كائنات العزلة.. عقول الناشئة بين شبكة العالم الافتراضي والتطرف

الثلاثاء 2016/11/01
لوحة: جولي نكزي

لقد فوجئت -والكلام ما زال على لسان زوجة صديقي- أن بناتي على دراية ومعرفة بكثير من الأشياء التي لم أكن أعرف كيف أشرحها لهنّ، وعلى وعي بكثير من الأمور والأخلاقيات لم أقدّمها لهن، وتعجبت من أين حصلن على هذه المعلومات الهامة والصحيحة، وعرفت أن المدرسة هي التي تقدم لهن هذه المعرفة وتقوم بدورها على أكمل وجه، لأن المدرسة لا ينحصر دورها في التعليم والتلقين لبعض الدروس، وإنما لها دور لا يقل أهمية عن الجزء التعليمي وهي التربية.

استرجعت ذاكرتي، عندما كنت في المرحلة الابتدائية وكان ناظر المدرسة يدخل أحيانا للإشراف وكان يعطينا أحيانا بعض التعليمات حول الالتزام بالأخلاق وكان يؤكد دائما «وزارتنا اسمها التربية والتعليم، جعلوا التربية قبل التعليم، ولم يطلقوا عليها التعليم والتربية، فنحن نربي ونعلم ولا نعلم فقط»، ولكن هذه القيم اندثرت حاليا مع الأسف.

مع ازدياد الفقر والوضع الاقتصادي السيء في مصر خاصة منذ بداية ثمانينات وأوائل تسعينات القرن العشرين وتصاعده حتى الآن، اتجه الناس للدين، فهو الملجأ والملاذ، والخلاص، فما أجمل أن يجد الإنسان ما يصبّره على فقره، فيقرأ بعض الآيات والأحاديث حول الرضا بما كتب الله والسعي لنيل الجنة في الآخرة، وأن الدنيا زائلة وغيرها من الكلمات والجمل التي تجعل الفرد يصبر ويصمد على ما يعاني من جوع وألم بسبب وضعه الاقتصادي.

وكثير من الأسر الفقيرة لم يكمل الأبناء فيها تعليمهم بسبب ضيق ذات اليد، وكثير منها كانوا «يتخلصون» من بناتهم بالزواج المبكر لأنهن «حمل وانزاح» غير عابئين بما ينتج من مشاكل عديدة بسبب هذا الزواج المبكر، وحجتهم دائما أن الدين يحث على ذلك، وأن الرسول تزوج عائشة وهي ابنة تسع سنوات «موضوع مشكوك في أمره» وغيرها وغيرها.

والسؤال من الذي أدخل في عقولهم كل هذا؟

لقد ساعد الفقر والحالة الاقتصادية وغيبة الدولة على انتشار جماعات تتحدث باسم الإسلام، انتشرت وتوغلت في المجتمعات الفقيرة والعشوائية، بنوا مساجد صغيرة «زوايا» أطلقوا عليها «المساجد الأهلية» بعيدة عن مساجد وزارة الأوقاف التابعة للحكومة.

بدأوا يدقون على الأوتار الحساسة للمواطنين «الغلابة» يحدثونهم عن الجنة، وعن عذاب القبر، عن الشهادة، عن حور العين، وهي كلها أحاديث تلهب مشاعر الناس وتحمسهم، وكله بما يرضي الله.

سيطر هؤلاء على عقول الناس بهذا الكلام الرائع، وما أجمل أن تتحدث باسم الدين، وباسم الرسول، مستشهدا بآيات وأحاديث.

كان التركيز على النشء، بداية من سن 12 سنة، مرورا بمرحلة المراهقة ثم الشباب، والآباء سعداء أن أبناءهم يذهبون للمساجد ويقضون بها أوقاتا طويلة، فما أجمل أن يكون أبناؤهم أتقياء.

وسط كل هذا، كان الفكر المتطرف وفقه العنف يتسرب داخل عقول الشباب ويترسّخ ويتخذ حيزا كبيرا، في ظل غياب تام لأجهزة الدولة، وأحيانا في ظل مواءمات سياسية مع تلك الجماعات من أجل مصالح سياسية عليا مثل انتخابات وتدعيم الرئيس وما شابه، وهي مواءمات أهم في وجهة نظر الدولة من مصلحة المواطن ونشأته نشأة صحيحة اجتماعيا ودينيا ونفسيا.

في ظل هذا التطور التكنولوجي الهائل والمستمرّ في الاتصالات، انتشرت العزلة بين أفراد الأسرة الواحدة، وهم داخل منزل واحد، فقد يكون الجميع يجلسون في حجرة واحدة ولكن كل منهم منعزل عن الآخر بين يديه موبايل

تركت المنظومة التعليمية الأبناء عرضة لأمرين خطيرين الأول هو شبكة الإنترنت بشكل عام ومواقع السوشيال ميديا بشكل خاص بكل ما فيها من قيم سلبية، والثاني للجماعات المتطرفة والمتشددة لتبث أفكارا مغلوطة داخل عقول الصغار، وما بينهما كان النشء والشباب حائرا لا يجد أيّ توجيه وإرشاد ونصح، والاثنان يقومان بغسيل مخ بشكل احترافي مع تصفيق حاد من المؤسسات التعليمية والثقافية والتربوية التي اكتفت بمقعد المتفرج.

إن عملية غسيل المخ تقوم دائما على مراحل متعددة ومعتمدة على الجوانب النفسية والاجتماعية وهو ما تقوم به باحترافية عالية المنظمات الإرهابية والجماعات المتطرفة، ويقول ستيفن هاسان مؤلف كتاب «كيفية الإرهاب الديني وسيطرته على العقول» إن ما تقوم به المنظمات الإرهابية عند استمالة الشباب هو عميلة تبدأ بكل رقة وحنان ويطلق على هذه المرحلة الحاضنة فترة الاستمالة والإغواء «grooming seduction period» حيث توفر المنظمة الإرهابية من خلال أفرادها الحب الشديد والعطف ولذا فهم دائما خلال تواصلهم الكثيف مع الضحية يسألونها «ماذا يمكننا أن نفعل لك؟»، وذلك بالطبع يهدف إلي بناء ارتباط عاطفي قوي جدا لدرجة أنه يفوق في قوته الارتباط الروحي والوجداني مع والدي الشخص أو أصدقائه، وبمجرد أن يقوى هذا الرابط ما بين الضحية والإرهابي تبدأ المرحلة الثانية من السيطرة على العقل ألا وهي مرحلة التلقين.

وتبدأ مرحلة تلقين عقل الضحية إما بشكل مباشر أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي كما هو شائع حاليا، وفي هذه المرحلة لا بد من جذب الضحية لكي تستمر بالتردد والتواصل لتلقي المزيد من التلقين وفي كل مرة يتم إعطاء الضحية جرعة من الإيهام والذي يكون في نوعيته متوائما مع تركيب شخصية الضحية وهو ما يسمى في علم الاجتماع بمصطلح «double bind» ويتم من خلال ما يشبه التنويم المغناطيسي، وبعبارات أخرى بسيطة تشرح هذه العملية فالشخص/الضحية يقوم بتنفيذ ما اختاره من خيارات قام هو باختيارها بنفسه بناء على جرعات الوهم والإيحاء والإسقاط المقدّم له من خلال الملقّن، أي إن الضحية في حقيقة الأمر ودون وعيها هنا تعد وسيلة لتنفذ ما يريدونه منها كمنظمة إرهابية وهذا هو المعنى المبسط من عملية «double bind».

ومن الواضح أن المنظمات الإرهابية فيها مختصون في علم النفس الاجتماعي لتصميم وتطبيق التقنيات السابقة التي تحدث عنها هاسان والتي تهدف إلى التحكم بالعقول عن بعد، ويتم في هذه المرحلة -أي مرحلة التلقين- إغراق الضحية بمقاطع الفيديو والكتب والمنشورات التي تنشر في باطنها دينا مشوها يكفّر كل من لا ينتمي لفكر المنظمة الضال.

ولا بد أن نعترف أن المجتمع الإنساني لا يستطيع الحياة دون اتصال، كما أن الاتصال لا يمكن أن يحدث إلا من خلال نسق اجتماعي، وفي ضوء تعاظم دور وسائل الإعلام يذهب البعض إلى أن التغير الثقافي ما هو إلا ثمرة من ثمرات وسائل الإعلام كما يذهب ثروت أبو سليمان في «الإعلام الدولي والتغير الثقافي».

ولكن لا يمكن أن نترك أنفسنا وأبناءنا معرضين لكل ما يأتي لنا من وجبات إلكترونية جاهزة دون وجود تدخل إرشادي -ولا أقول رقابة حتى لا يفهمني البعض خطأ- فلا بد أن نعترف أن وسائل الاتصال الحديثة ألغت الزمان والمكان، وأصبحت تؤثر تأثيرًا خطيرًا في نفوس الناس وأعمالهم، ولا جدال أن هذه الوسائل لها خطرها الكبير في تكوين الاتجاهات والمعتقدات.

لقد خلقت شبكة الإنترنت مجتمعا إلكترونيا جديدا له ثقافته ذات السمات والعادات والتقاليد التي تختلف في مضمونها اختلافا كبيرا عن مجتمعنا التقليدي، وإن كان هناك العديد من السمات المشتركة بين المجتمعين، إلا أن مشكلة المجتمع الإلكترونى أنه مجتمع غير مرئي لا يرى أفراده بعضهم البعض، رغم وجود العلاقات المتشابكة بين هؤلاء الأفراد، من علاقات ثقافية واجتماعية وتجارية بل وسياسية، فهل نستوعب هذا المجتمع؟

وفي الوقت الذي يخطو فيه الكبار بخطوات بطيئة ومستكشفة لأسرار هذا العالم الإلكتروني الرهيب نجد أبناءنا من الأطفال والشباب ينطلقون مندفعين نحو امتلاك زمام الإنترنت والتمكن منه معتمدين على روحهم المغامرة وجراءة أعمارهم، يساعدهم على ذلك انتشار التابلت والموبايل وطبعا أجهزة الكمبيوتر المتوفرة في كل منزل ومدرسة وفي مقاهي الإنترنت في جميع الأحياء وبأسعار زهيدة، مما أعطى الفرصة للشباب والأطفال للدخول لشبكة الإنترنت، وأكثر ما يجذب الأبناء إلى شبكة الإنترنت هو الدردشة والتي تمكنهم من الحوار مع غرباء في مختلف بلدان العالم، معتقدين أن عدم المعرفة بينهم يعطيهم الحرية في إفشاء أسرارهم العائلية والشخصية، فنجد هؤلاء الأبناء يقتحمون هذه المواقع دون ضوابط أو محاذير.

وفي ظل هذا التطور التكنولوجي الهائل والمستمرّ في الاتصالات، انتشرت العزلة بين أفراد الأسرة الواحدة، وهم داخل منزل واحد، فقد يكون الجميع يجلسون في حجرة واحدة ولكن كل منهم منعزل عن الآخر بين يديه موبايل يتحاور من خلاله مع شخص آخر أو يلعب لعبة من الألعاب الشهيرة، مما خلق حالة من ظاهرة «التوحد» لكل أفراد الأسرة.

ورغم تحذيرات خبراء علم النفس والتربية من مخاطر الألعاب الإلكترونية، وتأثيرها المباشر على تصرفات الصغار، إلا أنها أصبحت شائعة ومنتشرة بين الأطفال والمراهقين، رغم أنها تحث بطريقة غير مباشرة على العنف.

ورغم تأكيد العديد من خبراء التربية أن كثرة ممارسة الأطفال لهذه الألعاب إلى حد الإدمان، قد تؤدي إلى أن يصبح الطفل أكثر عرضة للإخفاق الدراسي، إلى جانب ضعفه في الحوار والتعبير عن أفكاره، إلا أنّ هذا لم يردع الأسر لكي توقف أو تقنن هذه الألعاب لأولادها.

ويجب أن يكون هناك وقت محدد للعب لكل طفل، ومشاركة الآباء لأبنائهم في ألعابهم، والارتقاء باهتماماتهم بما يناسب أعمارهم، لأن هناك ألعابا تزرع العنف والاعتداء على الآخرين، وهذه صفات خطيرة تؤثر سلبا في بناء شخصية الطفل.

وفي كثير من الدول الأوروبية يقدمون للآباء دليلا لشراء ألعاب الطفل من خلال مواقع إلكترونية، مثل هذا الموقع البريطاني www.brainworks.co.uk وفيه يتعرف الوالدان على الألعاب المناسبة لكل فئة عمرية، وحتى لو كانت اللعبة غير مدرجة يستطيعان توجيه السؤال ليتعرفا على إمكانية استخدام اللعبة من عدمه.

نفس الأمر إذا أراد الوالدان اصطحاب أبنائهم إلى دور عرض الأفلام السينمائية، فيمكنهم التأكد من صلاحية الفيلم قبل الذهاب لمشاهدته، وذلك من خلال الدخول إلى الموقع البريطاني التالي www.parentsbbfc.co.uk وكتابة اسم الفيلم في مستطيل البحث، لتظهر تفاصيل وافية حول هذا الفيلم ومدى ملاءمته لعمر الطفل.

كما توجد في بريطانيا هيئة لتصنيف الأفلام هي «الهيئة البريطانية لتصنيف الأفلام» وهي منظمة مستقلة تختص بتنظيم وتصنيف محتوى الأفلام التي تعرض في دور السينما والموجودة على أشرطة الفيديو وأقراص الـ»دي في دي».

إن تصنيفات هذه الهيئة هي المقياس الآن لأفلام السينما، وقد تم إعطاؤها هذه السلطة للمرة الأولى بموجب قانون صدر عام 1984 والخاص بتسجيلات الفيديو، فكل أفلام الفيديو والـ»دي في دي» يجب أن تخضع لفحص وتصنيف الهيئة، كما أصبحت هذه الهيئة مسؤولة عن التصنيف في ألعاب الكمبيوتر أيضاً، حيث يتم تصنيف الألعاب لفئات يمكن للآباء التعرف على اللعبة المناسبة للفئة العمرية.

وفي الغالب يكون هناك وصف قصير على الغلاف الخلفي لأشرطة الفيديو أو أقراص الـ»دي في دي» أو ألعاب الكمبيوتر، هذا الوصف يعطى أسباب تصنيفه لهذه السن على وجه الخصوص.

تتشكل عقول أبنائنا بناء على محددات مختلفة ومتصارعة أحيانا، ويمر الشاب منذ أن بدأ وعيه، بحالة من التخبط الشديد بين فكر متشدد يحاول استمالته بكافة الطرق، وبين شبكات إلكترونية وفضائية ذات عالم مفتوح على مصراعيه

هذا في الوقت الذي نترك فيه أبناءنا في العالم العربي عرضة لكل ما يعرض على شاشات السينما والكمبيوتر دون أيّ تدخل أو إشراف من الأسرة أو المؤسسة التعليمية أو حتى الدولة بشكل عام، ونكتفي بكلمات أو عبارات مستسلمة تفيد أننا لا يمكننا السيطرة على ما يبث لنا.

وإذا نظرنا في نفس الوقت إلى التعليم المصري على سبيل المثال فسوف نجد أنه يعاني من ازدواجيات تهدد كيانه الاجتماعي والثقافي، فهو يرسخ للتفكك الاجتماعي ويظهر كيف أن هناك تفرقة اجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد.

فهناك أربعة أنواع للتعليم في مصر، كما ذكر الدكتور شبل بدران في دراسته الهامة عن التعليم الموازي («التعليم الموازي بالوطن العربي في ظل اقتصاديات السوق»)، وهي التعليم الحكومي، التعليم الخاص، التعليم الأجنبي، والتعليم الأزهري، وهذه الأنواع الأربعة لها انعكاسات على الأوضاع الطبقية والاجتماعية، وتعمل على تعميق الانقسام الاجتماعي والطبقي في المجتمع المصري، فهي تخلق مجتمعًا غير متجانس فكريًا وثقافيًا واجتماعيًا، ومن حيث النظرة للحياة عمومًا، وبالتالي لا توجد لغة حوار مشتركة بين خريجي هذه الأنواع الأربعة، مما يؤثر بدوره على درجة التماسك الاجتماعي ويكرس للازدواج الثقافي والقيمي ويساعد على تفتيت البنيان الاجتماعي وسهولة ذوبانه في سياقات العولمة الثقافية والاجتماعية.

ولم يقتصر الأمر على حدود التعليم ما قبل الجامعي، بل إن الأمر استفحل للدرجة التي استطاعت معها الفئات والطبقات الاجتماعية الصاعدة من أن تنشئ لأبنائها قنوات تعليمية خاصة بدءًا من الحضانة وحتى الجامعة، وجعلت هناك نظامًا تعليميا مرتبطًا بالقدرة الاقتصادية والمادية لبعض الفئات والطبقات ليسمح لها ولأبنائها بمواصلة تعليم خاص أو أجنبي من الحضانة إلى الجامعة، وبالطبع فخريجو هذا النوع من التعليم -النخبة- هم الذين ستتاح أمامهم فرص العمل المتميز والأجر المرتفع في الشركات والبنوك والهيئات الاستثمارية المرتبطة باقتصاد السوق والعولمة.

وسبق أن حذرت منظمة اليونسكو من مغبة الإمعان في التوجه نحو تجارة التعليم بكل مخاطرها التربوية والمجتمعية، وأكدت الالتزام بحق التعليم للجميع، كما تسعى كثير من الروابط والهيئات العلمية إلى التصدي لهذا التيار العولمي، ومنها ما أقرته «الرابطة البريطانية للأساتذة الجامعيين»، «والاتحاد الوطني للطلاب في أوروبا»، «واتحاد الروابط الجماعية في كندا»، أن تجارة التعليم تهدد جوهر مفهوم الخدمة التعليمية، وتحولها إلى مؤسسات تجارية يخلو مضمونها من أيّ أهداف ومقاصد تربوية وطنية، واجتماعية، وأخلاقية وإنسانية، كذلك تصبح الجماهير الهادرة من ممثلي الملتقى العالمي لتشكيلات المجتمع المدني العالمي في مواجهة ملتقيات دافوس بمهاجمة عولمة التعليم، والعمل على تصحيح توجهات مسيرة التعليم الحالية ليكون أداة للحرية والعدالة والانتماء الوطني والإنساني، فضلًا عن كونه أحد أهم آليات العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وبناء مجتمع الجدارة والاستحقاق القائم على العلم والمعرفة وليس القدرة الاقتصادية أو المكانة الاجتماعية والطبقية.

هذا غير الاعتماد على التلقين كوسيلة ومنهج لكل المراحل العمرية، وأذكر أن مدرّسة لغة إنكليزية استرالية الجنسية من أصول مصرية رجعت إلى مصر وعاشت فترة قالت لي «إن التعليم في مصر بالكيلو» فضحكت وسألتها عمّا تعني بالضبط، فقالت لي انظر إلى حجم الشنط المدرسية والتي يحملها التلاميذ على ظهورهم يوميا في وضع غير صحي، ثم انظر إلى ما يقدم لهم من مواد دراسية والتركيز على حفظ الطالب لما يدرسه ثم يقوم بسكب ما حفظه على ورقة الامتحان ثم ينسى ما درسه مجرد خروجه من الامتحان.

وهكذا تتشكل عقول أبنائنا بناء على محددات مختلفة ومتصارعة أحيانا، ويمر الشاب منذ أن بدأ وعيه، بحالة من التخبط الشديد بين فكر متشدد يحاول استمالته بكافة الطرق، وبين شبكات إلكترونية وفضائية ذات عالم مفتوح على مصراعيه تحتوي على مواد لا يعلم مدى صحتها ومصداقيتها وأهميتها النفعية، في ظل تعليم عشوائي يرسّخ للطبقية ويفرق بين طبقات المجتمع الواحد، على مشهد ومرأى ومسمع من مؤسسات الدولة والأسر بشكل عام.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.