رواية المستعمرات
يمكن تعريف رواية المستعمرات (colonial fiction) بأنَّها الرواية التي تدور أحداثها في العالَم الاستعماري، وهو المناطق والدول التي كانت خاضعة للاستعمار الأوروبي، بدايةً من عصر الاكتشافات الأول حتى منتصف القرن العشرين، عندما جرَّدت أوروبا نفسها من تلك المستعمرات. وتحكي هذه الروايات، في العادة، رحيل الأبطال (الذكور ذوي البشرة البيضاء) من أوروبا، سواء أكانوا مستكشفين أم مغامرين أم جنوداً أم تجاراً أم مديرين وحُكَّامًا، أم مجرمين منفيين أحيانا. وتحكي تلك الروايات كيف واجه أولئك الأبطال عالما مجهولا من الأدغال والصحارى والأمراض والشعوب والثقافات الغريبة. وتصوِّرُ هذه الرواياتُ بوجه عام عالمَ المستعمرات تصويرًا تقليديًّا ربما يتوافق أو لا يتوافق مع عالم المستعمرات الذي يمكن التعرُّف عليه ومعرفته من خلال المراسلات والصحف والسجلات الأخرى المتاحة عنه، سواء أكانت متاحةً في الدولة الأوروبية الأمّ أم في المستعمرات السابقة نفسها. وهذه التقاليد كانت، وما زالت، مؤثرة؛ لأنها ذات أهمية كبرى في تشكيل فهمِنا لطبيعة أراضي المستعمرات وشعوبها.
ترجمة: أشرف إبراهيم زيدان
ظهرت بدايات القصص الاستعماري في بريطانيا العظمي حتى قبل أن تتحوّل هي ذاتها إلى قوة استعمارية على أرض الواقع. ويمكننا أن نقرأ مسرحية “العاصفة” لويليام شكسبير على أنها قصة رمزية استعمارية، وكُتبت هذه المسرحية في بداية القرن السابع عشر قبل أن تؤسس إنجلترا مستعمراتها في أميركا الشمالية، أو قبل أن تشرع في غزو الهند. في هذه المسرحية، تتحطم سفينة بروسبيرو وابنته ميراندا بالقرب من إحدى الجزر، ويحرر بروسبيرو أحد سكان الجزيرة ويدعي أرييل، ويوافق هذا الرجل على أن يصير عبداً لبروسبيرو. ولكنّ هناك شخصًا آخر من سكان الجزيرة ويدعى كاليبان لم يكن سهل الانقياد مثل مواطنه أرييل. بالرغم من أن بروسبيرو عامله بلطف وعلّمه اللغة الإنجليزية، فإن كاليبان ردّ جميله بأن حاول أن يغتصب ابنته ميراندا، ولذلك استعبده بروسبيرو بالقوة. واستطاع بروسبيرو أن يفرض هيمنته وسلطته على الجزيرة بفضل ما كان يتمتع به من القوى السحرية، بالضبط مثلما مكَّنت الأسلحةُ الحديثة والتكنولوجيا المتفوقة الأوروبيين من السيطرة على المستعمرات التي احتلّوها في شتى أنحاء العالم.
ويمثل أرييل المواطن المتفرنج الذي نجده بعد ذلك في روايات لاحقة في شخصية فرايداي الذي يرضى بأن يكون خادما في مقابل قدر قليل من التعليم. وقد كان بروسبيرو يلجأ فقط إلى بعض التهديدات من آن إلى آخر ليحافظ على سيادته وسلطته على خادمه أرييل. واتفق معه على أن يطلق سراحه بمجرد أن ينتهي من تحقيق خططه الماثلة في استعادة سلطته في إيطاليا مرة أخري. وعلى الجانب الآخر يمثل كاليبان الآخرَ الخائنَ الذي يجب أنْ يُقهر بالقوة لأنه صرّح برغبته في اغتصاب امرأة بيضاء. وكما نجد في العديد من قصص وروايات المستعمرات اللاحقة، يجلب بروسبيرو العقلانية والأخلاق والنظام للجزيرة – للنموذج الاستعماري الأصلي – فيكافئ من يطيعه، ويعاقب من يقاوم سلطته.
وتعد رواية الكاتبة أفرا بِن” ( AphraBehn) أورونوكو” (1688) العمل التالي في الأهمية بين روايات المستعمرات؛ وهي من النماذج الإنجليزية المبكرة لهذا النوع. والبطل هنا أفريقي، على العكس من غالبية روايات المستعمرات. ومع أنَّ راوية هذه الرواية امرأة إنجليزية، فإن الرواية تصوّر العديد من الشخصيات الإنجليزية على أنهم أوغاد. وبالرغم من اختلاف الرواية عن الاتجاهات العامة في كتابة رواية المستعمرات فإنّها لم تشكك في شرعية مؤسسة العبودية. ونجد أنّ البطلين أورونوكو وأيمويندا استثنائيان في جمالهما البدني وذكائهما ونبلهما، لدرجة أنَّه لا يمكن النظر إليهما باعتبارهما حُجّة تستخدمها الراوية ضد الإمبريالية الأوروبية: بمعنى أنهما لا يمكن أن نراهما ممثلين لغير الأوروبيين. ولكن أورونوكو يمثّل النموذج الأول للهمجي النبيل في الرواية الإنجليزية.
تعد رواية دانيال ديفو (Daniel Defoe)”روبنسون كروزوي” (1719) العمل الأكثر تأثيرا من بين أدب المستعمرات.وقد نشرت هذه الرواية عندما كانت بريطانيا تبني إمبراطورتيها في أميركا الشمالية وشبه القارة الهندية وأماكن أخري، ولكنها لم تشر مباشرة إلى أيّ أطماع بريطانية استعمارية. فبطلُها كروزوي يُقبض عليه، ويُستعبد في شمال أفريقيا، ويستقر في مستعمرة برتغالية في البرازيل، ثم تتحطم سفينته بالقرب من إحدى الجزر المهجورة، التي يتّخذها ملكية استعمارية له في النهاية. وبالرغم من أن الرواية لا تهتم اهتماما مباشرًا بمستعمرات بريطانيا تعدّ نواة لروايات المستعمرات؛ لأنها تشتمل تقريبا على كل السمات التي صارت فيما بعد تميز ذلك النوع من الروايات.
فبعد أن يقوم كروزوي بإنقاذ فرايداي من أعدائه – الذين كانوا، مثل فرايداي، مواطنين أصليين يقطنون أميركا الجنوبية، وكانوا على وشك أن يقتلوه ويأكلوا لحمَه – يعرض عليه أن يكون خادما أو عبدا له، فيقبل على الفور ويظهر ذلك في مشهد من أشهر مشاهد الرواية، إذ يسجد فرايداي أمام كروزوي واضعا قدم سيده على رأسه. ويُطلق عليه كروزوي اسم فرايدي، ويقبلُ فرايداي هذا الاسم على الفور. ولو كان فرايدي رجلا أبيضَ ما كان كروزوي سيفعل معه ذلك، وما كان فرايداي سيقبل أن يسميه أحدٌ اسمًا غير اسمه، وما كان القراء المعاصرون سيقبلون هذه الإهانة. ويُعلِّم كروزوي فرايداي اللغة الإنجليزية، على الرغم من أنَّه لم يفكر أبدا في تعلم لغة خادمه، ويعتنق الخادم المسيحية بسرعة. ويتميز فرايداي عن أقرانه بدنيًّا وأخلاقيًّا وفكريًّا، ويخدم سيده بولاءٍ وفرحة ومتعةٍ إلى أن يُقْتَلَ في رواية لاحقة للمؤلف مكملة لهذه الرواية بعنوان “مغامرات أخرى لروبنسون كروزوي” (1719). ويُعَدُّ فرايداي النموذج الأصلي للشخصيات الخادمة/التابعة للبطل، بداية من شخصية جنجا دِن في أعمال روديارد كبلنج (Rudyard Kipling) وصولًا إلى شخصية دين وارس في رواية جوزيف كونرا “لورد جيم”.
أصبحت الكثير من سمات رواية “روبنسون كروزوي” تقاليد عامة لرواية المستعمرات. ولقد ظل التفوق الأخلاقي الأوروبي، وعلى الأخص الحقيقة المطلقة للمسيحية التي اعتنقها كروزوي على مدار الرواية، من السمات الراسخة التي لا تقبل الشك في روايات المستعمرات التالية. وعندما يهرب كروزوي من الأَسْر في بداية الرواية، ويبحر على طول الساحل الأفريقي، فإنَّ المناظر الطبيعية المهيبة والناس الذين يراهم على طول الساحل يتم تصويرهم على أنهم غريبون أو حتى خياليون. ويدجِّن كروزوي جزيرتَه، ويصبح سيِّدَها، ويعلنها مِلكًا خالصًا له، وتتكرر هذه الممارسات وتظل من الثوابت في واقع الغزو الاستعماري ورواياته على حد سواء. ولا تلعب المرأة أيَّ دورٍ تقريبًا في الرواية، فعلاقة كروزوي بفرايداي أكثر إثارة من علاقته الرومانسية مع أيّ امرأة. في الواقع، إنَّ التهميش الكامل للمرأة بل غيابها، سمة أساسية للغالبية العظمي من روايات المستعمرات التي يكتبها الرجال لجمهور من الذكور، سواء أكانوا كبارا أم صغارا.
وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أشعل الغزو البريطاني للهند اهتمامًا كبيرًا بشبه القارة الهندية. وتُلقي رواية السير ولتر سكوت (Sir Walter Scott) “ابنة الجرَّاح” (1827) الضوء على الطغاة “الشرقيين” وعلى البطل الإنجليزي الجريء، وكذلك الشابة الإنجليزية التي يجب إنقاذها من العبودية التي يعرّضها لها أحد السلاطين الشهوانيين. ورواية فيليب ميدوز تايلور (Philip Meadows Taylor) “اعترافات قاطع طريق” (1839)، رواية حظتْ باهتمام شعبي كبير وكانت من الروايات المفضَّلة لدى الملكة فيكتوريا، وهي تروي قصة حياة أمير علي، وهو من أبناء عشيرة الثَّجّ الذين يقطعون الطرق ويسرقون ويقتلون المسافرين في جنوب الهند.
وقد بلغت الإمبراطورية الإنجليزية أوج مجدها في نهاية القرن التاسع عشر، وكتب رايدر هاجرد(Rider Haggard) أكثر الروايات الأفريقية شعبية وتمثيلا لتلك الفترة. وتدور أحداثُ روايته “كنوز سليمان” (1885) حول أحد الطغاة الشرقيين وهو الملك توالا (King Twala)، وأحد الخدم الأفارقة المتميزين للأبطال الإنجليز ويُدعى أومبوبا ويستولي على حكم كوكوانالاند بعد مقتل الملك الشرير توالا، وأخيرًا العلاقة الرومانسية بين البطل الأبيض كابتن جود والأفريقية الجميلة فولاتا. ولا تختلف هذه العلاقة عن العلاقات الرومانسية الأخرى فيما بين شخصيات مختلفة الأعراق، فهي علاقة محكوم عليها بالفشل، إذ تموت فولاتا في صراع مع ساحرة أفريقية شريرة تدعي جاجول. وتروي رواية هاجرد “هي” (1887) قصة علاقة رومانسية فاشلة أخري فيما بين الأعراق المختلفة بين البطل ليو فنسي والأفريقية أوستين، وتصور التضاريس الأفريقية القاتلة، كما أنها تصوّر الأفارقة تصويرًا عنصريًّا. ولكن هاجرد يقدم هنا تحوُّلًا ملحوظًا في شخصية الطاغية الشرقي: فالطاغية هنا امرأة بيضاء عديمة الأخلاق تدعى عائشة.
كانت روايات وقصص روديارد كبلنج أكثر رواجًا من أعمال هاجرد. وقد لعبت مجموعته القصصية “حكايات بسيطة من التلال” (1888) التي نُشرت وهو في سن الثانية والعشرين دورًا أساسيًا في شهرته. وتركز روايات كبلنج الاستعمارية على الجالية الإنجليزية المغتربة في الهند، ومنهم المديرون والجنود والصحافيون والمغامرون. وتبدو كل السمات العامة لروايات المستعمرات واضحة في تلك الأعمال، ففيها خدم هنود موالون حتى النخاع، ومواطنون متفرنجون غدّارون، ومهجّنون مهمَّشون، وعلاقات رومانسية فاشلة بين عرقيات مختلفة، وحكام هنود فاسدون، وتضاريس عدائية، وإيمان لا يهتزُّ بأنّ الإنجليز هم الحكام الطبيعيون للهند. وعلى الرغم من أنَّ روايات كبلنج تُقرأ على أنَّها روايات مناصِرَة للاستعمار وعنصرية في مجملها، فإنَّ تصويره للثقافة الهندية، وخاصة في روايته “كيم” (1901)، تصوير متعدد المستويات ومتعاطف مع هذه الثقافة إذا ما قورن بما نجده في أعمال روائية أخرى.
ومع ذلك، فإنّ العديد من قصص كبلنج – وكذلك العديد من مئات القصص والروايات الأخرى – تمثل العالم الاستعماري تمثيلًا يوظِّف كل سمات النظرة التنميطية ذاتها: حكام محليون فاسدون يضطهدون شعوبَهم، ويتم تصوير الشعوب في صورةِ المطحونين الذين يعانون منذ زمن بعيد، وصورةِ المحبوسين في ثقافة جامدة لا تتغير. الشخصيات ذات العرقيات المختلطة والتي يُشار إليها على سبيل الاستهجان بـ “المهجَّنين”، وهم موضع سخرية في معظم الأحوال، وكذلك الشخصيات التي يطلق عليها “المواطنون المتفرنجون”، كل هذه الشخصيات إما أن تتم السخرية منها لمحاولاتها المعيبة لأن تتبنّى الثقافة الأوروبية وتقلّدها، أو أن تعامل على أنها من الأشرار: أي أن قبول هؤلاء الناس الظاهريّ للغات الأوروبيين وثقافتهم ودينهم مجرّد قناعٍ يُخفون به ولاءهم الخطير لثقافتهم الأصلية. وتمثل العديد من الشخصيات المشابهة لشخصية فرايداي في رواية المستعمرات نقيضَ المواطنين المتفرنجين؛ فهم مخلصون وتابعون سعداء بتبعيَّتِهم، فأكثر صفة تميّزهم أنهم يموتون دفاعًا عن أسيادهم البيض. وتُصوَّرُ النساء اللاتي لا ينتمين للبِيض على أنهن جميلات وفاتنات ولكنهن من التابوهات؛ فالعلاقات الغرامية العادية بين البيض والنساء غير البيضاوات – الشائعة إلى حدٍّ ما – علاقات تكاد تكون فاشلة على الدوام. وتُعَدُّ المناظر الطبيعية الاستوائية المنذِرَة بالشرِّ سمة أخري من سمات هذا الأدب؛ فالأدغال سامة، وغالبا ما يسكنها البوشمن/قاطنو الغابات الذين نادرًا ما يمكن التمييز بينهم وبين الغابات ذاتها.
إنّ السمات التي ذكرناها آنفاً، بالإضافة إلى الثقة الكامنة في تفوق الجنس الأبيض، جعلت رواية المستعمرات مُروِّجًا موثوقًا به لغزوات بريطانيا الإمبريالية. ومع ذلك فهناك العديد من الاتجاهات المضادّة في روايات المستعمرات؛ فقد تزوَّج فيليب ميدوز تايلور من ماري بلمر(Mary Palmer) ذات الأصول الإنجليزية والهندية معا، وتصويره للحياة الهندية في رواياته يُبرز تعاطفًا معها ومعرفة وثيقة بها. ومع أن قصص كبلنج تتسم بجميع السمات الفنية المعهودة لرواية المستعمرات أمكَنَه أن يصوِّرَ الهندَ والهنود تصويرا يُظهر الدفءَ الكبير في علاقاتهم الإنسانية، في حين أنه يصور الرجال والنساء الإنجليز تصويرًا يُظهر برودتَهم اللافتة للنظر.
ومن هذا الجانب، تحمل رواية جوزيف كونراد (Joseph Conrad) “قلب الظلام” (1902) تناقضا ما؛ إذ أنها تقوِّض الصورة النمطية للعالم الاستعماري وتستنسخها في الوقت ذاته. فبينما يرفض العديدون من النقاد (بداية من الروائي النيجيري تشنوا أتشيبي) هذه الرواية باعتبارها روايةً عنصرية، يعتبرها آخرون أعظم رواية إنجليزية مناهضة للاستعمار. ومع أن رواية “قلب الظلام” تسخر على استحياءٍ من المواطنين المتفرنجين (فيوصف أحدهم بأنَّه “كلب في عالَم هزليّ يعجُّ بالمؤخِّرات”، وآخر بأنه “ولد” تم إطعامه بطعام أكثر من اللازم)، وأحيانا تصور الأفارقة كأنهم مكمِّلات شكلية للأدغال المخيفة، فإنّ الرواية تقوِّض كل الغزوات الاستعمارية تقويضًا كبيرًا، كما أن تصويرها للعمال الأفارقة المحتضرين والمنبوذين من أقوى المشاهد المناهضة للاستعمار في الأدب الإنجليزي. وأما كورتز، ذلك الأوروبي القاتل الجشع الذي يشغل قلب هذه الرواية القصيرة والذي يحكم نصيبه من الكونغو بوحشية مفرطة، فإنَّه يرمز لطبيعة الهدف الاستعماري المشكوك فيها التي تدّعي أنها تجلب النور والحضارة لأطراف العالم المظلمة.
إنَّ روايات كونراد الأربع التي تدور أحداثها في ماليزيا “حماقة ألماير” (1895)، و”منبوذ الجزر” (1896)، و”لورد جيم” (1900)، و”الإنقاذ” (1920) يمكن تصنيفها أيضا على أنها روايات مستعمرات تروِّج للتصوير التقليدي للمواقف الاستعمارية وتقوّضه في آن. وتعتبر رواية “لورد جيم” أكثر هذه الروايات أهميةً، مثلها مثل رواية “قلب الظلام”، وتشكِّك في إمكانية أن يكون لدى الإنجليز الأكثر استنارةً وحُسنَ نوايا الحق في – أو القدرة على – أن يصيروا حُكَّامًا في عالم استعماري. فالبطل، جيم، الذي يصبح اسمه توان جيم (وتعني كلمة توان “السيد”) في إحدى القرى الخيالية في باتوسان، يبدأ حكمه بنجاح، ولكنه، مثل كورتز، يجلب الدمار لمجتمعه ويدمر نفسه في النهاية.
وتتواصل التقاليد الأدبية لأدب المستعمرات في الروايات الرائجة، وكذلك في السينما على وجه الخصوص. ولكن الاتجاه المضاد الذي يتعامل مع هذه التقاليد بريبة متزايدة هو السائد في بعض روايات القرن العشرين المتميزة. وتستبق رواية إ. م. فورستر (E. M. Forster) “رحلة إلى الهند” (1924) ورواية جورج أرويل “أيام بورما” (1934) نهاية الحكم البريطاني في شبه القارة الهندية، وتصوِّرُ هاتان الروايتان الأبطالَ الإنجليز وهم واقعون في فخ شبكة استعمارية مختلَّة من الفساد والتعصب العنصري. ففي رواية “رحلة إلى الهند”، يحصل بطلُها سيريل فيلدنج على وظيفة مدير مدرسة في الهند، ويصادقُ عزيز، وهو أحد الأطباء الهنود الذي يُتهم بالاعتداء على امرأة إنجليزية تدعي أديلا كويستد. ولأنه وقف بجوار عزيز؛ يجد فيلدنج نفسه غريبًا وسط الجالية الإنجليزية المغتربة هناك. وتناقش الرواية إمكانية قيام علاقات ناجحة بين الهنود والبريطانيين؛ وفي الوقت نفسه تكشف زيف الرؤى الاستعمارية المستفحلة. ويُعْتَبَرُ عزيز، الذي يتعرض للاستهزاء ويوصف بأنه مواطن متفرنج مُدلَّل، جَرَّاحًا أكثر مهارة من رئيسه الإنجليزي الميجور كالِندر. ورئيس الشرطة مقتنع بجريمة عزيز؛ لأنه يري أنَّه من المسلَّم به أنَّ الرجال غير البيض يشتهون النساء البيض. وفي الواقع، يرى عزيز أن أديلا غير جذابة، ولكنَّ رئيس الشرطة البريطاني (الذي يعميه إحساسه بالتفوق العرقي) لا يحاول أن يفهم أنّ معايير الجمال تختلف من ثقافة إلى أخري. وتثبت براءة عزيز، ومع ذلك تشكك الرواية، بالرغم من خاتمتها الإيجابية، في إمكان رأب الصدع الاجتماعي والسياسي بين الهنود والإنجليز.
وتعد رواية “أيام بورما” هجاءً سوداويًّا للحكم الإنجليزي في بورما، وهي رواية أقل تفاؤلا إلى حد كبير من رواية “رحلة إلى الهند”. يكره بطل الرواية وتاجر الأخشاب جون فلوري الحُكْمَ الاستعماري في بورما، ولكنه لا يجرؤ على معارضة هذا الحُكم علنًا أو على مغادرةِ البلاد. ويصادقُ الدكتورَ فيرسوامي الذي يهوى كل ما هو إنجليزي، وربما يصبح أول بورمي يُدْعى للانضمام إلي النادي الإنجليزي في المنطقة المتخيَّلَة التي تقع في بورما وتُسمَّى كايُكتَادا. وتسخر الرواية من تفوُّق الإنجليز العرقي وجدوى الحكم البريطاني، وتنتهي نهاية سوداوية حيث ينتحر فلوري بطل الرواية.
وبحلول الثلث الأخير من القرن العشرين انتهت الحقبة الاستعمارية التي سيطرت فيها أوروبا والدول المهيمنة الأخرى إدارياً ومالياً وعسكرياً واجتماعياً على العديد من الدول في أفريقيا وآسيا والأميركيتين وجزر المحيط الهادي، إذ نالت المستعمرات السابقة استقلالها. ولكن ظلت آثار الاستعمار قائمة. واستشرفتْ رواية رواية جوزيف كونراد “نوسترومو” (1904) الكثير من هذه الآثار، وهي تُعدُّ أول رواية مهمة تُصنَّف بأنها رواية مابعد استعمارية. وتدور أحداث هذه الرواية في كوستا جوانا في إحدى دول أميركا اللاتينية الخيالية. ويكتشف نوسترومو كيف هيمنت تلك القوى الاستعمارية السابقة على اقتصاديات وسياسات تلك المستعمرات السابقة. وكما هو الحال في رواية “قلب الظلام” ورواية “لورد جيم”، يعتقد الأوروبيون، الذين يسيطرون على الاقتصاد المحلي في كوستا جوانا، أنهم يجلبون النظام والتقدم. والواقع أنهم لم يجلبوا إلا القليل من الرخاء المادي، ولم يفعلوا إلا القليل لتحسين حياة عامة الناس، وأنهم أنفسهم فاسدون أخلاقياً. وفي النهاية يدمر العديد منهم أنفسَهم. وتعد رواية تشنوا أتشيبي (Chinua Achebe) “عندما تتداعى الأشياء” (1958) أول رواية فنية مكتوبة باللغة الإنجليزية تصور التجربة الاستعمارية بصورة كاملة من وجهة نظر المستعمَرين. وتدور أحداث هذه الرواية في نيجيريا في أواخر القرن التاسع عشر، وتسلط الضوء علي حياة أوكونكوو، وهو محارب قوي ينتمي لقبائل الإجبو(Igbo) ، ولكن به عيوب. وتصور الرواية حياة قبائل الإجبو بكل جوانبها المتداخلة، في حين أن الإنجليز يتم تصويرهم على أنهم قوة مدمرة تقضي على توازن الحياة القَبَلِيَّة لأهل أوكونكوو.
لقد أثّر النقاد الذين يحللون الأدب الاستعماري (ويوصفون في الغالب بأنهم يعملون داخل نظرية الخطاب الاستعماري) تأثيرا كبيرا في فهمنا لأدب المستعمرات. ودرسَ النقادُ السجلات التاريخية ونقّبوا فيها بحثًا عن مدى تقارب أو تباعد التمثيلات الأدبية للتجربة الاستعمارية وحقيقتها التاريخية. وكشفوا لنا –بالاعتماد على أعمال سيجموند فرويد وجاك لاكان وآخرين – عن كيفية أن أدب المستعمرات يكشف عن تركيبة نفسية استعمارية محددة، وغالبا ما تدمِّر هذه التركيبة النفسية المستعمِر والمستعمَر على حد السواء. وعلاوة على ذلك استجلى النقاد الجندرَ والعلاقاتِ بين الجنسين، والدور الذي تلعبه المرأة والعِرق، والعديد من الطرق الأخرى التي قام من خلالها التاريخ الطويل والمعقّد ببريطانيا العظمي في المواجهات الاستعمارية بإعادة خلق وتشكيل الأدب التخييلي.
هوامش الدراسة
[1]Ruppel, Richard. “Colonial Fiction”. The Encyclopedia of Twentieth-Century Fiction”. Vol. 1: Twentieth-Century British and Irish Fiction. Ed. Brian W. Shaffer. West Sussex: Blackwell Publishing Ltd, 2011. Pp. 77-81.
(1) كلمة رواية هنا ترجمة لكلمة (fiction) الإنجليزية على سبيل المَجاز المرسَل، فهي تعني الأدب النثري، والمقصود به القصص والروايات بمختلف أنواعها التي تعتمد على الخيال والتخييل في أسلوبها، حتى وإن كانت مستلهَمة من أحداث واقعية، تمييزا لها عن القصص التي نجدها في كتب التاريخ على سبيل المثال. والكلمة في الإنجليزية مشتقّة من كلمة لاتينية بمعنى يختلق أو يشكّل أو يصيغ، وهذا الاشتقاق هو أساس معناها المصطلحي في الأدب: أي نصوص سردية مكتوبة بحيث تندرج في إطار الأدب، ولا علاقة لأحداثها بالواقع التاريخي المُعَاش، حتى وإن كانت تستند إلى هذا الحدث التاريخي أو الشخصي أو ذاك، لأن أساسها الصناعة الفنية والإبداع. وحتى عندما يستلهم الكاتب أحداثا من الواقع في قصصه ورواياته، فإن هذه الأحداث مجرد مادة خام تخضع على يد المبدع للتخييل والحذف والإضافة والصبِّ في إطار منظور سردي معين يمثّل الرؤية الفنية للكاتب (المراجِع).
(2) تفتّقت أذهان الحكومات الغربية عن فكرة مؤدّاها: لماذا نحتفظ بالمجرمين في بلادنا ونبني لهم السجون وننفق على إعاشتهم، ما دام بإمكاننا أن ننفيهم من بلادنا ليعيشوا في المستعمرات الجديدة ونتّقي شرهم؟ وهي فكرة استعمارية تمامًا، لأن هذه الحكومات كانت تنظر إلى بلادها على أنها تمثل الخير والطهر وبالتالي لا مكان للمجرمين فيها، في حين أن البلاد الأخرى – الآخر – هي أرض دنسة تناسب المجرمين واللصوص وقطّاع الطرق. واستمرت هذه الفكرة (علوّ الأنا في مقابل دونية الآخر) طوال عصر الاستعمار، وما زالت آثارها موجودة حتى يومنا هذا بعد أن زال الاستعمار الرسمي (المراجع).
(3) إذ أراد الروائيون بهذه القصص أن يهيئوا الرأي العام لقبول فكرة الاستعمار، فكانوا بذلك خدما للإمبريالية (المترجم).
(4) يقول مفكرو مابعد الاستعمار إنَّ المعرفة تتناسب مع القوة تناسبا طرديا (المترجم).
(5) هناك فاصل زمني يزيد عن قرن من الزمان بين مسرحية شكسبير ورواية روبنسون كروزوي التي نشرها مؤلفها دانيال ديفو في نهاية العقد الثاني من القرن الثامن عشر. وبالرغم من أن الاستعمار البريطاني لم يكن قد ظهر في عصر شكسبير، نجد أن شكسبير كان سبّاقا في استشراف الواقع. ولا يظهر لنا موقف شكسبير من الاستعمار بوضوح في مسرحياته، ويرجع ذلك إلى طبيعة المسرح بوجه عام. ففي الرواية على سبيل المثال، هناك وصف وهناك منظور سردي (بمعنى الزاوية التي ينظر الراوي للأحداث من خلالها) ومنظور إجمالي يتضح من تكامل كل مكونات النص السردي ويمكننا أن نستشف منه بسهولة موقف المؤلف من القضية التي يتناولها. ولكن طبيعة المسرح تقوم على الحوار دون تبئير ظاهر للأحداث، أي أن شخصية المؤلف لا تظهر في النص المسرحي بأي شكل، اللهم إلا إذا ظهرت في الإرشادات المسرحية التي قد نستشف منها منظورًا سرديًّا بشكل أو بآخر. وحتى في هذا الجانب، كان شكسبير مقلًّا في استعماله للإرشادات المسرحية (المراجع).
(6) أفرا بِن (AphraBehn) كاتبة مسرح وشاعرة وروائية ومترجمة بريطانية عاشت في القرن السابع عشر (1640-1689)، وكانت جريئة في كتاباتها، وهي أول كاتبة إنجليزية تكسب قوت يومها من نتاج كتاباتها، ولها إسهامات أدبية متميزة، وخاصة في المسرح والرواية. وينسب لها البعض فضل ريادة الرواية الإنجليزية، لأنها نشرت روايتها “أورونوكو” في عام 1688، في حين أن الرواية التي يقول معظم النقاد – الذكور في الغالب – أنه بداية الرواية الإنجليزية، وهو رواية روبنسون كروزوي لدانيال ديفو، فنُشرت في عام 1719. وتتميز روايتها أورونوكو بأنها أول رواية إنجليزية تسلّط الضوء على معاناة المستعبَدِين وعلى تجارة الرقيق وعلى الظلم الذي تعرضت له أفريقيا وعلى ما يقترفه المستعمِر في حق المستعمَر. وتدور أحداث الرواية في إحدى المستعمرات البريطانية الأولى في أميركا (المراجع).
(7) الهمجي النبيل (noble savage) شخصية تظهر كثيرا في الروايات والأعمال الأدبية وكتب الرحلات التي تصوّر الاحتكاك بين الثقافات أو احتلال دولة لدولة أخرى. وكلمة (savage) مشتقة في الإنجليزية من الكلمة الفرنسية (sauvage) التي تعني البرّي أو المتوحش، وهي مشتقة بدورها من كلمة لاتينية بمعنى الغابة. ويدل المفهوم في الإنجليزية على الشخص الذي يمثّل الآخر الذي لم تفسده الحضارة، مما يوحي بأن البشر أخيار بطبعهم، ولكن الحضارة هي التي حوّلتهم وأفسدتهم. وظهر المصطلح في الإنجليزية لأول مرة في مسرحية لجون درايدن بعنوان “غزو غرناطة”، ومن الواضح أنه ظهر في سياق استعماري، حيث يرسم المستعمِر عن المستعمَر في ذهنه صورة سلبية تصوّره على أنه فاسد ومنحط وهمجي وشهواني، وما إلى ذلك من صفات سلبية تناقض الصفات الجميلة التي يتصف بها المستعمِر. ولكنه يتفاجأ بوجود شخصيات تناقض هذه الصورة التي رسمها للآخر، فيصفه بالنُّبل، وفي الوقت ذاته يُبقي على وصفه بالهمجية. وبالرغم من أن المفهوم يدل في ظاهره على وصف حسن، نرى أنه يمثّل خلاصة النزعة الاستعمارية، لأنه يدل على أن الآخر همجي – في نظر المستعمِر – سواء أكان نبيلا أم غير نبيل (المراجع).
(8) رواية روبنسون كروزوي لا تتناول الاستعمار بصفته مؤسسةً رسميةً، ولكن بصفته عملا فرديًّا يكون فيه الفرد – المتمثّل في بطل الرواية الإنجليزي روبنسون كروزوي، وهو مغامر إنجليزي سعى وراء المكسب من خلال التجارة في الأساس وتتحطّم سفينته في عرض البحر فيضطر للبقاء في جزيرة قرابة ثلاثين عامًا – نموذجًا مصغَّرًا للمؤسسة الاستعمارية، أو للفكر الاستعماري ذاته، وتحمل هذه الرواية بذور هذا الفكر الاستعماري الذي تجلّى في شكل مؤسّسي في غالبية روايات المستعمرات فيما بعد: فوقية الأنا/دونية الآخر، الاستعباد، فرض لغة المستعمِر، تجريد المستعمَر من هويته واسمه ولغته وديانته، الخ (المراجع).
(10) يعني الاسم فرايدي يوم الجمعة، وهو اليوم الذي ظهر فيه فرايدي على الجزيرة، ولذلك أطلقه عليه كروزوي. الاسم بوجه عام مؤشّر على هوية الإنسان ويتخذه منذ أول يوم في حياته ويقترن به طوال حياته، كما أنه يوحي بالخصوصية والتفرد. ويحدثنا القرآنُ الكريم عن أن أول شيء تفرّد به سيدنا آدم على الملائكة هو أن الله علّمه الأسماء كلها. وأيًّا كانت طبيعة هذه الأسماء – أسماء موجودات، أسماء صفات، أسرار إلهية.. الخ – فإنها تدل على أن الأسماء خاصية بشرية ميّز الله سلاسة البشر بها، وإن كان هذا لا ينفي أن للملائكة أسماء. وكون كروزوي يجرّد فرايداي من اسمه الأصلي – لدرجة أننا لا نعرف اسمه الأصلي هذا ولا يهتم كروزوي بمعرفته ولا بذكره في الرواية – يدل على أن كروزوي لا يعترف بوجود فرايداي ولا بصفته ولا بخصوصيته ولا بهويته. وعلى الرغم من أن الاسم الذي يطلقه عليه يبدو عشوائيا لأنه تصادف أنه اسم اليوم الذي رآه فيه، نجد أنه يكتسب دلالات دينيه، وهو الأمر الذي يسوّغ لكروزوي تجريد فرايداي من ديانته وتحويله إلى الديانة المسيحية التي يؤمن بها كروزوي (المراجع).
(11) المذهب البروتستانتي (المترجم).
(12) وهذا من المفارقات في روايات المستعمرات، فالأنا لا يمكن أن تخضع للاستعباد أو الاستغلال الجنسي، في حين أنه من الطبيعي في نظر المستعمِر أن يكون الآخر عُرضة للاستعباد أو الانتهاك أو الاستغلال الجنسي. وبالرغم من أن المستعمِر مسيحيّ الديانة في الغالب، نرى أنه ينظر للمستعمَر نظرة اليهود للأغيار في التلمود والتوراة، فهم لا حقوق لهم وإنما خلقهم الله في حالة أدنى من مستوى الأنا لكي يخدموا من يمثّلون هذه الأنا (المراجع).
(13) هي رواية (Confessions of a Thug) وكلمة (Thug) في اللغة الإنجليزي تعني المجرم أو البلطجي الذي يتسم بالعنف والقوة. وكانت تشير في الهند إلى جماعة من قطّاع الطرق والسفاحين قضتْ عليهم بريطانيا في ثلاثينيات القرن التاسع عشر. والكلمة مشتقة من كلمة هندية بمعنى المحتال واللص، وهي بدورها مشتقة من كلمة سنسكريتية بالمعنى ذاته. وأظن أن الكلمة العربية “الثَّجّ” مشتقة من هذه الكلمة السنسكريتية، فتعني في العربية سفك الدماء والصب والإسالة، واقتصر معنى سفك الدماء فيها على سفك دماء الهَدْي والأضاحي. وكانت جماعة الثَّجِّ في الهند مجموعة من قطّاع الطرق والقتلة يعبدون الإلهة كالي (Kali) وهي إلهة يعبدها الهندوس وتعتبر إلهة الزمن والخلق والدمار والقوة، وتوصف بأنها مدمِّرة قوى الشر والأم المقدسة وأم الكون ويقطعون الطرق ويشنقون ضحاياهم على سبيل الشعيرة الدينية (المراجع).
(14) كلمة هجاء هنا ترجمة للكلمة الإنجليزية (satire) والكلمة العربية أقرب كلمة لترجمة المصطلح الإنجليزي بالرغم من أن هناك فروقًا ثقافية في معنى الهجاء بين الثقافتين العربية والغربية. فالهجاء في العربية – كما يتجلى في شعر الهجاء – هجاء لأشخاص وهجوم عليهم وانتقاص من قدرهم، وكان دافعه قَبَلِيًّا في الأساس: أي أنه لا يُشتَرَط أن يكون المهجوُّ سيِّئًا، وإن كانت بعض قصائد الهجاء تنبع من اعتزاز العربي ببعض الصفات النبيلة، وعندما لا يجدها في من أمامه يقوم بالهجوم عليه في شخصه وشرفه وأصله ونسبه وصفاته ما إلى ذلك. أما الهجاء في الثقافات الغربية فيغلب عليه انتقاد الرذائل والصفات السلبية دون الهجوم على من يتسم بهذه السمات الذميمة، وإن كنّا لا نعدم وجود قصائد هجاء غربية تهاجم الأشخاص في حد ذاتهم، كما هاجم الشاعر الإنجليزي جون درايدن أحد منافسيه في شعره، على سبيل المثال. والهجاء الغربي يستخدم الفكاهة أو المفارقة أو السخرية أو المبالغة أو يمزج بينها في هجائه وانتقاده لغباء الناس ورذائلهم (المراجع).
(15) الجندر(gender) هو مفهوم الذكورة والأنوثة من وجهة نظر اجتماعية، وليس من الجانب البيولوجي الجسدي: أي صورة الرجل والمرأة في المجتمع وكيف ينظر المجتمع لهما، وهي صورة متغيرة من مجتمع إلى آخر، ومن عصر إلى آخر داخل المجتمع الواحد، ومن طبقة اجتماعية أو فئة من الناس إلى طبقة أو فئة أخرى داخل المجتمع الواحد في العصر الواحد. وهاجم النسويون مفهوم الجندر ووصفوه بأنه مُركَّب اجتماعي لا يقوم على دليل، وإنما يقوم في الغالب على مزاعم الرجال ونظرتهم للمرأة كما يريدون لها أن تكون، أو كما يريدون لها أن تخضع لهذه الصورة عن نفسها. ويرون فيه تهميشا للمرأة وتشييئًا لها وتحويلها إلى آخر أو إلى البطة السوداء في مجتمع ذكوري (المراجع).