مايكل‭ ‬روتنبرغ

السبت 2016/10/01

مايكل‭ ‬روتنبرغ‮ ‬Michael‭ ‬Rothenberg‮ ‬هو‭ ‬شاعر،‭ ‬وكاتب‭ ‬أغانٍ،‭ ‬ورئيس‭ ‬تحرير‭ ‬مجلة‭ ‬بيغ‭ ‬بريدج‭ ‬وناشرها‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬والشريك‭ ‬المؤسس‭ ‬لحركة‭ ‬الشعر‭ ‬العالمي‭ ‬المعروفة‭ ‬بـ‭ ‬“100‭ ‬ألف‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير”‭. ‬نشرت‭ ‬قصائده‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬مجلات‭ ‬أدبية‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭: ‬اكسكويزيت‭ ‬كوربس،‭ ‬مجلة‭ ‬كولدن‭ ‬هاندكفس،‭ ‬جاكيت،‭ ‬مجلة‭ ‬براغ‭ ‬الأدبية،‭ ‬تراي‭ ‬سايكلو‭ ‬وزيزيفا‭. ‬له‭ ‬دواوين‭ ‬شعرية‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬“الرجل‭/‬المرأة”‭ ‬الذي‭ ‬ألفه‭ ‬بتعاون‭ ‬مع‭ ‬جوان‭ ‬كايغر‭ ‬‭(‬منشورات‭ ‬فش‭ ‬درم‭)‬،‭ ‬“رؤية‭ ‬متأنية”‭ ‬‭(‬لا‭ ‬ألاميدا‭/‬منشورات‭ ‬جامعة‭ ‬نيو‭ ‬مكسيكو‭)‬،‭ ‬“اِخْتر”‭ ‬‭(‬منشورات‭ ‬بيغ‭ ‬بريدج‭)‬،‭ ‬“شبابي‭ ‬بصفته‭ ‬قطارا”‭ ‬‭(‬منشورات‭ ‬فوت‭ ‬هيلز‭)‬،‭ ‬“حبس‭ ‬لأجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‭: ‬قصة‭ ‬كلب”‭ ‬‭(‬مطبعة‭ ‬اكستسس،‭ ‬2013‭)‬‭ ‬والذي‭ ‬سيصدر‭ ‬في‭ ‬طبعة‭ ‬عربية‮ ‬‭ ‬إنكليزية‭ ‬تنشرها‭ ‬الكتب‭ ‬خان‭ ‬بالقاهرة‭. ‬ويتضمن‭ ‬عمل‭ ‬مايكل‭ ‬كمحرر‭ ‬قيامه‭ ‬بجمع‭ ‬ومراجعة‭ ‬قصائد‭ ‬مختارة‭ ‬لشعراء‭ ‬أميركيين‭ ‬مثل‭ ‬ألن‭ ‬فيليب،‭ ‬جوان‭ ‬كايغر،‭ ‬إد‭ ‬دورن‭ ‬‭(‬كتب‭ ‬بنغوين‭)‬،‭ ‬وقصائد‭ ‬مختارة‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬ألن‭ ‬فيليب‭ ‬‭(‬مطبعة‭ ‬جامعة‭ ‬ويسليان‭)‬‭.‬

يعد‮ ‬‭ ‬الشاعر‭ ‬الأميركي‭ ‬مايكل‭ ‬روتنبرغ‭ ‬أحد‭ ‬الشعراء‭ ‬المتأثرين‭ ‬بشعر‭ ‬جيل‭ ‬الإيقاع‭ ‬أو‭ ‬جيل‭ ‬البيت‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬له‭ ‬ببيانات‭ ‬الشعراء‭ ‬ألن‭ ‬غينسبرغ‭ ‬وجاك‭ ‬كيرواك‭ ‬وويليام‭ ‬بوروز،‭ ‬ويتسم‭ ‬المنجز‭ ‬النصي‭ ‬لروتنبرغ‭ ‬بالتجرد‭ ‬من‭ ‬زوائد‭ ‬القول‭ ‬الشعري‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬النثر،‭ ‬وذلك‭ ‬باستعادة‭ ‬تفاصيل‭ ‬اليومي،‭ ‬مسهما‭ ‬بذلك‭ ‬في‭ ‬تجديد‭ ‬الشعر‭ ‬الأميركي‭ ‬ودعم‭ ‬مغامرة‭ ‬ممارساته‭ ‬النصية‭ ‬في‭ ‬بحثها‭ ‬الدؤوب‭ ‬عن‭ ‬انعطافات‭ ‬تتجاوز‭ ‬الكائن‭. ‬إن‭ ‬نصوص‭ ‬روتنبرغ‭ ‬لا‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬السجل‭ ‬النصي‭ ‬الأميركي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تتجاوزه‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬تعالقات‭ ‬مختلفة‭ ‬وحوار‭ ‬عميق‭ ‬مع‭ ‬سجلات‭ ‬نصية‭ ‬وخطابية‭ ‬أخرى،‭ ‬كما‭ ‬تتميز‭ ‬نصوصه‭ ‬بالانفتاح‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬باعتبارها‭ ‬أفقا‭ ‬جديدا‭ ‬يلغي‭ ‬الوعي‭ ‬الشفهي‭ ‬ويشغل‭ ‬المكان‭ ‬النصي،‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬تستحيل‭ ‬تجربة‭ ‬الكتابة‭ ‬فعلا‭ ‬جسديا‭ ‬تشتغل‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬الحواس‭. ‬نصوص‭ ‬روتنبرغ‭ ‬بهذا‭ ‬المعنى‭ ‬تقوّض‭ ‬سلطة‭ ‬النوع‭ ‬وتقوم‭ ‬على‭ ‬اختراق‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الكتابة،‭ ‬يقول‭ ‬روتنبرغ‭ ‬“أخطط‭ ‬لغد‭ ‬أكون‭ ‬فيه‭ ‬أكثر‭ ‬انشغالاً‭/‬لكنني‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬نسيان‭ ‬المحيط”،‭ ‬لغة‭ ‬تقيم‭ ‬في‭ ‬الارتياب‭ ‬وتدرأ‭ ‬عنها‭ ‬اطمئنان‭ ‬اليقين،‭ ‬باعتباره‭ ‬عمى”‭. ‬هكذا‭ ‬يخاطب‭ ‬روتنبرغ‭ ‬البعيد‭ ‬ويحرس‭ ‬نداءاته،‭ ‬بالسكن‭ ‬الرمزي‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬قلقة‭ ‬ربما‭ ‬لقلق‭ ‬الظرف‭ ‬الإنساني‭ ‬ذاته،‭ ‬إنها‭ ‬تجربة‭ ‬شاعر‭ ‬يقتحم‭ ‬المجهولات‭ ‬بضوء‭ ‬الشعر‭ ‬اليسير،‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬مساره‭ ‬الكتابي‭ ‬وعلى‭ ‬إنتاج‭ ‬ممارسة‭ ‬نصية‭ ‬تغري‭ ‬بتأويلات‭ ‬لا‭ ‬نهائية‭.‬

في‭ ‬مقهى‭ ‬صغير‭ ‬وسط‭ ‬مدينة‭ ‬غيرنيفل‭ ‬بولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬التقيت‭ ‬بالشاعر‭ ‬مايكل‭ ‬روتنبرغ‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أغسطس‭ ‬2013،‭ ‬شاعر‭ ‬يحرس‭ ‬معبد‭ ‬الشعر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الرقة،‭ ‬يطّلع‭ ‬على‭ ‬النسخة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بجمعها‭ ‬لأعمال‭ ‬الشاعر‭ ‬فيليب‭ ‬ويلن؛‭ ‬أحد‭ ‬مؤسسي‭ ‬حركة‭ ‬جيل‭ ‬الإيقاع،‭ ‬وأحد‭ ‬أنساب‭ ‬الشعراء‭ ‬الحالمين‭ ‬بعالم‭ ‬ينتفي‭ ‬عنه‭ ‬الألم‭. ‬كان‭ ‬روتنبرغ‭ ‬يرى‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬زجاج‭ ‬نافذة‭ ‬المقهى،‭ ‬وكان‭ ‬يشيد‭ ‬نقيض‭ ‬الوجود‭ ‬على‭ ‬بياض‭ ‬الورق،‭ ‬وجسده‭ ‬يسرنمه‭ ‬طول‭ ‬المقام‭ ‬أمام‭ ‬ديوان‭ ‬يقارب‭ ‬عدد‭ ‬صفحاته‭ ‬الألف‭ ‬صفحة،‭ ‬قلقا‭ ‬ممّا‭ ‬وقع‭ ‬وممّا‭ ‬يقع‭.‬

كان‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬عوالمه‭ ‬والاشتباك‭ ‬مع‭ ‬تفاصيله‭ ‬أمرا‭ ‬مغريا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليّ‭ ‬كشاعر‭ ‬شاب‭ ‬قادم‭ ‬من‭ ‬جغرافية‭ ‬أخرى،‭ ‬بالكاد‭ ‬أتلمس‭ ‬الخطى‭ ‬بحثا‭ ‬عمّن‭ ‬تسكنهم‭ ‬غواية‭ ‬الكتابة،‭ ‬صلتي‭ ‬بشعر‭ ‬روتنبرغ‭ ‬قديمة‭ ‬وقد‭ ‬خبرت‭ ‬نصوصه‭ ‬الشعرية،‭ ‬وترجمت‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬لكن‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬عوالمه‭ ‬الخاصة‭ ‬كان‭ ‬يبدو‭ ‬لي‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الجسارة،‭ ‬عوالم‭ ‬فادحة‭ ‬لشاعر‭ ‬لا‭ ‬يستسيغ‭ ‬من‭ ‬يدير‭ ‬ظهر‭ ‬للعالم.

قلم‭ ‬التحرير

*‭ ‬ولدت‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬جميل‭ ‬‭-‬ميامي‭ ‬بيتش‭ ‬بولاية‭ ‬فلوريدا‭-‬‭ ‬حيث‭ ‬يمكنك‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بالشاطئ‭ ‬وبعض‭ ‬المناظر‭ ‬الطبيعية‭ ‬الخلابة‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬تتوق‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬خليج‭ ‬سان‭ ‬فرانسيسكو‭. ‬هلا‭ ‬تحدثت‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬حياتك‭ ‬هناك؟‭ ‬كيف‭ ‬أثّر‭ ‬الفضاء‭ ‬على‭ ‬انشغالاتك‭ ‬اللاحقة‭ ‬بالقضايا‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والبيئية‭ ‬عندما‭ ‬أصبحت‭ ‬يافعا؟

سماء‭ ‬نحاسية‭ ‬تمتد‭ ‬فوق‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير

قصيدة‭ ‬مهداة‭ ‬إلى‭ ‬متكو

(1)

اليوم،‮ ‬عندما ننزل /أنا وزيغي /إلى المحيط /سوف نرسل إليك‭:‬‮ ‬قصيدة، /بعض الأشرطة الجامحة، /روح لامرئية، /‮ ‬وطيور محلقة في‮ ‬السماء /عبر مياه من الكروم‭.‬

(2)

سوف ننتظر /ردّك المثقل بالصمت /سنبحث عن لفظ جامع لكل المعاني /وعالم‮ ‬يسوده السلام‭.‬

(3)

سنركب عائدين /فوق آلات مدمرة ومشرقة /من بلدان أوروبية نامية‭.‬

(4)

أنا مجرد قرْدٍ‮ ‬بحريٍّ /ولدت وترعرعت /في‮ ‬ولاية فلوريدا‭.‬

(5)

تعلمت كيف أداعب /‮ ‬حياتي‮ ‬السائلة /وهاهو القمر الآن /‮ ‬يجذبني‮ ‬إليه‭.‬

(6)

إني‮ ‬أعاني /أثقل وجودي‮ ‬بتفكيري /الذي‮ ‬لا‭ ‬ينتهي‮ ‬على طرفي‮ ‬نقيض /وما المصير…؟ ما الميلاد؟ /صحيح أن المحيط /يمدنا بالقوةيخبرنا بأن الكون /‬الذي‮ ‬يدور باستمرار /لا‮ ‬ينتمي‮ ‬إلينا /مهما حاولنا اغتياله‭.‬

(7)

‮ ‬سلطة لا‭ ‬يحكمها إله /موجات مصنوعة من الكروم /لهيب من وهج الشمس /يرهق جبيني‭.‬

(8)

زيغي‮ ‬يتوقف فجأة عن النبش في‮ ‬/الرمل /ينبح على الغراب الملون بالأزرق‮ ‬/والأسود /أرسل ندائي‮ ‬من الصخرة العالقة /على شاطئ من الأصداف‭.‬

(9)

‮ ‬سأجن إذا ما عشت فوق جزيرة /المحن محاطة ببحر من الأزرق /‮ ‬وآفاق من الياقوت‭.‬

(10)

أخطط لغد أكون فيه أكثر انشغالاً /لكنني‮ ‬لا أستطيع نسيان المحيط‭.‬

(11)

يمكنك أن تتحرّق شوقاً‮ ‬إلى جزيرة‮ ‬/أخرى /لكن أيّاً‮ ‬كان ذلك الشيء الذي‮ ‬تتخيله /فأنا لا أستطيع أن أصفه‭:‬ترمس، /شوك، /أو شوفان بري‭.‬

(12)

‮ ‬سراب /‮ما‮ ‬يكون؟ ولكن‮… ‬أعتقد بأنّي‮ ‬أراه إذ هو شيء /خيال /‬منقوش على صفحة سماء زئبقية /‮ ‬أنا الآن أنتظر انفجارا‭.‬

(13)

هذه ليست سنة مبشرة للطغاة /سماء نحاسية /تمتدُّ‮ ‬فوق ميدان التحرير /هنا تأتي‮ ‬تلك الفكرة المدمرة /تلك العملة التي‮ ‬أرسلتها بعيدا /على رقعة منفسحة /لتقرأها‮ ‬يا متكو‭.‬

‮(14)

غيوم الغاز المسيل للدموع /تحوم‮ ‬فوق ميدان التحرير /تعود مقيدة ومنفعلة /لاصطدامها بأرض خشنة /كفانا استعباداً

(15)

رجال ونساء،‮ ‬فتيان وفتيات /‬بأيديهم حجارة /يا سيدي‮ ‬امنحهم ما‮ ‬يطلبونه /لا تنتظر الإذن من القيادات العامة /لا تنتظر الإذن من دار الأوبرا /عش طويلاً‮ ‬دون سندات التأمين

‬(16)

مازال الكلب‮ ‬ينبح /ولكن لا‮ ‬يمكن القول ما‮ ‬يعتقده‮ ‬/بالضبط /هل ذاك تنين أم حضارة تحترق على‮ ‬/الشاطئ؟ /لا أستطيع أن أتكهن بالطريق الذي‮ ‬/يسلكه الشعر /‬أهو‮ ‬يتجه نحو بوابة الدخول أو‮ ‬/الخروج؟

(17)

موجة تليها موجة تتعقبها موجة أخرى /موجة نائمة /مد العالم‮ ‬السفلي‮ ‬يغمر كل شيء‮ ‬/ويلفظ الفضة /على شواطئ مدمرة وسماء معذبة‭.‬

(18)

سألت‮ ‬غرير كاليفورنيا /وأنا عائد إلى المنزل /هل وجدت هذا الحلم مُسلّياً؟ /صاغ‮ ‬رده في‮ ‬قالب من الخبث /هل‮ ‬يكمن الظرف الإنساني‮ ‬في‮ /الترفيه فقط؟

(19)

سألت الغرير /عن ألاعيب السياسة /والاستعارات النحاسية /المتدلية من السماوات /مثل مسيح هاندل‭!‬

(20)

لا‭ ‬يوجد أي‮ ‬ردّ‭!‬ /هذا ليس حيواناً‮ ‬داجناً‭!‬ /أيها الأخ من قارة كبرى أخرى‭!‬ /وراء حمى كارثية متلألئة /إن الرغوة والضوء‮ ‬يغمران قدمي /واحتكاكات الماموث تتراكم على‮ ‬/أحجار ماموثية‭.‬

(21)

يا إخواني‮ ‬المقدونيين‭!‬ /نزلت إلى المحيط اليوم /‬كانت السماء والشمس والمياه /تخطف الأبصار /وكانت الكروم رائعة /وكدت أقع /في‮ ‬شباك الضوء والعزلة /فلم أستطع التفكير في‮ ‬أي‮ ‬شيء آخر‭.‬

روتنبرغ‭:‬ عندما‭ ‬كنت‭ ‬شابا‭ ‬كانت‭ ‬ميامي‭ ‬بيتش‭ ‬بلدة‭ ‬شاطئية‭ ‬صغيرة‭ ‬وكان‭ ‬يسودها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الهدوء‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬أوقات‭ ‬السنة،‭ ‬وكانت‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬شواطئ‭ ‬جميلة‭ ‬وأشجار‭ ‬نخيل‭ ‬ونسائم‭ ‬استوائية‭ ‬عليلة،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬تتميز‭ ‬بمعمارها‭ ‬الجميل،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬ديكو‭ ‬موتيلات‭. ‬كانت‭ ‬ميامي‭ ‬بيتش‭ ‬عندها‭ ‬مكانا‭ ‬يسهل‭ ‬العيش‭ ‬فيه،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬اكتسبت‭ ‬شعبية‭ ‬متزايدة‭ ‬وصورة‭ ‬سياحية‭ ‬لامعة،‭ ‬وهي‭ ‬كذلك‭ ‬مدينة‭ ‬ذات‭ ‬ميناء‭ ‬ضخم‭ ‬وملاذ‭ ‬للاجئين‭ ‬الكوبيين‭ ‬والهايتيين‭. ‬و‭ ‬بالتدريج‭ ‬نما‭ ‬جنوب‭ ‬فلوريدا‭ ‬بوحشية‭ ‬بين‭ ‬عشية‭ ‬وضحاها‭ ‬حيث‭ ‬ميّزه‭ ‬إفراط‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬ناطحات‭ ‬السحاب‭ ‬والوحدات‭ ‬السكنية‭ ‬متعددة‭ ‬الطوابق،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‮ ‬‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الشاطئ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأغنياء‭. ‬أتيحت‭ ‬لي‭ ‬فرصة‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بشاطئ‭ ‬ميامي‭ ‬بيتش‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تلويثه،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أقضي‭ ‬قدرا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬إيفرغليدز‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬صغيرا‭. ‬إيفرغليدز‭ ‬هي‭ ‬مستنقعات‭ ‬شاسعة،‭ ‬ومليئة‭ ‬بالثعابين‭ ‬والبعوض،‭ ‬وبساتين‭ ‬الفاكهة‭ ‬وأزهار‭ ‬بروميلياس،‭ ‬والتماسيح،‭ ‬وجزر‭ ‬المانغروف‭ ‬المقفرة،‭ ‬والطيور‭ ‬الاستوائية،‭ ‬وطيور‭ ‬أبي‭ ‬ملعقة‭ ‬وردي‭ ‬وأناهينكا‭.‬

كان‭ ‬والدي‭ ‬‭-‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يمتهن‭ ‬المحاماة‭ ‬حينها‭-‬‭ ‬متعطشا‭ ‬للصيد‭ ‬وكان‭ ‬يحب‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬أسرته‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬أسبوع‭ ‬إلى‭ ‬إيفرغليدز‭ ‬حيث‭ ‬كنا‭ ‬نقضي‭ ‬وقتا‭ ‬ممتعا،‭ ‬وكان‭ ‬يأخذنا‭ ‬في‭ ‬زورقنا‭ ‬لاستكشاف‭ ‬المنطقة‭ ‬وكنا‭ ‬ننام‭ ‬في‭ ‬كوخ‭ ‬يطلّ‭ ‬على‭ ‬نهر‭ ‬بارون‭ ‬البطيء‭ ‬والمالح‭. ‬خلال‭ ‬الليل‭ ‬كنت‭ ‬أجلس‭ ‬على‭ ‬ضفة‭ ‬النهر‭ ‬وأصطاد‭ ‬الأسماك‭ ‬وحدي،‭ ‬وكنت‭ ‬أسمع‭ ‬أصوات‭ ‬الحيوانات‭ ‬الليلية،‭ ‬وكانت‭ ‬السماء‭ ‬مليئة‭ ‬بالنجوم‭ ‬مما‭ ‬ساعدني‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬خبايا‭ ‬الكون‭. ‬كان‭ ‬لإيفرغليدز‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬تجربتي‭ ‬كشاب،‭ ‬فخلال‭ ‬صباي‭ ‬كنت‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬استكشاف‭ ‬البرية،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬أسبوع‮ ‬‭ ‬كنت‭ ‬أبتعد‭ ‬عن‭ ‬نمط‭ ‬الحياة‭ ‬المصطنعة‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬ميامي‭. ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬في‮ ‬‭ ‬ميامي‭ ‬بيتش‭ ‬حينها‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬على‭ ‬صيد‭ ‬الأسماك‭ ‬والسياحة،‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬السنين‭ ‬عاينت‭ ‬بحزن‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬أتى‭ ‬على‭ ‬ميامي‭ ‬بيتش‭ ‬وحوّلها‭ ‬من‭ ‬فضاء‭ ‬مريح‭ ‬ومفتوح‭ ‬لمختلف‭ ‬الفئات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬إلى‭ ‬منتجع‭ ‬للسياحة‭ ‬المتوحشة‭. ‬وهكذا‭ ‬أصبحت‭ ‬إيفرغليدز‭ ‬الملاذ‭ ‬الوحيد‭ ‬لي؛‭ ‬لذلك‭ ‬شعرت‭ ‬بالحاجة‭ ‬لحمايتها،‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬حينها‭ ‬أيّ‭ ‬شيء‭ ‬عن‭ ‬البيئة‭ ‬أو‭ ‬حركة‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭.‬

من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬أحداث‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬ورياح‭ ‬الثورة‭ ‬الثقافية‭ ‬كانت‭ ‬بطيئة‭ ‬في‭ ‬هبوبها‭ ‬على‭ ‬ولاية‭ ‬فلوريدا‭ ‬وميامي‭ ‬بيتش،‭ ‬ومعظم‭ ‬ما‭ ‬كنا‭ ‬نسمعه‭ ‬عن‭ ‬التغيير‭ ‬كان‭ ‬يصلنا‭ ‬عبر‭ ‬التلفزيون،‭ ‬وبدت‭ ‬نقاشات‭ ‬التغيير‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭. ‬عبر‭ ‬التلفزيون‭ ‬وصلتنا‭ ‬أخبار‭ ‬حرب‭ ‬فيتنام،‭ ‬وأخبار‭ ‬الروك‭ ‬أند‭ ‬رول،‭ ‬حركة‭ ‬السلام‭ ‬والنضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المساواة‭ ‬العرقية‭. ‬كانت‭ ‬ميامي‭ ‬متخلفة‭ ‬جدا‭ ‬وكانت‭ ‬فلوريدا‭ ‬متأخرة‭ ‬عن‭ ‬مستوى‭ ‬تقدم‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الثقافة‭ ‬والوعي،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لدينا‭ ‬فكرة‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬حركة‭ ‬الإيكولوجيا،‭ ‬وحركة‭ ‬السلام‭ ‬والحقوق‭ ‬المدنية‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الشعر،‭ ‬ولكنّني‭ ‬كنت‭ ‬محظوظا‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬صديق‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الثانوية‭ ‬تمتلك‭ ‬أخته‭ ‬تسجيلات‭ ‬لقصيدة‭ ‬“عواء”‭ ‬لألن‭ ‬غينسبرغ‭ ‬و”كوني‭ ‬أيلاند”‭ ‬لفيرلينغيتي‭. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استمعت‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬القصائد‭ ‬استيقظت‭ ‬على‭ ‬هول‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬خارج‭ ‬مجتمعي‭ ‬المنعزل،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬لبوب‭ ‬ديلان‭ ‬تأثير‭ ‬عميق‭ ‬على‭ ‬اختياراتي‭ ‬الموسيقية‭. ‬أصبحت‭ ‬أتوق‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬المزيد‭ ‬عن‭ ‬الثورة‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭ ‬ووجدت‭ ‬“مقالات‭ ‬لحوم‭ ‬العلوم”‭ ‬لمايكل‭ ‬مكلور‭ ‬في‭ ‬محل‭ ‬لبيع‭ ‬الكتب‭ ‬المحلية‭. ‬أدركت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬مبادئ‭ ‬حركة‭ ‬الإيكولوجيا،‭ ‬وأيقنت‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬كنزا‭ ‬ثمينا‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه،‭ ‬وهكذا‭ ‬بدأت‭ ‬مهمتي‭ ‬في‭ ‬توعية‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬طريقة‭ ‬الممارسة‭ ‬والكتابة‭ ‬بضرورة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬إيفرغليدز‭ ‬وميامي‭ ‬بيتش‭.‬

‭*‬ في‭ ‬لحظة‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬حياتك‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬غرب‭ ‬أميركا‭ ‬وبالضبط‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬خليج‭ ‬سان‭ ‬فرانسيسكو‭. ‬هل‭ ‬يوحي‭ ‬تغيير‭ ‬الأمكنة‭ ‬هذا‭ ‬بأن‭ ‬الجنوب‭ ‬الشرقي‭ ‬لأميركا‭ ‬يتميز‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الشح‭ ‬الثقافي؟‭ ‬لماذا‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‮ ‬‭ ‬خليج‭ ‬سان‭ ‬فرانسيسكو؟

روتنبرغ‭:‬ بعد‭ ‬تخرجي‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الدراسات‭ ‬الإنكليزية‭ ‬بجامعة‭ ‬شابل‭ ‬هيل‭ ‬بولاية‭ ‬كارولينا‭ ‬الشمالية‭ ‬سافرت‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬لمدة‭ ‬عام‭ ‬أو‭ ‬اثنين‭ ‬واستقر‭ ‬بي‭ ‬المطاف‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬واستمتعت‭ ‬بكل‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬يتوق‭ ‬إليها‭ ‬طلاب‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬الذين‭ ‬تحرروا‭ ‬بعد‭ ‬ست‭ ‬عشرة‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭. ‬عندما‭ ‬اكتفيت‭ ‬بما‭ ‬نلته‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬السفر‭ ‬رجعت‭ ‬إلى‭ ‬شمال‭ ‬فلوريدا‭ ‬حيث‭ ‬عملت‭ ‬وكتبت‭ ‬وحاولت‭ ‬أن‭ ‬أخطط‭ ‬لمستقبلي‭. ‬هنا‭ ‬بشمال‭ ‬فلوريدا‭ ‬التقيت‭ ‬بزوجتي‭ ‬السابقة،‭ ‬نانسي‭ ‬ديفيس،‭ ‬وعلمت‭ ‬أنني‭ ‬شغوف‭ ‬بالزهور‭. ‬معا‭ ‬فكرنا‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬لبناء‭ ‬مشروع‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬النباتات‭ ‬الاستوائية،‭ ‬وكتابة‭ ‬الشعر‭ ‬وقضاء‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬سيتي‭ ‬لايتس‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬منارة‭ ‬لجميع‭ ‬الشعراء‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭. ‬يومها‭ ‬كانت‭ ‬فلوريدا‭ ‬قاحلة‭ ‬ثقافيا‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬بناء‭ ‬حياة‭ ‬مثقف‭ ‬هناك‭ ‬مستحيلة‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬مشهد‭ ‬ثقافي‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وتخيلت‭ ‬منابر‭ ‬الشعر‭ ‬تزدهر‭ ‬في‭ ‬سان‭ ‬فرانسيسكو‭. ‬عندما‭ ‬حللت‭ ‬أنا‭ ‬ونانسي‭ ‬بكاليفورنيا‮ ‬‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬أخي‭ ‬أن‭ ‬يساعدنا‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬مشتل‭ ‬للنبتات‭ ‬الاستوائية‭ ‬وبالخصوص‭ ‬Bromeliads‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬منا‭ ‬كانت‭ ‬لديه‭ ‬خبرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬النباتات‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نانسي‭ ‬عملت‭ ‬في‭ ‬مخزن‭ ‬للنباتات‮ ‬‭ ‬لفترة،‭ ‬ولكننا‭ ‬كنا‭ ‬جميعا‭ ‬مدفوعين‭ ‬بالعاطفة‭.‬‭ ‬وبعد‭ ‬30‭ ‬عاما‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬مستنبت‭ ‬النبتات‭ ‬الاستوائية‭ ‬هناك‭. ‬لم‭ ‬يمض‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬بعد‭ ‬وصولنا‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬حتى‭ ‬التقيت‭ ‬بكبار‭ ‬الشعراء‭ ‬جوان‭ ‬كايغر‭ ‬ومايكل‭ ‬مكلور‭ ‬وفيليب‭ ‬ويلن،‭ ‬والذين‭ ‬أصبحوا‭ ‬أصدقاء‭ ‬أعزاء‭ ‬ومرشدين‭ ‬لي،‭ ‬ومن‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬أنني‭ ‬التقيت‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشتل‭ ‬النبتات‭ ‬الاستوائية‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أيّ‭ ‬مشهد‭ ‬أدبي‭.‬

*‭ ‬أنت‭ ‬شاعر،‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير،‭ ‬وكاتب‭ ‬أغاني‭. ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تصوّرك‭ ‬للشعر؟‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬أهمية‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬رأيك؟‭ ‬ولماذا‭ ‬فضلت‭ ‬كتابة‭ ‬الشعر‭ ‬عن‭ ‬الأجناس‭ ‬الأدبية‭ ‬الأخرى؟

‬روتنبرغ‭:‬هذا‭ ‬سؤال‭ ‬سهل‭ ‬ومعقّد‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬نفسه‭. ‬سأقول‭ ‬ببساطة‭ ‬أنا‭ ‬أحبّ‭ ‬الشعر‭ ‬لأنّني‭ ‬أحببت‭ ‬القصص‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يحكيها‭ ‬أساتذتي‭ ‬عن‭ ‬الشعراء‭ ‬خلال‭ ‬دراستي‭ ‬الثانوية‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬الأستاذة‭ ‬تدرّسنا‭ ‬نصوص‭ ‬شعراء‭ ‬رومانسيين‭: ‬كيتس،‭ ‬بليك،‭ ‬شيلي،‭ ‬بايرون،‭ ‬وكان‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يبدو‭ ‬وكأنه‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬أتوق‭ ‬إليها‭. ‬وكما‭ ‬أعقبت‭ ‬أنفا،‭ ‬جيل‭ ‬ستينات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬أعجبني؛‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬ما‮ ‬‭ ‬نشر‭ ‬لشعراء‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬فيرلينغيتي‭ ‬وغينسبرغ‭ ‬ومكلور‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬تشغلني،‭ ‬وأفترض‭ ‬أن‭ ‬أقل‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصبحه‭ ‬ابن‭ ‬محام‭ ‬في‭ ‬مدينة‮ ‬‭ ‬يعتز‭ ‬أهلها‭ ‬أساسا‭ ‬بالنجاح‭ ‬المالي‭ ‬والمظهري‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬شاعرا‭. ‬كان‭ ‬الشعر‭ ‬بمثابة‭ ‬ثورة‭ ‬لي،‭ ‬طريقي‭ ‬إلى‭ ‬الوعي‭ ‬وبناء‭ ‬ذاتي‭ ‬ورؤيتي‭ ‬الخاصة‭ ‬للعالم؛‭ ‬وتحققت‭ ‬أنه‭ ‬يمكنني‭ ‬فعلا‭ ‬أن‭ ‬أتعلم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الشعر‭ ‬لأن‭ ‬الشعراء‭ ‬يقومون‭ ‬بشرح‭ ‬العالم،‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬مجبرا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬أستاذا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يأمل‭ ‬فيه‭ ‬والدي،‭ ‬لأن‭ ‬الناس‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬مهنة‭ ‬التدريس‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬التعلم‭ ‬باستمرار‭. ‬باختصار،‭ ‬لقد‭ ‬منحني‭ ‬الشعر‭ ‬مسارا‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬اكتشاف‭ ‬نفسي‭ ‬وكتابة‭ ‬قواعدي‭ ‬الخاصة‭.‬

*‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬مقاربتك‭ ‬الشخصية‭ ‬لكتابة‭ ‬الشعر؟‭ ‬هل‭ ‬تستحضر‭ ‬تقنيات‭ ‬وقواعد‭ ‬معينة‭ ‬أم‭ ‬أنك‭ ‬لا‭ ‬تلتزم‭ ‬بأي‭ ‬قواعد‭ ‬أثناء‭ ‬كتابتك‭ ‬للشعر؟

روتنبرغ‭:‬ مقاربتي‭ ‬لكتابة‭ ‬الشعر‭ ‬تشبه‭ ‬أساسا‭ ‬طريقة‭ ‬كاتب‭ ‬يوميات،‭ ‬وجدتها‭ ‬مريحة‭ ‬ومثمرة‭ ‬،‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬تحدث‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬كل‭ ‬شهر،‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬لا‭ ‬يلزمني‭ ‬الذهاب‭ ‬بعيدا‭ ‬جدا‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬الإلهام‭ ‬أو‭ ‬الرؤى‭ ‬أو‭ ‬الأحلام‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬حاضرة‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬أُشرع‭ ‬فيها‭ ‬الصفحة‭ ‬وأشرع‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬أفكاري‭. ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬ألتزم‭ ‬بالقواعد‭ ‬عموما‭ ‬وأحاول‭ ‬أن‭ ‬أسمح‭ ‬لأفكاري‭ ‬بأن‭ ‬تتدفق‭ ‬بينما‭ ‬أراقب‭ ‬وأسمع‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حولي،‭ ‬وبالطبع‭ ‬لقد‭ ‬تأثرت‭ ‬بما‭ ‬قرأته‭ ‬لشعراء‭ ‬وكتاب‭ ‬من‭ ‬حقب‭ ‬مختلفة‭ ‬وقد‭ ‬منحني‭ ‬ذلك‭ ‬خيالا‭ ‬خصبا،‭ ‬ويمكنني‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬إنني‭ ‬أكتب‮ ‬‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أتلقاه‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬إليّ‭ ‬من‭ ‬القرون‭ ‬الماضية،‭ ‬وكنت‭ ‬أهتم‭ ‬كثيرا‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬كتب‭ ‬بها‭ ‬الأدباء‭ ‬المبدعون‭ ‬أعمالهم‭. ‬تلقيت‭ ‬دروسا‭ ‬على‭ ‬مرّ‭ ‬السنين‭ ‬من‭ ‬أساتذة‭ ‬و‭ ‬مدرسي‭ ‬الكتابة‭ ‬الإبداعية،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تأكد‭ ‬لي‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬خياراتي‭ ‬الشخصية‭ ‬لأفسح‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬صوتي‭ ‬الخاص‭.‬

*‭ ‬كان‭ ‬لك‭ ‬شرف‭ ‬مقابلة‭ ‬كتاب‭ ‬مرموقين‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬جوان‭ ‬كايغر،‭ ‬فيليب‭ ‬ويلن،‭ ‬ديفيد‭ ‬ملتزر‭ ‬ومايكل‭ ‬مكلور،‭ ‬وزرت‭ ‬أماكن‭ ‬عملهم‭ ‬حيث‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬صداقات‭ ‬أدبية‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬ارتباط‭ ‬بحركة‭ ‬جيل‭ ‬الإيقاع‭. ‬كيف‭ ‬أثرت‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬على‭ ‬وعيك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتزامك‭ ‬السياسي؟‭ ‬هل‭ ‬تعتقد‭ ‬بأن‭ ‬حساسياتك‭ ‬الجمالية‭ ‬توجهها‭ ‬الأسس‭ ‬النظرية‭ ‬العامة‭ ‬لحركة‭ ‬جيل‭ ‬الإيقاع؟

روتنبرغ‭:‬ أعتقد‭ ‬أنني‭ ‬قد‭ ‬أوضحت‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭. ‬في‭ ‬الغالب،‭ ‬ربطت‭ ‬صداقاتي‭ ‬الأدبية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شغفي‭ ‬بالنباتات‭ ‬الاستوائية‭ ‬والتزامي‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬البيئة،‭ ‬وبالطبع‭ ‬كنت‭ ‬متأثرا‭ ‬جدا‭ ‬بأصدقائي‭. ‬ومن‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬أن‭ ‬كايغر‭ ‬وويلن‭ ‬اللذان‭ ‬كانا‭ ‬أكثر‭ ‬تأثيرا‭ ‬على‭ ‬أسلوبي‭ ‬كان‭ ‬كلاهما‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬اليوميات‭ ‬في‭ ‬كتابتهما‭ ‬للشعر،‭ ‬وعندما‭ ‬التقيت‭ ‬بهما‭ ‬اكتشفت‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يستعمل‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ومن‭ ‬خلالهما‭ ‬أتقنتها،‭ ‬وقد‭ ‬علّماني‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬وذلك‭ ‬باقتراح‭ ‬قراءات‭ ‬في‭ ‬نصوص‭ ‬شعر‭ ‬اليوميات‭ ‬الياباني،‭ ‬شعر‭ ‬باشو،‭ ‬وكيف‭ ‬اعتنق‭ ‬جاك‭ ‬كيرواك‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬في‭ ‬كتابته‭ ‬للرواية‭. ‬يمكن‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬كتابة‭ ‬اليوميات‭ ‬أن‭ ‬تأخذك‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تتطلع‭ ‬إليه‭ ‬ككاتب،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬النوع‭ ‬الأدبي‭. ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أهتم‭ ‬بالتمييز‭ ‬بين‭ ‬الأنواع‭ ‬الأدبية‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬وقد‭ ‬أحببت‭ ‬قصيدة‭ ‬“باترسون”‮ ‬‭ ‬لويليام‭ ‬كارلوس‭ ‬وليامز‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬حساسياتي‭ ‬يوجهها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬أسلوب‭ ‬ورؤية‭ ‬جيل‭ ‬الإيقاع،‭ ‬ولكنّني‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬الفن‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تحددها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وموثقي‭ ‬تلك‭ ‬الحركة‭. ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬حركة‭ ‬جيل‭ ‬الإيقاع‮ ‬‭ ‬شكلا‭ ‬واحدا‭ ‬أو‭ ‬صوتا‭ ‬أو‭ ‬نمطا‭ ‬محددا؛‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليّ،‭ ‬فجمالية‭ ‬حركة‭ ‬جيل‭ ‬الإيقاع‭ ‬تمكن‭ ‬في‭ ‬انفتاحها‭ ‬على‭ ‬أشكال‭ ‬ومواضيع‭ ‬متعددة،‭ ‬وفي‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬غنّى‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬شاعر‭ ‬أغنيته‭ ‬بكل‭ ‬أصالة،‭ ‬وهكذا‭ ‬استفدت‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إيمانها‭ ‬بالانفتاح‭ ‬والتنوع،‭ ‬وبأن‭ ‬الشاعر‭ ‬يمكن‭ ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬العالم؛‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬شعراء‭ ‬جيل‭ ‬الإيقاع‭ ‬كانوا‭ ‬ملتزمين‭ ‬بقضايا،‭ ‬فهم‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬شاركوا‭ ‬بقصائدهم‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬تستلزم‭ ‬موقفا‭ ‬سياسيا‭ ‬وعبّروا‭ ‬عن‭ ‬مخاوفهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملهم‭. ‬كان‭ ‬الالتزام‭ ‬السياسي‭ ‬موضوعا‭ ‬تشجّعه‭ ‬حركة‭ ‬جيل‭ ‬الإيقاع‭ ‬بطرق‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬المنتمين‭ ‬إليها،‭ ‬وهو‭ ‬التزام‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬معنى‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬بي‭ ‬إلى‭ ‬اعتناق‭ ‬مبادئ‭ ‬الحركة‭.‬

*‭ ‬أنت‭ ‬محرر‭ ‬وشاركت‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬مجلة‭ ‬“بيغ‭ ‬بريدج”‭ ‬و”دار‭ ‬نشر‭ ‬بيغ‭ ‬بريدج”‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬أعمال‭ ‬شعراء‭ ‬أميركيين‭ ‬مؤثرين‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬جوان‭ ‬كايغر،‭ ‬روبرت‭ ‬كريلي،‭ ‬ألن‭ ‬غينسبرغ‭ ‬وفيليب‭ ‬ويلن‭. ‬ما‭ ‬ألهم‭ ‬هذا‭ ‬الفكرة‭ ‬وكيف‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬مزدهرة‭ ‬ومجددة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أيّ‭ ‬وقت‭ ‬مضى؟

جلبـة الـصبـاح

إنّه الربيع مرة أخرى / نبات‭ ‬الويستيريا / يحيط بالشرفة / براعم أزهار الكاميليا الوردية / تتصارع مع الورود‭.‬

***

الشاعر‮ ‬يرتدي‮ ‬اللون الأزرق / يقرأ دعاء / في‮ ‬أربعة أصوات مختلفة / بينما الكلب‮ ‬يئن قرب الباب‭.‬

***

لقد وقعت في‮ ‬شراك/ نتانة كيميائية / أريد أن أنهض / وأغتنم الفرصة / ‮ ‬ولكن لا أستطيع / هناك انتحار / تليه ولادة‭.‬

***

في‮ ‬محل لبيع القهوة / على الشارع الرئيس / حاولنا أن نعوض / ‮ ‬في‮ ‬غضون عشر دقائق / ما فقدناه منذ أربعين عاما‭.‬

***

استعد‮ ‬للإعصار / مصاريع النافذة ترتفع / الثأر‮ ‬يمزق السعف القديم / يقتلع شجرة تين البنغال من جذورها / يقتلع ميراثنا / يقتلع تراثنا‭.‬

***

التاريخ معروض للبيع / في‮ ‬سوق الآثار العتيقة / وبائعات الأزهار الفتية / تطوف في‮ ‬ساحة سان ماركو / صور مصغرة للأشياء / معروضة للبيع / والملائكة تقف / على ركائز متينة‭.‬

***

أنا أتعلم‮ ‬كيف أعزف على القيثارة / كي‮ ‬أتمكن من متابعة لحن ذهن آخر / كي‮ ‬لا أشاهد تلك المواقف البكماء‭.‬

***

الحبوب المنومة / وأصداء الضوء النائمة / تساعد الأطناف / على الانفصال عن الواقع‭.‬

***

العجلات تتمايل / من خلال مخادعة صباحية / والسنجاب‮ ‬يطلب / مزيداً‮ ‬من الفول السوداني / والكلب‮ ‬يريد / هديته المتواضعة‭.‬

***

المزيد من العمل / المزيد من تنازلات‮ ‬يوم السبت / صباح الخير أيها السبت‭!‬ / ما‭ ‬هي‮ ‬الأشياء الأخرى / التي‮ ‬تتوفر عليها في‮ ‬المتجر؟

روتنبرغ‭:‬ “بيغ‭ ‬بريدج”‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬استجابة‭ ‬ضد‭ ‬التضييق‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجلات‭ ‬الأدبية‭ ‬المطبوعة‭ ‬حينها،‭ ‬لم‭ ‬أشعر‭ ‬بأن‭ ‬المجلات‭ ‬الأدبية‭ ‬المنشورة‭ ‬آنذاك‭ ‬تمثل‭ ‬مجتمعا‭ ‬واسعا‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬والجماليات‭ ‬ولذلك‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬أفتح‭ ‬المجال‭ ‬لتلك‭ ‬الفئة‭ ‬المهمشة‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬“بيغ‭ ‬بريدج”‭ ‬مجلة‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬التقارير‭ ‬أسرع‭ ‬والتغطية‭ ‬أوسع،‭ ‬والتكاليف‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المجلات‭ ‬المطبوعة،‭ ‬لذلك‭ ‬شعرت‭ ‬بأنني‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أنجز‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬المجلات‭ ‬المطبوعة‭ ‬باستخدام‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭. ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬مجلة‭ ‬أدبية‭ ‬له‭ ‬دوافعه‭ ‬لنشر‭ ‬مجلة‭ ‬أخرى‭ ‬كردّ‭ ‬فعل‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬يشعر‭ ‬أنه‭ ‬مفقود‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الأدبية،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬تضييقا‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬النشر‭. ‬شعرت‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أصدقائي‭ ‬يستحقون‭ ‬أن‭ ‬تنشر‭ ‬أعمالهم‭ ‬و‭ ‬لكنهم‭ ‬لا‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يستحقونه‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬وكنت‭ ‬أخشى‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشعر‭ ‬آنذاك‭ ‬إلى‭ ‬نبضات‭ ‬جديدة‭ ‬توقظه‭. ‬شعرت‭ ‬حقيقة‭ ‬أننا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬ننشر‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الكتابات‮ ‬‭ ‬في‭ ‬“بيغ‭ ‬بريدج”‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نقلق‭ ‬بشأن‭ ‬تكلفة‭ ‬الألوان،‭ ‬وهكذا‭ ‬يتوفر‭ ‬العدد‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬“بيغ‭ ‬بريدج”‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1000‭ ‬صفحة‭ ‬أسهم‭ ‬بها‭ ‬شعراء‭ ‬من‭ ‬الهند‭ ‬والتبت‭ ‬وروسيا‭ ‬والمكسيك‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية؛‭ ‬وهذا‭ ‬شيء‭ ‬نادرا‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬المجلات‭ ‬المطبوعة‭ ‬بسبب‭ ‬تكاليف‭ ‬الطباعة‭ ‬والتوزيع‭. ‬ولأننا‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬فيمكن‭ ‬للشعراء‭ ‬والكتاب‭ ‬والفنانين‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يتذوّقوا‭ ‬عمق‭ ‬واتساع‭ ‬الشعر‭ ‬والفن‭ ‬مجانا؛‭ ‬بل‭ ‬تعتبر‭ ‬مجلة‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭ ‬وسيلة‭ ‬رائعة‭ ‬لبناء‭ ‬وتوسيع‭ ‬المجتمع،‭ ‬وبالطبع‭ ‬كنت‭ ‬أرغب‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬التجريبية‭ ‬لكلّ‭ ‬أدباء‭ ‬وشعراء‭ ‬جيل‭ ‬الإيقاع‭ ‬والجبل‭ ‬الأسود‭ ‬ومدرسة‭ ‬نيويورك‭ ‬ونهضة‭ ‬سان‭ ‬فرانسيسكو‭ ‬منشورة‭ ‬حتى‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬تقاسمها‭ ‬مع‭ ‬الكتاب‭ ‬الجدد‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم؛‭ ‬وقد‭ ‬كنت‭ ‬متأثرا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بما‭ ‬تم‭ ‬نشره‭ ‬عن‭ ‬الشعر‮ ‬‭ ‬الأميركي‭ ‬الجديد‮ ‬‭ ‬كما‭ ‬نشره‭ ‬دونالد‭ ‬ألن‭ ‬في‭ ‬مختارات‭ ‬وكنت‭ ‬أفكر‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الأمر‭.‬

*‭ ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬نشر‭ ‬مختارات‭ ‬من‭ ‬شعر‭ ‬المغرب‭ ‬المعاصر‭ ‬في‭ ‬العدد‭ ‬16‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬“بيغ‭ ‬بريدج”‭. ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬راض‭ ‬عن‭ ‬محتوى‭ ‬القصائد‭ ‬المقدمة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المختارات؟‭ ‬هل‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الشعراء‭ ‬المغاربة‭ ‬يتقاسمون‭ ‬الانشغالات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬ارتباطها‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬قيم‭ ‬إنسانية‭ ‬كونية‭ ‬مثل‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والكرامة‭ ‬والصراع‭ ‬المستمر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير‭ ‬الإيجابي؟

روتنبرغ‭:‬ أعتقد‭ ‬أن‭ ‬مختارات‭ ‬الشعر‭ ‬المغربي‭ ‬المعاصر‭ ‬هي‭ ‬إسهام‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬النقاش‭ ‬الدائر‭ ‬حول‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬أنا‭ ‬واثق‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يطّلع‭ ‬فيها‭ ‬القراء‭ ‬على‭ ‬نماذج‭ ‬من‭ ‬الشعر‭ ‬المغربي،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬نصدر‭ ‬مختارات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الشعر‭ ‬المغربي‭ ‬الحديث‭ ‬عام‭ ‬2014‭. ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬عمق‭ ‬الأرضية‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬نتقاسمها‭ ‬بوصفنا‭ ‬سكان‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬ونفهم‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬قضايانا‭ ‬واهتماماتنا‭ ‬متشابهة‭. ‬كلنا‭ ‬نسعى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الكرامة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬والكرامة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬عند‭ ‬طريق‭ ‬العنف‭ ‬والحرب‭ ‬والرقابة‭ ‬والعنصرية‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭. ‬ونحن‭ ‬متفقون‭ ‬على‭ ‬هذا،‭ ‬وكل‭ ‬شعراء‭ ‬العالم‭ ‬يتفقون‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الفروق‭ ‬الثقافية‭.‬

*‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تيري‭ ‬كاريون‭ ‬أسّست‭ ‬حركة‭ ‬شعبية‭ ‬عالمية‭ ‬تدعى‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬وتم‭ ‬تنظيم‭ ‬أنشطة‭ ‬دولية‭ ‬مكثفة‭ ‬تحت‭ ‬نفس‭ ‬شعار‭ ‬“مائة‭ ‬ألف‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير”‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬الآن‭. ‬من‭ ‬أين‭ ‬بدأت‭ ‬الفكرة‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬دوافعكم‭ ‬لتحقيقها؟

روتنبرغ‭:‬ في‭ ‬مارس‭ ‬2011،‭ ‬كنت‭ ‬أتحدث‭ ‬مع‭ ‬صديق‭ ‬في‭ ‬الفيسبوك‭ ‬حول‭ ‬الحزن‭ ‬والإحباط‭ ‬الذي‭ ‬تسببه‭ ‬لي‭ ‬حالة‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬جراء‭ ‬كارثة‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬خليج‭ ‬المكسيك،‭ ‬والحروب‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق،‭ ‬والاحتباس‭ ‬الحراري،‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬والفقر،‭ ‬والتشرد،‭ ‬والعنصرية،‭ ‬وشعرت‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬تسوء‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬بمعدل‭ ‬متسارع‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬ينبس‭ ‬ببنت‭ ‬شفة،‭ ‬وخصوصا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفنانين‭ ‬و‭ ‬الأدباء‭ ‬و‭ ‬الشعراء‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يقاتلون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العدالة‭ ‬والإنسانية،‭ ‬والسلام‭ ‬والإبداع‭. ‬لقد‭ ‬لاحظت‭ ‬أن‭ ‬الفنانين،‭ ‬والشعراء‭ ‬أصبحوا‭ ‬صامتين‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬على‭ ‬مرّ‭ ‬السنين،‭ ‬وأصبحوا‭ ‬منغمسين‭ ‬في‭ ‬المهن‭ ‬والوظائف،‭ ‬وبدا‭ ‬لي‭ ‬عموما‭ ‬أن‭ ‬“الالتزام”‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬أصبح‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬الماضي‭.‬

لا‭ ‬أنكر‭ ‬أنه‭ ‬توجد‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬الذين‭ ‬استماتوا‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬مجتمعهم،‭ ‬ولكن‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬التغيير‭ ‬يبدو‭ ‬هزيلا‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬مقارنة‭ ‬بعدد‭ ‬الفنانين‭ ‬الهائل‭. ‬لقد‭ ‬أحسست‭ ‬كأنني‭ ‬أقلع‭ ‬ضرسا‭ ‬كلما‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬أجمع‭ ‬جماعة‭ ‬من‭ ‬الشعراء‭ ‬كي‭ ‬يحاوروا‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬لمعالجة‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭ ‬المطروحة‭ ‬في‭ ‬مجتمعهم‭. ‬قمت‭ ‬بتنظيم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبع‭ ‬حفلات‭ ‬مع‭ ‬شعراء‭ ‬وموسيقيين‭ ‬ولم‭ ‬يأت‭ ‬بالكاد‭ ‬أحد‭ ‬وآلمني‭ ‬كثيرا‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬بعض‭ ‬الشعراء‭ ‬الذين‭ ‬استدعيتهم‭ ‬كانوا‭ ‬معروفين‭ ‬بنضالهم‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬أخد‭ ‬الشعراء‭ ‬المرشحين‭ ‬لمنصب‭ ‬شاعر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭. ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬مؤسفا‭ ‬جدا‭.‬
في‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬قلت‭ ‬لصديقتي‭ ‬على‭ ‬الفيسبوك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬حركة‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير‭! ‬وقالت‭ ‬“إنها‭ ‬فكرة‭ ‬جيدة”،‭ ‬وهكذا‭ ‬قمت‭ ‬بإعداد‭ ‬صفحة‭ ‬نشاط‭ ‬ثقافي‭ ‬على‭ ‬الفيسبوك‭ ‬واستدعيت‭ ‬إليها‭ ‬جميع‭ ‬أصدقائي‭ ‬واقترحت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الحركة‭ ‬عالمية،‭ ‬وكان‭ ‬البيان‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القبيل‭ ‬“هل‭ ‬تريد‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬شعراء‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬وعبر‭ ‬الكوكب‭ ‬في‭ ‬تظاهرة‭/‬‭ ‬حفل‭ ‬شعري‭ ‬لتعزيز‭ ‬التغيير‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬والسياسي‭ ‬البناء؟”،‭ ‬ثمّ‭ ‬دعوت‭ ‬أصدقائي‭ ‬على‭ ‬الفيسبوك،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬بداية‭ ‬التحدي،‭ ‬تم‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬حشد‭ ‬الجيوش‭ ‬عبر‭ ‬العالم‭.

مـنـكـسـر‭ ‬الـخـاطــر

السماء‭ ‬تقع / المشاريع‭ ‬الحرة‭ ‬تتكاثر / مستقبل‭ ‬متلألئ‭.‬

***

لنشكر‭ ‬الرب‭!‬ / الرأسمالية‭!‬ / أوباما‭ ‬يتخلص‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء / الكلب‭ ‬ذو‭ ‬الأظافر‭ ‬الطويلة / طقطقة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬المكسورة‭.‬

***

أنقر،‭ ‬أنقر / قتل‭ ‬خمسمئة‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم / يقتل‭ ‬العدد‭ ‬نفسه‭ ‬كل‭ ‬عام‭.‬

***

فدان‭ ‬من‭ ‬الغابات‭ ‬ثمانية‭ ‬وسبعون‭ ‬مليونا / ترتفع‭ ‬في‭ ‬دخان / أنقر،‭ ‬أنقر

***

عقار‭ ‬مثير‭ ‬للشهوة‭ ‬الجنسية / ‮ ‬يشعر‭ ‬بالتعب‭!‬ / نموذج‭ ‬ليبرالي‭ ‬مصطنع / مكون‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬الدجاج‭.‬

***

نحن‭ ‬أناس‭ ‬نشم‭ ‬الغراء / خلال‭ ‬يوم‭ ‬العمل / عبر‭ ‬سكوت‭ ‬مرتبط‭ ‬بأفواه / ‮ ‬متلعثمة‭.‬

***

باقة‭ ‬مزدحمة / من‭ ‬قوس‭ ‬قزح / تتقلب‭ ‬وتنزف / في‭ ‬أطناف‭ ‬السماء‭.‬

***

لنشكر‭ ‬الرب‭!‬ / شخص‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬الاعتبار / ثور‭ ‬أميركي‭ ‬ذو‭ ‬أجنحة‭ ‬خفاشية / والحمار‭-‬الجمل‭ / ‬يدوس‭ ‬جثة / “النمر،‭ ‬النمر” / ‮ ‬الذي‭ ‬أحرق‭ ‬أخيرا‭.‬

***

لنشكر‭ ‬الرب‭!‬ / تبرعات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القضية / في‭ ‬طريقها‭ ‬إلينا‭.‬

***

في‭ ‬شتاء‭ ‬صباح‭ ‬مضبّب / سنهاجر‭ ‬إلى‭ ‬القمر / بينما‭ ‬الأتقياء‭ ‬يضرطون / ويصلون‭ ‬تحت‭ ‬الماء‭.‬

‭***

لنشكر‭ ‬الرب‭!‬ / بقبق،‭ ‬بقبق / انه‭ ‬الوحش‭ ‬الكهربائي‭!‬ / العهد‭ ‬جديد‭! ‬إنه‭ ‬ديبوك

***

عيسى‭ ‬يمثل‭ ‬إعصار‭ ‬هذا‭ ‬الموسم / رياح‭ ‬فيروسية‭ ‬ترمي‭ ‬سعفا / قيح‭ ‬معمداني‭ ‬يغمر‭ ‬الدماغ‭.‬

***

الإنسانية‭ ‬تغيظني‭!‬ / لنشكر‭ ‬الرب‮…‬‭.‬ / في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان / ‮تسير‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرام / ولكن‭ ‬هذا‭ ‬المنزل‭ ‬يحترق‭ ‬الآن‭.‬

***

أنقر،‭ ‬أنقر / أعصابي‭ ‬قد‭ ‬انهارت / مرحى‭!‬ شوش‭ ‬على‭ ‬موجة‭ ‬الدخان

***

الأسماك‭ ‬كأحلام‭ ‬حلوة / في‭ ‬محيط‭ ‬بلاستيكي / ‮ ‬في‭ ‬سفينة‭ ‬خزفية‭ ‬غارقة‭.‬

***

إنه‭ ‬كابوس‭ ‬سام / انتحار‭ ‬نجوم / على‭ ‬برامج‭ ‬الألعاب‭ ‬النهارية‭!‬ / “أنا‭! ‬أنا‭! ‬أنا‭! ‬اخترني‭ ‬أنا‭!‬”

***

أريد‭ ‬أن‭ ‬أعيش‭ ‬في‭ ‬هوليوود / في‭ ‬عشرة‭ ‬منازل / ‮ ‬رائعة‭ ‬‮ ‬في‭ ‬آسبن، / في‭ ‬لندن‭ ‬أو‭ ‬ماوي / أو‭ ‬ما‭ ‬وراءهما / أنا‭ ‬إنسان‭ ‬أميركي / أنا‭ ‬أعرف‭ ‬جوهر‭ ‬الحياة‭!‬

***

خدر‭ ‬النوم‭ ‬في‭ ‬ظلال‭ ‬وبائية / محنطة‭ ‬في‭ ‬حرير‭ ‬عاطفي / أنا‭ ‬تائه / لا‭ ‬أنتمي‭ ‬إلى‭ ‬أيّ‭ ‬مكان / ربما‭ ‬سوف‭ ‬أعبر / إلى‭ ‬الجهة‭ ‬الأخرى / تحت‭ ‬أنفاق‭ ‬إسرائيل / بعث‭ ‬سريع‭ ‬من‭ ‬عظام‭ ‬‮«‬لُوز‮»‬ / آه من‭ ‬حمام‭ ‬شمسي‭ ‬يائس‭!‬

***

أنقر،‭ ‬أنقر / بقبق،‭ ‬بقبق / أيها‭ ‬الأمل‭ ‬المنكسر‭.‬ / أيتها‭ ‬‮ ‬الكليشيهات‭.‬

ومع‭ ‬بداية‭ ‬الربيع‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬كنت‭ ‬متفائلا‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬فرصتي‭ ‬لأستأذن‭ ‬نفسي‭ ‬وأترك‭ ‬تنظيم‭ ‬قراءات‭ ‬وتظاهرات‭ ‬شعرية‭ ‬ملتزمة‭ ‬للجيل‭ ‬القادم،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬قبل‭ ‬حركة‭ ‬“احتلال”‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لديّ‭ ‬سبب‭ ‬في‭ ‬الاعتقاد‭ ‬أن‭ ‬أحدا‭ ‬سيقبل‭ ‬هذا‭ ‬الاقتراح‭ ‬ويأخذه‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد؛‭ ‬وقد‭ ‬استغربت‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬أتلقّى‭ ‬فورا‭ ‬رسالات‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬وفي‭ ‬يوم‭ ‬24‭ ‬سبتمبر‭ ‬2011‭ ‬بلغت‭ ‬التظاهرات‭ ‬المنظمة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬700‭ ‬تظاهرة‭ ‬في‭ ‬95‭ ‬بلدا‭ ‬وبدا‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬الرسالة‭ ‬كانت‭ ‬الرسالة‭ ‬المناسبة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭.‬

*‭ ‬تم‭ ‬تأسيس‭ ‬حركة‭ ‬مئة‭ ‬ألف‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬الكونية‭ ‬مثل‭ ‬السلام‭ ‬والتضامن‭ ‬والحرية‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬تعاون‭ ‬مع‭ ‬نشطاء‭ ‬دوليين‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬وقد‭ ‬لوحظ‭ ‬أن‭ ‬القادة‭ ‬الرسميين‭ ‬ومؤيديهم‭ ‬شعروا‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬التخوف‭. ‬أيّ‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬تتمنون‭ ‬تحقيقه؟

روتنبرغ‭:‬ النوع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬يتعلق‭ ‬بالشعراء‭ ‬والكتاب‭ ‬والموسيقيين‭ ‬والفنانين،‭ ‬أيّ‭ ‬شخص،‭ ‬كي‭ ‬يجتمعوا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإبداع‭ ‬والتثقيف‭ ‬والتظاهر،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد،‭ ‬مع‭ ‬جماعات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬سيؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬ننظر‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬مجتمعنا‭ ‬المحلي‭ ‬والمجتمع‭ ‬العالمي‭.‬‮ ‬‭ ‬لقد‭ ‬أصبحنا‭ ‬نحس‭ ‬بالاستلاب‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يصدق‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭. ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نكاد‭ ‬نعرف‭ ‬جيراننا‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬حلفائنا‭ ‬في‭ ‬الإبداع‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬ويتقاسمون‭ ‬اهتماماتنا‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭. ‬نحن‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬الشعور‭ ‬بهذا‭ ‬التضامن‭ ‬العالمي‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنه‭ ‬سيكون‭ ‬قويا‭.‬

وبالطبع‭ ‬هناك‭ ‬تغيير‭ ‬سياسي‭ ‬واجتماعي‭ ‬يتحدث‭ ‬عنه‭ ‬الكثيرون‭ ‬منا‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬لكن‭ ‬المشاكل‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬وإبادة‭ ‬البيئة،‭ ‬وانعدام‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬بأسعار‭ ‬معقولة،‭ ‬والعنصرية،‭ ‬والقائمة‭ ‬تطول،‭ ‬وما‭ ‬نطلبه‭ ‬هو‭ ‬أن‮ ‬‭ ‬ينظم‭ ‬النشطاء‭ ‬المحليون‭ ‬تظاهرات‭ ‬حول‭ ‬التغيير‭ ‬والسلام‭ ‬والاستدامة‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬عالم‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‮ ‬‭ ‬يحظى‭ ‬الآن‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭ ‬لدى‭ ‬الناس،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المبدأ‭ ‬الموجه‭ ‬لتظاهرات‭ ‬مئة‭ ‬ألف‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير‭ ‬العالمي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬السلام‭ ‬المشتركة؛‭ ‬فالحرب‭ ‬ليست‭ ‬مستدامة‭. ‬هناك‭ ‬شعور‭ ‬متزايد‭ ‬بأننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المضيّ‭ ‬قدما،‭ ‬ولكنّي‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أكون‭ ‬دوغمائيا‭ ‬بفرض‭ ‬طريقة‭ ‬محددة،‭ ‬وآمل‭ ‬أن‭ ‬نتمكن‭ ‬معا‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬أفكارنا‭ ‬عن‭ ‬“التغيير‭/‬التحول”‭ ‬الذي‭ ‬نسعى‭ ‬إليه‭ ‬كمجموعة،‭ ‬وأتمنّى‭ ‬أن‭ ‬تقرر‭ ‬كل‭ ‬فئة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬يستحق‭ ‬التركيز‭ ‬عند‭ ‬تنظيم‭ ‬تظاهراتها‭.‬

*‭ ‬هل‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬وعي‭ ‬الناس؟‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الطرق‭ ‬الملموسة‭ ‬التي‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الحركة‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬الأساسية؟

روتنبرغ‭:‬ هذا‭ ‬سؤال‭ ‬واسع‭ ‬جدا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليّ‭. ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أناسا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬يحبون‭ ‬حركة‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير،‭ ‬يحبّون‭ ‬ما‭ ‬تمثله‭ ‬وكيفية‭ ‬عملها‭ ‬ولذلك‭ ‬اختاروا‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬تظاهرات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يبينه‭ ‬استمرار‭ ‬بعض‭ ‬المنظمين‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬تظاهرات‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬البرامج‭ ‬المستمرة‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬مثل‭ ‬برنامج‭ ‬100TPC‭ ‬للاستدامة‭ ‬للشباب‭ ‬في‭ ‬كامدن‭ ‬بولاية‭ ‬نيو‭ ‬جيرسي‭ ‬وفيلادلفيا‭ ‬بنسلفانيا،‭ ‬وهو‭ ‬البرنامج‭ ‬الذي‭ ‬يوفّر‭ ‬تعليما‭ ‬مستداما‭ ‬للأطفال‭ ‬المعرضين‭ ‬للخطر‭ ‬والأسر‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المنخفض‭. ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬عليّ‭ ‬أن‭ ‬أقيس‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬العالمي‭ ‬ولا‭ ‬يسعني‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أنظر‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الجهود‭ ‬الفردية‭ ‬والمحلية،‭ ‬وقد‭ ‬رأيت‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬الآن‭ ‬يفكرون‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬الفنانين،‭ ‬وأصبح‭ ‬شعراء‭ ‬العالم‭ ‬والموسيقيون‭ ‬والفنانون،‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬اجتمعوا‭ ‬بأيّ‭ ‬شخص‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬أصدقائهم،‭ ‬يتشاركون‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬الأفكار‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬الوعي‭ ‬الجمعي‭. ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬عمل‭ ‬الفنانون‭ ‬في‭ ‬دوائرهم‭ ‬المغلقة‭ ‬حيث‭ ‬يعيدون‭ ‬توزيع‭ ‬نفس‭ ‬الأفكار‭ ‬المتكلسة‭ ‬والعقيمة،‭ ‬ويعتبر‭ ‬إطلاع‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الشعر‭ ‬المغربي‭ ‬باللغة‭ ‬الإنكليزية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجلة‭ ‬“بيغ‭ ‬بريدج”‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليحدث‭ ‬لو‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نلتق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حركة‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الحركة‭ ‬التقيت‭ ‬أيضا‭ ‬مع‭ ‬شعراء‭ ‬آخرين‭ ‬من‭ ‬أيرلندا‭ ‬وتحدثت‭ ‬مع‭ ‬شعراء‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الحركة‭ ‬تعرّفت‭ ‬على‭ ‬الشعراء‭ ‬الإيطاليين‭ ‬الذين‭ ‬أصبحوا‭ ‬يقرؤون‭ ‬الآن‭ ‬عملي‭ ‬والتقيت‭ ‬بكرم‭ ‬يوسف‭ ‬صاحبة‭ ‬مكتبة‭ ‬الكتب‭ ‬خان‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬والتي‭ ‬ستنشر‭ ‬ديواني‭ ‬“حبس‭ ‬لأجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‭: ‬قصة‭ ‬كلب”‭ ‬الذي‭ ‬قمت‭ ‬بترجمته‭.‬

*‭ ‬أصبحت‭ ‬حركة‭ ‬مئة‭ ‬ألف‭ ‬شاعر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير‭ ‬الآن‭ ‬منظمة‭ ‬واشترك‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬والمصورين‭ ‬والموسيقيين‭ ‬في‭ ‬تظاهراتها؛‭ ‬ماذا‭ ‬تنوي‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬بهذه‭ ‬الحركة‭ ‬مستقبلا؟

روتنبرغ‭:‬ أتمنّى‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬معا‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬تظاهرات‭ ‬حول‭ ‬السلام‭ ‬والاستدامة،‭ ‬وآمل‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬الناس‭ ‬المنبر‭ ‬الذي‭ ‬وفرناه‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬موقع‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬لإنقاذ‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭. ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬إذا‭ ‬توفر‭ ‬التحفيز‭ ‬والأمل‭ ‬والفهم‭ ‬العام‭ ‬لدى‭ ‬الفنانين‭ ‬الذين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بقدرة‭ ‬فريدة‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬رسالة‭ ‬إيجابية‭. ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬الحركة‭ ‬كذلك‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬جماعة‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬العالميين‭ ‬الأقوياء‭ ‬الذين‭ ‬سينجزون‭ ‬برامج‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬المحلية‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬حلّ‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬أهملت‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر‭ ‬والتشرد،‭ ‬وتشجيع‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة،‭ ‬ومكافحة‭ ‬الأمراض‭. ‬يمكن‭ ‬للشعراء‭ ‬والفنانين‭ ‬أن‭ ‬يقوموا‭ ‬بذلك‭ ‬وقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لتغيير‭ ‬محور‭ ‬السرد‭ ‬الحضاري،‭ ‬الذي‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬البيئية،‭ ‬نحو‭ ‬السلام‭ ‬والاستدامة‭ ‬والتعايش‭ ‬الثقافي‭.‬

*‭ ‬ترجَمتُ‭ ‬ديوانك‭ ‬الأخير‭ ‬“حبس‭ ‬لأجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‭: ‬قصة‭ ‬كلب”‭ ‬إلى‭ ‬العربية،‭ ‬وستنشره‭ ‬قريبا‭ ‬مكتبة‭ ‬الكتب‭ ‬خان‭ ‬بالقاهرة‭. ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الدوافع‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬أنتجت‭ ‬هذا‭ ‬الديوان؟‭ ‬هل‭ ‬ألهمتك‭ ‬بطريقة‭ ‬ما‭ ‬ظروف‭ ‬التغيير‭ ‬الجذري‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬العالم‭ ‬عموما‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬بشكل‭ ‬خاص؟

روتنبرغ‭:‬ أعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬يحمل‭ ‬فحوى‭ ‬حياتي،‭ ‬والمشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬ليست‭ ‬جديدة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليّ؛‭ ‬ودون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬الديوان‭ ‬مستوحى‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬الربيع،‭ ‬ومن‭ ‬الأمل‭ ‬الذي‭ ‬يتولد‭ ‬مع‭ ‬لحظة‭ ‬التحول‭ ‬التاريخي‭ ‬هذه‭ ‬والاعتراف‭ ‬بأهواله‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬الحديث‭ ‬والحضارة‭ ‬منذ‭ ‬بدايتها‭. ‬لقد‭ ‬بدأنا‭ ‬فعلا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬عالم‭ ‬جميل‭ ‬بديل‭ ‬لما‭ ‬نعيشه‭ ‬من‭ ‬قلق‭. ‬في‭ ‬ديواني‭ ‬“حبس‭ ‬لأجل‭ ‬غير‭ ‬مسمّى‭: ‬قصة‭ ‬كلب”،‭ ‬يكون‭ ‬الكلب‭ ‬شخصية‭ ‬تلاحظ‭ ‬وتجسد‭ ‬السخرية‭ ‬والتفاؤل‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬يظهر‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حرب‭ ‬مع‭ ‬نفسي،‭ ‬وآمل‭ ‬أن‭ ‬يساعدني‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬نزاعاتي‭ ‬الداخلية‭ ‬حتى‭ ‬أستطيع‭ ‬التحرك‭ ‬نحو‭ ‬إبداعات‭ ‬بناءة‭. ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬ربما‭ ‬يكشف‭ ‬هذا‭ ‬الديوان‭ ‬بعض‭ ‬المفاهيم‭ ‬الخاطئة‭ ‬لدينا‭ ‬بسبب‭ ‬الخوف‭ ‬والرضا‭ ‬بالوضع‭ ‬القائم،‭ ‬ويؤكد‭ ‬الأسطورة‭ ‬التي‭ ‬يجسدها‭ ‬كلّ‭ ‬منّا‭ ‬في‭ ‬رحلته‭ ‬عبر‭ ‬الحياة‭. ‬إنه‭ ‬ديوان‭ ‬تجريبي‭ ‬ويتكون‭ ‬من‭ ‬اليومية‭ ‬والقصيدة‭ ‬معا،‭ ‬هو‭ ‬كذلك‭ ‬رحلة‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬وصورة‭ ‬لحظية‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭. ‬أنا‭ ‬جد‭ ‬مسرور‭ ‬بكون‭ ‬الكتاب‭ ‬سوف‭ ‬يرى‭ ‬النور‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وفي‭ ‬القاهرة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭.‬

*‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬طبيعة‭ ‬العلاقة‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬السياسي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬في‭ ‬شعرك؟‭ ‬هل‭ ‬تعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬شعرا‭ ‬يغض‭ ‬بصره‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬سياسي؟

روتنبرغ‭:‬ أعتقد‭ ‬أنني‭ ‬قد‭ ‬أجبت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬ولكن‭ ‬باختصار‭. ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الشعر‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يتغاضى‭ ‬عمّا‭ ‬هو‭ ‬سياسي‭. ‬هناك‭ ‬سوء‭ ‬فهم‭ ‬عام‭ ‬لمفهوم‭ ‬“القصيدة‭ ‬السياسية”،‮ ‬‭ ‬وأتجنّب‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬للقصيدة‭ ‬السياسية‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬الأدباء‭ ‬والنقاد‭ ‬الذين‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬تبجح‭ ‬أخلاقي‭ ‬بالكلام؛‭ ‬ولا‭ ‬أعارض‭ ‬التبجح‭ ‬الشعري‭ ‬بالكلام‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬بل‭ ‬أحب‭ ‬ذلك‭ ‬أيضا‭. ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬ملاحظة‭ ‬بسيطة‭ ‬لشجرة‭ ‬زيتون،‭ ‬أو‭ ‬مجرى‭ ‬ماء‭ ‬نقيّ،‭ ‬أو‭ ‬سماء‭ ‬زرقاء‭ ‬هو‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نحتاجه‭ ‬أحيانا‭ ‬كي‭ ‬نفهم‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬القيام‭ ‬به‭. ‬كانت‭ ‬الصورة‭ ‬دائما‭ ‬أخلاقية‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬دوغمائية،‭ ‬وهناك‭ ‬دائما‭ ‬مسار‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬ديداكتيكي‭ ‬كذلك‭.‬

عندما‭ ‬أنظر‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬الطبيعي‭ ‬أشعر‭ ‬دائما‭ ‬بالانتماء،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬ديارنا‭ ‬فنحن‭ ‬نكافح‭ ‬دائما‭ ‬كي‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬الجنة،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬طبيعتنا،‭ ‬جيناتنا‭. ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أفهم‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المرء‭ ‬فنانا‭ ‬ويدير‭ ‬ظهره‭ ‬للعالم‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينشغل‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬حوله‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.