فوضى المفاهيم وجدل التاريخ
يحفل عالمنا اليوم بالكثير من المفاهيم ذات الحمولة الفكرية الثقيلة التي تمكنت من صياغة ملامح العالم بفضل تطبيقاتها العملية وارتداداتها العنيفة على السياسة والثقافة والإعلام وعلى المجتمعات الإنسانية عموما، فمفاهيم مثل “الإرهاب” أو “الديمقراطية” أو “صراع الحضارات” أو “حرية التعبير” كلها مفاهيم تبلورت وتم التنظير لها داخل البيئة الغربية لتشيع وتنتشر في الأدبيات الإعلامية والثقافية الدولية بشكل كثيف ومركز، في ظل عجز نُخَبِنا عن توليد مثل هذه المفاهيم أو على الأقل استيعابها وإعادة صياغتها وفق ما يتناغم مع بيئتنا وجوهر حضارتنا النقي الخالص، فغدت راهنا كأنها نقيصة وشتيمة لحق بالمسلمين كلما سيقت في إطار ما يعانونه اليوم من كسف بال وسوء حال، حيث صارت كل هذه المفاهيم مقرونة بالاستبداد والتخلف والإرهاب، إلى حد شيطنة المسلمين وتصويرهم على أنهم أمة متعطشة للدماء لا همّ لأفرادها سوى إفناء الحضارات الأخرى، لأن هذه المفاهيم المنتجة في الغرب، ولسوء الحظ، طغى على معظمها الطرح المتشدد المتشبع بروح الكراهية وإقصاء “الآخر”، و الذي ينبع من مخيال تاريخي مشوه، وخلفيات عقدية ونظرة شعبوية وأيديولوجية متزمتة لمنظرين من أمثال صامويل هنتغتون أو فرنسيس فوكوياما وأحزاب اليمين المتطرف والقيادات السياسية المنتمية لدائرة المحافظين الجدد، مقابل انحسار الأصوات الهادئة والمنصفة لثلة من المفكرين الغربيين الذين يتميزون بحس نقدي رفيع ونزعة إنسانية صادقة، لكنهم للأسف، تعرضوا للتهميش بصورة متعمدة وكُتمت أصواتهم إعلاميا فما عادت تُسمع، لا لشيء سوى لأن أفكارهم تدعو للتقارب وبلورة فهم مشترك للقضايا العالمية في إطار من المساواة وتكافؤ الفرص بين الشعوب والحضارات على اختلافها دون أيّ نظرة دونية أو ممتهنة لهذا “الآخر” الذي يعاني العديد من الأزمات المزمنة والتخلف العلمي والاقتصادي.
الفيلسوف الفرنسي الراحل تزيفتان تودوروف هو المفكر المعاصر ذو النزعة الإنسانية الذي آمن بأن جوهر الحضارة يكمن في الاعتراف بالإنسانية الكاملة وبالتعدد الثقافي للآخرين، فكانت معظم إنتاجاته الأدبية والفكرية والفلسفية، على غزارتها، مدبجة بنزعة إنسانية نقدية تحترم بقية الثقافات والحضارات الموجودة على الأرض، لأن الحضارة قائمة -إجمالا- على الانفتاح لا على الانكفاء والتقوقع، لذلك فقد تصادم بشكل صريح وقوي مع رؤية هانتغتون صاحب نظرية “صراع الحضارات” التي ظهرت في سنة 1993 وصارت منذ ذلك الحين مرجعا للخطاب الغربي المشكك في نوايا “الآخر الأجنبي” ويصوّره على أنه مصدر الخطر الحقيقي الذي يهدد وجود الحضارة الغربية، خصوصا إذا كان هذا الآخر مسلما، وهو ما يعتبره تودوروف خوفا مرضيا قاد الغرب إلى تصنيف المسلمين في خانة البرابرة المتوحشين، قبل أن يتحول هو ذاته إلى ممارسة سلوكيات موغلة في التوحش والبربرية ظهرت شواهدها في الكثير من الحروب التي استهدفت المسلمين في عقر دارهم وأبرزها فضائع سجني “أبو غريب” و”غوانتانامو”.
لم يحدث في تاريخ العرب أن عاملوا غيرهم من معتنقي باقي الديانات الأخرى بالوحشية والحقد مقارنة بما فعله بهم الصليبيون والتتار
وقد دعا تزيفتان تودوروف في كتابه “الخوف من البرابرة- ما وراء صدام الحضارات” إلى التحلي بالتسامح مع الآخر وإزاء الأقليات التي تعيش داخل الغرب من خلال الدعوة إلى التعايش مع الثقافات المختلفة، ويهاجم في نفس الوقت الشعبوية اليمينية المتطرفة في الغرب التي استقوت وتوطدت بسبب خطابها المعادي للآخر، وذلك انطلاقا “من مقاربة متعددة الأبعاد تتقاطع فيها حقول معرفية متنوعة: علم النفس، علم الاجتماع، التاريخ، الفلسفة والأنثروبولوجيا”.
وقد كان تودوروف يرى بأن “الحروب الحالية لا تمتّ بصلة إلى صراع الحضارات، كما أن الغرب لن ينجح في محاربة الإرهاب إلا بفصله عن الدين الإسلامي والسعي إلى معرفة جذوره المذلّة والمهينة التي تمسّ شريحة كبيرة من سكان العالم”، خصوصا في ظل العجز الفادح لدى الغرب في التمييز بين الإسلام وبعض المسلمين المتطرِفين، والمتطرفين والإرهابيين، وهو ما جعل هذا الغرب لا يفكّر إلا في استخدام القوة كرد فعل على البربرية المزعومة واللصيقة بالمسلمين تحديدا في المخيال الغربي، لذلك يحذر تودوروف من سيطرة هذه الفكرة بالقول “إن الخوف من البرابرة شعور يوشك أن يجعلنا نحن أنفسنا برابرة”، ويدعو مقابل ذلك إلى التخلص من فكرة الصراع التي يعتبرها سطحية ومؤذية، والسعي لإيجاد أنموذج يستوعب جميع الثقافات، فيقول “لكي نتآلف ونتكيف مع تعقيدات العالم ونتجاوز الصعوبات يجب أن نتخطى مقولة ‘صدام الحضارات’ لنقوم بالتفكير في أنموذج يضمن تنوع الخصائص الثقافية ويساهم في بناء نزعة عالمية كفيلة باستيعاب الاختلافات ودعم تقدم الحضارة ورقيها”.
ولأن الغاية تبرر الوسيلة في الأدبيات السياسية الغربية فلطالما أكد تزيفتان تودوروف بأن الصراعات التي تحتدم اليوم ليست صراعات ذات طبيعة دينية، مهما جاهد البعض لإيهامنا بذلك، بل اعتبرها صراعات ذات طبيعة سياسية، كما ينفى وجود مشاكل يعانيها الغرب مع الإسلام، وإنما هي مشاكل مع عدد من البلدان، ولكن ليس مع كل الدول الإسلامية.
الأكيد أن المسلمين يتحملون جزءا غير يسير من هذه الصورة السلبية التي يحملها الآخر عنا، فالإسلام انتشر بالأخلاق والمعاملة الحسنة والقيم الراقية والإنسانية التي يدعو إليها، وللأسف نحن لا نجتهد في إطلاق محاولات لتصحيح هذه الصورة المشوّهة عنّا، خصوصا عن طريق الإعلام الذي صار يعمّق هذه الصورة ويعزّزها، زيادة طبعا على الممارسات التي تقوم بها جماعات وأفراد باسم الدين، والدين بريء منهم، موازاة مع سعي بعض الأنظمة التي تواجه منافسة شديدة من أحزاب الإسلام السياسي إلى تشويه صورتهم ونعتهم بأبشع الصفات على نطاق واسع، وهم لا يعلمون بأن أفعالهم هذه تصل أسرع من البرق إلى الضفة الأخرى لتستغلّها هناك وسائل إعلام وأطراف تبغض هذا الدين وتجتهد في هدمه ومحاربته بدون كلل ولا ملل.
احتواء الآخر
يتعرّض الإسلام لحملات تشويه مستمرّة من طرف وسائل الإعلام الغربية وبعض الأبواق العربية النشاز، حيث تستغل هذه الوسائل كل فرصة أو قضية متعلقة بالإسلام إلا وتناولتها بكثير من التهويل والدعاية المغرضة من أجل رسم صورة سوداوية بغيضة عنه وعن المسلمين، حيث يتمّ تصويرهم في أبشع الصور وينعتون بأشنع الصفات، ولاسيما بالإرهاب والدموية، في ظل بعض الممارسات السلبية التي يقوم بها المسلمون أنفسهم والتي تساهم في تعميق هذه الصورة النمطية وترسّخها لدى الشعوب الأخرى بما يخدم الأهداف التي تسعى إليها القوى المعادية للدين الإسلامي في العالم المسيحي.
لكن بالرغم من هذه الحملات المسعورة يبقى الإسلام بحسب تقارير غربية تنشر من حين إلى آخر، الدين الأكثر انتشارا واعتناقا في العالم خصوصا في أميركا وأوروبا، فهو ينتشر كل يوم خارج معاقله برغم كل هذه الحروب والممارسات القمعية التي تشنّ ضده وضد معتنقيه في مختلف بقاع العالم، حتى أن الكثير من المتابعين والمفكرين يرون بأنه الدين الذي سيعم القارة الأوروبية مستقبلا بسب ارتفاع معدلات الخصوبة لدى المهاجرين المسلمين وتقلصها لدى السكان الأصليين.
إن لهذا الدين قوة كبيرة على احتواء الآخر، فهو دائما ما يجعل ألدّ أعدائه يتحوّلون إلى صفّه منذ أشرقت شمسه على الأرض، كما أنه كلما تم التضييق عليه كلما زاد اتساعا وانتشارا، فقد زاد عدد المقبلين عليه في أميركا مثلا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، حتى أن دراسة أجراها مركز أبحاث “بيو” الأميركي قالت إنه بحلول عام 2040 سيصبح الإسلام ثاني أكبر ديانة من حيث عدد سكان الولايات المتحدة بعد المسيحية، وكذلك بعد حادثة الرسوم المسيئة للرسول في الدانمارك حيث تزايد الإقبال على الإسلام والتعرف على هذه الديانة السماوية السمحة في كامل أوروبا، ومن المتوقع أن يصل عدد المسلمين لخمس سكانها بحلول عام 2050، وقبلها بسنوات أو قرون تتوفر العديد من الشواهد والأمثلة على تحول العدوّ إلى وليّ حميم، ولعل من أروعها في نظري إسلام الجناح الذهبي باعتباره القوة الضاربة الذي كان يضم أشد الرجال وأقواهم في جيش هولاكو، بعد أن أعمل قتلا في المسلمين أيام الهجمة المغولية على بغداد، وهي الواقعة التي وصفها ابن كثير في كتابه الشهير “البداية والنهاية” على أنها الحقبة الدموية التي لن تتكرّر في التاريخ للأهوال العظيمة التي أصابت المسلمين فيها.
المتسامحون والضحايا
لم يحدث في تاريخ المسلمين أن عاملوا غيرهم من معتنقي باقي الديانات الأخرى بالوحشية والحقد مقارنة بما فعله بهم الصليبيون والتتار وغيرهم، عكس ما يحاول أعداؤهم تكريسه فكريا وإعلاميا بالخصوص بإلصاق تهمة العنف والإرهاب والوحشية بالإسلام، فلطالما كان المسلمون، ولا يزالون، متسامحين مع غيرهم ميزتهم الطيبة والنقاء، و اشتهروا بحسن العشرة والأخلاق العالية، ولم ينشروا دينهم بالعنف أو القتل الوحشي الذي مارسه ويمارسه الغير في حقهم منذ القرون الأولى لظهور الإسلام.
ويمكن التدليل على هذا الكلام بالتعريج على قضية معاداة السامية التي صارت شماعة عالمية تعلّق عليها كل التهم والحملات التي تطال الأفراد والمؤسسات وحتى الدول التي تنتقد أو لا تساير الكيان الصهيوني و تقبل بسلوكاته العداونية في فلسطين، والازدواجية التي يتعامل بها الغرب المسيحي في المسائل المتعلقة بهذا القضية، حيث يغلب على المواقف الغربية تجريم الفلسطينيين والنظر إليهم كجلادين لا كضحايا، لكن الحديث في هذا السياق سيكون إجمالا عن اليهود كجماعات دينية وعلاقتهم بالمسلمين تاريخيا، فقد أجمع أغلب الباحثون المنصفون أنه لم يحدث في التاريخ أن تعرض اليهود لمجازر أو إبادة جماعية على أيدي المسلمين، باستثناء الردّ بالعقاب على أعمال تستحق ذلك لكنها لا ترقى للإبادة، بل إنهم عرفوا أزهى أيامهم خلال فترة الحكم الإسلامي، خصوصا في الأندلس، أين منحت لهم حقوق كغيرهم من معتنقي الديانات الأخرى، وشرّعت الأبواب أمامهم للنشاط فكريا وفلسفيا، والخروج لرؤية الشمس بعدما كانوا مقموعين من طرف الكنيسة في جحور مظلمة، بل واشتهر الكثير منهم في الشعر والأدب والفلسفة، ووظّفوا في مناصب مسؤولية تحت الحكم الإسلامي الذي اتسم بالتسامح وتقديم أصحاب الكفاءة والعلم بغض النظر عن دينهم.
ببروز نجم الجماعات الإرهابية التي تم تصنيعها في مخابر الدكتاتوريات العربية والأجنبية كانت الفرصة سانحة لتشويه الإسلام
بالمقابل تزخر الكتب والشواهد التاريخية أيضا بوقائع المجازر التي نفذها المسيحيون في أوروبا ضد اليهود، وكيف اضطهدوهم وقاتلوهم تحت راية الكنيسة، وفي آخر المطاف، وللتخلص النهائي منهم، تم التفكير في إنشاء وطن لهم بعيدا عن أوروبا، ليس حبا فيهم، وإنما حتى يطهّروا بلادهم منهم.
اليوم صار المسلمون معادين للسامية زورا وبهتانا، وينعتون بالإرهابيين أعداء العالم، بعد انتكاسة حضارية حرفت مسار الأمة وجعلتها تنام في سبات عميق، إلى حين.
بالمقابل، عانى المسلمون طيلة تاريخهم وإلى اليوم من حملات الإبادة والتطهير، ويكفي أن نذكر هنا بوحشية مجازر محاكم التفتيش المرعبة التي لحقت بالمسلمين الموريسكيين في إسبانيا على مدار ثلاثة عقود كاملة، وهي مجازر لا يقدر عقل الإنسان على تصورها، ولا تستسيغها النفس البشرية ولا حتى طباع الحيوانات البرية، نظرا للطرق العنيفة المليئة بالحقد التي استعملت في تعذيب المسلمين وقتلهم، ولا زالت أكثر تفاصيل تلك المأساة مبهمة، رغم غزارة المؤلفات في هذا الموضوع، حيث عانى المسلمون في تلك الحقبة التي أعقبت سقوط غرناطة سنة 1492م، ألوانا وأصنافا من التعذيب والتهجير والتنكيل الذي لحق بهم وبدينهم، وطال حتى تراثهم العلمي وكتبهم وملابسهم الإسلامية، ولم يشفع لهم لا تاريخهم المشرق في أرض الأندلس والحضارة المورقة التي أينعت ثمارا بهية، ولا طيبتهم وبعدهم عن الغلوّ والتمييز مع باقي الملل والديانات والمعتقدات، فأيّ همجية تضاهي حرق أزيد من 1200 إنسان في يوم واحد خلال محفل من محافل الانتقام من المسلمين “الكفار”؟ وأيّ حيوانية تفوق حيوانية رهبان الأديرة الذين دفنوا المئات تحت أرضيات الكنائس التي كانوا يؤدون فيها صلواتهم لمناشدة الرب الخلاص والتضرع إليه بالرحمة؟ وكلها أساليب متوحشة أبدعها المطران “خمينس″ بعد سقوط الأندلس وبقيت عارا لصيقا بالمسيحيين طيلة تلك القرون الثلاثة السوداء.
مقاومة فكرية
الإسلام لا يحتاج لمن يدافع عنه لأنه يملك في داخله قدرة ربانية على فعل ذلك، وهو يملك طاقة على المقاومة والتوسع في حالات التضييق عليه، فرغم القرون الثلاثة من التنكيل والقتل الممنهج في حق المسلمين بإسبانيا، إلا أن كل ذلك لم يقضي على شأفة الإسلام في نفوس الناس، ولم تنطفئ شمعته، فعاش هذا الدين ولا يزال في تلك الأرض الطيبة التي عمّرت بها أزهى الحضارات وأرقاها والتي أبهرت العالم وقدمت للإنسانية فتوحات علمية وفكرية لا تقدّر بثمن، ولازالت شواهدها وأفضالها قائمة إلى اليوم.
ومع هذا فنحن مطالبون بضرورة تصحيح صورتنا وتحمّل مسؤولياتنا تجاه هذا الوضع من خلال سلوكياتنا ومعاملاتنا مع بعضنا البعض ومع الآخر أيضا، كما يجدر بنا أن نعمل على إنشاء وسائل إعلام موجهة لهذا الآخر تخاطبه بلغته بغية فضح المؤامرات وشرح تعاليمه السمحة وغاياته وتطبيقاته، وتبيان أنه ليس دينا همجيا ودمويا كما يتم تصويره، بل هو دين يدعو للحياة والعدالة ويضمن لجميع الناس حقوقهم وحريتهم ودماءهم داخل مجتمع تسوده الفضيلة والمثل العليا.
في تسعينات القرن الماضي سُئل المستشرق والمفكر الفرنسي المنصف جاك بيرك عن مستقبل أوروبا فأجاب بكل ثقة ويقينية “سيجتاحها الإسلام”، هذه الإجابة المقلقة لليمين المتطرف وللكهنوت والزعماء الأوروبيين بقي صداها إلى اليوم يتردد في أذهانهم، خصوصا وهم يرون رأي العين يقينية إجابة بيرك من خلال تزايد أعداد المسلمين أوربيي المنبت، مع تعاظم حجم الجالية المسلمة القادمة من الشرق لمختلف الأسباب.
ببروز نجم الجماعات الإرهابية التي تم تصنيعها في مخابر الدكتاتوريات العربية والأجنبية كانت الفرصة سانحة لتشويه الإسلام والمسلمين وخلق صورة نمطية دموية عنهم، خصوصا من خلال الإعلام الذي لا يترك أيّ حدث أو عمل إرهابي إلا ووضعه في إطار إعلامي وثيق الصلة بالإسلام كدين، وخنقه في أنساق ثقافية واجتماعية تسيء إلى المسلمين.
ختاما، لا يجب أن يفقد المسلمون في الغرب المسيحي الثقة في ذواتهم أمام الحملات المسعورة لتشويههم ومحاربتهم، ولا يجب أن يظهروا بمظهر “المسلمين الضعفاء”، فالدفاع عن الهوية يبدأ بإثبات الذات الواعية القوية المنصفة التي لا تنتفي عنها الملكات العقلية الخلاقة، والتي لا تجافي في نفس الوقت روح الإسلام وسماحته وعظمة الرسالة التي يحملها في جوهره، ما عليهم سوى إعادة بناء واقعهم بكثير من المنطق والعلم والمعرفة والإعلاء من شأن الإنسان المسلم المبدع المنتصر لقضايا الإنسانية وقيمته وفق ما تمليه تعاليم دينه، كما كان هذا “المسلم” دائما في عصور النور والحضارة.