الجهل بالنفس والجهل بالطفولة
دشن عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في مصر استراتيجية للتعليم امتدت لنصف قرن ولازالت آثارها باقية حتى اليوم. ومن أبرزها مجانية التعليم التي أضحت متاحة لكل طبقات الشعب كالماء والهواء. رغم أنه لم يكن مختصا في حقل التربية. وقد وظف القاعدة الأصولية التي تقول «الضرورات تبيح المحظورات» في عدم المساس بمجانية التعليم تحت أيّ ضغوط سياسية أو اقتصادية لتكون «الضرورات الاقتصادية لا تبيح المحظورات التربوية» ولكن الحقل التعليمي اليوم أصبح بمثابة حقل تجارب يغلب عليها التخبط وغياب الرؤية. فكلما جاء وزير للتعليم ألغى خطة الوزير السابق بالاعتماد على الحلول المؤقتة والانتقال من مشكلة إلى أخرى مع غياب التنسيق الكامل بين الأسرة والمدرسة حيث تعاني مجتمعاتنا من بعض المشكلات السلوكية والفكرية مثل التعصب الديني والقدرية والطائفية، وعندما يذهب التلميذ إلى المدرسة في بداية التحاقه بالتعليم يكون «مبرمجا» مسبقاً، حيث يأتي حاملاً لهذه السلبيات، وعندما يتدرج الطالب في مراحل التعليم ويصل إلى كليات القمة مثل الطب والهندسة وتكنولوجيا المعلومات يظل محتفظاً بأفكاره التي تشبّع بها في سنواته الأولى والتي غرست في عقل ووجدان الطفل قبل أن يلتحق بالمدرسة. كما أننا نعيش في مجتمعات انتقالية تتميز بأنها تملك شيئاً من القديم، وشيئاً من الحديث، كما لا نغفل دور العنصر الديني والمذهبي وكما يقول ابن خلدون «من الغلط الخفيّ الذهول عن تبدّل الأحوال في الأمم والأجيال بتبدل الأعصار ومرور الأيام؛ وذلك لأن أحوال العالم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة منهاجاً مستقراً، وإنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة» [الدكتور حامد عمار، خطى اجتزناها، سيرة ذاتية، الدار المصرية اللبنانية، ص 269، الطبعة الأولى، القاهرة 2006].
على الرغم من طول الفترة التي مرّت بين الصيحة التي أطلقها سقراط يوم قال «اعرف نفسك « والصيحة التي أطلقها جان جاك روسو»اعرفوا الطفولة « والتي امتدت نحو ألفين ومائة وثمانين سنة وحتى اليوم، لا يزال جهل الإنسان بنفسه وبالطفولة كبيراً، على الرغم من أن النفس هي شغل الإنسان الشاغل، ولو ردمنا الهوة الزمنية بين المقولتين ندرك ما تنطوي عليه الطفولة من مجهول، وندرك أيضا الربط بين معرفة النفس ومعرفة الطفل، كالربط بين الفطرة الأولى للكائن وبين التشكيل الفطري للطفل وما ينطوي عليه من غموض مجهول، وذلك لأن إدراك المعرفة الفطرية أو الكشف عن كنهها ما هو إلا كشف عن النفس في معناها الأوسع [د. بهيجة مصري إدلبي: بلاغة الإيقاع وشعرية قصيدة الطفل، مجلة عالم الفكر، المجلد 44، أبريل – يونيو 2016 ، ص 26].
وقد قال أفلاطون «إن فساد النظام التعليمي يؤدي إلى فساد النظم الاجتماعية الأخرى»، وهذه المقولة تنطبق على مجتمعاتنا العربية لأن النظام التعليمي فشل في إمداد مجتمعاتنا بالمواطن الصالح الذي يتبنى قيم التسامح وقبول الآخر والقبول بالمجتمع والنظام السياسي. وللعالم اللغوي الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي مقولة شهيرة مفادها «التعليم ليس مثل ملئك كأساً من الماء بل مساعدة وردة على أن تنمو بنفسها» [الدكتور حمزة المزيني: تخليص التعليم من غير التربويين، مجلة عالم الفكر، العدد 4، المجلد 43، أبريل – يونيو 2015، ص 327]. فيجب علينا توفير المناخ المناسب للطلاب ومساعدتهم في الاعتماد على أنفسهم ولا نجعلهم موضعاً للتجريب.
هناك فجوة كبيرة بين الأهداف والنتائج، فنحن نرى الأهداف الموضوعية في غاية الأهمية، لكن النتائج لا تأتي على المستوى المنشود، فهناك إشكالية في وضع الآليات والأدوات التي تضمن تحقيق الأهداف وتحويلها إلى نتائج جيدة، فإذا اعتمدنا أفضل المناهج في العالم فلن نفلح في تحقيق إنجاز كبير لو كان المعلم ضعيفاً، لأنه لم يفعل شيئاً سوى الإساءة إلى هذه المناهج [ الدكتور علي فخرو: ندوة التعليم.. أين الخلل، مجلة عالم الفكر العدد 4، المجلد 43، أبريل – يونيو 2015، ص 327].
وعندما تصبح المدرسة مؤسسة تدار بالهيمنة والتسلط، ويترأسها مدير مستبد لا يقبل إلا برأيه هو، ولا مجال إلا لتنفيذ رؤيته، فمن ثمة يتعوّد الطالب على الخضوع للهيمنة والاستبداد. وهناك إشكالية «التقويم» بمعنى قياس تحصيل المتعلم، فنحن دائماً نطالب بأن «يتعلم الطالب كيف يفكر ويحلل»، لكننا في الوقت نفسه نخضعه لتقويم مبنيّ على التلقين والحفظ، فقديما كان هناك تقليد في التعليم مداره إعادة الموروث وتحليله وشرحه وإعرابه، فإذا حفظ التلميذ عن شيخه كل هذا جاز له أن يكون بدوره شيخاً لتلميذ يحفظ عنه، فنتج عن ذلك أن كان مفهوم العلم هو الدراية بما ورد في الكتب حتى وإن جهل «العالم» كل شيء عن الطبيعة وظواهرها. ولم يكن أحد يتصور مجرد تصوّر أن يكون «التعليم» تعليما لمعالجة الطبيعة وبحوث الهندسة الوراثية وأسرار الفضاء وتركيب الآلات وهندسة المدن، وحتى إن وجد شيء منه كان متروكاً لـ»الخبرة» ينقلها الحرفي الكبير إلى الحرفي الناشئ، ولا شأن «للعلم» به، ونحن لا نذكر هذا لننتقص من قدر الأقدمين، بل نذكره لنؤكد أن هؤلاء الأقدمين كانوا يصدرون عن «مبدأ» في تصوّرهم للعلم والتعليم، فإذا جئنا نحن في عصر تغيرت ظروفه على النحو الذي نرى، فهل يجوز أن نبقي على المبدأ نفسه؟
حتى في جامعاتنا الحديثة لا نزال نسير على المبدأ القديم نفسه، وهو أن يحفظ التلميذ عن الشيخ، وليس ثمة من فرق كبير أو بعيد بين أن يحفظ التلميذ عن الشيخ، وبين أن يكون المحفوظ هو ألفية ابن مالك أو كتاباً في الهندسة الوراثية، لأن المدار في الحالتين هو الحفظ الذي يمكّن التلميذ من «تسميع» ما حفظه أمام شيخه، وبعد ذلك يسأل السائلون: لماذا لا نسهم في دنيا العلوم بإضافات جديدة إلا القليل الذي يمكن تجاهله؟ والجواب واضح، وهو أن «المبدأ» القديم في العلم والتعليم لم يغيّره مبدأ جديد [الدكتور زكي نجيب محمود: نافذة على فلسفة العصر، كتاب العربي العدد 98 ، الجزء الثاني، ص 125].
فنحن نعتمد في نظامنا التعليمي على المعرفة المقولبة، أي مجموعة من المعارف نعطيها للطالب مع إغفال أن المعرفة هي أساساً مجموعة من المهارات والأفكار التي تبني كيان الفرد بطريقة تكفل له القدرة على تغيير سلوكه والارتقاء إلى الأفضل، أي أننا نخطط للشيء ونطبق نقيضه، وهذا التناقض يدفع الطالب إلى تنحية التفكير والتحليل جانباً، والاعتماد على الحفظ والاسترجاع، ومن ثم سيحقق نجاحاً في التقويم، لكنه سيكون مخفقاً في العملية التعليمية الشاملة، ومدارسنا لا تزال حتى وقتنا هذا عاجزة عن فهم أن القدرة على التعلم أهم بكثير من التعليم نفسه.
وألقى شيخ التربويين الراحل الدكتور حامد عمار الضوء على أوجه القصور في العملية التعليمية والتي تمخّضت عنها مشكلة الدروس الخصوصية والتي نطالب بضرورة القضاء عليها ومعاقبة من يقوم بها، ومن ثم نتجاهل تحديد العوامل التي أدت إليها من سياسات القصور في بناء منشئات تعليمية جديدة لتعالج كثافة الفصول والمدرجات واكتظاظها، وفي تدنّي مرتبات المدرسين، ومنها التوغل في ميزانية الدولة، والدخل القومي، وأولويات استثمار وتوزيع موارده، ومنها النظام الضريبي وتحيزاته ثم إلى الطلب الاجتماعي المتنامي على الالتحاق بالجامعة مع محدودية إمكاناتها لعدم التوسع في إنشاء جامعات جديدة ، ثم إلى السعي الجماهيري تفادياً لمشكلات بطالة الخريجين.
كما أن العلاقة بين المنظومة التعليمية والنظام السياسي والقوى الاجتماعية التي تهيمن على مقاليد الحكم والسلطة علاقة قد تكون وثيقة في تبعية التعليم لتوجهات نظام الحكم، كما أن بها من الإمكانات التي تجعل العلاقة مرنة غير محكمة، تتيح لها من حرية الحركة في التمتع بقدر من الاستقلالية والمرونة في تفاعلاتها وتوجيهاتها.
وقد قام التعليم بدوريه من التبعية والاستقلالية؛ أي بالتوافق والمقاومة في مراحل النهضة المصرية منذ إنشاء نظام التعليم الحديث في عصر محمد علي ، بل وحتى من خلال تعليم الأزهر الشريف قبل ظلمات حقبة حكم السلطنة العثمانية لولاية مصر.
كما يظهر أحياناً في مواجهة موجات التبعية، ومن خلال إيقاد مشاعل المقاومة في بعض المواقف. بيد أنه مع ظهور تيارات الاستقلال تواجهها سدود القمع والكبت.. وهكذا دواليك ، تتوالى وتختلط تيارات التبعية والاستقلالية في ديناميات التعليم وتوجهاته.
عندما تصبح المدرسة مؤسسة تدار بالهيمنة والتسلط، ويترأسها مدير مستبد لا يقبل إلا برأيه هو، ولا مجال إلا لتنفيذ رؤيته، فمن ثمة يتعوّد الطالب على الخضوع للهيمنة والاستبداد
لكن الأعم في تلك العلاقة بين التعليم والسلطة بات غلبة علاقات التبعية نظراً لما ساد في حكم مصر من قوى سيطرة الاستبداد السياسي، وسلطان الدولة المركزية، ومحاصرة الأفكار والمؤسسات الديمقراطية، سواء كان ذلك في الحقبة الملكية أو تحت سيطرة الاحتلال البريطاني أو في فترة ثورة يوليو 1952 رغم ما تمخّض عن بعض سياستها التعليمية من إيجابيات التوسع في إتاحة فرص التعليم بصورة عامة والجامعية بصورة خاصة، بجعلها مجانية منذ عام 1961 وكان من جراء تلك السياسات حتى اليوم حشد التعليم للتعبئة الأيديولوجية الاشتراكية أو الرأسمالية أو التكنولوجية أو السوقية في ضوء التوجهات الرسمية الفوقية، دون التمكين لنمو المواطن الناقد والواعي والمبدع، فاعلاً لا مجرد متلقن مفعول به وبمصائره.
وقد حذر عمار بأن المساس بمجانية التعليم يعني حرمان 70 بالمئة ممن يتمتعون بالتعليم حاليا من أبناء شرائح الفقراء ومحدودي الدخل، وأعداد كبيرة من أبناء الطبقة الوسطى من التعليم العالي [الدكتور حامد عمار: خطى اجتزناها.. سيرة ذاتية ، الدار المصرية اللبنانية ، 2006 ، ص 264].
وأوصى المفكر والفيلسوف الراحل الدكتور زكي نجيب محمود بضرورة أن ندخل في تعليمنا لأبنائنا مقررات أساسية تفي بالتذوق الفني، على تعدد أنواع الفن واختلافها، ويرى زكي نجيب محمود أن العلاقة وثيقة بين «الهرجلة» التي تشيع في حياتنا، ويقصد حياة العربي في أيّ قطر من أقطار الوطن الكبير.. يقول «إن العلاقة وثيقة بين الفوضى التي تفتت قوانا وتفكك أوصالنا، وبين حرماننا من نشأة يكون التذوق الفني مقوماً من أهم مقوماتها، إذ يكاد يستحيل -في ظني- أن ينشأ ناشئ على إدراك ما في القطعة الفنية -كائنا ما كان منها- من تعاون بين أجزائها يوحدها ويحفظ النسب الصحيحة بينها، ثم يجنح بعد ذلك إلى الفوضى، فما الفوضى إلا امتناع الكيان الموحد، واضطراب النسب بين الأجزاء».
كما أشار زكي نجيب محمود إلى الفائدة الكبرى التي نجنيها من أبنائنا إذا ما اكتسبوا القدرة على تذوق الفنون، ويقصد الرابطة التي تربط العرب المعاصرين بالعرب الأسبقين، وهي رابطة في صميم الصميم من إحياء المجد العربي بإحياء تراثه ، فليس إحياء التراث -والكلام لنجيب- هو أن نقيم له هيكلاً ثم نجلس في ظله لنستريح، بل هو أن تتشرّب روح ذلك التراث تشرباً يسري به في الشرايين، كيف؟
ويجيب بـ»أن يتذوق الأبناء فنون الآباء، فقارئ البحتري -مثلا- إذ قرأه قراءة المتذوق، بمعنى أن يدخل في جلد الشاعر، ليرى بعينيه ويسمع بأذنيه، كان وكأنه البحتري في رؤيته للعالم وللناس وللأحداث من حوله. ومثل هذا الدمج الذي تحققه لنا لحظات التذوق الفني لتراث أسلافنا، هو في مقدمة العوامل الكفيلة للمعاصرين أن يجيئوا استمراراً للأقدمين في الروح والجوهر، وإن اختلفت بينهما بالضرورة تفصيلات العيش».
ويضيف «علموا أبناءنا كيف يتذوقون الفن بمختلف أشكاله، تعلموهم حب النظام، وجدية العمل، وتنسيق الوسائل مع الأهداف، وتنشؤوهم تنشئة التهذيب والإحساس بالكرامة، ثم تعلموهم فوق هذا وذاك أي الطرق يسلكون ليستلهموا ماضيهم المجيد من أجل حاضر أمجد» [ الدكتور زكي نجيب محمود: نافذة على فلسفة العصر، كتاب العربي العدد 98 ، الجزء الثاني ، ص 98 ، 99]
وتعاني منظومة التربية العربية من التخبط والعجز عن الخروج من فلك الدائرة الخبيثة، ولغزنا التربوي له ملامحه الخاصة من تسرب الصغار من الفصول ونزيف العقول، وهادر الخريجين، وتضارب الآراء فيما يخص محتوى التعليم. هذا هو حملنا التربوي الثقيل الذي ينوء به كاهلنا، ونحن نهمّ بدخول عصر المعلومات. وقد اختلط اللغز التربوي مع ألغازنا الاجتماعية الأخرى؛ ليفرز وضعاً شائكاً للغاية تعددت المواقف إزاءه ما بين ردود الأفعال وسياسة إدارة الأزمات، وبين إغماض العين عن الراهن في غيبوبة الحديث عن أماني المستقبل، وما أروعه من حديث وقد زادت تكنولوجيا المعلومات هذا الحديث إثارة وطلاوة فراح أصحابه يؤكدون على أن هذه التكنولوجيا، ولا شيء غيرها، هي العصا السحرية لعلاج أزمتنا التربوية؛ من الدروس الخصوصية إلى تخلف الأساليب المنهجية، ومن زحمة الفصول إلى نقص المعامل، ومن إعادة تأهيل المعلمين إلى تنمية القدرات الإبداعية لدى المتعلمين بشكل عام [الدكتور نبيل علي: الثقافة العربية وعصر المعلومات، الهيئة العامة لقصور الثقافة، ص 301، القاهرة، الطبعة الثانية، 2012].
وأرجع الدكتور نبيل علي أزمتنا التربوية إلى عدة أسباب رئيسة منها: غياب فلسفة اجتماعية نبنى عليها فلسفة تربوية واقعية ومتماسكة، كما أن الأسلوب المتبع في ملء الفراغ التربوي بالاستعارة من الغرب؛ نأخذ الفكرة ونقيضها، دون أن يكون لخصوصيتنا دور كبير ولم نقف منها موقفاً نقدياً، ولم نقرأ الظروف الاجتماعية التي احتضنت ولادتها.. إننا نستورد نظما تربوية منزوعة من سياقها الاجتماعي، وإن جاز هذا في الماضي، فهو يتناقض جوهرياً مع توجه التربية الحديثة نحو زيادة تفاعلها مع بيئتها التربوية. وندرة جهود التنظير التربوي، ونادرها قد طغى على معظمه المنهج على حساب المحتوى، واستهوتنا الإحصائيات، وجداول الأرقام والمؤشرات وعلاقات الارتباط. فلا يكفي في تناول قضايا التربية الوقوف عند حدود التحليل الكمي، خاصة في بلدان مثل بلداننا العربية، التي تمتلئ بأمور عدة يتعذّر قياسها أو إخضاعها للتحليل الإحصائي الدقيق على الأقل في ظل الظروف الراهنة. والخلط بين الغايات والمقاصد والإجراءات، والوقوف عند حدود العموميات والمبادئ العامة التي لا خلاف عليها، وليطّلع من يرتاب فيما نزعمه على وثائق سياستنا التربوية، ونتائج مؤتمراتنا وندواتنا حول تطوير نظم تعليمنا وتأهيل معلمينا، ناهيك عن تشبث البعض بأفكار بالية من قبيل التمسك بأساليب الحفظ والتلقين، ورفضه لمبدأ المساواة في تعليم الذكور والإناث [المرجع السابق : ص 301 ، 302].
ولا بد من وجود منظومة من القيم العربية والإسلامية تأخذ بعين الاعتبار حاجات الطفل العربي الثقافية والمعرفية والذاتية، بأفق إنساني ينطلق من تعميق الحس القومي والديني لديه، وحسن تقبل الآخر والحوار معه. ومن المهم تجاوز مرحلة الرومانسية التربوية إلى مرحلة تتسق وما وصل إليه العصر من التطور، وما وصل إليه الطفل من الوعي [الدكتورة بهيجة مصري إدلبي: بلاغة الإيقاع وشعرية قصيدة الطفل، مجلة عالم الفكر، العدد 4، المجلد 44، أبريل – يونيو 2016 ، ص 63].
وللقضاء على ثقافة العنف يقدم نبيل علي روشتة ناجعة للقضاء على هذه الظاهرة؛ فالتخلص من نزعات العنف والتعصب يتطلب ذلك الاهتمام بتدريس تاريخ الحضارات، والدين المقارن وتشجيع مهارات الحوار عبر الإنترنت، والتصدي للعنف الترفيهي لوسائل الإعلام الجماهيري، وذلك بالإضافة إلى استخدام أساليب علم النفس التربوي ، لتخليص الصغار والكبار من النزعات العدوانية والقبلية وكره الأجنبي والخوف من الغريب وما شابه. وضرورة اكتشاف الآخر من خلال اكتشاف الذات، وهذا يتطلب تدريس الجغرافيا البشرية، وتعليم اللغات الأجنبية، وتنمية الوعي بالقواسم المشتركة في الثقافات والحضارات الإنسانية، وتنمية مهارات الحوار مع الآخر من خلال تنمية مهارات التواصل والتفاوض الثقافي، وتنمية القدرة على الإقناع وهندسة الحوار، وإبرام الصفقات المتوازنة.
[الدكتور نبيل علي: الثقافة العربية وعصر المعلومات: مرجع سابق ص 326].
[1] خطي اجتزناها : الدكتور حامد عمار .. سيرة ذاتية ، الدار المصرية اللبنانية ، ص 269 ، الطبعة الأولى ، القاهرة 2006
[2] د . بهيجة مصري إدلبي: بلاغة الإيقاع وشعرية قصيدة الطفل ، مجلة عالم الفكر ، المجلد 44 ، إبريل – يونيو 2016 ، ص 26
[3] – الدكتور حمزة المزيني : تخليص التعليم من غير التربويين : مجلة عالم الفكر ، العدد 4 ، المجلد 43 ، إبريل – يونيو 2015 ، ص 327 .
[4] – الدكتور علي فخرو: ندوة التعليم .. أين الخلل ، مجلة عالم الفكر العدد 4 ، المجلد 43 ، إبريل – يونيو 2015 ،ص 327
[5] – الدكتور زكي نجيب محمود : نافذة على فلسفة العصر ، مرجع سابق ، ص 125
[6] – الدكتور حامد عمار : خطى اجتزناها .. سيرة ذاتية ، الدار المصرية اللبنانية ، 2006 ، ص 264
[7] – الدكتور زكي نجيب محمود : نافذة على فلسفة العصر ، كتاب العربي العدد 98 ، الجزء الثاني ، ص 98 ، 99 .
[8] – الدكتور نبيل علي : الثقافة العربية وعصر المعلومات ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، ص 301 ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، 2012 .
[9] – السابق : ص 301 ، 302
[10] – الدكتورة بهيجة مصري إدلبي : بلاغة الإيقاع وشعرية قصيدة الطفل ، مجلة عالم الفكر ، العدد 4 ، المجلد 44 ، إبريل – يونيو 2016 ، ص 63
[11] – الدكتور نبيل علي : الثقافة العربية وعصر المعلومات : مرجع سابق ص 326