المسرح عمل فكري وجمالي عميق وضد السلطة
يعتبر المسرح أب الفنون، ليس لأنه فن تتداخل فيه عدة أشكال فنية وبالتالي فهو يضمها جميعا، وإنما لأن المسرح إلى جانب طابعه الجمالي والفني والترفيهي هو عمل فكري عميق ودقيق لا يقدّم خطابا بل يركب الحياة بطريقة مخالفة من خلال أحداث وشخصيات ليقدم رسالة تهم جميع مجالات الحياة ويعتمد في حبكته على مبدأ الصراع والجدلية وهو ما خول له دون باقي الفنون أن يكون ثوريا وثائرا على السائد والخاطئ والفساد فيمكن أن تجد مثلا في باقي الفنون أعمالا تتغنى بالحاكم المستبد أو تروّج لنظام دكتاتوري أو ترسم شخصيات سياسية أو ترفّه عبر الرقص على طبقات اجتماعية معينة، بينما المسرح من خلال تجربتي ومن خلال ما أعرفه شخصيا عن فرقة مدينة تونس للمسرح أو باقي التجارب المسرحية التونسية كان ولازال وسيبقى فنا ضد التيار ومعاديا للسلطة مهما كانت لأنه يطمح ويدعو دائما لمجتمع أفضل وهذا ما جعل السلطة تقطّر عليه في الدعم المادي فهي تحتاج لوجوده للدعاية لتطور الثقافة في عهدها لكنها لا تطمئن إليه كثيرا ولطالما أوقفت مسرحيات معينة ورفضت تقديمها للجمهور عبر آلية لجان المشاهدة، وأذكر على سبيل المثال «الكنيوطة» لفرقة مدينة تونس «العريش» لفرقة مسرح الجنوب «الفرجة» لفرقة المغرب العربي وغيرها كثير. كما أنّ المسرح مثلا ساهم وفي شكل كبير لدى الناشئة من خلال النوادي المحدثة بالمعاهد الثانوية في مساعدتهم على التعبير ومواجهة المصاعب والتصالح مع النفس لخلق شباب متحرر وواع يمكن له تصريف تراكمات معارفه على سلوكه الشخصي ونجاحه في المجتمع.