حَجَرٌ أسود
في اكتمال سوادها
تتوقّف عقارب الساعة على الصّفر
قبل أن تسيل نهراً من زمرّد
تحبس الكائنات أنفاسها شاخصةً إلى السماء السوداء
ينفخ الكونُ في صوْره لمعةَ السّحر
تنفتح أبوابُ السماء مشعةً بضراوة الألماس
وتخرجُ المشْرقةُ من قلب الصَّدَفة/
تلك هي ليلة قدْرها حيث يعمّ الكونَ السلامُ إلى مطلع الفجر
وللكائنات أن تفعل بعدها ما يكون…
تخرجُ المشرقة من الصدفة
تخرج عاريةً من الاسم لأنّها الأسماءُ كلّها من الصَّدَفة
تخرج مرتديةً جبالها وسهولها
بحارَها وبراريها
غاباتِها وصحاريها
تخرج كما لم ترَ عينٌ ولا أذنٌ سمعتْ
تُبارك بابتسامة إصبعيها المسدليْن أحلام مخلوقاتها وخالقيها
متوقّفةً قليلاً على ابتسامة بوتشيلي
كما لو هي تشكره على صَدَفته
تضجّ الكائنات بالحياة
تخرجُ سيّدة الكائنات
محاطةً بوصيفاتها الأثيرات من كل حقلٍ
على سندس الهواء
محاطةً بهنّ وهنّ يحاولنَ إكمالَها بالقِطَع التي تيسّرت لهنّ من فتنتها
الدولفينات اللواتي يبارين الأمواج بانسيابهنّ
الفهداتُ اللواتي تبرق عيونهنّ بخفض رؤوسهنّ
ومدّ أعناقهنّ المرقّطة للانقضاض
الغزالاتُ اللواتي يطْلِقن أخيلةَ الشعراء بتقافزهنّ
الأفراس اللواتي يفتنّ الفرسان بخبّ صهيل أقدامهنّ
والكائناتُ الفاتنات اللواتي يكملن موزاييك نُشور الأنوثةِ
بأجسادهنّ وألوانهنّ وأصواتهنّ وفواح شذى عطورهنّ
تخرجُ محاطةً بفراشاتها وتويجات أزهارها اللواتي ينشرن أجنحتهنّ
ناظرات إلى الشعراء
بدوّامةِ ثقب أسود يدور بما لا يردّ من إغواء
تخرجُ بابتسامة إصبعيها ناظرةً بعين الشكر إلى دوْقلة المنبجي
على تقديره الفاتنِ للفاتنِ الذي فاقَ آفاقَ جميعِ من تخيّلوا زهرتها
جميعِ من ضاعوا في أخاديد ألوان زهرتها
جميع من مسَّهُم لمس ندى زهرتها
جميع من أعطشهمْ رحيقُ زهرتها كلما رواهم
وجميع من غيّبهم عطر زهرتها المختالة باسم مُذكَّر
بيده ملكوت الذاكرة والنسيان…
تخرجُ محاطةً بفيض رموز أنوثتها
ناظرةً بعين الضحك إلى هنري ميلر
على تخيّله الضاحكِ للضاحكِ الذي تنحني لجبروت فتنته رماح الفرسان
مشيرةً له أن لا بأس من استخدامه أسماءَه الشعبيةَ الحُسنى
ناصحةً له أن يفتح ربيعه الأسود لزقزقات ما فات من اكتشافات تجلّياته في الإنترنت
حيث تنشرُ الأنوثة عطرَها الكونيّ الصافعَ لأنوف الذكور
بالعاشق المعشوق القاهر المقهور الغامر المغمور بفيض القبل
العابد المعبود كما حجرٍ أسود أسبغه الفضاء على البشر
لينشر في أريج قداسته أسرارَ النشور…
في اكتمال ليلة قدْر سيّدة الأقدار
في تمام ليلِ العشرينَ من آذار
تخرج العابدة المعبودة بابتسامة إصبعيها
مشيرةً بعينِ الحبّ إلى ابنها وحبيبها وقاهرها
الأحمقِ الذي أدرك أنه الابن الحبيب الذي لم يقهرْ سوى خُيَلائه
تنظرُ إليه مختالةً راضيةً عنه وهو يدور بفلكها كما درويشٍ
رافعاً يديه حاضناً سماها
هائماً مسحوراً متمتماً
روحَ قصيدةٍ لا يعرف منتهاها.
21 آذار 2021