مسرح الهواية أكثر قربا من مفهوم التمرد والمقاومة
يمكن طرح سؤال المسرح كفعل مقاومة من وجهتين مختلفتين في مسلكهما: المسرح المحترف من جهة ومن جهة أخرى المسرح الهاوي.
في علاقته بمفهوم العمل الاحترافي الذي يقتضي نفعا مادّيّا، يبقى المسرح المحترف لصيقا بمفاهيم الجودة والرّابط بين متطلّبات السّوق الثّقافيّة أي بانتظارات الجمهور من جهة وشروط الجهات الدّاعمة له من جهة أخرى، سواء كانت عموميّة أو خاصّة. ومن هذا المنظور، يتشعّب التّعامل مع مفاهيم الإرادة والمقاومة إذ عادة ما يستبدلها المسرح المحترف بمفاهيم التّجريب والتّحديث وتقصّي حاجيّات المجتمع، ضمانا للتّناغم معه ولتحقيق المردود المادّي الذي يقتضيه الفعل الاحترافي.
من جهته، يبدو مسرح الهواية متعلّقا أكثر بمفاهيم الإرادة والمقاومة والتّمرّد بالنّظر إلى جوهره الأصلي وخصوصيّته وهي الحرّيّة المطلقة وعدم التّقيّد بأيّ شرط سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي. وهي مفاهيم تبدو لامتناهية في المسرح الهاوي كما أنّها لا ترتبط بالواقع الرّاهن ولكنّها تستحضر المعاني الكونيّة من النّصوص الكبرى.
ففي حين يسعى المسرح المحترف إلى إعادة الاشتغال على هذه النّصوص وتحديث كتابتها، يتعامل المسرح الهاوي معها في مداها الخالص من التّغيّرات الاجتماعيّة والسّياسيّة والاقتصاديّة وكأنّه يستحضر مقولة «التّاريخ يعيد شيئا من نفسه». وهذه رسالة تؤدّي معنى التّمرّد الذي يبقى صفة تسم المسرح الهاوي وتؤكّد حياده إزاء الواقع. على أنّ هذا الحياد لا يعني الوقوف السّلبي ولكنّه يتوسّل بالموازاة، بالرّمزيّة والإيحاء، قطعا مع مسرح الاحتراف الذي يسلك شقّ منه مسلك المقولة المباشرة القريبة من المناشير السّياسيّة التي لا تستخلص كوامن الإبداع للمقاومة والتّمرّد ولكنّها تستغلّ الشّعارات الرّائجة وقشور الظّواهر الاجتماعيّة والسّياسيّة في مقاربات غالبا ما تعتمد الكاريكاتور، تجاوبا مع النّزعة الاجتماعيّة السّائدة للتّنفيس عن الخوف والتّوجّس من الإرهاب والاضطرابات التي تعيشها المنطقة العربيّة.