شهداء ساحة الملعب
كمعظم شبان جيلي حاربت. لم يكن لدينا أيّ سبيل أن نتجاوز الحرب: كانت المحيط والباطن، ولدنا من «أ» عشاقها مثيرون أننا سنصبح رجالا من خلالها. في خوض معركة مصيرية أصبت.
أذكر درجة التطوع الأعمى من أجل القضية التي كنا نحارب لها: إثبات سيادة الفئة «أ» من صف الرابع المتوسط على الفئة «ب».
كنت آنذاك في الثامنة من عمري ورغم أنني كنت أحضر صفوفا في مدرسة خاصة ذات المنهج الفرنسي التي كان يرسل إليها أطفال العيل الثرية كانت الحرب قد سربت نفسها في ملعبنا.
عند استراحة الغداء كان ثلاثون منا يركضون حول الملعب حاملين في أياديهم كل ما يمكن أن يصبح سلاحاً فالملعب يشتعل ويتحول إلى جحيم. تحت أشعة الشمس الساطعة، كان رمل الملعب يكون غيمة حمراء تستر حربنا من الجميع.
لنا، أطفال الرابع المتوسط، «أ» كنا نحارب دفاعاً عن هيبة أول حروف الأبجدية.
كانت حرب لا بد أن نربحها وهزيمتهم متأكدة. ربما كنا جميعاً نحارب لنصبح أبطال أم شهداء. أحد أخصامي في الصف المنافس كان شيطاناً، شعره أحمر ووجهه مليء بالنمش.
أما أنا فكانت يدي مليئة بذاك التراب الأحمر. فقال لي «أخل يدك من الرمل ولن أؤذيك»، أن استسلم؟ أبداً! رميت قبضة الرمل في اتجاهه دون أن أنجز أكثر من عمي نفسي، عندئذ لا بد أنه رمى حجرته في إتجاهي. لم أذكر.
فجأة لقيت نفسي محمول على أكتاف زملائي وهم يناصرون «شهيد، شهيد، شهيد» والدم المنبعث من جبيني يطوف عليهم وعلى قضيتنا بالدم الساطع لشهيدنا الأول.