ثلاث قصائد

الجمعة 2019/11/01
لوحة حسين جمعان

الشجرةُ الأخيرة

ثمَّ تَكتشفُ

أنْ لا أحدَ هنا ُيُشبهُ الله

وَأنْ لا أحدَ

سَيخرجُ بحديقةٍ في رأسِهِ

الموتى الذين علا صراخُهم ذاتَ عتمةٍ

يَحزِمون أصواتَهم

يَربِطونها بِمنابتِ الأشجار

كَي لا تصيحَ من جديد

ثم ينامونَ على بُطونِهِم حزانى

المدينةُ تتمدّدُ على ظهري

قاسيةً وحشيةً

من يُديرها عني نحوَ القِبلةِ

كي أردّدَ ما أحفظُهُ من الشّهادتين

وأنا أشكّكُ بهما

وَبِجدوى هذه الحياة

وَبالله

ثم أُعدَم

تحتَ الشجرةِ الأخيرةِ في مدينتي.

شقةُ المَيْت

لا يجبُ الالتفاتُ إلى الوَراء

شقةُ الميْتِ

لَيسَت إلا نوعاً من الحزنِ الثقيل

الأشياءُ التي لا ترغبُ حقيبةُ السّفر بها

ليست إلا نوعاً من الحزنِ الثقيل

لكن لا تزالُ المكتبةُ

أجملُ ما يمكنُ أن يتجمّعَ في حقيبتي

من شقّةِ المَيْت.

في شقّةِ الميْت

لَم يَكُن من مَناخٍ وِدّي

طوالَ عشرين عامًا

فنونُ الخطابةِ وَالنِّفاق

العنفُ وَالغدرُ ثمَّ الخيانة

كلُّ شيءٍ كانَ مسموحًا

مناخٌ مليءٌ بالمحرَّمات

ما عدا عقدِ القران

الذي يُشبهُ مفتاحَ الزّنزانةِ.

تنبشُ بأظافرِها ترابَ الباحةِ الخلفيّةِ

حيث إيقاعُ خطواتٍ لِرجالٍ مَرّوا

قَبْضَتُها ترتجفُ

لِحى رجالٍ مثلَ أموات

تَدفعُني من علوٍّ شاهق

الرّفشُ في يَدي

وَالمدينة كلُّها تئنّ تحتَ التُراب.

القلبُ لا حراكَ لهُ على الحُبّ

يَبحثُ في طريقِهِ عن مشاهدَ خياليّةٍ

احتمالَ انزلاقٍ تحتَ الماء

في الثّقوبِ العميقةِ

جوازُ السفر مختومٌ بالحُزن

على أكثرِ مِن مَكان

يُمكنكَ إلقاءُ نظرةٍ على الكُتُبِ

إنّها تحدّقُ بكَ بغضبٍ عارِم.

الذين كتبوا شريعةَ الله

لَيْسوا في الحقيقةِ إلّا

نفوسًا غيرَ مُكتَملة

وَضعوا ندوباً على ظهورِ نساءٍ كثيرات

وَكأنّ الأمرَ يتطلّبُ رأفةً أقلَّ بِالرّجل.

الّذين كتبوا شَريعةَ الله

خُلِقوا من مياهٍ عَكِرة

التدقيقُ في ذواتِهم مُستحيل

بعدَ أكثرَ من ألفِ عامٍ

أشباحُهُم تخيّمُ على خزائنِ الكتب

احتمالُ تشويهِ الله

مدوّنٌ على كلِّ وَرَقة.

أَبقي عينيكِ مفتوحَتيَن

وَانظري إلى البقعِ الخضراء

أمّا كتبُهُم وَلِحاهُم

فَادفنيها تحتَ التّراب.

أصوات

بِمَ تُقاس المُدُن؟

بالسُّحُبِ التي تتنشّقُ الدُّخان؟

بِعدَد الطيور؟

بِعدَد الأشجارِ أمْ بِعددِ الأفكار؟

الأرضُ تَعِبت من الشُّهداء

والشهداءُ لمْ يَتْعبوا.

أحاولُ تأويلَ المكان

أيّها المعنى الذي وَضعَ الحزنَ على وَجهي

وَضَعَ الجنّةَ وَالجحيمَ

إيقاعاتٍ في الرأس

أفكارًا خارجةً مِن حديقةِ الوَهم

وَمِن كُتُبِ التّاريخ

أشياءً كان بِوُسعِ اللهِ أن يتفاداها

حينَ خَلقَ هذا العالم

لنَموتَ بأقلِّ عددٍ من الجُثث.

لا يُعاقَبُ في هذه الحياة

إلا القلوبُ الرّقيقة

الإلهُ الكبير ماذا يفعل؟

حينَ يخسرُ الضعفاءُ إيمانَهم.

قانونُ الغوايةِ تيّارٌ خبيث

يطوِّع الزهرةَ النقيّةَ

ثمَّ يشوّهُها بشكلٍ مُرعب.

أيتها التفاحةُ

يا أسطورةَ الخليقةِ

الخليقةُ التي من دونِ نفعٍ تتكاثر

أليسَ الوقتُ مناسبًا

لِتَخرُجي من غوايتِكِ

وَيكونَ لكِ مزاجٌ لِعالم آخر.

الشِّعر

جسدٌ مُلقًى على ظهرِ طَيْر

يَبحثُ عن عاصفةٍ تُحييه

كَي يملأَ الأقداحَ الهشّة.

الحياة

طريقٌ ممدّدٌ فارغ

لا يُحتمَل دونَ حُبّ

الحياة

تُسقِطُ عن وَجهها الآلامُ

ثم تختارُ العزلةَ

لتُكمِل نفسَها بِنفسِها.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.