هذا الشاعر
لي حلمٌ متواضع: أن يرى أصدقائي قصيدتي، لا أن يقرأوها. للقراءة تاريخٌ ملوّث، مهما حاولنا وعملنا، لن نستطيع إعادة الكلمة إلى براءتها الأولى. فهي تعجّ بالمعاني وتحتشد بها من خلال الاستخدامات اليومية في مختلف العلوم والحياة الاجتماعية. في البدء كانت الكلمة، قالت المسيحية، وهي للقراءة هنا، وكذا القرآن يأمر: إقرأ. ونجد إرغامات مماثلة في أديان وعقائد وأيديولوجيات قديمة ومعاصرة. أنا أعود إلى روح الشعر، إلى كلكامش، هو الذي رأى كل شيء، رأى ولم يقرأ. إنه حتى لم يكتب ما رأى، وإنما غنّى ما رأى. الكتابة جاءت في ما بعد للتوثيق.
عليك أن ترى القصيدة منذ بدايتها، منذ بوابتها الأولى وإلى مجرة من الصور والإيحاءات التي تنسيك الكلمات وقراءتها. الشاعر لا يكتب قصيدة، لا يقول، لا يعبّر، وإنما يقدم قصيدة، يقدم عالماً آخر: ليتني أستطيع تقديم قصيدة بكاميرا. الإنسان شجرة صور، حقيقة تركها لنا معلّم مكسيكي اسمه أوكتافيو باث.