شامندة
هَلْ لِرَاحَةِ كَفِّي أَنْ تَكُونَ وَاحَةً لِرُوحٍ تَقْطُر بِحِلْمٍ أَخِيرْ،
وهَلْ لِي أَنْ أَكُونَ سَفِينَتَكِ إلى مَدَاراتِ النُّجُومْ؟
***
هَلْ لِوَهْمِ تِلْكَ الشَّامةِ أنْ يُدَاعِبَ عُرُوقَ الذَّهبْ
وهَلْ لأَصَابعِ البَرْقِ أنْ تُلْهِبَ جُمُودَ الماءْ؟
***
لبَريقِ الصَّوتِ أنْ يَحْمِلَنِي إلى حَدَائِقِ أَفْرودَيتْ،
إلى حمَّامِهَا السَّخِيِّ،
إلى رغْوِةِ الصَّابُون،
إلى رَنِينِ عِطْرٍ مُعَطَّر بِحُنُوٍ حَارقٍ ورَفِيفِ أَهْدَابْ.
***
لِمِشْيَةِ البَلْقَاءِ أَنْ تُلْهِبَ رِيقَ اللَّاهثينَ عِنْدَ مَدَاخلِ الأَقْبِيةْ،
ولخَطْوِهَا اللاَّهبِ أنْ يُجَاورَ خَطْويَ الرَّاحلَ فِي مَدَارَاتِ الْقِبَابْ
تِلْكَ عَلاَمةٌ تَقْتَرِبُ وَتَنْأى،
تُوْمِضُ وتَنْطَفِئْ،
وَعَلَى حَافَّةِ الْبَهْوِ تَهْوي زَنَاِبقُ النَّارِ شَرَارَاتِ رَحِيْق؛
وَشَذَى الرَّغْبَةِ يَتَضَوَّعُ،
مُنْسَكِبَاً،
مِثْلَ ريقٍ سَاخِنْ.
***
الأَعْمِدَةُ المُنْتَصِبَةُ، والتَّمَاثِيلُ، والكُتُبُ، ولَوحَاتُ العَرضِ، ومِنَصَّاتُ الخِطَابةِ، ومَقَاعِدُ السَّامِعِينَ، والصِّورُ، والمَنَاضِدُ المُهْمَلَةُ، وبَقَايا الكُؤوسِ، وثُمَالاتُ الكَلامِ، وشُرُودُ راحَاتِ الأَكُفِّ، وآثَارُ المُلامَسَةِ، وحِكَاياتُ الأَمْسِ، وَبِدَاياتُ الْبَوحِ، والْمَسلاَّتُ الحَالِمةُ، والشَّوارعُ الْمُقَنَّعةُ بِأَقْدَامِ العَابِرينَ، والْفَنَادقُ المُتَطَاوِلَةُ، والْمَنَارَاتُ النَّاهِدةُ، وَتَنَانِيرُ الصَّبَايا، وَالْأَجِنَّةُ الْمُنْتَظِرةُ وَعْدَ التَّسْمِيَةِ في رَحْمِ أَشِيرَاي، وَشَظَايا اْلِإلهِ الْغَافِي فِي صَنَوبَرَةِ صُور، وَخُيُوطُ ذَاكَ الشَّالِ الفَرْعُونيِّ المَنْذُورِ، مُنْذُ أَولِ غُرْزةٍ، لِكَنْعَانيٍّ مُتْعَبٍ مَمْلُوءٍ بِالافْتِتَانِ الْأَنِيقِ، جَمِيعُهَا، إِلَّاَ وَاحِدَةً، تَتَراكَضُ لَاهِثَةً وَتَتَلاقَى فِي خُيُوطِ عَبَاءَةٍ مَنْسُوجَةٍ مِنْ رَحِيقِ النُّصُوصِ، وحَرِيرِ الوُعُودِ، ورَحِيلِ الوقتِ؛ فَتَتَطَايرُ أَوْرَاقٌ صَغِيرةٌ تَحْمِلُ أَرْقَامَ هَواتِفَ، وَجَوَّالاتٍ، وَأَسْمَاءَ أَرْوَاحٍ مُهْمَلةٍ تَنْشُدُ المُرُورَ.
***
أَيَادٍ، وَأَرْقَامٌ، وَأَورَاقُ رَنْدٍ صَغِيرةٍ، وَظِلالُ أَسْمَاءٍ، وَأيَّامٌ، وَشَالْ.
***
وَحْدَي وَلَا أَحَدٌ سِوَاكِ!
لَمْ نَكُنْ نَمْلِكُ إِلَّاَ سِرَاجَ جَسَدٍ؛
إِلَّاَ شَهْوةَ رُوُح؛
إِلَّاَ آرْتِعَاشَ حِكَايةٍ تَبْدَأُ وَشَوقَ خُطْوةٍ تَلْهَجُ بِسُؤَالٍ أَخِيرْ.
***
شَامِنْدَةُ
أيَّتُهَا النَّاريَةُ الْمُنْقَطِعَةُ النَّظِيرْ؛
أيَّتُهَا الْأُنْثَى الْمُضَاعَفَةْ؛
أَيَّتُهَا اْلأَثِيلَةُ الْمُتَوَّجَةُ بِالسَّوسِنِ وَأَرِيجِ الشَّهَواتْ،
أَكْثِري الْمَرَايَا؛
أَكْثِريِهَا،
وَخُذِي قَبْضَةً مِنْ تُرابِي؛
خُذِي شَعْرَةً مِنْ رَمَادِ أَسْوَدِي؛
خُذِي قَطْرةً مِنْ خُلاَصةِ مَائِي،
وَآفْتَحِي شَهْوةَ الْخَلْق عَلَى عُشْبَةِ الْأَزْرَقِ الْعَمِيقْ.
***
يَا لَلُجَّة بَلْقِيسْ
يا لَلْمَرَايَا الْلُؤْلُؤِيَّةِ الْمُزَنَّرةِ بِرَنِينِ الْوُعُودْ،
تَمَهَّلي؛
لَا تَخْلَعِي عَنْكِ رِيشَ الفَراشَةِ حَتَّى أُكْمِلَ الْبَوحْ،
تَمَهَّلي؛
لَا تُرَاوِدِي جَبِينِيَ الْمُتَوثِّبِ حَتَّى أُحْسِنَ التَّأَهُّبَ لِلَحظَةِ المُنَادَاة،
تَمَهَّلي؛
لَا تَنْزَعِي عَنْكِ أَقْراطَ الْكَلام؛
وَلَا تَحُلِّي الضَّفَائِرَ؛
وَلا تَمُدِي يَدَكَ اللَّاهِبَةَ صَوبَ ضَوءِ الْحَافَّةِ قَبْلَ أَنْ تُكْمِلِي حِكَايةً تَتَوَالدْ.
***
- هَلْ لَكِ فِي قَدَحٍ مِنْ عُصَارةِ الزَّنْبَقِ وَزَهْرِ الدَّيجُورْ؟
- هَلْ لَكَ فِي فَضِّ فَصِيلَةٍ مِنَ الْجِنِّ وَفِي امْتِطَاءِ صَهْوَةِ صَهِيلٍ خَاشِعْ؟
- هَلْ لِدَمِ الْعَذْرَاءِ أَنْ يَدْفُقَ سَخِيَّاً سَاخِنَاً مِنْ عُرُوقِ العَذَارَى الْكَامِنَاتِ عَلَى حَافَّةِ كُلِّ مَسْعَى؟
- هَلْ لَكَ أَنْ تُواصِلَ الرَّحِيلَ فِي «نَواعِيرِ الذَّاكِرةِ» سَاعِياً وَرَاءَ تَسْمِيَةِ مَجْنُونةٍ شَارِدَةٍ، أَو رِوايَةٍ بَتُولٍ، لَمْ يُسَمِّهَا أَحَدٌ بَعْدُ؟
- هَلْ لَكِ أَنْ تَعْصُري الْعَنَاقِيدَ الْآتِيَةَ لِتَوِّهَا مِنْ كُرُومِ الْمَسِيحِ، وَأَنْ تُرَاقِصِي عَفَارِيتَ مُتْعَةٍ تَمُورُ، لَذِيذَةً، فِي نَبِيذِي؟
- هَلْ لِلْمُتَسَمِّرينَ عَلَى حَافَّةِ الْمَصَاعِدِ أَنْ يُفْسِحُوا الطَّريقَ أَمَامَ خُطُواتٍ تُفْضِي إِلَى بَهْوٍ قَدِيمٍ يُفْضِي إِلَى حَلَبَةٍ عَالِيَةْ؟
***
آهٍ؛
ثُمَّ آهٍ؛
ثُمَّ آهٍ؛
ثُمَّ آهْ:
أَيَّتُهَا النَّمِرَةُ الْمُبَرَّأَةُ،
أَيَّتُهَا الْمَجْدَلِيَّةُ الطَّالِعَةُ مِنْ إِنْجِيلِ التَّنَهُّدِ،
لَا بَيتَ لَكِ مِنْ زُجَاجٍ
وَالْخُطَاةُ الْمُسْتَنْفِدُوَنَ الْحِجَارةَ لَا يَمْلِكُونَ الْحَصَى.
***
شَامِنْدَةُ
أَهِيَ لَحْظَةُ الْمُبَادَأَةُ أَمْ هُوَ وَقْتٌ لِلْبَوحْ؟
لَا عَلَيكِ،
لَا عَلَيكِ،
لَا عَلَيكْ،
لَاَ تُجيبي، لَاَ عَلَيكْ؛
الأَشْرِعَةُ مُشْرَعَةٌ وَالقَوَارِيرُ مَخْتُومةٌ بِدَمِ القَرَابِينْ
فَآشْرَعِي فِي فَضِّ زَرَّاتِ الْهَواءِ،
وَآفْرِدِي شَاَلَكِ لِاشْتِهَاءَاتِ الْهَوَى.
***
الشَّالُ المُتَوَارثُ مُنْذُ حَوَّاءَ، وعَنْهَا، يَقْبَعُ الآنَ في خَزَائنِ الفَرْعُونِيَّةِ المُتَأهِّبَةِ «إِيْزِيسْ»، بَيْنَمَا «أُوزُورِيسُ» نَظِيرُ «أيلٍ» الْكَنْعَانيِّ قَابعٌ فِي رَحْمِ «صَنَوبَرةِ صُور» مُنْتَظِرَاً رَنِينَ أَجْرَاسِ الْمِيلادِ ليُلَبْيَ نِدَاءَ «إِلِيسَارَ» الْفِنِيقِيَّةِ سَلِيلَةِ الْكَنْعَانِيَّةِ «آنَاتٍ»، وَنظِيرةِ «أَفْرُودَيتِ» الْإِغْرِيقِيَّةِ عَاشِقُةِ الْفِنِيِقيِّ الْمُتَأَغْرِقِ «أَدونيسَ» نَظِيرَ الْكَنْعَانِيِّ «بَعْلُ بن أَيل» والسُّومَريِّ البَابِلِيّ «تَمْوز»، وَذَلِكَ كَي يَتَمَكَّنَ مِنْ إِعَادَةِ تَرتِيبِ أَعْضَائِهِ وَخَلايَاهُ لِيَعُودَ، مُلْتَحِمَاً بِهُوِيَّتهِ المُتَجَدِّدَةِ، إِلَى إيْزِيسِهِ الْغَالِيَةِ: شَامِنْدَة.
***
الشَّالُ الْمُتَوَارَثُ مُنْذُ حَوَّاءَ،
وَعَنْهَا،
يَسْكُنُ الْآنَ
خَزَائِنَ الْمَعْبَدِ
مَسْكُونَاً بِأَسْرَارْ
الشَّالُ الْخَارِجُ لِلتَّوِّ مِنْ خَزَائِنِ الْمَعْبَدِ،
يُلَوِّحُ لِحَالِمةٍ تُسَامِرُ أَحْلَامَ اللَّيلِ،
وَتُعَلِّقُ عَلَى شُرْفَةِ «بِيرَامِيزا» الْعَالِيَةِ
أَحْلَامَ الْمَفْتُونِينَ بِأَحْلَامِهَا.
الشَّالُ الحَامِلُ أَحْلَامَ المفتونينَ بِأَحْلَامِ الحَالِمَةِ،
فَرَسٌ مُجَنَّحٌ يَعْلُو،
ثُمَّ يَعْلُو،
ليَضْفُرَ نُجُومَ السَّمَاءِ قِلَادةً
تَلِيقُ
بِغَزَالَةٍ
مِنْ
نَدَى.
الشَّالُ يَهْبِطُ عَلى جَنَاحِ غَيمَةٍ
مُتَوَسِّلاً
سَاعِدَ شَامِنْدة.
الشَّالُ عَلَى سَاعِدِ شَامِنْدة،
فَرَسٌ مَحْمُولةٌ عَلَى صَهِيِلِ بَحْرٍ
يَشْهَقُ
مُسْتَصِرِخَاً
أَحْصِنةَ النَّارِ،
وأَحْصِنَةَ التُّرابْ.
الشَّالُ يَصْعَدُ مَحْمُوَلاً عَلَى رَنِينِ الشَّهَقَاتِ
لِيُلْقي حُمُولَتَهُ المُعَطَّرَةَ
على شَراشِفَ بَيضَاءَ
تُضِيئُهَا
قَطَراتٌ
مِنْ نَبِيذٍ
وَنَدَى.
و»عِنْدَ آخِرِ مَدَى مِنَ الصُّبْحِ الْوَلِيدْ»،
كَانَ الشَّالُ،
شَارَةَ رُوحَينِ،
تَوَحَّدَتَا،
مُرَفْرِفَتينِ،
فِي جَسَدٍ،
وَحَّدَهُ الْعُرْيُّ.
وَكَانَ الشَّالُ جَسَدَينِ
تَسْكُنُهُمَا
رُوْحٌ
وَاحِدَةٌ
تَرْنُو إِلَى وِسَادَةٍ صَغِيرةٍ
تَنَامُ فِي هَدْأَةِ سَرِيرٍ
يَتَأَهَّبُ
لِرَحِيلٍ بَعِيدْ.
***
أَحْمِلُكِ فِيَّ صَاعِدَاً قِمَّةَ التَّلامُسِ،
شَامَةً مُجَلَّلةً،
بِظُهُور يُخْفِي،
وخَفَاءٍ يُظْهِرْ.
وَالشَّالُ فِي ذَاكِرَةِ شَرَاشِفِي،
الْمُبَلَّلةِ بِالنَّصَاعَةِ،
مَهَاةٌ بُرْتَقَالِيَّةٌ تَنُوسُ بَينَ كَتِفٍّ،
وَعَينْ.
وَالْمَهَاةُ الرَّاحِلةُ فِيَّ،
لا تَنِي تَعْبُرُ طُرُقاً مُسْتَقْوِسَةً،
مُتَعَدِّدةَ الْأَعْمَاقِ،
وَالْأَلْوَانِ،
وَالْأَمْزِجَةْ.
وَالرَّاحِلَةُ فِيَّ مُسْتَودِقَةً شَرَارَ النَّارِ؛
وَأحْصِنَةَ التَّرابِ؛
وَأَشْرِعَةَ النَّدَى؛
لَا تُرَاوِدُ الرَّاحِلِينَ خَلْفَ عَبِيرِ خُطُوَاِتَها بِلا قُمْصَانْ.
وَالْمُسْتَودِقَةُ شَرَارَ النَّارِ وَأَحْصِنَةَ التُّرَابِ؛
الْمُبَرَّأةُ عَنْ مُرَاوَدِةِ الرَّاحِلِينَ،
وَدِيقٌ ونَوَارٌ؛
شَمُوسٌ لَا تَسْتَعْجِلُ الْمَاءَ؛
وَلَا يَرُوقُها خُمُودُ الْجَذْوَةِ؛
وَلَا تَعْقِدُ رَحْمَهَا عَلَى مَاءٍ غَريبٍ؛
وَلَيسَ لِوِرْدِهَا إِلَّا سَاكِبُ الْمَاءِ؛
وَوُرْدَةُ سَرِيرِ الْحَبِيبْ.
وَالْمُسْتَودِقةُ أَشْرِعَةَ النَّدَى؛
الفَاتِحَةُ فَنَاجِينَ الشَّهْوةِ،
وَالْقَارِئَةُ أَحْوَالَ كَوَاكِبِ الْمَنَازلِ وَالْبُرُوجْ،
لَا تَنُوُسُ بَينَ ظِلَّينِ؛
وَلَا يُلْفِتُهَا تَهَافُتُ هَاوِينَ؛
ولا تَسْتَقْطِرُ غِوَايةَ فِتْنَةٍ هَارِبةْ.
***
نَاشَدْتُ شَامِنْدَة أنْ أُوبِي إليَّ،
وعُودِي إليكِ،
وكُوني أناكِ،
تَكُونِي أَنَاي.
***
ابْتَهَلْتُ واسْتَسْقَيتُ وَسُقْتُ الْقَرَابينَ، وَأَرْسَلْتُ نَفْسِيَ خَلْفَ شَامِنْدَةَ عَلَى بُرَاقِ حَنِينٍ ذَا صَهْوَةِ وقَطَاةٍ، وَحِينَ حَلَّتْ الشَّمْسُ فِي رَأْسِيَ، حَلُّتْ «إِلَاهةُ» فِي القَطَاةِ تَضُمُّنِي وَتَسْتَحِثُّ صَهْوةَ خُطَاي، وَتُهْطِلُ عَلَى أَرْضِيَ لَأَلِئَ ذِكْرَى، وَحِنْطَةَ كَلامٍ:
شَامِنْدةُ الْمُجَنَّحةُ،
الْرَّاحِلَةُ فِي الرَّبَابِ،
لَا تُسْكِرُهَا مُلُوحَةُ جَسَدٍ،
وَلَا تَحْمِي خُطُواتِهَا البَلْقِيسِيَّةَ ظِلَالُ أَعْشَابْ.
شَامِنْدَةُ الْقَابِضَةُ أَنَامِلُهَا عَلَى الزَّبَرْجَدةِ الْخَضْرَاءِ،
لَا تَبْحَثُ عَنْ سَيفٍ يَذْبَحُهَا،
لِتَحْيَا.
لوحة: إسماعيل قلين
شَامِنْدَةُ الْرَّاجِفَةُ؛
الْمَذْهُولَةُ الْجَسَدِ،
لَا تُحِبُّ الازْدِوَاجَ،
وَلا تَلْهَثُ وَرَاءَ وَرْدَةٍ مِنْ ذَهَبٍ
«تَلْتَمِعُ»
عَلَى جَسَدٍ
لَا يُضِيئُ.
شَامِنْدَةُ الْمُحَلِّقةُ في غَمَامَةٍ مَفْتُوحَةِ الشُّرُفَاتِ،
لَا تُلَمْلِمُ شَظَايَا السَّرَادِيبِ؛
وَلَا تَتَمَاهَى بِتِمْثَالٍ أَصَمٍّ؛
وَلَا تَقْصُرُ جَوهَرَهَا عَلَى بَقَايَا
أَيْقُونَةٍ جَامِدَةٍ،
أَوْ قِنَاعٍ نَقِيضْ.
شَامِنْدَةُ الطَّالِعَةُ مِنْ زَنَابِقِ الْحَيَاةِ،
لا تُمَاهِي نَفْسَهَا بِغَيرِ صَاحِبِ شَالِهَا الفَرْعُونيِّ،
الْمَحْمُولِ عَلَى قَصِيدَتِها،
مُزَنَّراً،
بِطَعامِ الآلِهَةِ؛
وَالدُّرِ،
وَأَهَازِيجِ التَّمَاهِي.
***
حِينَ تَسْكُنُ شَامِنْدَةُ مِرْآةَ حَبِيبِهَا وَتَحُلُّ فِيهِ مَأْخُوذَةً بِصَوتٍ يَسْكُنُ صَوْتَهَا، وتُؤْخَذُ بِهِ، لَا يَصِيرُ السَّوَادُ جُزْءاً مِنَ الْمَدِينةِ، وَالأَشْجَارُ لَا تُصْبِحُ غَيرَ آمِنَةٍ، وَالنِّسَاءُ لَا يَفْقِدنَ الْآمَانِ.
***
وَحِينَ يَحُلُّ فِي الْمَدِينَة حِصَانٌ مُجَنَّحٌ أو بُرَاقٌ ذُو صَهْوةِ فَارِسٍ وَقَطَاةِ رَدْفٍ، لَا تَتَصَدَّعُ مَرَايَا، وَلَا تَنْتَحِرُ أَحْزَانٌ عَلَى شِفَاهٍ، وَلَا تَحْفُرُ أَصْوَاتٌ سَرَادِيبَ مُعْتِمةً فِي دَيَامِيسِ رُوُحٍ تَنْشُدُ رُوُحَهَا.
***
شَامِنْدَةُ الْمَحْمُولةُ عَلَى رَاحَةِ كَفِّي،
تُقَطِّر أَحْلاَمَها فِي خَلايَايَ؛
فَتَمْلَأُنِي بِي؛
وَتَشْرَبُ نَبِيذِي.
***
شَامِنْدَةُ الرِّائِيَةُ شَامَةَ الْقَلْبِ رُمَّانَاً وَرَنْدَاً يَحْرُسَانِ شَامَتِي، لا تَنِي تُلَاحِقُ نَوَارِسَ الْبَيَاضِ تَحْرُسُ خَمِيلَةً مُثَلَّثةً ذَاتَ فُرْجَةٍ تَرْبُضُ عِنْدَ قَوسِ الْجَمْراتِ مُنْتَظِرَةً قُدُومَ رُمْحِي.
***
شَامِنْدَةُ الَّتي ربَّتَ السَّيدُ الأَعْلَى عَلَى سَاعِدَيها بِرِقِّةِ نَبِيٍّ، تَرْحَلُ فِي الْبَعِيدِ كَي تَدْنُوَ؛ وَبِبُطْءٍ مُتَعَجِّلٍ، تُعَرِّي عُرْيَها، وَتَخْتَبئُ، مُورِقَةً، فِي غُصُونِي.
***
شَامِنْدَةُ الَّتي دَخَلَتْ رِحَابِي سَحَابةً حَسَنِيَّةً مِنْ تَوَقٍ لَاهِبٍ، أَشْعَلَتْ سَاعِدَيَّ وَسَمَّرَتْنِي وَأَوقَفَتْ قَلْبِيَ فِي مَقَامِ الْوَلَهِ وَأَوْمَأَتْ إِليَّ أَنْ أَدِّي فُرُوضَ الْعِشْقْ.
***
عَرَّتْ شَامِنْدَةُ عُرْيَهَا الْخُلاَسِيَّ الْغَامِضَ، وَعَلَّقَتْ شَالَهَا عَلَى بُرُوجِ الرَّغْبَةِ، وَعَلَى عَنَاقِيدِ الْكَرْمِ مَشَتْ عَنَاقِيدُ خُطُواتِهَا نُجُومَاً أَلْمَاسِيَّةً تَعْصُر الْغَيمَ غِوَايَةً وَرَنِينَ شَوقٍ يَشُقُّ أَجْنِحَةَ الْفَرَاشَاتِ وَيُرْسِلُ الْأحْلامَ أَشْرِعَةً مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَعَقِيقٍ، وبَنَفْسَجٍ حَزِين.
***
شَامِنْدَةُ»:
أَيَّتُهَا الفَرَسُ البَنَفْسَجِيَّةُ المَسْكُونةُ عُيُونُهَا بِحُزنٍ بَهِيجٍ يُهَيِّجُ شَوقَ شِفاهٍ يُعْطِشُهَا الشَّوقُ إِلَى يُنْبُوعِ الْحَلَمَاتْ؛ إسْقِنِي لُبَاءَ حَلِيبَكِ وآشْرَبي لُبَّ طُفُولَتِي وَحَنِينِي.
***
شَامِنْدَةُ:
أَيَّتُهَا السَّحَابةُ الشَّاهِقَةُ الْمُسَافِرَةُ فِي سَمَاواتِ الرَّوَابِيَ؛ آسْتَدْرِجِي غَنْغَنَةَ طُفُولَةٍ لَا تَغِيبُ، وَآسْتَجِيبِي لِعَطَشِ مُهْجَةٍ تَأْمُرُ وَلَا تَأْتَمِرُ فَلَا تُنْهِي وَلَا تَنْتَهِي.
***
شَامِنْدَةُ:
أَيَّتُهَا الشُّعَاعَةُ السَّمَنْدَلِيَّةُ المَقْبُوسَةُ مِنْ شُعْلَةِ الْخَالِدِينَ؛ سَدِّدِي سُنْبُكَ شَرَارَاتِك صَوْبَ غُرَّةِ سَاكِبِ الْمَاءِ، وآكْسِرِي سَوْرَةَ الْبَرْدِ، وَصَيِّري يَنَابِيعَ اللُّذَّةِ مَجَامرَ بُرُوجَ تُشْعِلُ الْجَمْرَ فِي كِنَانِةِ رُمْحِي.
***
شَامِنْدَةُ:
أيَّتُهَا الْأَلْمَاسَةُ الشَّفِيفَةُ الْمَمْسُودَةُ الْقَدِّ؛ مُسِّي شِفَاهَ الْعَاشِقِ، خَفِيفَاً، وَآنْشُرِي شُعَاعَاتِكِ القُزَحِيَّةِ رُضَابَاً فِي فَمِ الإِلْفِ، وَتَنَسَّمِي رَحِيقَ الْحَنينِ أَنْفَاسَ كَوُاكِبَ تَاِئهةٍ فَارَقَتْ مَنَازِلَهَا وَعَنْ بُرُوجِهَا نَأَتْ فَأَنْأَتْ.
***
شَامِنْدَةُ:
أَيَّتُهَا الشَّمْسُ الْإِلَاهَةُ الضِّحُ الْجَوْنَةُ الْبَيضَاءُ الْغَزَالةُ الْجَارِيَةُ السِّرَاجُ الشَّرقُ، البَرَاحُ والبَوُحُ؛ شَعْشِعِي ضَوْءَكِ فِي سَمَائِي، وَسَيِّري فِي عُرُوقي صَهِيلَ مُهْرَةٍ شَامِنْدِيَّةَ الْقَدِّ وَالقَوَامْ.
***
شَامِنْدَةُ:
أَيَّتُهَا الْأُنْثَى الْفَوْضَوِيَّةُ الرَّشِيْقةُ الْمُعَطَّرةُ بِأَريجِ قَصِيدَةٍ مُسْتَحِيلَةٍ؛ إضْفِري الثَّمَانِيَّةَ وَالْعِشْرِينَ كَوكِبَاً وَالتِّسعَ كَواكِبَ فِي شَمْسَةِ قِلاَدَةٍ بُرتُقَاليةٍ تَزْهُو عَلَى تَرائِبِ جُرْمٍ صَغِيرٍ تَوَحَّدَ فَطَوَى فِي أَعْمَاقِهِ رَحَابَةَ كَونٍ رَأْسُهُ وَيَدَاه صَوْبَ مَشْرِقٍ ومَغْربٍ وشَمَالٍ وَظَهْرُه إِلَى شَمَالٍ وَمَغْرِبٍ وَجَنُوبْ.
***
آهٍ ... ثُمَّ آهٍ... ثُمَّ آهٍ .. وَهَيتَ لَكِ ..
أَيَّتُهَا السَّمَكَةُ النَّارِيَّةُ؛
الْمُذَنَّبَةُ؛
الْحَاضِنَةُ،
فِي إِهَابٍ،
سَبْعَاً وَثَلاثِينَ كَوْكَباً، وبُرْجَين.
***
شَامِنْدَةُ:
أيَّتُهَا الْفَرَسُ الْفَرَاشَةُ؛
السِّرَاجُ الشَّرْقُ؛
الْألَمْاسَةُ الشَّمْسُ؛
الْغَزَالَةُ الْجَارِيَةُ الْبَرَاحُ.
***
شَامِنْدَةُ:
أيَّتُهَا السَّمَكَةُ؛
الْخُلاَسِيَّةُ؛
السَّحَاَبةُ الْمُكلَّلَةُ؛
الْمَهَاةُ الْإِلَاهَةُ؛
الضِّحُ البَيْضَاءُ.
***
شَامِنْدَةُ:
أَيَّتُهَا الْأُنْثَى الْأَثِيلَةُ؛
الشَّامَةُ؛
الشَّفاَهِيَّةُ الْمَشْفُوهَةُ:
- هَلْ لِخَبْطِ أجْنِحَةِ شَافِهٍ عَلَى حَافَّةِ نَبْعٍ أَنْ يَسْتَكْرِمَ كُنُوزَ خُلَاسِيَّةٍ عَنُودٍ مَخْتُوَمةً بِحَلَمَتَينِ مِنْ رُحَاقٍّ وَعُنَّابْ؟
- وَهَلْ لِشَفَتيِّ الشَّهْوَةِ تُوَشْوِشَانِ رَأْسَ رُمْحٍ مُشَعْشَعٍ تُهَيِّئِينَهُ لِوُلُوجِ عَتْمَاتِ أَقَاصِيكِ أَنْ تَكُونَا نِبْرَاسَ طَرِيقٍ، وَبُرَاقَ مِعْراجٍ لِسَارييَينَ عَلَى سُدَّةِ حُلْم؟
***
آهٍ ... ثمَّ آهٍ ... ثمَّ آهٍ ... وهيتَ لك
يَالَتِلْكَ الْوَقْبةِ تَعْقِدُ شُرَّافَاتِ جَوْهَرٍ
يتَجَلَّى فِي جُرْمٍ
مِنْ عَقِيقٍ،
وَعَاجْ.
يَالَتلْكَ السُّرَّةِ تَضُمُّ سَرَارَ الْأَسْرَار،
وَأَسْرَارَ الشَّال.
يَالَتِلْكَ الرُّوُحِ الشَّامِنْدِيَّةِ
تَأْتي مِنْ أَزَلٍّ
يُطِلُّ
عَلَى أَبَدْ.
يَا لَرِقَّةِ أُنُوثَةٍ تُلْهِبُ فِتْنَتُهَا ذُكُورةً كَامِنَةْ.
يَا لَصَهِيلِ هَذَا الْجَسَدِ
الرَّاكضِ
خَلْفَ سَحَابةٍ
تَسْتَصْرِخُ حِصَانَ النَّارِ
في بَرَاري اللَّهْفَةِ.
وَيَا لَرَوعةِ الاسْتِعَارةِ الْمُلْتَحِمَةِ فِي مَجَازٍ كَثِيفٍ يُضَلِّلُ الصَّائِدِين.
***
شَامِنْدَتِي:
لَا يُضِيءُ الْعَتْمَةَ إِلَّا حَالِمٌ بِنُورٍ،
وَوَحْدَهَا أَصَابِعُ اللَّهْفَةِ تُشْعِلُ السَّرَادِيبَ؛
تُمَوِّجُ بَحْرَ الْكَلَامِ؛
تُلْهِبُ الرَّوُحَ؛
وَتُجَوهِرُ الْجَسَدْ.
***
شَامِنْدَتِي:
ضَعِي شُمُوسَكِ وَأَقْمَارَكِ فِي جِرَارَكِ،
وبكِّري بِالْمَجِئْ؛
بَكِّرِي بِالْمَجِئْ؛
بَكِّرِي بِالْمَجِئْ:
لَا تَسْأَلِي عَمَّا مَضَى؛
لَا تَسْأَلي عَمَّا يَجِيءْ،
يَغْدُو الزَّمَانُ كَبُرْهَةٍ خُطِفَتْ لِتَسْبَحَ فِي تَوَهُّجُـــكِ الْمُضِــــــيئْ!
***
وَحْــدِي أُرنِّــمُ إِيْقَـاعَ نــَـارِكْ
وَحْدِي أُعَانِقُ طَقْسَ الْغِيَابْ
فَأَرْسُمْكِ وَشْمَاً عَلَى شَامَةٍ
وَأَعْزُفْكِ لَحْنَاً وَرَاءَ السَّحَابْ.
***
شَامِنْدَتِي:
أَيَّتُهَا الشَّامَةُ الْمُضِيئَةُ،
فِي جِرَارِكِ عَتِّقِي الْشَّمْسَ،
وَكُونِي نَجْمَةَ رَحِيلْ.
تَزَيَّنِي بِالْلَأَلِئِ وَأَعْشَابِ الْبَحْرِ،
وَعَتِّمِي اللَّيلَ،
عَتِّميِّهِ،
عَتِّمِيهْ،
وَآنْسَربِي فِي نَسِيجِكِ الخَالِدِ،
وَبِيَمِينِكِ خُذِي قَوسِيَ،
وَسَدِّدِي سَهْميَ،
وَآنْسُجِينِي:
وَرْدَةً، أَو رَحِيقَا؛
قُبَّةً، قِبْلَةً، أَو طَرِيقَا:
فَجِّرِي مَائِي بِنَارَكِ،
أُدْخُلِينِي وَآدْخِلِينِي،
أَصِّلِي فِيكِ كُمُونِي،
أَوْرِقِي غُصْنَاً عَلَى جِسْمِينِ فِي جَسَدٍ،
وَكُونِي،
نَجْمَةً لِلْعِشْقِ أَعْشَقُهَا
وَلَيلاً لِلْجُنُونِ ...
***
شَامِنْدَتِي:
أَيَّتُهَا الْأَبَدِيَّةُ الصَّغِيرَةُ،
أَتَوَسَّدُكِ وَأُولِجُ فِي مَدَارَاتِكِ الوَاسِعَةِ،
وَلا أَصِلْ.
أُوغِلُ فِي مَضَائِقِكِ؛
فِي فَضَاءَاتِ عَتْمَتِكِ الْمُضَاءَةِ بِلَهِيبِ نَارِكِ،
وَلَا أَصِلْ،
لَا أَصِلْ،
فَبُثِّي مُوسِيقَاكِ تَحْتَ أَقْواسِي،
فِي ثُماَلةَ كأسي الأخير،
وَفِي سَماوَاتٍ عِلِّيةٍ عَالِيةْ،
وَدَعِي أَصَابعَ اللَّهفة
تَعْزِفُ
حِكَايَةَ حَياةٍ
عَلَى أَوتَارٍ مِنْ رَحِيقٍ،
وَنَدَى!
***
شَامِنْدَتِي
هَلْ أَنْتِ شَارَتِي؟
هَلْ أَنْتِ شَامَتِي؟
هَلْ أَنْتِ سَوسَنُ شُرْفَتي؟