زهرة الكآبة

سبع قصائد لـ "ديزيريه دي ماركو"
الاثنين 2024/01/01
لوحة: حسين جمعان

رائحة الليمون

 

رائحة الليمون تخفّف خطايا الزهور. أتأملها تغفو بسكينة في عالمهما الخاص: المكان الذي لا تنعكس فيه أيّ صورة ولا المرايا تتذكر الموضع الذي دفن فيه الموتى.

دع هذه الرائحة، رائحة هذا المنزل، تتجرع كل شيء. الأحلام والكتب والكراسي الداعرة التي تدوس رايات آبائنا. لكلّ هذا نحن معاً.

للحظة انتابني التوق للبقاء، لكنني أدركت فيما بعد أنه لم يكن هناك سوى رجل ميت غابر.

يمشي في الليل الوضّاح بانتظار تضحية شخص لقاء ثواب صامت.

 

يصل الصيف

 

يصل الصيف ومُستفزّة تمسي الأشجار.

تغيب الجبال في الزُرقة، ويعود الموتى إلى ما وراء السحب.

يهتفون للشمس ويلقون أطفالهم في النهر ليتمكّنوا من الوصول إليّ بسرعة أكبر.

مُتَرَاصّ ومتهاو جسدي العاري. أتوسل الحركة، إنما التشنّج أكثر ما أناله.

هكذا جعلتني أعتاد على تذكّر الأسود ونواحي الموت فحسب. فلسفة، قلتَ.

ومرّت الأيام وأصبح كل شيء ثمرة الخوف السوداء.

هذا ما قلته لي قبل النوم.

أضيء وجهك المميز.

الضوء يفلق السحائب إلى نصفين والموتى يتأهبون للعَوْدِة.

 

بلا حلم

 

بلا حلم بقينا

بلا درع لمواجهة الشمس

الأيام المشرقة أم الحرية

بلا خبز بقينا

بلا كلمات تبهرج جدران المنظر

والصمت أيضاً

اُنتُزِعَ من حطبات المنزل

ينتحب،

وفي جواره أرض الحجرة الباردة،

تنتظر

يتلقى ثقل سريرنا المبلل..

ما زال لعابي يأمل أن يتمكن من الطيران، ولكن

واحدة تلو الأخرى

غاصت أقاويلنا في سِرْبالك المسماري.

 

تنزلق كأس

 

تنزلق كأس من يد طفل

الزجاج يغمر المدينة

برمّتها

أيدي الظلال تمسك المارة

لم يعد هناك ثمة

أب، ابن، ومواطن

قناع من الورق المقوّى من الأعلى

يراقب قُلس الموتى:

أفكارهم

التي هي جدّ رقيقة وشفافة..

هي الآن

بحيرة الوعي السوداء.

 

رجعت الرغبات

 

رجعت الرغبات. هنا الزمن دائرةٌ، حركة متواصلة تتلهف للوجود. لتكون. تحت الحراسة يتركون لحظة الوداع. هنا يدوم ما هو على وشك أن يكون.

 

حركة الفضاء

 

حركة الفضاء تخترقني

ضرباته ترميني في الكآبة رأساً على عقب

شمس غائمة، حرية لم تتحقق أبدًا، ميناء لم نصله بتاتاً

هناك حيث يختبئ جحري وصوتي كرعد يخبو

أود أن أشهد تدمير كل الخطايا..

التواء المذنبات سيحوّل كل شيء إلى رماد

وكذلك الشمس والحرية والميناء.

 

زهرة الكآبة

 

أنا شجرة تنتظر مرآة لترى زهرة الكآبة الأخّاذة

بتلقائية ترسم – خارج جسدي – أجساد البشر

أتبرع بهذه الأبيات اليوم لأتذكّر فحسب أن الحياة، أكثر من الموت، هي ما يلجمنا بلسعاته الغارقة في الأكاذيب والعار.

إنما حاول، إذا ما سافرت في تلك العيون الخضراء،

لربما ستنام طويلاً في ظلّ أوراقي.

 

*****

أبو ظبي 10 يونيو 2023

ترجمها عن الإيطالية يوسف وقاص

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.