مواء
جمل خشنة
1
ليس للنار أصابع لكي تلهم الحقل لمس الشفتين
هناك كلمات تسقط كالجمر لتحرق الأغصان اليابسة.
2
لو أنك ناديت قبل أن تصل لكان الحراس الليليون قد سبقوك إلى البيت
أنت وحيد مثل ملاك أعمى.
3
يا لشقاء الهر الأسود وهو يراقب غيمة بيضاء مسافرة.
4
في “حافظ القاضي” اجتمع الآباء الطيبون
يومها كانت المعاجم تُقرأ مقلوبة.
5
“تسلق الشجرة” قال لي عصفور وهو يقصد “حرك جناحيك”
كانت السماء يومها تملأ زرقتها بطائرات ورقية.
6
الأيام المحفورة بالإبرة
تغطي ضحكاتها بأعشاب سامة.
7
للدمعة قدمان
ذلك الجرح على الخد هو أثرهما.
8
بلّل المطر منديلا تركته فتاة معلقا على إطار نافذة مفتوحة
لم يكن هناك حبل غسيل.
9
ليس لدى “المصور الأهلي” ما يتذكره عن صورة منسية
كانت العائلة قد أنكرتها.
10
يتذكر الصفر أجيالا من الأرقام التي محيت
لا يقع الأقل حين يتبعني.
مشهد عاطفي
الأشجار أمهات فيما الأغصان تلهو خارج المنزل
كان العشب يضحك كلما اصطدمت غيمة بأختها
قالت امرأة “هناك مَن يلهو بأصابعي غير الهواء”
وحدها الأشجار تنأى بعاطفتها لتبكي تحت المطر.
طيور مائية
حفلة تُقام على الماء هي صفحة زرقاء
مَن أعد المائدة مرتبكا يبتسم للملائكة
ليس لنا سوى أن نثني على الطيور،
في تحليقها رذاذ من أجنحتنا.
***
عدنا صديقين كما لم نكن من قبل
هل علينا أن نقع في ضربة البيانو لكي نرى صورتنا؟
تضحك النباتات من حولنا. ولا منزل لنا على البحير
أبكي لأنّ دمعة سبقتني إلى الهاوية وأنا أتثاءب.
في ضربة البيانو يقع قلبي على الأرض ولا أبكي.
عطر الطريدة
النغم الذي ينسج حريره بين خطوتين
هو ظلك الذي يتبعك محملا بطيور الحديقة
تلك الحديقة لا تُرى إلا بعد أن تختفين
هي بقاياك التي تُشم في كل زهرة.
الرجل الثالث
نسيت حقيبتي في المحطة وسافرت
مَن رآني عرف أني مسافر من غير حقيبة
غير أن مَن رأى الحقيبة لا بد أنه فكر في أني أراقبه
لقد تمتعت في أن أكون ذلك الشخص.
شقاء المنسية
إن مررت بها قل لها شيئا
وردتها لم تأكلني
الكلب لا يزال يتبعني
وأنا أتبعه مثل كلب.
موت الحمامة
تصر على أن تدخل البيت وأنت تغني
تلك علامة شؤم
لن تكون هناك أغنية تحت البساط
وما من حمامة على النافذة
ستكون وحيدا لكي تموت بالطريقة التي تليق بك.
فراق
لبيتي شرفته بأشجار صبار لا تُنسى
الشرفة أن الأشجار؟
لبيتي صباره الذي يموء في عيني القطة
لصبار بيتي شرفته التي يتثاءب عليها الوقت
لشرفة بيتي صبارها الذي رآني مغادرا.
أقدام القتلى
آخر الجنود هو أولهم في الهزيمة
تلك هي حكمة فرق الاعدام
على الجانب الآخر من النهر،
انهى الغراب وجبته الصباحية من النعيق
وصار يعد الطلقات
جف حليب الصباح واجتاح الصفير الأعشاب
ستذهب الذكريات بأقدام الجنود الحفاة
يسيل أثرها على العشب بأجراسه.
للنسيان سمكته
لهذا نسيت قدمي بعد أن نبت العشب
نسيت السماء بعد أن أمطرت
ونسيت طفولتي لأني بت شيخا
ولكن أمي لا تزال تخشى أن تضع العنبة في فمي
هناك أغنية مهجورة في حنجرتي
هناك سطر يشعرني بالندم لأني محوته
هناك سمكة في صدري تبحث عن المياه.
العاشق
أسألك عن السماء
“هل كانت تكتظ بالنجوم يوم سقطتُ وكنتُ أعمى؟”
أسألك عن المياه
“حين ارتفع المد هل أوصلتني إلى بيتي؟”
أسألك عن قلبي
“أما كان حريا بك أن تعيديه إلي بعد أن انتهى الحب؟”.
سنموت شبابا
ما بين مكتبة مكنزي وأورزدي باك مئة متر من الدموع
كنت صغيرا وكان المارة ينظرون إلى كتبي بإشفاق
ربما كان علي أن أنسى عادتي في النظر إلى الأعمدة
ربما رأيت أشباح أصدقائي الذين لم يموتوا بعد
يومها لم تكن هنالك حرب وكان “قوت الأرض” انجيلنا
قلت لصاحب الشاهر “سنموت شباباً”
انتصر الشاهر علي لأنه لا يزال شابا فهو مات قبلي بعقود.
حفلة ندم متأخر
1
يكفي أن ترى جثة لتنسى الأنوثة.
2
لن يكون هناك هواء في المشرحة
الموتى لا يتنفسون.
3
نضحك لأن ظل امرأة عبر في الأغنية كسحابة
بعدها سنبكي في الليل الطويل.
4
الموتى وحدهم يتذكرون أسباب موتهم.
5
أخذ إلى الموت امرأة أحبها
فيما احتفظت تلك المرأة بصورته في حقيبتها.
6
على سلالم فندق “وجنة الشارع” هبطت لكي أرى جوقة شعراء
لقد رأيتهم قادمين من الموت.
7
رعد عبدالقادر كم أسفت لأنني لم أمنعك من الموت
كنت اخاف عليك من الحياة.
8
خنت الجثث التي رأيتها طافية على مياه الأهوار
لأنني لم أر جثتي بينها.
9
لا يزال شبح عبد الأمير الحصيري يطاردني
وأنا أعبر جسر الأحرار
سيكون الجنرال مود في انتظارك.
10
سأقيم حفلة مشويات لندمي الذي يجمع الإنس بالجان
كان لنا وطن لم نكن فيه ونتذكره لكي نستعيده.
