عبث مع العبث

الاعتراف في رواية “الغريب” لكامو
الخميس 2019/08/01
لوحة: زهير دباغ

“الضمير المذنب يجب أن يعترف، والعمل الفني هو اعتراف”. يقول كامو عبارته هذه معتبرًا إياها الموضوعة الأساسية لبعض من رواياته الهامة. إلا أن كامو لا يتحدث عن الذنب أو الضمير الشخصي للفرد الواحد، إنما هو يقصد ضميرًا جماعيًا يغذّيه ذنب جماعي أيضًا من شأنه أن يقضي على الفرد الذي يمتلك الشجاعة لمواجهته وحيدًا. ولعل أحد أهم الأمثلة التي تبرز عبرها هذه الموضوعة هي روايته “الغريب” (1942). فكيف برز الاعتراف في هذه الرواية؟ وما هي أصوله؟

يشير البروفيسور البريطاني جيرمي تامبلينغ إلى أن سؤال الله الأول للإنسان كان استجوابًا حول الخطيئة، قابله اعتراف كاذب من الإنسان “المرأة التي جعلتها معي هي التي أعطتني من الشجرة فأكلت”. بهذا ارتبط كل من الذنب والاعتراف بأصل وجود الإنسان ومسيرة حياته، خصوصًا في التراث اليهودي المسيحي في الثقافة الغربية.

إذن يسعى المعترف دومًا إلى التطهر من آثام يحتّم عليه وجوده ارتكابها، وهكذا نشأت فكرة سرّ الاعتراف في الكنيسة الكاثوليكية، ففي حين يرفض بعض أتباع المسيحية، وهم البروتستانت، مبدأ الاعتراف أمام كاهن لا يعتبرونه ممثلًا عن الإله ولا يجدون نصًا واضحًا يؤهله لهذا الموقع في كتابهم المقدس، يرى البعض الآخر أن الكاهن هو العنصر الأساس في عملية التطهر من الخطايا المرتكبة، وبالتالي لا يكفي الاعتراف أمام الله وحده؛ إذ ينبغي على “مرشد روحي” سماع اعتراف المذنب بغية الغفران له، فهو الفرد الممثل عن الجماعة الواحدة التي ينبغي أن تصفح عنك بدورها أيضًا.

وقد نذهب إلى القول إن انعكاس فكرة الذنب والخطيئة بمفهومهما الديني على الأدب تجلّى في الحاجة أيضاً إلى الاعتراف الأدبي، إن صح التعبير، الذي دخل بقوة على الأعمال الأدبية بدءاً من التصوير الساذج البدائي للخطيئة كما في المسرحيات الأخلاقية في القرون الوسطى، وصولاً إلى تصوير الخطّاء ذاته تصويرًا واقعيًا بشريًا لا مثاليًا. ولمّا كان صراع الإنسان مع الشر يتمثل في صراعه مع الخطايا والشياطين كجزء منفصل عن الكيان البشري تدفعه إلى المعصية والخطيئة، كساحرات ماكبث، بات الآن الصراع داخليًا يكشف عن شياطين النفس البشرية؛ آراءها وأفكارها ومشاعرها، كالغضب والعنف والعزلة والقلق، التي رافقت ظهور الذات النهضوية حتى استقرت في الأدب المعاصر وشكّلت موضوعًا رئيسًا له.

مصطلح الاعتراف في الأدب

حدد معجم المصطلحات الأدبية والنظرية الأدبية ثلاثة اتجاهات اتخذها مصطلح الاعتراف في الأدب؛ أولها الأدب الاعترافي الذي يتسم بالطابع الذاتي الشخصي لوصف التجارب الشخصية ومجموعة الأفكار والمشاعر والحالة الذهنية والجسدية والروحية لشخصية ما وإظهارها.

والثاني هو الرواية الاعترافية التي عرّفها المعجم على أنها مصطلح غامض ومرن يصف نوعًا من السيرة الذاتية، خيالية كانت أم واقعية، تكتب بأسلوب راوي الشخص الأول، والتي قد تبدو أنها محاولة لكشف الكاتب عن ذاته، في حين أنها قد تفعل العكس تمامًا؛ إذ قد يتقمّص الكاتب فيها دور شخصية أخرى. وقد أصبح هذا النوع من الرواية، في السنوات الخمسين الأخيرة، هو الأكثر شيوعًا وانتشارًا.

أما الأخير؛ فيتمثّل في الشعر الاعترافي الذي يجادل المعجم حول تحديده؛ إذ يبدو أن الشعر بشكل عام، خصوصًا الغنائي منه، يتخذ طابع الاعتراف والتعبير عن حالة الكاتب الشعورية والذهنية ورؤيته للحياة، إلا أن بعضه فقط يتميز بكونه أكثر كشفًا لذات الشاعر وأكثر تفصيلًا لمشاعر الألم، الحزن، القلق والفرح. وقد ظهر هذا النمط من الكتابة الشعرية في أميركا في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن العشرين، وارتبط بشعراء مثل روبرت لويل وسيلفيا بلاث وآن سيكستون ودبليو. دي سنودجراس.

أمّا الأمثلة السابقة والسبّاقة حول الأنواع الأخرى فتعود إلى 400 ميلادية مع كتاب اعترافات القديس أوغسطين الذي يمثّل رحلة انتقال هذا القديس من الخطيئة وفجور الشباب إلى اعتناق المسيحية وانتصار الروح على الجسد، إضافة إلى كتاب “اعترافات ملتهم أفيون إنكليزي” (1822) لصاحبه توماس دي كوينسي ويصف فيه مرحلة مبكرة من حياته وإدمانه التدريجي على المخدرات، وكتاب “اعترافات” (1782) وهو السيرة الذاتية جان جاك روسو، وصولًا إلى كتاب “إذا مات” (1935) لأندريه جيد.

قد تشكل رواية “الغريب” لألبير كامو واحدة من أهم النماذج عن أدب الرواية الاعترافية المعاصرة، إذ يوجد فيها راوٍ واحد يسرد القصة بأسلوب الشخص الأول، وهو يمر عبر تجارب شخصية عديدة تجلب له معرفة لم يكن يمتلكها سابقاً حول ذاته. من هذا المنظور تشترك “الغريب” مع الرواية الاعترافية بعناصر أدبية عدّة. كما أن بعض النقاد يربطها بنوع رواية الاعتراف في المحكمة، حيث يتم استخدام محكمة لكشف قصة البطل، والعلاقة بين العدالة والمجتمع. وتهدف المحكمة إلى نزع اعتراف أو توضيح أو كشف للشخصية الرئيسية كرواية “المحاكمة” لفرانز كافكا  و”الجريمة والعقاب” لدستويفسكي. كما أن بعض النقاد يصنفها تحت فئة أدب اليوميات التي تشكّل رواية دستويفسكي “الإنسان الصرصار” أو “رسائل من أعماق الأرض” خير مثال عليه.

النبرة الاعترافية التي تبني جسرا للتواصل بين القارئ وميرسو في الجزء الثاني هي النبرة ذاتها التي كانت في بداية الرواية تقيم أبعادا بيننا وبينه، إلا أنها تطورت نتيجة تطور وعي ميرسو والقارئ

تقسم رواية “الغريب” إلى قسمين: الأول يصوّر مجموعة من الحوادث العبثية التي تعكس شساعة الهوة بين الفرد والعالم. أما القسم الثاني، اللاحق لوقوع الجريمة، فيصوّر محاولة المجتمع إعادة الروابط بين هذا الإنسان وعالمه وذلك عبر اختلاق المعنى الكامن وراء أعمال وسلوك ميرسو. وهو الأمر الذي يبدو سخيفاً وعبثياً إذا ما وضع إلى جانب رفض ميرسو التام للشعور بالذنب تجاه جريمته، فأنّى لمجرم لا يشعر بالذنب أن يعترف؟ لقد حدّد دينيس فوستر في كتابه “الاعتراف والتواطؤ في السرد” السمة المميزة للنصوص الاعترافية، ألا وهي أنها تُروى من قبل شخصيات استهلكها الذنب، ما يدفعها إلى الحديث عنه.

إذا نظرنا إلى هذا الأمر بتعمق لوجدنا تشابهاً كبيراً بين الدور الذي يلعبه القارئ عند قراءته رواية الغريب ودور الكاهن الذي يمرّ طريق المغفرة عبر حجرته الصغيرة في كنيسة ما، إذ طالما ارتبط موضوعَا الذنب والبراءة في كتابات كامو ارتباطًا وثيقًا باتجاهين متعاكسين في فكره، أولهما هو الأفكار والتأثيرات المسيحية والوثنية، فقد كنّ كامو طوال حياته الحب والاحترام للفلسفة والأدب المسيحيين، إذ يبدو أنه قد كان يكنّ ولاء خاصاً للقديس أوغسطين ولكيركيغارد الوجودي المسيحي.

أمّا الاتجاه الآخر في فلسفته فيقوم على الإعجاب، مثل سابقه نيتشه، بالقيم البطولية اليونانية والفضائل الكلاسيكية مثل الشجاعة والشرف. كما أن القيم الرومانسية تنال أيضًا تقديرًا خاصًا في فلسفته كالانحلال في الوجود النقي وتقدير الرغبة والاستمتاع بالواقع عبر الخوض في التجربة الحسية والشعور بمجد اللحظة وجمال العالم. تنعكس هذه الثنائية الفكرية في فلسفة كامو بقوة على شخصية ميرسو الرافض للخلاص الديني بوضوح تام والساعي إلى نوع آخر من الخلاص؛ ذلك الذي يعيد له إحساسه بالمجتمع الذي يشكل جزءًا منه رغم ذاته التي تنزع نحو الحرية والانعتاق، خاصة من النظام الاجتماعي وعاداته وتقاليده المزيفة التي تسعى إلى قولبة المشاعر الإنسانية ومنح وصفة أخلاقية شافية لكل ضالٍ.

يقول الكاتب دبليو. أتش “كون الإنسان حيوانًا اجتماعيًا يجعله بالتأكيد مدينًا للمجتمع من أجل الفرص التي يحصل عليها لإظهار قيمه الأخلاقية والروحية”. لكن شخصية ميرسو التي نشهدها في النصف الأول من الرواية تبدو على أنها تقف ضد هذا الرأي تماماً، إذ يتعارض سلوك ميرسو بالكامل مع ما هو “مقبول اجتماعياً” ويتجه عوضاً عن ذلك إلى التمركز حول ذاته ولذّاته الحسية والجسدية، ففي أي وقت يفرض عليه النظام الاجتماعي إبداء أي شعور يوصف بـ”الإنساني” تجاه الآخرين، يعود لينطوي على ذاته ورغباته الفردية كالأكل والجنس اللذين يحتلان قسمًا كبيرًا من الرواية. إلا أن هذا الانغماس الحسي هو بالضبط ما يثير حساسية سلبية تجاه ميرسو في الجزء الأول من الرواية. وفي هذا الصدد تورد الكاتبة ماري آن فيسوي رأي الكاتب ديفيد سبرينزر في كتابها عن الراوي في رواية القرن العشرين، والذي يصف به علاقة المتلقي مع ميرسو في بداية الرواية “بين العفوية التامة لتصرفاته وملاحظاته من جهة، وانعدام حساسيته تجاه المشاعر الطبيعية والمحتملة من جهة أخرى، تقع هاوية تصعّب علينا تطوير رد فعل عاطفي تجاهه”.

رواية "الغريب" من أهم النماذج عن أدب الرواية الاعترافية المعاصرة
رواية "الغريب" من أهم النماذج عن أدب الرواية الاعترافية المعاصرة

تصغر هذه الهاوية فقط عندما تُجابه أحكام القارئ الأولية على أفعال ميرسو، قبل الجريمة وبعدها، بصدقه في السرد. فينجح الاعتراف الصادق في تحقيق التواصل المفتقد بين المتلقي وميرسو الذي يرفض الكذب في سبيل التملص من عقوبته، مما يؤكد للمتلقي كونه الصوت الأكثر صدقًا في دفاعه عن القيم الاجتماعية والأخلاقية الأصيلة، خصوصًا أنه يدفع حياته ثمنًا في النهاية رفضاً للكذب.

إن عملية البوح التي يقوم بها ميرسو، المترافقة مع ازدياد وعيه، تجعل القارئ أكثر قربًا منه وأكثر تبريرًا له واندماجًا معه؛ ذلك أنه يشعر بالقرب من ميرسو بعد أن كان في الجزء الأول يشعر أن سلوكاته هجينة وغريبة ولا إنسانية. وعند إعادة تقييم أفعاله السابقة للجنازة نرى أن ميرسو لا يكذب حول حقيقة مشاعره وأفعاله، فتصبح الحجج المستفزة التي أقامها سابقاً لنفسه، كامتناعه عن زيارة أمه لعدم تحمله مشقة السفر، مدخلاً هاماً إلى فهم شخصيته. نتيجة لذلك سيتمكن القارئ من تحديد العناصر في الجزء الأول من الرواية التي من شأنها تسهيل الرؤية الموضوعية حول جريمة القتل، بدلًا من أن يحصر القارئ نفسه ضمن أفق محدود من التوقعات كما تصفها ماري آن فيسوي.

إن النبرة الاعترافية التي تبني جسرًا للتواصل بين القارئ وميرسو في الجزء الثاني هي النبرة ذاتها التي كانت في بداية الرواية تقيم أبعادًا بيننا وبينه، إلا أنها تطورت نتيجة تطور وعي ميرسو والقارئ في آن معًا، فلا يعود الغريب غريبًا تمامًا في النهاية، إنه ككثير ممن يسألون الأسئلة الوجودية ذاتها التي تتعلق بفهم الإنسان للعالم ودوره فيه. وهكذا يتم التواصل الأول بين القارئ والشخصية التي يجد نفسه بها، فتتحطم أولى موضوعات العبث عند كامو، ألا وهي انقطاع التواصل الإنساني.

يقول تيرانس دوودي “الاعتراف، دينيًا كان أم عَلمانيًا، هو دومًا فعل مجتمعي”. بينما يذكر بيتر أكسثيلم، في كتابه “الرواية الاعترافية المعاصرة”، أن الشخصية الاعترافية تدلي باعترافها آملة الوصول إلى فهم للحقيقة التي تشكل جوهر وجودها، فالنقطة الهامة في عملية البوح عند ميرسو هي أنها تمثل الفعل المعاكس تمامًا لما تدور حوله الرواية من شعور بالعدم واللاجدوى. فيظهر أن بوح ميرسو، أو اعترافه، يترافق مع الرغبة العميقة في الوصول إلى الحقيقة أو جوهر الوجود.

إن الاعتراف، هنا، هو لحظة الأمل أيضًا، إنها الفعل المجتمعي، الاتصالي، الذي يقاوم به ميرسو عزلته وعدمية العالم من دون إدراك منه ربما، فعملية البوح والسرد التي يقوم بها ميرسو للأحداث وردود فعله تجاهها تشكل الدليل الأكبر على ملامحه الإنسانية الدفينة ومحاولته إعادة أواصر الثقة بينه وبين الآخر الذي يمثله المتلقي، وهو الأذن الصاغية الآن. وفعلًا نرى أن ميرسو في نهاية الرواية يتذكر أمه ويحاول تخيل لحظاتها الأخيرة قبل موتها، فنشهد تغييرًا على مستوى الشخصية. لعل هذا هو تمامًا ما قصده سارتر عندما وصف رواية الغريب بأنها “عبث ضد العبث”.

يرى فوستر أن الاعتراف هو وسيلة الفرد للكشف عن هُويته الخاصة؛ فهو محاولة لتصوُّر الذات وتقديمها كموضوع معلوم عبر سرد يعيد هيكلة الذات كتاريخ واستنتاجات. وما يمكن إضافته على هذا أن عملية الاعتراف تتيح للقارئ استكشاف هويته هو أيضًا؛ فبإصغائه إلى بوح يقوم به شخص آخر، وبمشاركته في رحلته التي لم تتح له كقارئ، يتعرف هو إلى نفسه ويعترف بها بعد أن كُشِف الغطاء عنها بفعل الآخر الذي يقول ما لا يجرؤ القارئ على قوله، أو فعله، أحيانًا. وتشكّل الذاكرة عنصرًا مهمًا من عناصر تشكيل الهوية هذه؛ فإذا كانت الذاكرة هي ما يعطي لشعور الشخص بأناه وبهويته مادتَيهما الخام فإن امتداد هذه الهوية في الزمان، كما يلاحظ جون لوك، مرهون باتساع أو تقلص مدى الذكريات التي يستطيع الفكر أن يطاولها. وهذا ما نراه واضحاً مع ميرسو الذي يعيد، عبر السرد والاعتراف، تشكيل ذاته وهويته؛ فعندما يسأله الكاهن عن الحياة التي يريد أن يحياها بعد هذه الحياة نراه يجيب “حياة أستطيع فيها أن أتذكر هذه الحياة”. إن ما يجعل الاعتراف جزءًا مهمًا في استكشاف الهُوية هو عملية التذكّر، أو الاسترجاع التي يقوم عليها، والتي تبدو وكأنها الحجر الأساس الذي تقوم عليه الفلسفة المسيحية أيضاً.

الاعتراف الذي جرى على طول الرواية كان صادقًا، على عكس الاعتراف الأول الذي عبَرت به البشرية من جنة الله إلى الأرض كعقاب لها. امتد اعتراف ميرسو على طول الرواية، إنه الاعتراف الذي كان من شأنه أن يوفّق بين المتلقي وشخصية ميرسو بما تحملها من قلق وجودي كامن. وعندما كانت شخصية ميرسو تقوم بأفعالها غريزيًا من دون منطلق فكري كان القارئ قد تسلّح بوعي منحته إياه التجربة. ولا يكون الاعتراف من جهة ميرسو فحسب، فالمحكمة تعترف بعنصريتها والمجتمع يعترف بقيوده الفكرية والدينية. وكذلك يعترف القارئ بالأسئلة الوجودية التي تطرحها شخصية ميرسو، ويُترك له المجال للإجابة عنها. وبهذا تؤدي الكتابة الاعترافية غرضها الذكي في الإفصاح عمّا يعتلج دواخل النفس ويثقلها من أسرار، فتهمس روح لأخرى، ويهسهس قلب لآخر.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.