بناء الشخصية في رواية "أبناء الماء" لعواد علي
بدأ إهمال شخصية “البطل” عند الروائيين الأوروبيين، منذ الطبيعيين والواقعيين، بعد أن أصبح الروائي يصور أشخاصاً عديدين، لا يخص بعنايته واحداً منهم بوصفه “البطل”، وإنما يعنيهم جميعاً باهتمامه، فيكون بينهم شخصية رئيسة.
إن تهميش فكرة “البطل” انطلق من الرواية الحديثة، حيث بدأت تهتم بتصوير الوعي الاجتماعي لمجموعة من الأفراد، على اعتبار أن “البطل” كائن حركي ينهض في العمل الملحمي بوظيفة الشخص الخارق، فهو بهذا غالباً ما يكون في الملاحم البطولية، كما يقول عبدالملك مرتاض (سيميائية الشخصيات في زقاق المدق.. مجلة كتابات معاصرة، ع 7، 2016, ص 37)، وعلى هذا الأساس أضمرت الصورة التقليدية للبطل بعد التطور الذي طرأ على نظرة الروائيين إلى شخصياتهم.
بناءً على ما تقدم حلَّ مفهوم الشخصية الرئيسة محل مفهوم “البطل” في العقود الأخيرة، بعد التغيير الذي طرأ على مفهوم البطولة. لذا آثرنا هنا استعمال مصطلح “الشخصية الرئيسة” بدلاً من مصطلح “البطل”، فالأول يغطي تحت مظلته مجموعة أفراد، في حين أن الثاني يتحدد بشخصية واحدة فقط. ومن هنا يمكن القول إن كل رواية فيها شخص أو أشخاص يقومون بدور رئيس فيها إلى جانب شخصيات أخرى ذات أدوار ثانوية. وكان من المألوف في القصة أو في الرواية أن يقوم شخص أو مجموعة أشخاص بدور البطولة في سير الأحداث، وينال من الكاتب العناية الكبرى، فيسلط الضوء على جميع جوانبها النفسية والسلوكية، والاجتماعية. وفي هذا الصدد يقول الدكتور محسن جاسم الموسوي “إن الشخصية الرئيسة مرتبطة بالرواية الحديثة والمعاصرة” (الرواية العربية، النشأة والتحول, ص 117).
لم يتفق النقاد الغربيون حتى الآن على تسميات الشخصية الرئيسة وتصانيفها داخل العمل الروائي، فمن النقاد من يراها رئيسة، في حين يراها الآخر أساسية، ومنهم من يسميها محورية، ومنهم من يراها مركزية. وأياً كانت التسمية، فالشخصية الرئيسة هي التي تستأثر بالحيز الأكبر من الرواية، وترتبط بها معظم الشخصيات الأخرى، وتجسد رؤية الروائي والأفكار التي يتغيّاها من الرواية، يخصها السارد من دون غيرها من الشخصيات الأخرى بقدر من التميز، حيث يمنحها حضوراً طاغياً، وتحظى بمكانة متفوقة. وهذا الاهتمام يجعلها في مركز اهتمام الشخصيات الأخرى وليس السارد فقط، حسبما يذهب محمد بوعزّة، إذ تساعد القارئ على فهم طبيعة النسيج السردي، وهذا بدوره يتحقق لكونها تقودنا إلى طبيعة البناء الدرامي، فعليها نعتمد حين نبني توقعاتنا ورغباتنا التي من شأنها أن تحول، وتدعم تقديراتنا وتقييمنا “ومن ثم تنهض قيمة معظم الروايات، وما تحدثهُ من التأثير الفعّال على مدى مقدرة الشخصيات الرئيسة في تقديم المواقف والقضايا الإنسانية التي يطرحها العمل تقديماً حيوياً (روجر . ب. هينكل. قراءة الرواية، ص 67).
إننا نميل إلى تقييم العمل في ضوء مقدرة الشخصيات على تجسيد تلك المواقف بصورة مقنعة لفهم جوهر الفكرة المطروحة في المتن السردي للرواية، بعد أن يكون الكاتب قد دفع شخصياته صوب حدودها المرسومة لها، وذلك من خلال الدور السردي الطويل الذي تجسده المسافة السردية التي تسيرها الشخصية الرئيسة “التي تقوم بدور البطولة وهي شخصية كاملة ومتطورة لا تلتزم الثبات ويقدمها النص بتفصيلات دقيقة تمكن المتلقي من رسم صورة واضحة” (عبدالملك مرتاض، في نظرية الرواية، ص 101).
وهي شخصية يضعها السارد تحت المجهر بحسب مفهوم جيرار جينت، ولكي تظهر بوضوح فإنها “تمثل نقطة ارتكاز الشخص كونه العنصر الجوهري الذي تتمحور عليه الأحداث ويتصل به السرد والفكرة الرئيسة التي تنسج حولها الوقائع” (سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، ص 126).
وبناءً على ما تقدم، يرى فيليب هامون أن مصطلح “البطل” يثير مشكلةً كبيرةً وعويصةً في مجال الأدب والنقد واللسانيات والسيميائيات، نظراً لتدخّل مجموعة من المفاهيم مع “البطل” كالشخصية المحورية، والبطل الزائف.
ما الشخصية إلا تحديد للأحداث، فالشخصية الرئيسة تستحوذ على الجزء الأكبر من هذا التحديد، وهذا كلّه يغدو جزءاً من إمكانات الروائي الذي سيستثمر شخصياته على ضوء إمكانية العمل السردي في الرواية، بعد أن يملي علينا الكاتب معلومات عن شخصياته الرئيسة والشخصيات الأخرى.
أبناء الماء
في هذه الدراسة سنركّز على بعض الشخصيات الرئيسة التي قامت عليها رواية عواد علي “أبناء الماء”، في محاولة لفهم ميزات دور كل شخصية وأهميته، فالمعنى الكلي للنص ينشأ من خلال هذه الأدوار في ضوء رصد الشخصية ومتابعتها، والوقوف على مدى حضورها في حبكة الأحداث، فالشخصيات الرئيسة تتخذ دوراً رئيساً في العملية السردية, كونها هي التي تحرك مجرى الأحداث وتتشكّل من خلالها الحبكة، أما الشخصيات الثانوية فتكون ثابتة التصرف والسلوك والفكر، لذا فهي تتخذ دوراً ثانوياً في سير الأحداث، لكنها تساعد القارئ على فهم الشخصيات الرئيسة.
لقد برزت الشخصيات الرئيسة في رواية “أبناء الماء” بروزاً ذا طابع منفرد، وسلوك خاص، ودلالات فنية نحاول في ما يأتي الوقوف على أبرزها.
* ميران السبتي: شاعر ينزع نزعةً سورياليةً، وهو من طائفة الصابئة المندائيين، إحدى المكونات الدينية الموجودة في العراق، والتي تعرضت عوائلها إلى تصفية جسدية أو تهديد أو ملاحقة أو اغتصاب بعد الاحتلال الأميركي، وانتشار الفوضى، ما أدى إلى امتداد نزعات متطرفة تكفيرية انتشرت في عموم البلاد.
وضع الكاتب شخصية ميران في مواقف مأساوية صعبة جداً ليستنتج من ردة فعلها ومشاعرها إجابةً عن سؤال طالما كان محط استفزاز جميع العراقيين، وهو سؤال المواطنة والهوية. إنها من بين أبرز الشخصيات التي تعالت منذ بدء العملية السردية للرواية، وذلك من خلال الأسلوب الرشيق والشيّق الذي تشدّنا إليه الرواية منذ السطر الأول الذي يبدأ بجملة “لا يوجد بداخلي سوى الصقيع” (الرواية، ص 7)، ومن هنا تبدأ خيوط الحبكة بالنسج لتصل إلى أشد تأزمها على هذه الشخصية عندما يُقتل أبوه وشقيقه بعد يومين من اختطافهما على يد جماعة تكفيرية متطرفة في بغداد، ويُعثر على جثتيهما مرميتين قرب “المندي” (معبد المندائيين)، وقد ألصقت على ظهر كل منهما كارتونة مكتوب على إحداها “ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه”، وعلى الثانية “لا مكان لعبدة الكواكب بين المسلمين” (الرواية، ص 60).
بعد ذلك يتحدث ميران عن طقوسهم وطرائقهم في تهيئة مراسيم الدفن، خلال دفن أبيه وأخيه، “أجرينا لهما مراسيم المسخثة (تطهير الروح)، وهي طقوس تقام على روح الميت الذي يموت غيلةً، وجهّزنا لهما ملابس بيضاء (رستة) لبسهما شخصان يحملان نفس الاسم الديني، ثم ثبّتنا إكليلين من الآس على رأسيهما ووضعناهما في نعشيهما، وقرأنا الفاتحة على روحيهما “نطق الحي العظيم، وألقى بأفواهكم النور والضياء، الوقار لأنفسكم، وسبحان الحي” (الرواية، ص 61).
يطيل ميران في سرد طقوس دفن القتيلين، وكأنه يعيد لهما اعتبارهما بشرين لم يحظيا بنصيبهما الذي يستحقانه في حياتهما، متأملاً أن يعيد الموت ذلك الاعتبار المفقود في الحياة الأخرى، خاتماً سرد المراسيم بقوله “ولما انتهى الترميذا من صلاته ألقى عليهما بعض التراب وعاد إلى القراءة، عندئذٍ أكمل الحاضرون دفنه، ودنا صاحب الختم وختم على تراب القبر من جهة الرأس، وتكرر طقس الدفن نفسه لأخي سبهان” (الرواية، ص 64).
كان والد ميران صائغاً للذهب، شيوعيّاً، أمرت السلطات باعتقاله بسبب هروبه من المعارك خلال الحرب العراقية الإيرانية، ورفض تسليم نفسه، فقاموا باعتقال زوجته في الوقت الذي كانت فيه حاملاً بميران، فولدته في المعتقل، ولازمته ولادته هناك حزناً عميقاً دائماً، بعد أن خرجت الأم به من المعتقل وعمره أربع سنوات.
يتزوج ميران من فتاة آذارية الأصل اسمها “آيجون” ذات ديانة زرادشتية، وبسبب رفض أمه القاطع أن يقترن بغير مندائية أخفى عنها وعن أخته زواجه من هذه الفتاة.
* يوسف البكري: تشغل هذه الشخصية الرئيسة حيزاً كبيراً من المتن السردي إلى جانب شخصية ميران، وتبرز فاعليتها في مجريات الأحداث من خلال طبيعة الدور الذي تؤديه للكشف عن بعض جوانب الرواية، ومن ذلك جانب التأثر والتأثير الإيجابي على “ميران” أو بعض الشخصيات الأخرى.
أول ما يلاحظ عند دراسة هذه الشخصية مشاركتها شخصية ميران في تغيير بعض المواقف الصعبة، لذلك نلاحظ تأثرها بالأحداث التي مرت على ميران، فيوسف البكري المسلم لا يختلف عن غيره من الشخصيات في الرواية التي تعرضت للتصفية والتهديد من قبل جماعات ولّدها الخراب والفوضى في البلد.
فها هو يوسف البكري يتلقى تهديداً من شخص ينتمي إلى أحد الأحزاب الدينية، وذلك بسبب كتابته مقالاً حول استيلاء ذلك الحزب على أملاك عامة في بغداد بعد الاحتلال، في الوقت الذي فوجئ فيه بوصول رسالة إلى مقر عمله من صديقه “ميران” يقول فيها “عزيزي يوسف أتمنى أن تحذو حذوي في مغادرة البلد، أنتظرك في عمّان وأنصحك بأن تجلب معك أي دليل يثبت أنك مهدد لأن ذلك يساعد كثيراً في قبولك لاجئاً” (الرواية، ص 79).
يتدفق من النص السردي سيل من المعلومات عن هذه الشخصية يوضح جانباً من محاولاتها تحقيق أهدافها. فبعد أن عاد يوسف مع أسرته من الشام، عقب سقوط النظام، ظناً منه أن الحياة يمكن أن تكون قد تغيرت نحو الأفضل، وأصبح البلد مكاناً صالحاً للعيش، يخيب ظنه، حيث يتعرض إلى التهديد، بينما كان يطمح إلى الحصول على وظيفة مدرس في بغداد. في مواقف صعبة يشير إليها النص يحصل يوسف على اللجوء إلى كندا، معتمداً على تأييد مختوم من رئيس تحرير الجريدة، يؤكد صحة ذلك التهديد. بعد ذلك تبدأ خيوط الحبكة بتجاوز التأزم والسير بإيجابية، وذلك بعد حصوله على عمل كمراسل صحفي في جريدة بيروتية يكتب فيها عن قضايا الجالية اللبنانية ونشاطاتها، على الصعيد الاجتماعي والثقافي والحضور السياسي والاقتصادي لكندا في العالم العربي، مقابل مرتب شهري يفوق ما يتقاضاه من الحكومة.
يشكل اللجوء منعطفاً جديداً لشخصية يوسف أسهم في تلاشي الصعوبات منذ بدايته، وساعد على تطور الجوانب النفسية لها نحو مسارٍ أفضل، وعندما تجمعه الصدفة بفتاه اسمها “أيهان”، ذات قوام ممشوق، تجذب انتباهه عند مدخل كلية الإعلام حين كان ذاهباً إلى جامعة “كارتلون” للاطلاع على برامج الدراسات العليا، فيتعرف عليها شيئاً فشيئاً، بعد أن يسألها عن أصلها عبر حوار محكي جرى بينهما.
وبعد ذلك يستمر محكي الحوار ليُفصح يوسف عن نفسه بأنه لاجئ عراقي من بغداد، وما إن تُفصح له عن اسمها الكامل قائلةً “اسمي أيهان ساسون”، حتى يخيم على وجهه هاجس غريب، فتخبره بأن والدها ينحدر من أسرة ساسون اليهودية الدمشقية، وأسلم بعد أن تزوج من أمها. يشعر يوسف بالانجذاب نحو أيهان، بعد أن تعرف عليها، وتمكن من كشف جميع خيوط الغموض التي تلفها، ثم يقرر الارتباط بها رسمياً على الرغم من اعتراض والدتها من ارتباط ابنتها من شخص عربي.
* آيجون: إنها شخصية مكملة لدور ميران، ساعدت على تطوير الأحداث في حياته على نحو خاص، وفي تحريك الأحداث على نحو عام. “آيجون” فتاة تنحدر من أسرة زرادشتية عريقة ذات أصول آذارية.
يبدأ المشهد السردي بعرض تفاصيل عن هذه الشخصية، وذلك من خلال الصدفة التي تجمعها بميران عندما كانت تمارس رياضتها على الشاطئ بالقرب من النهر الذي يمارس فيه ميران وأهله طقوسهم في الذكرى الثانية لاغتيال والده وأخيه. تتمعن آيجون فيه بدهشة وهو يؤدي الطقس، وتخطو إليه بضع خطوات لتسأله عما يعنيه ذلك الطقس، فيجيبها بأنه طقس ديني. يريد الكاتب في هذا اللقاء الذي يجمع بين آيجون وميران أن يوصل لنا فكرة من خلال تقانة البوليفونية (التعدد الصوتي) في الرواية، على ضوء التوظيف المعرفي الذي يكمن في معرفة العلاقة بين العقائد والأديان، فمن العراق ميران المندائي، ومن خارج العراق آيجون الزرادشتية، وبذا يحوّل تلك المعرفة إلى معرفة جمالية تقودنا إلى التشويق عبر حوار بينهما حول تفاصيل ديانة كلٌ منهما، فهي تؤمن بالتعاليم التي لا تتعارض مع طبيعة حياتها المتحررة، كالدفاع عن الحق مثلاً، والحث على الصدق، وتشجيعها العلم، واستعمال العقل والمنطق، وتفكيرها بالحياة، ومصير الإنسان.
وقد مهدت صراحة آيجون الكثير من الأمور الإيجابية، فإثر ذلك اللقاء العابر، وما تلاه من لقاءات ومواعيد غرامية، وبعد أن شعرت بصدق عواطفه تجاهها، تنتهي إلى الارتباط به والزواج منه، إلا أن تلك العلاقة الزوجية لم تدم طويلاً، فقد كانت تعشق التمثيل، ووقعت ضحية خداع مخرج سينمائي أوهمها بأنها ستكون لها شهرة في التمثيل، وأنه سيتزوجها إن هي انفصلت عن زوجها، وهكذا تنهي علاقتها الشرعية بميران بالطلاق.
لكنها ما إن تكتشف حجم الخسارة التي تعرضت لها، جراء ثقتها بذلك المخرج الذي أدار لها ظهره بعد أن أشبع رغباته منها، حتى تنكفئ نادمةً على خيانتها، والجري وراء إغواء والدتها التي كانت تشجعها على ترك زوجها، من أجل حصولها على وظيفة في القناة التلفزيونية التي يعمل فيها المخرج. وينسدل الستار على آيجون بتلك الخيانة لتعيش بقية عمرها نادمةً وهائمةً.
* سامان الجاف: كردي عراقي لاجئ في كندا، وصديق ميران، يعمل موظفاً في مركز الهجرة الكاثوليكي، ويتقن اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى جانب لغته الكردية. وتصور الرواية المواقف المأساوية التي مرّ بها، فقد جاء لاجئاً من العراق عبر تركيا واستقر في أوتاوا، بعد أن نجا من حملة الأنفال التي شنَها الجيش على بعض مناطق كردستان، بمعونة مجموعة من الأكراد الذين كانت تسميهم الحكومة بـ”الفرسان”، بينما بسميهم أبناء جلدتهم “بـ”الجاش” (الجحوش) من باب الاستهانة بهم.
قُتل في هذه الحملة عدد من أفراد أسرة سامان وأعز أصدقائه الشاعر السريالي “ريبوار”، كما فقد حبيبته “شيلان” ابنة الحادي والعشرين عاماً، التي كانت تربطه بها علاقة قرابة بعيدة عندما كان يدرّسها اللغة الإنجليزية، فانجذب إليها وأحبها وخطبها من أهلها أيام دراستها الجامعية، وخطط للزواج منها بعد أن تتخرج وتحصل على وظيفة ما مستقبلاً. لقد انغمر في حبها، وكان سعيداً بوجودها في حياته، إلا أن تلك العلاقة لم تدم، فتتحول حياته إلى حزن عميق وألم مُمض، إثر موت حبيبته التي فضّلتْ الموت انتحاراً بعد أن تعرضت للاغتصاب من طرف أحد عناصر “الجاش” اسمه “هوشنك”، انتقاماً منها ومن أهلها بسبب سخريتهم منه عندما طلب الزواج منها في الوقت الذي كانت هي مخطوبة لسامان.
لم ينجُ أحد من تلك الحملة من أفراد عائلتها سوى أخيها “فرهاد”، الذي أصبح فيما بعد صديقاً لسامان، لكنه استقر في هولندا، ويلتقيان هناك في حي يدعى “حي الرسامين” مع أسرة خالة فرهاد. وبمرور السنوات تخف لوعة حزن سامان، نوعاً ما، على فقدان حبيبته شيلان ويرتبط بعلاقات عابرة مع بعض النساء.
إن الشخصيات التي وقفنا عليها، وغيرها مما لا يسع المجال لتناولها، هي شخصيات رئيسة لأنها قادت الفعل ودفعته إلى الأمام من خلال ما اُسند اليها من وظائف مدَتها بحضورٍ طاغٍ في الرواية، وقد وضعها الكاتب لتشكل ركيزةً أساسيةً للبناء الروائي.