دخانية على هيئة وطن
لم أكنْ شهيداً بايولوجيَّا تذكرهُ الأرقام
كنتُ شهيداً يعيشُ بين ضلفتي البصيرة
تزفّهُ البيارقُ على خطٍ موؤدة
ثم تنفخُ في أذنيه الدّخانياتُ لتعيدَ
غسل ضميره الملتع بالمواجع
نحن الأوعية القليلة
ترفّف الأصوات المتكسّرة داخل عيوننا
لتصرخَ في اسمك
ترتّلُ الأبراجُ منائر شمسٍ الفقيد المتوسّد أرض الهواء
هنا حيثُ لا مكان للذيل
هنا حيثُ الأرواح تصرُّ على طعنِ السّكاكين، وتباشرُ
في لَمِّ ما يصهره الجّليدُ من مرابع المدافن.
في هذه اللحظة بالذّات ثمَّة أمٌّ تبكي، تصرخ، تنتحب، تتألم على ابنها الشّهيد، ثمَّة كثير من الآباء لا يعرفون كيف يبكون، الكثير من الألم في الجوار، الحزن يخيّم على المدينة، لا أعرف الفرح منذ أيام، غير أنّي أبتسم لكل الذين يمرّون بجواري ويحملون الوطن في كلِّ جزء منهم.
ظنَّ المواطنون أن الدخانيات وطن لذلك هرعوا لاحتضانها بالرؤوس.
قناص الوحدة العاشرة
ننتشلُ الموت من رقاب الطفولة
نرميه في لُجج الأفق ليتشظى
ثم يغفو على أردان كسيحة
بصقناها.
***
مازلنا نحرسُ الفئران جيّداً
بدأت أغسلُ أحلام الأطفال
إنَّها اللحظة الأساسيّة التي تجتازني فيها الخطوات
لأبقَ حيثما تركوني.
***
للقواقل التي كبرت على ذراعيَّ السّمراء
فضّلتُ القول: وجب أن نرسم رمال توابيتنا
عند أصيص اللحظة.
***
تعلّم
أن
تستفز
الآخر
لتعرف أيّ خطاب يكمنه اتجاهك.
***
أصوات جديدة تسافر اليوم لتحطَّ في بيتي
أظنُّ الكلاب تظلُّ مجنونة
بكلام تافه اسمه الوفاء.
***
للأغشية المرتعشة نفتدي أعمارنا
ولأجلها أيضاً
تمشي الحقيقة على عكائز شقراء ممتلئة.
***
سأختارُ صديقاً لا يعرف ملامح ذاكرتي الورقيّة
لكي لا يرمي الأنهار على وجهي في كلِّ صباح
سأعمدُ على أن أتذكَّر الكثير من الفواجع السّابقة
لأنَّ ندوب التّأرخة المتنافذة في أوتارِ جسدي
لازالتْ تحنُّ على تبنّي مسالكٍ غير إلزاميّة
لكسر المشاعر.
أتريدُ أن تعرف الحقيقية؟
جرّب الموت لمرة واحدة
ولنرَ.
كلَّما نبتت لي عينانِ
اقتلعتهما لأروي البصيرة
محتواها.
لم أكُ أوديب يوماً
بل كنت أقلع عيوني
لأتباصر مع الطّرقات
ولأعلّقها شتائل للوحدة.
قواتُ فضِّ الشّغب تلاحق الشّعب
لأجل حراسة السرَّاق
نحن الشّعب لا يعننا ما تقوم به الكلاب المسعورة هذه
همّنا إعادة العراق إلى حضن العراقيين وبناء سبورة من الأمنيات
على هيئة بغداد.
