقي للمواقف أو الوقائع ولكن يتم من خلال الاستجابة النقدية للقارئ. وبذلك فحقيقة شيء ما تتطلب جمهوراً حتى تُكتسب، فالحقيقة الخاصة بالتوراة على سبيل المثال تتطلب تصديق القارئ.
وكذلك الأدب ليس له معنى يجعله منفصلاً عن تصديق القارئ ولا يكون الحكم عليه حكماً موضوعياً. فالعمل الأدبي هو استجابة لتجربة الكاتب الحياتية ومن ناحية القارئ فإن الفهم والتفسير يكون طبقاً لتجربة القراءة الخاصة بالقارئ. وبذلك لا بدّ من دراسة العلاقة بين العمل والمتلقي، ومن العبث أن تتصور أننا يمكننا أن نتحاشى التداخلات الخاصة بالتفاعلات الذاتية أو التحيزات الخاصة بنا ولكن لا بد من الاهتمام بالأساس الذي تقوم عليه التجربة الأدبية التي تعدّ في نهاية المطاف مشروعاً شخصياً فردياً.
وفي ذلك يقول أدونيس “إذا كانت كتابة القصيدة قراءة للعالم، فإن قراءة هذه القصيدة هي كتابة للعالم” حيث أن الطابع المتناقض للنص حسب ما يذهب التفكيكيون أحد الأشياء التي تؤسس اللاقابلية للقراءة، أعني القراءة الواحدة. وفي ذلك يفرق بارت بين نص قابل لتلك القراءة وهو النص المستهلك وذلك بسبب وضوحه التام، ونص آخر قابل للكتابة وهو ما يتطلب من القارئ تعاوناً فعلياً ومشاركة في إنتاجه وكتابته مرة أخرى. إن لا قابلية النص للقراءة عند بارت تعني قابليته للكتابة.
وليس التفكيكيون وحدهم هم من يمنحون القارئ حرية واسعة في تعامله مع النص فهناك مثلاً ستانلي فيش وهو أحد منظري التلقي وليس من التفكيكيين يذهب إلى أن الكاتب الحقيقي للنص هو القارئ، وأن القراءة ليست اكتشافا لما يعنيه النص وإنما سيرورة اختيار لما يفعله بنا وما يفعله النص بنا متعلق بما نفعله نحن به.
وكذلك أمبرتو إيكو الذي يفرّق لنا بين نوعين من النصوص هما النص المنغلق والنص المنفتح، فالنص المنغلق هو ذلك النص الذي يتم ترتيب عناصره بطريقة ثابتة ومستقرة مع بعضها بعضا في ظل حدود واضحة داخل النظام وبين غيرها من عناصر خارج النظام. وهذا النص حسبما يراه إيكو الذي لا يأخذ فيه المؤلف حسباناً لإمكانية نصيّة يجوز أن تفسر وفقاً لقراء مختلفين في ظل ظروف مختلفة، حيث يكتب ذلك النص في زمان ومكان مجددين ليروق لأناس في ذلك الزمان والمكان، ومن ثم يسلم المؤلف بالمعلومات الاجتماعية والثقافية والمعتقدات الشائعة في ذلك الحين.ومثال على ذلك يضرب إيكو مثالاً من خلال دراسته لروايات جيمس بوند، حيث أن إيان فلمنج يميل لاعتبار البريطانيين هم أعظم شعوب العالم وأنهم متفوقون على جميع أجناس الأرض وأن الشعب الروسي لا يمثل خطراً وأنه شعب أليف، وكان ذلك الرأي لمجرد أن روسيا كانت ومن وجهة نظر الرأي العام أقل تهديداً لأوربا في ذلك الوقت، ومن ثم كان النص متعلقاً على الوجهة الأيديولوجية المحددة في ذلك الوقت.
عنصر اللامحدودية في الأدب يمثل أهم حلقة وصل بين النص والقارئ، فهي بمثابة القوة الواصلة التي تحفّز القارئ على استخدام أفكاره حتى يتمكن من إدراك فحوى النص
أما النص المنفتح فهو يشبه الكائن الحي في كونه يتجدد باستمرار خلال تبادلات مع العالم الخارجي الذي يقدّم له الزاد من أجل بناء الخلايا الحية. وبذلك فالنصوص منفتحة من حيث أنها تتطلب تعاوناً نظرياً وذهنياً من القارئ الذي ينبغي أن يؤسس علاقات متبادلة بينه وبين وحدات النص. كما أن هذا النص لا يعتمد على الآراء الشائعة، لكنه على العكس يُشكل عبر أفكار مخالفة تعمل على خلق آراء جديدة متميزة.
وفي ذلك يقول برنستين في النص المتعلق تكون فيه المعاني خاصة وضمنية ومتصلة بسياق معين، وذلك على عكس النص المفتوح الذي تكون معانيه شاملة وغير متّصلة بسياق معين، ومن ثم يمكن فهمها من خلال آخرين يفتقدون السبيل إلى السياق الذي يحدث فيه الكلام بشكل صريح.
والنص الجمالي يعدّ منفتحاً ومنغلقاً في وقت واحد. فهو منفتح من حيث أنه يتجدد بتجدد القراء ودوافعهم في التعامل معه وظروفهم الثقافية والتاريخية.. إلخ، فهو كيان غير مكتف بذاته. أما كونه منغلقاً فهذا الانغلاق يكون بالمعنى الإيجابي من حيث كونه بنية خاصة تجوز دراستها بشكل مستقل، ومن ثم تتم قراءته في ظل سياقه الخاص.
ويستشهد إيكو بنصوص أدبية عديدة باعتبارها منفتحة وفق المعنى المتقدم مثال:
- روايات كافكا وذلك من حيث أنه لا يوجد مفتاح لتفسيرها.
- مسرحيات بريخت التي تتطلب من المشاهد أن يبتكر حلاً للمشكلة التي عرضت.
- أعمال جويس خاصة “يقظة فينيغان” حيث يكون هذا العمل مفعم بالتوريات المحكمة التي يمكن أن تسفر عن قراءات متعددة بكل جملة وفي المقابل يستشهد إيكو بنصوص منغلقة لا تحمل تنوعاً مثال:
- روايات جيمس بوند لإيان فلمنج.
- روايات السوبر مان الهزلية التي يعد لكل منها موضوعاً مستقلاً.
لكن من السذاجة أن نعتبر التمييز بين النص المنغلق والمنفتح يعني التمييز بين الرفيع والمتدني لأن الأمور ليست بهذا الشكل، ذاك أن الأمر يتعلق بالبنية الرمزية وعلاقتها بالحبكة. إن حبكة الرواية المنفتحة هي التي لا تكتمل، لكن الحبكة المنغلقة هي التي تضم مواضع متكررة يمكن فيها للقارئ أن يتكهن بالمرحلة اللاحقة وذلك لأن الكاتب يؤكد باستمرار على ما يؤدي إلى ذلك.
إن النص هو الذي يفترض مسبقاً قارئا نموذجيا يعمل بكفاءة خارج النص، لكن من الجانب الآخر يعمل على بناء تلك الكفاءة بوسائل نصية مجردة، والكفاءة النصية هي الأطر المتبادلة والمتكافئة داخل النص.
يقول إيكو “في النص يكون القارئ هو المتحدث الوحيد وتلك العبارة نجد لها مرجعية في قصة بلزاك “سيراسين” حيث ظل زامبنيلا مستغرقاً في التفكير وكان شيئاً روّعه نظراً لأن الراوي يعرف أن زامبنيلا مروّع في الحقيقة. فكان الخطاب يتحدث تبعاً لاهتمامات القارئ الذي يريد تنويراً وإيضاحاً أكثر من ذلك، إلا أنه يسير على نفس الغموض ليستفز متعة القراءة.
وذلك يعني أن هناك استدلالا نصيا يقوم به القارئ يعتمد على التبادل والتجاذب الدلالي. ويستشهد إيكو بأهمية دور القارئ خلال تحليله لقصيدة “القطط” لبودلير فيري:
- أولاً: إن في القصيدة يأتي اسم القطط مرة واحدة ثم يستبدله في أشعار لاحقة بواسطة ضمائر الإشارة التي تشير إلى تلك القطط.
- ثانياً: يظهر استدلال يعتمد على التجاذب الدلالي بين كلمات وجمل مختلفة مثل “العالم السفلي”، “رعب الظلمات” وهنا يوضح إيكو دور القارئ في تحقيق النص، أي تلقيه للإشارة اللغوية المركبة وترميزها، فالقارئ لا بد أن يكون على علم بكتابة النص، والشفرات المألوفة التي يمكن تفسير النص خلالها دون التماس عناصر خارجة عن ذلك النص لأن النص يعطينا فهمه بذاته، وقد أكد سارتر في مقالاته الشهيرة عن الكتابة المعنونة “ما الكتابة؟“ و”لماذا نكتب؟” و”لمن نكتب؟” عن أهمية النص من حيث الأسلوب مؤكداً أن النص يعطينا مفاتيح فهمه قائلاً “لمّا كانت الكلمات شفافة والنظرة المحدقة تتخللها فيكون من المنافي للعقل أن يُدسّ بينهما قطع من زجاج خشن” وفقاً لذلك يلعب الأسلوب دوراً هاماً في نقل رسالة المؤلف واستقبال القارئ لها، فانسجام الكلمات وجمالها وتوازن العبارات يستميل عواطف القارئ ويديرها كموسيقى القداس.
فالنص وفقاً لجوليا كريستيفا مجال لعمل ذاتي التولّد بفك اللغة الطبيعية المرتكزة على التمثيل ليستبدلها بتعددية المعاني التي يستطيع القارئ إيجادها من سلسلة جامدة وهذا الإجراء كما تسميه كريستفيا “الدلائلية” فالنص يتسم باستقلالية ذاتية (أما الخبر لا يعيدنا إلى المؤلف ولا إلى أيّ واقع غير لغوي).
ومن ثم يجب إخضاعه للتجربة إذا أردنا دراسته حيث نحاول تعريف أصغر الوحدات السردية به. ثم نوسّع التحليل بالانتقال من المستوى الكلامي إلى المستوى التركيبي النحوي، ونستطيع من خلال هذين المستويين التعرّف على مدى توافق الوحدات جميعاً لتوجهات ثلاثة على الصعيد “الخبري”، “الزمني”، “المنطقي” لكي نصل حتى النهاية إلى المستوى الدلالي الذي يشكل ويحصر المعنى.
فالنص الأدبي يتميز بالثراء الأسلوبي لأن الألفاظ المشكلة للنص تكون مشحونة بشحنات دلالية مركبة شديدة التعقيد، تفضي إلى سبل من القراءات غير المحدودة بالنظر إلى إمكانية اللغة التعبيرية الهائلة، ومن ثمّ فالنص الواحد يولّد نصوصاً أخرى، أي أن أي عنصر من عناصره قد ينفصل ويصير نواة مستقلة تنمو وتتفرّع. وهذه هي الخاصية التوليدية للنص التي لا تخرج عن نطاق الإشعاع التعبيري والتنويع الأسلوبي. فالطاقة الدلالية الكامنة في النص هي المحرّك لهذا التوليد الذي يؤدي إلى فتح مجال الاحتمال الدلالي وتوسيع مساحة التعبير اللغوي، أما القارئ فيتحرّك في فضاء النص فيضئ جوانبه المظلمة. ولكي يحدث ذلك لا بد من مخالطة النص مخالطة وجدانية ومعايشته معايشة إنسانية تفضي إلى حصول أسباب الاطمئنان النقدي التي تسمح بانفتاحه انفتاحاً مسؤولاً وواعياً في متجدد اللحظات، بيد أن الانفتاح الذي يجد مشروعيته من خصوبة البنية الداخلية للنص نفسه لا يحجب عنا حقيقية الممارسة التأويلية المنتجة للمعنى والتي لا تستقل عن البناء الأصلي للنص، وأن أيّ انفتاح بمعزل عن البنية الأصلية للنص هو خروج عن عالم الإنتاج النقدي إلى عالم الإسقاط الفكري ومقتضى ذلك كله أن ربط الخطاب الأصلي بالخطاب المنتج هو جوهر الاستعادة المتجددة للنص.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل كل النصوص الأدبية تحمل بذور تجددها الذاتي؟
إن صياغة النص الأدبي وتشكيله الجمالي ومؤهلاته التعبيرية هي التي تمنحه سمة التعبير الدلالي والتوسع التعبيري، فالنص القادر على الانفتاح هو نصّ تشكل من مكونات لغوية مشبعة بالإيحاء المعبّر والألفاظ الوامضة المشرقة بجمال التعبير والتي تولد من رحم المعاناة الإبداعية، فالنص الجدير بالقراءة تشكل حقيقته وبنيته حقلاً منهجياً يتيح للقارئ الجدير بالقراءة أن تمنحه طريقته في المعالجة أو حيزاً نظرياً ممكناً من البرهنة على قضية من القضايا أو فضاء دلالياً يسمح له باقتراح معنى أو إيجاد فكرة وذلك لأن:
- النص مهما كانت طبيعته غير مكتف بذاته.
- النصوص الخالدة هي التي تقبل الانفتاح الدلالي المنضبط وتكون حلبة للمنافسة.
- التأويل الحرفي للنص يسدّ باب الانفتاح الدلالي ويُذهب لذة الكشف الجمالي.