هل حان “خريف البطريرك”؟
تطرحُ الانعطافاتُ الكبرى في تاريخ الشعوب والمجتمعات دوما مسألة العوامل التاريخية والسوسيولوجية والاقتصادية والثقافية التي تكونُ في أساس لحظة التغيير أو الثورة. كما تطرحُ، أيضا، قضية إسهام المُثقفين أو النخب في هذا التغيير ودورهم في التمهيد له انطلاقا من فهم محدَّدٍ لوظائف المثقفين يجدُ مرجعيته في تراثٍ أوروبيّ-غربيّ يعتبرُ المثقف صانعا للوعي أو صوتا لمن “لا صوت لهم”.
ولكنَّ التطورات اللاحقة بيَّنت أن التغييرَ لا يرتبط -بشكل حتميّ- بالقيادة والزعامة الفكرية التي جسَّدها المثقفُ الكلاسيكيّ في زمن عولميّ شهدَ تراجعَ دوره التقليديّ بشكل لافت.. فالحراك العربيّ الذي تمَّ تعميدُه باسم “الربيع العربي” سنة 2011، كمثل بارز، لم يتوقع حدوثه أحدٌ من المثقفين وإنما اكتفى معظمُهم، كما نعلم، بمساندته أو مواكبته أو التحذير من مآلاته. وقد دفع بالكثيرين منهم إلى إعادة النظر في تحليلاتهم النظرية الكلاسيكية التي لم يكن بإمكانها أن تستوعبَ، بشكل جيّدٍ، لحظة الزلزال والانفجار المفاجئ. لقد رأينا في ذلك، يومها، طبعة عربية ممَّا سمَّاه رولان بارت “موت المؤلف” وكنا نعني بذلك موتَ مركزية الزعامة الفكرية وتراجعَها أمام حركية الواقع التي تتأبَّى على القولبة في خطاطات النماذج الفكرية النظرية الجاهزة للنخبة.
نقول هذا ونحنُ ندرك، بالطبع، أنَّ المثقفَ الغربيَّ أيضا كان له أن يواجهَ، في أحايين كثيرةٍ، مآزقَ دفعت به دفعا إلى مراجعةِ نماذجه التفسيريَّة السائدة في مواجهة زئبقية الواقع كما لاحظنا عند مُفككي المركزية الغربية ونقاد الحداثة المتصلبة الرَّاكدة عند منعطف الأنوار أو ميراث الماركسيَّة التقليدية. فقد ابتهج، مثلا، ميشال فوكو كثيرًا بالثورة الإيرانية التي أطاحت بالشاه سنة 1979 وحاول أن يقاربَها باعتبارها حدثا قد يعلنُ موتَ الباراديغم الغربيّ المذكور في مقاربة الثورات والأحداث التاريخية.
ما أتينا على ذكره يجعلنا نحذرُ، بكل تأكيدٍ، من مواصلة الحديث عن المثقف باعتباره ذاتا مستقلة واعية تنحاز طوعا، ولاعتباراتٍ أخلاقية، إلى قضية العدالة والحرية والحقيقة. فالمثقفُ تموقعٌ ولحظة وعي ولكنه ليس أكبر من شَرطيته التاريخية ولا يتأمل صيروراتِ العالم من شرفة الوعي الترانسندنتالي الذي يعلو على التاريخ. نتذكرُ، هنا أيضا، ما جابه به طلبة السوربون الثائرون ذات أيار/مايو 1968 في فرنسا أستاذهم البنيويَّ جاك لاكان بمقولة لوسيان غولدمان الشهيرة “إنَّ البنيات لا تنزل إلى الشارع″، في إشارةٍ إلى إفلاس الفكر البنيويّ الذي طالما بشَّر بـ”موت الإنسان” والتاريخ لصالح البنيات الثابتة.
لقد كان ذلك، كما هو معروفٌ، تمهيدًا لبداية انسحاب البنيوية من المشهد الثقافيّ والسياسيّ من أجل إعادة التفكير في آليات عمل السلطة بأدواتٍ أخرى، والتوجه إلى التفكير في الحاضر بمعزل عن المُسبَّقات التي تجعل البعضَ يلوي عُنقَ الواقع انتصارًا للنظرية الشكلانية الجاهزة المتآكلة. ما أردنا أن نقوله، من خلال ما سبق، هو أنَّ المثقفَ ليس نبيا يستشرفُ أو “يتذكرُ المستقبل” استنادًا إلى معرفةٍ متخلصة من نسبيتها أو من شرطها التاريخيّ والإبستيمولوجي. هذا ما يجعلنا نطرحُ رؤية أخرى تتعلقُ بالمثقف المحايث الذي يحاول أن يكونَ فاعلا تاريخيّا يجسّدُ الوعيَ بالمرحلة ورهاناتها وينحاز إلى القوى والفئات الأكثر اكتنازا بطاقة التغيير الذي لا يُقاوَم. تكمنُ قيمة تدخل المثقف في الشأن العام، بالتالي، في جعل الحراك لحظة وعي نظريّ ونضال اكتسب شرعية تاريخية وأدبية.
لا يُمكننا أبدًا أن نغفل عن عوامل الحراك الشعبيّ المرتبطة بعولمة القيم وتكنولوجيا الاتصالات التي مثّلت “حصان طروادة” الجديد الذي اخترقَ أسيجة الدولة الوطنية العربيَّة المتميزة بكونها دولة التحديث الأيديولوجي-الأمني.
إنَّ الجزائر، بالطبع، ليست بدعا بين الدول المنتمية إلى الفضاء العربيّ أو جنوب المتوسط في هذا الشأن. فلا يختلفُ اثنان حول سِمة الفشل التي طبعت مُحاولاتنا دخولَ العصر الحديث من باب بناء الدولة الوطنية واجتراح آفاق التنمية في شكلها الأيديولوجي الجاهز منذ الحقبة التي عرفت انتزاعَ الاستقلال الوطني. ورُبَّما كان هذا الأمرُ، أيضا، خصيصة عربية بامتياز لا تزال تطرحُ الكثيرَ من الأسئلة، وتدفعُ إلى ضرورة مُراجعة مسيرة التعثر التاريخي والكشف عن أسبابها العميقة في الأداء السياسيِّ أو في الفكر وأبنية المُجتمع أو في التبعية المفروضة علينا من قبل نظام دولي يُكرِّسُ الهيمنة والاستتباع.
فمن المعروف أنَّ مُجمل الأزمات التي نعيشها على كل المُستويات -وتحديدًا في الجزائر- أصبحت نموذجية وكاشفة، بصورةٍ تكادُ تكون فاجعة، عن الفشل الذي لازم عملنا التاريخيَّ. لعلنا اعتقدنا أنَّ ولوجَ باب التنمية الفعلية والانسلاخ من أوضاع الاستلاب التاريخيّ كان مُرتبطا بوسائل مُتخلصةٍ من أصداء التاريخ ومُكابدات الإنسانية عبر مُغامراتها وهي تشهدُ انكسارَ سيف الأبدية على رقبة التاريخ الذي أصبح بيتا للإنسان مكان المُطلق. وها هي جهودنا المهدورة تذهبُ كالزبد جُفاءً وتطفو كجُثثِ طيور ميتةٍ على مُحيط حياتنا.
لعل هذا ما يُنيط بنا -باعتبارنا مُثقفين- مسؤولية تاريخية كبيرة تتمثل في ضرورة مُمارسة النقد الفكري المسؤول الذي لا يقفُ عند الزعيق السياسوي الجاهز لينبشَ في الجذور العميقة للشلل العام الذي أصاب حياتنا وجعلها تعيشُ زمنا راكدا.
إنَّ المتأمل في أوضاعنا -عبر عشريات- يستطيعُ أن يلاحظ بسهولة ويُسر بالغين أنَّ رأسيْ تنين التخلف والتعثر عندنا هما الأحادية والفساد. ونعتقدُ أنَّ الأمرين لا يرجعان إلى أهواء الحاكم أو انحرافات السلطة السياسية فحسب؛ فليس ذلك إلا الجزء الظاهر من الجبل الجليديّ. إنهما، أيضا، أثران من آثار الثقافة والبنيات الاجتماعية العميقة المرتبطة بأزمنة أبوية-ذكورية لم نعمل بصورةٍ جذرية على نقدها وتجاوزها.
سؤالنا بالتالي هو: هل يُمكنُ أن تترسَّخ الديمقراطية الفعلية -باعتبارها قيما حديثة-، دون إحداث “ثورة كوبرنيكية” حقيقية في نظام القيم التي حكمت، إلى اليوم، عمل مُجتمعاتنا وسُبل إنتاجها لتاريخها؟ من دولة “الديمقراطية الشعبية” التي رسَّخت الشعبوية والأبوية والتسلط في جُبته العلمانية إلى دولة الاحتكار والفساد المُعمَّم: هذا هو تاريخ الدولة الوطنية في طبعته الجزائرية. الديمقراطية الحقيقية مُمارسة بكل تأكيد؛ ولكنها مُمارسة تستندُ إلى ثقافةٍ وقيم يُجسِّدها الحوارُ واحترام الاختلاف وحق النقد؛ كما تقومُ على فلسفةٍ رسَّخها انتصارُ مركزية الإنسان منذ أصبح مرجعَ القيم في عالم شهدَ أفول المتعالي والمرجعيات التقليدية المعصومة. هذا ما يجعلنا نرى في مُحاولاتنا جميعا زبدًا على سطح التجارب الديمقراطية العظيمة في هذا العصر. إذ لم ننتصر كثيرًا على رواسب الماضي الأبوي في سلوكنا السياسيّ وفي مشاريعنا النهضوية والثقافية والتربوية. لم نستطع إحداثَ القطيعة مع نظام الفكر القديم ونحنُ نستنجدُ بنماذج التنمية التي اقترحتها أيديولوجيات وتجارب ناهضة منتصف القرن العشرين. كنا نريدُ خنقَ رواسب الكولونيالية فينا فإذا بنا نبعثُ صورًا كثيرة من الاستبداد والأحادية التي تجلت في غلبة العسكريّ على السياسيّ، وغلبة الانقلاب والقوة على الشرعية التي طالما تغنينا بها. أصبح الاستقلالُ يبدو، شيئا فشيئا، صورة أخرى من صُور اعتقال الشعب الجزائري في زنزانة الفكر الواحد والحزب الواحد وعبادة الزعيم.
لقد وقعنا في أسر الهرولة وراء التحديث الشكليّ والتنمية الكمية وأهملنا التنمية البشرية. وقد كان فشلنا ذريعا ومُدوّيا لولا فضائل الريع النفطيّ الذي ظل ورقة توت أخيرة تسترُ، دائما، عورة نموذجنا التنموي. ونحنُ نعرفُ أنَّ الجزائرَ شهدت انتفاضة الشباب ضدَّ انسداد آفاق الأمل وضدَّ الاحتكار والتهميش والفشل في تحقيق التنمية المُتوازنة. وما زاد من خطورة الأوضاع هو طلوع شجرة الأصولية الدينية اللعينة على أرض خيباتنا وجحيمنا بأوجُههِ الاقتصادية والاجتماعية. لقد أدَّى فقدانُ البوصلة في الجزائر المُستقلة إلى اعتصام الشباب بقشة الخلاص الوحيدة التي وفرتها الاتجاهاتُ الدينية المُتطرفة. كان يجبُ البحث عن الانتماء في عالم فككته الأيديولوجيا الغوغائية، وعن دفء المعنى في بلدٍ لم يستطع تحصينَ أجياله الطالعة تربويا وثقافيا ضدَّ إمكان السقوط في التطرف.
انتقلت الجزائرُ بعد انتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 1988 إلى طور التعددية والانفتاح السياسيّ بصورةٍ غير هادئة وغير متزنة كلفتنا الكثير أمنيا واقتصاديا كما هو معروفٌ فضلا عن كوارثها الإنسانية الرَّهيبة. ولكنَّ السلطة السياسيَّة التي تحكمت في مقاليد الأمور بعد استعادة الأمن والاستقرار وفي ظل الوفرة المادية ضيَّعت، بدورها أيضا، أجمل المواعيد مع التاريخ حينما ركزت -بدل إرساء دعائم دولة القانون والحداثة والمواطنة والإقلاع التنموي- على إشباع نرجسيةِ الحاكم بأمره والتراجع عن احترام الحياة الدستورية وبناء المؤسَّسات الكفيلة بضمان استمرارية الدولة. كانت الدولة تنكمشُ والمؤسَّسات تضمحل لتصبحَ ديكورًا في ديمقراطية الواجهة تُسيَّرُ بالأمريات. شهدنا عودة عبادة الزعيم والفشل الذريع في الانتقال إلى الدولة الحديثة في ظل غياب الرؤية الاستراتيجية وتحطم بوصلة الاتجاه وهيمنة الارتجالية والمصلحة الضيقة وحكم العصابات المنتفعة من الرَّيع.
إنها تقريبا ذاتُ السّمات التي ميزت، دوما، الأنظمة العربية البارعة في الاستنجاد بشرعياتٍ ترجعُ إلى ما قبل الحداثة السياسيَّة من أجل إعادة إنتاج ذاتها وهيمنتها الرمزية على الفضاء السوسيو-سياسي. فعوض الشرعية الديمقراطية القائمة على الإرادة العامة والعقد الاجتماعيّ المُؤسّس للمواطنة تلجأ هذه الأنظمة إلى شرعية البطريرك والآمال الخلاصية الألفية وتأبيد صورة الرَّعية القاصرة، أبديا، عن بلوغ طور النضج. وقد رأينا أنَّ جوابَها الوحيد -أمام جموع المنتفضين على فشلها وفسادها وإفلاسها التاريخيّ- هو الاستعانة بوصايا ميكيافيلي الشهيرة للأمير من خلال التلويح بفضائل الأمن والاستقرار والنظام أمام احتمال السقوط في سديم الفوضى. ولكنَّ الشبابَ الجزائريَّ الذي يملأ الشوارعَ اليوم ينتفضُ، تحديدًا، ضدَّ مُمثلي الوصاية والاحتكار وأبوية العالم القديم، ويحلمُ بعالم جديدٍ يجدُ فيه متنفسا ومساحة لتأكيد جدارته بنفسه بعيدًا عن المحاباة وثقافة الولاء التي كرَّسها النظامُ القائم.
لقد انتفض الذين كنا نعتقدُ أنه “لا صوت لهم” وأخذوا بزمام الأمور في حراكٍ بهيّ سلميّ دونما حاجة إلى تأطير فكريّ أو أيديولوجيّ، ودون التماس العون من النخبة التي أصابها “مرضُ التوحد” ولم تكن في عمومها على موعد مع التاريخ. كان الاحتقانُ سيّدَ الموقف وكانت بعضُ الأصوات ترتفعُ، بحق، مندّدة بالشلل التام الذي أصاب الحياة العامة واليأس الذي اجتاح عمومَ الفئات الشبانية أو مُنبّهة إلى جنون نيرون ومغامراته غير المحسوبة. ولكن يجبُ التنبيه، أيضا، إلى أنَّ النظام نجح في شراء ذمم الكثير من المثقفين والسياسيين مُحوّلا إياهم إلى موظفين مُستفيدين يلمّعون واجهة الخراب العام أو إلى “كلاب حراسة” بتعبير بول نيزان. هذا بالطبع شأن كل أنظمة الفساد والاستبداد التي تعمل على تلميع صورتها وتسويقها بشكل جيّد في عهد العولمة والانفتاح الذي لم يعُد يسمحُ باحتكار الإعلام والمساحات التي يُصنعُ فيها الرأيُ العام.
تمنّى ألبير كامو بحرقةٍ، ذات تأمّل بصير، أن نعيشَ مُستقبلا لا في عالم خال من القتل فحسب، بل في عالم لا يُبرَّرُ فيه القتل بأيّ شكل من الأشكال. وأعتقدُ أننا اليوم، باعتبارنا عربا ومُسلمين، نتمنى أن نعيشَ في عالم لا يُبرَّرُ فيه الاستبدادُ ولا يُسمَحُ فيه بظهوره. الأحادية مشكلة سياسيَّة وثقافية أيضا. فلا تزالُ الكاريزما مُشكلة راسخة الجذور في اللاوعي الجمعيّ ولا يزال المُخلّصُ نموذجنا السياسيَّ المفضل.
من هنا يبدو لي أنَّ هذا الأمرَ يمثل جانبا مُهما من مهام المثقف النقدي اليوم. فلا يكفي أبدًا أن تتناسل فينا رسائل تستنسخ “إني أتهم” التي افتتحت عهدَ ميلاد المثقف الكونيّ المناضل باسم العدالة والحقيقة منذ نهاية القرن التاسع عشر؛ بل علينا أيضا، وبدرجةٍ أكثر التزاما، تفكيكُ بنياتِ الرواسب الثقافية والسوسيولوجية التي طالما جعلت من المُستبدّ العربيّ تجسيدًا لحلم الخلاص من المآزق التاريخية الكبرى. إنَّ ما تُعلمنا إياه الأحداثُ التي تطفو على سطح حياتنا، في الجزائر وغيرها، هو أنَّ الحاكمَ المُستبد ظل يحظى بنوع من الشرعيَّة الأدبية والتاريخية التي جعلت منه -في أوقاتٍ مضت- مُخلّصا أو مُنقذا.
هكذا كان جمال عبدالناصر وصدام حسين والقذافي. هذا ما يجعل من نقد الثقافة الأبوية-الذكورية وبنيات القمع الاجتماعيّ أمرًا ملحّا، ويجعل من العمل على تجاوزها مهمَّة ثقافية وسياسية كبرى على درب نزع الشرعية الرمزية عن البطريرك العربيّ، وسدّ المنافذ أمام إمكان انبعاثه من جديدٍ وهذا من خلال دمقرطة الحياة العامة وبناء المؤسَّسات الدستورية الحديثة وترسيخ قيم المواطنة ومبادئ حقوق الإنسان، وبناء منظومة تربوية حديثة قائمة على العقلانية وتنمية كفاءات الروح النقدية واحترام الاختلاف، والعمل على انبعاث فينيق “الكوجيتو العربيّ” من رماده.
لقد تحدَّث الباحث الفرنسيّ موريس غودولييه عن الشروط النفسية والثقافية والاجتماعية العميقة التي تسمحُ بـ”إنتاج الرجال العظماء” وتجعلهم يحتلون كليا المخيال الاجتماعي في لحظةٍ من لحظات التاريخ. يبدو لي، شخصيا، أنَّ هذا الأمرَ يشكل جبهة من جبهات نضال المثقف النقديّ العربيّ اليوم: فالمُستبدّ الحاكمُ بأمره لا تُسيّره الأهواءُ فحسب -كما ذكرنا آنفا- وإنما يُنتجه سياقٌ تاريخيّ وثقافة ألفية لم تتعرض للنقد بشكل جذريّ.
إنَّ المسيح المُخلّص لا يولدُ إلا في مُجتمع ينتظرُه. وعلى هذا نعتقدُ اليوم كما اعتقدنا دائما -منذ لحظة “الربيع العربيّ” قبل سنواتٍ خلت- أنَّ الأحداثَ الجزائرية الأخيرة يجبُ أن تكونَ دافعا إلى التخندق مع المدّ الشعبيّ المطالب بالتغيير، وفرصة ثمينة للاستبصار ومُراجعة آليات عمل المُجتمع من أجل بلورة أشكال النضال الممكنة معرفيا وعمليا وميدانيا تمهيدًا لمجيءِ الخريف العظيم الذي طالما انتظرناه: “خريف البطريرك”.