مختصر الكتب

الجمعة 2021/10/01
لوحة: وضحة مهدي

أوروبا وجذورها المسيحية

أمام هوس الحديث عن أصول أوروبا المسيحية لتذكير الجاليات المسلمة بأن العَلمانية لم تطمس أهم مقوم من مقوماتها الحضارية، أصدر أوليفيي روا، الأستاذ بالمعهد الجامعي الأوروبي بفلورنسا والمتخصص في الإسلام السياسي، كتابا يطرح فيه السؤال منذ عنوانه “هل أوروبا مسيحية؟”، وهل تستطيع أن تبقى كذلك باتخاذ مواقف نوستالجية وهووية متسلطة؟ ثم عن أيّ مسيحية يتحدث أولئك الذين يضعون “القيم المسيحية” في مواجهة موجتين يُعتقد أنهما تهددان تلك الأصول، ونعني بها العَلمانية والإسلام؟ وأيّ معنى وأيّ روابط وأيّ منطق يمكن تلمّسها في حقائق الإرث الأوروبي: مسيحية، علمانية، هوية، ثقافة، قيم، معايير، حقوق… من خلال كل تلك الأسئلة يسلط الكاتب الضوء على واقع يعيش فيه الأوروبيون أيتاما لماضيهم المسيحي، ذلك الماضي الذي لا يمكن أن تحييه التشريعات، بل أنبياء جدد، ربما…

 

الأرض تتكلّم

كتب

في كتابه الجديد “كيف سكتت الأرض”، يتساءل ديفيد أبرام، المفكّر والمنظر الايكولوجي الأميركي، مؤسس “التحالف من أجل إيتيقا عالمية”، لماذا لم تعد الأرض تخاطبنا، ولماذا تكتفي الشمس والقمر برسم قوس عبر السماء، ولماذا ما عادت أصوات الغابة تعلّمنا؟ الإجابة المعتادة توحي بأن البشر باتوا وحيدين في عالم خال صامت، ولكن الكاتب يعتمد على شعوب التقاليد الشفوية في أستراليا ونيبال وأمازونيا وأميركا، ليبين أن التحول الأيكولوجي العنيف هو الذي قطع التكافل بين حواسّنا والعالم، وأن ثمة شيئا ينقص بشكل رهيب، كما تشهد على ذلك الكيفية التي يعامل بها الإنسان الأرض، وحتى نفسه. وفي رأيه أن العالم من حولنا لا يزال يغذّي أنماط تفكيرنا وكلامنا وإحساسنا وعيشنا، لأن الأرض في اعتقاده تتكلم.

 

مقوّمو الأخطاء بلا توكيل شرعي  

ظاهرة خطيرة توقف عندها باحثان فرنسيان هما جيل فافاريل غاريغ ولوران غايي في كتاب “فخورون بتسليط العقاب، عالم مقوّمي الأخطاء الخارجين على القانون”، وأبطالها بيض عنصريون يعادون الأجانب، ظهروا في روسيا وغرب أميركا، ليسلطوا العقاب بأنفسهم على من يعتقدون أنهم أجرموا في حق المجتمع، أي خارج أيّ إطار شرعي، بدعوى أن المحاكم لا تؤدي واجبها على الوجه المرضي. وقد شكلوا فرقا مسلحة تمارس القتل والسحل والتعذيب، فمنهم المفتشون والقضاة والجلادون، والتنفيذ عادة ما يتم بشكل استعراضي، يجد صداه في المواقع الاجتماعية. في الوقت نفسه، ظهرت حركات ثورية تزعم الدفاع عن المستضعفين لا تتورع هي أيضا عن السير على خطى العنصريين البيض، في قمع من يعتقدون أنه ضدّهم وتصفيته. وفي رأي الكاتبين أن هذا النوع من العدالة الذاتية التي تستند إلى ميليشيات مسلحة وتعمل خارج القانون سوف تعجّل بقيام الدولة المقومة للأخطاء خارج الأطر الشرعية.

 

عبيد المنظومة

كتب

ما من إنسان إلا ويحلم بالتنصل من المنظومة التي تسعى للمزيد من الربح، في كلّ زمان ومكان، وتنشر الدمار في المجتمعات وفي كوكب الأرض. ولكن القطع مع نمط العيش المسيطِر يتطلب تضحيات لا يقبلها إلا القليل. فهل يوجد سبيل بين التبعية التامة والانسلاخ؟ نعم، يقول المفكر الفرنسي ألكسندر لاكروا في كتاب “كيف لا نكون عبيدا للمنظومة؟”، حيث يغوص في جذور هذا الضيق بالكشف عن منطق الحداثة المرتبطة، وهذا العالم الذي محت فيه المقاولة الذاتية والعمل عن بعد والحقائق البديلة في المواقع الاجتماعية الحدود بين المجالين العام والخاص، وأوقات العمل والترويح، المستغِل والمستغَلّ، الحقيقي والزائف. وفي رأيه أن تعرية هذه الآلية تمنح كل فرد معالم جديدة وتسمح له بالتخلص من النفعية المهيمنة، واتخاذ مثل أعلى يوجه تحركه، كي يستعيد مقاليد وجوده.

 

نهاية الحلم الأميركي

لأول مرة منذ 1918 انخفض أمل الحياة في الولايات المتحدة، وما انفك عدد المنتحرين أو الموتى بسبب المخدرات والكحول يزداد باطّراد خلال العشريتين الأخيرتين. وكانت آن كيز عالمة الاقتصاد وأنغوس ديتون صاحب نوبل للاقتصاد عام 2015 من أوائل من نبّهوا إلى هذه الظاهرة التي تصيب الطبقة العمالية البيضاء. في كتاب “موتى اليأس”، يوضحان كيف دمّرت المنظومة الاقتصادية والاجتماعية آمال أولئك الأميركان، بعد أن أغراهم بـ”الحلم الأميركي” وما وراءه من نجاح وازدهار؛ ويرسمان صورة عن بلاد لم تعد تهتم بغير ثراء الأغنياء المتزايد، وتخلت عمّن لا يملكون شهائد، فباتوا عرضة للموت من فرط العذاب واليأس، ويدينان تجاوزات الرأسمالية التي أدت إلى نهاية الحلم. والكاتبان لا يكتفيان برسم تلك الصورة القاتمة، بل يقترحان حلولا ممكنة، سوف تساعد المستضعفين على الخروج من مأزقهم، وتحد من نسبة وفياتهم.

 

نحو أنوار جديدة

كتب

لا يمكن الاقتصار على ذكر فكر أنوار ثابت في ظرف يشهد استفاقة القومية والأزمات البيئية والصحية وتزايد التفاوت. مواجهة خطر انهيار الحضارة الغربية دون التخلي عن العقلانية الفلسفية والعلمية، ولكن مع اعتبار التبعية للطبيعة والكائنات الحية الأخرى، هو المسار الذي قام عليه كتاب كورين بيلّوشون “الأنوار في عصر الكائن الحيّ”، لمقاومة مناهضي الأنوار الذين يريدون العودة إلى مجتمع تراتبي أو تيوقراطي والإجابة عن اتهامات ما بعد الحداثيين الذين يشككون في كل نزعة كونية بكونها استبدادية، ينبغي اقتراح أنوار جديدة، لا تستحضر تاريخ الأنوار فحسب وإنما تناضل ضدّ بتر العقل الذي تدنّى إلى مجرد أداة حساب واستثمار. ذلك أن غاية الأنوار في عصر الكائن الحيّ ومشروع مجتمع ديمقراطي وأيكولوجي هي إسقاط مبدأ الهيمنة على الآخرين وعلى الطبيعة داخل الفرد وخارجه، الذي يعكس الهشاشة والاستهانة بالجسد.

 

الموسيقى والأشباح

استوحى المفكر الإنجليزي مارك فيشر موضوع كتابه “أشباح حياتي” من مصطلح صاغه دريدا “مسكونية” ويعني به استمرار ظواهر الماضي الزائلة في الحاضر، فهي تعيش في فضاء بين الكينونة واللاشيء، ولها نسيج الطيف، لا مرئية لكونها زالت، ومرئية لكون ذكراها تواصل التحرك داخل الأحياء. وكان فيشر قد قضى حياته الفلسفية يصارع أشباح أحلام مرحلته، من جهة التيارات الموسيقية الجديدة، بوصفه ناقدا موسيقيا أيضا، ومن جهة الأفق الشيوعي الذي كان يتوق إليه، وفي كل مرة يمحو “الواقع الرأسمالي” وقولة ثاتشر “لا بديل” كلَّ ذلك بجرة قلم. غير أنه استطاع أن يواصل العيش مع أشباح الماضي من خلال الموسيقى التي يعتبرها ملائمة للأشباح لأنها تُسمعنا ما لا يكون موجودا، “صوتا مسجَّلا، صوتًا لم يعد يضمن الحضور”.

 

دعوة إلى واقعية شاملة

كتب

ميلو راو فنان مسرحي سويسري يدير مسرح جنت الوطني منذ عام 2018. درس علم الاجتماع والآداب الألمانية والفرنسية في باريس وبرلين وزيورخ وتتلمذ على بورديو وتودوروف. بدأ مسيرته صحافيّا، ثم تحول إلى إعادة الإخراج والدراما، وسرعان ما أصبح من أبرز مخرجي جيله، في المسرح والسينما، فقد أسس معهد الإنتاج المسرحي والسينمائي (المعهد الدولي للقتل السياسي) وشارك بانتظام في عدة مهرجانات دولية، علاوة على تدريسه فنون الدراما. في كتابه الأخير “نحو واقعية شاملة” يعتقد أن الرأسمالية، كشكل مجتمعي مهيمن، مآلها الاضمحلال، ولذلك يقترح مسرحا مجدّدا يتحرر من قوانين ما بعد الحداثة، ليكون في مواجهة الواقع السوسيوتاريخي، للإجابة عن سؤال: كيف يمكن للأفراد أن يكتبوا التاريخ؟ وما هي الوسائل الكفيلة بتحقيق تجارب مسرحية، وثائقية كانت أم مبتكرة، للوصول إلى مستوى من التضامن والتكافل عالميا أرقى مما نعيشه اليوم.

 

خرافات لافونتين مصدرًا للفكر

“لافونتين” عنوان كتاب لميشيل سير نشر بعد رحيله، ولم يكن قد انتهى من صياغته. في هذا الكتاب الذي كتب مقدمته الناقد جان شارل دارمون، يستكشف المفكر الراحل خرافات لافونتين مثل طروس عجيبة تحيل على أصول الفكر الغربي، ويبين كيف تصوغ تلك الحكايات، في مناطق غير قارة مفتوحة بين الإنسان والحيوان، كل أشكال التحولات، وتسائل مختلف الطرق التي يصبح بها الإنسان إنسانا؛ مثلما يتوقف عند دقائق فكر خصب استطاع أن يعي ظرفه التاريخي ويقف من تحولاته السياسية موقف العارف الحكيم، يلقن الدروس العميقة بطرق فنية بعيدة عن الوعظ والإرشاد. والكتاب في النهاية ليس كتابا عن لافونتين، بل هو كتاب عن علاقة سير وفكره وفرضياته بحكايات لافونتين.

 

حرية التعبير والجدل العام

كتب

في كتاب “إنقاذ حرية التعبير”، تتساءل المفكرة مونيك كانتو سبربر: إلى أيّ حدّ يترك أمر تحديد ما يقال وما لا يقال لأشباه الرقباء؟ إلى أيّ حدّ يمكن التسامح مع خطاب الكراهية الذي يعمّ المواقع الاجتماعية؟ إلى أيّ حدّ يمكن تحمل استحواذ المتطرفين على الخطاب وتحديد شروط الكلام ورفض النقاش؟ لقد تمت صياغة المفهوم الحديث لحرية التعبير بين القرن السابع عشر وأواخر القرن الثامن عشر. وبمرور الزمن وتطور التكنولوجيا، جعلته الأدوات الرقمية والتعددية الثقافية وإضفاء الطابع الديمقراطي على الكلام شيئًا فشيئًا غير كافٍ لتنظيم الخطاب العام. باسم التقاليد الليبرالية، يعود هذا الكتاب إلى تاريخ حرية التعبير ويجدد معناها، كضمان لأكبر تنوع في وجهات النظر.

 

دعوة إلى النظر إلى الفن كفنّ

 عوّدنا بعض نقاد الفن منذ ظهور الفن “المعاصر”، وعلى نطاق واسع على اعتبار أن الفن هو المحرك أو “التعبير” عن أشياء كثيرة – كالأنا والمشاعر والأفكار السياسية والمناخية والأخلاقية – ما يعني أنه يستبعد الأفكار الفنية الخالصة، وبالتالي، فإن ما يُدعى مشاهد اللوحة والمنحوتة إلى “فهمه” ليس الأثر الفني في حدّ ذاته، بل ما تعنيه، وهو معنى لا يُرى أو يُسمع، ولكن يُعتقد أن الأثر “يخفيه” ويتستر عليه. وعلى غرار ينكيليفيتش الذي أكد ألا أحد يحب الموسيقى لذاتها، ويلاحظ المفكر المكسيكي سنتياغو إسبوسيتو في كتاب “هدف الجمال” ألاّ أحد يحب الفن لذاته، ويدعو إلى أن نفكر في الفن كفن، ونفكر في الفنان كفنان، أي كمبتكر لأفكار فنية تثير المشاعر الجمالية، فأن نحب الفن كما هو يعني أن نجد معنى العمل في العمل نفسه، متناغمًا مع جماله، لكونه أولا وأخيرا موجَّهًا إلى الإحساس الجمالي.

 

الهراطقة وتقدم الإنسانية

ما الذي فهمه غاليلي عن طريقة اشتغال العالم كي يثير حفيظة رجال الدين فيصموه بالهرطقة ويضعوه تحت الإقامة الجبرية بقية حياته؟ وما الذي يوجد في فكر ديكارت كي ينعته معارضوه بالإلحاد؟ وما الذي أضافه الجدل الذي يضع الذات الإلهية في سيرورة العالم إلى مسيرة العلم وتطوره؟ أسئلة من جملة أسئلة كثيرة أخرى يطرحها الأميركي ستيفن نادلر أستاذ الفلسفة بجامعة وسكنسن في كتاب أشرطة مصورة يجمع بين المتعة والفائدة، ليبين أن فضول الإنسان المعرفي ورغبته في فهم سيرورة الأشياء لا يمكن الوقوف ضدّهما، وأن أصحاب الدوغمائية الجامدة لم يتوصلوا إلى إلغاء حب المعرفة والاستكشاف بالرغم من التهديد والوعيد والمحارق. والكاتب لا يتوقف عند معارك العلماء والفلاسفة مع السلطة الدينية، بل يضيف إليها معاركهم فيما بينهم لبلوغ الحقيقة، ويعترف بأن تلك المعارك لم تكن عقيمة، إذ كان لها أثر كبير في الحضارة الغربية، ما يعني أن بعض الفكر “الهرطقي” ضروري لتقدم الإنسانية.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.