لا أستطيع
إلى أين تأخذُني وَالشوارعُ مغلقةٌ
وَالقنابلُ فوق السطوح تشدُّ خياماً من النار؟
دَعني أرسم عالَمي في وردةٍ
مِثلما يحلمُ الغائبون عن الوعيِ
قل إنّني قد فقدتُ اليقينَ تماماً بما كَتبوه لنا
وَقل إنّني لم أجدْ غيرَ بضعِ قبائلَ
تبحثُ في الرّملِ عن ثأرِها
وَعن الأنبياء الذين تخلّوا عن الشّعب من زمنٍ
وأحبّوا الشرابَ.
لِمَن تكتبون الأغاني؟ لِمَن تُنشِدون؟
لِمَن ترفعون البيارقَ في الشمس؟
مَن تَعبدون؟
وَكيفَ سينتصرُ الخائفون؟
إلى أين تأخذُني؟
دعني أعود لأبحثَ عن قمرٍ ضائعٍ في دخانِ مآذنِ بغدادَ
عن شَجرٍ واقفٍ خلفَ نارِ القرى وَالرّمادِ
وَعن وجهِ أمّي
وَعن دفتري الأخضرِ المدرسيِّ
وَعمّا نسيتُ
فَما سوف يأتي كثيرٌ عليَّ
لن أتحمّلَ فصلاً جديداً من الكارثة.
عشرونَ طفلاً على الثلجِ ماتوا
وَقال المؤيّدُ: ذنبُ البُغاة
وَقالَ المعارضُ: ذنبُ الطُّغاة
وَقال الحداثيُّ: ذنبُ الجهاد
وَقال الإمام: ذنوب العِباد
وَقالَ الذي لم يدَعْهمُ ينامونَ في بيتهِ
إنّها حادثة.
إلى أينَ تأخذني؟
لَم أجد في اليمينِ محبّين للهِ وَالأرضِ وَالعائلة
وَلا في اليسارِ سوى ساهرين سكارى على نجمةٍ ذابلة
هناكَ الكثيرُ من الناس في المنتصف
يموتون من أجلِ أكذوبةٍ هائلة
لَم ألتقِ الشّيخَ في مسجدٍ يعظُ المؤمنين
وَلكن على مقعدٍ يقسم الرِّبحَ بين المؤذّن وَالسامريِّ
وَيدعو على الرّوم والفاسقين
وَلم أصطدم بالمثقّفِ في ساحةٍ
بل أمامَ محلِّ الكحولِ
وَلم أرتكب أيَّ شيءٍ سوى قلقي
فإلى أين تأخذني؟
لن أعودَ إلى صنمي في المغارةِ
لا أستطيعُ
رأيتُ إلهي على الماءِ
كانَ خفيفاً
يدندنُ أغنيةً من تراثِ اليمامِ ويمسكُ كفّي
صحوتُ
لألقاكَ تغلقُ أبواب مقهاكَ فجراً
وَتأخذني نحوَ شارعنا
سيّدي
إنَّ بيتي كَقلبي
ككلِّ الكلامِ الذي كنتَ تقرأهُ في الكتابِ
كبيرٌ وَفارغ.