حين تسلقتني الأمواج وكنت غريقا
في ذلك العالم الغائم
1
قبل أن يجر النهار ضحكته من بين الأعشاب
كان هناك مَن ينادي النجوم “يا أخواتي”
ستكون آخر الليالي من خشب يبتل نعاسه بالصمغ
سيطردنا الحنين من جزره قطرات ندى تتشبه بالدموع.
2
الدخان وحده يعرف كيف يتأخر من غير أن يعتذر
بكاؤه لا يُخطئ طريقه فيما الفتيات الحلوات يبلعن لعابهن
تلك مسافة، صمتها يجرح
تلك وردة تركض وراء عطرها.
3
الماضي ليس قبعة ننزعها حين نجلس
حين تفتح النافذة لن ترى شبحا يشبهك يذرع الحقول
من غير قبعة تمضي إلى موتك
وحيدا تضحك من أجل أن تبدو كما أنت.
4
احرص على ألاّ تسقط الكأس من يدك أيها الملاك
تلك المرأة تتشبه بك حين ترغب في أن تكون ملاكا
في أسوأ الأحوال هي مرآتك
فلا تخلع قناعك من أجلها.
5
قيل إن الخطأ يكمن في الأصابع
أما الأشجار فلم تنقص منها شجرة واحدة
كنت أنظر إلى وطني من وراء النافذة
كنت أحصي أشجاره الميتة.
إلى أمي
لو أني كنت أمامك وأنت تموتين
تلك ليست أمنية بل سؤال
الفكرة أن الموت سبقني إليك
ولم أكن عداء ماهرا.
6
خمسون في المئة من النساء جميلات
أما الخمسون الأخريات فإنهن الأجمل
لقد فشلت النظرية ونجح الواقع
ما من امرأة إلا وجرّت وراءها رجلا مثل كلب.
7
نحن المنسيون
في ذلك الجزء الغائم من العالم الذي يشبه مقهى
لن نرى وجوهنا التي محيت في المرآة
هناك فقرة ناقصة في تاريخ العالم.
8
اسكبي الشاي قبل أن يبرد
ما أشد حماقتنا ونحن نحلّق في البخار
كانت أقدامنا ثقيلة كالحجارة
فيما تطبق أجنحتنا على الغيوم.
9
أيها السائل ليتك كنت أبي
عاطفتي ترقد مثل حجر بين يديك
حين تسلقتني الأمواج كنت غريقا
ولم تكن أبوابي موصدة.
10
ترك الماضي سمكته على منضدتي
صرت أضحك لأنه هرب من المطعم
كانت السمكة تضحك هي الأخرى
ما علينا سوى أن نلحق به إلى البحر.
قصائد لصبوات الدخان
1
إذا كنتُ قد رأيتك في غيمة فلأن أصابعي كانت بيضاء
هناك كواكب كثيرة تجري لاهثة مثل الرسائل بيننا.
2
احتفظ بوردتك في قلبي سرا لجنون ينبت عشبه على يديك.
3
أنتحل ثمرة لأكون شجرتها
أنتحل طائرا ليحيطني بفضائه
أنتحل قصيدة علني أتنفس هواءها
أنتحل نظرة تقودني إلى الينابيع، هناك أسرتي.
4
لي ذلك النهار الذي يسحبه معطفي خطأ على الثلج
لقد صحوت بعد أن دق جرسه.
5
أنتظر على الشرفة منذ سنوات
ضحكتي تقفز من عشبة إلى أخرى
يتبعها الطفل الذي رأيته برفقة أبي.
6
بين أوتار الكمنجة ترك الموسيقي أصابع يده ونام
كانت أحلامه تنزف فيما الجارات يرقصن.
7
لا هواء لزهرة نمت بين العظام
يقلب الربيع قواربه وأشجاره تتنفس برخاء
في فردوس ما
يطير الموتى من غير أجنحة.
8
ذلك الطريق الذي تهذي حجارته
يغطيه الفجر بريشه
وتضم ظلاله الماكرة نساء يتشبهن بالعصافير
كل لهاث المسافر يضيع في الزقزقة
9
كنت أبحث مثل نحلة عن زهرة حين التقيتك
لم تكن الأرض أمامي مستوية وكان العشب يغازل قدميك.
10
على كتف ذلك النهار الشاحب نمت عشبتي
قبل ليلتين من حقلك شحبت خضرتها
فيما الدفء كله يحيط بقدميك كانت عشبتي ترتجف
مثل فراشة
“كنتُ هناك” ألتفت إلى صف من الأشجار، مكتظ بالليل
لقد أخفى عصفوري ضحكته بين شجرتين
على الأقل يد منّي ستصل لتومئ للناجين قبل أن يرحلوا
ربما ستكون للملائكة فرصة التلويح بيدي الأخرى من بعيد
لن يقوى أحد على القيام بدوري
أنا صغير في حفلة انزلقت أجراسها إلى حنجرة ديك هارب
لقد وضعت حصاة على راحة كفي قبل أن أغلقها
كانت بلادي تقيم في رئتي منعمة بهوائي
في اللحظة التي يلتفت فيها الموتى ولا يرون شيئا
تكون الحياة قد ذابت مثل قطعة ثلج
من عشبة إلى أخرى
تحمل قدمي موتها وتنوح على السياج مثل فراشة
كما لو أنه ينافسني في الوصول إليك
ظلي يسبقني إلى شفتيك
على كتفك العاري تترك الفراشة قبلتي
يبتسم الموت إذ يراني أضحك ببلاهة
لديك أسلحتك أيها اليأس لتبدو منتصرا
غير أن نافذتي لا تزال مفتوحة
الشيطان يكذب.
ولكن الأمل يكذب أيضا.