مصطلح الأدب النسائي
شهدت ساحات الجدال اﻷدبي عموما عدداً من الحوارات الحامية التي تبدأ بـ”اﻷدب النسائي” وتنتهي بالكلام عن قلة اﻷقلام النسائية وضعف أدواتهن وأفكار عنصرية أخرى أنأى بنفسي عن الخوض فيها؛ ولم تقتصر تلك الظاهرة الغريبة على محدثي اﻷدب أو حواريي الفيسبوك بل تجاوزتها لتطال أسماء أدبية ذات قيمة وما راعني هنا كان الخلط بين مفهومين منفصلين تمام الانفصال.
اﻷول أدبي “اﻷدب النسائي” واﻵخر عنصري “اﻷقلام النسائية” وما بين الخلط بين هذا وذاك أتيح للكثيرين ممارسة اﻹساءة العنصرية على الكاتبات وأقلامهن جهلاً باسم اﻷدب.. حوارات مطولة قرأت، وأخرى تجاهلت، ثم وجدت قلمي العنيد يزج نفسه في بعضها رافضاً ومستغرباً كمية التخبط أمام أمرٍ أراه بسيطاً واضحاً.
لذا اسمحوا لي أن أبدأ بعرض طرقٍ أبسط للوصول لمعنى كلمة اﻷدب النسائي.
أكثرنا اليوم متابعٌ للسينما اﻷميركية ومسلسلاتها ويصعب أن تتابعها دون أن تصطدم بمصطلح chick movie، وهو فيلم غالبا يتباكى الرجال إن طلب منهم مشاهدته فهو فيلم موجه لشريحةٍ اجتماعية محددة: النساء، ولا يقتصر اﻷمر على الأفلام بل يطالها للمسلسلات وأقرب مثال يوضح الفكرة هو مسلسل desperate housewives فهو مسلسلٌ يعالج قضايا المرأة ومشاكلها الاجتماعية – العائلية – المهنية والعاطفية.. وهكذا كانت الكلمة التي أدخلتها في محرك البحث chick litterature، فعرض عليّ محرك البحث التصحيح لـchick lit.. قطبت حاجبي ورفضت التصحيح مصممةً على البحث عن مفردتي اﻷساسية.. لتبتسم لي صفحات الويكيبيديا وتشرح لي ببساطة كلمة chick lit التي استخدمت للمرة اﻷولى في عام 1988 كاختصارٍ للتعريف عن اﻷدب النسائي وإن لم يبدأ هذا اﻷدب فعليا بالظهور حتى عام 1996 كتصنيف حيث طالب أحد صحفي نيويورك تايمز صديقاته الصحافيات بترك النزعة اﻷنثوية الكتابية ﻷدب النسائي وبدأ هذا النوع يلقى رواجاً في عام 1999 مع أعمال أدبية مثل sex and the city وبدأ منذ ذلك الحين ينافس على قوائم اﻷكثر مبيعاً.
لنعد خطوة للوراء وننظر لتعريف اﻷدب النسائي.. هو فرعٌ من فروع اﻷدب الروائي “تماماً كأدب الجريمة وما وراء الطبيعة والرعب وغيرها” ويكون عملا واقعياً “fiction” بطلته امرأة بحيث يعرض العمل مشاكلها النسائية كجزءٍ أساسي في حبكة الرواية.
غالبا ما يتخذ العمل الزمن المعاصر إطاراً له وإن لم تخل اﻷعمال النسائية من أعمال ذات إطارٍ تاريخي كرواية “waiting to exhale”.
ومن اﻷخطاء الشائعة التي وقعت أنا شخصياً فيها هي تصنيف اﻷدب النسائي كفرعٍ من فروع اﻷدب الرومنسي، ففي اﻷدب الرومنسي يكون العامل اﻷقوى في العمل هو العلاقات العاطفية في حين تتساوى العلاقات العاطفية في قيمتها مع العلاقات العائلية، الاجتماعية والدينية ويهمني جداً هنا التركيز على تلك اﻷخيرة.
فمؤخراً في ساحة اﻷدب المصري لاقت بعض اﻷعمال رواجاً بين القراء وهي أعمال تتصف بطابع عاطفي ديني “الحب الحلال” وهو إن لم أكن مخطئة أحد أوجه اﻷدب النسائي وإن لم تلاق هذه اﻷعمال حقها من الدراسة والتصنيف بسبب الغياب الغير مفهوم للنقاد والباحثين اﻷدبيين عن ساحة اﻷدب الشبابي على الرغم من أنها الساحة اﻷكثر تطوراً وإثارةً للاهتمام، وهو خطأ أتمنى أن يتم تلافيه لمساعدة تلك اﻷقلام الشابة على تحيد مكانتها في الأدب المعاصر واﻹلمام بنقط القوة والضعف لمدرستهم والاطلاع على التجارب العالمية المماثلة من اﻷدب النسائي ذي الاتجاه الديني.
وكردٍّ على من اعتبرها مدرسة للنساء فقط.. فبعد بحث وجدت أكثر من كتب في هذه المدرسة من النساء وإن لم يخلو اﻷمر من اﻷقلام الرجالية فقد تمكّنت رواية sister sister من تنصيب eric jerome dickey ملكاً للأدب النسائي لقدرته الرائعة على سبر غياهب مشاعر المرأة والمشاكل التي تتعرض لها.
وفي نهاية البحث وجدت لافتاً ظهور مدرسة جديدةٍ موازية للأدب النسائي وهي اﻷدب الرجالي تحت مسمى lad lit ومن أشهر أعمال هذه المدرسة الأشد حداثة
my legendary girlfriend / mike gayle
man and boy / tony parsons
وأخيراً وليس آخراً.. أنهي مقالي هذا مطالبة أياً ممن يتكلم أو ينتقد اﻷدب النسائي بأن يناقش أو ينتقد “عملاً نسائياً” بناء على نقاط قوته وضعفه اﻷدبيين كعمل غيره من اﻷعمال اﻷخرى على ساحة اﻷدب كما أتمنى أن يزيل شيئا من اللبس ما بين الأدب النسائي واﻷقلام النسائية.
فما اﻷدب النسائي إلا نوعٌ واحدٌ من أنواعٍ عديدةٍ طالما أبدعت وستبدع اﻷقلام النسائية بالمشاركة فيها كتفا بكتف إلى جانب اﻷقلام الرجالية.