ما بكِ أَيَّتُها الأَرض؟

إلى هاء اسمك.. لأنك جئت من هناك
الخميس 2023/06/01

ما بكِ أَيَّتُها الأَرضُ؟

أيتها السَّكرانةُ الهاذيةُ المُتخبّطةُ في المَواقيتْ

ما بكِ؟ أيَّتها الأمُّ الصَّغيرةُ الطائِشةُ المُنتشيةُ بالآلامِ،

أمّ الزّلازل والبراكين والمعجزاتِ

ما بكِ، ما بكِ، أيّتها الجميلةُ المُنشقّةُ عن نفسها،

 

الخارجةُ

على

أثقالها؟

 

يا أمَّ الضاحكِ والباكي والهاربِ والمجنونْ

أمَّ القاتلِ والقتيلْ

أمَّ الله والفراشةِ، وقَرنِ الحيوانْ.

 

أمَّ البَرْقِ يفتِّتُ الألواحَ، والشَّجرةِ المحترقةِ على الرابيةْ

أمَّ السَّهم في كعبِ النّائمِ،

وتَلويحةِ الأمَلِ في يدِ الغريقْ..

 

أمَّ البراءةِ المغدورةِ، والسطرِ المشتعلِ في الكتابْ.

 

كم مملكةٍ ومدينةٍ

طويتِ

في الأنفاسْ.

 

إنّني أسمعُ صوتَ أفاميا تُنادي دمشقَ، وصَيدا تنتحبُ على أسوارِ عكّا…

وأَنْتِ يا أنطاكية،

يا طفلةَ سوريا المدلَّلة

وجيبُ قلبكِ الرَّاعبِ الهاربِ في البرّيّةِ يملأُ أُذنيَّ.

***

اضطرابٌ في الرحمِ هذا أَمْ ضَجَرُ المَشِيمَةِ؟

***

صورة

أَخذْتِني من جُرْحِ يَدي،

من كعبيَ المشطورِ بشظيةٍ 

أَخذْتِني،

وأَخَذْتِني من فؤاديَ العليلْ.

أَدَرْسٌ في الحُبِّ هذا، أم انهيارٌ في سؤالِ الغيبْ؟

***

أَرْضُ الشجرةِ المذعورةِ، والهواءِ الخائفِ

أَرْضُ القَدَمِ العاريةِ،

أَرْضُ الأَجْنّةِ الممزَّقةِ في الأرحام والجمالِ المصعوقِ،

أرضُ الأجنحةِ المشتعلة في هواء أسودَ،

أَرْضُ العَصْفِ، الأَرضُ المرتجفةُ على الأُخدودِ المتحدّرةُ بالحيوانِ،

المتزلّقةُ بالكسورِ،

الغائِرةُ بالقيعانِ في القيعانِ

المرجومةُ بالأسلافِ المرجومينَ بالأسلافِ

الأَرْضُ المِرجلُ، الأَرْضُ الصخرةُ الخَرساءُ، الأرضُ الشظيَّة

الأَرْضُ الشيفرةُ المُحترقةُ، والأبَديةُ المُرْهَقَةُ من الحُبِّ،

العشيقة اللاهية المتوارية وراء جفنها المضطرب

وفي غابة أفكارها يتنزه الألم..

 

الهاذيةُ،

المَكلًومةُ،

المُتَشَكِّكَةُ برحمِها.

 

الأَرْضُ الأَرْمَلَةُ،

أَرْضُ الصُّلْبَانِ والأشواكِ التي كَلَّلَتْ الجِباه.

 

أرْضُ الوَحْشُ الخائفُ، الأَرْضُ الهائمةُ مع الوَحْشِ.

 

أَرْضُ الصَّفائحِ المتكسرة في الصفائح ،

الأَرْضُ الأمّ الطاحنةُ مع القمحِ عظامَ الأبناء.

***

أهكذا تُخلِّصينَ الرَّبيعَ من أَسنانِ الوحش؟

***

أَقِفُ لكِ وأَقِفُ للموتِ،

مَصْرَعي

يَنْظُرُني

عَرَباتُهُ تَصْطَخِبُ تَحْتَ الأَبْصَار

خطوتي المتزلّقةُ

على

الشِّقِّ

المتزلّقِ

ارتجافةُ من ولد في الرَّعْدَةِ وولد في البرق.

***

كَمْ السّاعةُ الآنَ، كَمْ كانتِ السّاعةُ الآنَ؟

***

لا تتركيني وحيداً،

ولا تأْخذيني من فؤادي

لست حفنةَ ماءٍ

أو هبّةَ هواءٍ،

لست بدد الساعة، ولا نفرةَ الخائف ولا ما كتب الغيبُ في الكتاب..

لكنني الرَّعدةُ التي سرَتْ في الربيعِ،

لُجَّةُ الأَرضِ، والضوءُ الذي رَهَجَ في ظُلْمةِ الأَعماقْ.

***

أقفُ للموت ويقفُ لي

أَكونُهُ ويكونُني

كائنان يتشابهان ويرتطمانِ ويشتعلانِ في مجرّةٍ بعيدة.

***

تَرَكْتُ المصابيحَ ترتعشُ في المدينةِ

وعلى مجرى الهواءِ في الصَّدْعِ المجنونِ رأيتُ سبعةَ جبالٍ تنتحبُ

أهي الجبالُ التي جَثَمَتْ فوقَ صَدري

في مغارةِ الوحْشِ

أم تلكَ التي نَزَعَت عشتارُ عندَ بوَّاباتِها حِليَها ولباسَها لتريني الربيعَ الذي أخرجني إلى الموتْ.

صورة

***

أيّتها الأرضُ، الخائفةُ من نفسها، تأخذينني بالقبلات وتصعدينَ بي مِنْ موتٍ إلى موتٍ،

وتفتحينَ ليَ الأبوابْ

لأجلسَ في الصورةِ ومعي حبيبٌ ماتَ منذُ ألفِ عام.

تكفّنينني بغيومِ الفجر، وتعيدينني إلى البيت.

أنام في فِتنة النوم،

وما أحسّ،

وإذ يُنادَى عليّ بالأَصواتِ من تَحتِ الأصواتِ، لا أُجيب باسمي ولكن باسمِ الذي سبقني إلى الحبّ.

***

لا

تُخرجيني

سالماً من هنا…

***

هناك كنتُ، هناك تركتُ المساءَ في جِرار القمح، والقمرَ في داليةِ العنب

تركتـُ الأختَ الصغيرةَ في فراشِ الأمنية،

والعشبةَ الخضراءَ في تنويمةِ الطفل..

فبأيّ آيةٍ من آياتِ العَماء تفتتحينَ بي هذا الكتاب.

***

أيتها المستلقية في سريري

ونومكِ غابةُ النَّمرِ..

***

هنا

في فالقِ الوقتِ

رأيتُ الشقائقَ تدمي الأديم وتشق بالحمرة سراب المنتهى

لأنهض وأعود

وتكوني

لي.

 

نهركِ الضاحك يهيم بالصّورَ ويجري في منامي.

 

ناديتني

من كلّ فجّ،

لأخرجَ وأتبعك

ولما بلغنا الجبلَ ولاحَ مشرقُ الشمس

أعطيتِ الحجرَ الدامي للشقيق

والأُمثولةَ للكتاب.

كم نائمٍ في سرير تريدين ليعيد الطغاة في الأرض رسم الصراط

ويستدركَ المؤمنونَ روايتهم عن شؤون القدر!

 

شباط/ فبراير 2023

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.