الحشرة القرمزية
قاعَةُ للانْتِظارِ
كَمْ ضاعَ مِنَ الوَقْتِ
وأَنْتَ تَجْلِسُ بِجانِبي لا تَراني
تُقْلِعُ طائِرَةٌ وَتَهْبِطُ أُخْرى
وأَنْتَ لا تَراني
تَجْلِسُ مِثْلي تُبَحْلِقُ في الشّاشَةِ الصَّغيرَةِ
الحَقائِبُ تَمُرُّ مُسْرِعَةً في اتِّجاهِ البَوَّاباتِ
أُريدُ أنْ أَصْرُخَ فيكَ
أنْ أنْظُرْ حَوْلَكَ
إلى المُسافِرينَ
إلى الذِّكْرَياتِ
إلى تِلْكَ العَجوزِ الآتِيَّةَ مِنَ سِتّينِاتَ هذا القَرنِ
إلى الشّابِ الجالِسِ بِجانِبِها المُزَيَّنِ بِالماركات التِّجاِريَةِ
إلى الشّابَةِ المُبْتَسِمَةِ وَهِي تَقْرَأُ رَسائِلَ إنستغرام
في هَذهِ الهُوَّةِ
يَغيبُ الجَميعُ
سَنَمْضي تِباعاً في اتِّجاهاتٍ مُخْتَلِفَةٍ
دونَ أنْ نَتْرَكَ أثَراً.
فَانْظُرْ حَوْلَكَ وَلَوْ لِوَهْلَةٍ
لِكَيْ لا يَنْهَزِمَ الكَوْنُ..
هلسنكي 2018
* * * * *
التِّرْحالِ
عَلَّمَتْني سِنينُ
التِّرْحالِ
أَنَّ الحَياةَ
ريحُ شَمَالٍ—
إنْ هَبَّتْ
أَرْجَفَتْ.
كَبَصَلَةٍ
إنْ قُشِّرَتْ—
أَبْكَتْ.
وآهٍ، كَكَلِمَةٍ
إنْ ذُكِرَتْ
أَدْمَتْ.
نيوتاون 2019
* * * * *
دونِ عُنوان
تُمْعِنُ في لا شَيء
عَيْنَاكَ مُثْقَلَتانِ بِالأَحْلامِ
في ضَجَرٍ
تَنُشُّ ذُبابَةً مُتَواضِعَةً
أَتْقَنَتِ المُراوَغَةَ
تَتَرَبَّصُ بِلَحَظاتِ فَراغِكَ
أَشْفَقَتْ عَلَيْكَ وَحيداً
تُنْشِدُ الاسْتِئْناسَ
تَطْرُدُها بَعيداً عَنْ كَأْسِ الشَّايِ البارِدَةِ
دونِ جَدْوى
…
…
تَتَرَنَّحُ واقِفاً
وَتُجَرْجِرُ خُطاكَ
في اتِّجاهِ السَّرابِ.
أرفود 2010
* * * * *
تَرَدُّدْ
كُلَّما اخْتَلَيْتُ
بِنَفْسي
وَجَدْتُكَ
فَلِماذا أنا الآنَ خائِفَةٌ؟
الصويرة 2015
* * * * *
وَهِنٌ أنا أَكْتُبُ قَصيدَةً لِلسَّنَةِ الجَديدَةِ
وَهِنَتْ
كَلِماتي التّي طالَما طَوَّعْتُها
انْتَفَضَتْ، ثارَتْ، َرفَضَتْ
أَنْ تُكْتَبَ احْتِجاجًا عَلى سَنَةٍ
كادَتْ تَذْهَبُ بِقَلْبي
وَهِنٌ أنا أكْتُبُ قَصيدَةً للسَّنَةِ الجَديدةِ
جُغْرافِيَّةُ الدَّمِ تَرْتَسِمُ
فَضاءاتٌ تَنْكَمِشُ وأخْرى تَتَوَسَّعُ
نِداءاتُ قَتْلٍ تَرْتَفِعُ اسْتِجابَةً لِأَوْهامٍ قَديمَةٍ
أي سَنَةٍ جَديدَةٍ هَذِهِ، يا لَلْهَوْل!
نيوتاون 2016
* * * * *
اللِّقاءُ الأَوَّلُ
جَلَسَتْ
وجَلَسْتُ
…
العُيونُ تُراوِغُ العُيونَ والكَلِمات
لِماذا أُريدُك؟
لا أَعْرِفُ… أُريدُكَ أَكْثَر
تَعِبَتِ العُيونُ وَهُناكَ
عِنْدَ زُجاجِ النَّافِذَة ِالقَريبَةِ
الْتَقَتِ العُيونُ خِلْسَةً
ابْتَسمَتْ
تَقارَبَتْ
تَلامَسَتِ الرُّموشُ
تَعانَقَتْ
وَمَشَت تَحْتَ ظَلامِ اللَّيّلِ
وهُنا
قُرْبَ زُجاجِ النَّافِذَةِ القَريبَةِ
بَقينا نَنْتَظِرُ
بدونِ أنْ نَرى.
أمهورست 2015
* * * * *
آهٍ لَوْ كُنْتَ لي
لَحَظاتٌ
قَصيرَةٌ
سَأَعيشُ فيها
أَبَداً
خَيْرٌ مِنْ دَيْمومَةٍ
طَويلَةٍ
سَأَموتُ فيها
كَمَداً
يَ رِ نْ نُ هَاتِفي
يَ هـْ تَ زْزُ قَلْبي
واسْمُكَ
أَنْزِلُ
أَلْقاكَ
أُعانِقُكَ
في خَيالي
تَطيرُ بي
تُراقِصُني
تَتيهُ بي
كَلِماتُكَ
تُخْرِجُني
مِنْ هذا الجَسَدِ المُتْعَبِ
تُحْييني
وَتُعيدُني
سَالِمَةً
آهٍ لَوْ كُنْتَ لي
لَتِهْتُ في جُنونِكَ
آهٍ لَوْ كُنْتَ لي
لا.
بَلْ أَنْتَ الآنَ
لي.
الرشيدية 2010
* * * * *
حَيَواتٌ مُعَلَّقَةٌ عِنْدَ نَافورَة ِتْريفِي
ماذا تَحْمِلُ القِطْعَةُ النَّقْدَيَّة ُ
مِنْ أَسْرارِ القَلْبَيْنِ المُتَشابِكَيْنِ–
ابْتِساماتاهُما المَحْفورَتَانِ
تَفوحانِ تَفاؤُلاً عَنيداً
أجْهَدَتْهُ تَمَزُّقاتُ السِّنينِ وَالخَيَباتُ
والأَحْلامُ المُلازِمَةُ —
قَبْلَ أَنْ تَغوصَ تَحْتَ رَذاذِ النّافورَةِ؟
روما 2018
* * * * *
الغُرْفَة الفَارِغَةُ
في الغُرْفَةِ الفَارِغَةِ
تَخْلَعُ جِلْدَها وَتُعَلّقُهُ عَلى المِشْجَبِ
وَتَنْفَكُّ كَكُبَّةِ صُوفٍ بَيْنَ جُدْرانِ حُلْمٍ خَذَلَهُ البَريقُ
عِنْدَما لَمْ تَعُدْ طِفْلَةً
تَغْسِلُ خُيوطُ شَمْسِ الصَّبَاحِ وَجْهَهَا
مِنْ وَحَلِ اللّيْلِ المُبْتَلِّ بِالمِلْحِ والأَسى
تَهيمُ في شَوارِع المَدينَةِ الغَاطَّةِ فِي النَّوْمِ
تُسَابِقُ الأَكْعَابَ العَالِيَةَ
بَيْنَما قَلْبُها يَجْري جامِحاَ
كَطائِرٍ جارِحٍ
ثُمَّ يَحْضُنُها الضَّوْءُ فَراشَةً تَحْلُم بِالأبدِ.
باريس 2015
* * * * *
ذُبَابَةُ النَّارِ
هَبَّتْ نَسْمَةٌ خَفيفَةٌ في اللَّيْلَةِ الحَالِكَةِ
هَزَّتْ السَّتَائِرَ
لَحْظَةٌ خَاطِفَةٌ وانْتَبَهْتُ
لِذُبَابَةِ النَّارِ
النَّصَّابَةَ المُقَلِّدَةَ
تُلَعْلِعُ
يَتَوَهَّجُ شُعَاعُهَا
لِتُغْريَ فَرائِسَهَا.
نيو أورلينز 2017
* * * * *
ذَلِكَ مُجَرَّدُ تَمَنِّياتٍ
لاَ أَحَدَ يَراهُ يَدورُ حَولَ نَفسِهِ
في المَطاراتِ
يَحْمِلُ نُسْخَةً مِنْ كِتابِهِ الجَدِيدِ
يَبْحَثُ عَنْ قارِئٍ مُفْتَرَض
يُضْفي الشَّرْعِيَّةَ عَلَيْهِ
لِيشْكو لَهُ حالَهُ البَئيسَ
نَظرَتَهُ المُنْفَصِمَةِ عَنْ عَالَمِهِ
…
لاَ أَحَدَ يَراهُ يَعودُ وَحيدا ًخاوِي الوِفاضِ
إلاّ مِنْ تَوَهُّماتِ
الكَوْنِيَةِ تَحْتَشِدُ عَلَى صَفْحَتِهِ الخاصَّةِ
حَبَّذا لَوْ تَوَقَّفَ مَلَياً
وَقَرَأ َعَنْ دَوْرَةِ حَيَاةِ البَرْغوتِ
وَالحَشَرَةِ القُرْمُزِيَّةِ
وَعَادَ إلى فَترَة جُنونِ فان غوغ
لَعَلِمَ أنّ تَّأَمُّلَ الذَّاتِ
أَمَامَ نُدوبِ العَالَمِ
وعَذابَاتِ اليَوْمي
ووَردَةٍ يَابسَةٍ بَينَ أَوْراقٍ صَفْراء
وحُطَام سَيَّارَةِ جَانِبَ الطَّرِيقِ
وغَضَب امْرَأَةٍ
لَشَعرَ بِالذُّهولِ
أَنَّ فِعْلَ الكِتَابَةِ
وَروحَ المَكَانِ
تَنْقُصانِهِ.
نيويورك 2015