في زيارة الحيران
الصور المنشورة هنا هي بمثابة رحلة في دنيا الطفولة السودانية، ولكنها رحلة من نوع خاص، وجزء من مشروع توثيقي فوتوغرافي يروي قصة حياة طلبة الخلاوي في السودان ويطلق عليهم «الحيران»، وهي جمع لكلمة الحوار وهو صغير الناقة الذي يتعلق بها من مولده إلى فطامه، ويدل الإسم على مدى العلاقة بين الطلبة ومشايخهم، حيث يجيء الأباء بأبنائهم لتعلم القراءة والكتابة والقرآن الكريم والفقه والتجويد في تلك المدارس التقليدية أو ما يسمى بالخلاوي حيث كانت أولى المؤسسات التعليمية في السودان وانتشرت من ثم في ارجاء البلاد إلى يومنا هذا
تناولت في المشروع طلاباً تتراوح أعمارهم مابين 8 سنوات إلى 15 سنة .. وقمت بتتبع جوانب عديدة في حياتهم منها: اعتمادهم على أنفسهم، والعلاقات الإجتماعية في الخلوة بين الطلبة والمعلمين، وتنظيم الوقت التعليمي ولحظات المرح والترفيه، بالإضافة للجوانب الأكاديمية.
وثقت بواسطة عدستي، لحظة وصول الحوار وهو يحمل حقيبته الحديدية الممتلئة بكل أغراضه حيث سيقيم ويتعلم . الطريف ان هناك عبارة شهيرة يرددها أولياء الامور لدى تسليمهم ولدهم للمقيم على التربية والتعليم: «يا شيخنا ليك اللحم ولينا العضم» أي أنهم يعطونه تفويضاً كاملًا بكل ما يتعلق بأمور التربية والتوجيه.
اول ما يتعلمه الحوار الكتابة والقراءة من خلال عملية التلقين كلًا حسب لوحه والجزء الذي يقوم بحفظه، ثم تتحرك تلك الأنامل لتخط الكلمات القرءانية على الالواح الخشبية بأدوات بسيطة جادت بها البيئة المحيطة كقلم البوص المصنوع من القصب، والدواة والحبر المصنع داخل الخلوة من خليط الصمغ العربي والفحم النباتي