إعادة صياغة التاريخ روائيا
يفترض خليفة في روايته (الصادرة عن دار الآداب، بيروت 2016) قراءة مختلفة للتراث والتاريخ والواقع، ينطلق من افتراضه وسؤاله «ماذا لو..؟» وإمكانية تغيير مسار الأحداث بحدوث أشياء أو تفاصيل من شأنها أن تغيّر مجرى التاريخ من جانب إلى آخر، وقد يكون النقيض، ويتخيّل لوحة تاريخيّة تنعتق من قيودها المتوارثة وتمضي لقراءة ما وراء السطور، أو ما وراء العناوين والأحداث المسجّلة والموثّقة.
يشرّح صاحب رواية «القوقعة» الشهيرة واقع السجون في سوريا بعد الانقلاب العسكريّ الذي سعى إلى تحويل المدن إلى ثكنات عسكريّة وسجون كبيرة لسكّانها، وكيف أنّ السجن كان يتناسل بطريقة وحشيّة مدمّرة، حتّى يشعر الناس أنّهم مغيّبون ومقيّدون في سجون مظلمة لا يستطيعون منها فكاكاً وليس لهم منها أيّ خلاص أو مهرب، ثمّ كيف بدؤوا يحاولون بعد ذلك تكييف أنفسهم على التأقلم مع واقع القهر الجديد المفروض عليهم، وسيف الإذلال المسلّط على الرقاب يستمرّ في النيل منهم.
يشير خليفة إلى انسلاخ السجّانين عن إنسانيّتهم المفترضة ليصبحوا وحوشاً في هيئة بشريّة، يفتكون بالسجناء ويذيقونهم شتّى صنوف التعذيب والإذلال، وكأنّ لهم ثأراً شخصيّاً معهم، من دون أن يُعملوا عقولهم ويجروا أيّ محاكمة عقليّة، وما إذا كان ما يقدمون عليه مقبولاً أم لا، يكونون مجرّدين من الإنسانيّة والتفكير، ويأتي تغييب العقل والمنطق والتحكيم من أجل إثبات الولاء للحاكم المستبدّ، وتأكيد الانتماء إليه وإلى أوامره وتعليماته، ويكون الانسلاخ في أبشع وجوهه وتجلّياته حين ينسلخ السجّان عن إنسانيّته ليتحوّل إلى وحش دمويّ.
مسرح التاريخ
ينوّه خليفة في سرده حكاية عمله بداية إلى أمرين، الأوّل هو أنّ فكرة روايته تشكّلت حين كان في السجن «على وقع صوتين: صوت السياط وهي تنهال على أجساد البشر، وصوت هؤلاء البشر وهم يصرخون ألماً عندما تنهال عليهم السياط». ويذكر أنّ الفكرة اكتملت في ذهنه خلال عدّة سنوات في سجن تدمر، وحين نقل إلى سجن صيدنايا العسكريّ 1987 كتب الفصل الأول الذي تمّت مصادرته مع كثير من أشياء السجناء أثناء حملة تفتيش في السجن، ويحكي مأساة صديقه جمال سعيد الذي صودرت روايته التي كان قد أتمّ كتابتها، وكان كأب مفجوع، ولم يتمكّن من استعادتها أو إعادة كتابتها.
يكون تنويهه الثاني إشارة إلى أنّ في نصّه الكثير من التاريخ البعيد والقريب، ولكن ليس التاريخ كما حدث فعلاً، أو كما كُتب، وأنّ النص سمح لنفسه أن يتحدث عن التاريخ لا كما حدث فعلاً، وإنما كما كان يمكن أن يحدث أيضاً. يصوغ أسئلته نابشاً أغوار التاريخ وخباياه منطلقاً من سؤاله «ماذا لو؟» ذاك الذي يحرّض للبحث عن سيناريوهات مفترضة للتاريخ الذي كان يمكن أن يحدث لولا وقوع حوادث بعينها أو ولادة أشخاص (هتلر، حافظ الأسد) وظهورهم على مسرح التاريخ ومساهمتهم بدورهم في تغيير مجراه لهذه الوجهة أو تلك.
يلتقط خليفة بذور الشقاق الاجتماعيّ الجاثمة بين طيّات ما كان يتبدّى تعايشاً وتسامحاً، فالخالدية، بلدة الشيخ الذي كان قد أنقذ عدداً من الأرمن أثناء الإبادة التي تعرّضوا لها على أيدي العثمانيين في بدايات القرن العشرين، كانت تحتضن جميع الإثنيات والأعراق، وكأنّها صورة مصغّرة للمشرق، ولسوريا خصوصاً، فكان المسيحيّ يتجاور مع المسلم، والكردي إلى جانب العربي والشركسيّ، لكلّ منهم حارته وحياته، تتحوّل إلى صورة نقيضة بعد هيمنة العسكر واستغلالهم الأحقاد الاجتماعية وتفعيل بؤر التوتّر واستغلالها لزعزعة المجتمع وقلبه بما يناسب سياسات السلطة الإجراميّة المتمثّلة في الإفساد والتدمير.
عبدالسلام آل الشيخ الذي يفترض أنّه منحدر من عائلة تعود بنسبها إلى الصحابيّ خالد بن الوليد، يكون سليل أسرة دينيّة تحظى بمكانة اعتباريّة في منطقتها القريبة من حلب وفي أماكن تواجدها في كثير من الدول، ويكون لها نظام خاصّ بالتوزّع والانتشار، وذلك بعد تعرّضها لمجازر عبر تاريخها، ومحاولة قطع نسلها عن الحياة على أيدي أعدائها، ما دفع أجدادهم إلى إرسال أبنائهم إلى مختلف الأماكن ليؤثّثوا فيها حياتهم ومدارسهم الدينيّة، ليستحيل القضاء عليهم أو إبادتهم كما حصل في الماضي.
الراوي ينتمي إلى فصيل يساريّ معارض يتعرّف إلى عبدالسلام في السجن، يتذكّر أنّه كان قد التقاه مرّة في مكتب جريدة الحزب، ويقوم بمساعدته ويتكفّل به ويمكث معه في زنزانته بضعة شهور لحين يتمّ الإفراج عنهما، وتبدأ مرحلة جديدة من حياتهما كصديقين وأخوين.
الراوي الذي كان قد تمرّد على أهله وخرج من بيت أبيه إلى غير رجعة يجد في صديقه عبدالسلام أماناً وحياة، يحاول صديقه أن يعامله بالمثل، يحاول أن يردّ له ما وصفه بالجميل وإنقاذه حياته في السجن، يدخله إلى قلب أسرته في الخالدية، وذلك بعد أن يحكي له بعض التفاصيل عن الشيخ الكبير والده عبدالهادي وطريقتهم في إدارة شؤونهم وحياتهم، وسياستهم المتمثّلة في البعد عن الملوك، وبعد ذلك يكشف له بعض أسرارهم وكنوزهم المخبوءة، ويحاول بطريقته الخاصّة إبقاءه معه من دون أن يشعره بأيّ حرج.
الراوي العاشق لرفيقته لميس يدخل عالماً غريباً عنه، يستمع إلى حكايات أسطوريّة من صديقه القياديّ سلام وقصصه الغرائبيّة عن حياته، وواقع عيشه كأمير في قصره، ثمّ مزاوجته بين الانتماء إلى حزب يساريّ ينادي بالاشتراكيّة، والانتماء لعائلة دينيّة لها طريقتها في المشيخة والتعليم والتواصل والحياة، وما تزال تحتفظ بخدمها لديها.
يسرد حكايات سلام مع ابنة عمّه القادمة من سراييفو، مريم التي كانت تكبره ببضعة أعوام، والتي جمعته معها علاقة عشق عاصفة طالت أقلّ من شهر، عرّفته إلى أسرار الجسد وأبحرت معه في عالم من السحر والشبق والجنون، وترك فراقهما الممضّ عن بعضهما أثراً عميقاً ظلّ مؤلماً لكليهما ولم يندمل بمرور الأيّام.
يتعرّف عبدالسلام في حلب إلى الفتاة الأرمنية مارال التي يعمل والدها إسكافياً، ويكون قيادياً في الحزب اليساريّ الذي ينتمي إليه عبدالسلام لاحقاً عبره، يكون تأثيره كبيراً على شخصية عبدالسلام الذي يبدأ بتثقيف نفسه، ويدخل الخلوة التي في قصر الشيخ والده، يبحر في عالم الكتب ليعيد بناء وترتيب عالمه وشخصيّته، ويخرج بعد سنة جامعاً بين انتماءين يبدوان نقيضين، هو الغنيّ ابن العائلة الثريّة الدينية من جهة، واليساريّ الساعي ضدّ الأغنياء والشيوخ وسلطتهم من جهة أخرى.
تغييرات عاصفة
يشير الراوي إلى التغييرات العاصفة التي اجتاحت حياة بطله عبدالسلام، انتقل من خليفة الشيخ الكبير المنتظر إلى رئيس للحزب، اقترن بعد صراعات طويلة مع الأهل والمحيط الاجتماعيّ بزوجته مارال الأرمنية، وكان والده قد اشترط عليه أن يرسل أبناءه عند بلوغهم الثانية إلى الخالدية ليظلّوا في بيته هناك، ودخوله السجن بعد انقلاب ما يسمّيه بالمارشال، وهو إشارة إلى انقلاب حافظ الأسد في السبعينات من القرن العشرين واستئثاره بالسلطة وفتكه بالمعارضين من مختلف التيّارات الدينية واليساريّة.
لوحة: محمد بدر حمدان
يخرج سلام من السجن بعد ثلاث سنوات تعرّض خلالها لشتّى صنوف الإذلال، وتمّ اغتصاب زوجته مارال أمام عينيه، وكان ذلك بناء على وصيّة المارشال بضرورة إذلاله، ودفعه إلى اليأس، وكان ينتقم بذلك من ازدراء سلام المعلن له، بالإضافة إلى الانتقام من نسبه وانتمائه، وكان قد اختار للمهمّة الدنيئة أحد أقذر ضبّاطه من طائفة غير طائفته، أي من طائفة سلام نفسها «السنّة»، ليكون أداته القذرة بمعاقبة خصومه والتنكيل بهم.
يشير الراوي إلى شخصيّة الأجنبيّ الغامض الذي كان أحد ضبّاط المخابرات لدى الألمانيّ هتلر أيّام حكمه وفترة حربه، وكان تنكّر بهويّة شخص سوريّ وزار سوريا سابقاً وأتقن اللهجة الشاميّة، وكان شخصاً ذكياً وخطيراً للغاية، تمكّن بعد هزيمة هتلر من الهروب بثروة إلى دمشق بشخصيّة السوريّ المنتحلة، وبدأ من دمشق نشاطه المخابراتيّ من جديد، وكبر حلمه بتأسيس إمبراطوريّته المأمولة.
يلفت إلى أنّ الأجنبيّ الغامض بدأ يجمع مختلف التفاصيل عن البلد، ومراكز القوى الاقتصادية والاجتماعية والسياسيّة فيه، يسجّل أسماء الشخصيّات النافذة في الجيش والمجتمع، يبحث عن نقاط القوّة والضعف لديها، يبني بنك معلوماته ليستغلّه فيما بعد في تأسيس دولته التي يحلم بها، يختار بعض الشخصيّات التي يتأمّل أن تكون واجهة له في حين يكون هو الحاكم الفعليّ، لكنّ ظنّه كان يخيب أكثر من مرّة، ما كان يبقي الانقلابات العسكريّة دارجة ومستمرّة في البلد، إلى أن اختار شخصيّة تتّصف بالخبث والجبن والغباء، واشتغل عليها لتكون واجهته للانقلاب القادم.
المارشال المنحدر من أصول ريفية فلاحية ومن الطائفة العلويّة كما يحدّد الراوي، يكون ضالّة الأجنبيّ الغامض الذي يصبح مستشاره الأهمّ تالياً، يدعمه بالنصائح والأفعال، يشير عليه بضرورة التواصل مع مراكز القوى العالمية والسفارات، يحدّد له الأشخاص الذين عليه التقاؤهم والذين يمكن أن يفيدوه ويدعموه، ويؤسّس له مملكة الرعب التي ستفتك بالبلد وأهله.
المارشال الموصوف بالجبن والغباء والكذب ينقلب على الجميع بمن في ذلك مستشاره الأجنبي الغامض، وذلك بعد أن يضطرّ الأجنبيّ إلى كشف سرّه وشخصيّته الحقيقيّة كضابط نازيّ، ويصبح تحت رحمة المارشال الذي يطلب منه بناء أجهزته الأمنية التي ستكون عماد حكمه الذي يجب أن يكون أبدياً من وجهة نظره، وحينذاك يبدأ الأجنبي برسم خارطة تحرّك الأجهزة والشخصيات التي يجب القضاء عليها وإزاحتها عن الطريق، لتتوطّد أركان الحكم وتستقرّ للمارشال ويغلق الباب أمام أيّ انقلابات محتملة.
يكون والد عبدالسلام قارئاً للأحداث في قصره وخلوته، يستقي العبر من تاريخ عائلته، يخبر ابنه عبدالسلام بأنّ المارشال حاكم طائفيّ لن يتوانى عن التنكيل بأسرة الشيخ كما فعل أجداد له قبل قرون، ولذا عليهم أن يهرّبوا كنوزهم وثرواتهم إلى تركيا، حيث كان لهم عمّة فيها تزوّجت ضابطاً من آل عثمان قبل قرون وكان لهم أقرباء كثر هناك، ولهم حضور دينيّ واسع الانتشار، وذلك ما فاجأ عبدالسلام الذي وصف توجّس والده وحذره بالغريب، ولكنّه لم يناقشه في الأمر بل عمل على تنفيذه فوراً كما اعتاد، وهندس عملية إخراج الكنوز بعد شراء قصور هناك وتصميم سراديب سرّيّة فيها.
نهايات أسطوريّة
يرسم خليفة نهايات أسطوريّة تليق بشخصيّات أسطوريّة مصوّرة، هاربة من أتون الواقع وماضية في ميدان الخيال، مصائر مفتوحة على غرابة تناسب غرابة الحياة والواقع نفسها. سلام يقضي بنهاية دمويّة، يرتكب جنود المارشال مجزرة كبرى بحقّ آل الشيخ، يحاولون إبادتهم عن بكرة أبيهم، ونهب قصورهم وكنوزهم، يخرج سلام في جو كرنفاليّ على حصانه ليخلف أباه الشيخ الراحل ويصبح الشيخ الكبير، وأمام الآلاف من المريدين والمتجمهرين تقترف جريمة قتله والآلاف معه في ذلك اليوم التاريخيّ.
أصلان الطفل اللقيط الذي كفلته عائلة الشيخ ورعته وتبنّته عاقب نفسه على وشايته بأخيه عبدالسلام للمخابرات، واختار أن يفجّر نفسه في مستودع ديناميت تابع للشركة التي يعمل فيها. يقول إنّ الخوف كان قد شلّه، وأخرجه من طور إلى آخر، وجعله كائناً مختلفاً خائناً لذاته، وانتقم من نفسه بطريقة مؤلمة في محاولة للتكفير عن ذنبه.
مارال التي تقبع في السجن سنوات طويلة تخرج وقد أصبحت شخصيّة أخرى، فالطبيبة الثوريّة اليساريّة تتحوّل إلى مثليّة جنسيّة، تقول إنّها اكتشفت ميولها في السجن، وكانت قبل ذلك قد انحرفت في الجبال أثناء فترة إعلان حزبها الكفاح المسلّح ضدّ السلطة الحاكمة، ودخلت في علاقات مع شبّان صغار، وفقدت احترامها وهيبتها، وكانت حينها قد انفصلت عن زوجها عبدالسلام الذي عارض الكفاح المسلّح بعد أن كان من دعاته ومناصريه والمخطّطين له لسنوات، وتعامل بواقعيّة مع الظروف المعيشة وحين سدّت بوجهه الأبواب دخل إلى خلوته بطريقة غريبة، وغاب عن واقعه ومحيطه وتوتّراته وجنونه، لكنّه ظلّ سجين ذكرياته وعشقه لزوجته التي ضاعت في متاهات الزمن وتغييراته المفجعة.
أبناء عبدالسلام يخلفونه في المشيخة، يتحوّلون بدورهم إلى مسار مختلف عن أجدادهم، يكون التوأمان سائرين في طريق التشدّد، يرفضان إعادة أمّهما إليهما بعد خروجها من السجن، يبقيانها بعيدة عنهما، يرسلانها إلى أخيهما الثالث في جنوب أفريقيا، ويبدوان كأنّهما يتأهّبان للانقضاض على مخالفيهما.
يبقى الراوي مع لميس وقد غزتهما علائم الشيخوخة، يودّعان مارال التي تستقلّ الطائرة، ويجيب لميس عن سؤالها بأنه لا يعتقد أنّهما سيلتقيان مارال مجدداً. يمكث في الأرض الملوّثة بالطغيان والاستبداد، يكون الشاهد على المتغيّرات والمدوّن الموثّق لها.
يسلّط خليفة الأضواء على تفاصيل من عتمات السجون، وما تخلّفه من تغييرات رهيبة وعاصفة بدورها في شخصيّات المساجين، فقد تحوّلهم إلى شخصيّات أخرى بعيدة عن شخصيّاتهم الحقيقيّة وغريبة عنها، من ذلك مثلاً حالة مارال التي كانت تحاول أن تقنع نفسها بأنّها عثرت على ضالّتها في السجن، واكتشفت حقيقة ميولها الجنسيّة، وعاشت حرّيتها المطلقة كمثليّة هناك، وكانت تجري مراجعات سريعة لماضيها وتغرق في تحليلات بائسة تناقض منطقها السابق في التعقّل والموازنة.
يحيل العنوان إلى نقيضين في الوقت نفسه، ويشتمل عليهما، فالرقصة قد ترمز إلى بهجة مفترضة أو متوقّعة، لكنّها في حالة الإضافة إلى القبور تكتسب صبغة جنائزيّة، فالأموات الذين يرقدون في قبورهم لا يمكنهم الرقص، ولا يملكون من أمرهم شيئاً، وإن كان هناك ما يمكن توصيفه بالرقص تكون رقصة الموت لا رقصة الحياة، وتكون الإشارة التالية إلى تحويل البلاد برمّتها في ظلّ الحكم العسكريّ للطاغية إلى قبور يتفنّن جلّادون أغبياء جهلة في نبشها وإهانتها، وإذاقة مَن لا يزال يحتفظ بخيط من الأمل والحياة الإذلالَ والويلات والمرارات.
تولّد رواية خليفة نقمة وغضباً وتأسّفاً لدى القارئ، وتحرّض لديه البحث بدوره عن إجابات لأسئلة تنطلق من افتراضه «ماذا لو..؟» وتشرع الباب أمام احتمالات رواية التاريخ وتخييله، لتكون هناك شهادات كثيرة وحكايات تزيح الستار عن عتمات السجون والقبور وتكشف عمّا اعتمل في قلوب الضحايا وأرواحهم من صراعات وهم يمضون في رحلتهم الأخيرة نحو حتفهم، وتبرز تداخل النقائض في بلورة صورة الحاضر والمستقبل الذي يتبدّى بدوره مرعباً وقاسياً مفعماً بدوره بدوافع الثأر والانتقام لدى ورثة القبور وساكنيها والراقصين على شواهدها.