المختصر
الإنسان جوهر الكون
جديد الفيلسوف وعالم الاجتماعي إدغار موران كتاب بعنوان "التفكير بكيفية شمولية" يطرح فيه أسئلة هامة عن معرفتنا بالإنسان والحياة والكون. كيف نصلها بعضها ببعض بعد أن ظلت زمنا طويلا متفرقة ومتناثرة؟ كيف يمكن مواجهة مشاكل معقدة وجوهرية، ذهنية وحيوية؟ كيف يمكن أن ننزّل أنفسنا في مغامرة الحياة ومسيرة الكون واضعين نصب أعيننا أن الإنسان بداخل الكون والكونَ بداخل الإنسان؟ ويقدم أجوبة يستخلصها من خبرته الطويلة، ومن تجارب السابقين واللاحقين، فيقترح أن نفكر بطريقة شاملة، أي أن نعتبر الإنسان داخل طبيعته الثلاثية بوصفه فردًا وكائنًا اجتماعيّا وجزءًا من الجنس البشري. وإذا كانت البشرية قد انساقت رغما عنها في سباق العولمة، فإن موران ينصح بأن نتقصى المستقبل ومصيره دون الوقوع في سهولة الراهن ولا مقتضيات الأحداث الجارية.
دليل استعمال العَلمانية
"اللائكية في المعيش اليومي: دليل استعمال" كتاب هامّ يلتقي فيه الفيلسوف ريجيس دوبريه بالمحافظ ديديه ليسكي، المدير الأسبق للمكتب المركزي للشعائر الدينية بوزارة الداخلية الفرنسية، ليضعا النقاط على كثير من حروف العَلمانية التي كثر الحديث عنها، خطأ في أغلب الأحيان، في الأعوام الأخيرة. ويبينان أن القانون الذي أقر فصل الكنائس عن الدولة أرسى خط سير واضحًا، ولكن الأخلاقية العَلمانية اصطدمت على مر السنين بعوائق جديدة، تولدت في الغالب من الخلط بين الخاص والعام، وأولوية الفرد على المواطن. ما جعل أحداثا مجتمعية مستجدة تهدد المبدأ وكأنه يتعارض مع القناعات الذاتية. ويوصيان في الختام باتباع نظام تعايش متحضر، يحترم فيه كل مواطن معتقد الآخر ولو كان اعتقادا فلسفيا أو فنيا، في ظل احترام قوانين الجمهورية.
حرية التعبير في خطر
أنستازيا كولوسيمو التي تدرس الفقه السياسي في معهد العلوم السياسية بباريس أصدرت كتابا بعنوان "محارق الحرية"، انطلقت فيه من عملية شارلي هبدو لتتناول قضية "التجديف" التي كان فولتير يعتبرها حقّا لكل مواطن، وتبين أنه لم يكن مبدأ دينيا بقدر ما كان على الدوام وسيلة سياسية. وتستشهد بأمثلة كثيرة من الكاتب الهندي سلمان رشدي إلى الممثل الفكاهي من أصل كونغولي ديودوني بوالا بوالا، ومن إسلامَباد إلى كوبنهاغن، ومن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان إلى المحكمة العليا في الولايات المتحدة، وكذلك بالكتب الدينية كالقرآن والتوراة والإنجيل لتستخلص في النهاية أن مجالات الحرية تنحسر باطراد في فرنسا، وأن المسؤولين السياسيين يساهمون في ذلك عن وعي وغير وعي.
اليسار الفرنسي والمسألة الدينية
صدر لجان بيرنبوم، المشرف على ملحق الكتب بجريدة لوموند كتاب بعنوان "صمت دينيّ : اليسار أمام الجهادية". من حرب الجزائر الأخيرة إلى هجمة داعش مرورا بالثورة الإيرانية، يحلل الكاتب موقف اليسار الفرنسي الذي عجز عن تبين العلاقة القائمة بين الدين والسياسة في كل تلك الحركات، وظل يرى في الدين عرضة اجتماعية ووهما من رديم الماضي، ولم يحمل العقيدة محمل الجدّ، والحال أن وراءها أصولية سياسية جهادية. وفي رأيه أن اليسار الفرنسي لا يتصور إمكانية هذه القوة التي سيطرت على الغرب طويلا، والتي يسميها فوكو "السياسة الروحية"، ولهذا السبب، يقول المؤلف، عندما يذكر الإرهابيون الله يسارع رئيس فرنسا الاشتراكي بالقول إن ذلك لا علاقة له بالدين.
تحويل الذاكرة الكولونيالية
"الذاكرة الخطرة (بصيغة الجمع) : من الجزائر الكولونيالية إلى فرنسا اليوم" طبعة جديدة لكتاب المؤرخ بنجامان ستورا مع إضافة فصل جديد بعنوان "نقل الذاكرة"، وهو عبارة عن حوار مع الروائي ألكسيس جنّي الفائز بغونكور 2011 عن رواية "الفن الفرنسي للحرب"، يبين فيه أن فرنسا لم تتخلص من ماضيها الكولونيالي، إذ لا يزال حاضرا في المخيال الجمعي، ويستغله حزب الجبهة الوطنية المتطرف قاعدة لإيديولوجيته العنصرية. وقد تجلى ذلك خاصة بعد أحداث العام الماضي أو ما يسميه "صدمة يناير 2015"، حيث عادت الهويات إلى التشنج والتقوقع، ويوصي بخوض معركة ثقافية حاسمة للخروج من عنف الذاكرة والتصدي لرهانات الحاضر، عبر نظرة غير متعصبة للتاريخ.
الهويات القاتلة
"الهويّات : القنبلة الموقوتة" كتاب جديد لعالم الاجتماع جان كلود كوفمان المتخصص في المعيش اليومي وفي آليات الهوية. وهو عبارة عن صيحة فزع لتجنب الانحرافات المليئة بالأخطار. وفي رأيه أن الأزمة التي تتخبط فيها أوروبا ليست مالية واقتصادية فقط، بل تشمل نمطا مجتمعيا بحاله. ففي مرحلة انتقال بالغة الحساسية بين قديم بصدد التحلل وجديد لم تتضح ملامحه، يهدد المجتمعات الفرنسي والأوروبية خطر الانغلاق داخل اليقينيات، وتوجيه إصبع الاتهام إلى الآخر ككبش فداء وسبب أساس في المآسي. هذا الخطر يتبدى في الانكماش الهووي والديني، وفي النزعة القومية العدوانية وفي العنصرية. يمكن فهم هذا التصعيد إذا أدرجناه ضمن الأساليب التاريخية الجديدة في صنع الهوية داخل مجتمعاتنا.
سبل إقصاء الآخر
«فخاخ الهوية الثقافية» كتاب جديد للأنثروبولوجي ومؤرخ الأنثروبولوجيا ريجيس ميران بالتعاون مع عالم الاجتماع فاليري راسبلوس، يبينان فيه كيف صار اليمين المتطرف يستعين بالأنثروبولوجيا في الدفاع عن تصور للثقافة يكون فيه الآخر مقصى. فبعد أن ألغيت لفظة «عرق» من التشريع الفرنسي، انتقلت العرقية من المجال البيولوجي إلى المجال الثقافي. هذا التصور بدأ يتسرب إلى الرقعة السياسية من اليمين «غير المعقد» بتعبير ساركوزي إلى اليسار «الشعبي» لبلورة فكرة وجود تهديد للهوية الفرنسية. ويحلل الباحثان معنى الثقافة والكيفية التي بني بها تاريخيا منطق العنصرية الثقافية في ألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا سواء من جهة تاريخ العلوم الاجتماعية أو الفكر السياسي.
نحو هجرة إلى الجنوب
«سوسيولوجيا الهجرات» كتاب صدر مؤخرا لسيلفي مازيلاّ مديرة المختبر المتوسطي لعلم الاجتماع في جامعة إيكس مرسيليا تؤكد فيه أن طبيعة الهجرة تغيرت على مدى الأربعين عاما الأخيرة وظهرت مفاهيم جديدة في البلدان المضيفة كـ «عتبة التسامح» و»مخاطر الهجرة»، نظرا للخلط الذي حصل في السياسيات الأمنية وحق اللجوء والترنسيت، وفي غياب سياسات أوروبية ودولية واضحة، تساهم القوانين الحمائية الأخيرة في اسكندينافيا وأوروبا الشرقية خاصة، تلك التي ترفض استقبال المهاجرين بإقامة جدران عازلة في خلق فصيلة جديدة من عديمي الجنسية، وتتساءل، في ظل تفاقم الحروب والنزاعات في النصف الجنوبي من القارة، ما إذا كانت الهجرة جنوب-جنوب ستنوب عن الهجرة إلى الشمال.
فرنسا والحرب على الإرهاب
«اتساع مجال الحرب» عنوان كتاب لبيير سيرفان، وهو صحافي سابق في صحيفتي «لوموند» و»لاكروا»، مستشارا في قناة فرنسا 2 بوصفه أيضا عقيدا في جيش الاحتياط. في ظل انتشار النزعة الحربية في العالم، من بلاد الرافدين إلى بلدان الساحل الإفريقي، حيث صارت عائلات بأسرها تلتحق بالجبهة للجهاد، والعصابات المسلحة تؤسس دولة مجرمة في سوريا والعراق وتروج للإرهاب، وروسيا تستولي على جزء من أوكرانيا، وبيكين تقدم بيادقها في بحر الصين، وإيران والسعودية يتصارعان في اليمن، وتركيا تسعى لاستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، يرى سيرفان أن الشعب الفرنسي يجب أن يعدّ العدة لاعتداءات قادمة، لأن بلاده فُرضت عليها حرب ليست بسبب ما تفعل بل لنمط مجتمعها.
الوجه الآخر لعصر الأنوار
«ولادة الإنسان الدون في قلب الأنوار» كتاب مثير للجدل لكزافييه مارتان مؤرخ الأفكار السياسية، يبين فيه الوجه الآخر لفلاسفة الأنوار، فهم في رأيه من نظروا لمبدأ الإنسان الدون، حيث اعتبروا الإنسان آلة من لحم، ولم يخفوا احتقارهم للإثنيات الغريبة، وجعلوا من المرأة جنسا ناقص عقل، لا قيمة لها في ذاتها، ولم يدينوا الاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها، ونظروا إلى الشعب نظرة متعالية ملؤها الازدراء من حمق سكان الأرياف وأهل الصنائع والحرف والمسيحيين الأوائل، حتى أن بعضهم يعتبر الشعب دون النخبة من انتمائه للجنس البشري. وفي الكتاب أمثلة كثيرة عن الفلاسفة العنصريين، الذين مهدوا بأفكارهم تلك إلى الغزوات الكولونيالية واستعباد الآخر. وهو ما كان عبر عنه قبله بيير أندري تاغييف عام 1995 في كتابه «الوجه الآخر لقرن الأنوار».
ابتذال الشرّ
«فَرّقْ تَقتُلْ» عنوان كتاب لعالم الاجتماع الهولندي أبرام دي سفان عن الأنظمة التي تمارس الإبادة وأزلامها. يلاحظ فيه مؤلفه أن الدراسات عن حروب الإبادة ظلت منغلقة في منظومة ضيقة : هل تمثل المجازر ذروة الحداثة والديمقراطية أم هي بالعكس تجلي «انهيار الحضارة» و»العودة إلى الوحشية»؟ هل أن مقترفيها أناس عاديّون أم مضطربو الشخصية والعقل؟ من خلال تحليل نحو عشرين حلقة من حلات الإبادة في القرن العشرين، يحاول المؤلف تجاوز تلك المقاربات ليفهم ظروف الهياج القاتل وكيفية تجليها وكيف يتضح أن أناسا يكونون مهيئين للانخراط في القتل على نطاق واسع. ويخلص إلى أن الذين قتلوا إخوانهم وبني جلدتهم دون شفقة ولا رحمة ودون شعور بذنب أو ندم هم أناس عاديون، وأننا نحن أيضا، إذا ما وجدنا في ظروف مماثلة قد نضطر إلى ارتكاب الجرائم نفسها، وهو ما يعبرّ عنه الكاتب بـ»ابتذال الشرّ».
ريكور والفلسفة السياسية
«الإيديولوجيا والطوباوية» كتاب مهم كان وضعه الفيلسوف بول ريكور بالإنكليزية، وصدر مؤخرا في ترجمة فرنسية قامت بها الفيلسوفة ميريام ريفو دالّون. يميز فيه ريكور بين الإيديولوجيا التي تشرع الواقع، والطوباوية التي تتبدى كبديل نقدي لما هو موجود. وفي رأيه، إذا كانت الإيديولوجيا تحفظ هوية الأفراد والجماعات، فإن الطوباوية تستكشف الممكن وتنحو نحوه. وكلتاهما ترجعان بالنظر إلى السلطة وتشكلان جزءا من هويتنا، ولكن الأولى تتوجه نحو المحافظة فيما، تتوجه الثانية نحو الابتكار. من خلال استقراء أعمال مفكرين كسان سيمون وشارل فورييه وماركس ومانهايم وماكس فيبر وألتوسير وهابرماس وكليوفورد غيرتز، يسلط ريكور الضوء على هذا الثنائي المفهومي الكلاسيكي لبناء عمل فلسفي سياسي صميم.