قصص
ثعبان الأحلام
الرجل ذو الوجه المحفور، حاول أن يفهم ما يقع، فكل ما حوله أصبح لا يطاق، حتى الصبر الذي استطاع الصمود كل هذه السنين منحه للسارد وانسحب من اللعبة.
و.. اقترب الرجل من الفهم، فتح الباب، وحين استرق النطر، وأصاخ السمع، أصيب بالجنون لما هاله من أنواع الأيادي الملطخة بالدم الداكن، ومن هذه العيون المطفأة والكثيرة.
و.. لا بد أن الوجه المحفور فوق المخدة، فتح عينيه وبات يشبه مطرية تخالها ترشح مطرا، وأكثر تعبيرا عن الخوف عن هذا الكابوس الذي تلوى في أحلام الرجل .
كوة ضوء
رغم مغادرته المعتقل من سنوات، لا شيء في رأسه سوى زنزانة معتمة، ولا شيء آخر سوى الرطوبة والظلام والصمت، وكم حاول الهروب من هذه الزنزانة الثقيلة، بلا جدوى.. وحدث الذي لم يكن يتوقعه حتى طبيبه الخاص.
وحيدا في شقته، أعاد الرجل تقشير الزنزانة، تأمل كل تفاصيلها، و.. تذكر تلك الكوة العلوية التي كان ينساب منها النور، ومن المؤكد أن هذه البقعة من نور محت من ذاكرة الرجل تلك الزنزانة السرية، ولم تنطل عليه تلك الترضية، بدون أن يحاكم الذي سلخ جلده خلف القضبان.
قطار
القطار يسير بطيئا، والكثير من الركاب قد ذهبوا في إغفاءة، فقط، رجل منهمك في قراءة كتاب، ويبدو رجل لا يكف عن مضغ سندويتشه، بينما رجل بنظارة سوداء يتحسس حقيبته في كل حين، وسوف نرى رجلا يتفرج ولا يعنيه الأمر.
القطار يسير بطيئا، رجلان يقتسمان عنقود عنب، امرأة ورجل يتبادلان ارقام الهاتف، رائحة ” الزطلة “، امرأة كالعتمة ورجل يخلل لحيته، وسوف نرى أيضا متفقد التذاكر متجهم الوجه طيلة الرحلة، ولا أحد يجرؤ على أحد، ولا أحد تزلزلت من تحته الأرض بسبب ارتفاع سعر فنجان القهوة في القطار.
ومازال القطار يسير بطيئا في نفس الاتجاه الذي يريده، وهو الذي شاء أن يختار هذه السكة، ولو فعل الركاب النقيض، لما حدث كل الذي حدث من ابتعاد عن الوطن واسع العينين، “العينان اللتان يشبهان حبيبة الرجل الذي يسافر في القطار البطيء “، يضيف السارد.
عبث
عبثا حاول الرجل أن يقنع زوجته بقرار أن تمنحه الضوء الأخضر لخيانتها، كانت ترد وهي تضع ساقا فوق ساق:
– التفكير في الخيانة، خيانة.
ظل الرجل يشرح ويحاول توضيح فكرته، وظلت الزوجة مصرة على أن التفكير في الخيانة، خيانة، ومع توالي خيانات الرجل، انبثقت في ذهنها أن تغادر بحقيبتها وتسلم مفاتيح الشقة لحارس العمارة، وهذا ما حدث وهي تنزل السلم بخطوات متمهلة.
في المحكمة حاول الرجل أن يقنع القاضي، أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد كتابة سيناريو لشريط سينمائي، وبعد جلسات ماراثونية تم تطليقهما غيابيا.
و.. عبثا حاول الرجل أن يقنع زوجته أن ما سمعته مجرد خبيرة، وأن الزوج والزوجة اللذين تحركا أمام عينيها من ورق.