مسلّة القاص وشعلة الشاعر

الأحد 2020/11/01
لوحة: بهرام حاجو

بعد أن سردت له قصة واقعية حدثت لعائلة فلسطينية لاجئة من يافا قال لي لماذا لا تتفرغ لكتابتها، إنها رواية بالمعنى الدقيق للكلمة. أجبته مبتسماً: روايات البشر ملقاة على قارعات الطرق، تحتاج فقط إلى من يلمّها. بل إن قصص البشر أغنى بكثير مما يقدمه السرديون لنا. ولكن هل الكتابة في فن الرواية أمر سهل المنال؟

إن الحياة الواقعية مليئة بالأحداث، مليئة بالأقصوصات والقصص والروايات، وباستطاعتها أن تمدّ الأفراد الذين قرّروا أن يكتبوا، منتمين إلى أدب القص، بما لا حصر له من الوقائع العادية والمدهشة. ولهذا فإن موهبة ذهنية بسيطة قادرة على التقاط الأميز من الأحداث، وحظاً من الخيال بسيطاً باستطاعته القيام بعمليةٍ لإثراء هذه الوقائع وتحويلها إلى أقصوصة وقصة ورواية. والتمكن من القدرة على السرد شروط كافية لأن يتحول الكائن العادي إلى روائي إن أراد.

وكلما كان الخيال أخصب جاء العمل أخصب وأمتع. ولكن مهما جنح الخيال يظل مشدوداً إلى حوارات الناس وسلوكهم وعواطفهم وجرائمهم وعلاقاتهم وحياتهم اليومية. إن وقائع رواية “آنا كارنينا”، تجدها حاضرة، حتى الآن بهذا الشكل أو ذاك، في حياة المجتمع اليومية. وإذا كانت مأثرة دوستويفسكي تكمن في الكشف عن النفس البشرية، واكتسب شهرته من وراء ذلك، فإنه لم يخلق ما لا وجود له من الأفراد. و”حب في زمن الكوليرا” تنطوي على خيال أعاد للحب القديم رونقه. وشخصية الانتهازي في رواية “ميرامار” موجودة في كل الأنظمة الأيديولوجية، ولهذا فإن عبقرية مؤلفي أساطير الأولين في عالم الشرق واليونان القديم لا يماثلها أيّ نص روائي على الإطلاق، وآية ذلك أن الخيال هنا قد خلق عالماً لا غرار له، عالماً يحكي قصة الخلق المتخيلة، وصراع الآلهات والآلهة، صراع الخير والشر. الأساطير هي ملحمة الكون المتخيلة.

لقد قرر “سين” من الناس أن يصبح روائياً، وصار روائياً. إنّ الأمر كان بهذه البساطة فعلاً لنقف عند هذه الجملة: لقد قرّر أن يصبح روائياً. ما كان الأمر ليكون بهذه البساطة لو لم تكن السير الذاتية للأفراد والجماعات والمجتمعات في ماضيها وحاضرها متوافرة دائماً بوصفها المادة الخام التي تحتاج إلى خيال، سواء كان محدوداً في قدرته على التأليف والتركيب، أو ثريا خلاقاً في إبداعه.

فداخل كل كائن واع وصل حداً مناسباً من العمر الزمني يمتلك تجربة تقوم على وقائع معيشة، عاشها هو، أو عاشها غيره ويعرفها. إن أيّ كائن بشري، بهذا المعنى، ينطوي على إمكانية كاتب قصة أو رواية أو أقصوصة.

ولهذا تجد عدداً من العسكريين والموظفين المتقاعدين في بلادنا يتحولون إلى روائيين، بقرار.

ومن أجل تحديد أدق لهذا العالم المنتمي للأدب نقول: إن الفن القصصي هو سرد لسيرة الأحوال. وانشغال النقاد بتمييز سرد الأحوال بين واقعي ورومانسي وتاريخي ونفسي.. إلخ، أمر لا قيمة نقدية ومعرفية كبيرة له.

إن هذا الفن السردي الذي سميته سرد سيرة الأحوال هو فن شعبي وشعبوي. أما شعبيته فتتأتى من كونه يوفر للأغلبية التي تقرأ وتهتم بشؤون الأحوال أن تتسلى، وتجد ضالتها في سردية الأحول، قصة قصيرة، قصة، رواية. ففي هذه الأصناف يحصل القارئ على متعة وتسلية من جهة، وعلى معرفة بالأحوال، من جهة ثانية.

وكل ذلك مكتوب بلغة بسيطة، لا تعقيد فيها، ولا تحتاج إلى جهد لفهم معانيها، حتى ولو كانت الرواية رمزية، فإن رمزيتها لا تتعدى الحديث عن شخصية واقعية. فالمتعة التي تولدها الرواية للشريحة الأوسع من القراء ذات ارتباط ببنية لاشعورية لمعرفة أحوال الناس. وزادت أهمية الرواية والقصة والأقصوصة عندما لم تعد حكرًا على سرد أحوال المدينة فقط، بل إن أصل الرواية المديني أوربياً وانتقاله إلى المدينة العربية لم يعد ذَا أهمية في فهم السرد الروائي. فهجوم المثقف الريفي على كتابة أحوال القرية وفلاّحيها ومثقفيها وعسكرها.. إلخ، وهموم مراوحتهم بين الريف والمدينة، قد خلق جمهوراً من القرّاء خارج عالم المدينة المثقفة، والتي تحوز على منجزات الحداثة.

ولا يحسبن القارئ بأن السرد الشعبي هذا غاية الكاتب، لا بل إن ماهية السرد الروائي هي بالأساس شعبية.

فلغة الفقراء والفلاحين والعمال والمشردين وستات البيوت والعساكر والأثرياء والعشاق والخائنين لا يمكن أن تكون إلا لغة شعبية. وهذا الذي يفسّر هجوم الريفيين والريفيات العاصف على كتابة الرواية والقصة، اعتقاداً عند الأكثرية منهم بأن الأمر لا يعدو سرد وقائع قروية، مع إضافة خيال دارج جداً، وبلغة بسيطة، لغة الحياة اليومية، ولهذا يختلط عندهم الفصيح مع المحكي. وللسبب نفسه، أيضاً، من الصعب على من توافر على ثقافة عالية ورفيعة أن يحتمل عناء قراءة ما يصدر اليوم من الروايات تعد بالمئات سنوياً. هذا لا يعني بأن سرديّي المدينة أحسن حالاً بكثير، لكنهم أحسن حالاً.

حين أهداني عبدالرحمن منيف أجزاء روايته “مدن الملح” بذلت جهداً كبيراً كي أنهي أجزاءها، ولم أستطع التواصل العقلي والروحي معها. وقد تساءلت في حينها هل العلة فيّ أم في الرواية؟ كان جوابي في الرواية، فلقد قرأت له “شرق المتوسط” بمتعة. وقرأت نجيب محفوظ مشدوداً إلى نصوص بلا أدنى ملل. وبقيت طوال يومين وأنا أقرأ دون توقف رواية “آلام السيد معروف” لغائب طعمة فرمان. دون أن أتحدث عن علاقتي بروايات أوروبا. هذا يعني ليس لدي موقف مسبق من فن الرواية.

إذا كانت العلة كامنة في الرواية، فما هي العلة في “مدن الملح”؟ والتي هي علة معظم الروايات. وبخاصة روايات الريفيين والريفيات. إنها الواقعية الفجّة حيث يقوم القاص والروائي بعملية سرد لوقائع معيشة لا تنجب الدهشة لدى القارئ. وسرد الوقائع المعيشة لا تعطي فرصة للخيال ليبدع ما ليس بمألوف، وكثير من كتاب القصة والرواية عربياً لا يميزون العمل الروائي والقصصي عن السوالف.

تشير كلمة السوالف عند فلاحي بلاد الشام وبدوهم وعند أهل جزيرة العرب إلى أحداث ووقائع ومشكلات تُسرد عادة فيما يُسمّى بالمضافة. إن شئت قل هي قصص معيشة مختصرة تفضي إلى نمط من الحوار بين الحاضرين. ومفردها سولافة أو سالفة، والفعل سولف ويسولف.

وعلى الرغم ممّا لهذه الكلمة من انتشار بهذا المعنى غير أن القاموس العربي يشرح كلمة سلافة بمعانٍ متعددة باستثناء المعنى المتداول آنف الذكر. وربما اشتقت الكلمة من السلف والروايات المنقولة عنهم أو رواية قصصهم. أما المضافة، فهي بيت الضيافة عند أهل القرى والبدو، وهي مجلس يلتقي فيه عدد من الناس كتقليد مسائي أساسا، ومكان لاستقبال الضيوف. وغالبا ما تكون المضافة مرتبطة بالمكانة: مختار أو وجيه أو زعيم عشيرة أو ثري، وفي كل الأحوال هي مكان السوالف وحل المشكلات والسمر.

والحق أن السولافة هي نمط من الكلام الشفاهي حول الحياة المعيشة في القرية وما شابهها وبكل أشكالها، كلام يخضع لنمط متعارف عليه من السرد والإصغاء. بل وتغدو سوالف المضافة قصصا يتداولها الأفراد ويتوارثها الناس زمناً طويلاً.

لوحة: بهرام حاجو
لوحة: بهرام حاجو

وهي في الغالب سوالف فيها من الندرة والأساطير ما يغري بالسّماع، كما يجري فيها توثيق ما جرى لفرد أو جماعة عبر العنعنة، والحديث عن شخصيات قوية أو هزلية، وعن مصادفات سعيدة أو حزينة. ولا ينسى راوي السولافة أو السالفة أن يضيف إليها بعضاً من خياله بدواعي التشويق ليشد انتباه السامعين.

توفّر هذه السوالف، وأحداث القرية لكتاب القصة الريفيين – عادة – مادة غنية وثرية وأساسية لكتابة قصصهم القصيرة أو الطويلة ولرواياتهم. وهذا أمر طبيعي، فالرّوائي والقاص إنما يستمد من الواقع، الأحداث، والشخصيات، ويعيد عجنها بماء خياله وأفكاره. ويغنيها بوقائع وحوارات، ويضفي عليها من الغرائب ما يدهش ويسبغ عليها أسلوبه السردي الذي يمنحه شخصيته الإبداعية المميزة.

إنّ كتّاب القصص والروايات يتوافرون على روح الباحث وروح التجربة وروح الصانع، ويصدر عن هذه الروح عمله الأدبي. باستثناء ندرة من كتاب القصة القصيرة الذين هم أقرب إلى روح الشاعر.

حين يغلب التوثيق في القصة والرواية على الخيال، فإننا نكون إذّاك أمام السولافة المكتوبة بلغة عربية فصيحة.

قد تستهوي هذه السوالف الوعي الغربي بما فيها من وقائع غرائبية بالقياس إلى عالمه ويندهش بها كاندهاش مستشرق بالشرق، لكن هذه الحال ليست معياراً للحكم على المكتوب العربي عموما.

أما الشعر والشاعر فأمرهما مختلف جداً جداً، الشعر يحتاج إلى عقل عبقري لأنه إبداع صرف، والإبداع بالتعريف إيجاد من عدم.

إنّ الخيال الشعري قدرة العقل على منح الوجود الروحي والمادي نوعاً من التعبير اللغوي الجمالي صورةً لا وجود لها في الواقع أصلاً. إذن هو ترابط لغوي مُخْتَلق، فالفنّ بكل أشكاله خلق، والخلق هذا يكون دائما خارج التوقع لأن الشاعر كما وصفته العرب ينطق بلسان جنِّيه.

إذن هي عملية تتم في الذهن لصياغة معنى جمالي صرف، وكل ذلك تعبير عمّا يجول في النفس من قلق وتأفف وعاطفة وموقف ونظرة الى العالم. فالجمالي هنا متحد اتحاداً مطلقاً بالفكري.

والخلق الفني في الشعر يقع في مرتبة أعلى من سلم الفنون عند هيجل، فهو متحرر من المادة التي يخضع لها النحت والرسم. ومادة الخلق الشعري هي اللغة.

إن الخيال الشعري بوصفه خلق الوقائع الروحية أو الوقائع المادية عبر اللغة أرفع بما لا يقاس من الفن الروائي والقصصي الذي يظل مشدوداً لوقائع لا تخلق الدهشة. فإذا كان هذا الخيال الشعري عادياً، وصادراً عن عقل عادي فهذا اعتداء على ماهية الشعر. ولهذا نحن، كما أشرنا، نتحدث عن خيال شعري عبقري.

لمّا كان الشعر يتوسل الخيال تعبيراً عن التجربة المعيشة، فإن المباشرة في الشعر تخرجه من دائرة الشعر حتى لو انطوى الشعر المباشر على فكرة عظيمة.

والخيال على أنواع، خيال حسي وخيال ميتا-حسي. الخيال الحسي الصرف هو إيجاد ترابطات بين وقائع حسّية جدا، ومباشرة لا يسمح لخيال المتلقي أن يحلّق في تصوّرات متنوعة أو تأويل يتجاوز الوصف المحدد، وهذا نوع من تشبيه واقعة حسية بواقعة حسية أخرى، تشبيه لا يحيل إلا إلى ذاته: فالشاعر الذي يشبه عيون حبيبته بعيون المها وجيدها بجيد الغزال وقدها بشجرة الحور وشعرها بالليل.. إلخ. خيال حسي فقير جداً، بل قل خيال عامي. فالمتلقي هنا لا يتجاوز العلاقة المباشرة بين عين المرأة وعين المها والليل والشَعَر. التشابه هنا بين عين وعين، بين لون ولون، بين طول وطول، وقس على ذلك قول الجواهري:

 حَيّيتُ سفحَكِ عن بُعْدٍ فحَيِّيني 

يا دجلةَ الخيرِ، يا أُمَّ البستاتينِ. 

فهذا القول العامي خيال حسي بسيط، وليس شعراً في معايير الخلق الفني – الشعري. ولكن تجب الإشارة بأن استخدام الوقائع الحسية وإيجاد الترابط بينها لا يعني أمراً مذموماً، بل نوع الترابط هو الذي يحدد الصورة الخلّاقة.

لكن تأمل معي هذا البيت للشاعر الضليل امرؤ القيس:

 وليل كموج البحر أرخى سدولهُ

عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي.

 الليل وموج البحر واقعتان حسيتان، ليس بينهما أيّ تشابه حسي أبداً. الليل غياب الشمس وحلول الظلام وموج البحر حركة الماء في البحر، وما خلق هذا الترابط بين واقعتين ليس بينهما أي شيء مشترك إنما هو خيال لوصف حالة نفسية عاشها الشاعر، ولهذا فهو خيال حسي – مجرد، وخالق.

وقس على ذلك قول نزار: عيناك كنهري أحزان، نهري موسيقى. العينان واقعة حسية والنهر واقعة حسية، لكن نهر الأحزان ونهر الموسيقى واقعتان متخيلتان لا وجود لهما في الواقع، خيال حسي- مجرد لوصف حالة شعورية.

الخيال الخالق، الميتا-حسي المجرد خيال المعنى حتى لو ربط بين الحسي والحسي أو ربط بين الحسي والمعنوي:

ضحكت أمواجه مني وقالت لست أدري. ضحك وبحر وموج وقول في ترابط مذهل تعبيراً عن السخرية والشك واللاأدرية. الخيال المجرد، الذي قال قولاً مجرداً بإقامة ترابط بين وقائع حسية ومعنوية ليخلق حالة جمالية خلّابة تعبيراً عن فكرة، عن موقف.

لا شك بأن الشعر أكثر من هذا بكثير، لكنه دون هذا ليس بشعر، بل قل دون أن يكون هذا معياراً من معايير الشعرية لا يكون هناك نقد.

فلا يتكدر خاطر أحد إذا وجد بعد هذا بأن من ظنه شاعراً كبيراً يوماً ما ليس إلا شاعراً عادياً لم يتجاوز خياله عيون المها.

ولا شك بأنه لا تجوز المقارنة بين فن الرواية وفن الشعر، لأن الشعر ينتسب إلى العبقرية، بينما الرواية تنتسب إلى العقل العادي والمتوسط، ما خلا القليل جداً جداً من كتبة الرواية. وهذا الحكم لا يسري على كتّاب القصة القصيرة جميعاً، فانتماء عدد من كتاب القصة القصيرة إلى روح الشعر لا إلى الفن القصصي، مرده إلى قوة الخيال كما ألمحنا سابقاً.

لا شك بأن جمهور الرواية أوسع من جمهور الشعر، وهذا أمر طبيعي، لأن الرواية فن جمهوري شعبي، فيما الشعر فن نخبوي إلا ما انحدر منه للخطاب السياسي والمدائحي والمبتذل.

الشعر هو السحر

لوحة: بهرام حاجو
لوحة: بهرام حاجو

يحلو لبعض نقاد الأدب من غير المبدعين أن يصدروا أحكاماً عامة صارمة في قضايا الأدب عموماً، والأحكام العامة في مسائل الإبداع نوع من الخفة غير المحمودة.

فالقول بعصر الرواية وانتهاء زمن الشعر ضرب من سوء فهم لحضور الرواية والشعر في الحياة الثقافية للناس.

فالحكايات، وهي أصل فن الرواية، قديمة قدم وعي الإنسان بالعالم، وهي أقدم من الشعر، والشعر انفجار عبقرية اللغة في الشاعر، ولَم تخل ثقافة من الثقافات البشرية من حضور هذين الصنفين من الإبداع اللغوي.

غير أن مكانة الشعراء ظلت ومازالت أرفع في عالم الإبداع، بسبب أنواع سحر البيان الذي ينطوي عليه، فضلاً عن موسيقاه. ولهذا فهو أخلد من غيره من فنون القول.

وإذا كانت الرواية ثمرة العصور الحديثة، بوصفها أرشيف الحياة الأدبي، فإن الشعر هو ابن العصور كلها.

ومازال الشعراء المبدعون لدى كل أمّة من الأمم حاضرين لا بوصفهم ذاكرة الشعوب، بل من حيث هم صورتها الجمالية التي لا تبلى.

وإذا ما جرى الحديث عن حضور الرواية والشعر في عالمنا العربي، فإن الرواية والقصة والقصة القصيرة أنماط شاعت بفعل بنية الثقافة الشعبية للمتلقين، وانطواء تجربة القراء على ما هو مألوف في الرواية.

فيما الشعر حافظ على نخبويته، وبخاصة بعد الثورة الشعرية المعاصرة التي بدأت مع السياب. والثورة الشعرية هذه المتمردة على الموضوع والوزن والقافية تحتاج إلى زمن ضروري ليعتاد الذوق الشعري العربي عليها. فمازال الذوق الشعري العربي، في الغالب، ذوقاً كلاسيكياً.

 لكن هذا لم يمنع نزار قباني من أن يحتل مكانة في عالم الثقافة العربية لم يحتلها أحد من كتاب الرواية، وحضور درويش لا يوازيه حضور أي من كتاب القصة العرب. وبالتالي مازال عالم الشعر العالم الأثير لدى الذوق الفني.

إن القضية ليست في الانحياز للشعر أو للرواية، وإصدار الأحكام بناء على ذلك، بل النظر إلى هذين العالمين من الإبداع في إطار صنوف الأدب التي تشكل وعي الناس الجمالي والمعرفي.

لا يمكن أن يقوم الشعر بوظيفة الرواية، ولا تستطيع الرواية أن تقوم بوظيفة الشعر. ولهذا مازال الشعر والرواية يتعايشان في وقت واحد، وإن كان الذوق العربي مازال حتى هذه اللحظة مسحوراً بالشعر، وهو ما ينطبق ايضاً على حضور الشعر في سائر اللغات وفي الثقافة الإنسانية بأسرها. الشعر هو الوجدان، والشعر هو السحر.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.