كتابتي تشبهني
على عكس كل ما يقال وبطريقة مبسطة أحبها في كل حالاتي وتعاملي في الحياة كتابتي تشبهني لا شيء أكثر، كتابتي هي فعل الذات تجاه العالم وتأثير العالم على الذات.
أقول العالم كل العالم الذي أصبح قرية صغيرة، تسوسها التكنولوجيا قبل الأنظمة. أكتب لا لأختلف مع الرجل ولكني أكتب ما أشعر به وما أريد كتابته كذات تحيا في العالم، لأ أناصب كتابة الرجل العداء ولا أضع كتابته نصب عيني لأختلف معها، الكتابة هي محصلة قراءاتنا المعرفية وخبرة حياتنا بنكهتنا الخاصة. لا يوجد اختلاف بين كتابة المرأة وبين كتابة الرجل حسبما أرى فالقواعد واحدة ونظريات النقد التي تطبق عليها واحده. وهنا أعي جيدا أن لكل نظرية خصائصها وآلياتها في تناول النص حتى النظريات النسوية. لكني هنا وبصدق شديد أعترف أن الفارق الذي نراه جليا هو استقبال القارئ لكتابة الجسد مثلا أو الموروث الديني.
استقباله لخبراتنا وآلامنا وتجاربنا التي توضع في النص حتى ولو بدرجة ما تشعل تراثه بأكمله تهدد صورة الملاك في المنزل بل ربما يزدريها وتدفع فاتورة كتابتها حتى وإن كانت جزءا من تجربتها وليست كلها أو ربما لم تكن تجربتها على الإطلاق وأدلت بدلوها.
وهنا لا أخجل من اعترافي أن هناك مجتمعا يرصد ويحدد أطر الكتابة. لدينا الكثير من التجارب التي صودرت على إثرها الكتب وربما حوكم أصحابها وزج بهم في السجن،لا لشيء أكثر من انتهاك وخدش حياء المجتمع. لقد تعلمت ببساطة أن توظيف التابو هو المهم وليس الاصطدام ذاته لمجرد الاختلاف.
حرفية التوظيف وأهميته الأدبية هي المعيار. بقي أن أشير أن هناك اختلافات فارقة أراها في كتابة المرأة كمراحل الحمل والولادة مثلا أو علاقتها الخاصة مع أطفالها. ربما يرصدها الرجل في كتابته لكنه حتما يفقد خيط الحرير الشفاف الذي تربط به المرأة وعيها بألمه وفرحها مغزولين معا وهي تحتضن وليدها بعد معركة مع الألم الكبير للمخاض.
كتابة المرأة ليست كتابة ما يتيحه المجتمع لها وإن كنت مع تلك المقولة بدرجة ما في ما يتعلق بالتابو أقول بدرجة ما لأن وليمة لأعشاب البحر وأبناء الخطأ الرومانسي وأخير أحمد ناجي أمام أعيننا. أن ما تحاكم من أجله المرأة يحكم الرجل أيضا في كتابته. كل ما أستطيع قوله هو أن الكتابة منذ البداية مجازفة، وإبحار ضد مسيرة ملاك البيت الطيب المطبوعة في أذهان الناس عامة. الكتابة تأبى إلا أن تكون مقدسة والمقدس له من الطقوس ما قد يستوجب التضحية. ربما تصل الكتابة إلى حد الخسران لكن تركها لا شك يصل بنا حدّ الجنون.