وداعا أيتها المقصلة

وثيقة عن الجدل الفرنسي لإلغاء عقوبة الإعدام
رُوبِيرْ بَادِينْتِيرْ
الأحد 2021/08/01
عقوبة الإعدام

“الانسانَ عَنيفٌ بِطَبْعِهِ، فَقَدْ اعْتَادَتْ البَشَرِيّةُ جَمْعَاءَ عَلَى مَرِّ العُصُورِ مُمارَسَةَ عُقوباتٍ جَسَدِيَّةٍ تَرْتَبِطُ بِالتَّعْذِيبِ والضَّرْبِ. وَمِن أَفْظَعِ العُقوباتِ الجَسَديَّةِ عُقوبَةُ الإِعْدامِ اَلَّتِي كَانَتْ ومَازالَتْ تُهينُ الإنْسَانِيَّةَ وَالَّتِي تَطَوَّرَتْ عَبْرَ الزَّمَنِ فِي أَبْشَعِ صُورَةٍ. وَقَدْ تَعَدَّدَتْ المُناقَشاتُ وَاَلْمُجادَلاتُ فِي هَذَا الصَّدَدِ. وهناك دول توصلت إلى إلغاء هذه العقوبة، ودول ما تزال مصرة على تطبيقها. وَمِن أَهَمِّ النِّقاشاتِ اَلَّتِي رَسَخَتْ فِي تَارِيخِ البَشَريَّةِ وَالَّتِي اتَّسَمَتْ بِالْحِكْمَةِ والْفِطْنَةِ مُناقَشَةُ رُوبِيرْ بَادِينْتِيرْ الـمُحَامِي ووَزيرِ العَدْلِ الفرنسي الأسبق والْأُسْتاذِ فِي الحُقوقِ، ولأهميتها ارْتَأَيْنَا تَرْجَمَتَها إِلَى اللُّغَةِ العَرَبيَّةِ وهو ما يسهم في إثراء الطبيعة الإنسانية لِلْفِكْرِ، والفكر الحقوقي في وجه خاص.

بنيت الـمُنَاقَشَةُ على أساس “خِطابٍ مِنْ أَجْلِ إِلْغاءِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ فِي مَجْلِسِ النّوّابِ”. وهو بمثابة مُقْتَطَفٌ مِنْ كِتابٍ “ضِدَّ عُقوبَةِ الإِعْدام” [1]  لرُوبِيرْ بَادِينْتِيرْ. فهو هدف مِنْ خِلالِ الحُجَجِ اَلَّتِي تَطَرَّقَ إِلَيْهَا في إِقْناعِ أَعْضاءِ المَجْلِسِ بِالتَّصْوِيتِ عَلَى إِلْغاءِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ مُؤَكِّدًا الأَهَمّيَّةَ اَلَّتِي يَضْطَلِعُ بِهَا الإِلْغاءُ، مُسْتَخْدِمًا بَلاغَةً وَحنْكَةً أثرت في النّوّابَ وكشفت عَنْ خِبْرَتِهِ الواسِعَةِ وَدِرايَتِهِ العَميقَةِ بالوَاقعِ القَضائِي والفكر الحقوقي.

يُعْتَبَرُ هَذَا الخِطابُ تَتْوِيجًا لِلنِّضَالِ الطَّويلِ اَلَّذِي كَافَحَ مِنْ أَجْلِهِ أُولَئِكَ اَلَّذِينَ دافَعوا وَبِشِدَّةٍ عَنْ مَسألَةِ الإِلْغاءِ. وَبِفَضْلِ هذَا الجِدَالِ الذي جَمَعَ بَيْنَ أَهَمِّ المَفاهيمِ والْحَقائِقِ والْعَوامِلِ العاطِفيَّةِ، أُلغِيَتْ عُقوبَةِ الإِعْدامِ إلغَاءً فعَّالاً فِي الـ17 من سِبْتَمْبِرَ 1981.

يُعَدُّ الحَقُّ فِي الحَياةِ مِنْ أَهَمِّ الحُقوقِ اَلَّتِي تَلازِمُ الإنسانَ وَالَّتِي لَا يَجُوزُ انْتِهاكُها، وَمِن الواجِبِ احْتِرامُها نَظَرًا إلى كَوْنِهَا مَبْدَأً أَخْلَاقِيًّا غَيْرَ قابِلٍ لِلتَّصَرُّفِ، ولاعتبارها مِنْ أَهَمِّ الحُقوقِ اَلَّتِي كَرَّمَ اللَّهُ بِهَا الانسانَ. لَكِنَّ الإِعْدامَ يُمارِسُ مُنْذُ زَمَنٍ بعيد تَحْتَ مُسَمَّى الرَّدْعِ والْإِصْلاحِ وَفِي طَيَّاتِهِ نَجِدُ مَعْنًى لِلْقَهْرِ والثَّأْرِ والْعُنْفِ وَهَذَا مُعاكِسٌ لِلدِّينِ والْقيَمِ والاخِّلاقِ. فَاَلْعَدالَةُ تَصْلِحُ جَريمَةً بِارْتِكَابِ جَريمَةٍ أُخْرَى دُونَ الِاهْتِمامِ بِهَوْلِ مَشاعِرِ المعاقب بالإعدام، مَشاعِرِ عائِلَتِهِ وَمَشاعِرِ أَحِبّائِهِ العَصيَّةِ عَنْ الوَصْفِ.

لِذلكَ فَإِنَّ إِلْغاءَ هذه العقوبة يُعْتَبَرُ ضَرورَةً أَخْلاقيَّةً بِاعْتِبَارِهَا غَيْرَ عادِلَةٍ وَغَيْرَ فَعّالَةٍ وَهِيَ دَليلٌ عَلَى انتهاك قُدْسيَّةِ الحياة الاِنْسانيَّةِ وتدنّي َمَكَانَتِهَا، نَظَرًا إلى كَوْنِ هذه العقوبة مِنْ الوَسائِلِ المُثيرَةِ لِلْكَرَاهِيَةِ والِانْتِقامِ، وتَطْبيقها لَا يُشَكِّلُ رادِعًا لِأَنَّهُ عِنْدَ اِرْتِكابِ اَلْجَريمَةِ لَا شَيْءَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُثْنيَ القاتِلَ عَنْ الفعل، كَمَا يُمْكِنُ إِعْدامُ المَحْكومِ عَلَيْهُ بِجَريمَةٍ لَمْ يَرْتَكِبْهَا بِسَبَبِ خَطَأٍ قَضائيٍّ وَلَا يُمْكِنُ لِلْعَدَالَةِ تَدارُكُهُ لِأَنَّ النِّظامَ القَضائيَّ غَيْرُ مَعْصومٍ مِنْ الخَطَأِ. إِنَّ التَّصَدّيَ إلى الْعُنْفِ بِعُقوبَةِ الإِعْدامِ لَيْسَ حَلًّا بِأَيِّ حَالٍ مِنْ الأَحْوَالِ، فَاَلْعَدالَةُ مِنْ شَأْنِها التَّصْحيحُ لَا العِقابُ، ومنْ شَأنهَا التَأهِيلُ لاَ الإهلاك.

قُمْنَا بِاخْتِيَارِ وَتَرْجَمَةِ هَذَا الخِطابِ عَلَى وَجْهِ الخُصُوصِ نَظَرًا لِلْأَهَمِّيَّةِ القُصْوَى اَلَّذِي يَضْطَلِعُ بِهَا وَلِكَوْنِهِ زاخِرٌ بِشَتَّى المَعاني والْقيَمِ الإِنْسانيَّةِ. فَهُوَ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ أُسُسًا وَمَفاهيمَ عَميقَةً تَطْمَحُ إِلَى إِصْلاحِ البَشَريَّةِ وَتَطَوُّرِهَا. لِذَلِكَ حَاوَلْنَا جَاهِدِينَ تَحْقيقَ التَّكَافُؤ والتَّناظُرِ فِي اللُّغَةِ الهَدَفَ تَشْكِيلًا لِلْوَعْيِ البَشَريِّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ اللُّغَةَ العَرَبيَّةَ تَتَمَيَّزُ بِجَماليّاتِ مَعَانِيهَا وَغَزارَةِ مُفْرَداتِها وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ التَّرْجَمَةَ تُعَدُّ الخَيْطَ النّاظِمَ اَلَّذِي يَدْعَمُ وَيَرْبُطُ علاقات البَشَريَّةَ. وقد حَاوَلْنَا جَاهِدِينَ المُحافَظَةَ عَلَى سَلامَةِ مَعْنَى النَّصِّ الفَرَنْسيِّ وَنَقَلَ مَضْمونهُ بِكُلِّ أَمانَةٍ.

 وَبَذْلْنا قُصَارَى جُهْدِنا لتوليد نَصٍّ جَديدٍ مواز للنص الأَصْلِي ولَا يَشُوبُهُ قُصورٌ.

نص الوثيقة

عقوبة الإعدام

السّيد وَزِيرُ العَدْلِ: سَيِّدِي الرَّئِيسُ، سَيِّدَاتِي وَسَادَتِي، يُشَرِّفُنِي بِاسْمِ حُكُومَةِ الجُمْهُورِيَّةِ أَن أَطْلُبَ مِنْ مَجْلِسِ النُوَّابِ إِلْغَاءَ عُقُوبَة ِالإِعْدَامِ فِي فِرَنْسَا.

وَفِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ، الّتِي يُدْرِكُ كُلٌّ مِنْكُم أَهَمِّيَتَهاَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَدَالَتِنَا وَإِلَيْنَا. أَوَدُّ أَنْ أَبْدَأَ بِشُكْرِ لَجْنَةِ القَوَانِينِ عَلَى تَفَهُّمِهَا لِرُوحِ مَشْرُوعِ القَانُون المُقَدَّمِ إِليْهَا. وَعَلَى وَجْهِ الخُصُوصِ، مُقَرِّرِ اللَّجْنَةِ، السَيِّدِ رِيِمُونْدْ فُورْنِي [3]. لَيْسَ فَقَطْ لِأَنَّهُ رَجُلٌ ذا مُرُوءَةٍ وَمَوْهِبَةٍ، بَل لِأَنَّهُ نَاضَلَ فِي السَّنَوَاتِ الْمَاضِيَّةِ مِنْ أَجْلِ إلْغَاءِ عُقوبَةِ الإِعْدَامِ. وَبِالْإِضَافَةِ إِلَى شَخْصِهِ، أَوَدُّ أَن أُعْرِبَ عَن تَقْدِيرِي لِكُلِّ هَؤُلَاءِ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَن انْتِمَاءَاتِهِمْ السِيَّاسِيّةِ، الَّذِينَ عَمِلُوا أَيْضًا عَلَى مَدَارِ السَّنَوَاتِ الْمَاضِيَةِ وَلاَسِيَمَا فِي لِجَانِ الْقَوَانِينِ السَّابِقَةِ مِن أَجْلِ تَقْرِيرِ الْإِلْغَاءِ حَتَّى قَبْلَ التَّغْيِيرِ السِّيَاسِيّ الْكَبِيرِ الَّذِي نَشْهَدُه.

إِنَّ هَذَا التَّوَاصُلَ الذِّهْنِيَّ، هَذَا الْمُجْتَمَعَ الفِكْرِيَّ، مِن خِلَالِ هَذِه الانْقِسَامَاتِ السِّيَاسِيَّةِ يُوَضِّحُ أَنَّ الْجَدَلَ الْقَائِمَ أَمَامَكُم الْيَوْمَ هُوَ جَدَلُ ضَمِيرٍ وَخِيَارٍ سَوْفَ يَلْتَزِمُ بِهِ كُلٌّ مِنْكُم شَخْصِيًّا. لَقَدْ كَانَ رِيمُونْدْ فُورْنِي مُحِقّـًا عِنْدَمَا أَكَّدَ أَنَّ مَسِيرَةً طَوِيلَةً تَنْتَهِي الْيَوْمَ.

لَقَد مَضَى أَكْثَرُ مِن قَرْنَيْنِ مِن الزَّمَنِ، مُنْذُ أَن دَعَا بِيلِيتِهْ دِي سَانْ فَارْجُو [4] إِلَى إِلْغَاءِ عُقُوبَةِ الْإِعْدَام ِفِي أَوَّلِ مَجْلِسٍ بَرْلَمانِيٍّ وَكَانَ ذَلِكَ عَام 1971.

أُشَاهِدُ تَقَدُّمَ فِرَنْسَا.

إنّ فِرَنْسَا عَظِيمَةٌ، لَيْسَ فَقَطْ بِسَبَبِ قُوَّتِهَا، بَل وَأَيْضاً بِسَبَبِ تَأَلُّقِ الْأَفْكَارِ، وَالْأَسْبَابِ، وَالسَّخَاءِ الَّذِي سَادَ فِي اللَّحَظَاتِ الْمُتَمَيِّزَةِ مِن تَارِيخِهَا.

فِرَنْسَا دَوْلَةٌ عَظِيمَةٌ لِأَنَّهَا كَانَت الْأُولَى فِي أُورُوبا الَّتِي أَلْغَت التَّعْذِيبَ عَلَى الرَّغْمِ مِنَ الْعُقُولِ الوَاثقةِ الَّتِي كَانَت تَهْتِفُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّهُ بدُونِ تَعْذِيبٍ سَوْفَ َيُنْزَعُ سِلَاحُ الْقَضَاء الفِرَنْسِيّ وَأَنَّهُ بدُونِ تَعْذِيبٍ سَوْفَ تُسَلَّمُ أفْضَلُ المَسَائِلِ إِلَى الأَوْغَادِ.

كَانَت فِرَنْسَا مِن أَوَائِلِ الدُّوَلِ فِي الْعَالَمِ الَّتِي أَلْغَت الْعُبُودِيَّةَ، وَهِي جَرِيمَةٌ لَا تَزَالُ تُهِينُ الْإِنْسَانِيّةَ.

قَد تَبَيَّنَ أَنَّ فِرَنْسَا، عَلَى الرَّغْمِ مِن كُلِّ الجُهُودِ الشُّجَاعَةِ الَّتِي بَذَلَتْهَا، كَانَت وَاحِدَةً مِنْ آخِرِ الْبُلْدَان، وَكَانَت الْأَخِيرَةَ تَقْرِيبًا − وَأَنَا أَخْفِضُ صَوْتِي لَأَقُولَ ذَلِكَ − فِي أُورُوبا الْغَرْبِيَّةِ، حَيْثُ كَانَت فِي كَثِيرٍ مِنَ الأحْيانِ َالْقُطْبَ لِإِلْغَاءِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ.

لِمَاذَا هَذَا التَّأْخِيرُ، هَذَا هُوَ السُّؤَالُ الْأَوَّلُ الَّذِي يُوَاجِهُنَا؟

هَذَا لَيْسَ خَطَأَ الْهَنْدَسَةِ الوَطَنِيَّةِ، إِنَّ فِرَنْسَا هِيَ الْمَكَانُ الَّذِي غَالِبًا مَا نَشَأَتْ فِيهِ أَعْظَمُ الْأَصْوَاتِ تِلْكَ الَّتِي كَانَ لَهَا صَدَى أَعْلَى وَأَبْعَدَ فِي الْوَعْيِ الْبَشَرِيِّ، تِلْكَ الَّتِي دَعَمَت وَبِشِدّةٍ قَضِيَّةَ الْإِلْغَاءِ. لَقَدْ تَذَكَّرْتُ، بِحَقٍّ، السَّيِّدَ فُورْنِي، هُوغُو [5] وَسَأُضِيف مِنْ بَيْنِ الْكُتَّابِ، كَامُو [6] كَيْفَ لَا نُفَكّرُ أَيْضًا فِي جَامْبِيتَا [7]، كْلِيمُنْصُو [8] وَلَاسِيَّمَا جُورِيسْ [9] الْعَظِيمِ؟ لَقَدْ نَهَضُوا جَمِيعاً وَأَيَّدُوا قَضِيَّةَ الْإِلْغَاءِ.

فَلِمَاذَا سَيَسْتَمِرُّ الصَّمْت وَلِمَاذَا لَم نُلْغِه؟

وَلَا أَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ أيضاً إِلَى الْمِزَاج الوَطَنِيّ. لَا شَكَّ أَنَّ الفَرَنْسِيِّينَ لَيْسُوا أَكْثَر قَمْعًا، وَلَا أَقَلَّ إِنْسَانِيةً مِن غَيْرِهِم مِنَ الشُّعُوبِ. وَأَنَا أَعْلَمُ هَذَا مِن وَاقِعِ خِبْرَتِي. إِنَّ الْقُضَاةَ والمُحَلِّفِينَ الفَرَنْسِيِّينَ يَعْرِفُونَ أَنَّهُم أَكْثَرُ سَخَاءً مِنْ غَيْرِهِم. لِذَا فَإِنَّ الْإِجَابَةَ لَيْسَت هُنَا. عَلَيْنَا الْبَحْثُ عَنْهَا فِي مَكَانٍ آخرَ.

وَمَن جَانِبِي، أَرَى تَفْسِيرًا ذَا طَابَعٍ سِيَاسِيٍّ. كَيفَ؟

جَمَعَ الْإِلْغَاءُ، كَمَا قُلْتٌ، عَلَى مَدَى قَرْنَيْنِ مِنْ الزَّمَنِ، نِسَاءً وَرِجَالًا مِن جَمِيعِ الطَّبَقَاتِ السِّيَاسِيَّةِ، وَأَكْثَرُ مِن ذَلِكَ مِن جَمِيعِ طَبَقَاتِ الْأُمّةِ.

وَلَكِن إذَا أَخَذْنَا بِعَيْنِ الاعْتِبارِ تَارِيخَ بَلَدِنَا، فَسَوْفَ نُلَاحِظ ُأَنَّ الْإِلْغَاءَ، عَلَى هَذَا النَّحْوِ، كَان دَائِمًا أَحَدَ قَضَايَا الْيَسَارِ الفَرَنْسِيِّ.

عِنْدَمَا أَقُولُ الْيَسَارَ، أَعْنِي قُوَى التَّغْيِيرِ، قُوَى التَّقَدُّمِ، وَأَحْيَانًا قُوَى الثَّوْرَةِ، تِلْكَ الَّتِي، عَلَى أَيَّ حَالٍ، تَقَدُّمِ التَّارِيخِ. (تَصْفيقٌ فِي مَقاعِدِ الِاشْتِرَاكِيِّينَ وَفِي العَديدِ مِن مَقاعِدِ الشُّيُوعِيِّينَ وَفِي بَعْضِ مَقاعِدِ الِاتِّحادِ مِن أَجْلِ الدّيمُقْراطيَّةِ الفَرَنْسيَّةِ).

فَقَطْ تَفَحّصُوا مَا هِيَ الْحَقِيقَةُ أُنْظُرُوا إلَيْهَا؟

تذَكَرْت ُعَامَ 1791 أَوَّلَ دُسْتُورٍ تَأْسِيسِيٍّ فِي الْعَالَمِ وَرَغْمَ أَنَّ أوروبا لَم تُلْغِ بَعْدُ عُقُوبَةَ الْإِعْدَامِ فَإِنَّهَا طَرِحَت هَذَا السُّؤَالَ بِجُرْأَةٍ مُذْهِلَةٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. فَقَد نَجَحَتْ فِي تَقْليصِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ عَلَى نَحْوِ لَم يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ فِي أَيِّ مَكَانٍ آخَرَ مِن أُورُوبا.

وَأَعْلَنَ أَوَّلُ مَجْلِسٍ جُمْهُورِيٍّ عَرَفَتْهُ فِرَنْسَا، الْمُؤْتَمَرُ الْكَبِيرُ، فِي الـ4 من أُكْتُوبَرْ مِنْ السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِلْجُمْهُورِيَّةِ، أَنَّ عُقوبَةَ الإِعْدامِ قَد أُلْغِيَت فِي فِرَنْسَا مُنْذُ لَحْظَةِ اِسْتِعادَةِ السَّلَامِ الْعَامِّ.

السَّيدُ أَلْبِرْتْ بْرِوشَارْدْ [10]:

أَوْ تَعْرِفُ مَا تَكلُفَتُهُ فِي الفُنْدِي؟

العَدِيدُ مِنَ النُّوَّابِ الاشْتِرَاكيينَ:

صَمْتٌ أَيُّهَا الشُّوَانْ.

السَّيِّدُ وَزِيرُ الْعَدْلِ:

اسْتُعِيدَ السَّلَامِ، وَلَكِن مَعَهُ وَصَلَ بُونَابَرْتْ [11].

وَكَانَتْ عُقوبَةُ الإِعْدامِ جُزْءًا مِن قَانُونِ العُقُوبَاتِ الَّذِي لَا يَزَالُ لَنَا، وَلَيْسَ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ، وَهَذَا صَحِيحٌ.

وَلَكِنْ دَعُونَا نتّبِعِ الدَوَافِعَ.

عقوبة الإعدام
عقوبة الإعدام

أدَّتْ ثَوْرَةُ 1830 فِي عَامِ 1832 إِلَى تَعْمِيمِ الظُّرُوفِ المُخَفَّفَةِ؛ وَانْخَفَضَ عَدَدُ أَحْكَامِ الْإِعْدَام مُبَاشَرَةً إِلَى النِّصْفِ.

أَدَّتْ ثَوْرَةُ 1848 إِلَى إلْغَاءِ عُقوبَةِ الإِعْدَامِ فِي الْمَسَائِلِ السِيَّاسِيَّةِ الَّتِي لَم تَعُد فِرَنْسَا تُشَكِّكُ فِيهَا حَتَّى حَرْبِ 1939 .

وَلِتُعْرَضَ مَسْأَلَةُ الإِلْغاءِ مَرَّةً أُخْرَى عَلَى مُمَثِّلِي الشَّعْبِ، عَلَيْنَا الِانْتِظارُ حَتَّى يَتِمَّ تَأْسيسُ أَغْلَبيَّةٍ يَساريَّةٍ فِي مَرْكَزِ الحَياةِ السّياسيَّةِ الفَرَنْسيَّةِ، فِي السَّنَوَاتِ التّاليَةِ لِعَامِ 1900. فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ اِشْتَبَكَ بَارِيسْ [12] وَجُورِيسْ، فِي نَقَاشٍ يُحَافِظُ تَارِيخُ بَلَاغَتِهِ عَلَى الذّاكِرَة الحَيَّةِ.

كَانَ جُورِيسْ − الَّذِي أُحَيّيهِ نِيَابَةً عَنْكُمْ جَمِيعًا − مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ المتحدّثينَ عَنِ الْيَسَارِ، الَّذِي قَاد أَسْمَى، وَأَبْعَدَ، وأَنْبَلَ بَلاَغةٍ لِلْقَلْبِ وَبَلَاغَةٍ لِلْعَقْلِ، الشَّخْصُ الَّذِي خَدَمَ الاشْتِرَاكِيَّةَ وَالحُرِّيَّةَ وَالْإِلْغَاءَ. (تَصْفِيقٌ مِن مَقَاعِدِ الاشْتِرَاكِيَّةِ وَالعَدِيدِ مِن مَقَاعِدِ الشُيُوعِيَّةِ).

جُورِيسْ … (الانْقِطَاعَات مِن مَقَاعِدِ اتِّحَاد الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ الْفِرَنْسِيَّةِ والتَجَمُّعِ مِنْ أَجْلِ الجُمْهُورِيَّةِ).

هَل هُنَاكَ أَسَمَاءٌ لَا تَزَالُ تُزْعِجُ بَعْضَكُم؟ (تَصْفِيقٌ مِن مَقَاعِدِ الاشْتِرَاكِيَّةِ والشُيّوعِيَّةِ).

السَّيِّدُ مَايْكِلْ نُوّارْ [13]:

اِسْتِفْزَازِيٌّ!

السَّيِّدُ جَانْ بْرُوكَارْدْ [14]:

أَنْتَ لَسْتَ فِي الْمَحْكَمَةِ، وَلَكِن فِي الْمَجْلِسِ.

السَّيِّدُ رَئِيسُ مَجْلِسِ النُّوَّابِ:

أَعْضَاءُ الْمُعَارَضَةِ، مِن فَضْلِكُم

إِنَّ جُورِيسْ يَنْتَمِي، مِثْل غَيْرِهِ مِنَ السِّيَاسِيِّينَ، إِلَى تَارِيخِ بِلَادِنَا. (تَصْفِيق مِن نَفْسِ الْمَقَاعِدِ).

السَّيِّدُ رُوجِرْ كُورِيزْ [15]:

وَلَكِن لَيْسَ بادينتير.

السَّيِّدُ رُوبِرْت وَاجِنْرْ [16]:

احْتَفَظ بِتَأْثِيرَاتِك لِلْمَحْكَمَةِ، سَيِّدي الوَزيرِ.

السَّيِّدُ الرَّئِيسُ:

السَيِّدُ وَزِيرُ الْعَدْلِ، مِنْ فَضْلِكَ تَابِعْ.

السَّيِّد وَزِيرُ الْعَدلِ:

أَيُّهَا السادَّةُ؛ لَقَدْ أُلْقِيَتُ التَّحِيَّةَ عَلَى بَارِيس عَلَى الرَّغْمِ مِنْ بُعدِ آرائِنَا بِشَأْنِ هَذِهِ الُّنُّقْطَةِ؛ لَسْتُ بِحَاجَةٍ إلَى الإِصْرَارِ.

وَلَكِن يَجِبُ أَن أُذَكِّرَ، لِأنَّهُ مِنَ الْوَاضِحِ أَنَّ كَلِمَاتِهِ لَم تَنْطَفِئ دَاخِلَكُم، الْعِبَارَةُ الَّتِي قَالَهَا جُورِيسْ «إِنَّ عُقُوبَةَ الإِعْدَامِ تَتَعَارَضُ مَعَ مَا كَانَت الْبَشَرِيَّةُ قَد فَكَّرَت فِيهِ مُنْذُ أَلْفَي عَامٍ مِنَ الرُّقِيِّ وَالْأَحْلَامِ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِرُوحِ المَسِيحِيَّةِ وَرُوحِ الثَّوْرَةِ عَلَى حَدّ ٍسَوَاء».

وَفِي عَامِ 1908 شَرَعَ بِرْيَانْدْ [17] ِبدَوْرِهِ فِي مُطَالَبَةِ مَجْلِسِ النّوابِ بِإِلْغاءِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ. وَالْغَرِيبٌ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ مُسْتَخْدِمًا بَلَاغَتَهُ بَل حَاوَلَ إقْنَاعَ الْمَجْلِسِ بِتَمْثِيلِهِ لِحَقِيقَةٍ بَسِيطَةٍ لِلْغَايَةِ، وَهِي الْحَقِيقَةُ الَّتِي كَشَفَتْ عَنْهَا التَّجْرِبَةُ الْأَخِيرَةُ − وَهِي الْمَدْرَسَةُ الوَضْعِيّة −.

وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ نَتِيجَةً لِشَتَّى الْمُمَارَسَاتِ الَّتِي اتَّسَم َبِهَا رُؤَسَاءُ الجُمْهُورِيَّةِ، الّذِينَ خَلَفُوا بَعْضُهُم بَعْضًا خِلَال هَذِهِ الْفَتْرَةِ مِنْ الِاسْتِقْرَارِ الاجْتِمَاعِيِّ وَالاقْتِصَادِيِّ الْكَبِيرِ، تَطَوَّرَت مُمَارَسَةُ عُقوبَةِ الإِعْدامِ تَطَوُّرًا فَرِيدًا خِلاَلَ مَرَّتَيْنِ لِمُدَّةِ عَشْرِ سَنَوَاتٍ: 1888 – 1897 قَد أُعْدِم الرُّؤَسَاءُ، 1898 – 1907 كَانَ الرُّؤَسَاءُ − لُوبِيتْ [18] وَفَالِييرْ [19] − قَد أَبْدَوْا عُقوبَةَ الإِعْدامِ وَمِن ثَمَّ مَنَحُوا الْعَفْو مَنْحًا مَنْهَجِيًّا .وَكَانَت الْبَيَانَاتُ وَاضِحَةً: فَفِي الْفَتْرَةِ الْأُولَىَ مِنَ التَّنْفِيذِ: 3066 جَرِيمَةِ قَتْلٍ؛ وَفِي الْفَتْرَة الثَّانِيَةِ، حَيْثُ أنَّ شَفَقَةَ الرِّجَالِ بَاءَتْ بِالتَّرَدُّدِ، لِتَخْتَفيِ عُقوبَةُ الإِعْدَامِ مِنَ الْمُمَارَسَاتِ القَمْعيّةِ: 1068 جَرِيمَةِ قَتْلٍ نِصْفُهَا تَقْرِيبًا.

وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي أَنَّ برِياند، بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَبَادِئِ، قَد طَلَبَ مِن مَجْلِسِ النُّوابِ إلْغَاءَ عُقوبَةِ الإِعْدامِ الَّتِي كَانَت فِرَنْسَا قَد رَأَت أَنَّهَا لَم تَكُنْ رَادِعَةً.

واتّضحَ أَنَّ جُزْءًا مِنَ الصَّحَافَةِ بَدَأَ عَلَى الْفَوْرِ حَمْلُةً عَنِيفَةً جِدًّا ضِدَّ دَعَاةِ إلْغَاءِ عُقُوبَةِ الْإِعْدَام. فَقَد تَبَيَّنَ أنّ بَعْضِ أَعْضَاءِ مَجْلِسِ النُّواِبِ لَم يَتَحَلُّوا بِالشَّجَاعَةِ الْكَافِيَةِ لِلدُّخُولِ إلَى مُؤْتَمَرَاتِ القِمَّةِ الَّتِي عَرَضَهَا عَلَيهِم بْرِيَانْدْ. وَهَكَذَا ظلّت عُقوبَةُ الإِعْدامِ فِي عامِ 1908 فِي قوانِيننَا وَمُمَارَسَاتِنَا.

ومنذ خَمسَةٍ وسبعينَ عاماً لم يتلقَ المَجلِسُ البرلَمَاني قطُّ طلباً بإلغاءِ عُقوبةِ الإعْدامِ.

عقوبة الإعدام
عقوبة الإعدام

أنا مُقتنعٌ أنَّه − سَيسْعدُكم − أن أَكونَ أَقَلَّ بلاَغةً من برياند، لَكنَّنِي مُتأكِّدٌ من أنَّكم ستَكونونَ أَكثرَ شَجاعةِ وهذا ماَ يَهمُّ.

السَّيدُ ألبرت بروشارد:

إذَا كانت هَذهِ هِيَ الشَجَاعةُ!

السَّيد روبرت أومونت [20]:

إِنَّ هَذهِ المُقاطَعةَ غَيرُ مُناسبَةٍ!

السَّيدْ روجر كوريز:

كاَنت هُناكَ أيضاً حُكومَاتٌ يَسارِيَّةٌ طَوالَ هَذَا الوَقْتِ!

السَّيِّد وزير العدل:

ويمْكنُ للمَرْءِ أَن يتَسَاءلَ: لماذَا لم يحْدث شَيءٌ في عَامِ 1936؟ والسَبب ُهوَ أَنَّ وقْت َاليَسَارِ كانَ مَحْدودًا. والسَبَبُ الآخَرُ الأكْثرَ بساطَةٍ هوَ أنَّ الحَرْبَ كانَت تُؤَثِّرُ بالفِعلِ على أذهانِ الناس. ومَعَ ذلكَ، فإنَّ أَوقاتَ الحَرْبِ لاَ تُفْضي إلى إثَارةِ مسألَةِ إلغَاءِ عقوبَةِ الإعْدامِ. وهَذا صَحِيحٌ فالحَربُ والإلغَاءُ لاَ يجْتمِعاَن.

جَاءَ التحْريرُ وأنَا علَى اقْتِناعٍ منْ جِهتِي، بِأنَّ السبَبَ في عدمِ طَرحِ حُكومَةِ التَحرِيرِ لِمسألَةِ الإلغَاءِ هُو أنَّ الأوقاتَ العصِيبَةَ، وجَرائِمَ الحَربِ، والمُحاكَماتِ الرَّهيبةَ لِلِاحْتِلَالِ جَعَلَتْ من الحَساسياتِ غَيْر مَقْبُولَةً فِي هَذَا الصَّدَدِ.

ولَمْ يَقْتَصِر الأَمْرُ عَلَى سَلاَمِ الأسلِحَةِ وحسْبُ، بل تعيَّنَ أيضًا علَى سلاَمِ القلوبِ أنْ يعودَ.

وينْطَبِقُ هذَا التَحْلِيلُ أيضًا عَلَى زَمَنِ إنْهَاءِ الاسْتِعْمَار.

ولَكِن بَعْد هذِه التَّجَارِب التَّاريخيَّةِ فَقطْ يمْكِن فِي حقِيقَةِ الأَمْر تَقدِيمُ مَسْألَةِ الإلْغَاء الكُبْرَى إلى مجْلِسِكم.

وَلَن أَتطَرَّقَ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى هَذِهِ المَسْأَلَة − فَقَد فَعَل السّيد فورني ذَلِكَ − وَلَكِن لِمَاذَا، خِلاَلَ المَجْلِسِ التَشْرِيعِي الأَخِيرِ، لَم تَرْغَب الحُكُومَاتُ فِي أَن يُلْغَى مَجْلِسِكُم، فِي حِينِ أنَّ لَجْنَةَ القَوَانِينْ وَالعَدِيد مِنْكُم طَالَبُوا بِشَجَاعَةٍ هَذَا النِّقَاش؟ وَقَد أَعْرَبَ بَعْضُ أَعْضَاءِ الحُكُومَةِ − وَلَيسَ أَقَلَّهَا − عَن دَعْمِهِم الشَّخْصِي لإلْغَاءِ عُقُوبَة الإعْدَام وَلَكِن منَ الواضِح أَنَّ مَن يتَحَمَّلُ مَسؤُولِيَّة اقْتِرَاح الإلغَاء لاَ يَزَالُ في حاَجَة مُلِحَّةٍ إلى الانْتظَارِ في هَذا المَجاَل.

انتَظِرُوا، بَعْد مِئَتَي سَنةٍ!

انْتَظِرُوا، كمَا لَو أَنَّ عُقُوبَة الإعْدَام أَو المِقْصَلَة هِي ثَمْرةٌ ينْبغِي أن نَدَعَهَا تَنْضَج قَبْل أَن نَقْطِفهَا!

انْتَظِرُوا؟ نَحْنُ نُدْرِكُ جَيِّدًا أنَّ السَبَبَ هُو الخَوفُ من الرَّأْي العاَمِّ. فِي الواقِعِ، سَيقُولُ لكُم البَعْضُ، سيِّدَاتِي وَسَادتِي، أنَّه عِنْدَ التَّصْوِيتِ علَى الإلْغَاء سَتتَجَاهَلُ قَوَاعِدَ الدِّيمقْراطِيَّة لأنَّكَ ستَتجَاهَل الرَّأْي العَام. الأمْرُ لَيْسَ كَذلِكَ.

وَلا شَكَّ أنَّهُ فِي لَحْظَةِ التَّصْوِيتِ عَلَى الإِلَغَاء، لَن يَحْتَرِمَ أَحَدٌ القَانُونَ الأَسَاسِي للدِيمُقْرَاطِيَّة أكْثَر مِنْكُم.

وَلاَ أُشِيرُ إِلى فِكْرَةِ أنَّ البَرْلَمَان، وِفْقاً لِلْصُّورَةِ التِي يسْتَخْدِمُهَا رَجُلٌ إنجليزي عَظِيم، “مَنَارَةٌ تَفتَحُ الطَّرِيقَ أمَامَ ظِلَالِ البَلَادِ” وحَسْبُ، بَل بِبَسَاطَةٍ إِلى القاَنُونِ الأَسَاسِي للدِيمُقْرَاطِيَّة، وَهوَ إِرَادَةُ الاقْتِرَاع العاَمِّ، وَاحْتِرَامُ الاقْتِرَاع العَامِّ بالنِّسْبَةِ إلَى الـمَسْؤُولِين المُنْتَخِبِينَ.

ومَعَ ذَلِكَ، َفِي مُنَاسَبتَيْنِ، طُرِحَ السُّؤَالُ مُبَاشَرَةً عَلَى الرَّأْيِّ العاَمِّ − وأنَا مُصِرٌّ عَلَى ذَلِكَ −.

وَقَدْ أَعْلَنَ َرئِيسُ الجُمْهُورِيةِ للجَمِيعِ، لاَ عَن مَشاَعِرِهِ الشَّخْصِيّةِ وحَسْب، بَل عَن عُزَوفِهِ عَن عُقوبَةِ الإعْدَام، وَأَعْرَبَ أَيْضًا بِوضُوحٍ شَدِيدٍ عَن اسْتِعْدَادِهِ لِطَلَبِ الحُكُومَةِ أَنْ تُحِيلَ إِلى البَرْلمَانِ طَلبًا للإِلغَاء، فِي حَالَةِ انْتِخَابِهِ. وَأجاَبَتْ البَلَادُ بِنَعَم.

وَخِلَالَ الحَمْلَةِ الِانْتِخابيَّةِ، أُجْرِيَت انْتِخاباتٌ تَشْريعيَّةٌ. وَهُوَ لَيْسَ أَحَدَ الأَطْرافِ اليَساريَّةِ اَلَّتِي لَم تُدْرِج عَلَنًا فِي بَرْنامَجِهِ..

السَّيِّدُ أَلْبِرْتْ بُرُوشَارْدْ

أَيُّ بَرْنامَجٍ؟

السَّيِّدُ وَزيرُ العَدْلِ

عقوبة الإعدام
عقوبة الإعدام

… إِلْغاءُ عُقوبَةِ الإِعْدامِ. فَقَد انْتَخِبَت البِلادُ أَغْلَبيَّةً يَساريَّةً؛ وَهِيَ بِذَلِكَ، مُدْرِكَةٌ أَنَّهَا توافِقُ عَلَى بَرْنامَجٍ تَشْريعيٍّ يَتَضَمَّنُ إِلْغاءَ عُقوبَةِ الإِعْدامِ فِي مُقَدِّمَةِ الاِلْتِزاماتِ الأَخْلاقيَّةِ.

وَعِنْدَمَا تُصَوِّتونَ لِصَالِحِهَا، فَإِنَّ هَذَا الْمِيثَاقَ الرَّسْميَّ هوَ الْمِيثَاقُ اَلَّذِي يَرْبُطُ بَيْنَ الشَّخْصِ المُنْتَخَبِ والدَّوْلَةِ، اَلْمِيثَاقِ اَلَّذِي يَجْعَلُ مِن واجِبِهِ الأَساسيِّ فِي الِانْتِخابِ هوَ احْتِرامُ الِالْتِزامِ اَلَّذِي تَعَهَّدَ بِهِ مَعَ أُولَئِكَ اَلَّذِينَ اخْتَارُوهُ، وَعَمَليَّةُ احْتِرامِ الِاقْتِرَاعِ العامِّ والدّيمُقْراطيَّةِ هَذِهِ سَتَكُونُ لَكُم.

وَسِيخْبِرْكُم آخَرُونَ بِأَنَّ الإِلْغاءَ لَا يَنْبَغِي أَن يَتَقَرَّرَ إِلَّا بِالِاسْتِفْتَاءِ لِأَنَّهُ يُثِيرُ تَساؤُلاتٍ لِكُلِّ الضَّمائِرِ الإِنْسانيَّةِ، وَإِذَا كَانَ البَديلُ مُتَاحًا، فَإِنَّ المَسْأَلَةَ رُبَّمَا تَسْتَحِقُّ النَّظَرَ. وَلَكِن كَمَا تَعْلَمونَ وَكَمَا أَشَرْتُ أَنَا وَريموند فورني، فَإِنَّ هَذه الطَّريقَ مُغْلَقَةٌ دُسْتُورِيًّا.

وَأَوَدُّ أَن أُذَكِّرَ المَجْلِسَ − وَلَكِن فِي الحَقيقَةِ هَل أَنَا بِحَاجَةٍ إِلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ؟ − بِأَنَّ الجِنِرالَ دِيغول [21]، مُؤَسِّسَ الجُمْهُورِيَّةِ الخامِسَةِ، لَم يَرْغَب فِي أَنْ يُقَرِّرَ المَسائِلَ الِاجْتِماعيَّةَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، المَسائِلَ الأَخْلاقيَّةَ إِجْراءُ الِاسْتِفْتاءِ.

وَلَسْتُ بِحَاجَةٍ إِلَى تَذْكيرِكُم أَيْضًا، سَيِّداتِي وَسَادَتِي، بِأَنَّ العُقوبَةَ الجِنائيَّةَ لِلْإِجْهَاضِ وَكَذَلِكَ عُقوبَةَ الإِعْدامِ مَنْصوصٌ عَلَيْهمَا فِي قَوانينِ العُقوباتِ، اَلَّتِي هِيَ بِمُوجِبِ الدُّسْتورِ سُلْطَتُكُم الوَحيدَةُ.

وَلِذَلِكَ، فَإِنَّ الِادِّعاءَ بِالْإِشَارَةِ إِلَى الِاسْتِفْتاءِ، والرَّغْبَةَ فِي الإِجابَةِ فَقَطْ عَن طَريقِهِ هوَ تَجاهُلٌ مُتَعَمَّدٌ لِكُلٍّ مِنْ رُوحِ الدُّسْتورِ وَنَصِّهِ، وَمِن خِلالِ مَهارَةٍ زائِفَةٍ، رَفَضَ التَّحَدُّثَ عَلَنًا بِدَافِعِ الخَوْفِ مِن الرَّأْيِ العامِّ. (تَصْفيقٌ مِن مَقاعِدِ الِاشْتِراكيَّةِ وَمِن بَعْضِ المَقَاعِدِ الشُّيُوعِيَّةِ).

وَلَم تُبْذَل أَيّ جُهودٍ فِي السَّنَوَاتِ الماضيَةِ لِتَنْويرِ هَذَا الرَّأْيِ العامِّ. عَلَى العَكْسِ تَمَامًا! رَفْضْنا تَجْرِبَةَ الدّوَلِ اَلَّتِي أَلْغَتْ عُقوبَةَ الإِعْدامِ، وَلَم نُشَكِّك أَبَدًا فِي الحَقيقَةِ الأَساسيَّةِ اَلَّتِي مُفادُها أَنَّ الدّيمُقْراطيّاتِ الغَرْبيَّةَ العَظيمَةَ وَأَقارِبَنا وَأَخَواتِنا وَجيرانَنا يُمْكِنُهُم العَيْشُ بِدُونِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ. لَقَد أَهْمَلْنَا الدِّراساتِ اَلَّتِي أَجْرَتْهَا جَميعُ المُنَظَّماتِ الدَّوْليَّةِ الكُبْرَى، مِثْلَ مَجْلِسِ أُورُوبا والْبَرْلَمانِ الأوروبّي والْأُمَمِ المُتَّحِدَةِ نَفْسها فِي إِطارِ لَجْنَةِ الدِّراسَةِ المَعْنيَّةِ بِمُكَافَحَةِ الجَريمَةِ. لَقَد كُنَّا نُخْفي النَّتائِجَ الثّابِتَةَ. وَلَم يَكُن هُنَاكَ إِطْلَاقًا أَيُّ ارْتِباطٍ بَيْنَ وُجودِ عُقوبَةَ الإِعْدامِ أَو غِيَابِهَا فِي التَّشْريعاتِ الجِنائيَّةِ وَبَيْنَ مُنْحَنى الجَريمَةِ الدَّمَويَّةِ. وَبَدَلًا مِن الكَشْفِ عَن هَذِهِ الحَقائِقِ الواضِحَةِ وتأكيدها، عمِلْنَا على بعث القَلَقِ وَتَفَشّي الخَوْفِ وَإثارة الِارْتِباكِ. لَقَدْ أَغْلَقْنا المَنَارَةَ بِسَبَبِ الزّيادَةِ المُؤْلِمَةِ اَلَّتِي لَا يُمْكِنُ إِنْكارُها وَالَّتِي يَتَعَيَّنُ مواجَهَتُها، وَلَكِنَّها مُرْتَبِطَةٌ بِالظُّرُوفِ الِاقْتِصاديَّةِ والِاجْتِماعيَّةِ، لِجَرِيمَةِ العُنْفِ صغيرَةِ وَمُتَوَسِّطَةِ الحَجْمِ، اَلَّتِي لَم تَخْضَع قَطُّ، عَلَى أَيَّةِ حَالٍ، لِعُقوبَةِ الإِعْدامِ. وَلَكِنَّ كُلَّ العُقولِ اَلْمُخْلِصَةِ تَتَّفِقُ عَلَى حَقيقَةٍ مُفادُها أَنَّ الجَريمَةَ الدَّمَويَّةَ فِي فَرَنْسَا لَم تَتَبايَن قَطُّ بَل وَحَتَّى إِذَا مَا نَظَرْنا إِلَى عَدَدِ السُّكّانِ فَهِيَ تَميلُ إِلَى الرُّكودِ. لَقَد كُنَّا صامِتينَ. وَبِاخْتِصَارٍ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ الأَمْرُ بِالرَّأْيِ العامِّ، فَقَد أَثارَنا القَلَقُ الجَماعيُّ وَرَفَضْنَا حَقَّ الرَّأْيِ العامِّ فِي الدِّفَاعِ، لِأَنَّنَا كُنَّا نُفَكِّرُ فِي الِاقْتِرَاعِ. (تَصْفيقٌ مِن مَقاعِدِ الِاشْتِرَاكِيِّينَ وَبَعْضِ المَقَاعِدِ الشُّيُوعِيَّةِ).

فِي الحَقيقَةِ، مَسْأَلَةُ عُقوبَةِ الإِعْدامِ بَسيطَةٌ لِأولَئِكَ اَلَّذِينَ يُرِيدُونَ تَحْليلَها بِوُضُوحٍ. فَهِيَ لَا تَنْشَأُ مِن حَيْثُ الرَّدْعُ، أَوْ حَتَّى مِن حَيْثُ الأُسْلوبُ القَمْعيُّ، بَل مِن حَيْثُ الِاخْتيارُ السّياسيُّ أَوْ الأَخْلاقيُّ.

لَقَد قُلُتْ هَذَا بِالْفِعْلِ، وَلَكِنَّنِي سَأُكَرِّرُهُ بِكُلِّ سُرورٍ فِي ضَوْءِ الصَّمْتِ العَظيمِ اَلَّذِي سَبقَهُ: النَّتيجَةُ الوَحيدَةُ اَلَّتِي أَدَّت إِلَيْهَا كُلُّ الأَبْحاثِ اَلَّتِي أَجْرَاهَا عُلَماءُ الجَريمَةِ هِيَ التَّوَصُّلُ إِلَى عَدَمِ وُجودِ صِلَةٍ بَيْنَ عُقوبَةِ الإِعْدامِ وَتَطَوُّرِ الجَريمَةِ الدَّمَويَّةِ.

وَفِي هَذَا الصَّدَدِ، أَوَدُّ أَن أُذَكِّرَكُم بِأَعْمالِ مَجْلِسِ أوروبا فِي عَامِ 1962؛ الكِتابَ الأَبْيَضَ الإِنْجِليزيَّ، وَهُوَ بَحْثٌ دَقيقٌ أجريَ فِي جَميعِ البُلْدانِ اَلَّتِي أَلْغَتْ عُقوبَةَ الإِعْدامِ قَبْلَ أَنْ يُقَرِّرَ الإِنْجِليزُ الإِلْغاءَ وَرَفَضُوا مُنْذُ ذَلِكَ الحِينِ إِعادَةَ العَمَلِ بِهِ مَرَّتَيْنِ. كَذَلِكَ الكِتابُ الأَبْيَضُ الكِنْديُّ، اَلَّذِي اسْتَمَرَّ بِنَفْسِ الأسلوبِ؛ إِضافَةً إِلَى الأَعْمالِ اَلَّتِي قَامَت بِهَا لَجْنَةُ مَنْعِ الجَريمَةِ اَلَّتِي أَنْشَأَتْهَا الأُمَمُ المُتَّحِدَةُ وَالَّتِي تَمَّت صياغَةُ أَحْدَثِ نُصوصِها الأَخيرَةِ فِي الْعَامِ الْمَاضِي فِي كاراكاس؛ وَأَخِيرًا، فَإِنَّ الأَعْمالَ اَلَّتِي قَامَ بِهَا البَرْلَمانُ الأوروبّيُّ، اَلَّتِي أُؤَيِّدُ فِيهَا صَديقَتُنا السَّيِّدَةَ رُودِي [22]، أَسْفَرَت جَرّاءَ هَذَا التَّصْويتِ الأَساسيِّ اَلَّذِي صَوَّتَ بِهِ هَذَا المَجْلِسُ نيابَةً عَن أوروبا اَلَّتِي يُمَثِّلُهَا، وَبِالطَّبْعِ عَن أُورُوبا الغَرْبيَّةِ، بِأَغْلَبيَّةٍ ساحِقَةٍ لِإِزَالَةِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ مِن أوروبا. والْجَميعُ يَتَّفِقُ عَلَى الِاسْتِنْتاجِ اَلَّذِي كُنْتَ أُشيرَ إِلَيْهُ.

عقوبة الإعدام

وَعِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، لَيْسَ مِن الصَّعْبِ عَلَى أولئك الذين يُرِيدُونَ التَشْكِيكَ فِي أَنْفُسِهِم بِالوَلاَءِ، أَنْ يَفْهَمُوا لِمَاذَا لَيْسَ هُنَاكَ بَيْنَ عُقوبَةِ الإِعْدامِ وَتَطَوُّرِ الجَريمَةِ الدَّمَويَّةِ هَذِهِ العَلاقَةَ الرّادِعَةَ اَلَّتِي كَثِيرًا مَا كُنَّا نَبْحَثُ دُونَ العُثورِ عَلَى مَصْدَرِها فِي مَكانٍ آخَرَ، وَسَأَعودُ إِلَى هَذِهِ المَسْاَلَةِ سَرِيعًا. إِذَا فَكَرَتَم فِي الأَمْرِ بِبَسَاطَةٍ، فَإِنَّ أَفْظَعَ الجَرائِمِ، تِلْكَ اَلَّتِي تَسْتَحْوِذُ عَلَى حَساسيَةِ عامَّةِ النّاسِ − وَنَحْنُ نَفْهَمُ ذَلِكَ − غَالِبًا مَا يَرْتَكِبُهَا رِجالٌ يَنْجَذِبُونَ بِدَافِعِ العُنْفِ والْمَوْتِ اَلَّذِي يُلْغي حَتَّى دِفاعاتِ العَقْلِ. فِي لَحْظَةِ الجُنونِ هَذِهِ، فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ مِن العاطِفَةِ القاتِلَةِ، لَا مَكانَ لِاسْتِحْضارِ الأَلَمِ، فِي قَلْبِ رَجُلٍ قاتِلٍ، سَواءً كَانَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا.

لَا تُخْبِرُني أَنَّ هَؤُلَاءِ النّاسَ لَيْسُوا مَحْكُومٌ عَلَيْهُمْ بِالْمَوْتِ. يَكْفِي اسْتِعْراضُ سِجِلّاتِ السَّنَوَاتِ الأَخيرَةِ لِلِاقْتِنَاعِ بِخِلَافِ ذَلِكَ. فَقَد أُعْدِمَ أوليفييه، وَكَشَفَ تَشْريحُ جُثَّتِهِ أَنَّ دِماغَهُ يُعَانِي مِن تَشَوُّهَاتٍ فِي الجَبْهَةِ. وكارين [23] وَروسو [24] وَغاسو [25] أَيْضًا.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلى اْلآخَرِينَ، مَن يُسَمَّون بِاَلْمُجْرِمينَ ذَوِي الدَّمِ البارِدِ، أُولَئِكَ اَلَّذِينَ يَزِنُونَ المَخاطِرَ، أُولَئِكَ اَلَّذِينَ يَتَأَمَّلونَ فِي الرِّبْحِ والْعِقابِ، لَن تَجِدَهُم أَبَدًا فِي اَلْمَواقِفِ اَلَّتِي يُخَاطِرُونَ فِيهَا بالسِّقالَةِ. إِنَّ رِجالَ العِصاباتِ اَلْعَقْلانيّينَ وَمُرْبِحِي الجَرائِمِ وَاَلْمُجْرِمينَ المُنَظِّمينَ وَاَلْقوّادينَ والتُّجّارُ وَالمَافِيَا لَن تَجِدَهُم أَبَدًا فِي مِثْلِ هَذِهِ المَواقِفِ. أَبَدًا! (تَصْفيقٌ مِن المَقَاعِدِ الِاشْتِراكيَّةِ والشُّيوعيَّةِ).

هَؤُلَاءِ اَلَّذِينَ يُشَكِّكُونَ فِي السِّجِلَّاتِ اَلْقَضائيَّةِ، يَعْلَمُونَ أَنَّكُم فِي الثَّلَاثِينَ سَنَةً الماضيَةِ لَم تَجِدُوا هُنَاكَ اسْمُ رَجُلِ عِصاباتٌ “كَبيرٌ”، وَإِذَا كَانَ بِإِمْكَانِنَا اسْتِخْدامُ هَذِهِ الصِّفَةِ عِنْدَ الحَديثِ عَن هَذَا النَّوْعِ مِن الرِّجالِ. فَإِنَّهُ لَم يَكُن هُنَاكَ “عَدوٌّ عَامٌّ” واحِدٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ مَضَى. لِأَنَّ هَذَا هوَ المَكانُ اَلَّذِي تَتَنَاسَبُ فِيه عُقوبَةُ الإِعْدامِ مَعَ واقِعِها.

السَّيدُ جان بروكارد:

وَمَاذَا عَن ميسرين [26]؟

السَّيد هياسينتي سانتوني: [27]

مَاذَا عَن بوفيه [28]؟ ماَذَا عَن بونتون [29]؟

السّيد وَزِيرُ العَدْلِ:

إِنَّ الآخَرِينَ، اَلَّذِينَ ذَكَرْتُهُم سَابِقًا، هُم مِن يَمْلَؤُونَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ.

والْواقِعُ أَنَّ أُولَئِكَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِقِيمَةِ الرَّدْعِ فِي عُقوبَةِ الإِعْدامِ يَجْهَلُونَ الحَقيقَةَ الإِنْسانيَّةَ. لَمْ يَعُد الخَوْفُ مِن المَوْتِ يَعوقُ العاطِفَةَ الإِجْراميَّةَ أَكْثَرَ مِنْ اَلْاِنْفِعالاتِ الأُخْرَى النَّبيلَةِ.

وَإِذَا كَانَ اَلْخَوْفُ مِن المَوْتِ قَدْ يُسَيْطِرُ عَلَى الرِّجالِ فَلَن يَكونَ لَدَيْكُم جُنُودٌ عُظَماءُ وَلاَ رياضيُّونَ عُظَماءُ نَحْتَفي بِهِم وَلَكِنَّهُم لَا يَتَرَدَّدُونَ فِي مواجَهَةِ المَوْتِ. وَالبَعْضُ الآخَرُ، اَلَّذِي تَحْمِلُهُ عَواطِفُ أُخْرَى، لَا يَتَرَدَّدُ أَيْضًا. إِنَّ فِكْرَةَ الخَوْفِ مِن المَوْتِ اَلَّتِي يَحْمِلُهَا الإِنْسانُ فِي عَواطِفِهِ الشَّديدَةِ هِيَ وَحْدَهَا اَلَّتِي تُبَرِّرُ عُقوبَةَ الإِعْدامِ. وهَذَا غَيْرُ صَحيحٍ.

وَبِمَا أَنَّنَا قَد ذكَرْنَا أَسْماءَ اثْنَيْنِ مِن المَحْكومِ عَلَيْهم بِالْإِعْدَامِ وأعدِمُوا لِلتَّوِّ، فَسَوْفَ أُخْبِرُكُم لِمَاذَا ذُكِرُوا أَكْثَرَ مِن أَيِّ شَخْصٍ آخَرَ، يُمْكِنُني أَن أُؤَكِّدَ أَنَّهُ لَا تُوجَدُ قيمَةٌ رادِعَةٌ فِي عُقوبَةِ الإِعْدامِ: اعْلَموا جَيِّدًا أَنَّهُ كَانَ فِي الحَشْدِ حَوْلَ مَبْنَى المَحْكَمَةِ فِي ترويس صَارِخًا، عِنْدَ مُرورِ بوفّيه وَبونتون “اَلْمَوْتُ لِبوفّيهِ! المَوْتُ لبونتون!”كَ انَ شَابًّا اسْمُهُ بَاتْرِيك هِنْري [30]. صِدْقًا، لِدَهْشَتِي، عِنْدَمَا سَمِعْتُ ذَلِكَ، فَهِمَتُ مَا يُمْكِنُ أَن تَعْنِيه القيمَةُ الرّادِعَةُ لِعُقوبَةِ الإِعْدامِ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ! (تَصْفيقٌ مِن المَقَاعِدِ الِاشْتِراكيَّةِ والشُّيوعيَّةِ).

السَّيد بيير ميكو: [31]

اذْهَب لِشَرْحِ ذَلِكَ فِي ترويس!

السّيد وَزِيرُ العَدْلِ:

وَبِالنِّسْبَةِ إِلَيْكُم من هُم مِن رِجالِ الدَّوْلَةِ مُدْرِكونَ لِمَسْؤُولْيَاتْكِم، هَل تَعْتَقِدُونَ أَنَّ رِجالَ الدَّوْلَةِ، أَصْدِقَاءنَا، اَلَّذِينَ يُدِيرُونَ المِنْطَقَةَ وَاَلَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ مَسْؤوليَّةَ الدّيمُقْراطيّاتِ الغَرْبيَّةِ الكُبْرَى، مَهْما كَانُوا يُطَالِبُونَ بِاَلْشَغَفِ فِي القيَمِ الأَخْلاقيَّةِ اَلَّتِي هِيَ قيَمُ بُلْدانِ الحُرّيَّةِ، هَلْ تَعْتَقِدُونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الرِّجالَ المَسْؤُولِينَ كَانُوا سَيُصَوِّتُونَ لِإِلْغَاءِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ أَو مَا كَانُوا لِيُعِيدُوا فَرْضَها لَوْ اعْتَقَدُوا أَنَّهَا يُمْكِنُ أَن تَكونَ ذَاتَ فائِدَةٍ مِنْ قيمَتِها الرّادِعَةِ ضِدَّ جَريمَةٍ دَمَويَّةٍ ؟ سَيَكُونُ مِنَ الإِهانَةً لَهُم أَن يَعْتَقِدُوا ذَلِكَ.

السَّيِّدُ ألبرت بروشارد:

وَمَاذَا عَن كَالِيفُورْنِيَا؟ رِيغَانْ [32] هوَ بِدُونِ شَكٍّ رَجُلٌ مُضْحِكٌ!

السّيد وَزِيرُ العَدْلِ:

سَوْفَ نُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، وأَنَا مُتَأَكِّدٌ مِن أَنَّهُ سَيُقَدَّرُ هَذَا اللَّقَبَ!

يَكْفِي، عَلَى أَيّ حَالٍ، أَنَّ نَسْأَلْكُمْ بِشَكْلٍ مَلْموسٍ وَأَن نَتَّخِذَ مِقْيَاسًا لَمّا كَانَ سَيَعْنيه الإِلْغاءُ بِالضَّبْطِ لَو صُوّتَ عَلَيْهِ فِي فَرَنْسَا فِي عَامِ 1974، عِنْدَمَا اعْتَرَفَ رَئيسُ الجُمْهُورِيَّةِ السّابِقُ طَوَاعِيَةً، وَلَكِن عُمُومًا عَلَى انْفِرادٍ، نُفورُهُ الشَّخْصيُّ مِن عُقوبَةِ الإِعْدامِ.

تَمَّ التَّصْويتُ عَلَى عَمَليَّةِ الإِلْغاءِ فِي عَامِ 1974، بِالنِّسْبَةِ إلى فَتْرَةِ سَبْعِ سَنَوَاتٍ اَلَّتِي انْتَهَت فِي عَامِ 1981، مَاذَا كَانَ يَعْنِي ذَلِكَ لِسَلَامَةِ وَأَمْنِ الفَرَنْسِيِّينَ؟ بِبَسَاطَةٍ: ثَلاثَةُ سُجَناءَ مَحْكُومٌ عَلَيْهُمْ بِالْإِعْدَامِ، كَانُوا لِيُضيفوا إِلَى 333 سَجِينًا فِي سَجْنِنا. ثَلاثَةٌ ُآخَرونَ.

أَيٌّ مِنْهُم؟ أَنَا سَأُذَكِّرُكُم. كرِيستيان رانوتشي [33]: مَا كُنْتُ لِأَحْرِصَ عَلَى اَلْإِصْرارِ، فَهُنَاكَ العَديدُ مِن التَّساؤُلاتِ اَلَّتِي تُطْرَحُ حَوْلَ هَذَا المَوْضوعِ، وَهَذِهِ التَّساؤُلاتُ وَحْدَهَا كافيَةٌ لِإِدَانَةِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ فِي نَظَرِ أَيِّ ضَميرٍ مُحِبٍّ لِلْعَدَالَةِ. جيروم كارين: مَعْتوهٌ، سِكّيرٌ، ارْتَكَبَ جَريمَةً فَظيعَةً. وَلَكِنَّ اَلَّذِي أَخَذَ بِيَدِهِ أَمَامَ القَرْيَةِ كُلِّها الفَتاةُ الصَّغيرَةُ اَلَّتِي كَانَ سَيَقْتُلُها بَعْدَ لَحَظاتٍ وَجِيزَةٍ، مِمَّا يُثْبِتُ ذَلِكَ عَدَمَ عِلْمِهِ بِالْقُوَّةِ اَلَّتِي كَانَت سَتَسُودُ. (تَمْتَمَةٌ عَلَى عِدَّةِ مَقاعِدَ فِي التَّجَمُّعِ مِن أَجْلِ الجُمْهُورِيَّةِ والِاتِّحادِ مِن أَجْلِ الدّيمُقْراطيَّةِ الفَرَنْسيَّةِ). وَأَخِيرًا، هُنَاكَ دجندوبي [34]، اَلَّذِي كَانَ ذَا سَاقٍ واحِدَةٍ، وَبِغَضِّ النَّظَرِ عَن الرُّعْبِ مِن جَرائِمِهِ − والْمُصْطَلَحُ لَيْسَ قَوِيًّا جِدًّا −  فَإِنَّهُ قَد أَظْهَرَ بَعْض عَلاماتِ الِاخْتِلَالِ فِي التَّوازُنِ وَأُخِذَ عَلَى السِّقالَةِ بَعْدَ أَن أَزالَ طَرَفَهُ الِاصْطِناعيَّ.

وَبَعِيدًا عَن فِكْرَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى شَفَقَةِ مَا بْعَد المَوْتِ: فَلَيْسَ هَذَا المَكانُ وَلَا اللَّحْظَةُ، لَكِن بِبَسَاطَةٍ ضَعُوا فِي اعْتِبارِكُمْ أَنَّ المَرْءَ لايَزالُ يَتَسَاءَلُ عَنْ بَراءَةِ الأَوَّلِ، وَأَنَّ الثَّانِيَ كَانَ مَعْتوهًا والثّالِثَ غَيْرَ صالِحٍ.

هَل يُمْكِنُنَا أَن نَدَّعيَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الرِّجالُ الثَّلاثَةُ فِي السُّجُونِ الفَرَنْسيَّةِ، فَإِنَّ سَلامَةَ مُوَاطِنِينَا سَتَكُونُ بِأَيِّ شَكْلٍ مِن الأَشْكَالِ فِي خَطَرٍ؟

عقوبة الإعدام

السَّيْد ألبرت بروشارد:

هَذَا لَا يُصَدَّقُ نَحْنُ لَسْنَا فِي المَحْكَمَةِ!

السَّيد وَزِيرُ العَدلِ:

هَذِهِ هِيَ الحَقيقَةُ والْقياسُ الدَّقيقُ لِعُقوبَةِ الإِعْدامِ إِنَّهُ فَقَطْ هَكَذَا. (تَصْفيقٌ مُطَوَّلٌ مِن مَقاعِدِ الِاشْتِرَاكِيِّينَ وَالشُّيُوعِيِّينَ).

السّيد جان بروكارد:

سأُغادِرُ الجَلْسَةَ.

السَّيِّدُ الرَّئيسُ:

وَمِن حَقِّكَ!

السّيد ألبرت بروشارد:

أَنْتَ وَزيرُ العَدْلِ وَلَسْتَ مُحَامِيًا!

السَّيد وَزِيرُ العَدلِ:

وَيَبْدُو أَنَّ هَذِهِ الحَقِيقَةَ…

السّيْد روجر كوريز:

حَقيقَتُكَ!

السّيْد وَزِيرُ العَدْلِ:

… تُخِيفُنَا.

إِنَّ السُّؤالَ لَا يُطْرَحُ الآنَ مِن حَيْثُ الرَّدْعُ أَوْ أُسْلوبُ القَمْعِ بَل مِن النَّاحِيَةِ السّياسيَّةِ وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ مِن حَيْثُ الْخِيَارُ الأَخْلاقيُّ. وَإِذَا كَانَ لِعُقوبَةِ الإِعْدامِ أَهَمّيَّةٌ سياسيَّةٌ، سَيَكُونُ مِن الْكَافِي النَّظَرُ إِلَى خَريطَةِ العالَمِ لِرُؤْيَتِها. وَيُؤْسِفُني أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْديمُ هَذِهِ الخَريطَةِ إِلَى المَجْلِسِ كَمَا حَدَثَ فِي البَرْلَمانِ الأوروبّيِّ. وَالَّذِي مِن شَأْنِهِ أَن يَرَى البُلْدانَ المَلْغيَّةَ لِعُقوبَةِ الإِعْدامِ وَغَيْرِها، وَبُلْدانِ الحُرّيَّةِ وَغَيْرِها.

السَّيد تشارلز ميوسيك [35]:

يَالَهَا مِن فَوْضَى!

السَّيد وَزِيرُ العَدْلِ:

إِنَّ الاُمورَ واضِحَةٌ. لَقَدْ اخْتَفَت عُقوبَةُ الإِعْدامِ فِي الغالِبيَّةِ العُظْمَى مِن الدّيمُقْراطيّاتِ الغَرْبيَّةِ، وَلَاسِيَّمَا فِي أوروبا، وَفِي جَميعِ البُلْدانِ اَلَّتِي تَتَجَسَّدُ الحُرّيَّةُ فِي مُؤَسَّسَاتِهَا وَتُحْتَرِمُ عَمَلِيًّا.

السَّيد كلود ماركوس [36]:

لَيْسَ فِي الوِلاياتِ المُتَّحِدَةِ.

السَّيد وَزِيرُ العَدْلِ:

قُلُتُ فِي أوروبا الغَرْبيَّةِ، لَكِن مِن المُهِمِّ أَن تُضِيفُوا الوِلاياتِ المُتَّحِدَةَ. الطَّبَقَةُ اكْتَمَلَت تَقْرِيبًا. فِي بُلْدانِ الحُرّيَّةِ، اَلْقَانُونُ العامُّ هوَ الإِلْغاءُ، وَعُقوبَةُ الإِعْدامِ هِيَ الِاسْتِثْناءُ.

السَّيدُ روجر كوريز:

لَيْسَ فِي الدّوَلِ الِاشْتِراكيَّةِ.

السَّيد وَزِيرُ العَدْلِ:

أَنَا لَا أَجْعَلُكَ تَقولُ ذَلِكَ.

فَفِي كُلِّ مَكانٍ فِي العالَمِ، وَبِدُونِ أَيِّ اسْتِثْناءٍ، حَيْثُ تَنْتَصِرُ الدِّكْتاتوريَّةُ وَتُحْتَقَرُ حُقوقُ الإِنْسانِ، تَجِدُ فِي كُلِّ مَكانٍ أَنَّ عُقوبَةَ الإِعْدامِ مُجَسَّدَةٌ فِي شَخْصيّاتٍ دَمَويَّةٍ. (تَصْفيقٌ مِن المَقَاعِدِ الِاشْتِراكيَّةِ).

عقوبة الإعدام

السَّيدُ روجر كوريز:

لَقَدْ لاحَظَ الشُّيُوعِيُّونَ ذَلِكَ!

السَّيد جيرار شاسغيت [37]:

وقَدَّرَ الشُّيُوعِيُّونَ ذَلِكَ.

السَّيد وَزِيرُ العَدْلِ:

إِلَيْكُم الدَّليلُ الأَوَّلُ: فِي بُلْدَانِ الحُرّيَّةِ، صَارَ الإِلْغاءُ هوَ القاعِدَةُ فِي كُلِّ مَكانٍ تَقْرِيبًا. أَمَّا فِي البُلْدانِ اَلَّتِي تَسودُ فِيهَا الدّكْتاتوريَّةُ، تُمارِسُ عُقوبَةَ الإِعْدامِ فِي كُلِّ مَكانٍ.

إِنَّ هَذَا التَّشارُكَ فِي العالَمِ لَا يَنْجُمُ عَن مُجَرَّدِ صُدْفَةٍ، بَلْ يُعَبِّرُ عَن ارْتِباطٍ وَثيقٍ. إِنَّ المَغْزَى السّياسيَّ الحَقيقيَّ لِعُقوبَةِ الإِعْدامِ هوَ أَنَّهَا تَنْبُعُ مِن فِكْرَةِ أَنَّ لِلدَّوْلَةِ الحَقَّ فِي تَقْريرِ مَصيرِ المواطِنِ إِلَى حَدِّ انْتِزاعِ حَياتِهِ. وَهُنَا تَتَجَلَّى عُقوبَةُ الإِعْدامِ فِي الأَنْظِمَةِ الشُّموليَّةِ.

وَبِهَذِهِ الطَّريقَةِ تَجِدُون فِي الواقِعِ القَضائيِّ، وَحَتَّى فِي الواقِعِ اَلَّذِي أَثَارَهُ رِيمُونْدْ فوَرنِي، المَعْنَى الحَقيقيُّ لِعُقوبَةِ الإِعْدامِ. فمَا هِيَ عُقوبَةُ الإِعْدامِ فِي الواقِعِ القَضائيِّ؟

إِنَّ اثْنا عَشَرَ رَجُلًا وامْرَأَةً يَتَعَذَّرُ عَلَيْهمْ التَّحَكُّمُ فِي زِمامِ الاُمور فِي أَيّامٍ قَليلَةٍ مِن جَلَسَاتِ الِاسْتِماعِ، والْحَقُّ أَو أَنَّهُ مِنْ الواجِبِ الرَّهيبِ، اتِّخاذُ قَرارٍ، فِي غُضُونِ بِضْعَةِ أَرْبَاعِ ساعَةٍ، وَأَحْيَانًا بِضْعُ دَقَائِقَ، بِشَأْنِ مُشْكِلَةِ الشُّعورِ بِالذَّنْبِ الصَّعْبَةِ، وَأَبْعَدُ مِن ذَلِكَ، تَحْدِيدِ حَياةٍ أَوْ مَوْتِ كائِنٍ آخَرَ. إِنَّ اثْنَيْ عَشَرَ شَخْصًا، فِي ظِلِّ الدّيمُقْراطيَّةِ، مِن حَقِّهِمْ أَن يَقُولُوا: إِنَّ المَرْءَ لَا بُدَّ أَن يَعيشَ أَو أَن يَموتَ. وَأَنَا أَقولُ هَذَا: إِنَّ مَفْهومَ العَدالَةِ هَذَا لَا يُمْكِنُ أَن يَكونَ مَفْهومَ بُلْدانِ الحُرّيَّةِ، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّحْدِيدِ بِسَبَبِ أَهَمّيَّتِهِ الشُّموليَّةِ.

وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ العَفْوِ، كَمَا أَشَارَ رِيمُونْدْ فورْني، فَلا بُدَّ مِن التَّساؤُلِ عَن هَذَا الحَقِّ. فَعِنْدَمَا كَانَ المَلِكُ يُمَثِّلُ اَلْالهَ عَلَى الأَرْضِ وَمَسْحَتْهُ المَشيئَةُ الإِلَهيَّةُ، كَانَ لِحَقِّ العَفْوِ أَساسٌ شَرْعيٌّ. وفِي حَضارَةٍ، فِي مُجْتَمَعٍ تَتَشَبَّعُ مُؤَسَّساتُهُ بِالْإِيمَانِ الدّينيِّ، مِن السَّهْلِ أَن نَفْهَمَ أَنَّ مُمَثِّلَ اللَّهِ يُمْكِنُ أَن يَكونَ لَهُ الحَقُّ فِي الحَياةِ أَو المَوْتِ.

وَلَكِن فِي جُمْهوريَّةٍ، فِي ديمُقْراطيَّةٍ، مَهْما كَانَت مَزَايَاهَا وَمَهْما كَانَ وَعْيُها لَا يَجُوزُ لِأَيِّ اِنْسانٍ أَوْ لِأَيِّ سُلْطَةِ التَّمَتُّعُ بِمِثْلِ هَذَا الحَقِّ عَلَى ايِّ شَخْصٍ كَان فِي وَقْتِ اَلسِّلْمِ.

السَّيد جان فالالا [38]:

مَاعَدَا القَتَلَةُ!

السَّيد وَزِيرُ العَدْل:

وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ المُشْكِلَةُ الرَّئيسيَّةُ اليَوْمَ حَيْثُ يَنْظُرُ البَعْضُ إِلَى عُقوبَةِ الإِعْدامِ بِاعْتِبَارِهَا المَلاذَ الأَخيرَ، وَبِاعْتِبَارِهَا شَكْلًا مِن أَشْكالِ الدِّفَاعِ الشَّديدِ عَن الدّيمُقْراطيَّةِ ضِدَّ التَّهْديدِ الخَطيرِ اَلَّذِي يُشَكِّلُهُ الإِرْهابُ. كَمَا يَزْعُمُونَ أَنَّ المِقْصَلَةَ مِن شَأْنِها أَن تَحْميَ الدّيمُقْراطيَّةَ فِي نِهايَةِ المَطافِ بَدَلًا مِن إِهانَتِها.

وَتَنْبُعُ هَذِهِ الحُجَّةُ مِن الِافْتِقارِ التّامِّ إِلَى المَعْرِفَةِ بِالْوَاقِعِ. والْواقِعُ أَنَّ التّاريخَ يَبينُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ هُنَاكَ نَوْعٌ واحِدٌ مِن الجَرائِمِ لَم يَتَراجَعْ أَبَدًا عَنْ التَّهْديدِ بِالْمَوْتِ، فَهُوَ الجَريمَةُ السّياسيَّةُ. وَبِشَكْلٍ مُحَدَّدٍ، إِذَا كَانَ هُنَاكَ نَوْعٌ واحِدٌ مِن النِّساءِ أَو الرِّجالِ لَا يُمْكِنُ أَن يوقِفَهُ التَّهْديدُ بِالْمَوْتِ فَهُوَ الإِرْهابيُّ. أَوَّلًا، لِأَنَّهُ يُوَاجِهُهُ أَثْناءَ أَعْمالِ العُنْفِ؛ ثَانِيًا، لِأَنَّهُ يُعَانِي فِي أَعْمَاقِهِ مِن هَذَا الِافْتِتانِ الغامِضِ بِالْعُنْفِ والْمَوْتِ، اَلَّذِي نُعْطيه، وَلَكِنْ أَيْضًا اَلَّذِي نَتَلَقّاه. إِنَّ الإِرْهابَ اَلَّذِي يُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيَّ جَريمَةٍ كُبْرَى ضِدَّ الدّيمُقْراطيَّةِ، وَالَّذِي إِذَا مَا انْتَشَرَ فِي هَذَا البَلَدِ، سَيُقْمَعُ وَيُلاحَقُ بِكُلِّ مَا يَلْزَمُ مِنْ حَزْمٍ، لَهُ صَرْخَةٌ تَجَمُّعٍ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ الأَيْديولوجيَّةِ اَلَّتِي تُحَرِّكُهُ. وَهِيَ الصَّرْخَةُ اَلرَّهيبَةُ اَلَّتِي أَطْلَقَهَا اَلْفاشيّونَ فِي الحَرْبِ الأَهْليَّةِ الإِسْبانيَّةُ: “يَعيشُ المَوْتُ!”، “يَعيشُ المَوْتُ!” لِذَا، فَإِنَّ الِاعْتِقادَ بِأَنَّنَا سَنوقِفُهُ بِالْمَوْتِ هوَ وَهُم.

دَعونا نَذْهَبُ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ. فَإِذَا رَفْضْنا إِعادَةَ تَطْبيقِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ، فِي الدّيمُقْراطيّاتِ المُجاوِرَةِ، اَلَّتِي كَانَتْ ضَحيَّةَ الإِرْهابِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ بِطَبِيعَةِ الْحَالِ إِلَى مُتَطَلَّباتٍ أَخْلاقيَّةٍ، وَلَكِنْ أَيْضًا إِلَى أَسْبابٍ سياسيَّةٍ. كَمَا تَعْلِّمونَ، فِي الواقِعِ، فِي نَظَرِ البَعْضِ وَلَاسِيَّمَا الشَّبابُ، فَإِنَّ إِعْدامَ الإِرْهابيِّ يَتَجاوَزُهُ، وَيُجَرِّدُهُ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ الواقِعُ الإِجْراميُّ لِأَفْعالِهِ، ويَجْعَلُهُ بَطَلًا كَانَ يَعْتَقِدُ أنّهُ قَدْ يَصِلُ إِلَى نِهايَةِ السِّباقِ، وَالَّذِي كَانَ قَدْ التَزَمَ بِخِدْمَةِ قَضيَّةٍ، مَهْما كَانَت عَصِيبَةً، كَانَ سَيَخْدِمُها حَتَّى المَوْتِ. لِذَلِكَ، هُنَاكَ خَطَرٌ كَبيرٌ، قيَّمَهُ رِجالُ الدَّوْلَةِ عَلَى وَجْهِ التَّحْدِيدِ فِي الدّيمُقْراطيّاتِ الصِّدّيقَةِ، مِنْ رُؤْيَةِ عِشْرِينَ شَابًّا فُقِدوا فِي الخَفَاءِ، بِسَبَبِ إِرْهابيٍّ أُعْدِمَ. وَهَكَذَا، فَإِنَّ عُقوبَةَ الإِعْدامِ، بَعِيدًا عَنْ مُكافَحَتِها، مِنْ شَأْنِها أَنْ تُغَذّيَ الإِرْهابَ. (تَصْفيقٌ عَلَى مَقاعِدِ الِاشْتِراكيَّةِ وَعَلَى بَعْضِ المَقَاعِدِ الشُّيُوعِيَّةِ).

وَتَحْقِيقًا لِهَذِهِ اَلْغايَةِ، يَتَعَيَّنُ عَلَيْنَا أَنْ نُضيفَ حَقيقَةً أَخْلاقيَّةً: أَلا وَهِيَ أَنَّ اسْتِخْدامَ عُقوبَةِ الإِعْدامِ ضِدَّ الإِرْهَابِيِّينَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَجْعَلَ مِن الدّيمُقْراطيَّةِ تَعْتَمِدُ قيَمَ هَؤُلَاءِ. وَعِنْدَمَا أعدمَ الإِرْهَابِيُّونَ الشَّخْصَ اَلَّذِي اخْتَطَفُوهُ، بَعْدَ اخْتِطافِهِ، وَبَعْدَ ابْتِزازِ مُراسَلاتٍ رَهيبَةٍ مِنْهُ، وَبَعْدَ مُحاكاةٍ مُهينَةٍ لِلْعَدَالَةِ، فَهُمْ لَا يَرْتَكِبُونَ جَريمَةَ شَّنْعاءَ وَحَسْبُ، بَلْ يَمِيلُونَ إِلَى الدّيمُقْراطيَّةِ فِي أَبْشَعِ مِصْيَدَةٍ، أَلا وَهِيَ أَعْمالُ العُنْفِ القاتِلَةِ، اَلَّتِي تُجْبِرُ هَذِهِ الدّيمُقْراطيَّةَ عَلَى اللُّجوءِ إِلَى عُقوبَةِ الإِعْدامِ، وَبِذَلِكَ تَسْمَحُ لَهُمْ بِأَنْ يُكْسِبُوهَا، بِنَوْعٍ مِنْ عَكْسِ القيَمِ، الوَجْهِ الدَّمَويِّ اَلَّذِي هوَ وَجْهُهُم.

وَلَا بُدَّ مِنْ مُقاوَمَةِ هَذَا اَلْإِغْواءِ، دُونَ الِاضْطِرارِ إِلَى التَّعامُلِ مَعَ هَذَا الشَّكْلِ النِّهائيِّ مِن العُنْفِ اَلَّذِي لَا يُطَاقُ فِي ظِلِّ الدّيمُقْراطيَّةِ، وَهوَ الإِرْهابُ.

وَهَكَذَا فَعِنْدَمَا جَرَّدْنا المُشَكَّلَةَ مِنْ جَانِبِهَا العاطِفيِّ وَأَرَدْنَا أَنْ نَصِلَ إِلَى حَدِّ الوُضُوحِ، وَجَدْنَا أَنَّ الْخِيَارَ بَيْنَ الإِبْقاءِ عَلَى عُقوبَةِ الإِعْدامِ وَإِلْغائِها هوَ فِي نِهايَةِ المَطافِ، خِيَارٌ أَخْلاقيٌّ، بِالنِّسْبَةِ إلى المُجْتَمَعِ وَلِكُلٍّ مِنَّا.

وَلَنْ أَسْتَخْدِمَ حُجَّةَ السُّلْطَةِ لِأَنَّهَا سَتَكُونُ غَيْرَ لائِقَةٍ بِالْبَرْلَمَانِ، وَسَهْلَةً جِدًّا فِي هَذِهِ المُناقَشَةِ. وَلَكِنْ لَا يَسَعُنَا إِلَّا أَنْ نُلاحِظَ أَنَّ الكَنيسَةَ الكاثوليكيَّةَ فِي فَرَنْسَا وَمَجْلِسَ الكَنيسَةِ الإِصْلاحيَّةِ وَالْحَاخَامِيَّةِ قَدْ أَعْرَبُوا بِقوَّةٍ فِي السَّنَوَاتِ الأَخيرَةِ عَنْ مُعارَضَتِهِمْ لِعُقوبَةِ الإِعْدامِ. كَيْفَ لَنَا أَلّا نُشَدِّدَ عَلَى أَنَّ جَميعَ الرَّابِطَاتِ الرَّئيسيَّةِ فِي العالَمِ لِلدِّفَاعِ عَنْ حُقوقِ الإِنْسانِ وَحُرِّيَّاتِهِ − مُنَظَّمَةَ العَفْوِ الدَّوْليَّةَ، وَاَلْفِدْراليَّةَ اَلدَّوْليَّةَ لِحُقُوقِ الإِنْسانِ، وَرابِطَةِ حُقوقِ الإِنْسانِ − قَدْ نَاضَلُوا مِنْ أَجْلِ إِلْغاءِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ.

السّيد ألبرت بروشارد:

بِاسْتِثْنَاءِ عائِلاتِ الضَّحَايَا (هَمْهَمَةٌ مُطَوَّلَةٌ عَلَى مَقاعِدِ الِاشْتِرَاكِيِّينَ).

السَّيد وَزِيرُ العَدْلْ:

هَذَا اَلْاِقْتِرانُ بَيْنَ العَديدِ مِن الضَّمائِرِ الدّينيَّةِ أَوْ العَلْمانيَّةِ، وبَيْنَ رِجالِ اللَّهِ وَرِجالِ الحُرّيَّةِ، فِي وَقْتٍ نَتَحَدَّثُ فِيه بِاسْتِمْرارٍ عَنْ أَزْمَةِ القيَمِ الأَخْلاقيَّةِ، أَمْرٌ فِي غايَةِ الأَهَمّيَّةِ.

السَّيد بيير شارل كريغ [39]:

عقوبة الإعدام
عقوبة الإعدام

و3 3 % مِنْ الفَرَنْسِيِّينَ!

السَّيد وَزِيرُ العَدْلْ:

وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى مُؤَيِّدِي عُقوبَةِ الإِعْدامِ، اَلَّذِينَ احْتَرَمَهُمْ أَنَا وَداعِمي الإِلْغاءِ دَوْمًا، وَإِذا لَاحَظْنَا مَعَ الأَسَفِ فَإِنَّ المُعامَلَةَ بِالْمِثْلِ لَمْ تَكُنْ دَائِمًا صَحيحَةً، فَإِنَّ الكَراهيَةَ غَالِبًا مَا كَانَت تَرُدُّ عَلَى مَا كَانَ عادَةً تَعْبِيرًا عَنْ اقْتِناعٍ عَميقٍ وَهُوَ مَا سَأَحْتَرِمَهُ دَائِمًا بَيْنَ رِجالِ الحُرّيَّةِ، و بِالنِّسْبَةِ إِلَى اَلَّذِينَ يُؤَيِّدُونَ عُقوبَةَ الإِعْدامِ قُلُتُ إنَّ مَوْتَ الْجَانِي هوَ شَرْطٌ مِن مُتَطَلَّباتِ العَدالَةِ. فَبِالنِّسْبَةِ إِلَيْهمْ، هُنَاكَ جَرائِمُ فَظيعَةٌ لِلْغَايَةِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ عَلَى مُرْتَكِبِيهَا التَّكْفِيرُ عَنْهَا إِلَّا عَلَى حِسابِ حَياتِهِم.

إِنَّ مَوْتَ الضَّحَايَا وَمُعاناتِهِم هَذِهِ المِحْنَةَ اَلرَّهيبَةَ، سَيَتَطَلَّبانِ كَنَظيرٍ ضَروريٍّ لَا بُدَّ مِنْهُ، مُوتًا آخَرَ وَمُعاناةٍ أُخْرَى. وَفِي حالَةِ عَدَمِ تَحْقيقِ ذَلِكَ، فَقَد أَعْلَنَ وَزيرُ العَدْلِ مُؤَخَّرًا أَنَّ القَلَقَ وَالعاطِفَةَ اَلْلَّذَيْنِ وَلَّدَتْهُمَا الجَريمَةُ فِي المُجْتَمَعِ لَن يَتَبَدَّدَا. إِنَّهَا تُسَمَّى عَلَى مَا أَعْتَقِدُ تَضْحيَةَ تَكْفيرِيَّةٌ. وَلَن تَتَحَقَّقَ العَدالَةُ لِمُؤَيِّدِي عُقوبَةِ الإِعْدامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَوْتُ الضَّحيَّةِ صَدًى لِمَوْتِ الْجَانِي.

لِنكْنْ واضِحِينَ. هَذَا مَا يَعْنِي بِبَسَاطَةٍ أَنَّ قَانُونَ الِانْتِقامِ سَيَبْقَى عَبْرَ آلَافِ السِّنِينَ الْقَانُونَ الضَّرُورِيَّ وَاَلْفَريدَ لِلْعَدَالَةِ الإِنْسانيَّةِ.

لَقَدْ قُمُتْ فِي كَثيرٍ مِن الأَحْيَانِ بِقياسِ مَدَى سُوءِ حَظِّ وَمُعاناةِ الضَّحَايَا فِي حَيَاتِي بِقَدْرٍ أَكْبَرَ بِكَثِيرٍ مِنْ أُولَئِكَ اَلَّذِينَ يَدَّعونَ ذَلِكَ. تِلْكَ الجَريمَةُ هِيَ نُقْطَةُ الالْتِقَاء، والْمَوْقِعُ الهَنْدَسيُّ لِسُوءِ الحَظِّ البَشَريِّ، وَأَنَا أَعْرِفُ أَفْضَلَ مِنْ أَيِّ شَخْصٍ آخَرَ. مُصيبَةُ الضَّحيَّةِ نَفْسِها، وَأَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ، مُصيبَةُ وَالِدَيْهُ وَأَحِبَّائِهِ. وَمُصيبَةُ والِدَي المُجْرِمِ أَيْضًا.  وَأَخِيرًا، وَفِي الكَثيرِ مِنْ الأَحْيَانِ، مُعاناةُ القاتِلِ. نَعَم، الجَريمَةُ مُصيبَةٌ، وَلَا يوجَدُ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ ذَاتُ قَلْبٍ، وَعَقْلٍ، وَمَسْؤوليَّةٍ، لَا تَرْغَبُ فِي مُحارَبَتِها أَوَّلًا.

رَغْمَ الشُّعورِ العَميقِ بِمُعاناةِ وَأَلَمِ الضَّحَايَا ورَغْمَ الكِفاحِ بِكُلِّ الطُّرُقِ مِنْ أَجْلِ انْحِسارِ العُنْفِ وَالجَريمَةِ فِي مُجْتَمَعِنا فَإِنَّ هَذِهِ اَلْحَساسيَةَ وَهَذَا الكِفاحَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْطَوِيَانِ عَلَى القَتْلِ الضَّرُورِيِّ لِلْجَانِي. إِنَّ والِدِي وَأَقارِبَ الضَّحيَّةِ يَتَمَنَّوْنَ هَذَا المَوْتَ بِرَدَّ فِعْلٍ طَبيعيٍّ لِلْإِنْسَانِ اَلْمُصابِ. وَأَنَا مُصَمِّمٌ أَنَّهُ رَدُّ فِعْلٍ بَشَريٍّ طَبيعيٍّ. لَكِن كُلَّ التَّقَدُّمِ التّاريخيِّ لِلْعَدَالَةِ كَانَ يَتَلَخَّصُ فِي التَّغَلُّبِ عَلَى الثَّأرِ الخاصِّ. وَكَيْفَ يُمْكِنُنَا التَّغَلُّبُ عَلَيْه إِن لَمْ يَكُنْ أَوَّلًا بِرَفْضِ قَانُونِ الِانْتِقامِ؟

والْحَقيقَةُ أَنَّنَا نَجِدُ فِي أَعْماقِ دَوافِعِ التَّعَلُّقِ بِعُقوبَةِ الإِعْدامِ مِيلا لِلإِقْصَاءِ، فِي مُعْظَمِ الأَحْيَانِ، وَهُوَ أَمْرٌ لَا يُمْكِنُ الِاعْتِرافُ بِهِ. وَمَا يَبْدُو لَا يُطَاقُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَثِيرِينَ هوَ حَياةُ المُجْرِمِ المَسْجونِ، أَقَلُّ مِنْ الخَوْفِ مِنْ أَنْ يُعيدَ اِرْتِكابَ اَلْجَريمَةِ فِي يَوْمٍ مِنْ الأَيّامِ. إِنَّهُم يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الضَّمانَ الوَحيدَ فِي هَذَا الصَّدَدِ هوَ إِعْدامُ المُجْرِمِ كَإِجْرَاءٍ وِقَائِيٍّ.

وَهَكَذَا، فَإِنَّ العَدالَةَ، فِي هَذَا المَفْهومِ، سَتَقْتَلُ بِدَافِعِ الِانْتِقامِ أَقَلَّ مِمَّا تَقْتُلُ بِدَافِعِ الحِكْمَة. وَإِلَى جانِبِ العَدالَةِ التَّكْفِيريةِ، تَظْهَرُ عَدالَةُ الإِقْصَاء، خَلْفَ تَوَازُنِ، المِقْصَلَةِ. بِبَسَاطَةٍ، يَجِبُ أَنْ يَموتَ القاتِلُ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الطَّريقَةِ لَنْ يَعودَ إِلَى ارْتِكابِ الجَرائِمِ. وَكُلُّ شَيْءٍ يَبْدُو بَسِيطًا جِدًّا، وَكُلُّ شَيْءٍ يَبْدُو عَلَى مَا يُرَامُ!

وَلَكِنْ عِنْدَمَا نَقْبَلُ أَو عِنْدَمَا نُؤَيِّدُ عَدالَةَ الإِقْصَاء، بِاسْمِ العَدالَةِ، يَجِبُ أَن نَعْرِفَ الـمَسَارَ اَلَّذِي يَتَعَيَّنُ عَلَيْنَا أن نَسْلُكَهُ. ولِكَي تَكونَ العَدالَةُ مَقْبولَةً حَتَّى لِمُؤَيِّدِيهَا، يَجِبُ عَلِيهَا عِنْدَ القَتْلِ أَنْ تَقْتُلَ المُجْرِمِ عَنْ عِلْمٍ، إِنَّ عَدالَتَنا وَهَذَا مِنْ شَرَفِها أَلّا تَقْتُلَ المَجانينَ وَلَكِنَّها لَا تَعْرِفُ كَيْفيَّةَ التَّعَرُّفِ عَلَيْهُمْ بِشَكْلٍ مُؤَكَّدٍ، وَهِيَ خِبْرَةُ الطِّبِّ النَّفْسيِّ، الأَكْثَرَ عَشْوائيَّةً والْأَكْثَرَ غُمُوضًا عَلَى الإِطْلَاقِ اَلَّتي نَسْتَشِيرَها فِي الواقِعِ القَضائيِّ.

إِنْ كَانَ الحُكْمُ النَّفْسيُّ فِي صالِحٍ القاتِلِ سَيَنْجو. وَسَيَقْبَلُ المُجْتَمَعُ الخَطَرَ اَلَّذِي يُمَثِّلُهُ دُونَ أَنْ يُغْضِبَ أَحَدًا. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ الحُكْمُ النَّفْسيُّ ضِدَّهُ، سَوْفَ يُعْدَمُ. وَعِنْدَمَا نَقْبَلُ عَدالَةَ الإِقْصَاء، مِنْ الضَّرُورِيِّ أَنْ يُحَدِّدَ القادَةُ السِّيَاسِيُّونَ مَنْطِقَ اَلتّاريخِ اَلَّذِي نُدْرَجُ فِيه.

أَنَا لَا أَتَحَدَّثُ عَنْ الـمُجْتَمَعاتِ اَلَّتِي نَقْضِي فِيهَا عَلَى الـمُجْرِمِينَ والْمَجانينِ وَالمُعَارِضِينَ السِّيَاسِيِّينَ وَأُولَئِكَ اَلَّذِينَ نَعْتَقِدُ أَنَّهُمْ مِنْ الـمُحْتَمَلِ أَنْ “يُلَوِّثوا” المُجْتَمَعَ. لَا، أَنَا أَتَـمَسَّكُ بِعَدالَةِ البُلْدانِ اَلَّتِي تَعِيشُ فِي ظِلِّ الدّيمُقْراطيَّةِ.

مَدْفونَةٌ، مُتَحَصِّنَةٌ، فِي صَميمِ عَدالَةِ الإِقْصَاء، مُراقَبَةُ العُنْصُريَّةِ السِّرّيَّةِ. وَإِذَا كَانَت الـمَحْكَمَةُ العُلْيَا الأَميرِكيَّةُ قَدْ انْحَنَت فِي عَامِ 1972 نَحْوَ الإِلْغاءِ، فَإِنَّ السَّبَبَ الرَّئيسيَّ هوَ أَنَّ 60 في الْمِئَةِ مِنْ السُّجَناءِ الـمَحْكومِ عَلَيْهُم بِالْإِعْدَامِ هُمْ مِنَ السّودِ، فِي حِينِ أَنَّهُم لَا يُمَثِّلُونَ سِوَى 12 في الْمِئَةِ مِن السُّكّانِ. وَبِالنِّسْبَةِ إلى رَجُلِ العَدْلِ، يَا لَهُ مِنْ دَوّارٍ! وَأَخْفَضُ صَوْتي وأَتوَجَّهُ إِلَيْكُم جَمِيعًا لِتَذْكيرِكُم بِأَنَّهُ فِي فَرَنْسَا نَفْسِها، مِنْ أَصْلِ 36 حُكْمًا مِنْ أَحْكامِ الإِعْدامِ النِّهائيَّةِ الصّادِرَةِ مُنْذُ عَامِ 1945 يوجَدُ تِسْعَةُ أَجانِبُ أَوْ 25 في المِئَةِ مِنْ مَجْموعِ السُّكّانِ الذِينَ يُـمَثِّلُونَ فَقَطْ 8 بالمِائَةِ. وَمِن بَيْنِ هَؤُلَاءِ خَمْس مَغارِبيينَ يُمَثِّلُونَ 2 في الْمِئَةِ فَقَطْ مِنْ السُّكّانِ.

وَمُنْذُ عَامِ 1965، مِنْ بَيْنِ السُّجَناءِ التِّسْعَةِ الـمَحْكومِ عَلَيْهُمْ بِالْإِعْدَامِ، هُنَاكَ أَرْبَعَةٌ أَجانِبَ، مِنْ بَيْنِهِمْ ثَلاثَةٌ مِنْ المَغارِبَةِ. فَهَل كَانَت جَرائِمُهُم أَكْثَرَ بَشاعَةً مِن الآخَرِينَ، أَمْ أَنَّهَا تَبْدُو أَكْثَرَ خُطورَةً لِأَنَّ مُرْتَكِبِيهَا فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ تَسَبَّبُوا فِي مَزيدٍ مِنْ الرُّعْبِ؟ إِنَّهُ سُؤالٌ، إِنَّهُ مُجَرَّدُ سُؤالٍ، وَلَكِنَّهُ مُلِحٌ لِلْغَايَةِ وَمُثيرٌ لِلْإِزْعَاجِ بِحَيْثُ أَنَّ الإِلْغاءَ وَحْدَهُ هوَ اَلَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَضَعَ حَدّا لِسُؤالٍ يَدْعُونَا إِلَى مِثْلِ هَذِهِ القَسْوَةِ.

وَفِي نِهايَةِ المَطافِ، فَإِنَّ الإِلْغاءَ خِيَارٌ أَساسيٌّ لِمَفْهُومٍ مُعَيَّنٍ لِلْإِنْسَانِ والْعَدالَةِ. إِنَّ أُولَئِكَ اَلَّذِينَ يُرِيدُونَ عَدالَةً تَقْتُلُ، تُحَفِّزُهُمْ قَناعَةٌ مُزْدَوَجَةٌ: أَنَّ هُنَاكَ رِجَالًا مُذْنِبِينَ تَمَامًا، أَيْ رِجَالًا مَسْؤُولِينَ تَمَامًا عَنْ أَفْعَالِهِمْ، وَأَنَّ العَدالَةَ قَدْ تَكونُ عَلَى يَقينٍ مِنْ عِصْمَتِها لِدَرَجَةِ القَوْلِ بِأَنَّ هَذَا الشَّخْصَ يُمْكِنُ أَنْ يَعيشَ وَأَنَّ هَذَا الشَّخْصَ يَجِبُ أَنْ يَموتَ.

فِي هَذَا العُمُرِ مِنْ حَيَاتِي، يَبْدُو لِي أَنَّ كِلْتَا اَلْعِبارَتِين خاطِئَةٌ. فَمَهْمَا كَانَت أَعْمالُهُم فَظيعَةً، وَمَهْمَا كَانَت بَغيضَةً، فَلَا يوجَدُ رِجالٌ عَلَى هَذِهِ الأَرْضِ ذَنْبُهُمْ كامِلٌ وَمِن الضَّرُورِيِّ دَائِمًا اليَأْسُ التّامُّ مِنْهُم. وَمَهْمَا كَانَت العَدالَةُ حَكيمَةً، ومَهْما كَانَ حَذَرُ وقَلَقُ النِّساءِ والرِّجالِ اَلَّذِينَ يَحْكُمونَ، فَإِنَّ العَدالَةَ تَظَلُّ إِنْسانيَّةً وَلِذَلِكَ فهْي غَيْرُ مَعْصومَةٍ مِن الخَطَأِ.

وَأَنَا لَا أَتَحَدَّثُ فَقَطْ عَنْ الخَطَأِ القَضائيِّ المُطْلَقِ، وَاَلَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَحْدُثَ بَعْدَ تَنْفيذِ حُكْمِ الإِعْدامِ، وَهُوَ أَنَّ السَّجينَ المَحْكومَ عَلَيْهُ بِالْإِعْدَامِ كَانَ بَرِيئًا وَأَنَّ مُجْتَمَعًا بِأَكْمَلِهِ − أَي جَميعِنا − اَلَّذِي صَدَرَ الحُكْمُ بِالنِّيَابَةِ عَنْهُ، يُصْبِحُ مُذَنَّبًا جَمَاعِيًّا لِأَنَّ عَدالَتَهُ تَجْعَلُ الظُّلْمَ المُطْلَقَ مُمْكِنًا. كَمَا أَتَحَدَّثُ عَنْ عَدَمِ اليَقينِ والتَّناقُضِ فِي القَراراتِ الصّادِرَةِ، مِمَّا يَعْنِي أَنَّ نَفْسَ المُتَّهَمِينَ، المَحْكومَ عَلَيْهُمْ بِالْإِعْدَامِ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ، وَاَلَّذِينَ أُسْقِطَت إِدانَتَهُم بِسَبَبِ عَيْبٍ شَكْليٍّ، يُحاكَمونَ مَرَّةً أُخْرَى، وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الحَقائِقَ نَفْسَها، فَإِنَّهُم يَهْرُبُونَ مِنْ المَوْتِ هَذِهِ المَرَّةَ، كَمَا لَو أَنَّهُ مِن العَدْلِ العَبَثُ عَشْوَائِيًّا بِحَيَاةِ رَجُلٍ عَنْ طَريقِ خَطَأٍ مِنْ قَلَمِ كاتِبٍ أَو سَيَتِمُّ إِعْدامُ بَعْضِ المَحْكومِ عَلَيْهُم عَلَى جَرائِمَ أَقَلَّ مِنْ البَعْضِ الآخَرِ الأَكْثَرِ ذَنْبًا، اَلَّذِينَ سَوْفَ يُنْقِذونَ رُؤوسَهُم بِفَضْلِ شَغَفِ الجُمْهورِ أَو المُناخِ أَو فَوْرَةِ هَذَا أَو ذَاكَ.

وَهَذَا النَّوْعُ مِن اليانَصيبِ القَضائيِّ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ مَدَى صُعوبَةِ التَّعْبيرِ عَنْ هَذِهِ الكَلِمَةِ عِنْدَمَا يَتَعَلَّقُ الأَمْرُ بِحَيَاةِ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ، لَا يُطَاقُ. وَقَالَ القَاضِي الأَعْلَى فِي فَرَنْسَا، السَّيِّدُ أيدالوت [40]، فِي نِهايَةِ حَياةٍ مِهَنيَّةٍ طَويلَةٍ مُكَرَّسَةٍ لِلْعَدَالَةِ وَلِلنِّيَابَةِ العامَّةِ فِي مُعْظَمِ نَشاطِهِ، إِنَّ عُقوبَةَ الإِعْدامِ أَصْبَحَت، فِي حُدودِ طَلَبِها اَلْمَحْفوفَ بِالْمَخَاطِرِ، عُقوبَةً لَا تُطَاقُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، بِصِفَتِهِ قَاضِيًا. وَلِأَنَّهُ لَا يوجَدُ رَجُلٌ مَسْؤولٌ تَمَامًا، وَلِأَنَّ العَدالَةَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكونَ مَعْصومَةً تَمَامًا مِنَ الخَطَأِ، فَإِنَّ عُقوبَةَ الإِعْدامِ غَيْرُ مَقْبولَةٍ أَخْلَاقِيًّا. وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى أُولَئِكَ اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ مِنَّا، فَهُوَ وَحْدَهُ لَدَيْهُ القُدْرَةُ عَلَى اخْتيارِ وَقْتِ مَوْتِنا. وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى جَميعِ دُعاةِ الإِلْغاءِ، فَإِنَّهُ مِن المُسْتَحيلِ الِاعْتِرافُ فِي العَدالَةِ الإِنْسانيَّةِ بِقوَّةِ المَوْتِ هَذِهِ لِأَنَّهُم يَعْرِفونَ أَنَّهَا غَيْرُ مَعْصومَةٍ مِنْ الخَطَأِ.

وَبِالتَّالِي فَإِنَّ الْخِيَارَ المُتاحَ لِضَمائِرِكُم واضِحٌ: إِمَّا أَنْ يَرْفُضَ مُجْتَمَعُنا العَدالَةَ اَلَّتِي تَقْتُلُ وَتَقْبَلَ أَنْ تَتَحَمَّلَ، بِاسْمِ قيَمِها الأَساسيَّةِ − تِلْكَ اَلَّتِي جَعَلَتْها عَظيمَةً وَمُحْتَرَمَةٌ بَيْنَ الجَميعِ − حَياةَ أُولَئِكَ اَلَّذِينَ يَتَسَبَّبُونَ فِي الرُّعْبِ، إِمَّا المَجانينَ أَوْ المُجْرِمِينَ أَوْ كِلَيْهُمَا فِي نَفْسِ الوَقْتِ، وَهُوَ اخْتيارُ الإِلْغاءِ؛ وَإِمَّا أَنْ يُؤَمِنَ هَذَا المُجْتَمَعُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ تَجْرِبَةِ القُرُونِ بِأَنْ تَخْتَفيَ الجَريمَةُ مَعَ المُجْرِمِ وَهَذَا هوَ الإِقْصَاء.

عَدالَةُ الإِقْصَاء هَذِهِ، عَدالَةُ الكَرْبِ والْمَوْتِ هَذِهِ، حُسِمَت بِهامِشِ اَلْصُّدْفَةِ، وَنَحْنُ نَرْفُضُ ذَلِكَ. نَرْفُضُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا مُخالِفَةٌ لِلْعَدَالَةِ، لِأَنَّهَا العاطِفَةُ وَالخَوْفُ المُنْتَصِرُ عَلَى العَقْلِ والْإِنْسانيَّةِ.

لَقَدْ انْتَهَيُت مِن الأَساسيّاتِ، بِروحِ وَإِلْهامِ هَذَا الْقَانُونِ العَظيمِ. ولَقَد حَدَّدَ رِيمُونْدْ فورْني فِي وَقْتٍ سابِقٍ المَبادِئَ التَّوْجيهيَّةَ. إِنَّهَا بَسيطَةٌ وَدَقيقَةٌ.

وَلِأَنَّ الإِلْغاءَ يُعَدُّ خِيَارًا أَخْلَاقِيًّا فَمِن الضَّرُورِيِّ الإِدْلاءُ بِوُضُوحٍ. وَلِذَلِكَ تَطْلُبُ الحُكومَةُ مِنْكُم التَّصْويتَ لِصَالِحِ إِلْغاءِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ دُونَ أَيِّ قُيودٍ أَوْ تَحَفُّظاتٍ. وَلَا شَكٍّ فِي أَنَّ التَّعْديلاتِ تَهْدِفُ إِلَى الحَدِّ مِنْ نِطاقِ الإِلْغاءِ واسْتِبْعادِ فِئاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِن الجَرائِمِ. وَأَنَا أُدْرِكُ اَلْالهامَ الكامِنَ وَراءَ هَذِهِ التَّعْديلاتِ وَلكِنَّ الحُكومَةَ سَوْفَ تَطْلُبُ مِنْكُم رَفْضَها.

أَوَّلًا لِأَنَّ عِبارَةَ “إِلْغاءِ الجَرائِمِ الشَّنيعَةِ” لَا تَتَضَمَّنُ فِي الواقِعِ سِوَى إِعْلانٍ لِصَالِحِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ. وَفِي الواقِعِ القَضائيِّ لَا أَحَدَ يُنَفِّذُ عُقوبَةَ الإِعْدامِ إِلَّا فِي نِطاقِ الجَرائِمِ الشَّنيعَةِ. لِذَا فَمِن الأَفْضَلِ أَن نَتَجَنَّبَ مِثْلَ هَذِهِ الأَساليبِ وَأَنَّ نُصِرَّ عَلَى تَأْييدِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ. (تَصْفيقٌ مِنْ المَقَاعِدِ الِاشْتِراكيَّة).

أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمُقْتَرَحاتِ اسْتِبْعادِ الإِلْغاءِ مِنْ حَيْثُ نَوْعيَّةُ الضَّحَايَا، وَلَاسِيَّمَا مَا يَتَعَلَّقُ بِضَعْفِهِمْ الخاصِّ أَو المَخاطِرِ الأَكْبَرِ اَلَّتِي يُوَاجِهُونَهَا، فَإِنَّ الحُكومَةَ سَتَطْلُبُ مِنْكُم أَيْضًا رَفْضَها، عَلَى الرَّغْمِ مِن اَلسَّخاءِ اَلَّذِي يُلْهِمُهُم.

إِنَّ هَذِهِ الِاسْتِبْعَادَاتِ تَتَجاهَلُ مَا هوَ واضِحٌ: فَاَلْضَحايا جَمِيعًا، وَأَعْنِي جَيِّدًا جَمِيعًا، مُثيرونَ لِلشَّفَقَةِ، وَكُلُّهُمْ يَدْعونَ إِلَى التَّعاطُفِ. وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيه أَنَّ وَفاةَ طِفْلٍ أَوْ رَجُلٍ عَجوزٌ تُثيرُ فِي كُلٍّ مِنَّا مَشاعِرَ أَفْضَلَ مِنْ وَفاةِ امْرَأَةٍ فِي الثَّلَاثِينَ مِنْ عُمْرِها أَوْ وَفاةِ رَجُلٍ نّاضِجٍ مُكَلَّفٍ بِمَسْؤوليّاتٍ، وَلَكِنَّها فِي الواقِعِ الإِنْسانيِّ لَا تَقِلُّ إِيلَامًا، وَأَيُّ تَمْييزٍ فِي هَذَا الصَّدَدِ سَيَكُونُ مَصْدَرَ ظُلْمٍ!

عقوبة الإعدام

وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالشُّرْطَةِ أَوْ مُوَظَّفِي السُّجُونِ، اَلَّذِينَ تَشْتَرِطُ مُنَظَّماتُهُمْ التَّمْثِيلِيَّةُ الإِبْقاءَ عَلَى عُقوبَةِ الإِعْدامِ ضِدَّ مِنْ يُحَاوِلُونَ قَتْلَ أَعْضَائِهِم، فَإِنَّ الحُكومَةَ تُدْرِكُ تَمَامًا المَخاوِفَ اَلَّتِي تُثيرُهُم، وَلَكِنَّها سَتَطْلُبُ رَفْضَ هَذِهِ التَّعْديلاتِ.

يَجِبُ ضَمانُ سَلامَةِ الشُّرْطَةِ وَمُوَظَّفِي السُّجُونِ. وَيَنْبَغِي اتِّخَاذُ جَميعِ اَلتَّدابيرِ اَللّازِمَةِ لِضَمَانِ حِمايَتِهِم. وَلَكِن فِي فَرَنْسَا فِي نِهايَةِ القَرْنِ العِشْرِينَ، لَمْ يُعْهَد إِلَى المِقْصَلَةِ بِضَمَانِ سَلامَةِ ضُبّاطِ الشُّرْطَةِ وَالمُشْرِفِينَ. وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِاَلْمُعاقَبَةِ عَلَى الجَريمَةِ اَلَّتِي مِنْ شَأْنِها أَنْ تَضُرَّهُم، فَمَهْمَا كَانَت مَشْروعَةً لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكونَ أَكْثَرَ خُطورَةً مِنْ تِلْكَ اَلَّتِي مِن شَأْنِها أَنْ تُصيبَ مُرْتَكِبِي الجَرائِمِ ضِدَّ ضَحَايَا آخَرينَ. وَلِنْكْنْ واضِحِينَ: لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكونَ هُنَاكَ امْتيازٌ جِنائيٌّ فِي نِظامِ العَدالَةِ الفَرَنْسيِّ لِصَالِحِ أَيِّ مِهْنَةٍ أَوْ هَيْئَةٍ. وَأَنَا واثِقٌ مِنْ أَنَّ الشُّرْطَةَ وَمُوَظَّفِي السُّجُونِ سَيَتَفَهَّمونَ ذَلِكَ. لَكِنْ لِيَعْلَمُوا أَنَّنَا سَنَهْتَمُّ بِسَلامَتِهِمْ دُونَ أَنْ نَجْعَلَهُمْ هَيْئَةٌ مُنْفَصِلَةً فِي الجُمْهُورِيَّةِ.

وتَحْقِيقًا لِلْغَايَةِ نَفْسِها مِنْ الوُضُوحِ، فَإِنَّ اَلْمَشْروعَ لَا يَتَضَمَّنُ أَيَّ حُكْمٍ بِشَأْنِ أَيِّ عُقوبَةٍ بَديلَةٍ.

وَلِأَسْبَابٍ أَخْلاقيَّةٍ فِي المَقامِ الأَوَّلِ: فَإِنَّ عُقوبَةَ الإِعْدامِ عَذابٌ، وَلَا يَسْتَبْدِلُ المَرْءُ عَذَابًا بِآخِرَ.

وَلِأَسْبَابٍ تَتَعَلَّقُ بِالسِّيَاسَةِ والْوُضوحِ التَّشْريعيِّ أَيْضًا: يُشَارُ عادَةً إِلَى الحُكْمِ البَديلِ بِاعْتِبَارِهِ فَتْرَةً مِنْ فَتَراتِ الضَّمانِ، أَيْ فَتْرَةٍ مَنْصوصٍ عَلَيْهَا فِي الْقَانُونِ لَا يَحِقُّ لِلشَّخْصِ المُدانِ خِلالَها الإِفْراجُ المَشْروطُ أَوْ تَعْليقُ مُدَّةِ عُقوبَتِهِ. هَذِهِ العُقوبَةُ مَوْجودَةٌ بِالْفِعْلِ فِي قَانُونِنَا وَيُمْكِنُ أَنْ تَسْتَمِرَّ لِمُدَّةٍ تَصِلُ إِلَى ثَمانيَةِ عَشَرَ عَامًا.

وَإِذَا طَلبْتُ مِنَ الْمَجْلِسِ عَدَمَ فَتْحِ مُنَاقَشَةٍ فِي هَذَا الصدد لِتَعْدِيلِ هَذَا التَّدْبِيرِ الْأَمْنِيِّ، فَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكُومَةَ سَتُشْرِفُ فِي غُضُونِ سِنتَيْن − وَهِي فَتْرَةُ زَمَنِيَّةُ قَصِيرَةُ نِسْبِيًّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِعَمَلِيَّةِ صِيَاغَةِ قَانُونِ الْعُقُوبَاتِ − بِتَقْديمِ مَشْرُوعِ قَانُون جُنَائِي جَديدٍ، وَهُوَ قَانُونٌ جُنَائِي يَتَنَاسَبُ مَعَ الْمُجْتَمَعِ الْفَرَنْسِيِّ فِي أواخر الْقَرْنَ الْعشرين، وآمل أَنْ يَكُونَ فِي أُفُقِ الْقَرْنِ الْحَادِّيِّ وَالْعشرين. وَفِي هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ، سَيَتَعَيَّنُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحَدِّدُوا وَتُقَيِّمُوا وَتَزِنُوا مَا ينبغي أَنْ يَكُونَ عَليهِ نَظَّامَ الْعُقُوبَاتِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُجْتَمَعِ الْفَرَنْسِيِّ الْيَوْمَ وَغَدًا. وَلِهَذَا السَّبَبِ أَطَلَب مِنْكُم أَلَا تُشَارِكُوا فِي الْمُنَاقَشَةِ الْقَائِمَةِ حَوْلَ مَبْدَأِ إلْغَاءِ العُقُوبَةِ الْبَدِيلَةِ، أَوْ بالأحرى بِشَأْنِ التَّدْبِيرِ الْأَمْنِيِّ، لِأَنَّ تِلْكَ الْمُنَاقَشَةَ سَتَكُونُ غَيْرُ مُنَاسَبَةٍ وَغَيْرِ ضَرُورِيَّةٍ.

غَيْرَ مُنَاسَبَةٍ لِأَنَّهُ، لِكَي يَكُونَ نِظَامُ العقوبات مُتَنَاسِقًا، يَجِبُ التَّفْكِيرُ فِيهِ وَتَعْرِيفَهُ بِالْكَامِلِ، وَلَيْسَ مَنْ خِلَالِ إِجْرَاءِ مُنَاقَشَةٍ تَكُونُ، بِحُكْمِ غَرَضِهَا ذاته، عَاطِفِيَّةً بِالضَّرُورَةِ وَتُؤَدِّي إِلَى حُلُولِ جُزْئِيَّةٍ.

وَغَنِيَّةً عَنِ الْقَوْلِ، لِأَنَّ التَّدْبِيرَ الْأَمْنِيَّ الْقَائِمَ سَيُصِيبُ بِوُضُوحٍ كُلَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ سَيُحْكَمُ عَلَيْهُم بِالسِّجْنِ مَدَى الْحَيَاةِ فِي السِّنَّتَيْنِ أَوِ الثلاث سنوَاتَ الْقَادِمَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَدِّدُوا، سَيِّدَاتِي وَسَادَتِي، نِظَامَ الْعُقُوبَاتِ لَدَيْنَا، وبالتالي، فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الْإِفْرَاجِ عَنْهُم لَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْشَأَ بِأَيِّ شَكْلٍ مِنَ الْأَشْكَالِ. وَبِوَصْفِكُمْ مُشَرِّعِينَ، فَإِنَّكُم تُدْرِكُونَ جِيدًا أَنَّ التَّعْرِيفَ الْوَارِدَ فِي الْقَانُونِ الْجَدِيدِ سَيَنْطَبِقُ عَلَيْكُم، إِمَّا مِنْ خِلَالِ الْأثَرِ الْفَوْرِيِّ لِلْقَانُونِ الْجِنَائِيِّ الْمُخَفَّفِ، أَو−إِذَا كَانَ أَكْثَرُ شِدَّةٍ− لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ تَمْييزٌ، وَسَيَكُونُ نِظَامُ الْإِفْرَاجِ الْمَشْرُوطِ فِي الْوَاقِعِ هُوَ نَفْسُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَمِيعِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهُم بِالسِّجْنِ مَدَى الْحَيَاةِ.

وَلِذَلِكَ، لَا تَفْتَحُوا هَذِهِ الْمُنَاقَشَةِ الْآنَ.

ولِنَفْس أَسْبَابِ الْوُضُوحِ وَالْبَسَاطَةِ، لَمْ نُدْرِج فِي مَشْرُوعُ الْقَانُونِ الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِزَمَنِ الْحَرْبِ، كَمَا تُدْرِكُ الْحُكُومَةُ جِيدًا أَنَّهُ عِنْدَ اِزْدِرَاءِ الْحَيَاةِ، يُصْبِحُ الْعُنْفُ الْمُمِيتُ هُوَ الْقَانُونُ الْعَامُّ، وَعَنْدَمَا تَحَلٍّ قَيِّمِ أُخْرَى تُعَبِّرُ عَنْ أَوْلَوِيَّةِ الدِّفَاعِ عَنِ الْوَطَنِ مَحَلَّ قِيَمِ أَسَاسِيَّةِ مُعَيَّنَةِ فِي زَمَنِ السِلْمِ، يَتَلَاشَى أَسَاسُ الْإلْغَاءِ مِنَ الْوَعْي الْجَمَاعِيِّ طُوالَ مُدَّةِ الصِّرَاعِ.

وَقَدْ تَبَيَّنَ لِلْحُكُومَةِ أَنَّهُ مَنْ غَيْرِ الْمُنَاسِبِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَرَّرْتُم فِيهِ أَخِيرَا إلْغَاءَ عُقُوبَةِ الْإِعْدَامِ فِي فَرَنْسَا بِسِلاَمٍ وَهُوَ مَنْ حُسْنِ حَظِّنَا، مُنَاقَشَةُ الْمَجَالِ الْمُحْتَمَلِ لِعُقُوبَةِ الْإِعْدَامِ فِي وَقْتِ الْحَرْبِ، وَهِي حَرْبٌ لِحُسْنِ الْحَظِّ لَا يُعْلِنُ عَنْهَا شَيْءٌ. وَسَيَعُودُ الْأَمْرُ إلى الحُكُومَةِ وَالْمُشَرِّعِ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ − إِذَا مَا حَدَّثَت − لتقْدِيمِهَ إلى جَانِبِ العَدِيدِ مِنَ الْأَحْكَامِ الْخَاصَّةَ الَّتِي يَدْعُو إِلَيْهَا تَشْرِيعَ الْحَرْبِ. وَلَكِن وَقْفُ طَرائِقِ تَشْريعِ الحَرْبِ فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ اَلَّتِي نُلْغِي فِيه عُقوبَةَ الإِعْدامِ لَن يَكونَ لَهُ أَيُّ مَعْنًى. وَسَيَكُونُ الأَمْرُ غَيْرَ ذِي صِلَةٍ عِنْدَمَا تُقَرِّرُونَ فِي نِهايَةِ المَطافِ الإِلْغاءَ، بَعْدَ مِائَةٍ وَتِسْعِينَ عَامًا مِنْ النِّقاشِ.

كَانَ هَذَا كُلُّ شَيْءٍ.

ولَكِنَّ الكَلِماتُ اَلَّتِي أَدْلَيْتُ بِهَا، الأَسْبابُ اَلَّتِي طَرَحْتُها، قَدْ أَمَلاها قَلْبَكُم وَضَميرُكُم بِالْفِعْلِ عَلَيْكُم وَكَذَلِكَ عَليَّ. وَفِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ الحاسِمَةِ مِنْ تَارِيخِنَا القَضائيِّ، أَرَدُت بِبَسَاطَةٍ أَنْ أَذْكُرَهُم نيابَةً عَنْ الحُكومَةِ.

أَعْلَمُ أَنَّهُ فِي قَوانينِنا، كُلُّ شَيْءٍ يَعْتَمِدُ عَلَى إِرادَتِكُم وَضَميرِكُم. أَعْلَمُ أَنَّ العَديدَ مِنْكُم سَواءٌ فِي الأَغْلَبيَّةِ أَوْ المُعارَضَةِ، نَاضَلُوا مِنْ أَجْلِ الإِلْغاءِ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ بِإِمْكَانِ البَرْلَمانِ بِسُهُولَةٍ وَبِمُبادَرَةٍ مِنْهُ، تَحْريرُ قَوانينِنا مِنْ عُقوبَةِ الإِعْدامِ. لَقَدْ قبِلَتْم أَنَّهُ بِمُوجِبِ مَشْروعٍ حُكوميٍّ يَتِمُّ تَقْديمُ الإِلْغاءِ إِلَى أَصْواتِكُم، وَبِالتَّالِي إِشْراكُ الحُكومَةِ وَذاتِي فِي هَذَا التَّدْبيرِ العَظيمِ. اسْمَحوا لِي أَنْ أَشْكُرَكُم عَلَى ذَلِكَ.

غَدًا، بِفَضْلِكُم، لَنْ تَكونَ العَدالَةُ الفَرَنْسيَّةُ بَعْدَ الآنَ عَدالَةَ قَتْلٍ. غَدًا، بِفَضْلِكُم، لَنْ يَكونَ هُنَاكَ، بِسَبَبِ عَارِنَا المُشْتَرَكِ، أَيُّةُ إِعْداماتٍ خَفيَّةٍ فِي الفَجْرِ، تَحْتَ المِظَلَّةِ السَّوْداء، فِي السُّجُونِ الفَرَنْسيَّةِ. غَدًا، الصَّفَحاتُ الدّاميَةُ لِعْدَالَتِنَا سَوْفَ تَمْضي قُدُمًا.

فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ آخَرَ، لَدَيَّ شُعورٌ بِتَوَلِّي خِدْمَتِي، بِالْمَعْنَى القَديمِ، بِالْمَعْنَى النَّبيلِ، الأَشْرَفِ، أَيْ بِمَعْنًى “الخِدْمَةِ”. غَدًا سَتُصَوِّتونَ لِإِلْغَاءِ عُقوبَةِ الإِعْدامِ. المُشَرِّعُونَ الفَرَنْسِيُّونَ، مِنْ كُلِّ قَلْبِي، أَشْكُرُكُم. (تَصْفيقٌ لِمَقَاعِدِ الِاشْتِرَاكِيِّينَ وَالشُّيُوعِيِّينَ وَعَلَى بَعْضِ مَقاعِدِ التَّجَمُّعِ مِنْ أَجْلِ الجُمْهُورِيَّةِ والِاتِّحادِ مِنْ أَجْلِ الدّيمُقْراطيَّةِ الفَرَنْسيَّةِ. نوّابُ الِاشْتِراكيّونَ وَبَعْضُ النّوّابِ الشُّيُوعِيُّونَ يَنْهَضونَ وَيَصْفِقونَ مُطَوَّلًا).

الرّائِدِ الرَّسْميِّ، المُناقَشاتُ البَرْلَمانيَّةُ، مَجْلِسُ النُوَّاب، الجَلْسَةُ الأُولَى فِي الـ17 من أَيْلُولَ/سِبْتَمْبِرَ 1981.

عقوبة الإعدام

 

خلاصة

وَخاتِمَةُ هَذَا القَوْلِ، فَإِنَّ عُقوبَةَ الإِعْدامِ كَانَتْ وَلازالَتْ تُطَبَّقُ مُنْذُ آلافِ السِّنِينَ بِطُرُقٍ شَتَّى. وَلَئِنْ كَانَتْ قَدِيمًا مُرْتَبِطَةً عَلَنًا ارْتِباطً وَثِيقًا بِالِانْتِقَامِ والثَّأْرِ فَهِيَ الَآن تَطَوَّرَتْ وَأَصْبَحَتْ تُطَبَّقُ بُغْيَةَ الإِصْلاحِ وَاَلْرَدْعِ وَلَكِنْ فِي باطِنِها لَازَالَتْ تُؤَكِّدُ عَدَمَ صِحَّةِ هَذِهِ الحُجَجِ وَتَحْمِلُ غَايَاتٍ أُخْرَى مَبْنيَّةً عَلَى الدجل والْكَذِبِ وَلَا تَمُتُّ إِلَى العَدْلِ بِصِلَةٍ. إِذْ يَنْبَغِي الإِدْراكُ التّامُّ بِالْمَعْنَى الحَقيقيِّ لِهَذِهِ العُقوبَةِ فَهِيَ جَريمَةٌ بِحَقِّ الأحْيَاءِ قَبْلَ أنْ تَكون جَريمَةً بِحَقِّ مِنْ يَطَالُهُ الإِعْدامُ، فَهِيَ أَفْظَعُ مِنْ القَتْلِ بِمِئاتِ المَرَّاتِ. إِنَّ الدَّوْلَةَ تُحَدِّدُ مَكانَ وَزَمانِ هَذِهِ الجَريمَةَ وَهِيَ مُدْرِكَةٌ أَنَّهَا تَفْتَقِرُ لِلْعَدْلِ والنَّزاهَةِ. لَكِنَّها تَدَّعي أَنَّ إِلْغاءَ اَلْمُذْنبِ مِن الوُجودِ يُعْتَبَرُ وَسيلَةً فَعّالَةً لِلْإِصْلَاحِ، نَظَرًا لِاتِّساعِ نِطاقِ تَطْبيقِ هَذِهِ العُقوبَةِ لِيَشْمَلَ مَسائِلَ مُتَعَدِّدَةً مِنْهَا اَلْمَسائِلُ اَلشَّخْصيَّةُ المُتَعَلِّقَةُ بِالْمَنَاصِبِ والْمَراكِزِ. فَمُصْطَلَحُ “عُقوبَةِ” الغَرَضِ مِنْهَا رَدْعُ الْجَانِي بَدَلًا مِنْ سَلْبِ حَياتِهِ وَانْتِهاكِها وَإهَانِتِهِ.

إِنَّ طَرْحَ هَذِهِ القَضيَّةِ لَا يَعْنِي سِوَى تَمْويهًا وَخِداعًا لِلْبَشَرِيَّةِ خاصَّةً بِحُكْمِ غَرَضِها ذاتِهِ. فالْغالِبيَّةُ العُظْمَى الّتي تطالها هَذِهِ العُقوبَةُ هُمْ الأَبْرياءُ أَوْهُمْ مُذَنبونَ لَكِنّ هَذَا الذَّنْبَ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكونَ سَبَبًا فِي فِقْدانِ اَلْمُذَنبِ لِحَيَاتِهِ خاصَّةً وَأَنَّ القيَمَ الإِنْسانيَّةَ تَنْبِذُ أَساليبَ العُنْفِ والشَّرِّ والْعُدْوانِ، قيَمٌ تَحْتَمِلُ الحَقَّ والْباطِلَ، قيَمَ تُشَكِّلُ دِرْعَا وَاقِيًا يَنْشَأُ عَلَيْه الفَرْدُ مُحصًّنًا بِالْمَبَادِئِ السّاميَةِ.

وَبِمَا أَنَّ التَّرْجَمَةَ تُشَكِّلُ وَسيلَةً لِنَقْلِ أَحْدَثِ العُلُومِ، فَقَدْ قُمْنَا بِاخْتِيَارِ وَتَرْجَمَةِ هَذَا الخِطابِ عَلَى وَجْهِ الخُصُوصِ نَظَرًا لِلْأَهَمِّيَّةِ القُصْوَى اَلَّذِي يَضْطَلِعُ بِهَا وَلِكَوْنِهِ زاخِرٌ بِشَتَّى المَعاني والْقيَمِ الإِنْسانيَّةِ. فَهُوَ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ أُسُسًا وَمَفاهيمَ عَميقَةً تَطْمَحُ إِلَى إِصْلاحِ البَشَريَّةِ وَتَطَوُّرِهَا. لِذَلِكَ حَاوَلْنَا جَاهِدِينَ تَحْقيقَ التَّكَافُؤ والتَّناظُرِ فِي اللُّغَةِ الهَدَفَ تَشْكِيلًا لِلْوَعْيِ البَشَريِّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ اللُّغَةَ العَرَبيَّةَ تَتَمَيَّزُ بِجَماليّاتِ مَعَانِيهَا وَغَزارَةِ مُفْرَداتِها وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ التَّرْجَمَةَ تُعَدُّ الخَيْطَ النّاظِمَ اَلَّذِي يَدْعَمُ وَيَرْبُطُ البَشَريَّةَ. كَمَا حَاوَلْنَا جَاهِدِينَ المُحافَظَةَ عَلَى سَلامَةِ مَعْنَى النَّصِّ الفَرَنْسيِّ وَنَقَلَ مَضْمونهُ بِكُلِّ أَمانَةٍ وَبَذْلْنا قُصَارَى جُهْدِنا لِخَلْقِ نَصٍّ جَديدٍ مُتَوازِنٍ مَعَ النَصِّ الأَصْلِي ولَا يَشُوبُهُ قُصورٌ. وَنَرْجُو أَنَّنَا قَدْ اوْفيْناه حَقَّهُ عَبْرَ الأَساليبِ والْأُسُسِ اَلَّتِي اعْتَمَدْناها.

______________________________

[1] Robert Badinter, Contre la peine de mort, écrits 1970-2006, Livre de Poche, 2008, 313 pages, ISBN : 978-2-253-12259-3.

[2] https://www.fnac.com/Robert-Badinter/ia2893/bio

 [3] رَجُلُ دَوْلَةٍ فَرَنْسِي، وَرَئِيسُ مَجْلِسِ النُّوابِ مِنْ عَامِ 2000 إلَى عَامِ 2002، وَرَئِيسُ الْمَجْلِسِ الإقْلِيميِّ لِفْرَانْشِي.

 [4] وَهُو سِيَاسِيّ فَرَنْسِي ومُحَامٍ.

[5] هُو شَاعِرٌ، كَاتِب مَسْرَحِيٌّ، رِوائِي. وَهُوَ أَيْضًا شَخْصِيَّةٌ سِيَاسِيَّةٌ ومثقف مُلْتَزِمٌ.

[6] هُوَ كَاتِبٌ، فَيْلَسُوفٌ، رِوائِي، كَاتِب مَسْرَحِيٌّ، كَاتِب مَقَالَات. وَهُو أيضاً صَحَفِي ناشِط فِي الْمُقَاوَمَةِ الْفَرَنْسِيَّة.

[7] هُوَ رَجُلٌ دَوْلَة فَرَنْسِي.

[8] هُوَ رَجُلٌ دَوْلَة فَرَنْسِي، وَرَئِيس الْمَجْلِسِ مِنْ عَامِ 1906 إلَى عَامٍّ 1909 وَمِنْ عَامِ 1917 إلَى عَام 1920.

[9] جَان جوريس: قَائِد اِشْتِراكِيٌّ فَرَنْسِي وُلِدَ سَنَةَ 1859 واغتيل سُنَّةٌ 1914 لِمُعَارَضَتِه دُخُول الْحَرْب ومواقفه السُّلَمِيَّة.

 [10]  هُو مُدِير تَنْفِيذِي فَرَنْسِي وَسِياسِيٌّ.

 [11]  هُوَ قَائِدٌ عَسْكَرِيٌّ وَسِياسِيٌّ فَرَنْسِي إِيطالِي الْأَصْل.

 [12] كَاتِب وَسِياسِيٌّ فَرَنْسِي وَشَخْصِيَّة بَارِزَة فِي القَوْمِيَّة الْفَرَنْسِيَّة.

 [13] هُو سِيَاسِيّ فَرَنْسِي، عُضْو سَابِقٌ فِي البَرْلَمَانِ في الرُّون وَعُمْدَة لِيُون.

 [14] هُو سِيَاسِيّ فَرَنْسِي.

[15]  هُو سِيَاسِيّ فَرَنْسِي. عضو في برلمان في لوار إي شير.

[16]  مُهَنْدِس فَرَنْسِي وَسِياسِيٌّ.

[17]  هو مُحامِ وَسِياسِيٌّ فَرَنْسِي. وَكَانَ أَحَدَ عَشَرَ مَرَّةً رَئِيسا لِلْمَجْلِس وَسِتَّةٌ وَعِشْرِينَ مَرَّةً وَزِيرًا فِي ظِلِّ الجُمْهُورِيَّة الثَّالِثَة.

[18]  رَجُلٌ دَوْلَة فَرَنْسِي. وَكَان رَئِيساً لِلْجُمْهُورِيَّةِ الْفَرَنْسِيَّة مِن 18 فيفري 1899 إلَى 18 فيفري 1906.

[19]  هُوَ رَجُلٌ دَوْلَة فَرَنْسِي، رَئِيس الجُمْهُورِيَّة الْفَرَنْسِيَّة مِنْ عَامٍ 1906 إلَى عَام 1913.

[20]  هو أُستاذْ في التّعليم التقنِي، بدأَ حياتَهُ السيَّاسيَّة بانتخابِهِ مسْتشارٍا عامٍا فِي كانْتُونْ لاَوُونْ منْ عامِ1970 إلى عامِ 1970 ثمَّ في كانتون جنوب لاَوُونْ من عامِ 1973 إلى عامِ 1982، انتُخِب نائباً عنْ دائرَةِ أيسن الأولى، وظلَّ في ذلك المنصِبِ حتَّى عامِ 1986.

[21]  شَارْلْ دِيغُولْ، اَلَّذِي يُشَارُ إِلَيْهُ عادَةً بِاَلْجِنِرالِ دِيغُولْ أَوْ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ بِبَسَاطَةٍ الجِنِرالُ، هوَ جُنْديٌّ فَرَنْسيٌّ وَمُقاتِلٌ وَرَجُلُ دَوْلَةٍ وَكاتِبٌ.

 [22] هِيَ سياسيَّةٌ فَرَنْسيَّةٌ أَيَّدَتْ القَضيَّةَ النِّسْويَّة. عُضْوَةٌ فِي الحِزْبِ الِاشْتِراكيِّ، كَانَتْ عُضْوَةً فِي البَرْلَمانِ الأوروبّيِّ مِنْ عَامِ 1979 إِلَى عَامِ 1981، وَزيرَةِ حُقوقِ المَرْأَةِ مِنْ عَامِ 1981 إِلَى عَامِ 1986، ثُمَّ عُضْوَةً فِي البَرْلَمانِ عَنْ كَالْفَادُو وَعُمْدَةً لِيزْيُو مِنْ عَامِ 1989 إِلَى عَامِ 2001.

 [23] هوَ مُجْرِمٌ فَرَنْسيٌّ. حَتَّى الآنَ، هوَ آخِرُ مواطِنٍ فَرَنْسيٍّ تَعَرَّضَ لِلْإِعْدَامِ القَضائيِّ فِي فَرَنْسَا.

 [24] وَهُوَ كاتِبٌ وَفَيْلَسوفٌ وَموسيقيٌّ.

 [25] عَامَ 1953، حُكِمَ عَلَى نوربِرت غَارسو بِالسَّجْنِ مَدَى الحَياةِ بِتُهْمَةِ قَتْلِ فَتاةٍ مُراهَقَةٍ. وَكَانَ قَدْ أُطْلِقَ سَراحُهُ فِي عَامِ 1972. وَكَانَ المُدَّعِي العامُّ فِي تُولُوزْ قَدْ طَلَبَ عُقوبَةَ الإِعْدامِ.

 [26] هوَ مُجْرِمٌ فَرَنْسيٌّ عَمِلَ أَسَاسًا فِي فرَنسا وَكيبيك وَإِسبانيا وَسويسرا وَإِيطَالْيَا وَبلجيكا. وَيُطْلَقُ عَلَيْهُ لَقَبُ “اَلرَّجُلِ اَلَّذِي يَحْمِلُ أَلْفَ وَجْهٍ” أَوْ، وَفْقًا لَهُ، “رُوبِنْ هُودٍ الفَرَنْسي”.

 [27] هوَ سياسي فَرَنْسي. وهوَ رَئيسُ قائِمَةِ ديبوت لا فرانس لِلِانْتِخَابَاتِ الإِقْليميَّةِ فِي كورسيكا. وَكَانَ نَائِبًا لِرَئِيسِ الجُمْهُورِيَّةِ فِي بوش – دو – رون مِنْ عَامِ 1986 إِلَى عَامِ 1988.

 [28] قُتِلَ فِي بَارِيسْ فِي 28 نُوفَمْبِرَ 1972 فِي سِنِّ 39، هوَ فَيْلَسوفٌ فَرَنْسيٌّ سابِقٌ أَصْبَحَ جَانِحًا وَمُجْرِمًا ذُو سَوابِقَ.

 [29] هوَ جُنْديٌّ فَرَنْسيٌّ سابِقٌ، وَالَّذِي أَصْبَحَ مُجْرِمًا ذُو سَوابِقَ. حُكِمٌ عَلَى أَنَّهُ شَريكُ كلود بوفيَه فِي قَضيَّةِ أَخْذِ رَهائِنَ دَمَويَّةٍ، وَحُكِمَا عَلَيْهِمَا بِالْإِعْدَامِ وَتَمَّ إِعْدامُهُ بِاَلْمِقْصَلَةِ.

 [30] بَاتْرِيكْ هِنَري، اَلَّذِي أُدينَ بِقَتْلِ طِفْلٍ يَبْلُغُ مِنْ العُمْرِ 8 سَنَوَاتٍ، نَجَا مِنْ عُقوبَةِ الإِعْدامِ بِفَضْلِ مُحاميه، روبَرْتْ بادينتير وَروبِرْتْ بُوكُويلُونْ.

 [31] سياسيٌّ فَرَنْسيٌّ. وانْتُخِبَ عُضْوًا فِي البَرْلَمانِ فِي 3 أَبْرِيلَ 1978 فِي الدّائِرَةِ الِانْتِخابيَّةِ الأُولَى فِي لوبي وَأُعيدَ انْتِخابُهُ بِاسْتِمْرارٍ مُنْذُ ذَلِكَ الحِينِ، وَلَمْ يَتَرَشَّحْ مَرَّةً أُخْرَى فِي عَامِ 2007. وَكَانَ عُضْوًا فِي مَجْموعَةِ الِاتِّحادِ مِنْ أَجْلِ الحَرَكَةِ الشَّعْبيَّةِ مُنْذُ عَامِ 2002 بَعْدَ أَنْ أَمْضَى كامِلَ حَياتِهِ السّياسيَّةِ مَعَ الحِزْبِ الدّيمُقْراطيِّ الموَحَّدِ. وَكَانَ عُضْوًا فِي فَريقِ دِراسَةِ الجَمْعيَّةِ الوَطَنيَّةِ المَعْنيِّ بِاَلْتُبْتْ.

[32]  هوَ مُمَثِّلٌ وَرَجُلُ دَوْلَةٍ أَمْريكيٍّ. وَهُوَ الرَّئيسُ الأَرْبَعُونَ لِلْوِلَايَاتِ اَلْمُتَّحِدَةِ، فِي الفَتْرَةِ مِنْ 20 يناير 1981 إِلَى 20 يناير 1989.

[33]  وَهُوَ أَوَّلُ مِنْ حُكِمَ عَلَيْهُ بِالْإِعْدَامِ بِاَلْمِقْصَلَةِ تَحْتَ حُكْمِ فاليري جيسكار ديسْتانْ اَلَّذِي اسْتَمَرَّ سَبْعَ سَنَوَاتٍ. وَهُوَ أَيْضًا آخَرُ مَحْكُومٌ أُعْدِمَ مِنْ قِبَلِ الرَّئيسِ التَّنْفيذيِّ أندريه أوبرِيخت.

 [34] تونِسيٌّ مَحْكُومٌ عَلَيْهُ بِالْإِعْدَامِ فِي فَرَنْسَا لِارْتِكَابِهِ جَريمَةً. وَهُوَ آخِرُ شَخْصٍ فِي أوروبا يَعْدَمُ بِاَلْمِقْصَلَةِ فِي فَرَنْسَا فِي سِجْنِ باوديس بِسَبَبِ تَعْذيبٍ وَقَتْلِ امْرَأَةٍ تَبْلُغُ مِنْ العُمْرِ 22 عَامًا.

 [35] هوَ سياسيٌّ فَرَنْسيٌّ، وَعُضْوٌ فِي الحِزْبِ الدّيمُقْراطيِّ الرّوانديّ، وَعُمْدَةُ لَاندِيفِيسيو حَتَّى عَامَ 2001، وَنائِبُ فينِيستير مِنْ عَامِ 1978 إِلَى عَامِ 2002، وَرَئيسُ المَجْلِسِ الْعَامِّ لفينيستِير مِنْ عَامِ 1988 إِلَى عَامِ 1998.

 [36] سياسيٌّ فَرَنْسيٌّ كَانَ نَائِبًا عَنْ الدّائِرَةِ العاشِرَةِ بِباريسَ لِسَبْعِ فَتَراتٍ مُتَتاليَةٍ.

 [37] هوَ سياسيٌّ. وَهُوَ أَحَدُ الموَقِّعينَ عَلَى “دَعْوَةِ 43” لِصَالِحِ تَرْشيحِ فاليري جيسكار ديستان فِي الِانْتِخَابَاتِ الرِّئاسيَّةِ لِعَامِ 1974.

 [38] هوَ سياسيٌّ فَرَنْسيٌّ. كَانَ عُمْدَةً ريمس مِنْ 1983 إِلَى 1999 وَنَائِبًا.

 [39]  مُحَامِي وَسياسيٌّ فَرَنْسيٍّ. تَمَّ انْتِخابُهُ عُمْدَةُ الدّائِرَةِ الرّابِعَةِ لِبَارِيسْ فِي عَامِ 1983 حَتَّى عَامِ 1997. وَهُوَ حاليًّا أَطْوَلُ عُمْدَةِ خَدِمَ فِي هَذِهِ الدّائِرَةِ 14 عَامًا.

 [40] هوَ قَاضٍ فَرَنْسِي. وَهُوَ أَوَّلُ رَئيسٍ لِمَحْكَمَةِ النَّقْضِ.

عقوبة الإعدام

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.