سينما‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬اليوتيوب‬‬‬: هل‭ ‬التصوير‭ ‬بحرية ‬‬‭ ‬تصوير‭ ‬للحرية‬‬‬‬‬‬‬‬‬

الخميس 2015/08/20
الفنان: ياسر أبو الحرم

إلى جانب جيل جديد من السينمائيين المشاركين في المأساة التي يعيشونها، وبخاصة في سوريا، كما في مصر وتونس وحتى في الجزائر والمغرب حيث المطالب كانت خافتة، ظهر آلاف المصوّرين الذين سجّلوا بالهواتف أو الكاميرات البدائية مشاهد وأحداثاً لم يسبق لأحد أن صوّرها‭.‬‬‬

هناك بالتأكيد ما يمكن أن يُطلق عليه "ما بعد اليوتيوب"، فثمة سينما لا بدّ لها من أن تهرع خلف "اليوتيوب" لتصل إلى درجة من "الإقناع" بالواقع الذي تصوّره‭.‬‬‬

هذه المشاهد التي تنهال علينا بسرعة الضوء تدفعنا إلى التفكّر حول أسلوبنا في الرؤية‭.‬‬‬

في الفصل المذكور يستند بيونغ- تشول هان إلى "نيتشه" فيما يتعلّق بتعلّم الرؤية، أي "أن تعتاد العين النظر بهدوء وصبر، أن تترك الأشياء تدنو من العين" ولبلوغ هذا يتوجّب هلى المرء تعلّم " عدم الردّ على الانفعال، بل السيطرة على الغريزة التي تكبت الأشياء وتنهيها"‭.‬‬‬

طبيعي أن تحاول السينما منافسة "يوتيوب" لأنها تدّعي تملّكها لما تسمّيه "صدقية الصورة"، أي الادّعاء بأنها أكثر واقعية من الواقع ذاته‭.‬‬‬

يكفينا استطلاع التحولات التي جرت على الأفلام الحربية بعد أن انهالت علينا المشاهد من السماء ومن الشارع‭.‬ فهناك جيل من السينمائيين العرب، وغير العرب، من الشباب خصوصاً، باتوا يقبلون تحدّي التصوير بهذه الشروط "السريعة" على إيقاع الطارئ مما يرونه ويعيشونه، البعض منهم يصوّر بشكل تجزيئي، كما في سورية مجموعة أبو نظارة، وآخرون في الجزائر حيث يتحرّك جيل جديد من السينمائيين متحدّين سرعة الواقع هذه، ومن جهة ثانية ثمة من يأخذ من الوقت حاجته لرؤية ما يريده، هذه هي حال "مفروزة" للسينمائي عمانويل ديموريس، وهو فيلم صوّره في الاسكندرية في حيّ مجاور للميناء كان يُفترض أن يُهدّم ويُنقل ساكنوه إلى ضواحي المدينة‭.‬‬‬‬‬

يمارس المخرج في هذا العمل؛ انتظار دنو الأشياء من عينيه، ومن خلال خمسة أفلام تدوم 12 ساعة يسجّل المخرج فيها ما تراه عيناه وما تنجذبان إليه، فثمة ذهاب وإياب، وحوار صحّي مع ما يراه، واحترام لما يصوّره، مع رهافة في التعامل مع السكّان والتزام بأزمنة المنسيين‭.‬‬‬

هذا التصوير لكلّ شيء ليس كذلك، فهناك ردّة فعل حيال ما يراه، كمجرّد رؤية للآخرين دون إطلاق خطابات أخلاقية‭.‬‬‬

الفيلم لا ينافس، فهو حقيقي‭.‬‬‬

هناك أمثلة في تاريخ السينما للفيلم-النهر، بدءًا من OUT لجاك ريفيت الذي أنجزه بعد أحداث أيار 68 وفي بداية السبعينات‭.‬‬‬

وبين النماذج الأخيرة أفلام وانغ بينغ المذهلة‭.‬ وإذا كان هناك مشتَرَك في هذا الصنف من الرؤية فهو الاحترام البالغ للشخصيات وللمواقع التي يصوّرون فيها، والقدرة على استيعاب ردّة الفعل، والامتناع عن تصوير كلّ شيء ووضع علاقة ما بين الزمن والنظر‭.‬‬‬‬‬

أخيرًا، هناك من يعمل على الجزئيات وتوليفها، على أفلام قصيرة، سجلاّت يومية للناجين والمنسيين‭.‬ بينما يعكف آخرون على الأفلام الطويلة، على لوحات هائلة لكوميديا الحياة والناجين منها، لكنهم جميعًا يتشاركون فيما يسمّيه بيونغ-تشول هان "سلبية النفي التي هي عملية فعّالة، وهي كلّ شيء عدا السلبية".‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.