هذا العدد
نمط من التعبير الإنساني يصعب تجاهل تحولاته في ظروف السّلم. فكيف الحال والرحى تطحن في أنحاء عديدة من العالم العربي بحروب عنيفة ذات أشكال وأصناف مختلفة؟ هو كيف تكتب ما تذهب إليه «الجديد» هذه المرة. وإن كان ثمة وثيقة أنثروبولوجية ترصد دقائق الإنسان وحيواته وعاداته وأمزجته، فلا شك أنها الرواية. وهي ما يشتغل عليه عدد «الجديد» هذا. الرواية العربية الآن.
ما الذي يدور في عقل الراوي العربي وهو يشاهد سرداً من نوع جديد. السرد الذي لم تألفه عينه مع بدايات ولادة الرواية العربية الحديثة قبل قرابة المئة عام. ثم في المراحل التي تلت وكان فيها الوعي ما يزال يتفتح على عالم جديد في مناخ المتغيرات العريضة البطيئة. كان إيقاع الحكي بطيئاً. وكان إيقاع الواقع كذلك. اليوم تسارعت لغة الحقيقة على الأرض. فهل تسارعت معها لغة الخيال والقص؟
في هذا العدد تنشر «الجديد» شهادات لكتاب عرب يصفون فيها لحظتهم الحائرة. وتقرأ تحققات الجمال في متاهات اللغة. وفي متاهة الفكر أيضاً، عند اللبناني فواز طرابلسي في حواره الحار، الذي يفتح باب السجال من جديد، كما دأبت المجلة على الحفر في طبقات الوعي كل شهر، ومواكبة ما يستجد في عقول الفلاسفة والمفكرين العرب والغربيين.
إلى جانب حوار طرابلسي يتجاور حوار البصري الكبير جورج البهجوري صاحب المغامرة المفتوحة في اللوحة والفكرة. الراحل إلى التمثيل بالسخرية مثلما التمثيل باللون المصري الجارح.
كتّاب جدد ينضمّون إلى مشغل المجلة ونصوص إبداعية ونقدية تحرّك الأسئلة وتقترح الإجابات. لتبقى «الجديد» مصرة على نقل السجال الدائر تحت السطح، بين المراكز والمستقبلات، إلى صفحاتها أولاً ثم إلى الواقع. مؤكدة نفسها جسراً للمعرفة في ملفات شائكة وجريئة، لا من أجل الثقافة وحدها، بل بهدف فتح الأبواب على بعضها البعض، ما بين حقول التعاطي الإنساني للحدث والتفكير وما ينشأ ويتهدّم بينهما من عوالم ومدائن. داعية قرّاءها إلى المساهمة في كل جديد تطرحه. متحدية ذاتها وما تقطعه من مسافات مع كل عدد من أعدادها.
المحرر